تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: أبو العلا محمد عبد الرحمن المباركفورى (المتوفى: 1353هـ)
قَوْلُهُ : ( وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَشْرِقِ الْعَقِيقَ ) وَهُوَ مَوْضِعٌ بِحِذَاءِ ذَاتِ الْعِرْقِ مِمَّا وَرَاءَهُ , وَقِيلَ دَاخِلٌ فِي حَدِّ ذَاتِ الْعِرْقِ وَأَصْلُهُ كُلُّ مَسِيلٍ شَقَّهُ السَّيْلُ فَوَسَّعَهُ مِنْ الْعَقِّ وَهُوَ الْقَطْعُ وَالشَّقُّ.
وَالْمُرَادُ بِأَهْلِ الْمَشْرِقِ مَنْ مَنْزِلُهُ خَارِجَ الْحَرَمِ مِنْ شَرْقِيِّ مَكَّةَ إِلَى أَقْصَى بِلَادِ الشَّرْقِ وَهُمْ الْعِرَاقِيُّونَ وَالْمَعْنَى حَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَيَّنَ لِإِحْرَامِ أَهْلِ الْمَشْرِقِ الْعَقِيقَ.
قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ ) قَالَهُ الْمُنْذِرِيُّ بَعْدَ ذِكْرِ كَلَامِ التِّرْمِذِيِّ : هَذَا وَفِي إِسْنَادِهِ يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ أَنَّهُ تَفَرَّدَ بِهِ اِنْتَهَى.
فَإِنْ قُلْت رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ عَائِشَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَسْأَلُ عَنْ الْمَهْلِ , فَقَالَ سَمِعْت أَحْسَبُهُ رَفَعَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : مَهَلُّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ , وَالطَّرِيقُ الْأُخْرَى الْجُحْفَةُ , وَمَهَلُّ أَهْلِ الْعِرَاقِ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ الْحَدِيثَ.
فَيَثْبُتُ مِنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ أَنَّ مِيقَاتَ أَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتُ عِرْقٍ.
وَيَثْبُتُ مِنْ حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ الْعَقِيقُ فَكَيْفَ التَّوْفِيقُ ؟ قُلْت : قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ : حَدِيثُ التِّرْمِذِيِّ قَدْ تَفَرَّدَ بِهِ يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَإِنْ كَانَ حَفِظَهُ فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ جَابِرٍ وَغَيْرِهِ بِأَجْوِبَةٍ مِنْهَا : إِنَّ ذَاتَ عِرْقٍ مِيقَاتُ الْوُجُوبِ وَالْعَقِيقَ مِيقَاتُ الِاسْتِحْبَابِ ; لِأَنَّهُ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ.
وَمِنْهَا أَنَّ الْعَقِيقَ مِيقَاتُ بَعْضِ الْعِرَاقِيِّينَ وَهُمْ أَهْلُ الْمَدَائِنِ وَالْآخَرُ مِيقَاتٌ لِأَهْلِ الْبَصْرَةِ , وَقَعَ ذَلِكَ فِي حَدِيثٍ لِأَنَسٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.
وَمِنْهَا أَنَّ ذَاتَ عِرْقٍ كَانَتْ أَوَّلًا فِي مَوْضِعِ الْعَقِيقِ الْآنَ ثُمَّ حُوِّلَتْ وَقُرِّبَتْ إِلَى مَكَّةَ فَذَاتُ عِرْقٍ وَالْعَقِيقُ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَيَتَعَيَّنُ الْإِحْرَامُ مِنْ الْعَقِيقِ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ وَإِنَّمَا قَالُوا يُسْتَحَبُّ اِحْتِيَاطًا اِنْتَهَى.
فَإِنْ قُلْت : رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ اِبْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : لَمَّا فُتِحَ هَذَانِ الْمِصْرَانِ أَتَوْا عُمَرَ فَقَالُوا : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّ لِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا , وَهُوَ جَوْرٌ عَنْ طَرِيقَتِنَا وَإِنَّا إِنْ أَرَدْنَا قَرْنًا شَقَّ عَلَيْنَا.
