72-
عن أنس، أن ناسا من عرينة قدموا المدينة، فاجتووها، فبعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في إبل الصدقة، وقال: «اشربوا من ألبانها وأبوالها»، فقتلوا راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستاقوا الإبل، وارتدوا عن الإسلام، فأتي بهم النبي صلى الله عليه وسلم، فقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، وسمر أعينهم، وألقاهم بالحرة "، قال أنس: «فكنت أرى أحدهم يكد الأرض بفيه، حتى ماتوا»، وربما قال حماد: «يكدم الأرض بفيه حتى ماتوا».
هذا حديث حسن صحيح غريب، وقد روي من غير وجه عن أنس " وهو قول أكثر أهل العلم، قالوا: لا بأس ببول ما يؤكل لحمه "
صحيح
تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: أبو العلا محمد عبد الرحمن المباركفورى (المتوفى: 1353هـ)
قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ ) أَبُو عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيُّ صَاحِبُ الشَّافِعِيِّ , عَنْ اِبْنِ عُيَيْنَةَ وَعُبَيْدِ بْنِ حُمَيْدٍ وَغَيْرِهِمَا , وَعَنْهُ الْبُخَارِيُّ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ , وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ مَاتَ فِي بَعْضِ سَنَةِ 260 سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ ( نا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ ) بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَاهِلِيُّ أَبُو عُثْمَانَ الصَّفَّارُ الْبَصْرِيُّ.
ثِقَةٌ ثَبْتٌ قَالَ اِبْنُ الْمَدِينِيِّ كَانَ إِذَا شَكَّ فِي حَرْفٍ مِنْ الْحَدِيثِ تَرَكَهُ وَرُبَّمَا وَهَمَ , وَقَالَ اِبْنُ مَعِينٍ أَنْكَرْنَاهُ فِي صَفَرٍ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمَاتَ بَعْدَهَا بِيَسِيرٍ , مِنْ كِبَارِ الْعَاشِرَةِ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ , وَقَالَ فِي الْخُلَاصَةِ اِخْتَلَطَ سَنَةَ 19 تِسْعَ عَشْرَةَ وَمَاتَ سَنَةَ 220 عِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ قَالَهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَمُطَيَّنٌ اِنْتَهَى ( نا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ) بْنِ دِينَارٍ الْبَصْرِيُّ أَبُو سَلَمَةَ ثِقَةٌ عَابِدٌ أَثْبَتُ النَّاسِ فِي ثَابِتٍ وَتَغَيَّرَ حِفْظُهُ مِنْ كِبَارِ الثَّامِنَةِ , رَوَى عَنْ ثَابِتٍ وَسِمَاكٍ وَقَتَادَةَ وَحُمَيْدٍ وَخَلْقٍ , وَعَنْهُ اِبْنُ جُرَيْجٍ وَابْنُ إِسْحَاقَ شَيْخَاهُ وَشُعْبَةُ وَمَالِكٌ وَأُمَمٌ , قَالَ الْقَطَّانُ إِذَا رَأَيْت الرَّجُلَ يَقَعُ فِي حَمَّادٍ فَاتَّهِمْهُ عَلَى الْإِسْلَامِ تُوُفِّيَ سَنَةَ 167 سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ.
فَائِدَةٌ : إِذَا رَوَى عَفَّانُ عَنْ حَمَّادٍ غَيْرِ مَنْسُوبٍ فَهُوَ اِبْنُ سَلَمَةَ قَالَهُ الْحَافِظُ أَبُو الْحَجَّاجِ ( أنا حُمَيْدٌ وَقَتَادَةُ وَثَابِتٌ ) أَمَّا حُمَيْدٌ فَهُوَ اِبْنُ أَبِي حُمَيْدٍ الطَّوِيلُ أَبُو عُبَيْدَةَ الْبَصْرِيُّ , اُخْتُلِفَ فِي اِسْمِ أَبِيهِ عَلَى عَشْرَةِ أَقْوَالٍ ثِقَةٌ مُدَلِّسٌ عَابَهُ زَائِدَةُ لِدُخُولِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْأُمَرَاءِ قَالَ الْقَطَّانُ مَاتَ حُمَيْدٌ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي مَاتَ سَنَةَ 142 اِثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ.
