92- عن كبشة بنت كعب بن مالك وكانت عند ابن أبي قتادة، أن أبا قتادة دخل عليها، قالت: فسكبت له وضوءا، قالت: فجاءت هرة تشرب، فأصغى لها الإناء حتى شربت، قالت كبشة: فرآني أنظر إليه، فقال: أتعجبين يا بنت أخي؟ فقلت: نعم، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنها ليست بنجس، إنما هي من الطوافين عليكم، أو الطوافات»، وفي الباب عن عائشة، وأبي هريرة،: هذا حديث حسن صحيح " وهو قول أكثر العلماء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم: مثل الشافعي، وأحمد، وإسحاق: لم يروا بسؤر الهرة بأسا، وهذا أحسن شيء في هذا الباب «وقد جود مالك هذا الحديث، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، ولم يأت به أحد أتم من مالك»
صحيح
تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: أبو العلا محمد عبد الرحمن المباركفورى (المتوفى: 1353هـ)
قَوْلُهُ : ( نا مَعْنٌ ) هُوَ مَعْنُ بْنُ عِيسَى بْنِ يَحْيَى الْأَشْجَعِيُّ ثِقَةٌ ثَبْتٌ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ هُوَ أَثْبَتُ أَصْحَابِ مَالِكٍ.
( عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ) الْأَنْصَارِيِّ الْمَدَنِيِّ ثِقَةٌ حُجَّةٌ مِنْ رِجَالِ السِّتَّةِ مَاتَ سَنَةَ 132 اِثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ ( عَنْ حُمَيْدَةَ اِبْنَةِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ ) الْأَنْصَارِيَّةِ الْمَدَنِيَّةِ زَوْجِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ وَهِيَ وَالِدَةُ وَلَدِهِ يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ.
مَقْبُولَةٌ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ , قُلْت هِيَ مِنْ التَّابِعِيَّاتِ وَذَكَرَهَا اِبْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ كَمَا فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ ( عَنْ كَبْشَةَ اِبْنَةِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ) زَوْجِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ وَقَالَ اِبْنُ حِبَّانَ لَهَا صُحْبَةٌ ( وَكَانَتْ عِنْدَ اِبْنِ أَبِي قَتَادَةَ ) وَهُوَ الْحَارِثُ بْنُ رِبْعِيٍّ الْأَنْصَارِيُّ فَارِسُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْمُ اِبْنِهِ عَبْدُ اللَّهِ وَالْمَعْنَى كَانَتْ زَوْجَةَ وَلَدِهِ ( أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ دَخَلَ عَلَيْهَا ) أَيْ عَلَى كَبْشَةَ ( قَالَتْ فَسَكَبْت لَهُ وَضُوءًا ) بِضَمِّ التَّاءِ عَلَى الْمُتَكَلِّمِ , وَالْوَضُوءُ بِفَتْحِ الْوَاوِ مَاءُ الْوُضُوءِ أَيْ صَبَبْت لَهُ وَضُوءًا فِي الْإِنَاءِ لِيَتَوَضَّأَ مِنْهُ لِمَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ فَسَكَبْت لَهُ وَضُوءًا فِي إِنَاءٍ قَالَهُ أَبُو الطَّيِّبِ السِّنْدِيُّ , وَفِي الْمِرْقَاةِ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ بِضَمِّ التَّاءِ عَلَى التَّكَلُّمِ وَيَجُوزُ السُّكُونُ عَلَى التَّأْنِيثِ اِنْتَهَى.
قَالَ الْقَارِي : لَكِنْ أَكْثَرُ النَّسْخِ الْحَاضِرَةِ الْمُصَحَّحَةِ بِالتَّأْنِيثِ وَيُؤَيِّدُ الْمُتَكَلِّمَ مَا فِي الْمَصَابِيحِ قَالَتْ فَسَكَبْت اِنْتَهَى.
