6395-
عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «اهجوا قريشا، فإنه أشد عليها من رشق بالنبل» فأرسل إلى ابن رواحة فقال: «اهجهم» فهجاهم فلم يرض، فأرسل إلى كعب بن مالك، ثم أرسل إلى حسان بن ثابت، فلما دخل عليه، قال حسان: قد آن لكم أن ترسلوا إلى هذا الأسد الضارب بذنبه ، ثم أدلع لسانه فجعل يحركه، فقال: والذي بعثك بالحق لأفرينهم بلساني فري الأديم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تعجل، فإن أبا بكر أعلم قريش بأنسابها، وإن لي فيهم نسبا، حتى يلخص لك نسبي» فأتاه حسان، ثم رجع فقال: يا رسول الله قد لخص لي نسبك، والذي بعثك بالحق لأسلنك منهم كما تسل الشعرة من العجين.
قالت عائشة: فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول لحسان: «إن روح القدس لا يزال يؤيدك، ما نافحت عن الله ورسوله»، وقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «هجاهم حسان فشفى واشتفى» قال حسان:هجوت محمدا فأجبت عنه .
وعند الله في ذاك الجزاء
هجوت محمدا برا حنيفا .
رسول الله شيمته الوفاء
فإن أبي ووالده وعرضي .
لعرض محمد منكم وقاء ثكلت بنيتي إن لم تروها .
تثير النقع من كنفي كداء
يبارين الأعنة مصعدات .
على أكتافها الأسل الظماء
تظل جيادنا متمطرات .
تلطمهن بالخمر النساء
فإن أعرضتمو عنا اعتمرنا .
وكان الفتح وانكشف الغطاء
وإلا فاصبروا لضراب يوم .
يعز الله فيه من يشاء
وقال الله: قد أرسلت عبدا .
يقول الحق ليس به خفاء
وقال الله: قد يسرت جندا .
هم الأنصار عرضتها اللقاء
لنا في كل يوم من معد .
سباب أو قتال أو هجاء
فمن يهجو رسول الله منكم .
ويمدحه وينصره سواء
وجبريل رسول الله فينا .
وروح القدس ليس له كفاء
(أدلع لسانه) أي أخرجه عن الشفتين.
يقال: دلع لسانه وأدلعه.
ودلع اللسان بنفسه.
(لأفرينهم بلساني فري الأديم) أي لأمزقن أعراضهم تمزيق الجلد.
(فشفى واشتفى) أي شفى المؤمنين واشتفى هو بما ناله من أعراض الكفار ومزقها ونافح عن الإسلام والمسلمين.
(هجوت محمدا برا تقيا) وفي كثير من النسخ: حنيفا، بدل تقيا.
فالبر الواسع الخير والنفع.
وهو مأخوذ من البر، بكسر الباء، وهو الاتساع في الإحسان.
وهو اسم جامع للخير.
وقيل: البر، هنا، بمعنى المتنزه عن المآثم.
وأما الحنيف فقيل هو المستقيم.
والأصح أنه المائل إلى الخير.
وقيل الحنيف التابع ملة إبراهيم صلى الله عليه وسلم.
(شيمته الوفاء) أي خلقه.
(فإن أبي ووالده وعرضي) هذا مما احتج به ابن قتيبة لمذهبه أن عرض الإنسان هو نفسه لا أسلافه.
لأنه ذكر عرضه وأسلافه بالعطف.
وقال غيره: عرض الرجل أموره كلها التي يحمد بها ويذم، من نفسه وأسلافه، وكل ما لحقه نقص يعيبه.
(وقاء) هو ما وقيت به الشيء.
(ثكلت بنيتي) قال السنوسي: الثكل فقد الولد.
وبنيتي تصغير بنت.
فهو بضم الباء.
وعند النووي بكسر الباء، لأنه قال: وبنيتي أي نفسي.
(تثير النقع) أي ترفع الغبار وتهيجه.
(كنفى كداء) أي جانبي كداء.
وكداء ثنية على باب مكة.
وعلى هذه الرواية، في هذا البيت إقواء مخالف لباقيها.
وفي بعض النسخ: غايتها كداء.
وفي بعضها: موعدها كداء.
