حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

ما منكم من أحد ما من نفس منفوسة إلا وقد كتب الله مكانها من الجنة والنار - صحيح مسلم

صحيح مسلم | كتاب القدر باب كيفية الخلق الآدمي، في بطن أمه، وكتابة رزقه وأجله وعمله، وشقاوته وسعادته (حديث رقم: 6731 )


6731- عن علي، قال: كنا في جنازة في بقيع الغرقد.
فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقعد وقعدنا حوله.
ومعه مخصرة.
فنكس فجعل ينكت بمخصرته.
ثم قال "ما منكم من أحد، ما من نفس منفوسة، إلا وقد كتب الله مكانها من الجنة والنار.
وإلا وقد كتبت شقية أو سعيدة" قال فقال رجل: يا رسول الله! أفلا نمكث على كتابنا، وندع العمل؟ فقال "من كان من أهل السعادة، فسيصير إلى عمل أهل السعادة.
ومن كان من أهل الشقاوة، فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة" فقال "اعملوا فكل ميسر.
أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة.
وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة".
ثم قرأ {فأما من أعطى واتقىوصدق بالحسنىفسنيسره لليسرىوأما من بخل واستغنىوكذب بالحسنىفسنيسره للعسرى} [٩٢ /الليل /٥ - ١٠].
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وهناد بن السري.
قالا: حدثنا أبو الأحوص عن منصور، بهذا الإسناد في معناه.
وقال: فأخذ عودا.
ولم يقل: مخصرة.
وقال ابن أبي شيبة في حديثه عن أبي الأحوص: ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم

أخرجه مسلم


(بقيع الغرقد) هو مدفن المدينة.
وهو المعروف الآن بجنة البقيع.
(مخصرة) المخصرة ما أخذه الإنسان بيده واختصره من عصا لطيفة وعكاز لطيف، وغيرهما.
(فنكس) بتخفيف الكاف وتشديدها، لغتان فصيحتان.
يقال: نكسه ينكسه فهو ناكس، كقتله يقتله فهو قاتل.
ونكسه ينكسه تنكيسا فهو منكس.
أي خفض رأسه وطأطأه إلى الأرض على هيئة المهموم.
(ينكت) أي يخط بها خطا يسيرا مرة بعد مرة.
وهذا فعل المفكر المهموم.
(أفلا نمكث على كتابنا) قال القاضي: يعني إذا سبق القضاء بمكان كل نفس من الدارين، وما سبق به القضاء فلابد من وقوعه، فأي فائدة في العمل، فندعه.
قال الطبري: هذا الذي انقدح في نفس الرجل هي شبهة النافين القدر.
وأجاب عليه السلام بما لم يبق معه إشكال.
وتقدير جوابه أن الله سبحانه غيب عنا المقادير.
وجعل الأعمال أدلة على ما سبقت به مشيئته من ذلك.
فأمرنا بالعمل، فلا بد لنا من امتثال أمره.
وقال الإمام النووي: وفي هذه الأحاديث كلها دلالات ظاهرة لمذهب أهل السنة في إثبات القدر.
وأن جميع الواقعات بقضاء الله تعالى وقدره، خيرها وشرها، نفعها وضرها.
وقد سبق في أول كتاب الإيمان قطعة صالحة من هذا.
قال الله تعالى: {لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون}.
فهو ملك لله تعالى يفعل ما يشاء.
ولا اعتراض على المالك في ملكه.
لأن الله تعالى لا علة لأفعاله.
قال الإمام أبو المظفر السمعاني: سبيل معرفة هذا الباب التوقيف من الكتاب والسنة، دون محض القياس ومجرد العقول.
فمن عدل عن التوقيف فيه ضل وتاه في بحار الحيرة ولم يبلغ شفاء النفس، ولا يصل إلى ما يطمئن به القلب.
لأن القدر سر من أسرار الله تعالى التي ضربت من دونها الأستار.
اختص الله به وحجبه عن عيون الخلق ومعارفهم، لما علمه من الحكمة.
وواجبنا أن نقف حيث حد لنا ولا نتجاوزه.
وقد طوى الله تعالى علم القدر عن العالم، فلم يعلمه نبي مرسل ولا ملك مقرب.

