حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

أمره بالتيمم للوجه والكفين - سنن الترمذي

سنن الترمذي | أبواب الطهارة باب ما جاء في التيمم (حديث رقم: 144 )


144- عن عمار بن ياسر، «أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بالتيمم للوجه والكفين»، وفي الباب عن عائشة، وابن عباس، " حديث عمار حديث حسن صحيح، وقد روي عن عمار من غير وجه، وهو قول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم: علي، وعمار، وابن عباس، وغير واحد من التابعين، منهم: الشعبي، وعطاء، ومكحول قالوا: التيمم ضربة للوجه والكفين، وبه يقول أحمد، وإسحاق، وقال بعض أهل العلم منهم: ابن عمر، وجابر، وإبراهيم، والحسن قالوا: التيمم ضربة للوجه، وضربة لليدين إلى المرفقين، وبه يقول سفيان، ومالك، وابن المبارك، والشافعي، وقد روي هذا الحديث عن عمار في التيمم أنه قال: للوجه والكفين من غير وجه " وقد روي عن عمار أنه قال: «تيممنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المناكب والآباط» فضعف بعض أهل العلم حديث عمار، عن النبي صلى الله عليه وسلم في التيمم للوجه والكفين لما روي عنه حديث المناكب والآباط، قال إسحاق بن إبراهيم: حديث عمار في التيمم للوجه والكفين هو حديث صحيح، وحديث عمار: تيممنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المناكب والآباط ليس هو بمخالف لحديث الوجه والكفين، لأن عمارا لم يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بذلك، وإنما قال: فعلنا كذا وكذا، فلما سأل النبي صلى الله عليه وسلم أمره بالوجه والكفين، والدليل على ذلك ما أفتى به عمار بعد النبي صلى الله عليه وسلم في التيمم أنه قال: الوجه والكفين، ففي هذا دلالة أنه انتهى إلى ما علمه النبي صلى الله عليه وسلم

أخرجه الترمذي


صحيح

شرح حديث (أمره بالتيمم للوجه والكفين)

تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: أبو العلا محمد عبد الرحمن المباركفورى (المتوفى: 1353هـ)

