575- عن ابن عباس، قال: «سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها - يعني النجم - والمسلمون والمشركون والجن والإنس» وفي الباب عن ابن مسعود، وأبي هريرة: «حديث ابن عباس حديث حسن صحيح»، " والعمل على هذا عند بعض أهل العلم: يرون السجود في سورة النجم «،» وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: ليس في المفصل سجدة، وهو قول مالك بن أنس، والقول الأول أصح، وبه يقول الثوري، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق "
صحيح
تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: أبو العلا محمد عبد الرحمن المباركفورى (المتوفى: 1353هـ)
قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَزَّازُ ) بِالْمُوَحَّدَةِ وَالزَّايَيْنِ الْمَنْقُوطَتَيْنِ الْحَمَّالُ أَبُو مُوسَى ثِقَةٌ مِنْ الْعَاشِرَةِ ( أَخْبَرَنَا أَبِي ) أَيْ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدِ بْنُ ذَكْوَانَ الْعَنْبَرِيُّ مَوْلَاهُمْ أَبُو عُبَيْدَةَ التَّنُّورِيُّ ثِقَةٌ ثَبْتٌ , قَالَ الذَّهَبِيُّ أَجْمَع الْمُسْلِمُونَ عَلَى الِاحْتِجَاجِ بِهِ ( عَنْ أَيُّوبَ ) هُوَ السَّخْتِيَانِيُّ.
قَوْلُهُ : ( سَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا يَعْنِي النَّجْمَ وَالْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ ) هَذِهِ اللَّامَّاتُ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ لِلْعَهْدِ أَيْ الَّذِينَ كَانُوا عِنْدَهُ وَهَذَا كَانَ بِمَكَّةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ.
كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ نَقْلًا عَنْ مَيْرك.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ : قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ وَكَانَ سَبَبُ سُجُودِهِمْ فِيمَا قَالَ اِبْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهَا أَوَّلُ سَجْدَةٍ نَزَلَتْ , قَالَ الْقَاضِي : وَأَمَّا مَا يَرْوِيهِ الْإِخْبَارِيُّونَ وَالْمُفَسِّرُونَ أَنَّ سَبَبَ ذَلِكَ مَا جَرَى عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الثَّنَاءِ عَلَى آلِهَةِ الْمُشْرِكِينَ فِي سُورَةِ النَّجْمِ فَبَاطِلٌ لَا يَصِحُّ فِيهِ شَيْءٌ لَا مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ وَلَا مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ لِأَنَّ مَدْحَ إِلَهٍ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى كُفْرٌ وَلَا يَصِحُّ نِسْبَةٌ ذَلِكَ إِلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَنْ يَقُولَهُ الشَّيْطَانُ عَلَى لِسَانِهِ , وَلَا يَصِحُّ تَسْلِيطُ الشَّيْطَانِ عَلَى ذَلِكَ اِنْتَهَى.
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي فَتْحِ الْبَارِي : قَالَ الْكَرْمَانِيُّ : سَجَدَ الْمُشْرِكُونَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهَا أَوَّلُ سَجْدَةٍ نَزَلَتْ فَأَرَادُوا مُعَارَضَةَ الْمُسْلِمِينَ بِالسُّجُودِ لِمَعْبُودِهِمْ , أَوْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُمْ بِلَا قَصْدٍ , أَوْ خَافُوا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ مِنْ مُخَالَفَتِهِمْ.
اِنْتَهَى كَلَامُ الْكَرْمَانِيِّ.
قَالَ الْحَافِظُ : وَالِاحْتِمَالَاتُ الثَّلَاثَةُ فِيهَا نَظَرٌ , وَالْأَوَّلُ مِنْهَا لِعِيَاضٍ , وَالثَّانِي يُخَالِفُهُ سِيَاقُ اِبْنِ مَسْعُودٍ حَيْثُ زَادَ فِيهِ : إِنَّ الَّذِي اِسْتَثْنَاهُ مِنْهُمْ أَخَذَ كَفًّا مِنْ حَصًى فَوَضَعَ جَبْهَتَهُ عَلَيْهِ فَإِنَّ ذَلِكَ ظَاهِرٌ فِي الْقَصْدِ , وَالثَّالِثُ أَبْعَدُ إِذْ الْمُسْلِمُونَ حِينَئِذٍ هُمْ الَّذِينَ كَانُوا خَائِفِينَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ لَا الْعَكْسُ , اِنْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ.
قَالَ الْكَرْمَانِيُّ : وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ بِسَبَبِ إِلْقَاءِ الشَّيْطَانِ فِي أَثْنَاءِ قِرَاءَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا صِحَّةَ لَهُ عَقْلًا وَلَا نَقْلًا اِنْتَهَى كَلَامُ الْكَرْمَانِيِّ.
