حديث الرسول ﷺ الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

أختار أن يمسح مقدمهما مع الوجه ومؤخرهما مع رأسه - سنن الترمذي

سنن الترمذي | أبواب الطهارة باب ما جاء أن الأذنين من الرأس (حديث رقم: 37 )


37- عن أبي أمامة، قال: توضأ النبي صلى الله عليه وسلم فغسل وجهه ثلاثا، ويديه ثلاثا، ومسح برأسه، وقال: «الأذنان من الرأس»، قال قتيبة: قال حماد: لا أدري هذا من قول النبي صلى الله عليه وسلم أو من قول أبي أمامة؟ وفي الباب عن أنس، هذا حديث ليس إسناده بذاك القائم والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن بعدهم، أن الأذنين من الرأس، وبه يقول سفيان الثوري، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق وقال بعض أهل العلم: ما أقبل من الأذنين فمن الوجه، وما أدبر فمن الرأس.
قال إسحاق: «وأختار أن يمسح مقدمهما مع الوجه، ومؤخرهما مع رأسه»



صحيح

شرح حديث (أختار أن يمسح مقدمهما مع الوجه ومؤخرهما مع رأسه)

تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: أبو العلا محمد عبد الرحمن المباركفورى (المتوفى: 1353هـ)