‏ ‏قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الْفَلَّاسُ ) ‏ ‏الصَّيْرَفِيُّ الْبَاهِلِيُّ الْبَصْرِيُّ ثِقَةٌ حَافِظٌ , رَوَى عَنْهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ وَغَيْرُهُمْ مَاتَ سَنَةَ 249 تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ ‏ ‏( نَا سَعِيدٌ ) ‏ ‏هُوَ اِبْنُ أَبِي عَرُوبَةَ ثِقَةٌ حَافِظٌ وَكَانَ مِنْ أَثْبَتِ النَّاسِ فِي قَتَادَةَ ‏ ‏( عَنْ عَزْرَةَ ) ‏ ‏بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الزَّايِ الْمُعْجَمَةِ هُوَ اِبْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زُرَارَةَ الْخُزَاعِيُّ الْكُوفِيُّ شَيْخٌ لِقَتَادَةَ ثِقَةٌ ‏ ‏( عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى ) ‏ ‏الْخُزَاعِيُّ مَوْلَاهُمْ الْكُوفِيُّ وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ ‏ ‏( عَنْ أَبِيهِ ) ‏ ‏أَيْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَبِالزَّايِ مَقْصُورًا صَحَابِيٌّ صَغِيرٌ قَالَهُ الْحَافِظُ ‏ ‏( عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ ) ‏ ‏صَحَابِيٌّ جَلِيلٌ مَشْهُورٌ مِنْ الْمُسَابِقِينَ الْأَوَّلِينَ بَدْرِيٌّ قُتِلَ مَعَ عَلِيٍّ بِصِفِّينَ 37 سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( أَمَرَهُ بِالتَّيَمُّمِ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ ) ‏ ‏وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ سَأَلْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ التَّيَمُّمِ فَأَمَرَنِي ضَرْبَةً وَاحِدَةً لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ , وَفِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ إِنَّمَا يَكْفِيك أَنْ تَقُولَ بِيَدَيْك هَكَذَا , ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ الْأَرْضَ ضَرْبَةً وَاحِدَةً , ثُمَّ مَسَحَ الشِّمَالَ عَلَى الْيَمِينِ , وَظَاهِرَ كَفِيهِ.
وَوَجْهَهُ , وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ ضَرْبَةٌ وَاحِدَةٌ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ عَطَاءٌ وَمَكْحُولٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ , قَالَ فِي الْفَتْحِ وَنَقَلَهُ اِبْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَاخْتَارَهُ , وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ كَذَا فِي النَّيْلِ.
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي صِفَةِ التَّيَمُّمِ لَمْ يَصِحَّ مِنْهَا سِوَى حَدِيثِ أَبِي جُهَيْمٍ وَعَمَّارٍ وَمَا عَدَاهُمَا فَضَعِيفٌ وَمُخْتَلَفٌ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ وَالرَّاجِحُ عَدَمُ رَفْعِهِ , فَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي جُهَيْمٍ فَوَرَدَ بِذِكْرِ الْيَدَيْنِ مُجْمَلًا وَأَمَّا حَدِيثُ عَمَّارٍ فَوَرَدَ بِذِكْرِ الْكَفَّيْنِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَبِذِكْرِ الْمِرْفَقَيْنِ فِي السُّنَنِ , وَفِي رِوَايَةٍ إِلَى نِصْفِ الذِّرَاعِ وَفِي رِوَايَةٍ إِلَى الْآبَاطِ , فَأَمَّا رِوَايَةُ الْمِرْفَقَيْنِ وَكَذَا نِصْفُ الذِّرَاعِ فَفِيهِمَا مَقَالٌ.
وَأَمَّا رِوَايَةُ الْآبَاطِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ إِنْ كَانَ وَقَعَ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكُلُّ تَيَمُّمٍ صَحَّ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَهُ فَهُوَ نَاسِخٌ وَإِنْ كَانَ وَقَعَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَالْحُجَّةُ فِيمَا أَمَرَهُ بِهِ , وَمِمَّا يُقَوِّي رِوَايَةَ الصَّحِيحَيْنِ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ كَوْنُ عَمَّارٍ كَانَ يُفْتِي بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ , وَرَاوِي الْحَدِيثِ أَعْرَفُ بِالْمُرَادِ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا سِيَّمَا الصَّحَابِيُّ الْمُجْتَهِدُ اِنْتَهَى.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( وَفِي الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ ) ‏ ‏أَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَأَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي التَّيَمُّمِ : ضَرْبَتَانِ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ , وَفِيهِ الْحَرِيشُ بْنُ الْخِرِّيتِ ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو زُرْعَةَ وَالْبُخَارِيُّ كَذَا فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ.
وَذَكَرَهُ الْحَافِظُ الزَّيْلَعِيُّ فِي نَصْبِ الرَّايَةِ بِإِسْنَادِهِ ثُمَّ قَالَ قَالَ الْبَزَّارُ لَا نَعْلَمُهُ يَرْوِي عَنْ عَائِشَةَ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَالْحَرِيشُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ أَخُو الزُّبَيْرِ بْنِ الْخِرِّيتِ.
اِنْتَهَى وَرَوَاهُ اِبْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ وَأَسْنَدَهُ عَنْ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ حَرِيشُ بْنُ الْخِرِّيتِ فِيهِ نَظَرٌ قَالَ وَأَنَا لَا أَعْرِفُ حَالَهُ فَإِنِّي لَمْ أَعْتَبِرْ حَدِيثَهُ اِنْتَهَى كَلَامُهُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ اِبْنِ عَبَّاسٍ فَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ وَالطَّبَرَانِيُّ.
كَذَا فِي شَرْحِ سِرَاجِ أَحْمَدَ ‏ ‏قَوْلُهُ : ( حَدِيثُ عَمَّارٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ) ‏ ‏وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَسَكَتَ عَنْهُ هُوَ وَالْمُنْذِرِيُّ , وَرَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ بَعَثَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَاجَةٍ فَأَجْنَبْت فَلَمْ أَجِدْ الْمَاءَ فَتَمَرَّغْت فِي الصَّعِيدِ كَمَا تَمَرَّغُ الدَّابَّةُ ثُمَّ أَتَيْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْت ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ : إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيك أَنْ تَقُولَ بِيَدَيْك هَكَذَا ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ الْأَرْضَ ضَرْبَةً وَاحِدَةً ثُمَّ مَسَحَ الشِّمَالَ عَلَى الْيَمِينِ , وَظَاهِرَ كَفِيهِ وَوَجْهَهُ وَهَذَا اللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ وَضَرَبَ بِكَفَّيْهِ الْأَرْضَ نَفَخَ فِيهِمَا ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( وَهُوَ قَوْلُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ عَلِيٌّ عَمَّارٌ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ التَّابِعِينَ مِنْهُمْ الشَّعْبِيُّ وَعَطَاءٌ وَمَكْحُولٌ قَالُوا التَّيَمُّمُ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَبِهِ يَقُولُ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ ) ‏ ‏قَالَ اِبْنُ قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي : الْمَسْنُونُ عِنْدَ أَحْمَدَ التَّيَمُّمُ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ.
فَإِنْ تَيَمَّمَ بِضَرْبَتَيْنِ جَازَ.
قَالَ الْأَثْرَمُ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ التَّيَمُّمُ ضَرْبَةٌ وَاحِدَةٌ , فَقَالَ نَعَمْ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ , وَمَنْ قَالَ بِضَرْبَتَيْنِ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ زَادَهُ اِنْتَهَى.
وَقَدْ عَرَفْت فِيمَا مَرَّ آنِفًا أَنَّ الْحَافِظَ قَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي الِاكْتِفَاءُ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ نَقَلَهُ اِبْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَاخْتَارَهُ اِنْتَهَى.
وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ : وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ اِنْتَهَى.