وحينئذ فلا إقواء.
(يبارين الأعنة) ويروى: يبارعن الأعنة.
قال القاضي: الأول: هو رواية الأكثرين.
ومعناه أنها لصرامتها وقوة نفوسها تضاهي أعنتها بقوة جذبها لها، وهي منازعتها لها أيضا.
وقال الأبي نقلا عن القاضي: يعني أن الخيول لقوتها في نفسها وصلابة أضراسها تضاهي أعنتها الحديد في القوة، وقد يكون ذلك في مضغها الحديد في الشدة.
وقال البرقوقي في شرحه للديوان: أي أنها تجاري الأعنة في اللين وسرعة الانقياد.
قال: ويجوز أن يكون المعنى، كما قال صاحب اللسان، يعارضها في الجذب لقوة نفوسها وقوة رؤوسها وعلك حدائدها.
قال القاضي: ووقع في رواية ابن الحذاء: يبارين الأسنة، وهي الرماح.
قال فإن صحت هذه الرواية فمعناها أنهن يضاهين قوامها واعتدالها.
وقال البرقوقي: مباراتها الأسنة أن يضجع الفارس رمحه فيركض الفرس ليسبق السنان.
(مصعدات) أي مقبلات إليكم ومتوجهات.
يقال: أصعد في الأرض، إذا ذهب فيها مبتدئا.
ولا يقال للراجع.
(الأسل الظماء) الأسل الرماح.
والظماء الرقاق.
فكأنها لقلة مائها عطاش.
وقيل المراد بالظماء العطاش لدماء الأعداء.
قال البرقوقي: من قولهم أنا ظمآن إلى لقائك.
(تظل جنودنا متمطرات) أي تظل خيولنا مسرعات يسبق بعضها بعضا.
(تلطمهن بالخمر النساء) الخمر جمع خمار وهو ما تغطي به المرأة رأسها.
أي يزلن عنهن الغبار.
وهذا لعزتها وكرامتها عندهم.
وقال البرقوقي: يقول تبعثهم الخيل فتنبعث النساء يضربن الخيل بخمرهن لتردها.
وكأن سيدنا حسان رضي الله عنه أوحى إليه بهذا وتكلم به عن ظهر الغيب.
فقد رووا أن نساء مكة يوم فتحها ظللن يضربن وجوه الخيل ليرددنها.
(فإن أعرضتمو عنا اعتمرنا .
الخ) قال البرقوقي: اعتمرنا أي أدينا العمرة.
وهي في الشرع زيارة البيت الحرام بالشروط المخصوصة المعروفة.
والفرق بينها وبين الحج أن العمرة تكون للإنسان في السنة كلها.
والحج في وقت واحد في السنة، ولا يكون إلا مع الوقوف بعرفة، يوم عرفة.
وهي مأخوذة من الاعتمار، وهو الزيارة.
يقول: إن لم تتعرضوا لنا حين تغزوكم خيلنا وأخليتم لنا الطريق، قصدنا البيت الحرام وزرناه، وتم الفتح وانكشف الغطاء عما وعد الله به نبيه، صلوات الله وتسليماته عليه، من فتح مكة.
وقال الأبي: ظاهر هذا، كما قال ابن هشام، أنه كان قبل الفتح في عمرة الحديبية، حين صد عن البيت.
(يسرت جندا) أي هيأتهم وأرصدتهم.
(عرضتها اللقاء) أي مقصودها ومطلوبها.
قال البرقوقي: العرضة من قولهم بعير عرضة للسفر، أي قوى عليه.
وفلان عرضة للشر أي قوي عليه.
يريد أن الأنصار أقوياء على القتال، همتها وديدنها لقاء القروم الصناديد.
(لنا في كل يوم من معد) قال البرقوقي: لنا، يعني معشر الأنصار.
وقوله من معد، يريد قريشا لأنهم عدنانيون.
(ليس له كفاء) أي ليس له مماثل ولا مقاوم.
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اُهْجُوَا قُرَيْشًا فَإِنَّهُ أَشَدّ عَلَيْهَا مِنْ رَشْقٍ بِالنَّبْلِ ) هُوَ بِفَتْحِ الرَّاء , وَهُوَ الرَّمْيُ بِهَا.
