104- عن عائشة، قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يغتسل من الجنابة: بدأ فغسل يديه قبل أن يدخلهما الإناء، ثم غسل فرجه، ويتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يشرب شعره الماء، ثم يحثي على رأسه ثلاث حثيات «، هذا حديث حسن صحيح» وهو الذي اختاره أهل العلم في الغسل من الجنابة، أنه يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يفرغ على رأسه ثلاث مرات، ثم يفيض الماء على سائر جسده، ثم يغسل قدميه، والعمل على هذا عند أهل العلم، وقالوا: إن انغمس الجنب في الماء ولم يتوضأ أجزأه، وهو قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق "
صحيح
تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: أبو العلا محمد عبد الرحمن المباركفورى (المتوفى: 1353هـ)
قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ) هُوَ اِبْنُ عُيَيْنَةَ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ عِبَارَةِ الْحَافِظِ الْآتِيَةِ ( إِذَا أَرَادَ أَنْ يَغْتَسِلَ مِنْ الْجَنَابَةِ ) أَيْ مِنْ أَجْلِ رَفْعِهَا أَوْ بِسَبَبِ حُدُوثِهَا ( بَدَأَ يَغْسِلُ يَدَيْهِ ) وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ فَغَسَلَ يَدَيْهِ.
قَالَ الْحَافِظُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ غُسْلُهُمَا لِلتَّنْظِيفِ مِمَّا بِهِمَا مِنْ مُسْتَقْذَرٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْغُسْلُ الْمَشْرُوعُ عِنْدَ الْقِيَامِ مِنْ النَّوْمِ , وَيَدُلُّ عَلَيْهِ زِيَادَةُ اِبْنِ عُيَيْنَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهُمَا فِي الْإِنَاءِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ , وَزَادَ أَيْضًا ثُمَّ يَغْسِلُ فَرْجَهُ اِنْتَهَى.
قُلْت رِوَايَةُ التِّرْمِذِيِّ وَاَلَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا الْحَافِظُ هِيَ هَذِهِ الَّتِي نَحْنُ فِي شَرْحِهَا وَظَهَرَ مِنْ كَلَامِ الْحَافِظِ هَذَا أَنَّ سُفْيَانَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ هُوَ اِبْنُ عُيَيْنَةَ ( ثُمَّ يَغْسِلُ ) , وَفِي النُّسْخَةِ الْقَلَمِيَّةِ , ثُمَّ غَسَلَ ( ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ ) بِالنَّصْبِ , أَيْ كَوُضُوئِهِ لِلصَّلَاةِ , ( ثُمَّ يُشَرِّبُ ) مِنْ التَّشْرِيبِ أَوْ الْإِشْرَابِ ( شَعْرَهُ ) بِالنَّصْبِ ( الْمَاءَ ) بِالنَّصْبِ أَيْضًا وَهُمَا مَفْعُولَانِ لِيُشَرِّبَ : أَيْ يَسْقِيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَعْرَهُ الْمُبَارَكَ الْمَاءَ , قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبِحَارِ : تَشْرِيبُهُ بَلُّ جَمِيعِهِ بِالْمَاءِ اِنْتَهَى.
وَقَالَ اِبْنُ الْعَرَبِيِّ فِي الْعَارِضَةِ : قَوْلُهُ يُشَرِّبُ شَعْرَهُ الْمَاءَ يَعْنِي يَسْقِيهِ , كَقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمْ الْعِجْلَ } أَيْ سَقَى فِي قُلُوبِهِمْ حُبَّهُ , قَالَ : مَعْنَاهُ يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ فَيَسْرِي إِلَى مَدَاخِلِهِ , كَسَرَيَانِهِ إِلَى بَوَاطِنِ الْبَدَنِ , شَبَّهَهُ بِهِ وَسَمَّاهُ شَرَابًا لِأَجْلِهِ , وَهَذَا مَجَازٌ بَدِيعٌ اِنْتَهَى.
( وَفِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ ) ثُمَّ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي الْمَاءِ فَيُخَلِّلُ بِهَا أُصُولَ شَعْرِهِ ( ثُمَّ يَحْثِي عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ ) أَيْ ثَلَاثَ غَرَفٍ بِيَدَيْهِ ; وَاحِدُهَا حَثْيَةٌ , قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ , وَالْمَعْنَى يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ غَرَفٍ بِيَدَيْهِ , وَفِي رِوَايَةٍ لِلشَّيْخَيْنِ ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ غَرْفَاتٍ بِيَدَيْهِ.
قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا قَوْلُهُ : ( ثُمَّ يُفْرِغُ ) مِنْ الْإِفْرَاغِ وَهُوَ الصَّبُّ ( ثُمَّ يُفِيضُ ) مِنْ الْإِفَاضَةِ وَهُوَ الْإِسَالَةُ ( وَقَالُوا إِنْ اِنْغَمَسَ الْجُنُبُ فِي الْمَاءِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ أَجْزَأَهُ ) يَعْنِي الْوُضُوءُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ ( وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ ) وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ , قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى الْغُسْلَ مُطْلَقًا لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ شَيْئًا يَبْدَأُ بِهِ قَبْلَ شَيْءٍ فَكَيْفَمَا جَاءَ بِهِ الْمُغْتَسِلُ أَجْزَأَهُ إِذَا أَتَى بِغُسْلِ جَمِيعِ بَدَنِهِ , وَالِاحْتِيَاطُ فِي الْغُسْلِ مَا رَوَتْ عَائِشَةُ , ثُمَّ حَدِيثُ عَائِشَةَ عَنْ مَالِكٍ بِسَنَدِهِ قَالَ اِبْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : هُوَ أَحْسَنُ حَدِيثٍ رُوِيَ فِي ذَلِكَ ; فَإِنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ قَبْلَ الْغُسْلِ وَلَكِنْ عَمَّ جَسَدَهُ وَرَأْسَهُ وَنَوَاهُ فَقَدْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ بِلَا خِلَافٍ , لَكِنَّهُمْ مُجْمِعُونَ عَلَى اِسْتِحْبَابِ الْوُضُوءِ قَبْلَ الْغُسْلِ , كَذَا ذَكَرَهُ الزُّرْقَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمُوَطَّأِ.
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ : نَقَلَ اِبْنُ بَطَّالٍ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ لَا يَجِبُ مَعَ الْغُسْلِ , وَهُوَ مَرْدُودٌ فَقَدْ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ وَغَيْرُهُمَا إِلَى أَنَّ الْغُسْلَ لَا يَنُوبُ عَنْ الْوُضُوءِ لِلْمُحْدِثِ اِنْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ , وَقَالَ اِبْنُ الْعَرَبِيِّ فِي الْعَارِضَةِ : قَالَ أَبُو ثَوْرٍ : يَلْزَمُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ , كَمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَعَنْهُ ثَلَاثَةُ أَجْوِبَةٍ الْأَوَّلُ : أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِجَمْعٍ كَمَا بَيَّنَّاهُ وَإِنَّمَا هُوَ غُسْلٌ كُلُّهُ.
الثَّانِي : أَنَّهُ إِنْ كَانَ جَمْعٌ بَيْنَهُمَا فَإِنَّمَا ذَلِكَ اِسْتِحْبَابٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : { حَتَّى تَغْتَسِلُوا } , وَقَوْلِهِ { وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَرُوا } , فَهَذَا هُوَ الْفَرْضُ الْمُلْزَمُ وَالْبَيَانُ الْمُكَمِّلُ وَمَا جَاءَ مِنْ بَيَانِ هَيْئَتِهِ لَمْ يَكُنْ بَيَانًا لِمُجْمَلٍ وَاجِبٍ فَيَكُونُ وَاجِبًا , وَإِنَّمَا كَانَ إِيضَاحًا لِسُنَّةٍ.