شرح حديث (ما منكم من أحد ما من نفس منفوسة إلا وقد كتب الله مكانها من الجنة والنار)

شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)

‏ ‏قَوْله : ( فَنَكَّسَ فَجَعَلَ يَنْكُت بِمِخْصَرَتِهِ ) ‏ ‏أَمَّا ( نَكَّسَ ) فَبِتَخْفِيفِ الْكَاف وَتَشْدِيدهَا , لُغَتَانِ فَصِيحَتَانِ , يُقَال : نَكَسَهُ يَنْكُسهُ فَهُوَ نَاكِس كَقَتَلَهُ يَقْتُلهُ فَهُوَ قَاتِل , وَنَكَّسَهُ يُنَكِّسهُ تَنْكِيسًا فَهُوَ مُنَكِّس , أَيْ خَفَضَ رَأْسه وَطَأْطَأَ إِلَى الْأَرْض عَلَى هَيْئَة الْمَهْمُوم.
وَقَوْله : ( يَنْكُت ) بِفَتْحِ الْيَاء وَضَمِّ الْكَاف وَآخِره وَتَاء مُثَنَّاة فَوْق أَيْ يَخُطّ بِهَا خَطًّا يَسِيرًا مَرَّة بَعْد مَرَّة , وَهَذَا فِعْل الْمُفَكِّر الْمَهْمُوم.
وَ ( الْمِخْصَرَة ) بِكَسْرِ الْمِيم مَا أَخَذَهُ الْإِنْسَان بِيَدِهِ وَاخْتَصَرَهُ مِنْ عَصًا لَطِيفَة وَعُكَّازٍ لَطِيف وَغَيْرهمَا.
وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيث كُلّهَا دَلَالَات ظَاهِرَة لِمَذْهَبِ أَهْل السُّنَّة فِي إِثْبَات الْقَدَر , وَأَنَّ جَمِيع الْوَاقِعَات بِقَضَاءِ اللَّه تَعَالَى وَقَدَرِه ; خَيْرهَا وَشَرّهَا , وَنَفْعهَا وَضَرّهَا , وَقَدْ سَبَقَ فِي أَوَّل كِتَاب الْإِيمَان قِطْعَة صَالِحَة مِنْ هَذَا.
قَالَ اللَّه تَعَالَى : { لَا يُسْأَل عَمَّا يَفْعَل وَهُمْ يُسْأَلُونَ } فَهُوَ مِلْك لِلَّهِ تَعَالَى يَفْعَل مَا يَشَاء , وَلَا اِعْتِرَاض عَلَى الْمَالِك فِي مِلْكه , وَلِأَنَّ اللَّه تَعَالَى لَا عِلَّة لِأَفْعَالِهِ.
قَالَ الْإِمَام أَبُو الْمُظَفَّر السَّمْعَانِيّ : سَبِيل مَعْرِفَة هَذَا الْبَاب التَّوْقِيف مِنْ الْكِتَاب وَالسُّنَّة دُون مَحْض الْقِيَاس وَمُجَرَّد الْعُقُول , فَمَنْ عَدَلَ عَنْ التَّوْقِيف فِيهِ ضَلَّ وَتَاهَ فِي بِحَار الْحَيْرَة , وَلَمْ يَبْلُغ شِفَاء النَّفْس , وَلَا يَصِل إِلَى مَا يَطْمَئِنّ بِهِ الْقَلْب ; لِأَنَّ الْقَدَر سِرّ مِنْ أَسْرَار اللَّه تَعَالَى الَّتِي ضُرِبَتْ مِنْ دُونهَا الْأَسْتَار , وَاخْتَصَّ اللَّه بِهِ , وَحَجَبَهُ عَنْ عُقُول الْخَلْق وَمَعَارِفهمْ ; لِمَا عَلِمَهُ مِنْ الْحِكْمَة.
وَوَاجِبنَا أَنْ نَقِف حَيْثُ حَدَّ لَنَا , وَلَا نَتَجَاوَزهُ , وَقَدْ طَوَى اللَّه تَعَالَى عِلْم الْقَدَر عَلَى الْعَالَم , فَلَمْ يَعْلَمهُ نَبِيّ مُرْسَل , وَلَا مَلَك مُقَرَّب.
وَقِيلَ : إِنَّ سِرّ الْقَدَر يَنْكَشِف لَهُمْ إِذَا دَخَلُوا الْجَنَّة , وَلَا يَنْكَشِف قَبْل دُخُولهَا.
وَاَللَّه أَعْلَم.
وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيث النَّهْي عَنْ تَرْك الْعَمَل وَالِاتِّكَال عَلَى مَا سَبَقَ بِهِ الْقَدَر , بَلْ تَجِب الْأَعْمَال وَالتَّكَالِيف الَّتِي وَرَدَ الشَّرْع بِهَا , وَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ لَا يَقْدِر عَلَى غَيْره , وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْل السَّعَادَة يَسَّرَهُ اللَّه لِعَمَلِ السَّعَادَة , وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْل الشَّقَاوَة يَسَّرَهُ اللَّه لِعَمَلِهِمْ كَمَا قَالَ : قَالَ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَلِلْعُسْرَى , وَكَمَا صَرَّحَتْ بِهِ هَذِهِ الْأَحَادِيث.