‏ ‏قَوْلُهُ : ( عَنْ سِنَانِ بْنِ رَبِيعَةَ ) ‏ ‏الْبَاهِلِيِّ الْبَصْرِيِّ أَبِي رَبِيعَةَ , صَدُوقٌ فِيهِ لِينٌ , أَخْرَجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ مَقْرُونًا مِنْ الرَّابِعَةِ ‏ ‏( عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ ) ‏ ‏الْأَشْعَرِيِّ الشَّامِيِّ مَوْلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ , صَدُوقٌ كَثِيرُ الْإِرْسَالِ وَالْأَوْهَامِ مِنْ الثَّالِثَةِ.
كَذَا فِي التَّقْرِيبِ.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( وَقَالَ الْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ ) ‏ ‏أَيْ فَيُمْسَحَانِ مَعَهُ لَا مِنْ الْوَجْهِ فَيُغْسَلَانِ مَعَهُ ‏ ‏( قَالَ حَمَّادٌ ) ‏ ‏أَيْ اِبْنُ زَيْدٍ ‏ ‏( لَا أَدْرِي هَذَا ) ‏ ‏أَيْ قَوْلَهُ الْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( وَفِي الْبَابِ عَنْ أَنَسٍ ) ‏ ‏قَدْ وَرَدَ فِي أَنَّ الْأُذُنَيْنِ مِنْ الرَّأْسِ ثَمَانِيَةُ أَحَادِيثَ : قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ.
‏ ‏الْأَوَّلُ حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ , رَوَاهُ د ت ق وَقَدْ بَيَّنْت أَنَّهُ مُدْرَجٌ فِي كِتَابِي فِي ذَلِكَ.
‏ ‏الثَّانِي حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَوَّاهُ الْمُنْذِرِيُّ وَابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ , وَقَدْ بَيَّنْت أَيْضًا أَنَّهُ مُدْرَجٌ.
‏ ‏الثَّالِثُ حَدِيثُ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَأَعَلَّهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِالِاضْطِرَابِ وَقَالَ إِنَّهُ وَهْمٌ , وَالصَّوَابُ رِوَايَةُ اِبْنِ جُرَيْجٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى مُرْسَلًا.
‏ ‏وَالرَّابِعُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَوَاهُ اِبْنُ مَاجَهْ وَفِيهِ عَمْرُو بْنُ الْحُصَيْنِ وَهُوَ مَتْرُوكٌ.
‏ ‏الْخَامِسُ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَاخْتُلِفَ فِي وَقْفِهِ وَرَفْعِهِ , وَصَوَّبَ الْوَقْفَ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ أَيْضًا.
‏ ‏السَّادِسُ حَدِيثُ اِبْنِ عُمَرَ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَأَعَلَّهُ أَيْضًا : ‏ ‏السَّابِعُ حَدِيثُ عَائِشَةَ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْأَزْهَرِ وَقَدْ كَذَّبَهُ أَحْمَدُ.
‏ ‏الثَّامِنُ حَدِيثُ أَنَسٍ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْحَكِيمِ عَنْ أَنَسٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ اِنْتَهَى مَا فِي التَّلْخِيصِ.
‏ ‏قُلْت : حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ أَخْرَجَهُ اِبْنُ مَاجَهْ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِي تَخْرِيجِ الْهِدَايَةِ بَعْدَ ذِكْرِهِ هَذَا أَمْثَلُ إِسْنَادٍ فِي الْبَابِ لِاتِّصَالِهِ وَثِقَةِ رُوَاتِهِ اِنْتَهَى , لَكِنْ قَالَ الْحَافِظُ أَنَّهُ مُدْرَجٌ كَمَا عَرَفْت , قَالَ الزَّيْلَعِيُّ أَمَّا حَدِيثُ اِبْنِ عَبَّاسٍ فَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ أَبِي كَامِلٍ الْجَحْدَرِيِّ : ثنا غُنْدُرٌ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ اِبْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : الْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ , قَالَ اِبْنُ الْقَطَّانِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ لِاتِّصَالِهِ وَثِقَةِ رُوَاتِهِ اِنْتَهَى.
‏ ‏قَالَ : وَأَعَلَّهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِالِاضْطِرَابِ فِي إِسْنَادِهِ , وَقَالَ إِسْنَادُهُ وَهْمٌ , وَإِنَّمَا هُوَ مُرْسَلٌ ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْ اِبْنِ جُرَيْجٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا وَتَبِعَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي ذَلِكَ , وَقَالَ اِبْنُ جُرَيْجٍ الَّذِي , دَارَ الْحَدِيثُ عَلَيْهِ يُرْوَى عَنْهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا.
قَالَ وَهَذَا لَيْسَ بِقَدْحٍ فِيهِ وَمَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ حَدِيثَانِ مُسْنَدٌ وَمُرْسَلٌ اِنْتَهَى.
قُلْت : كَلَامُ اِبْنِ الْقَطَّانِ هَذَا مُتَّجَهٌ.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ لَيْسَ إِسْنَادُهُ بِذَاكَ الْقَائِمِ ) ‏ ‏أَيْ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ , قَالَ اِبْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي الْأَمَامِ : وَهَذَا الْحَدِيثُ مَعْلُولٌ بِوَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا الْكَلَامُ فِي شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ , وَالثَّانِي الشَّكُّ فِي رَفْعِهِ وَلَكِنَّ شَهْرًا وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَيَحْيَى وَالْعِجْلِيُّ وَيَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ , وَسِنَانُ بْنُ رَبِيعَةَ أَخْرَجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ , وَهُوَ وَإِنْ كَانَ قَدْ لُيِّنَ فَقَالَ اِبْنُ عَدِيٍّ أَرْجُو أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ وَقَالَ اِبْنُ مَعِينٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ , فَالْحَدِيثُ عِنْدَنَا حَسَنٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ اِنْتَهَى كَلَامُهُ.