وَأَمَّا الرِّشْق بِالْكَسْرِ فَهُوَ اِسْمٌ لِلنَّبْلِ الَّتِي تُرْمَى دَفْعَةً وَاحِدَةً , وَفِي بَعْض النُّسَخِ ( رَشْق النَّبْل ).
وَفِيهِ جَوَاز هَجْو الْكُفَّار مَا لَمْ يَكُنْ أَمَان , وَأَنَّهُ لَا غِيبَةَ فِيهِ.
وَأَمَّا أَمْرُهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِجَائِهِمْ , وَطَلَبُهُ ذَلِكَ مِنْ أَصْحَابه وَاحِدًا بَعْد وَاحِد , وَلَمْ يَرْضَ قَوْل الْأَوَّل وَالثَّانِي حَتَّى أَمَرَ حَسَّان , فَالْمَقْصُود مِنْهُ النِّكَايَة فِي الْكُفَّار , وَقَدْ أَمَرَ اللَّه تَعَالَى بِالْجِهَادِ فِي الْكُفَّار وَالْإِغْلَاظ عَلَيْهِمْ , وَكَانَ هَذَا الْهَجْو أَشَدّ عَلَيْهِمْ مِنْ رَشْق النَّبْل , فَكَانَ مَنْدُوبًا لِذَلِكَ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ كَفِّ أَذَاهُمْ , وَبَيَان نَقْصِهِمْ , وَالِانْتِصَار بِهِجَائِهِمْ الْمُسْلِمِينَ.
قَالَ الْعُلَمَاء : يَنْبَغِي أَنْ لَا يُبْدَأَ الْمُشْرِكُونَ بِالسَّبِّ وَالْهِجَاء مَخَافَةً مِنْ سَبِّهِمْ الْإِسْلَام وَأَهْله.
قَالَ اللَّه تَعَالَى : { وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُون اللَّه فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ } وَلِتَنْزِيهِ أَلْسِنَة الْمُسْلِمِينَ عَنْ الْفُحْش , إِلَّا أَنْ تَدْعُو إِلَى ذَلِكَ ضَرُورَة لِابْتِدَائِهِمْ بِهِ , فَكَيْف أَذَاهُمْ وَنَحْوه كَمَا فَعَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَوْله : ( قَدْ آنَ لَكُمْ ) أَيْ حَانَ لَكُمْ ( أَنْ تُرْسِلُوا إِلَى هَذَا الْأَسَد الضَّارِب بِذَنَبِهِ ) قَالَ الْعُلَمَاء : الْمُرَاد بِذَنَبِهِ هُنَا لِسَانه , فَشَبَّهَ نَفْسه بِالْأَسَدِ فِي اِنْتِقَامه وَبَطْشه إِذَا اِغْتَاظَ , وَحِينَئِذٍ يَضْرِبُ بِذَنَبِهِ جَنْبَيْهِ كَمَا فَعَلَ حَسَّان بِلِسَانِهِ حِينَ أَدْلَعَهُ , فَجَعَلَ يُحَرِّكُهُ , فَشَبَّهَ نَفْسَهُ بِالْأَسَدِ , وَلِسَانَهُ بِذَنَبِهِ.
قَوْله : ( ثُمَّ أَدْلَعَ لِسَانه ) أَيْ أَخْرَجَهُ عَنْ الشَّفَتَيْنِ.
يُقَالُ : دَلَعَ لِسَانَهُ وَأَدْلَعَهُ , وَدَلَعَ اللِّسَان بِنَفْسِهِ.
قَوْله : ( لَأَفْرِيَنَّهُمْ بِلِسَانِي فَرْيَ الْأَدِيم ) أَيْ لَأُمَزِّقَنَّ أَعْرَاضهمْ تَمْزِيق الْجِلْد.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( هَجَاهُمْ حَسَّان فَشَفَى وَاشْتَفَى ) أَيْ شَفَى الْمُؤمِنِينَ , وَاشْتَفَى هُوَ بِمَا نَالَهُ مِنْ أَعْرَاض الْكُفَّار , وَمَزَّقَهَا , وَنَافَحَ عَنْ الْإِسْلَام وَالْمُسْلِمِينَ.