قَالَ الْحَافِظُ : وَمَنْ تَأَمَّلَ مَا أَوْرَدْته مِنْ ذَلِكَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْحَجِّ عَرَفَ وَجْهَ الصَّوَابِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى اِنْتَهَى.
قُلْت : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْحَجِّ : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِك مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاَللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ } , قَالَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ : قَالَ اِبْنُ عَبَّاسٍ فِي أُمْنِيَّتِهِ إِذَا حَدَّثَ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي حَدِيثِهِ فَيُبْطِلُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ وَيُحْكِمُ آيَاتِهِ , وَيُقَالُ أُمْنِيَّتِهِ قِرَاءَتِهِ الْأَمَانِيَّ يَقْرَءُونَ وَلَا يَكْتُبُونَ.
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ : وَعَلَى تَأْوِيلِ اِبْنِ عَبَّاسٍ هَذَا يُحْمَلُ مَا جَاءَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقَدْ أَخْرَجَهُ اِبْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالطَّبَرِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ مِنْ طُرُقٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْهُ قَالَ : قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ { وَالنَّجْمِ } فَلَمَّا بَلَغَ { أَفَرَأَيْتُمْ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى } أَلْقَى الشَّيْطَانُ عَلَى لِسَانِهِ : تِلْكَ الْغَرَانِيقُ الْعُلَى وَإِنَّ شَفَاعَتَهُنَّ لَتُرْتَجَى , فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ : مَا ذَكَرَ آلِهَتَنَا بِخَيْرٍ قَبْلَ الْيَوْمِ , فَسَجَدَ وَسَجَدُوا فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.
ثُمَّ ذَكَرَ الْحَافِظُ طُرُقًا عَدِيدَةً لِهَذَا الْحَدِيثِ ثُمَّ قَالَ : وَكُلُّهَا سِوَى طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ إِمَّا ضَعِيفٌ وَإِمَّا مُنْقَطِعٌ لَكِنَّ كَثْرَةَ الطُّرُقِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْقِصَّةِ أَصْلًا مَعَ أَنَّ لَهَا طَرِيقَيْنِ آخَرَيْنِ مُرْسَلَيْنِ رِجَالُهُمَا عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحَيْنِ : أَحَدُهُمَا : مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ اِبْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ بْنُ هِشَامٍ فَذَكَرَ نَحْوَهُ , وَالثَّانِي مَا أَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ الْمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ فَرَفَعَهُمَا عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ , ثُمَّ رَدَّ الْحَافِظُ عَلَى مَنْ قَالَ إِنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ لَا أَصْلَ لَهَا , وَأَنَّ كُلَّ مَا رُوِيَ فِيهَا فَهُوَ بَاطِلٌ , ثُمَّ قَالَ إِنَّ الطُّرُقَ إِذَا كَثُرَتْ وَتَبَايَنَتْ مَخَارِجُهَا دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ لَهَا أَصْلًا.
قَالَ وَقَدْ ذَكَرْت أَنَّ ثَلَاثَةَ أَسَانِيدَ مِنْهَا عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ وَهِيَ مَرَاسِيلُ يَحْتَجُّ بِمِثْلِهَا مَنْ يَحْتَجُّ بِالْمُرْسَلِ وَكَذَا مَنْ لَا يَحْتَجُّ بِهِ لِاعْتِضَادِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ.
قَالَ وَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ تَعَيَّنَ تَأْوِيلُ مَا وَقَعَ فِيهَا مِمَّا يُسْتَنْكَرُ وَهُوَ قَوْلُهُ : أَلْقَى الشَّيْطَانُ عَلَى لِسَانِهِ : تِلْكَ الْغَرَانِيقُ الْعُلَى وَإِنَّ شَفَاعَتَهُنَّ لَتُرْتَجَى ; فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَزِيدَ فِي الْقُرْآنِ عَمْدًا مَا لَيْسَ مِنْهُ وَكَذَا سَهْوًا إِذَا كَانَ مُغَايِرًا لِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ التَّوْحِيدِ لِمَكَانِ عِصْمَتِهِ.
ثُمَّ ذَكَرَ تَأْوِيلَاتٍ لِلْعُلَمَاءِ وَرَدَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا إِلَّا تَأْوِيلًا وَاحِدًا فَأَقَرَّهُ وَجَعَلَهُ أَحْسَنَ الْوُجُوهِ فَقَالَ وَقَدْ سَلَكَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ مَسَالِكَ : فَقِيلَ : جَرَى ذَلِكَ عَلَى لِسَانِهِ حِينَ أَصَابَتْهُ سِنَةٌ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ , فَلَمَّا عَلِمَ ذَلِكَ أَحْكَمَ اللَّهُ آيَاتِهِ.