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثِ عَمَّارٍ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ وَبِحَدِيثِهِ الْمَرْوِيِّ فِي الصَّحِيحَيْنِ الَّذِي ذَكَرْنَا لَفْظَهُ ‏ ‏( وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ اِبْنُ عَمْرٍو جَابِرٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَالْحَسَنُ التَّيَمُّمُ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَبِهِ يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيُّ ) ‏ ‏وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ.
وَاسْتَدَلُّوا بِأَحَادِيثَ لَا يَخْلُو وَاحِدٌ مِنْهَا مِنْ الْمَقَالِ.
‏ ‏فَمِنْهَا : حَدِيثُ اِبْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ , رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
وَفِيهِ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ , قَالَ الْحَافِظُ فِي بُلُوغِ الْمَرَامِ صَحَّحَ الْأَئِمَّةُ وَقْفَهُ.
‏ ‏وَمِنْهَا : حَدِيثُ عَمَّارٍ قَالَ كُنْت فِي الْقَوْمِ حِينَ نَزَلَتْ الرُّخْصَةُ فِي الْمَسْحِ بِالتُّرَابِ إِذَا لَمْ نَجِدْ الْمَاءَ فَأُمِرْنَا فَضَرَبْنَا وَاحِدَةً لِلْوَجْهِ ثُمَّ ضَرْبَةً أُخْرَى لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ رَوَاهُ الْبَزَّارُ.
قَالَ الْحَافِظُ فِي الدِّرَايَةِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ.
وَفِيهِ أَنَّ الْحَافِظَ قَالَ فِي الدِّرَايَةِ ص 37 بَعْدَ قَوْلِهِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ : وَلَكِنْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْهُ فَقَالَ إِلَى الْمَنَاكِبِ , وَذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ الِاخْتِلَافَ فِيهِ ثُمَّ ذَكَرَ الْحَافِظُ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الضَّرْبَتَيْنِ وَقَالَ سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ , ثُمَّ قَالَ : وَيُعَارِضُهُ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَمَّارٍ قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيك أَنْ تَضْرِبَ بِيَدَيْك الْأَرْضَ ثُمَّ تَنْفُخَ ثُمَّ تَمْسَحَ بِهِمَا وَجْهَك وَكَفَّيْك , وَفِي رِوَايَةٍ ثُمَّ ضَرَبَ يَيْدِيه الْأَرْضَ ضَرْبَةً وَاحِدَةً ثُمَّ مَسَحَ الشِّمَالَ عَلَى الْيَمِينِ , وَظَاهِرَ كَفِيهِ وَوَجْهَهُ , وَرَوَى أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ عَمَّارٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي التَّيَمُّمِ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ اِنْتَهَى مَا قَالَ الْحَافِظُ فِي الدِّرَايَةِ.
‏ ‏قُلْتُ : فَظَهَرَ مِنْ كَلَامِ الْحَافِظِ أَنَّ حَدِيثَ عَمَّارٍ الَّذِي رَوَاهُ الْبَزَّارُ لَا يَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ وَإِنْ كَانَ سَنَدُهُ حَسَنًا.
وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ حُسْنَ الْإِسْنَادِ أَوْ صِحَّتَهُ لَا يَسْتَلْزِمُ حُسْنَ الْحَدِيثِ أَوْ صِحَّتَهُ.
وَقَدْ اِسْتَدَلَّ صَاحِبُ آثَارِ السُّنَنِ بِحَدِيثِ عَمَّارٍ الَّذِي رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَنَقَلَ مِنْ الدِّرَايَةِ قَوْلَ الْحَافِظِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَلَمْ يَنْقُلْ قَوْلَهُ الْبَاقِيَ الَّذِي يَثْبُتُ مِنْهُ ضَعْفُهُ.
وَكَذَلِكَ فَعَلَ صَاحِبُ الْعَرْفِ الشَّذِيِّ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ شَأْنِ أَهْلِ الْعِلْمِ.
‏ ‏وَمِنْهَا : حَدِيثُ جَابِرٍ مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَنْمَاطِيِّ عَنْ حَرْمِيِّ بْنِ عِمَارَةَ عَنْ عَزْرَةَ اِبْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : التَّيَمُّمُ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلذِّرَاعَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ , رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ , وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الدِّرَايَةِ وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِمُ نَحْوَ حَدِيثِ اِبْنِ عُمَرَ الْمَذْكُورِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ اِنْتَهَى.
وَفِيهِ أَنَّ حَدِيثَ جَابِرٍ هَذَا اُخْتُلِفَ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ , قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ بَعْد مَا أَخْرَجَهُ : رِجَالُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ وَالصَّوَابُ مَوْقُوفٌ اِنْتَهَى وَقَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ : ضَعَّفَ اِبْنُ الْجَوْزِيِّ هَذَا الْحَدِيثَ بِعُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ , وَقَالَ إِنَّهُ مُتَكَلَّمٌ فِيهِ وَأَخْطَأَ فِي ذَلِكَ , قَالَ اِبْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ : لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهِ أَحَدٌ نَعَمْ رِوَايَتُهُ شَاذَّةٌ لِأَنَّ أَبَا نُعَيْمٍ رَوَاهُ عَنْ عَزْرَةَ مَوْقُوفًا.
أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِمُ أَيْضًا اِنْتَهَى.
‏ ‏قُلْتُ : وَأَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ أَيْضًا فِي شَرْحِ الْآثَارِ حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ وَإِنِّي تَمَعَّكْت فِي التُّرَابِ فَقَالَ أَصِرْت حِمَارًا وَضَرَبَ بِيَدَيْهِ إِلَى الْأَرْضِ فَمَسَحَ وَجْهَهُ ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ إِلَى الْأَرْضِ فَمَسَحَ بِيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ , وَقَالَ هَكَذَا التَّيَمُّمُ.
‏ ‏تَنْبِيهٌ : ‏ ‏قَالَ صَاحِبُ الْعَرْفِ الشَّذِيِّ : وَقَفَهَا الطَّحَاوِيُّ وَعِنْدِي أَنَّهَا مَرْفُوعَةٌ , وَاخْتَلَطَ عَلَى الْمُوقِفِينَ لَفْظُ أَتَاهُ فَإِنَّهُمْ زَعَمُوا أَنَّ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ الْمَنْصُوبِ هُوَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَالُ أَنَّ الْمَرْجِعَ هُوَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ الْعَيْنِيُّ اِنْتَهَى.
‏ ‏قُلْتُ : قَوْلُهُ إِنَّ الْمَرْجِعَ هُوَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَاطِلٌ جِدًّا فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ ذِكْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْلًا لَا قَبْلَ الضَّمِيرِ وَلَا بَعْدَهُ , وَلِذَلِكَ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الْمُحَدِّثِينَ , بَلْ أَوْقَفُوهُ وَأَرْجَعُوا الضَّمِيرَ إِلَى جَابِرٍ وَقَوْلُهُ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ الْعَيْنِيُّ لَيْسَ بِصَحِيحٍ فَإِنَّ الْعَيْنِيَّ لَمْ يَقُلْ بِهِ بَلْ قَالَ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ بَعْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ جَابِرٍ الْمَرْفُوعِ مَا لَفْظُهُ : وَأَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مَوْقُوفًا.
فَإِنْ قُلْتَ عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ ثِقَةٌ لَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ عَزْرَةَ غَيْرُ أَبِي نُعَيْمٍ وَزِيَادَةُ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ فَكَيْفَ تَكُونُ رِوَايَتُهُ الْمَرْفُوعَةُ شَاذَّةً.
‏ ‏قُلْتُ : عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَإِنْ كَانَ ثِقَةً لَكِنَّ أَبَا نُعَيْمٍ أَوْثَقُ مِنْهُ وَأَتْقَنُ وَأَحْفَظُ.
قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ فِي تَرْجَمَةِ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ مَقْبُولٌ , وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ فِي تَرْجَمَتِهِ شَيْخٍ حَدَّثَ عَنْهُ إِبْرَاهِيمُ الْحَلَبِيُّ صُوَيْلِحٌ وَقَدْ تُكُلِّمَ فِيهِ اِنْتَهَى , وَقَالَ الْحَافِظُ فِي تَرْجَمَةِ أَبِي نُعَيْمٍ ثِقَةٌ ثَبْتٌ , وَقَالَ الْخَزْرَجِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ فِي تَرْجَمَةِ أَبِي نُعَيْمٍ قَالَ أَحْمَدُ ثِقَةٌ يَقْظَانُ عَارِفٌ بِالْحَدِيثِ , وَقَالَ الْفَسَوِيُّ أَجْمَعَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ أَبَا نُعَيْمٍ كَانَ غَايَةً فِي الْإِتْقَانِ اِنْتَهَى , فَظَهَرَ أَنَّ رِوَايَةَ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ الْمَرْفُوعَةَ شَاذَّةٌ.