قَالَ فَانْظُرُوا حَذْوَهَا مِنْ طَرِيقِكُمْ فَحَدَّ لَهُمْ ذَاتَ عِرْقٍ اِنْتَهَى.
وَالْمُرَادُ مِنْ هَذَيْنِ الْمِصْرَيْنِ الْكُوفَةُ وَالْبَصْرَةُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ شُرَّاحُ الْبُخَارِيِّ , وَهُمَا سُرَّتَا الْعِرَاقِ.
فَحَدِيثُ اِبْنِ عُمَرَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ بِاجْتِهَادٍ مِنْهُ.
وَحَدِيثُ جَابِرٍ وَغَيْرِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا صَارَتْ مِيقَاتَهُمْ بِتَوْقِيتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَيْفَ التَّوْفِيقُ ؟ قُلْت : جُمِعَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لَمْ يَبْلُغْهُ الْخَبَرُ فَاجْتَهَدَ فِيهِ فَأَصَابَ وَوَافَقَ السُّنَّةَ.
فَإِنْ قُلْت : قَالَ اِبْنُ خُزَيْمَةَ : رُوِّيتُ فِي ذَاتِ عِرْقٍ أَخْبَارٌ لَا يَثْبُتُ مِنْهَا شَيْءٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ , وَقَالَ اِبْنُ الْمُنْذِرِ لَمَّا نَجِدْ فِي ذَاتِ عِرْقٍ حَدِيثًا ثَابِتًا.
وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَهُوَ مَشْكُوكٌ فِي رَفْعِهِ.
فَالظَّاهِرُ أَنَّ تَوْقِيتَ ذَاتِ عِرْقٍ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ بِاجْتِهَادِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
قُلْت قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ : الْحَدِيثُ بِمَجْمُوعِ الطُّرُقِ يَقْوَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ اِبْنِ لَهِيعَةَ وَابْنِ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ فَلَمْ يَشُكَّا فِي رَفْعِهِ.
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَشْرِقِ الْعَقِيقَ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ هُوَ أبُو جَعْفَرٍ مُحمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حُسَيْنِ بنِ عَلِيِّ بنِ أبِي طَالبٍ
عن ابن عمر، أنه قال: قام رجل، فقال: يا رسول الله، ماذا تأمرنا أن نلبس من الثياب في الحرم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تلبسوا القمص، ولا الس...
عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «المحرم إذا لم يجد الإزار فليلبس السراويل، وإذا لم يجد النعلين فليلبس الخفين» حدثنا قتيبة قال...
عن يعلى بن أمية، قال: «رأى النبي صلى الله عليه وسلم أعرابيا قد أحرم وعليه جبة، فأمره أن ينزعها» 836- عن صفوان بن يعلى، عن أبيه، عن النبي صلى الله عل...
عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خمس فواسق يقتلن في الحرم: الفأرة، والعقرب، والغراب، والحديا، والكلب العقور " وفي الباب عن ابن مسعود...
عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يقتل المحرم السبع العادي، والكلب العقور، والفأرة، والعقرب، والحدأة، والغراب»: «هذا حديث حسن» والعمل على...
عن ابن عباس، «أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم» وفي الباب عن أنس، وعبد الله ابن بحينة، وجابر.<br>: «حديث ابن عباس حديث حسن صحيح» وقد رخص قوم...
عن نبيه بن وهب، قال: أراد ابن معمر أن ينكح ابنه، فبعثني إلى أبان بن عثمان وهو أمير الموسم بمكة، فأتيته، فقلت: إن أخاك يريد أن ينكح ابنه، فأحب أن يشهدك...
عن أبي رافع قال: «تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة وهو حلال، وبنى بها وهو حلال»، وكنت أنا الرسول فيما بينهما: «هذا حديث حسن، ولا نعلم أحدا أسن...
عن ابن عباس، «أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم» وفي الباب عن عائشة.<br> حديث ابن عباس حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم،...