( فَأَصْغَى ) بَالِغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ أَمَالَ ( لَهَا ) أَيْ الْهِرَّةِ الْإِنَاءَ لِيَسْهُلَ عَلَيْهَا الشُّرْبُ ( فَرَآنِي أَنْظُرُ إِلَيْهِ ) أَيْ فَرَآنِي أَبُو قَتَادَةَ وَالْحَالُ أَنِّي أَنْظُرُ إِلَى شُرْبِ الْهِرَّةِ الْمَاءَ نَظَرَ الْمُنْكِرِ أَوْ الْمُتَعَجِّبِ ( فَقَالَ أَتَعْجَبِينَ ) أَيْ بِشُرْبِهَا مِنْ وَضُوئِي ( يَا اِبْنَةَ أَخِي ) الْمُرَادُ أُخُوَّةَ الْإِسْلَامِ وَمِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ أَنْ يَدْعُوا بِيَا اِبْنَ أَخِي وَيَا اِبْنَ عَمِّي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَخًا أَوْ عَمًّا لَهُ فِي الْحَقِيقَةِ ( إِنَّهَا ) أَيْ الْهِرَّةُ ( لَيْسَتْ بِنَجَسٍ ) .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ ثُمَّ النَّوَوِيُّ ثُمَّ اِبْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ ثُمَّ اِبْنُ سَيِّدِ النَّاسِ : بِفَتْحِ الْجِيمِ مِنْ النَّجَاسَةِ كَذَا فِي زَهْرِ الرُّبَى عَلَى الْمُجْتَبَى وَكَذَا ضَبْطُ السُّيُوطِيِّ فِي قُوتِ الْمُغْتَذِي.
وَقَالَ الْقَارِي فِي الْمِرْقَاةِ وَذَكَرَ الْكَازَرُونِيُّ أَنَّ بَعْضَ الْأَئِمَّةِ قَالَ هُوَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالنَّجَسُ النَّجَاسَةُ فَالتَّقْدِيرُ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِذَاتِ نَجَسٍ , وَفِيمَا سَمِعْنَا وَقَرَأْنَا عَلَى مَشَايِخِنَا هُوَ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَهُوَ الْقِيَاسُ أَيْ لَيْسَتْ بِنَجِسَةٍ وَلَمْ يُلْحِقْ التَّاءَ نَظَرًا إِلَى أَنَّهَا فِي مَعْنَى السِّنَّوْرِ اِنْتَهَى.
( إِنَّمَا هِيَ مِنْ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ ) قَالَ الْبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ : يُحْتَمَلُ أَنَّهُ شَبَّهَهَا بِالْمَمَالِيكِ مِنْ خَدَمِ الْبَيْتِ الَّذِينَ يَطُوفُونَ عَلَى أَهْلِهِ لِلْخِدْمَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى { طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ } وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ شَبَّهَهَا بِمِنْ يَطُوفُونَ لِلْحَاجَةِ يُرِيدُ أَنَّ الْأَجْرَ فِي مُوَاسَاتِهَا كَالْأَجْرِ فِي مُوَاسَاةِ مَنْ يَطُوفُ لِلْحَاجَةِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَوْلُ الْأَكْثَرِ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ أَبِي دَاوُدَ وَقَالَ لَمْ يَذْكُرْ جَمَاعَةٌ سِوَاهُ ( وَالطَّوَّافَاتِ ) شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي كَذَا قَالَهُ اِبْنُ الْمَلَكِ.
وَقَالَ فِي الْأَزْهَارِ يُشَبِّهُ ذُكُورَهَا بِالطَّوَّافِينَ وَإِنَاثَهَا بِالطَّوَّافَاتِ.
وَقَالَ اِبْنُ حَجَرٍ وَلَيْسَتْ لِلشَّكِّ لِوُرُودِهِ بِالْوَاوِ فِي رِوَايَاتٍ أُخَرَ بَلْ لِلتَّنْوِيعِ وَيَكُونُ ذَكَرَ الصِّنْفَيْنِ مِنْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ.
قَوْلُهُ : ( وَفِي الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ ) أَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ صَالِحِ بْنِ دِينَارٍ التَّمَّارِ عَنْ أُمِّهِ أَنَّ مَوْلَاتَهَا أَرْسَلَتْهَا بِهَرِيسَةٍ إِلَى عَائِشَةَ فَوَجَدَتْهَا تُصَلِّي فَأَشَارَتْ إِلَى أَنْ ضَعِيهَا فَجَاءَتْ هِرَّةٌ فَأَكَلَتْ مِنْهَا فَلَمَّا اِنْصَرَفَتْ أَكَلَتْ مِنْ حَيْثُ أَكَلَتْ الْهِرَّةُ فَقَالَتْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ إِنَّمَا هِيَ مِنْ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَقَدْ رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ بِفَضْلِهَا.