‏ ‏وَمِنْهَا : حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي التَّيَمُّمِ.
ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ.
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.
وَفِيهِ أَنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ لَا يَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ , قَالَ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ فِي إِسْنَادِهِ جَعْفَرُ بْنُ الزُّبَيْرِ , قَالَ شُعْبَةُ وَضَعَ أَرْبَعَمِائَةِ حَدِيثٍ اِنْتَهَى.
‏ ‏وَمِنْهَا : حَدِيثُ عَائِشَةَ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ وَقَدْ عَرَفْت أَنَّهُ أَيْضًا ضَعِيفٌ لَا يَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ , وَقَالَ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ بَعْدَ ذِكْرِهِ فِي إِسْنَادِهِ الْحَرِيشَ بْنَ خِرِّيتٍ ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو زُرْعَةَ اِنْتَهَى , وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ أُخْرَى غَيْرُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ وَكُلُّهَا ضَعِيفَةٌ.
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ أَحَادِيثُ الضَّرْبَتَيْنِ لَا تَخْلُو جَمِيعُ طُرُقِهَا مِنْ مَقَالٍ وَلَوْ صَحَّتْ لَكَانَ الْأَخْذُ بِهَا مُتَعَيِّنًا لِمَا فِيهَا مِنْ الزِّيَادَةِ.
فَالْحَقُّ الْوُقُوفُ عَلَى مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَمَّارٍ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى ضَرْبَةٍ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ الْمِقْدَارُ اِنْتَهَى.
‏ ‏تَنْبِيهٌ : ‏ ‏قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْحَقِّ الدَّهْلَوِيُّ فِي اللَّمَعَاتِ : عَدَمُ صِحَّةِ أَحَادِيثِ الضَّرْبَتَيْنِ فِي زَمَنِ الْأَئِمَّةِ الَّذِينَ اِسْتَدَلُّوا بِهَا مَحَلُّ مَنْعٍ , إِذَا يُحْتَمَلُ أَنَّ تَطَرُّقَ الضَّعْفِ وَالْوَهَنِ فِيهَا بَعْدَهُمْ مِنْ جِهَةِ لِينِ بَعْضِ الرُّوَاةِ الَّذِينَ رَوَوْهَا بَعْدَ زَمَنِ الْأَئِمَّةِ.
فَالْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ الْمُحَدِّثِينَ الَّذِينَ جَاءُوا بَعْدَهُمْ أَوْرَدُوهَا فِي السُّنَنِ دُونَ الصِّحَاحِ , فَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الضَّعْفِ فِي الْحَدِيثِ عَنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وُجُودُهُ عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ , مَثَلًا رِجَالُ الْإِسْنَادِ فِي زَمَنِ أَبِي حَنِيفَةَ كَانَ وَاحِدٌ مِنْ التَّابِعِينَ يَرْوِي عَنْ الصَّحَابِيِّ أَوْ اِثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ إِنْ لَمْ يَكُونُوا مِنْهُمْ وَكَانُوا ثِقَاتٍ مِنْ أَهْلِ الضَّبْطِ وَالْإِتْقَانِ ثُمَّ رَوَى ذَلِكَ الْحَدِيثَ مِنْ بَعْدِهِ مَنْ لَمْ يَكُنْ فِي تِلْكَ الدَّرَجَةِ فَصَارَ الْحَدِيثُ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ مِثْلَ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَالتِّرْمِذِيِّ وَأَمْثَالِهِمْ ضَعِيفًا , وَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَتَدَبَّرْ , وَهَذِهِ نُكْتَةٌ جَيِّدَةٌ اِنْتَهَى كَلَامُ الشَّيْخِ.
‏ ‏قُلْتُ : قَدْ تَدَبَّرْنَا فَعَلِمْنَا أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِهَذِهِ النُّكْتَةِ صِحَّةُ أَحَادِيثِ الضَّرْبَتَيْنِ الضَّعِيفَةِ أَلْبَتَّةَ.
‏ ‏أَمَّا أَوَّلًا : فَلِأَنَا سَلَّمْنَا أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ تَطَرُّقَ الضَّعْفِ فِي أَحَادِيثِ الضَّرْبَتَيْنِ بَعْدَ زَمَنِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْمُتَقَدِّمِينَ الْقَائِلِينَ بِالضَّرْبَتَيْنِ.
وَلَكِنْ هَذَا اِحْتِمَالٌ مَحْضٌ , وَبِالِاحْتِمَالِ لَا يَثْبُتُ صِحَّةُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الضَّعِيفَةِ الَّتِي ثَبَتَ ضَعْفُهَا عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ حُفَّاظِ الْمُحَدِّثِينَ الْمَاهِرِينَ بِفُنُونِ الْحَدِيثِ مِثْلِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَالتِّرْمِذِيِّ وَأَمْثَالِهِمْ.
‏ ‏وَأَمَّا ثَانِيًا : فَلِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ مَنْ قَالَ بِالتَّيَمُّمِ بِالضَّرْبَتَيْنِ كَالْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِ اِسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ الضَّعِيفَةِ حَتَّى يَثْبُتَ بِاسْتِدْلَالِهِ بِهَا صِحَّتُهَا.
بَلْ نَقُولُ يُحْتَمَلُ أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الضَّعِيفَةَ لَمْ تَبْلُغْهُ وَإِنَّمَا اِسْتَدَلَّ بِبَعْضِ آثَارِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ , فَمَا لَمْ يَثْبُتْ اِسْتِدْلَالُهُ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ الضَّعِيفَةِ لَا يَثْبُتُ بِالنُّكْتَةِ الْمَذْكُورَةِ صِحَّةُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الضَّعِيفَةِ.
‏ ‏وَأَمَّا ثَالِثًا فَلِأَنَّهُ لَوْ سُلِّمَ أَنَّهُ اِسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ الضَّعِيفَةِ فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ أَيْضًا لَا يَلْزَمُ صِحَّتُهَا.
لِجَوَازِ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ فِي هَذَا الْبَابِ غَيْرُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الضِّعَافِ فَاسْتَدَلَّ بِهَا وَعَمِلَ بِمُقْتَضَاهَا مَعَ الْعِلْمِ بِضَعْفِهَا.
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي التَّقْرِيبِ وَعَمَلُ الْعَالِمِ وَفُتْيَاهُ عَلَى وَفْقِ حَدِيثٍ لَيْسَ حُكْمًا بِصِحَّتِهِ وَلَا مُخَالِفَتُهُ قَدَحٌ فِي صِحَّتِهِ وَلَا فِي رِوَايَتِهِ اِنْتَهَى , قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي التَّدْرِيبِ : وَقَالَ اِبْنُ كَثِيرٍ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ نَظَرٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْبَابِ غَيْرُ ذَلِكَ الْحَدِيثِ , وَتَعَرَّضَ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ فِي فُتْيَاهُ أَوْ حُكْمِهِ أَوْ اِسْتَشْهَدَ بِهِ عِنْدَ الْعَمَلِ بِمُقْتَضَاهُ , قَالَ الْعِرَاقِيُّ : وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ ذَلِكَ الْبَابِ لَيْسَ فِيهِ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ أَنْ لَا يَكُونَ ثَمَّ دَلِيلٌ آخَرُ مِنْ قِيَاسٍ أَوْ إِجْمَاعٍ , وَلَا يَلْزَمُ الْمُفْتِيَ أَوْ الْحَاكِمَ أَنْ يَذْكُرَ جَمِيعَ أَدِلَّتِهِ بَلْ وَلَا بَعْضَهَا.
وَلَعَلَّ لَهُ دَلِيلًا آخَرَ وَاسْتَأْنَسَ بِالْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِي الْبَابِ , وَرُبَّمَا كَانَ يَرَى الْعَمَلَ بِالضَّعِيفِ وَتَقْدِيمَهُ عَلَى الْقِيَاسِ اِنْتَهَى.
‏ ‏وَأَمَّا رَابِعًا : فَلِأَنَّ هَذِهِ النُّكْتَةَ لَيْسَتْ بِجَيِّدَةٍ بَلْ هِيَ فَاسِدَةٌ.
فَإِنَّ حَاصِلَهَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الضَّعْفِ فِي الْحَدِيثِ فِي الزَّمَنِ الْمُتَأَخِّرِ وُجُودُهُ فِيهِ فِي الزَّمَنِ الْمُتَقَدِّمِ , وَعَلَى هَذَا يَلْزَمُ صِحَّةُ كُلِّ حَدِيثٍ ضَعِيفٍ ثَبَتَ ضَعْفُهُ فِي الزَّمَنِ الْمُتَأَخِّرِ لِضَعْفِ بَعْضِ رُوَاتِهِ.
فَإِنَّ الرَّاوِيَ الضَّعِيفَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ تَابِعِيًّا أَوْ غَيْرَهُ مِمَّنْ دُونَهُ , فَعَلَى الْأَوَّلِ يُقَالُ إِنَّ الْحَدِيثَ كَانَ فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ صَحِيحًا وَالضَّعْفُ إِنَّمَا حَدَثَ فِي زَمَنِ التَّابِعِيِّ , وَعَلَى الثَّانِي يُقَالُ إِنَّ الْحَدِيثَ كَانَ صَحِيحًا فِي الزَّمَنِ التَّابِعِيِّ وَالضَّعْفُ إِنَّمَا حَدَثَ فِي زَمَنِ غَيْرِ التَّابِعِيِّ مِمَّنْ دُونَهُ , وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ فَالْمَلْزُومُ كَذَلِكَ فَتَدَبَّرْ وَتَفَكَّرْ.
‏ ‏تَنْبِيهٌ آخَرُ : ‏ ‏قَالَ الشَّيْخُ الْأَجَلُّ الشَّاهْ وَلِيُّ اللَّهِ فِي الْمُسَوَّى شَرْحِ الْمُوَطَّأِ تَحْتَ أَثَرِ اِبْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَتَيَمَّمُ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ.
