548-
حدثنا أنس بن مالك، قال: «خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة فصلى ركعتين»، قال: قلت لأنس: كم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة؟ قال: عشرا وفي الباب عن ابن عباس، وجابر.
حديث أنس حديث حسن صحيح.
وقد روي عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أقام في بعض أسفاره تسع عشرة يصلي ركعتين.
قال ابن عباس: «فنحن إذا أقمنا ما بيننا وبين تسع عشرة، صلينا ركعتين، وإن زدنا على ذلك أتممنا الصلاة».
وروي عن علي، أنه قال: «من أقام عشرة أيام أتم الصلاة» وروي عن ابن عمر، أنه قال: «من أقام خمسة عشر يوما أتم الصلاة»، وروي عنه «ثنتي عشرة» وروي عن سعيد بن المسيب، أنه قال: «إذا أقام أربعا صلى أربعا»، وروى عنه ذلك قتادة، وعطاء الخراساني، وروى عنه داود بن أبي هند خلاف هذا.
واختلف أهل العلم بعد في ذلك، فأما سفيان الثوري، وأهل الكوفة فذهبوا إلى توقيت خمس عشرة، وقالوا: إذا أجمع على إقامة خمس عشرة أتم الصلاة.
وقال الأوزاعي: «إذا أجمع على إقامة ثنتي عشرة أتم الصلاة» وقال مالك، والشافعي، وأحمد: «إذا أجمع على إقامة أربعة أتم الصلاة».
وأما إسحاق فرأى أقوى المذاهب فيه حديث ابن عباس قال: لأنه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم تأوله بعد النبي صلى الله عليه وسلم، إذا أجمع على إقامة تسع عشرة أتم الصلاة.
ثم أجمع أهل العلم على أن المسافر يقصر ما لم يجمع إقامة، وإن أتى عليه سنون
صحيح
تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: أبو العلا محمد عبد الرحمن المباركفورى (المتوفى: 1353هـ)
قَوْلُهُ : ( خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ ) أَيْ مُتَوَجِّهِينَ إِلَى مَكَّةَ لِحَجَّةِ الْوَدَاعِ ( فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ) أَيْ فِي الرُّبَاعِيَّةِ , وَفِي رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ عَلَى مَا فِي الْمِشْكَاةِ.
فَكَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ ( قَالَ عَشْرًا ) أَيْ أَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرًا , قَالَ الْقَارِي فِي الْمِرْقَاةِ.
الْحَدِيثُ بِظَاهِرِهِ يُنَافِي مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّهُ إِذَا أَقَامَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ يَجِبُ الْإِتْمَامُ اِنْتَهَى.
قُلْت : قَدْ نَقَلَ الْقَارِي عَنْ اِبْنِ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيِّ مَا لَفْظُهُ : لَمْ يَقُمْ الْعَشْرَ الَّتِي أَقَامَهَا لِحَجَّةِ الْوَدَاعِ بِمَوْضِعٍ وَاحِدٍ ; لِأَنَّهُ دَخَلَهَا يَوْمَ الْأَحَدِ وَخَرَجَ مِنْهَا صَبِيحَةَ الْخَمِيسِ , فَأَقَامَ بِمِنًى , وَالْجُمْعَةَ بِنَمِرَةَ وَعَرَفَاتٍ , ثُمَّ عَادَ السَّبْتَ بِمِنًى لِقَضَاءِ نُسُكِهِ ثُمَّ بِمَكَّةَ لِطَوَافِ الْإِقَامَةِ ثُمَّ بِمِنًى يَوْمَهُ فَأَقَامَ بِهَا بَقِيَّتَهُ , وَالْأَحَدَ وَالِاثْنَيْنِ وَالثُّلَاثَاءَ إِلَى الزَّوَالِ , ثُمَّ نَفَرَ فَنَزَلَ بِالْمُحَصَّبِ وَطَافَ فِي لَيْلَتِهِ لِلْوَدَاعِ , ثُمَّ رَحَلَ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ.
لِمُتَفَرِّقِ إِقَامَتِهِ قَصَرَ فِي الْكُلِّ.
وَبِهَذَا أَخَذْنَا أَنَّ لِلْمُسَافِرِ إِذَا دَخَلَ مَحَلًّا أَنْ يَقْصُرَ فِيهِ مَا لَمْ يَصِرْ مُقِيمًا أَوْ يَنْوِ إِقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ غَيْرَ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ أَوْ يُقِيمُهَا وَاسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ بِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ , يُقِيمُ الْمُهَاجِرُ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ ثَلَاثًا , وَكَانَ يَحْرُمُ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ الْإِقَامَةَ بِمَكَّةَ وَمُسَاكَنَةَ الْكُفَّارِ كَمَا رَوَيَاهُ أَيْضًا.