قَالَ الْحَافِظُ الزَّيْلَعِيُّ فِي نَصْبِ الرَّايَةِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ مَا لَفْظُهُ.
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ تَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أُمِّهِ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَرَوَى اِبْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ حَارِثَةَ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْت أَتَوَضَّأُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ قَدْ أَصَابَتْ مِنْهُ الْهِرَّةُ قَبْلَ ذَلِكَ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَحَارِثَةُ لَا بَأْسَ بِهِ اِنْتَهَى كَذَا فِي نَصْبِ الرَّايَةِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِلَفْظِ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِي دَارَ قَوْمٍ مِنْ الْأَنْصَارِ وَدُونَهُمْ دَارٌ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ تَأْتِي دَارَ فُلَانٍ وَلَا تَأْتِي دَارَنَا فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِأَنَّ فِي دَارِكُمْ كَلْبًا قَالُوا فَإِنَّ فِي دَارِهِمْ سِنَّوْرًا فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : السِّنَّوْرُ سَبُعٌ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مُخْتَصَرًا بِلَفْظِ : السِّنَّوْرُ سَبُعٌ.
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مَسَانِيدِهِمْ الْهِرُّ سَبُعٌ وَفِي أَسَانِيدِ جَمِيعِ هَؤُلَاءِ عِيسَى بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَلَيْهِ مَدَارُ جَمِيعِ طُرُقِ الْحَدِيثِ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وَقَدْ ذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ طُرُقَ هَذَا الْحَدِيثِ مَعَ الْكَلَامِ عَلَى عِيسَى بْنِ الْمُسَيَّبِ مَنْ شَاءَ الِاطِّلَاعَ عَلَيْهِ فَلْيَرْجِعْ إِلَيْهِ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَرْضٍ بِالْمَدِينَةِ يُقَالُ لَهَا بَطْحَانُ فَقَالَ يَا أَنَسُ اُسْكُبْ لِي وَضُوءً فَسَكَبْت لَهُ فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاجَتَهُ أَقْبَلَ إِلَى الْإِنَاءِ وَقَدْ أَتَى هِرٌّ فَوَلَغَ فِي الْإِنَاءِ فَوَقَفَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقْفَةً حَتَّى شَرِبَ الْهِرُّ ثُمَّ سَأَلْته فَقَالَ يَا أَنَسُ إِنَّ الْهِرَّ مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ لَنْ يُقَذِّرَ شَيْئًا وَلَنْ يُنَجِّسَهُ , كَذَا فِي نَصْبِ الرَّايَةِ.
قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ) وَأَخْرَجَهُ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارِمِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيُّ قَالَ الْحَافِظُ فِي بُلُوغِ الْمَرَامِ صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ وَصَحَّحَهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالْعَقِيلِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ.
قَوْلُهُ : ( وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِثْلَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ لَمْ يَرَوْا بِسُؤْرِ الْهِرَّةِ بَأْسًا ) يَعْنِي أَنَّ سُؤْرَ الْهِرَّةِ طَاهِرٌ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ عِنْدَ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَاللَّيْثِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَالثَّوْرِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَعَلْقَمَةَ وَإِبْرَاهِيمَ وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ وَالْحَسَنِ فِيمَا رَوَى عَنْهُ الْأَشْعَثُ وَالثَّوْرِيِّ فِيمَا رَوَى عَنْهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ كَذَا ذَكَرَهُ الْحَافِظُ اِبْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَبِهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ حَكَاهُ الْعَيْنِيُّ وَالطَّحَاوِيُّ.
وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ ذَكَرَهُ الزَّاهِدِيُّ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الْقُدُورِيِّ وَالطَّحَاوِيِّ كَذَا فِي التَّعْلِيقِ الْمُمَجَّدِ.
وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ إِنَّ سُؤْرَ الْهِرَّةِ طَاهِرٌ مَعَ الْكَرَاهَةِ.
وَاحْتَجَّ الْأَوَّلُونَ بِأَحَادِيثِ الْبَابِ وَقَوْلُهُمْ هُوَ الْحَقُّ وَالصَّوَابُ.
وَاحْتَجَّ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّ أَحَادِيثَ الْبَابِ تَدُلُّ عَلَى طَهَارَتِهِ وَالْأَمْرُ بِغَسْلِ الْإِنَاءِ بِوُلُوغِ الْهِرَّةِ وَكَذَلِكَ كَوْنُهَا سَبُعًا يَدُلُّ بِظَاهِرِهِ عَلَى نَجَاسَتِهِ فَأَثْبَتُوا حُكْمَ الْكَرَاهَةِ عَمَلًا بِهِمَا.
وَرُدَّ اِحْتِجَاجُهُمْ هَذَا بِأَنَّ الْأَمْرَ بِغَسْلِ الْإِنَاءِ بِوُلُوغِ الْهِرَّةِ لَمْ يَثْبُتْ , وَأَمَّا مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ الْمُتَقَدِّمِ مِنْ الْأَمْرِ بِغَسْلِ الْإِنَاءِ بِوُلُوغِ الْهِرَّةِ بِلَفْظِ وَإِذَا وَلَغَتْ فِيهِ الْهِرَّةُ غُسِلَ مَرَّةً فَقَدْ عَرَفْت أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ هُوَ مُدْرَجٌ.
وَقَالَ الْقَارِي فِي الْمِرْقَاةِ بَعْدَ ذِكْرِ بَعْضِ أَحَادِيثِ الْبَابِ مَا لَفْظُهُ : وَأَمَّا خَبَرُ يُغْسَلُ الْإِنَاءُ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ سَبْعًا وَمِنْ وُلُوغِ الْهِرَّةِ مَرَّةً فَمُدْرَجٌ مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ كَمَا بَيَّنَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَإِنْ خَفِيَ عَلَى الطَّحَاوِيِّ , وَلِذَا قَالَ سُؤْرُ الْهِرَّةِ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ , قَالَ وَأَمَّا مَا اُشْتُهِرَ بَيْنَ النَّاسِ مِنْ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَطَعَ ذَيْلَ ثَوْبِهِ الَّذِي رَقَدَتْ عَلَيْهِ هِرَّةٌ فَلَا أَصْلَ لَهُ اِنْتَهَى.
فَأَمَّا كَوْنُهَا سَبُعًا فَلَمْ يَثْبُتْ بِحَدِيثٍ صَحِيحٍ وَمَا جَاءَ فِيهِ فَهُوَ ضَعِيفٌ لَا يُقَاوِمُ الْأَحَادِيثَ الَّتِي هِيَ نُصُوصٌ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ الْهِرَّةَ لَيْسَتْ بِنَجِسَةٍ.
عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهَا سَبُعًا أَنْ تَكُونَ نَجِسَةً قَالَ الْقَاضِي الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ : حَدِيثُ الْبَابِ مُصَرِّحٌ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ فَيُخَصَّصُ بِهِ عُمُومُ حَدِيثِ السِّبَاعِ بَعْدَ تَسْلِيمِ وُرُودِ مَا يَقْضِي بِنَجَاسَةِ السِّبَاعِ وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْحُكْمِ عَلَيْهَا بِالسَّبُعِيَّةِ فَلَا يَسْتَلْزِمُ أَنَّهَا نَجَسٌ إِذْ لَا مُلَازَمَةَ بَيْنَ النَّجَاسَةِ وَالسَّبُعِيَّةِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ أَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْحِيَاضِ الَّتِي تَكُونُ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَقِيلَ إِنَّ الْكِلَابَ وَالسِّبَاعَ تَرِدُ عَلَيْهَا فَقَالَ : لَهَا مَا أَخَذَتْ فِي بُطُونِهَا وَلَنَا مَا بَقِيَ شَرَابٌ وَطَهُورٌ , وَأَخْرَجَ الشَّافِعِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ وَقَالَ لَهُ أَسَانِيدُ إِذَا ضُمَّ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ كَانَتْ قَوِيَّةً بِلَفْظِ : أَنَتَوَضَّأُ بِمَا أَفْضَلَتْ الْحُمُرُ قَالَ نَعَمْ وَبِمَا أَفْضَلَتْ السِّبَاعُ كُلُّهَا , وَأَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ اِبْنِ عُمَرَ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ فَسَارَ لَيْلًا فَمَرُّوا عَلَى رَجُلٍ جَالِسٍ عِنْدَ مَقْرَاةٍ لَهُ وَهِيَ الْحَوْضُ الَّذِي يَجْتَمِعُ فِيهِ الْمَاءُ فَقَالَ عُمَرُ أَوَلَغَتْ السِّبَاعُ عَلَيْك اللَّيْلَةَ فِي مَقَرَّاتِك فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا صَاحِبَ الْمَقْرَاةِ لَا تُخْبِرْهُ هَذَا مُتَكَلِّفٌ لَهَا مَا حَمَلَتْ فِي بُطُونِهَا وَلَنَا مَا بَقِيَ شَرَابٌ وَطَهُورٌ , هَذِهِ الْأَحَادِيثُ مُصَرِّحَةٌ بِطَهَارَةِ مَا أَفْضَلَتْ السِّبَاعُ اِنْتَهَى مَا فِي النَّيْلِ.
فَائِدَةٌ : قَالَ الْعُلَمَاءُ يُسْتَحَبُّ اِتِّخَاذُ الْهِرَّةِ وَتَرْبِيَتُهَا أَخْذًا مِنْ الْأَحَادِيثِ , وَأَمَّا حَدِيثُ حُبُّ الْهِرَّةِ مِنْ الْإِيمَانِ فَمَوْضُوعٌ عَلَى مَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ كَالصَّغَانِيِّ , ذَكَرَهُ الْقَارِي.
قَوْلُهُ : ( قَدْ جَوَّدَ مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ) أَيْ صَحَّحَهُ وَجَعَلَهُ جَيِّدًا , قَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِي نَصْبِ الرَّايَةِ.
رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَقَالَ وَقَدْ صَحَّحَ مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ وَاحْتَجَّ بِهِ فِي مُوَطَّئِهِ وَقَدْ شَهِدَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ لِمَالِكٍ أَنَّهُ الْحَكَمُ فِي حَدِيثِ الْمَدَنِيِّينَ فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إِلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي طَهَارَةِ الْهِرَّةِ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْإِمَامِ وَرَوَاهُ اِبْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ مِنْدَهْ فِي صَحِيحَيْهِمَا وَلَكِنَّ اِبْنَ مِنْدَهْ قَالَ وَحُمَيْدَةُ وَخَالَتُهَا كَبْشَةُ لَا يُعْرَفُ لَهُمَا رِوَايَةٌ إِلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمَحَلُّهُمَا مَحَلُّ الْجَهَالَةِ وَلَا يَثْبُتُ هَذَا الْخَبَرُ مِنْ وَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ.
قَالَهُ الشَّيْخُ وَإِذَا لَمْ يُعْرَفْ حَالُهُمَا إِلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَلَعَلَّ طَرِيقَ مَنْ صَحَّحَهُ أَنْ يَكُونَ اِعْتَمَدَ عَلَى إِخْرَاجِ مَالِكٍ لِرِوَايَتِهِمَا مَعَ شُهْرَتِهِ بِالتَّثْبِيتِ اِنْتَهَى مَا فِي نَصْبِ الرَّايَةِ , وَقَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ بَعْدَ ذِكْرِ قَوْلِ اِبْنِ مِنْدَهْ مُتَعَقِّبًا عَلَيْهِ : فَأَمَّا قَوْلُهُ لَا يُعْرَفُ لَهُمَا إِلَّا هَذَا الْحَدِيثُ فَمُتَعَقَّبٌ بِأَنَّ لِحُمَيْدَةَ حَدِيثًا آخَرَ فِي تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَلَهَا ثَالِثٌ رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمَعْرِفَةِ وَأَمَّا حَالُهُمَا فَحُمَيْدَةُ رَوَى عَنْهَا مَعَ إِسْحَاقَ اِبْنُهُ يَحْيَى وَهُوَ ثِقَةٌ عِنْدَ اِبْنِ مَعِينٍ وَأَمَّا كَبْشَةُ فَقِيلَ إِنَّهَا صَحَابِيَّةٌ فَإِنْ ثَبَتَ فَلَا يَضُرُّ الْجَهْلُ بِحَالِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ اِنْتَهَى.