إِنَّ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ يَعْنِي أَثَرَ اِبْنِ عُمَرَ وَحَدِيثَ عَمَّارٍ لَيْسَا مُتَعَارِضَيْنِ عِنْدِي.
فَإِنَّ فِعْلَ اِبْنِ عُمَرَ كَمَالُ التَّيَمُّمِ وَفِعْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَلُّ التَّيَمُّمُ , كَمَا أَنَّ لَفْظَ يَكْفِيك يُرْشِدُ إِلَيْهِ فَكَمَا أَنَّ أَصْلَ الْوُضُوءِ غَسْلُ الْأَعْضَاءِ مَرَّةً مَرَّةً وَكَمَالَهُ غَسْلُهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كَذَلِكَ أَصْلُ التَّيَمُّمِ ضَرْبَةٌ وَاحِدَةٌ وَالْمَسْحُ إِلَى الْكَفَّيْنِ وَكَمَالُهُ ضَرْبَتَانِ وَالْمَسْحُ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ اِنْتَهَى كَلَامُهُ مُعَرَّبًا.
‏ ‏قُلْتُ : لَوْ كَانَ حَدِيثُ الضَّرْبَتَيْنِ وَالْمَسْحِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ مَرْفُوعًا صَحِيحًا لَتَمَّ مَا قَالَ الشَّيْخُ الْأَجَلُّ الدَّهْلَوِيُّ وَلَكِنْ قَدْ عَرَفْت أَنَّ أَحَادِيثَ الضَّرْبَتَيْنِ وَالْمِرْفَقَيْنِ ضَعِيفَةٌ أَوْ مُخْتَلِفَةٌ فِي الرَّفْعِ وَالْوَقْفِ , وَالرَّاجِحُ هُوَ الْوَقْفُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَمَّارٍ الْمَرْفُوعُ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَكَانَ يُفْتِي بِهِ عَمَّارٌ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَيْفَ يَصِحُّ الْقَوْلُ بِأَنَّ فِعْلَ اِبْنِ عُمَرَ كَمَالُ التَّيَمُّمِ وَفِعْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَلُّ التَّيَمُّمِ.
وَأَمَّا مُجَرَّدُ فِعْلِ اِبْنِ عُمَرَ فَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَمَالُ التَّيَمُّمِ , أَلَا تَرَى أَنَّ اِبْنَ الْمُنْذِرِ قَدْ رَوَى بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّ اِبْنَ عُمَرَ كَانَ يَغْسِلُ رِجْلَيْهِ فِي الْوُضُوءِ سَبْعَ مَرَّاتٍ , ذَكَرَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ فَهَلْ يُقَالُ إِنَّ غَسْلَ اِبْنِ عُمَرَ الرِّجْلَيْنِ سَبْعَ مَرَّاتٍ كَمَالُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ كَلَّا ثُمَّ كَلَّا.
‏ ‏تَنْبِيهٌ آخَرُ : ‏ ‏اِعْلَمْ أَنَّ أَعْلَمَ الْعُلَمَاءِ الْحَنَفِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ قَالَ بِالتَّيَمُّمِ بِالضَّرْبَتَيْنِ وَبِمَسْحِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ قَدْ اِعْتَذَرُوا عَنْ الْعَمَلِ بِرِوَايَاتِ عَمَّارٍ الصَّحِيحَةِ الْقَاضِيَةِ بِالتَّيَمُّمِ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ وَبِمَسْحِ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ بِأَعْذَارٍ كُلُّهَا بَارِدَةٌ ذَكَرَهَا صَاحِبُ السِّعَايَةِ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْحَنَفِيَّةِ مَعَ الْكَلَامِ عَلَيْهَا فَنَحْنُ نَذْكُرُ عِبَارَتَهُ هَاهُنَا فَإِنَّهَا كَافِيَةٌ لِرَدِّ أَعْذَارِهِمْ.
‏ ‏قَالَ : اعْلَمْ أَنَّ نِزَاعَهُمْ فِي مَقَامَيْنِ : الْأَوَّلُ : فِي كَيْفِيَّةِ مَسْحِ الْأَيْدِي هَلْ هُوَ إِلَى الْإِبْطِ أَمْ إِلَى الْمِرْفَقِ أَمْ إِلَى الرُّسْغِ.
وَالثَّانِي : فِي تَوَحُّدِ الضَّرْبَةِ لِلْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَتَعَدُّدِهَا , أَمَّا النِّزَاعُ الْأَوَّلُ فَأَضْعَفُ الْأَقْوَالِ فِيهِ هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ وَأَقْوَى الْأَقْوَالِ فِيهِ مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلُ هُوَ الِاكْتِفَاءُ بِمَسْحِ الْيَدَيْنِ إِلَى الرُّسْغَيْنِ لِمَا ثَبَتَ فِي رِوَايَاتِ حَدِيثِ عَمَّارٍ الصَّحِيحَةِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَهُ كَيْفِيَّةَ التَّيَمُّمِ حِينَ بَلَغَهُ تَمَعُّكُهُ فِي التُّرَابِ وَاكْتَفَى فِيهِ عَلَى مَسْحِ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ , قَالَ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِوُجُوهٍ : ‏ ‏أَحَدُهَا : أَنَّ تَعْلِيمَهُ لِعَمَّارٍ وَقَعَ بِالْفِعْلِ وَقَدْ وَرَدَ فِي الْأَحَادِيثِ الْقَوْلِيَّةِ الْمَسْحُ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ , وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْقَوْلَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْفِعْلِ.
‏ ‏وَفِيهِ نَظَرٌ : أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ تَعْلِيمَهُ وَإِنْ كَانَ بِالْفِعْلِ لَكِنَّهُ اِنْضَمَّ مَعَهُ قَوْلُهُ إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيك هَذَا فَصَارَ الْحَدِيثُ فِي حُكْمِ الْحَدِيثِ الْقَوْلِيِّ.
وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّهُ وَرَدَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيك أَنْ تَضْرِبَ بِيَدَيْك الْأَرْضَ ثُمَّ تَنْفُخُ ثُمَّ تَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَك وَكَفَّيْك , وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ يَكْفِيك الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ , وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّعْلِيمَ وَقَعَ بِالْقَوْلِ أَيْضًا.
‏ ‏وَثَانِيهمَا : مَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ وَالْعَيْنِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَنَّ مَقْصُودَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَانُ صُورَةِ الضَّرْبِ وَكَيْفِيَّةِ التَّعْلِيمِ لَا بَيَانُ جَمِيعِ مَا يَحْصُلُ بِهِ التَّيَمُّمُ , فَلَا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى عَدَمِ اِفْتِرَاضِ مَا عَدَا الْمَذْكُورَ فِيهِ.
‏ ‏وَفِيهِ أَيْضًا نَظَرٌ : أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ سِيَاقَ الرِّوَايَاتِ شَاهِدٌ بِأَنَّ الْمُرَادَ بَيَانُ جَمِيعِ مَا يَحْصُلُ بِهِ التَّيَمُّمُ وَإِلَّا لَمْ يَقُلْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيك , فَحَمَلَهُ عَلَى مُجَرَّدِ تَعْلِيمِ صُورَةِ الضَّرْبِ حَمْلٌ بَعِيدٌ.
وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ الْمَقْصُودُ مِنْ التَّعْلِيمِ بَيَانَ جَمِيعِ مَا يَحْصُلُ بِهِ التَّيَمُّمُ لَزِمَ السُّكُوتُ فِي مَعْرِضِ الْحَاجَةِ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ مِنْ صَاحِبِ الشَّرِيعَةِ , وَذَلِكَ لِأَنَّ عَمَّارًا لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ كَيْفِيَّةَ التَّيَمُّمِ الْمَشْرُوعَةَ , وَلَمْ يَكُنْ تَحَقَّقَ عِنْدَهُ مَا يَكْفِي فِي التَّيَمُّمِ وَلِذَلِكَ تَمَعَّكَ فِي التُّرَابِ تَمَعُّكَ الدَّابَّةِ , فَلَمَّا ذَكَرَ ذَلِكَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ لَهُ بُدٌّ مِنْ بَيَانِ جَمِيعِ مَا يَحْصُلُ بِهِ التَّيَمُّمُ لِاحْتِيَاجِ عَمَّارٍ إِلَيْهِ غَايَةَ الْحَاجَةِ وَالِاكْتِفَاءُ فِي تَعْلِيمِهِ عِنْدَ ذَلِكَ بِبَيَانِ صُورَةِ الضَّرْبِ فَقَطْ مُضِرٌّ بِالْمَقْصُودِ لِبَقَاءِ جَهَالَةِ مَا وَرَاءَهُ.
‏ ‏وَثَالِثُهَا : أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَفَّيْنِ فِي تِلْكَ الرِّوَايَاتِ الْيَدَانِ.
وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ : فَإِنَّ ذِكْرَ الْيَدِ وَإِرَادَةَ بَعْضٍ مِنْهَا وَاقِعٌ شَائِعٌ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى { السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا } وَقَوْلِهِ تَعَالَى { إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ } الْآيَةَ.
حَيْثُ ذُكِرَ فِيهَا الْيَدُ وَأُرِيد بِهِ بَعْضُهَا وَهُوَ الْكَفُّ وَالرُّسْغُ , وَأَمَّا إِطْلَاقُ الْكَفِّ وَإِرَادَةُ الْيَدِ فَغَيْرُ شَائِعٍ , وَهُوَ مَجَازٌ غَيْرُ مُتَعَارَفٍ فَلَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ إِلَّا عِنْدَ تَعَذُّرِ الْحَقِيقَةِ وَهُوَ مَفْقُودٌ هَاهُنَا , عَلَى أَنَّهُ لَوْ أُرِيدَ مِنْهُ الْيَدُ وَهُوَ اِسْمٌ مِنْ الْأَصَابِعِ إِلَى الْمَنَاكِبِ لَزِمَ ثُبُوتُ لُزُومِ مَسْحِ الْيَدِ إِلَى الْمَنَاكِبِ وَلَا قَائِلَ بِهِ.