وَقَالَ اِبْنُ الْقَطَّانِ فِي الْوَهْمِ وَالْإِيهَامِ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ ضَعَّفَهُ قَوْمٌ وَوَثَّقَهُ الْآخَرُونَ وَمِمَّنْ وَثَّقَهُ اِبْنُ حَنْبَلٍ وَابْنُ مَعِينٍ وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ لَا بَأْسَ بِهِ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ لَيْسَ هُوَ بِدُونِ اِبْنِ الزُّبَيْرِ وَغَيْرُ هَؤُلَاءِ ضَعَّفَهُ وَلَا أَعْرِفُ لِمُضَعِّفِهِ حُجَّةً كَذَا فِي تَخْرِيجِ الزَّيْلَعِيِّ.
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَقَدْ صَحَّحَ التِّرْمِذِيُّ فِي كِتَابِهِ حَدِيثَ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَفَّ عَلَى الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَعَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ كِسَاءً وَقَالَ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي ثُمَّ قَالَ هَذَا حَسَنٌ صَحِيحٌ.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ أَنَّ الْأُذُنَيْنِ مِنْ الرَّأْسِ ) ‏ ‏أَيْ فَيُمْسَحَانِ مَعَهُ وَهُوَ الْقَوْلُ الرَّاجِحُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ ‏ ‏( بِهِ يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ ) ‏ ‏وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ‏ ‏( وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مَا أَقْبَلَ مِنْ الْأُذُنَيْنِ فَمِنْ الْوَجْهِ وَمَا أَدْبَرَ فَمِنْ الرَّأْسِ ) ‏ ‏وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّعْبِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَمَنْ تَبِعَهُمْ , فَإِنَّهُمْ قَالُوا يَغْسِلُ مَا أَقْبَلَ مِنْهُمَا مَعَ الْوَجْهِ وَيَمْسَحُ مَا أَدْبَرَ مَعَ الرَّأْسِ ذَكَرَهُ الْعَيْنِيُّ وَغَيْرُهُ ‏ ‏( وَقَالَ إِسْحَاقُ أَخْتَارُ أَنْ يَمْسَحَ مُقَدَّمَهُمَا مَعَ وَجْهِهِ وَمُؤَخَّرَهُمَا مَعَ رَأْسِهِ ) ‏ ‏ذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةَ مَذَاهِبَ , وَهَاهُنَا مَذَاهِبُ أُخْرَى : فَمِنْهَا أَنَّ الْأُذُنَيْنِ مِنْ الْوَجْهِ فَيُغْسَلَانِ مَعَهُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الزُّهْرِيُّ وَدَاوُدُ ذَكَرَهُ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ , وَمِنْهَا مَذْهَبُ اِبْنِ شُرَيْحٍ أَنَّهُ كَانَ يَغْسِلُهُمَا مَعَ الْوَجْهِ وَيَمْسَحُهُمَا مَعَ الرَّأْسِ.
وَاسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ إِنَّ الْأُذُنَيْنِ مِنْ الرَّأْسِ بِأَحَادِيثِ الْبَابِ.
وَاسْتَدَلَّ الطَّحَاوِيُّ لِمَذْهَبِ الشَّعْبِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ فِي شَرْحِ الْآثَارِ بِمَا رَوَاهُ بِسَنَدِهِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ حَكَى الْوُضُوءَ النَّبَوِيَّ فَأَخَذَ حَفْنَةً مِنْ مَاءٍ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا فَضَرَبَ بِهِمَا وَجْهَهُ ثُمَّ الثَّانِيَةَ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ الثَّالِثَةَ ثُمَّ أَلْقَمَ إِبْهَامَيْهِ مَا أَقْبَلَ مِنْ أُذُنَيْهِ ثُمَّ أَخَذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ بِيَدِهِ الْيُمْنَى فَصَبَّهَا عَلَى نَاصِيَتِهِ ثُمَّ أَرْسَلَهَا تَسِيلُ عَلَى وَجْهِهِ ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى إِلَى الْمِرْفَقِ ثَلَاثًا وَالْيُسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ وَظُهُورِ أُذُنَيْهِ , وَذَكَرَ اِبْنُ تَيْمِيَّةَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي الْمُنْتَقَى نَقْلًا عَنْ مُسْنَدِ أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُدَ وَقَالَ : فِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ رَأَى مَا أَقْبَلَ مِنْ الْأُذُنَيْنِ مِنْ الْوَجْهِ اِنْتَهَى.
‏ ‏قُلْت : قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي الْحَدِيثِ مَقَالٌ , قَالَ التِّرْمِذِيُّ : سَأَلْت مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ عَنْهُ فَضَعَّفَهُ , وَقَالَ مَا أَدْرِي مَا هَذَا اِنْتَهَى.
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ : وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ وَقَالَ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَى هَذَا هَكَذَا إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْخَوْلَانِيِّ وَلَا نَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا رَوَاهُ عَنْهُ إِلَّا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ , وَقَدْ صَرَّحَ اِبْنُ إِسْحَاقَ بِالسَّمَاعِ فِيهِ وَأَخْرَجَهُ اِبْنُ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِهِ مُخْتَصَرًا وَضَعَّفَهُ الْبُخَارِيُّ فِيمَا حَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ اِنْتَهَى , فَهَذَا الْحَدِيثُ لَا يَصْلُحُ لِلِاسْتِدْلَالِ.
وَذَكَرَ الْحَافِظُ الزَّيْلَعِيُّ فِي نَصْبِ الرَّايَةِ فِي اِسْتِدْلَالِ اِبْنِ شُرَيْحٍ أَنَّهُ رَوَى أَصْحَابُ السُّنَنِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي سُجُودِ الْقُرْآنِ سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ , فَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأُذُنَيْنِ مِنْ الْوَجْهِ , فَبِهَذَا الْحَدِيثِ وَحَدِيثِ الْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ اِسْتَنَدَ اِبْنُ شُرَيْحٍ فِيمَا كَانَ يَفْعَلُهُ.