قُلْت قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ حُمَيْدَةَ ذَكَرَهَا اِبْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَقَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ مَقْبُولَةٌ , وَأَمَّا كَبْشَةُ فَقَالَ اِبْنُ حِبَّانَ لَهَا صُحْبَةٌ وَتَبِعَهُ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ وَأَبُو مُوسَى كَمَا فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ وَقَدْ صَحَّحَ الْحَدِيثَ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُمْ كَمَا عَرَفْت , فَقَوْلُ مَنْ عَرَفَ مُقَدَّمٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَعْرِفْ.
حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ حَدَّثَنَا مَعْنٌ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ إِسْحَقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ حُمَيْدَةَ بِنْتِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ كَبْشَةَ بِنْتِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَكَانَتْ عِنْدَ ابْنِ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ دَخَلَ عَلَيْهَا قَالَتْ فَسَكَبْتُ لَهُ وَضُوءًا قَالَتْ فَجَاءَتْ هِرَّةٌ تَشْرَبُ فَأَصْغَى لَهَا الْإِنَاءَ حَتَّى شَرِبَتْ قَالَتْ كَبْشَةُ فَرَآنِي أَنْظُرُ إِلَيْهِ فَقَالَ أَتَعْجَبِينَ يَا بِنْتَ أَخِي فَقُلْتُ نَعَمْ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ إِنَّمَا هِيَ مِنْ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ أَوْ الطَّوَّافَاتِ وَقَدْ رَوَى بَعْضُهُمْ عَنْ مَالِكٍ وَكَانَتْ عِنْدَ أَبِي قَتَادَةَ وَالصَّحِيحُ ابْنُ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ وَفِي الْبَاب عَنْ عَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِثْلِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَقَ لَمْ يَرَوْا بِسُؤْرِ الْهِرَّةِ بَأْسًا وَهَذَا أَحَسَنُ شَيْءٍ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَدْ جَوَّدَ مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ إِسْحَقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ أَحَدٌ أَتَمَّ مِنْ مَالِكٍ
عن يعلى بن مرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا، حسين سبط من الأسباط»: «هذا حديث حسن، وإنما نعرفه...
عن عائشة، قالت: «ما غرت على أحد من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة وما بي أن أكون أدركتها، وما ذلك إلا لكثرة ذكر رسول الله صلى الله عل...
حدثنا نصر بن علي حدثنا عبد الوهاب الثقفي حدثنا أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا ا...
عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الطواف حول البيت مثل الصلاة، إلا أنكم تتكلمون فيه، فمن تكلم فيه فلا يتكلمن إلا بخير»: وقد روي هذا الحدي...
عن أبي ذر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يمسح الحصى، فإن الرحمة تواجهه»، وفي الباب عن معيقيب، وعلي بن أبي طالب، وحذيف...
بهذا الإسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " عرض علي ربي ليجعل لي بطحاء مكة ذهبا، قلت: لا يا رب ولكن أشبع يوما وأجوع يوما - أو قال ثلاثا أو نحو هذ...
عن أبي سلمة، قال: اشتكى أبو الرداد فعاده عبد الرحمن بن عوف فقال: خيرهم وأوصلهم ما علمت أبا محمد، فقال عبد الرحمن: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يق...
عن ابن أبي المعلى، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب يوما فقال: «إن رجلا خيره ربه بين أن يعيش في الدنيا ما شاء أن يعيش ويأكل في الدنيا ما ش...
عن أبي سعيد الخدري، قال: «استأذنا النبي صلى الله عليه وسلم في الكتابة فلم يأذن لنا»: «وقد روي هذا الحديث من غير هذا الوجه أيضا عن زيد بن أسلم» رواه هم...