قَوْله : ( هَجَوْت مُحَمَّدًا تَقِيَا ) وَفِي كَثِير مِنْ النَّسْخ : ( حَنِيفًا ) بَدَل ( بَرًّا تَقِيًّا ) فَالْبَرّ بِفَتْحِ الْبَاء الْوَاسِع الْخَيْر , وَهُوَ مَأْخُوذ مِنْ الْبِرّ بِكَسْرِ الْبَاء وَهُوَ الِاتِّسَاع فِي الْإِحْسَان , وَهُوَ اِسْمٌ جَامِعٌ لِلْخَيْرِ وَقِيلَ : الْبَرُّ هُنَا بِمَعْنَى الْمُتَنَزِّه عَنْ الْمَآثِم.
وَأَمَّا الْحَنِيفُ فَقِيلَ : هُوَ الْمُسْتَقِيمُ , وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ الْمَائِل إِلَى الْخَيْر.
وَقِيلَ : الْحَنِيفُ التَّابِعُ مِلَّة إِبْرَاهِيم صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَوْله : ( شِيمَته الْوَفَاء ) أَيْ خُلُقه.
قَوْله : فَإِنَّ أَبِي وَوَالِده وَعِرْضِي لِعِرْضِ مُحَمَّد مِنْكُمْ وِقَاء هَذَا مِمَّا اِحْتَجَّ بِهِ اِبْن قُتَيْبَة لِمَذْهَبِهِ أَنَّ عِرْض الْإِنْسَان هُوَ نَفْسه لَا أَسْلَافه , لِأَنَّهُ ذَكَرَ عِرْضه وَأَسْلَافه بِالْعَطْفِ.
وَقَالَ غَيْره : عِرْض الرَّجُل أُمُوره كُلّهَا الَّتِي يُحْمَدُ بِهَا وَيُذَمُّ مِنْ نَفْسه وَأَسْلَافه , وَكُلّ مَا لَحِقَهُ نَقْصٌ يَعِيبُهُ.
وَأَمَّا قَوْله : ( وِقَاء ) فَبِكَسْرِ الْوَاو وَبِالْمَدِّ , وَهُوَ مَا وَقَيْت بِهِ الشَّيْء.
قَوْله : ( تُثِيرُ النَّقْعَ ) أَيْ تَرْفَع الْغُبَار وَتُهَيِّجُهُ.
قَوْله : ( مِنْ كَنَفَيْ كَدَاءِ ) هُوَ بِفَتْحِ النُّون أَيْ جَانِبَيْ كَدَاءِ بِفَتْحِ الْكَاف وَبِالْمَدِّ , هِيَ ثَنِيَّةٌ عَلَى بَاب مَكَّة , سَبَقَ بَيَانهَا فِي كِتَاب الْحَجّ , وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَة فِي هَذَا الْبَيْت إِقْوَاء مُخَالِفٌ لِبَاقِيهَا , وَفِي بَعْض النُّسَخ : ( غَايَتهَا كَدَاءِ ).
وَفِي بَعْضهَا ( مَوْعِدُهَا كَدَاءِ ).
قَوْله : ( يُبَارِينَ الْأَعِنَّة ) وَيُرْوَى : ( يُبَارِعْنَ الْأَعِنَّة ).
قَالَ الْقَاضِي : الْأَوَّل هُوَ رِوَايَة الْأَكْثَرِينَ , وَمَعْنَاهُ أَنَّهَا لِصَرَامَتِهَا وَقُوَّة نُفُوسهَا تُضَاهِي أَعِنَّتَهَا بِقُوَّةِ جَبْذهَا لَهَا , وَهِيَ مُنَازَعَتهَا لَهَا أَيْضًا قَالَ الْقَاضِي : وَفِي رِوَايَة اِبْن الْحَذَّاء ( يُبَارِينَ الْأَسِنَّة ) , وَهِيَ الرِّمَاح.
قَالَ : فَإِنْ صَحَّتْ هَذِهِ الرِّوَايَة فَمَعْنَاهَا أَنَّهُنَّ يُضَاهِينَ قَوَامهَا وَاعْتِدَالهَا.