حديث ما منكم من أحد ما من نفس منفوسة إلا وقد كتب الله مكانها من الجنة

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ‏ ‏وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ‏ ‏وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ‏ ‏وَاللَّفْظُ ‏ ‏لِزُهَيْرٍ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏إِسْحَقُ ‏ ‏أَخْبَرَنَا ‏ ‏و قَالَ ‏ ‏الْآخَرَانِ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏جَرِيرٌ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مَنْصُورٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَلِيٍّ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏كُنَّا فِي جَنَازَةٍ فِي ‏ ‏بَقِيعِ الْغَرْقَدِ ‏ ‏فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَقَعَدَ وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ وَمَعَهُ ‏ ‏مِخْصَرَةٌ ‏ ‏فَنَكَّسَ ‏ ‏فَجَعَلَ ‏ ‏يَنْكُتُ ‏ ‏بِمِخْصَرَتِهِ ‏ ‏ثُمَّ قَالَ ‏ ‏مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ مَا مِنْ نَفْسٍ ‏ ‏مَنْفُوسَةٍ ‏ ‏إِلَّا وَقَدْ كَتَبَ اللَّهُ مَكَانَهَا مِنْ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَإِلَّا وَقَدْ كُتِبَتْ شَقِيَّةً أَوْ سَعِيدَةً قَالَ فَقَالَ رَجَلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا ‏ ‏نَمْكُثُ ‏ ‏عَلَى كِتَابِنَا ‏ ‏وَنَدَعُ الْعَمَلَ فَقَالَ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ فَقَالَ اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ أَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ وَأَمَّا أَهْلُ الشَّقَاوَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ ثُمَّ قَرَأَ ‏ { ‏فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ ‏ ‏لِلْعُسْرَى ‏ } ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ‏ ‏وَهَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ ‏ ‏قَالَا حَدَّثَنَا ‏ ‏أَبُو الْأَحْوَصِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مَنْصُورٍ ‏ ‏بِهَذَا الْإِسْنَادِ فِي ‏ ‏مَعْنَاهُ وَقَالَ فَأَخَذَ عُودًا وَلَمْ يَقُلْ ‏ ‏مِخْصَرَةً ‏ ‏وَقَالَ ‏ ‏ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ ‏ ‏فِي حَدِيثِهِ عَنْ ‏ ‏أَبِي الْأَحْوَصِ ‏ ‏ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث صحيح مسلم

لا اعملوا فكل ميسر لما خلق له

عن علي.<br> قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم جالسا وفي يده عود ينكت به.<br> فرفع رأسه فقال "ما منكم من نفس إلا وقد علم منزلها من الجنة وا...

فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير

عن جابر.<br> قال: جاء سراقة بن مالك بن جعشم قال: يا رسول الله! بين لنا ديننا كأنا خلقنا الآن.<br> فيما العمل اليوم؟ أفيما جفت به الأقلام وجرت به المقا...

يا رسول الله ﷺ أعلم أهل الجنة من أهل النار

عن عمران بن حصين، قال: قيل: يا رسول الله أعلم أهل الجنة من أهل النار؟ قال: فقال: نعم، قال قيل: ففيم يعمل العاملون؟ قال: «كل ميسر لما خلق له»

أرأيت ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه أشيء قضي علي...

عن أبي الأسود الديلي، قال: قال لي عمران بن الحصين، أرأيت ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه، أشيء قضي عليهم ومضى عليهم من قدر ما سبق؟ أو فيما يستقبلون به...

إن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل الجنة ثم يختم...

عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «إن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل الجنة، ثم يختم له عمله بعمل أهل النار، وإن الرجل ليعمل الزمن...

إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو م...

عن سهل بن سعد الساعدي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة، فيما يبدو للناس وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعمل عمل أهل...

حديث حجاج آدم وموسى عليهما السلام

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " احتج آدم وموسى، فقال موسى: يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة، فقال له آدم: أنت موسى، اص...

قال النبي ﷺ تحاج آدم وموسى فحج آدم موسى

عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: " تحاج آدم وموسى، فحج آدم موسى، فقال له موسى: أنت آدم الذي أغويت الناس وأخرجتهم من الجنة، فقال آدم...

أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته وبكلامه وأعطاك ا...

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " احتج آدم وموسى عليهما السلام عند ربهما، فحج آدم موسى، قال موسى: أنت آدم الذي خلقك الله بيده ونف...