قُلْت حَدِيثُ عَائِشَةَ هَذَا لَيْسَ بِنَصٍّ عَلَى أَنَّ الْأُذُنَيْنِ مِنْ الْوَجْهِ , وَلَمْ أَقِفْ عَلَى حَدِيثٍ صَحِيحٍ صَرِيحٍ يَدُلُّ عَلَى كَوْنِ الْأُذُنَيْنِ مِنْ الْوَجْهِ ثُمَّ لَمْ يَثْبُتْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَسْلُ الْأُذُنَيْنِ وَإِنَّمَا الثَّابِتُ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ مَسْحُ الْأُذُنَيْنِ فَقَطْ , فَالْقَوْلُ الرَّاجِحُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ هُوَ أَنَّ الْأُذُنَيْنِ مِنْ الرَّأْسِ لِأَحَادِيثِ الْبَابِ , وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ الصُّنَابِحِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ فَتَمَضْمَضَ خَرَجَتْ الْخَطَايَا مِنْ فِيهِ , وَذَكَرَ الْحَدِيثَ , وَفِيهِ : فَإِذَا مَسَحَ بِرَأْسِهِ خَرَجَتْ الْخَطَايَا مِنْ رَأْسِهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ أُذُنَيْهِ , رَوَاهُ مَالِكٌ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ , قَالَ اِبْنُ تَيْمِيَّةَ فِي الْمُنْتَقَى فَقَوْلُهُ تَخْرُجُ مِنْ أُذُنَيْهِ إِذَا مَسَحَ رَأْسَهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأُذُنَيْنِ دَاخِلَتَانِ فِي مُسَمَّاهُ , وَمِنْ جُمْلَتِهِ اِنْتَهَى.
فَالْمُتَعَيَّنُ هُوَ مَسْحُ الْأُذُنَيْنِ مَعَ الرَّأْسِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُمَا يُمْسَحَانِ بِبَقِيَّةِ مَاءِ الرَّأْسِ أَوْ بِمَاءٍ جَدِيدٍ , قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ : ذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ إِلَى أَنَّهُ يُؤْخَذُ لَهُمَا مَاءٌ جَدِيدٌ , وَذَهَبَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهُمَا يُمْسَحَانِ مَعَ الرَّأْسِ بِمَاءٍ وَاحِدٍ , قَالَ اِبْنُ عَبْدِ الْبَرِّ.
وَرُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِثْلُ هَذَا الْقَوْلِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ , وَاحْتَجَّ الْأَوَّلُونَ بِمَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فِي صِفَةِ وُضُوءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ أُذُنَيْهِ بِمَاءٍ غَيْرِ الْمَاءِ الَّذِي مَسَحَ بِهِ الرَّأْسَ , أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ حَرْمَلَةَ عَنْ اِبْنِ وَهْبٍ , قَالَ الْحَافِظُ إِسْنَادُهُ ظَاهِرُ الصِّحَّةِ , وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ الدَّارِمِيِّ عَنْ الْهَيْثَمِ بْنِ خَارِجَةَ عَنْ اِبْنِ وَهْبٍ بِلَفْظِ : فَأَخَذَ لِأُذُنَيْهِ مَاءً خِلَافَ الْمَاءِ الَّذِي أَخَذَ لِرَأْسِهِ , وَقَالَ هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ , لَكِنْ ذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي الْإِمَامِ أَنَّهُ رَأَى فِي رِوَايَةِ اِبْنِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ اِبْنِ قُتَيْبَةَ عَنْ حَرْمَلَةَ , بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَلَفْظُهُ : وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ بِمَاءٍ غَيْرِ فَضْلِ يَدَيْهِ لَمْ يَذْكُرْ الْأُذُنَيْنِ.
وَقَالَ الْحَافِظُ كَذَا هُوَ فِي صَحِيحِ اِبْنِ حِبَّانَ عَنْ اِبْنِ مُسْلِمٍ عَنْ حَرْمَلَةَ وَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ خَشْرَمٍ عَنْ اِبْنِ وَهْبٍ , وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ : وَرَدَ الْأَمْرُ بِتَجْدِيدِ الْمَاءِ لِلْأُذُنَيْنِ مِنْ حَدِيثِ نَمِرَانِ بْنِ جَارِيَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَتَعَقَّبَهُ اِبْنُ الْقَطَّانِ بِأَنَّ الَّذِي فِي رِوَايَةِ جَارِيَةَ بِلَفْظِ أَخَذَ لِلرَّأْسِ مَاءً جَدِيدًا رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ , وَرَوَى فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ اِبْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا تَوَضَّأَ يَأْخُذُ الْمَاءَ بِأُصْبُعَيْهِ لِأُذُنَيْهِ.
وَصَرَّحَ الْحَافِظُ فِي بُلُوغِ الْمَرَامِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ حَدِيثَ الْبَيْهَقِيِّ السَّابِقَ أَنَّ الْمَحْفُوظَ مَا عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ : وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ بِمَاءٍ غَيْرِ فَضْلِ يَدَيْهِ.
‏ ‏وَأَجَابَ الْقَائِلُونَ أَنَّهُمَا يُمْسَحَانِ بِمَاءِ الرَّأْسِ بِمَا سَلَفَ مِنْ إِعْلَالِ هَذَا الْحَدِيثِ , قَالُوا فَيُوقَفُ عَلَى مَا ثَبَتَ مِنْ مَسْحِهِمَا مَعَ الرَّأْسِ كَمَا فِي حَدِيثِ اِبْنِ عَبَّاسٍ وَالرُّبَيِّعِ وَغَيْرِهِمَا قَالَ اِبْنُ الْقَيِّمِ فِي الْهَدْيِ : لَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ أَنَّهُ أَخَذَ لَهُمَا مَاءً جَدِيدًا وَإِنَّمَا صَحَّ ذَلِكَ عَنْ اِبْنِ عُمَرَ اِنْتَهَى مَا فِي النَّيْلِ.
‏ ‏قُلْت : لَمْ أَقِفْ عَلَى حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ صَحِيحٍ خَالٍ عَنْ الْكَلَامِ يَدُلُّ عَلَى مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ بِمَاءٍ جَدِيدٍ , نَعَمْ ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ اِبْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا مِنْ فِعْلِهِ.
رَوَى الْإِمَامُ مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَأْخُذُ الْمَاءَ بِأُصْبُعَيْهِ لِأُذُنَيْهِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.


الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏قُتَيْبَةُ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏سِنَانِ بْنِ رَبِيعَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي أُمَامَةَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏تَوَضَّأَ النَّبِيُّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَيَدَيْهِ ثَلَاثًا وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَقَالَ الْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏أَبُو عِيسَى ‏ ‏قَالَ ‏ ‏قُتَيْبَةُ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏حَمَّادٌ ‏ ‏لَا أَدْرِي هَذَا مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏أَوْ مِنْ قَوْلِ ‏ ‏أَبِي أُمَامَةَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏وَفِي ‏ ‏الْبَاب ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَنَسٍ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏أَبُو عِيسَى ‏ ‏هَذَا ‏ ‏حَدِيثٌ لَيْسَ إِسْنَادُهُ بِذَاكَ ‏ ‏الْقَائِمِ وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ ‏ ‏أَصْحَابِ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏وَمَنْ بَعْدَهُمْ أَنَّ الْأُذُنَيْنِ مِنْ الرَّأْسِ ‏ ‏وَبِهِ يَقُولُ ‏ ‏سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ‏ ‏وَابْنُ الْمُبَارَكِ ‏ ‏وَالشَّافِعِيُّ ‏ ‏وَأَحْمَدُ ‏ ‏وَإِسْحَقُ ‏ ‏و قَالَ ‏ ‏بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مَا أَقْبَلَ مِنْ الْأُذُنَيْنِ فَمِنْ الْوَجْهِ وَمَا أَدْبَرَ فَمِنْ الرَّأْسِ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏إِسْحَقُ ‏ ‏وَأَخْتَارُ أَنْ يَمْسَحَ مُقَدَّمَهُمَا مَعَ الْوَجْهِ وَمُؤَخَّرَهُمَا مَعَ رَأْسِهِ ‏ ‏و قَالَ ‏ ‏الشَّافِعِيُّ ‏ ‏هُمَا سُنَّةٌ عَلَى حِيَالِهِمَا يَمْسَحُهُمَا بِمَاءٍ جَدِيدٍ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