قَوْله : ( مُصْعِدَات ) أَيْ مُقْبِلَات إِلَيْكُمْ , وَمُتَوَجِّهَات.
يُقَالُ : أَصْعَدَ فِي الْأَرْض إِذَا ذَهَبَ فِيهَا مُبْتَدِئًا , وَلَا يُقَالُ لِلرَّاجِعِ.
قَوْله : ( عَلَى أَكْتَافِهَا الْأَسَل الظِّمَاء ) أَمَّا أَكْتَافهَا فَبِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة فَوْقُ.
وَالْأَسَلُ بِفَتْحِ الْهَمْزَة وَالسِّين الْمُهْمَلَة وَبَعْدهَا لَام.
هَذِهِ رِوَايَة الْجُمْهُور وَالْأَسَل الرِّمَاح , وَالظِّمَاء الرِّقَاق , فَكَأَنَّهَا لِقِلَّةِ مَائِهَا عِطَاش.
وَقِيلَ : الْمُرَادُ بِالظِّمَاءِ الْعِطَاش لِدِمَاءِ الْأَعْدَاء وَفِي بَعْض الرِّوَايَات ( الْأُسْد الظِّمَاء ) بِالدَّالِ أَيْ الرِّجَال الْمُشْبِهُونَ لِلْأُسْدِ الْعِطَاش إِلَى دِمَائِكُمْ.
قَوْله : ( تَظَلُّ جِيَادُنَا مُتَمَطِّرَات ) أَيْ تَظَلُّ خُيُولُنَا مُسْرِعَات يَسْبِقُ بَعْضُهَا بَعْضًا.
قَوْله : ( تُلَطِّمُهُنَّ بِالْخُمُرِ النِّسَاء ) أَيْ تَمْسَحُهُنَّ النِّسَاء بِخُمُرِهِنَّ , بِضَمِّ الْخَاء وَالْمِيمِ , جَمْع خِمَار أَيْ يُزِلْنَ عَنْهُنَّ الْغُبَار , وَهَذَا لِعَزَّتِهَا وَكَرَامَتِهَا عِنْدهمْ.
وَحَكَى الْقَاضِي أَنَّهُ رُوِيَ ( بِالْخَمْرِ ) بِفَتْحِ الْمِيم جَمْع خَمْرَة وَهُوَ صَحِيح الْمَعْنَى , لَكِنَّ الْأَوَّل هُوَ الْمَعْرُوف , وَهُوَ الْأَبْلَغُ فِي إِكْرَامِهَا.
قَوْله : ( وَقَالَ اللَّه قَدْ يَسَّرْت جُنْدًا ) أَيْ هَيَّأْتهمْ وَأَرْصَدْتُهُمْ.
قَوْله : ( عُرْضَتُهَا اللِّقَاء ) هُوَ بِضَمِّ الْعَيْن أَيْ مَقْصُودهَا وَمَطْلُوبهَا.