قَالَ وَرَدَّهُ عِيَاضٌ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِكَوْنِهِ لَا يَجُوزُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ وَلَا وِلَايَةَ لِلشَّيْطَانِ عَلَيْهِ فِي النَّوْمِ.
وَقِيلَ إِنَّ الشَّيْطَانَ أَلْجَأَهُ إِلَى أَنْ قَالَ ذَلِكَ بِغَيْرِ اِخْتِيَارِهِ , وَرَدَّهُ اِبْنُ الْعَرَبِيِّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ الشَّيْطَانِ : { وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ } الْآيَةَ , قَالَ : فَلَوْ كَانَ لِلشَّيْطَانِ قُوَّةٌ عَلَى ذَلِكَ لَمَا بَقِيَ لِأَحَدٍ قُوَّةٌ فِي طَاعَةِ , وَهَكَذَا ذَكَرَ الْحَافِظُ تَأْوِيلَاتٍ أُخَرَ وَرَدَّ عَلَيْهَا ثُمَّ قَالَ : وَقِيلَ : كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرَتِّلُ الْقُرْآنَ فَارْتَصَدَهُ الشَّيْطَانُ فِي سَكْتَةٍ مِنْ السَّكَتَاتِ وَنَطَقَ بِتِلْكَ الْكَلِمَاتِ مُحَاكِيًا نَغْمَتَهُ بِحَيْثُ سَمِعَهُ مَنْ دَنَا إِلَيْهِ فَظَنَّهَا مِنْ قَوْلِهِ وَأَشَاعَهَا , قَالَ وَهَذَا أَحْسَنُ الْوُجُوهِ اِنْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ مُلَخَّصًا.
قُلْت : فِي هَذَا التَّأْوِيلِ أَيْضًا كَلَامٌ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ إِنَّ الطُّرُقَ إِذَا كَثُرَتْ وَتَبَايَنَتْ مَخَارِجُهَا دَلَّ ذَلِكَ أَنَّ لَهَا أَصْلًا فَفِيهِ أَنَّ هَذَا لَيْسَ قَانُونًا كُلِّيًّا.
قَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِي نَصْبِ الرَّايَةِ : وَكَمْ مِنْ حَدِيثٍ كَثُرَتْ رُوَاتُهُ وَتَعَدَّدَتْ طُرُقُهُ وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ كَحَدِيثِ الطَّيْرِ , وَحَدِيثِ الْحَاجِمِ وَالْمَحْجُومِ , وَحَدِيثِ مَنْ كُنْت مَوْلَاهُ فَعَلَيَّ مَوْلَاهُ , بَلْ قَدْ لَا يَزِيدُ الْحَدِيثَ كَثْرَةُ الطُّرُقِ إِلَّا ضَعْفًا , اِنْتَهَى كَلَامُ الزَّيْلَعِيِّ فَتَأَمَّلْ وَتَفَكَّرْ.
تَنْبِيهٌ : الْغَرَانِيقُ بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ طُيُورُ الْمَاءِ , شُبِّهَتْ الْأَصْنَامُ الْمُعْتَقِدُونَ فِيهَا أَنَّهَا تَشْفَعُ لَهُمْ بِالطُّيُورِ تَعْلُو فِي السَّمَاءِ وَتَرْتَفِعُ , وَقَالَ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ : وَقَدْ فَسَّرَ الْكَلْبِيُّ فِي رِوَايَتِهِ الْغَرَانِيقَ الْعُلَى بِالْمَلَائِكَةِ لَا بِآلِهَةِ الْمُشْرِكِينَ كَمَا يَقُولُونَ : إِنَّ الْمَلَائِكَةَ بَنَاتُ اللَّهِ وَكَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وَرَدَّ اللَّهُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ { أَلَكُمْ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى } فَعَلَى هَذَا فَلَعَلَّهُ كَانَ قُرْآنًا ثُمَّ نُسِخَ لِتَوَهُّمِ الْمُشْرِكِينَ بِذَلِكَ مَدْحَ آلِهَتِهِمْ , اِنْتَهَى كَلَامُ الْعَيْنِيِّ.
قُلْت : قَوْلُهُ فَعَلَى هَذَا فَلَعَلَّهُ كَانَ قُرْآنًا ثُمَّ نُسِخَ فِيهِ نَظَرٌ , فَإِنَّ الرِّوَايَاتِ الْمَرْوِيَّةَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ أَلْقَاهَا الشَّيْطَانُ عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِك مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ } , نَزَلَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ قَوْلُهُ تَعَالَى هَذَا أَيْضًا صَرِيحٌ فِي أَنَّ مُلْقِي هَذِهِ الْكَلِمَاتِ عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الشَّيْطَانُ قَالَ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ : فَأَخْبَرَ اللَّهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ سُنَّتَهُ فِي رُسُلِهِ إِذَا قَالُوا قَوْلًا زَادَ الشَّيْطَانُ فِيهِ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ ; فَهَذَا نَصٌّ فِي أَنَّ الشَّيْطَانَ زَادَهُ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهُ اِنْتَهَى كَلَامُ الْعَيْنِيِّ.
فَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ إِنَّ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ أَعْنِي تِلْكَ الْغَرَانِيقُ الْعُلَى إِلَخْ.
كَانَتْ قُرْآنًا ثُمَّ نُسِخَتْ فَتَأَمَّلْ.
تَنْبِيهٌ آخَرُ : قَالَ صَاحِبُ الْعَرْفِ الشَّذِيِّ : التَّحْقِيقُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكَلَّمَ بِهَذَا اللَّفْظِ يَعْنِي تِلْكَ الْغَرَانِيقُ الْعُلَى إِلَخْ بِطَوْعِهِ وَأَنَّهُ آيَةٌ مِنْ الْقُرْآنِ نُسِخَ تِلَاوَتُهَا قَالَ : وَالْمُشَارُ إِلَيْهِ بِتِلْكَ الْغَرَانِيقُ الْمَلَائِكَةُ قَالَ : وَأَتَى الْعَيْنِيُّ وَالْحَافِظُ بِرِوَايَتَيْنِ صَحِيحَتَيْنِ مَرْفُوعَتَيْنِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الصَّحِيحِ اِنْتَهَى كَلَامُهُ.
قُلْت : كَلَامُهُ هَذَا مَرْدُودٌ عَلَيْهِ , فَإِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ بِرِوَايَةٍ مَرْفُوعَةٍ صَحِيحَةٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكَلَّمَ بِهَذَا اللَّفْظِ بِطَوْعِهِ وَأَنَّهُ آيَةٌ مِنْ الْقُرْآنِ نُسِخَ تِلَاوَتُهَا.
وَأَمَّا قَوْلُهُ : وَأَتَى الْعَيْنِيُّ وَالْحَافِظُ بِرِوَايَتَيْنِ صَحِيحَتَيْنِ مَرْفُوعَتَيْنِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الصَّحِيحِ فَخَطَأٌ فَاحِشٌ وَوَهْمٌ قَبِيحٌ , فَإِنَّهُ لَمْ يَأْتِ الْعَيْنِيُّ وَلَا الْحَافِظُ بِرِوَايَةٍ مَرْفُوعَةٍ صَحِيحَةٍ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَضْلًا عَنْ رِوَايَتَيْنِ مَرْفُوعَتَيْنِ صَحِيحَتَيْنِ.
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَزَّازُ الْبَغْدَادِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا يَعْنِي النَّجْمَ وَالْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ قَالَ وَفِي الْبَاب عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ أَبُو عِيسَى حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ يَرَوْنَ السُّجُودَ فِي سُورَةِ النَّجْمِ و قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِمْ لَيْسَ فِي الْمُفَصَّلِ سَجْدَةٌ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ وَبِهِ يَقُولُ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَقُ
عن زيد بن ثابت، قال: «قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم النجم، فلم يسجد فيها»: «حديث زيد بن ثابت حديث حسن صحيح» وتأول بعض أهل العلم هذا الحديث، فق...
عن ابن عباس، قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد في ص»، قال ابن عباس: «وليست من عزائم السجود». هذا حديث حسن صحيح، واختلف أهل العلم من أصحاب ا...
عن عقبة بن عامر، قال: قلت: يا رسول الله، فضلت سورة الحج بأن فيها سجدتين؟ قال: «نعم، ومن لم يسجدهما فلا يقرأهما»: «هذا حديث ليس إسناده بذاك القوي، واخت...
عن ابن عباس، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إني رأيتني الليلة وأنا نائم كأني أصلي خلف شجرة، فسجدت، فسجدت الشجرة لسجودي...
عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في سجود القرآن بالليل: «سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره بحوله وقوته»: «هذا حديث حسن صحيح»
عن عبد الرحمن بن عبد القاري، قال: سمعت عمر بن الخطاب، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من نام عن حزبه، أو عن شيء منه، فقرأه ما بين صلاة الفجر...
عن أبي هريرة، قال: قال محمد صلى الله عليه وسلم: «أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار»، قال قتيبة: قال حماد: قال لي محمد بن ز...
عن جابر بن عبد الله، أن معاذ بن جبل، «كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب، ثم يرجع إلى قومه فيؤمهم»: «هذا حديث حسن صحيح»، " والعمل على هذا...
عن أنس بن مالك، قال: كنا «إذا صلينا خلف النبي صلى الله عليه وسلم بالظهائر سجدنا على ثيابنا اتقاء الحر»: «هذا حديث حسن صحيح» وفي الباب عن جابر بن عبد ا...