فَالْإِذْنُ فِي الثَّلَاثَةِ يَدُلُّ عَلَى بَقَاءِ حُكْمِ السَّفَرِ فِيهَا بِخِلَافِ الْأَرْبَعَةِ اِنْتَهَى.
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي فَتْحِ الْبَارِي : قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ لِصُبْحِ رَابِعَةٍ كَمَا فِي حَدِيثِ اِبْنِ عَبَّاسٍ , وَلَا شَكَّ أَنَّهُ خَرَجَ صُبْحَ الرَّابِعَ عَشَرَ فَتَكُونُ مُدَّةُ الْإِقَامَةِ بِمَكَّةَ وَضَوَاحِيهَا عَشَرَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا كَمَا قَالَ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَتَكُونُ مُدَّةُ إِقَامَتِهِ بِمَكَّةَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ سَوَاءٌ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ فَصَلَّى الظُّهْرَ بِمِنًى , وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ إِنَّ الْمُسَافِرَ إِذَا أَقَامَ بِبَلْدَةٍ قَصَرَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ , وَقَالَ أَحْمَدُ.
إِحْدَى وَعِشْرِينَ صَلَاةً اِنْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ.
قَوْلُهُ : ( وَفِي الْبَابِ عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ ) , أَمَّا حَدِيثُ اِبْنِ عَبَّاسٍ فَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ , وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ.
قَوْلُهُ : ( حَدِيثُ أَنَسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ) , وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ.
قَوْلُهُ : ( وَقَدْ رُوِيَ عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَقَامَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ ) أَيْ فِي فَتْحِ مَكَّةَ , وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ الْمُتَقَدِّمُ فَكَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ قَالَهُ الْحَافِظُ اِبْنُ حَجَرٍ , وَحَدِيثُ اِبْنِ عَبَّاسٍ هَذَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ ( تِسْعَ عَشْرَةَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ) , وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارَيَّ تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا , وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ سَبْعَ عَشْرَةَ , وَفِي أُخْرَى لَهُ عَنْهُ خَمْسَ عَشْرَةَ , وَفِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ.
شَهِدْت مَعَهُ الْفَتْحَ فَأَقَامَ بِمَكَّةَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ لَيْلَةً لَا يُصَلِّي إِلَّا رَكْعَتَيْنِ وَيَقُولُ.
يَا أَهْلَ الْبَلَدِ صَلُّوا أَرْبَعًا فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ.
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ ( قَالَ اِبْنُ عَبَّاسٍ.
فَنَحْنُ إِذَا أَقَمْنَا مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ تِسْعَ عَشْرَةَ صَلَّيْنَا رَكْعَتَيْنِ , وَإِنْ زِدْنَا عَلَى ذَلِكَ أَتْمَمْنَا الصَّلَاةَ ) هَذَا هُوَ مَذْهَبُ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , وَبِهِ أَخَذَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَرَآهُ أَقْوَى الْمَذَاهِبِ ( وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ : مَنْ أَقَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ أَتَمَّ الصَّلَاةَ ) أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِلَفْظِ : إِذَا أَقَمْت بِأَرْضٍ عَشْرًا فَأَتْمِمْ فَإِنْ قُلْت أَخْرَجَُ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ.
وَإِنْ أَقَمْت شَهْرًا ( وَرُوِيَ عَنْ اِبْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ.
مَنْ أَقَامَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَتَمَّ الصَّلَاةَ ) أَخْرَجَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي كِتَابِ الْآثَارِ أَخْبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ حَدَّثَنَا مُوسَى اِبْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ.
إِذَا كُنْت مُسَافِرًا فَوَطَّنْت نَفْسَك عَلَى إِقَامَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَتْمِمْ الصَّلَاةَ , وَإِنْ كُنْت لَا تَدْرِي فَأَقْصَرِ الصَّلَاةَ , وَأَخْرَجَ الطَّحَاوِيُّ عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ قَالَا : إِذَا قَدِمْت بَلْدَةً وَأَنْتَ مُسَافِرٌ وَفِي نَفْسِك أَنْ تُقِيمَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَتِمَّ الصَّلَاةَ , ( وَرُوِيَ عَنْهُ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ ) , أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ.
كَذَا فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ لِسِرَاجْ أَحْمَدْ السَّرْهَنْدِيِّ.
( وَرَوَى عَنْهُ دَاوُدَ بْنُ أَبِي هِنْدٍ خِلَافَ هَذَا ) رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي الْحُجَجِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ.