قَوْله : ( لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ ) أَيْ مُمَاثِلٌ وَلَا مُقَاوِمٌ.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اهْجُوا قُرَيْشًا فَإِنَّهُ أَشَدُّ عَلَيْهَا مِنْ رَشْقٍ بِالنَّبْلِ فَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ رَوَاحَةَ فَقَالَ اهْجُهُمْ فَهَجَاهُمْ فَلَمْ يُرْضِ فَأَرْسَلَ إِلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ حَسَّانُ قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تُرْسِلُوا إِلَى هَذَا الْأَسَدِ الضَّارِبِ بِذَنَبِهِ ثُمَّ أَدْلَعَ لِسَانَهُ فَجَعَلَ يُحَرِّكُهُ فَقَالَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأَفْرِيَنَّهُمْ بِلِسَانِي فَرْيَ الْأَدِيمِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَعْجَلْ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ أَعْلَمُ قُرَيْشٍ بِأَنْسَابِهَا وَإِنَّ لِي فِيهِمْ نَسَبًا حَتَّى يُلَخِّصَ لَكَ نَسَبِي فَأَتَاهُ حَسَّانُ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ لَخَّصَ لِي نَسَبَكَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنْ الْعَجِينِ قَالَتْ عَائِشَةُ فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِحَسَّانَ إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ لَا يَزَالُ يُؤَيِّدُكَ مَا نَافَحْتَ عَنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَقَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ هَجَاهُمْ حَسَّانُ فَشَفَى وَاشْتَفَى قَالَ حَسَّانُ هَجَوْتَ مُحَمَّدًا فَأَجَبْتُ عَنْهُ وَعِنْدَ اللَّهِ فِي ذَاكَ الْجَزَاءُ هَجَوْتَ مُحَمَّدًا بَرًّا حَنِيفًا رَسُولَ اللَّهِ شِيمَتُهُ الْوَفَاءُ فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ ثَكِلْتُ بُنَيَّتِي إِنْ لَمْ تَرَوْهَا تُثِيرُ النَّقْعَ مِنْ كَنَفَيْ كَدَاءِ يُبَارِينَ الْأَعِنَّةَ مُصْعِدَاتٍ عَلَى أَكْتَافِهَا الْأَسَلُ الظِّمَاءُ تَظَلُّ جِيَادُنَا مُتَمَطِّرَاتٍ تُلَطِّمُهُنَّ بِالْخُمُرِ النِّسَاءُ فَإِنْ أَعْرَضْتُمُو عَنَّا اعْتَمَرْنَا وَكَانَ الْفَتْحُ وَانْكَشَفَ الْغِطَاءُ وَإِلَّا فَاصْبِرُوا لِضِرَابِ يَوْمٍ يُعِزُّ اللَّهُ فِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَقَالَ اللَّهُ قَدْ أَرْسَلْتُ عَبْدًا يَقُولُ الْحَقَّ لَيْسَ بِهِ خَفَاءُ وَقَالَ اللَّهُ قَدْ يَسَّرْتُ جُنْدًا هُمْ الْأَنْصَارُ عُرْضَتُهَا اللِّقَاءُ لَنَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ مَعَدٍّ سِبَابٌ أَوْ قِتَالٌ أَوْ هِجَاءُ فَمَنْ يَهْجُو رَسُولَ اللَّهِ مِنْكُمْ وَيَمْدَحُهُ وَيَنْصُرُهُ سَوَاءُ وَجِبْرِيلٌ رَسُولُ اللَّهِ فِينَا وَرُوحُ الْقُدُسِ لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ
عن أبي هريرة، قال: كنت أدعو أمي إلى الإسلام وهي مشركة، فدعوتها يوما فأسمعتني في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أكره، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وس...
عن أبي هريرة، يقول: إنكم تزعمون أن أبا هريرة، يكثر الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله الموعد، كنت رجلا مسكينا، أخدم رسول الله صلى الله علي...
عن عائشة قالت: ألا يعجبك أبو هريرة جاء فجلس إلى جنب حجرتي يحدث، عن النبي صلى الله عليه وسلم، يسمعني ذلك، وكنت أسبح، فقام قبل أن أقضي سبحتي، ولو أدركت...
قال ابن المسيب: إن أبا هريرة قال: يقولون: إن أبا هريرة قد أكثر، والله الموعد، ويقولون: ما بال المهاجرين والأنصار لا يتحدثون مثل أحاديثه؟ وسأخبركم عن ذ...
عن عبيد الله بن أبي رافع، وهو كاتب علي، قال: سمعت عليا رضي الله عنه، وهو يقول: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد فقال: «ائتوا ر...
عن جابر، أن عبدا لحاطب جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو حاطبا فقال: يا رسول الله ليدخلن حاطب النار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كذبت لا ي...
عن أم مبشر، أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، يقول عند حفصة: «لا يدخل النار، إن شاء الله، من أصحاب الشجرة أحد، الذين بايعوا تحتها» قالت: بلى، يا رسو...
عن أبي موسى، قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم، وهو نازل بالجعرانة بين مكة والمدينة، ومعه بلال، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، رجل أعرابي، فقا...
عن أبي بردة، عن أبيه، قال: لما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم، من حنين، بعث أبا عامر على جيش إلى أوطاس، فلقي دريد بن الصمة، فقتل دريد وهزم الله أصحابه،...