الثَّالِثُ : أَنَّ سَائِرَ الْأَحَادِيثِ لَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ الْوُضُوءِ , وَمِنْهَا مَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمِّ سَلَمَةَ إِذْ قَالَتْ لَهُ إِنِّي اِمْرَأَةٌ أَشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِي فَأَنْقُضُهُ لِلْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ , فَقَالَ لَهَا : إِنَّمَا يَكْفِيكِ أَنْ تَحْثِي عَلَى رَأْسِك ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ مِنْ مَاءٍ , ثُمَّ تَضْغَثِيهِ , ثُمَّ تُفِيضِينَ عَلَى جَسَدِك الْمَاءَ فَإِذَا أَنْتِ قَدْ طَهُرْت اِنْتَهَى كَلَامُ اِبْنِ الْعَرَبِيِّ.
قُلْت : فِي كُلٍّ مِنْ الْأَجْوِبَةِ الثَّلَاثَةِ عِنْدِي نَظَرٌ.
أَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَإِنَّ ظَاهِرَ حَدِيثِ مَيْمُونَةَ وَحَدِيثِ عَائِشَةَ هُوَ الْجَمْعُ كَمَا عَرَفْت , أَمَّا فِي الثَّانِي فَلِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { حَتَّى تَغْتَسِلُوا } هُوَ الِاغْتِسَالُ الشَّرْعِيُّ الَّذِي ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ , وَكَذَا الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { فَاطَّهَرُوا } هُوَ التَّطَهُّرُ الشَّرْعِيُّ , وَأَمَّا فِي الثَّالِثِ فَلِأَنَّ عَدَمَ ذِكْرِ الْوُضُوءِ فِي بَعْضِ أَحَادِيثِ غُسْلِ الْجَنَابَةِ لَيْسَ بِدَلِيلٍ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ , كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ.
هَذَا مَا عِنْدِي وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَغْتَسِلَ مِنْ الْجَنَابَةِ بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهُمَا الْإِنَاءَ ثُمَّ غَسَلَ فَرْجَهُ وَيَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ يُشَرِّبُ شَعْرَهُ الْمَاءَ ثُمَّ يَحْثِي عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ يُفْرِغُ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ ثُمَّ يَغْسِلُ قَدَمَيْهِ وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَالُوا إِنْ انْغَمَسَ الْجُنُبُ فِي الْمَاءِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ أَجْزَأَهُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَقَ
عن أم سلمة، قالت: قلت: يا رسول الله، إني امرأة أشد ضفر رأسي، أفأنقضه لغسل الجنابة؟ قال: «لا إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات من ماء، ثم تفيضي عل...
عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تحت كل شعرة جنابة، فاغسلوا الشعر، وأنقوا البشر»، وفي الباب عن علي، وأنس، حديث الحارث بن وجيه حديث غريب...
عن عائشة، «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يتوضأ بعد الغسل»، هذا حديث حسن صحيح، وهذا قول غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والتابعين: أن...
عن عائشة، قالت: «إذا جاوز الختان الختان وجب الغسل، فعلته أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم فاغتسلنا»، وفي الباب عن أبي هريرة، وعبد الله بن عمرو، ورافع...
عن عائشة، قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا جاوز الختان الختان وجب الغسل»،: حديث عائشة حديث حسن صحيح، وقد روي هذا الحديث عن عائشة عن النبي صلى...
عن أبي بن كعب، قال: «إنما كان الماء من الماء رخصة في أول الإسلام، ثم نهي عنها»، 111- عن الزهري بهذا الإسناد مثله، هذا حديث حسن صحيح، وإنما كان الماء م...
عن ابن عباس، قال: «إنما الماء من الماء في الاحتلام»، سمعت الجارود، يقول: سمعت وكيعا، يقول: «لم نجد هذا الحديث إلا عند شريك».<br> وأبو الجحاف اسمه داود...
عن عائشة، قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجد البلل ولا يذكر احتلاما؟ قال: «يغتسل»، وعن الرجل يرى أنه قد احتلم ولم يجد بللا؟ قال: «لا...
عن علي، قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن المذي، فقال: «من المذي الوضوء، ومن المني الغسل»، وفي الباب عن المقداد بن الأسود، وأبي بن كعب، هذا حديث ح...