أحاديث أخرى من سنن الترمذي

رجل في ماشيته يؤدي حقها ويعبد ربه

عن أم مالك البهزية قالت: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة فقربها قالت: قلت: يا رسول الله، من خير الناس فيها؟ قال: «رجل في ماشيته يؤدي حقها ويعبد...

خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أهبط منها، وفيه ساعة لا يو...

لا تكذبوا علي فإنه من كذب علي يلج في النار

عن علي بن أبي طالب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تكذبوا علي فإنه من كذب علي يلج في النار» وفي الباب عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، والزبير، و...

كره ثلاثة أحياء ثقيفا وبني حنيفة وبني أمية

عن عمران بن حصين، قال: «مات النبي صلى الله عليه وسلم وهو يكره ثلاثة أحياء ثقيفا وبني حنيفة وبني أمية»: «هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه»

لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله

عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض: الله الله ": هذا حديث حسن حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا خالد بن...

أحب الثياب إلى النبي ﷺ القميص

عن أم سلمة قالت: «كان أحب الثياب إلى النبي صلى الله عليه وسلم القميص» وسمعت محمد بن إسماعيل يقول: حديث عبد الله بن بريدة عن أمه عن أم سلمة أصح، وإنما...

البر حسن الخلق والإثم ما حاك في نفسك

عن النواس بن سمعان، أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في نفسك وكر...

كان يستحب أن يقرأ في ركعتي الطواف بقل يا أيها الكا...

عن جعفر بن محمد، عن أبيه، أنه «كان يستحب أن يقرأ في ركعتي الطواف بقل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد»: «وهذا أصح من حديث عبد العزيز بن عمران»، «وحدي...

ما شيء أنجى من عذاب الله من ذكر الله

عن أبي الدرداء، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب والورق، وخ...