وَأَمَّا قَتَادَةُ فَهُوَ اِبْنُ دِعَامَةَ وَأَمَّا ثَابِتٌ فَهُوَ اِبْنُ أَسْلَمَ الْبُنَانِيُّ بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَنُونَيْنِ مُخَفَّفَيْنِ أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَصْرِيُّ ثِقَةٌ عَابِدٌ.
قَوْلُهُ : ( أَنَّ أُنَاسًا مِنْ عُرَيْنَةَ ) بِالْعَيْنِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَالنُّونِ مُصَغَّرًا حَيٌّ مِنْ قُضَاعَةَ وَحَيٌّ مِنْ بَجِيلَةَ وَالْمُرَادُ هَاهُنَا الثَّانِي كَذَا ذَكَرَهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي الْمَغَازِي كَذَا فِي الْفَتْحِ ( قَدِمُوا ) بِكَسْرِ الدَّالِ أَيْ نَزَلُوا وَجَاءُوا ( فَاجْتَوَوْهَا ) مِنْ الِاجْتِوَاءِ أَيْ كَرِهُوا هَوَاءَ الْمَدِينَةِ وَمَاءَهَا قَالَ اِبْنُ فَارِسٍ اِجْتَوَيْت الْبَلَدَ إِذَا كَرِهْت الْمُقَامَ فِيهِ وَإِنْ كُنْت فِي نِعْمَةٍ وَقَيَّدَهُ الْخَطَّابِيُّ بِمَا إِذَا تَضَرَّرَ بِالْإِقَامَةِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِهَذِهِ الْقِصَّةِ , وَقَالَ الْقَزَّازُ اِجْتَوَوْا أَيْ لَمْ يُوَافِقْهُمْ طَعَامُهَا وَقَالَ اِبْنُ الْعَرَبِيِّ دَاءٌ يَأْخُذُ مِنْ الْوَبَاءِ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى اِسْتَوْخَمُوا قَالَ وَهُوَ بِمَعْنَاهُ وَقَالَ غَيْرُهُ دَاءٌ يُصِيبُ الْجَوْفَ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ أَنَسٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ فَعَظُمَتْ بُطُونُهُمْ ( وَاسْتَاقُوا الْإِبِلَ ) مِنْ السُّوقِ وَهُوَ السَّيْرُ الْعَنِيفُ أَيْ سَاقُوهَا بِمُبَالَغَةٍ بَلِيغَةٍ وَاهْتِمَامٍ تَامٍّ ( فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ ) أَيْ أَمَرَ بِقَطْعِهِمَا وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فَأَمَرَ فَقُطِعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ ( مِنْ خِلَافٍ ) فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ إِنَّهُ قَطَعَ يَدَيْ كُلِّ وَاحِدٍ وَرِجْلَيْهِ ( وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ ) وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ قَلَمِيَّةٍ وَسَمَلَ بِاللَّامِ , قَالَ الْخَطَّابِيُّ السَّمَلُ فَقْءُ الْعَيْنِ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ , قَالَ أَبُو ذِئْبٍ الْهُذَلِيُّ.
وَالْعَيْنُ بَعْدَهُمْ كَأَنَّ حِدَاقَهَا سُمِلَتْ بِشَوْكٍ فَهِيَ عُورٌ تَدْمَعُ قَالَ وَالسَّمَرُ لُغَةٌ فِي السَّمَلِ وَقَدْ يَكُونُ مِنْ الْمِسْمَارِ يُرِيدُ أَنَّهُمْ كُحِّلُوا بِأَمْيَالٍ قَدْ أُحْمِيَتْ قَالَ الْحَافِظُ قَدْ وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِالْمُرَادِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ يَعْنِي الْبُخَارِيَّ مِنْ رِوَايَةِ وُهَيْبٍ عَنْ أَيُّوبَ وَمِنْ رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي قِلَابَةَ وَلَفْظُهُ : ثُمَّ أَمَرَ بِمَسَامِيرَ فَأُحْمِيَتْ فَكَحَّلَهُمْ بِهَا فَهَذَا يُوَضِّحُ مَا تَقَدَّمَ وَلَا يُخَالِفُ ذَلِكَ رِوَايَةُ السَّمَلِ لِأَنَّهُ فَقْءُ الْعَيْنِ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ كَمَا مَضَى اِنْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ ( وَأَلْقَاهُمْ بِالْحَرَّةِ ) هِيَ أَرْضٌ ذَاتُ حِجَارَةٍ سُودٍ مَعْرُوفَةٌ بِالْمَدِينَةِ وَإِنَّمَا أَلْقَاهُمْ فِيهَا لِأَنَّهَا قُرْبُ الْمَكَانِ الَّذِي فَعَلُوا فِيهِ مَا فَعَلُوا ( يَكُدُّ الْأَرْضَ ) أَيْ يَحُكُّهَا وَالْكَدُّ الْحَكُّ ( يَكْدُمُ الْأَرْضَ ) أَيْ يَعَضُّ عَلَيْهَا.
قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ.
قَوْلُهُ : ( وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالُوا لَا بَأْسَ بِبَوْلِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ ) وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَطَائِفَةٍ مِنْ السَّلَفِ وَوَافَقَهُمْ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ اِبْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْإِصْطَخْرِيُّ وَالرُّويَانِيُّ , وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ إِلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَةِ الْأَبْوَالِ وَالْأَرْوَاثِ كُلِّهَا مِنْ مَأْكُولِ اللَّحْمِ وَغَيْرِهِ قَالَهُ الْحَافِظُ : قُلْت وَذَهَبَ إِلَى طَهَارَةِ بَوْلِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ بِطَهَارَةِ بَوْلِ مَأْكُولِ اللَّحْمِ بِأَحَادِيثَ.
مِنْهَا : حَدِيثُ الْبَابِ أَمَّا مِنْ الْإِبِلِ فَبِهَذَا الْحَدِيثِ وَأَمَّا مِنْ مَأْكُولِ اللَّحْمِ فَبِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ , قَالَ اِبْنُ الْعَرَبِيِّ تَعَلَّقَ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ قَالَ بِطَهَارَةِ أَبْوَالِ الْإِبِلِ.
وَعُورِضُوا بِأَنَّهُ أُذِنَ لَهُمْ فِي شُرْبِهَا لِلتَّدَاوِي.
وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ التَّدَاوِي لَيْسَ حَالَ ضَرُورَةٍ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فَكَيْفَ يُبَاحُ الْحَرَامُ لِمَا لَا يَجِبُ.
وَأُجِيبُ بِمَنْعِ أَنَّهُ لَيْسَ حَالَ ضَرُورَةٍ إِذَا أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ مَنْ يَعْتَمِدُ عَلَى خَبَرِهِ وَمَا أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ لَا يُسَمَّى حَرَامًا وَقْتَ تَنَاوُلِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اُضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ } فَمَا اُضْطُرَّ إِلَيْهِ الْمَرْءُ فَهُوَ غَيْرُ مُحَرَّمٍ عَلَيْهِ كَالْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ الْحَافِظُ بَعْدَ نَقْلِ كَلَامِ اِبْنِ الْعَرَبِيِّ هَذَا : وَمَا تَضَمَّنَهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّ الْحَرَامَ لَا يُبَاحُ إِلَّا لِأَمْرٍ وَاجِبٍ غَيْرُ مُسَلَّمٍ فَإِنَّ الْفِطْرَ فِي رَمَضَانَ حَرَامٌ وَمَعَ ذَلِكَ فَيُبَاحُ لِأَمْرٍ جَائِزٍ كَالسَّفَرِ.
وَأَمَّا قَوْلُ غَيْرِهِ لَوْ كَانَ نَجِسًا مَا جَازَ التَّدَاوِي بِهِ لِحَدِيثِ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَ أُمَّتِي فِيمَا حُرِّمَ عَلَيْهَا , وَالنَّجِسُ حَرَامٌ فَلَا يُتَدَاوَى بِهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ شِفَاءٍ.
فَجَوَابُهُ : أَنَّ الْحَدِيثَ مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةِ الِاخْتِيَارِ وَأَمَّا فِي حَالِ الضَّرُورَةِ فَلَا يَكُونُ حَرَامًا كَالْمَيْتَةِ لِلضَّرُورَةِ.