‏ ‏وَرَابِعًا : أَنَّهُ لَمَّا تَعَارَضَتْ الْأَحَادِيثُ رَجَعْنَا إِلَى آثَارِ الصَّحَابَةِ فَوَجَدْنَا كَثِيرًا مِنْهُمْ أَفْتَوْا بِالْمَسْحِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ فَأَخَذْنَا بِهِ.
وَفِيهِ أَنَّ الرُّجُوعَ إِلَى آثَارِ الصَّحَابَةِ إِنَّمَا يُفِيدُ إِذَا كَانَ بَيْنَهُمْ اِتِّفَاقٌ , وَلَا كَذَلِكَ هَاهُنَا فَإِنَّ عَمَّارًا مِنْهُمْ قَدْ أَفْتَى بِالْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَأَصْرَحُ مِنْهُ مَا أَفْتَى بِهِ اِبْنُ عَبَّاسٍ وَشَيَّدَهُ بِذِكْرِ النَّظِيرِ كَمَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ.
‏ ‏وَخَامِسُهَا : مَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ وَارْتَضَى بِهِ الْعَيْنِيُّ فِي عُمْدَةِ الْقَارِي مِنْ أَنَّ حَدِيثَ عَمَّارٍ لَا يَصْلُحُ حُجَّةً فِي كَوْنِ التَّيَمُّمِ إِلَى الْكُوعَيْنِ أَوْ الْمِرْفَقَيْنِ أَوْ الْمَنْكِبَيْنِ أَوْ الْإِبْطَيْنِ لِاضْطِرَابِهِ وَفِيهِ : أَنَّ الِاضْطِرَابَ فِي هَذَا الْمَقَامِ غَيْرُ مُضِرٍّ لِكَوْنِ رِوَايَاتِ الْمِرْفَقَيْنِ وَالْمَنْكِبَيْنِ مَرْجُوحَةً ضَعِيفَةً بِالنِّسْبَةِ إِلَى غَيْرِهَا فَسَقَطَ الِاعْتِبَارُ بِهَا , وَرِوَايَاتُ الْآبَاطِ قِصَّتُهَا مُقَدَّمَةٌ عَلَى قِصَّةِ رِوَايَاتِ الْكَفَّيْنِ , فَلَا تُعَارِضُهَا فَبَقِيَتْ رِوَايَاتُ الْكَفَّيْنِ سَالِمَةً عَنْ الْقَدَحِ وَالْمُعَارَضَةِ اِنْتَهَى كَلَامُ صَاحِبِ السِّعَايَةِ مُخْتَصَرًا.
‏ ‏تَنْبِيهٌ آخَرُ : ‏ ‏قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْحَقِّ الدَّهْلَوِيُّ فِي اللَّمَعَاتِ : إِنَّ الْأَحَادِيثَ وَرَدَتْ فِي الْبَابِ مُتَعَارِضَةً جَاءَتْ فِي بَعْضِهَا ضَرْبَتَيْنِ وَفِي بَعْضِهَا ضَرْبَةً وَاحِدَةً وَفِي بَعْضِهَا مُطْلَقُ الضَّرْبِ وَفِي بَعْضِهَا كَفَّيْنِ وَفِي بَعْضِهَا يَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَفِي بَعْضِهَا يَدَيْنِ مُطْلَقًا , وَالْأَخْذُ بِأَحَادِيثِ الضَّرْبَتَيْنِ وَالْمِرْفَقَيْنِ أَخْذٌ بِالِاحْتِيَاطِ وَعَمَلٌ بِأَحَادِيثِ الطَّرَفَيْنِ لِاشْتِمَالِ الضَّرْبَتَيْنِ عَلَى ضَرْبَةٍ وَمَسْحِ الذِّرَاعَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ عَلَى مَسْحِ الْكَفَّيْنِ دُونَ الْعَكْسِ , أَيْضًا التَّيَمُّمُ طَهَارَةٌ نَاقِصَةٌ فَلَوْ كَانَ مَحَلُّهُ أَكْثَرَ بِأَنْ يُسْتَوْعَبَ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَكَانَ لِلْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ ضَرْبَةٌ عَلَى حِدَةٍ لَكَانَ أَحْسَنَ وَأَوْلَى إِلَى الِاحْتِيَاطِ أَقْرَبُ وَأَدْنَى.
لَا يُقَالُ إِلَى الْآبَاطِ أَقْرَبُ إِلَى الِاحْتِيَاطِ لِأَنَّ حَدِيثَ الْآبَاطِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ اِنْتَهَى كَلَامُ الشَّيْخِ.
قُلْتُ : أَحَادِيثُ الضَّرْبَتَيْنِ وَالْمِرْفَقَيْنِ ضَعِيفَةٌ أَوْ مُخْتَلِفَةٌ فِي الرَّفْعِ وَالْوَقْفِ وَالرَّاجِحُ هُوَ الْوَقْفُ , وَلَمْ يَصِحَّ مِنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ سِوَى حَدِيثِينَ أَحَدُهُمَا حَدِيثُ أَبِي جُهَيْمٍ بِذِكْرِ الْيَدَيْنِ مُجْمَلًا وَثَانِيهَا حَدِيثُ عَمَّارٍ بِذِكْرِ ضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَهُمَا حَدِيثَانِ صَحِيحَانِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا كَمَا عَرَفْت , هَذَا كُلُّهُ فِي كَلَامِ الْحَافِظِ وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا , فَإِنَّ الْأَوَّلَ مَحْمُولٌ عَلَى الثَّانِي فَالْأَخْذُ بِأَحَادِيثِ الضَّرْبَتَيْنِ وَالْمِرْفَقَيْنِ لَيْسَ أَخْذًا بِالِاحْتِيَاطِ , كَيْفَ وَهَلْ يَكُونُ فِي أَخْذِ الْمَرْجُوحِ وَتَرْكِ الرَّاجِحِ اِحْتِيَاطًا , كَلَّا بِالِاحْتِيَاطِ فِي أَخْذِ حَدِيثِ ضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ بَلْ هُوَ الْمُتَعَيِّنُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ التَّيَمُّمُ طَهَارَةٌ نَاقِصَةٌ إِلَخْ فَفِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ كَوْنُ التَّيَمُّمِ طَهَارَةً نَاقِصَةً بِدَلِيلٍ صَحِيحٍ , بَلْ الثَّابِتُ أَنَّ التَّيَمُّمَ عِنْدَ عَدَمِ وِجْدَانِ الْمَاءِ وُضُوءُ الْمُسْلِمِ , قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الصَّعِيدُ وَضُوءُ الْمُسْلِمِ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ : الْحَدِيثَ رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَصَحَّحَهُ اِبْنُ الْقَطَّانِ , وَلَكِنْ صَوَّبَ الدَّارَقُطْنِيُّ إِرْسَالَهُ وَلِلتِّرْمِذِيِّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ نَحْوُهُ وَصَحَّحَهُ فَالتَّيَمُّمُ عِنْدَ عَدَمِ وِجْدَانِ الْمَاءِ وَضُوءُ الْمُسْلِمِ وَمَنْ اِدَّعَى أَنَّهُ وُضُوءٌ نَاقِصٌ فَعَلَيْهِ الدَّلِيلُ وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّ التَّيَمُّمَ طَهَارَةٌ نَاقِصَةٌ فَالْأَخْذُ بِأَحَادِيثِ الضَّرْبَتَيْنِ وَالْمِرْفَقَيْنِ لَا يَكُونُ أَوْلَى وَلَا إِلَى الِاحْتِيَاطِ أَقْرَبَ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِصَحِيحَةٍ , كَمَا أَنَّ الْأَخْذَ بِحَدِيثِ الْآبَاطِ لَيْسَ أَوْلَى وَلَا إِلَى الِاحْتِيَاطِ أَقْرَبَ عِنْدَ الشَّيْخِ الدَّهْلَوِيِّ.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْوَجْهُ عَنْ عَمَّارٍ ) ‏ ‏وَفِي نُسْخَةٍ قَلَمِيَّةٍ صَحِيحَةٍ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ عَمَّارٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ ‏ ‏( أَنَّهُ قَالَ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ ) ‏ ‏بِالْجَرِّ عَلَى الْحِكَايَةِ ‏ ‏( مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ ) ‏ ‏أَيْ مِنْ غَيْرِ طَرِيقٍ وَاحِدٍ بَلْ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ ‏ ‏( فَضَعَّفَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ حَدِيثَ عَمَّارٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّيَمُّمِ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ لَمَّا رُوِيَ عَنْهُ حَدِيثُ الْمَنَاكِبِ وَالْآبَاطِ ) ‏ ‏فَظَنَّ أَنَّ حَدِيثَ الْمَنَاكِبِ وَالْآبَاطِ مُخَالِفٌ لِحَدِيثِ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَمُعَارِضٌ لَهُ فَضَعَّفَهُ لِلِاخْتِلَافِ وَالِاضْطِرَابِ ‏ ‏( قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ) ‏ ‏أَيْ فِي الْجَوَابِ عَنْ تَضْعِيفِ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ , وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ تَيَمُّمَهُمْ إِلَى الْمَنَاكِبِ وَالْآبَاطِ لَمْ يَكُنْ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَمَّا التَّيَمُّمُ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَّمَهُ فَلَا تَعَارُضَ , بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ , وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ هَذَا هُوَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ ‏ ‏( فَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ اِنْتَهَى إِلَى مَا عَلَّمَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) ‏ ‏قَالَ أَبُو الطَّيِّبِ السِّنْدِيُّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ أَيْ إِنَّ عَمَّارًا اِنْتَهَى إِلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ فَكَانَ هُوَ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ , فَالْأَوَّلُ مَا فَهِمُوا مِنْ إِطْلَاقِ الْيَدِ فِي الْكِتَابِ فِي آيَةِ التَّيَمُّمِ وَالثَّانِي مَا اِنْتَهَوْا إِلَيْهِ بِتَعْلِيمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ الثَّانِي هُوَ الْمُعْتَبَرَ وَالْمَعْمُولَ بِهِ , وَيَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الِاجْتِهَادِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ عَمَّارًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اِجْتَهَدَ أَوَّلًا ثُمَّ لَمَّا عَلَّمَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَكَ اِنْتَهَى كَلَامُ أَبِي الطَّيِّبِ ‏


حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بالتيمم للوجه والكفين وفي الباب عن عائشة وابن

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏أَبُو حَفْصٍ عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الْفَلَّاسُ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏سَعِيدٌ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏قَتَادَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَزْرَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِيهِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ ‏ ‏أَنَّ النَّبِيَّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏أَمَرَهُ بِالتَّيَمُّمِ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏وَفِي ‏ ‏الْبَاب ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَائِشَةَ ‏ ‏وَابْنِ عَبَّاسٍ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏أَبُو عِيسَى ‏ ‏حَدِيثُ ‏ ‏عَمَّارٍ ‏ ‏حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ‏ ‏وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ‏ ‏عَمَّارٍ ‏ ‏مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ ‏ ‏وَهُوَ قَوْلُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ ‏ ‏أَصْحَابِ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏مِنْهُمْ ‏ ‏عَلِيٌّ ‏ ‏وَعَمَّارٌ ‏ ‏وَابْنُ عَبَّاسٍ ‏ ‏وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ التَّابِعِينَ مِنْهُمْ ‏ ‏الشَّعْبِيُّ ‏ ‏وَعَطَاءٌ ‏ ‏وَمَكْحُولٌ ‏ ‏قَالُوا التَّيَمُّمُ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَبِهِ يَقُولُ ‏ ‏أَحْمَدُ ‏ ‏وَإِسْحَقُ ‏ ‏و قَالَ ‏ ‏بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ ‏ ‏ابْنُ عُمَرَ ‏ ‏وَجَابِرٌ ‏ ‏وَإِبْرَاهِيمُ ‏ ‏وَالْحَسَنُ ‏ ‏قَالُوا التَّيَمُّمُ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ‏ ‏وَبِهِ يَقُولُ ‏ ‏سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ‏ ‏وَمَالِكٌ ‏ ‏وَابْنُ الْمُبَارَكِ ‏ ‏وَالشَّافِعِيُّ ‏ ‏وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ ‏ ‏عَمَّارٍ ‏ ‏فِي التَّيَمُّمِ أَنَّهُ قَالَ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ ‏ ‏وَقَدْ رُوِيَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَمَّارٍ ‏ ‏أَنَّهُ قَالَ ‏ ‏تَيَمَّمْنَا مَعَ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏إِلَى الْمَنَاكِبِ وَالْآبَاطِ ‏ ‏فَضَعَّفَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ حَدِيثَ ‏ ‏عَمَّارٍ ‏ ‏عَنْ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فِي التَّيَمُّمِ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ لَمَّا رُوِيَ عَنْهُ حَدِيثُ الْمَنَاكِبِ وَالْآبَاطِ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَخْلَدٍ الْحَنْظَلِيُّ ‏ ‏حَدِيثُ ‏ ‏عَمَّارٍ ‏ ‏فِي التَّيَمُّمِ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ هُوَ ‏ ‏حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ‏ ‏وَحَدِيثُ ‏ ‏عَمَّارٍ ‏ ‏تَيَمَّمْنَا مَعَ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏إِلَى الْمَنَاكِبِ وَالْآبَاطِ لَيْسَ هُوَ بِمُخَالِفٍ لِحَدِيثِ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ لِأَنَّ ‏ ‏عَمَّارًا ‏ ‏لَمْ يَذْكُرْ أَنَّ النَّبِيَّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏أَمَرَهُمْ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا قَالَ فَعَلْنَا كَذَا وَكَذَا فَلَمَّا سَأَلَ النَّبِيَّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏أَمَرَهُ بِالْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ فَانْتَهَى إِلَى مَا عَلَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا أَفْتَى بِهِ ‏ ‏عَمَّارٌ ‏ ‏بَعْدَ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فِي التَّيَمُّمِ أَنَّهُ قَالَ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ فَفِي هَذَا دَلَالَةٌ أَنَّهُ انْتَهَى إِلَى مَا عَلَّمَهُ النَّبِيُّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَعَلَّمَهُ إِلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏و سَمِعْت ‏ ‏أَبَا زُرْعَةَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الْكَرِيمِ ‏ ‏يَقُولُ ‏ ‏لَمْ أَرَ ‏ ‏بِالْبَصْرَةِ ‏ ‏أَحْفَظَ مِنْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ ‏ ‏عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ ‏ ‏وَابْنِ الشَّاذَكُونِيِّ ‏ ‏وَعَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ الْفَلَّاسِ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏أَبُو زُرْعَةَ ‏ ‏وَرَوَى ‏ ‏عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ ‏ ‏حَدِيثًا ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث سنن الترمذي