إِذَا قَدِمْت بَلْدَةً فَأَقَمْت خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَتِمَّ الصَّلَاةَ , ( وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ بَعْدُ ) الْبِنَاءِ عَلَى الضَّمِّ أَيْ بَعْدَ ذَلِكَ ( فِي ذَلِكَ ) أَيْ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ مُدَّةِ الْإِقَامَةِ , ( فَأَمَّا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ فَذَهَبُوا إِلَى تَوْقِيتِ خَمْسَ عَشْرَةَ وَقَالُوا إِذَا أَجْمَعَ ) أَيْ نَوَى ( عَلَى إِقَامَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ أَتَمَّ الصَّلَاةَ ) وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ خَمْسَ عَشْرَةَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ , قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ اِبْنُ مَاجَهْ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ بِنَحْوِهِ وَفِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ , وَاخْتُلِفَ عَلَى ابْنِ إِسْحَاقَ فِيهِ فَرَوَى مِنْهُ مُسْنَدًا وَمُرْسَلًا وَرُوِيَ عَنْهُ عَنْ الزُّهْرِيِّ مِنْ قَوْلِهِ اِنْتَهَى , وَقَدْ ضَعَّفَ النَّوَوِيُّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ , لَكِنْ تَعَقَّبَهُ الْحَافِظُ فِي فَتْحِ الْبَارِي حَيْثُ قَالَ : وَأَمَّا رِوَايَةُ خَمْسَةَ عَشَرَ فَضَعَّفَهَا النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ لِأَنَّ رُوَاتَهَا ثِقَاتٌ وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهَا اِبْنُ إِسْحَاقَ , فَقَدْ أَخْرَجَهَا النَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عِرَاقِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ كَذَلِكَ فَهِيَ صَحِيحَةٌ اِنْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ.
وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِأَثَرِ اِبْنِ عُمَرَ الْمَذْكُورِ , وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ تَوْقِيتُ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ كَمَا حَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ ( وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ : إِذَا أَجْمَعَ عَلَى إِقَامَةِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أَتَمَّ الصَّلَاةَ ) قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ : لَا يُعْرَفُ لَهُ مُسْتَنَدٌ فَرْعِيٌّ وَإِنَّمَا ذَلِكَ اِجْتِهَادٌ مِنْ نَفْسِهِ اِنْتَهَى.
قُلْت : لَعَلَّهُ اِسْتَنَدَ بِمَا رُوِيَ عَنْ اِبْنِ عُمَرَ تَوْقِيتَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ.
( وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ : إِذَا أَجْمَعَ عَلَى إِقَامَةِ أَرْبَعٍ أَتَمَّ الصَّلَاةَ ) .
قَالَ فِي السُّبُلِ صَفْحَةَ 156 : وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُثْمَانَ وَالْمُرَادُ غَيْرُ يَوْمِ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ , وَاسْتَدَلُّوا بِمَنْعِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُهَاجِرِينَ بَعْدَ مُضِيِّ النُّسُكِ أَنْ يَزِيدُوا عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي مَكَّةَ , فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ بِأَرْبَعَةِ الْأَيَّامِ يَصِيرُ مُقِيمًا اِنْتَهَى.
قُلْت : وَرُدَّ هَذَا الِاسْتِدْلَالُ بِأَنَّ الثَّلَاثَ قَدْرُ قَضَاءِ الْحَوَائِجِ لَا لِكَوْنِهَا غَيْرَ إِقَامَةٍ , وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِمَا رَوَى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَسْلَمَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ أَجْلَى الْيَهُودَ مِنْ الْحِجَازِ , ثُمَّ أَذِنَ لِمَنْ قَدِمَ مِنْهُمْ تَاجِرًا أَنْ يُقِيمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ , قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ صَحَّحَهُ أَبُو زُرْعَةَ.
( أَمَّا إِسْحَاقُ ) يَعْنِي اِبْنَ رَاهْوَيْهِ , ( فَرَأَى أَقْوَى الْمَذَاهِبِ فِيهِ حَدِيثَ اِبْنِ عَبَّاسٍ ) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَقَامَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ تِسْعَ عَشْرَةَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ , ( قَالَ ) أَيْ إِسْحَاقُ ( لِأَنَّهُ ) أَيْ اِبْنَ عَبَّاسٍ ( رَوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ تَأَوَّلَهُ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) أَيْ أَخَذَ بِهِ وَعَمِلَ عَلَيْهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ( ثُمَّ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَقْصُرَ مَا لَمْ يَجْمَعْ إِقَامَتَهُ وَإِنْ أَتَى عَلَيْهِ سُنُونَ ) , جَمْعُ سَنَةٍ أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَامُوا بِرَامْهُرْمُزَ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ يَقْصُرُونَ الصَّلَاةَ , قَالَ النَّوَوِيُّ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَفِيهِ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ , وَاخْتَلَفُوا فِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ وَاحْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ اِنْتَهَى , وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ اِبْنِ عُمَر أَقَامَ بِأَذْرَبِيجَانَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ اِنْتَهَى.
وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ اِبْنَ عُمَرَ قَالَ اِرْتَجَّ عَلَيْنَا الثَّلْجُ وَنَحْنُ بِأَذْرَبِيجَانَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فِي غَزَاةٍ وَكُنَّا نُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ اِنْتَهَى.
قَالَ النَّوَوِيُّ وَهَذَا سَنَدٌ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحَيْنِ , كَذَا فِي نَصْبِ الرَّايَةِ.
وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ فِيهِ آثَارًا أُخْرَى.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَقَ الْحَضْرَمِيُّ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَالَ قُلْتُ لِأَنَسٍ كَمْ أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ قَالَ عَشْرًا قَالَ وَفِي الْبَاب عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ قَالَ أَبُو عِيسَى حَدِيثُ أَنَسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَقَامَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ تِسْعَ عَشْرَةَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَنَحْنُ إِذَا أَقَمْنَا مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ تِسْعَ عَشْرَةَ صَلَّيْنَا رَكْعَتَيْنِ وَإِنْ زِدْنَا عَلَى ذَلِكَ أَتْمَمْنَا الصَّلَاةَ وَرُوِي عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ مَنْ أَقَامَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ أَتَمَّ الصَّلَاةَ وَرُوِي عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ أَقَامَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَتَمَّ الصَّلَاةَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ وَرُوِي عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ إِذَا أَقَامَ أَرْبَعًا صَلَّى أَرْبَعًا وَرَوَى عَنْهُ ذَلِكَ قَتَادَةُ وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ وَرَوَى عَنْهُ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ خِلَافَ هَذَا وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ بَعْدُ فِي ذَلِكَ فَأَمَّا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ فَذَهَبُوا إِلَى تَوْقِيتِ خَمْسَ عَشْرَةَ وَقَالُوا إِذَا أَجْمَعَ عَلَى إِقَامَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ أَتَمَّ الصَّلَاةَ و قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِذَا أَجْمَعَ عَلَى إِقَامَةِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أَتَمَّ الصَّلَاةَ و قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ إِذَا أَجْمَعَ عَلَى إِقَامَةِ أَرْبَعَةٍ أَتَمَّ الصَّلَاةَ وَأَمَّا إِسْحَقُ فَرَأَى أَقْوَى الْمَذَاهِبِ فِيهِ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لِأَنَّهُ رَوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ تَأَوَّلَهُ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَجْمَعَ عَلَى إِقَامَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ أَتَمَّ الصَّلَاةَ ثُمَّ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمُسَافِرَ يَقْصُرُ مَا لَمْ يُجْمِعْ إِقَامَةً وَإِنْ أَتَى عَلَيْهِ سِنُونَ
عن ابن عباس، قال: «سافر رسول الله صلى الله عليه وسلم سفرا، فصلى تسعة عشر يوما ركعتين ركعتين»، قال ابن عباس: «فنحن نصلي فيما بيننا وبين تسع عشرة ركعتين...
عن البراء بن عازب، قال: «صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر سفرا، فما رأيته ترك الركعتين إذا زاغت الشمس قبل الظهر» وفي الباب عن ابن عمر،: «ح...
عن ابن عمر، قال: «صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم الظهر في السفر ركعتين وبعدها ركعتين»: «هذا حديث حسن»، وقد رواه ابن أبي ليلى، عن عطية، ونافع، عن ابن...
عن ابن عمر، قال: «صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم في الحضر والسفر، فصليت معه في الحضر الظهر أربعا وبعدها ركعتين، وصليت معه في السفر الظهر ركعتين وبعد...
عن معاذ بن جبل، «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في غزوة تبوك، إذا ارتحل قبل زيغ الشمس أخر الظهر إلى أن يجمعها إلى العصر فيصليهما جميعا، وإذا ارتحل بع...
عن ابن عمر، أنه «استغيث على بعض أهله، فجد به السير، فأخر المغرب حتى غاب الشفق، ثم نزل فجمع بينهما»، ثم أخبرهم «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفع...
عن عباد بن تميم، عن عمه، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج بالناس يستسقي، فصلى بهم ركعتين جهر بالقراءة فيهما، وحول رداءه، ورفع يديه واستسقى، واستقب...
عن آبي اللحم، «أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أحجار الزيت يستسقي، وهو مقنع بكفيه يدعو»: «كذا قال قتيبة في هذا الحديث، عن آبي اللحم ولا نعرف...
عن هشام بن إسحاق وهو ابن عبد الله بن كنانة، عن أبيه، قال: أرسلني الوليد بن عقبة وهو أمير المدينة إلى ابن عباس أسأله عن استسقاء رسول الله صلى الله عليه...