وَلَا يَرِدُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَمْرِ إِنَّهَا لَيْسَتْ بِدَوَاءٍ إِنَّهَا دَاءٌ فِي جَوَابِ مَنْ سَأَلَ عَنْ التَّدَاوِي بِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالْخَمْرِ وَيَلْتَحِقُ بِهَا غَيْرُهَا مِنْ الْمُسْكِرِ , وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُسْكِرِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِنْ النَّجَاسَاتِ أَنَّ الْحَدِيثَ ثَبَتَ بِاسْتِعْمَالِهِ فِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ دُونَ غَيْرِهِ وَلِأَنَّ شُرْبَهُ يَجُرُّ إِلَى مَفَاسِدَ كَثِيرَةٍ وَلِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ فِي الْخَمْرِ شِفَاءً فَجَاءَ الشَّرْعُ بِخِلَافِ مُعْتَقَدِهِمْ قَالَهُ الطَّحَاوِيُّ بِمَعْنَاهُ , وَأَمَّا أَبْوَالُ الْإِبِلِ فَقَدْ رَوَى اِبْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا إِنَّ فِي أَبْوَالِ الْإِبِلِ شِفَاءً لِذَرِبَةِ بُطُونِهِمْ.
وَالذَّرَبُ فَسَادُ الْمَعِدَةِ فَلَا يُقَاسُ مَا ثَبَتَ أَنَّ فِيهِ دَوَاءً عَلَى مَا ثَبَتَ نَفْيُ الدَّوَاءِ عَنْهُ , وَبِهَذِهِ الطَّرِيقِ يَحْصُلُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَالْعَمَلُ بِمُقْتَضَاهَا كُلِّهَا.
اِنْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ.
وَمِنْهَا أَحَادِيثُ الْإِذْنِ بِالصَّلَاةِ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ.
وَأُجِيبُ عَنْهَا بِأَنَّهَا لَا دَلَالَةَ فِيهَا عَلَى جَوَازِ الْمُبَاشَرَةِ.
وَرُدَّ هَذَا الْجَوَابُ بِأَنَّ أَحَادِيثَ الْإِذْنِ بِالصَّلَاةِ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ مُطْلَقَةٌ لَيْسَ فِيهَا تَخْصِيصُ مَوْضِعٍ دُونَ مَوْضِعٍ وَلَا تَقْيِيدٌ بِحَائِلٍ , فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ بِإِطْلَاقِهَا تَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الصَّلَاةِ فِيهَا بِحَائِلٍ وَبِغَيْرِ حَائِلٍ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ مِنْهَا.
قَالَ الْحَافِظُ اِبْنُ تَيْمِيَّةَ : فَإِذَا أُطْلِقَ الْإِذْنُ فِي ذَلِكَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ حَائِلًا يَقِي مِنْ الْأَبْوَالِ وَأُطْلِقَ الْإِذْنُ فِي الشُّرْبِ لِقَوْمٍ حَدِيثِي الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ جَاهِلِينَ بِأَحْكَامِهِ وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِغَسْلِ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا يُصِيبُهُمْ مِنْهَا لِأَجْلِ صَلَاةٍ وَلَا لِغَيْرِهَا مَعَ اِعْتِيَادِهِمْ شُرْبَهَا دَلَّ ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِ الْقَائِلِينَ بِالطَّهَارَةِ اِنْتَهَى.
كَذَا نَقَلَ الشَّوْكَانِيُّ قَوْلَهُ هَذَا فِي النَّيْلِ.
وَمِنْهَا حَدِيثُ الْبَرَاءِ مَرْفُوعًا لَا بَأْسَ بِبَوْلِ مَا أُكِلَ لَحْمُهُ , وَحَدِيثُ جَابِرٍ مَا أُكِلَ لَحْمُهُ فَلَا بَأْسَ بِبَوْلِهِ , رَوَاهُمَا الدَّارَقُطْنِيُّ وَهُمَا ضَعِيفَانِ لَا يَصْلُحَانِ لِلِاحْتِجَاجِ , قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ : إِسْنَادُ كُلٍّ مِنْهُمَا ضَعِيفٌ جِدًّا.
اِنْتَهَى.
وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ بِنَجَاسَةِ الْأَبْوَالِ وَالْأَرْوَاثِ كُلِّهَا وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ كَمَا عَرَفْت وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا : اِسْتَنْزِهُوا مِنْ الْبَوْلِ فَإِنَّ عَامَّةَ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْهُ , صَحَّحَهُ اِبْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ , قَالُوا هَذَا الْحَدِيثُ بِعُمُومِهِ ظَاهِرٌ فِي تَنَاوُلِ جَمِيعِ الْأَبْوَالِ فَيَجِبُ اِجْتِنَابُهَا لِهَذَا الْوَعِيدِ , وَبِحَدِيثِ اِبْنِ عَبَّاسٍ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ قَالَ : مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَبْرَيْنِ فَقَالَ : إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ الْبَوْلِ الْحَدِيثَ , قَالُوا : فَعَمَّ جِنْسَ الْبَوْلِ وَلَمْ يَخُصَّهُ بِبَوْلِ الْإِنْسَانِ.
وَأُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ بَوْلُ الْإِنْسَانِ لِمَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ بِلَفْظِ : كَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ , قَالَ الْبُخَارِيُّ : وَلَمْ يَذْكُرْ سِوَى بَوْلِ النَّاسِ اِنْتَهَى.
فَالتَّعْرِيفُ فِي الْبَوْلِ لِلْعَهْدِ , قَالَ اِبْنُ بَطَّالٍ أَرَادَ الْبُخَارِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ كَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ الْبَوْلِ بَوْلُ النَّاسِ لَا بَوْلُ سَائِرِ الْحَيَوَانِ فَلَا يَكُونُ فِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْعُمُومِ فِي بَوْلِ جَمِيعِ الْحَيَوَانِ اِنْتَهَى.
قُلْت : وَأُجِيبُ عَنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورِ أَيْضًا بِهَذَا الْجَوَابِ أَعْنِي أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ : اِسْتَنْزِهُوا مِنْ الْبَوْلِ بَوْلُ النَّاسِ لَا بَوْلُ سَائِرِ الْحَيَوَانِ , وَقَدْ ذَكَرْنَا دَلَائِلَ الْفَرِيقَيْنِ مَعَ بَيَانِ مَا لَهَا وَمَا عَلَيْهَا فَتَأَمَّلْ وَتَدَبَّرْ وَعِنْدِي الْقَوْلُ الظَّاهِرُ قَوْلُ مَنْ قَالَ بِطَهَارَةِ بَوْلِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ.
وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ وَقَتَادَةُ وَثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ نَاسًا مِنْ عُرَيْنَةَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ فَاجْتَوَوْهَا فَبَعَثَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِبِلِ الصَّدَقَةِ وَقَالَ اشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا فَقَتَلُوا رَاعِيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتَاقُوا الْإِبِلَ وَارْتَدُّوا عَنْ الْإِسْلَامِ فَأُتِيَ بِهِمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ مِنْ خِلَافٍ وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ وَأَلْقَاهُمْ بِالْحَرَّةِ قَالَ أَنَسٌ فَكُنْتُ أَرَى أَحَدَهُمْ يَكُدُّ الْأَرْضَ بِفِيهِ حَتَّى مَاتُوا وَرُبَّمَا قَالَ حَمَّادٌ يَكْدُمُ الْأَرْضَ بِفِيهِ حَتَّى مَاتُوا قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ أَنَسٍ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالُوا لَا بَأْسَ بِبَوْلِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ
عن محمد بن إبراهيم، عن جده قيس قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقيمت الصلاة، فصليت معه الصبح، ثم انصرف النبي صلى الله عليه وسلم فوجدني أصلي، ف...
عن أبي رافع، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس: «يا عم ألا أصلك، ألا أحبوك، ألا أنفعك»، قال: بلى يا رسول الله، قال: " يا عم، صل أربع ركعات...
عن عباد بن تميم، عن عمه، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج بالناس يستسقي، فصلى بهم ركعتين جهر بالقراءة فيهما، وحول رداءه، ورفع يديه واستسقى، واستقب...
عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى يسأل شسع نعله إذا انقطع»: «هذا حديث غريب» وروى غير واحد هذا الحديث عن ج...
عن صهيب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} [يونس: ٢٦] قال: " إذا دخل أهل الجنة الجنة نادى مناد: إن لكم عند الله موعدا،...
عن ابن عباس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حامل الحسن بن علي على عاتقه فقال رجل: نعم المركب ركبت يا غلام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ونعم...
عن أم سلمة، أن النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ ليلة فقال: «سبحان الله، ماذا أنزل الليلة من الفتنة ماذا أنزل من الخزائن؟ من يوقظ صواحب الحجرات؟ يا رب ك...
عن سليمان بن عمرو بن الأحوص قال: حدثني أبي، أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحمد الله، وأثنى عليه، وذكر، ووعظ، فذكر في الحديث قصة،...
عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا»: هذا حديث صحيح