فامسحوا بوجوهكم وأيديكم

عن ابن عباس، أنه سئل عن التيمم، فقال: " إن الله قال في كتابه حين ذكر الوضوء: {فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق} [المائدة: ٦]، وقال في التيمم: {فامسح...

يقرئنا القرآن على كل حال ما لم يكن جنبا

عن علي، قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئنا القرآن على كل حال ما لم يكن جنبا»، حديث علي حديث حسن صحيح، وبه قال غير واحد من أهل العلم من أصحا...

إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين

عن أبي هريرة، قال: دخل أعرابي المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم جالس، فصلى، فلما فرغ، قال: اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا، فالتفت إليه النبي صل...

صلى الظهر في الأولى منهما حين كان الفيء مثل الشراك

عن حكيم بن حكيم وهو ابن عباد بن حنيف قال: أخبرني نافع بن جبير بن مطعم، قال: أخبرني ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أمني جبريل عند البيت م...

إن للصلاة أولا وآخرا وإن أول وقت صلاة الظهر حين تز...

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن للصلاة أولا وآخرا، وإن أول وقت صلاة الظهر حين تزول الشمس، وآخر وقتها حين يدخل وقت العصر، وإن...

مواقيت الصلاة كما بين هذين

عن سليمان بن بريدة، عن أبيه، قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل، فسأله عن مواقيت الصلاة؟ فقال: «أقم معنا إن شاء الله»، فأمر بلالا فأقام حين طلع الف...

يمر النساء متلففات بمروطهن ما يعرفن من الغلس

عن عائشة، قالت: «إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي الصبح فينصرف النساء»، قال الأنصاري: «فيمر النساء متلففات بمروطهن ما يعرفن من الغلس»، وقال ق...

أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر

عن رافع بن خديج، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أسفروا بالفجر، فإنه أعظم للأجر».<br> وقد روى شعبة، والثوري هذا الحديث، عن محمد بن إسحاق...

ما رأيت أحدا كان أشد تعجيلا للظهر من رسول الله ﷺ

عن عائشة، قالت: «ما رأيت أحدا كان أشد تعجيلا للظهر من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا من أبي بكر، ولا من عمر».<br> وفي الباب عن جابر بن عبد الله، وخ...