حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

الظهر يركب إذا كان مرهونا ولبن الدر يشرب إذا كان مرهونا - سنن الترمذي

سنن الترمذي | أبواب البيوع باب ما جاء في الانتفاع بالرهن (حديث رقم: 1254 )


1254- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الظهر يركب إذا كان مرهونا، ولبن الدر يشرب إذا كان مرهونا، وعلى الذي يركب ويشرب نفقته»: هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه مرفوعا، إلا من حديث عامر الشعبي، عن أبي هريرة وقد روى غير واحد هذا الحديث عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة موقوفا، والعمل على هذا الحديث عند بعض أهل العلم، وهو قول أحمد، وإسحاق، وقال بعض أهل العلم: ليس له أن ينتفع من الرهن بشيء

أخرجه الترمذي


صحيح

شرح حديث (الظهر يركب إذا كان مرهونا ولبن الدر يشرب إذا كان مرهونا)

تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: أبو العلا محمد عبد الرحمن المباركفورى (المتوفى: 1353هـ)

‏ ‏قَوْلُهُ : ( الظَّهْرُ يُرْكَبُ ) ‏ ‏بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ , وَكَذَلِكَ يُشْرَبُ وَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى الْأَمْرِ.
وَالْمُرَادُ مِنْ الظَّهْرِ ظَهْرُ الدَّابَّةِ , وَقِيلَ الظَّهْرُ الْإِبِلُ الْقَوِيُّ يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ ‏ ‏( وَلَبَنُ الدَّرِّ ) ‏ ‏بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الدَّارَّةِ أَيْ ذَاتِ الضَّرْعِ.
وَقَوْلُهُ لَبَنُ الدَّرِّ مِنْ إِضَافَةِ الشَّيْءِ إِلَى نَفْسِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى { وَحَبَّ الْحَصِيدِ } قَالَهُ الْحَافِظُ ‏ ‏( وَعَلَى الَّذِي يَرْكَبُ وَيَشْرَبُ نَفَقَتُهُ ) ‏ ‏أَيْ كَائِنًا مَنْ كَانَ هَذَا ظَاهِرُ الْحَدِيثِ.
وَفِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ قَالَ يَجُوزُ لِلْمُرْتَهِنِ الِانْتِفَاعُ بِالرَّهْنِ إِذَا قَامَ بِمَصْلَحَتِهِ وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْمَالِكُ.
وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَطَائِفَةٍ قَالُوا : أَيَنْتَفِعُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ الرَّهْنِ بِالرُّكُوبِ وَالْحَلْبِ بِقَدْرِ النَّفَقَةِ وَلَا يَنْتَفِعُ بِغَيْرِهِمَا لِمَفْهُومِ الْحَدِيثِ : وَأَمَّا دَعْوَى الْإِجْمَالِ فَقَدْ دَلَّ بِمَنْطُوقِهِ عَلَى إِبَاحَةِ الِانْتِقَاعِ فِي مُقَابَلَةِ الْإِنْفَاقِ وَهَذَا يَخْتَصُّ بِالْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ الْحَدِيثَ وَإِنْ كَانَ مُجْمَلًا لَكِنَّهُ يَخْتَصُّ بِالْمُرْتَهِنِ ; لِأَنَّ اِنْتِفَاعَ الرَّاهِنِ بِالْمَرْهُونِ لِكَوْنِهِ مَالِكَ رَقَبَتِهِ لَا لِكَوْنِهِ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ , بِخِلَافِ الْمُرْتَهِنِ : وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَا يَنْتَفِعُ مِنْ الْمَرْهُونِ بِشَيْءٍ.
وَتَأَوَّلُوا الْحَدِيثَ لِكَوْنِهِ وَرَدَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا التَّجْوِيزُ لِغَيْرِ الْمَالِكِ أَنْ يَرْكَبَ وَيَشْرَبَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ , وَالثَّانِي تَضْمِينُهُ ذَلِكَ بِالنَّفَقَةِ لَا بِالْقِيمَةِ.
قَالَ اِبْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ يَرُدُّهُ أُصُولٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا وَآثَارٌ ثَابِتَةٌ لَا يُخْتَلَفُ فِي صِحَّتِهَا.
وَيَدُلُّ عَلَى نَسْخِهِ حَدِيثُ اِبْنِ عُمَرَ : لَا تُحْلَبُ مَاشِيَةُ اِمْرِئٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ : رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ اِنْتَهَى.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ رَهْنِ ذَاتِ دَرٍّ وَظَهْرٍ لَمْ يَمْنَعْ الرَّاهِنَ مِنْ دَرِّهَا وَظَهْرِهَا , فَهِيَ مَحْلُوبَةٌ وَمَرْكُوبَةٌ لَهُ كَمَا كَانَتْ قَبْلَ الرَّهْنِ : وَاعْتَرَضَهُ الطَّحَاوِيُّ بِمَا رَوَاهُ هُشَيْمٌ عَنْ زَكَرِيَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَلَفْظُهُ : إِذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ مَرْهُونَةً فَعَلَى الْمُرْتَهِنِ عَلَفُهَا.
الْحَدِيثَ قَالَ : فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ الْمُرْتَهِنُ لَا الرَّاهِنُ , ثُمَّ أَجَابَ عَنْ الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الرِّبَا فَلَمَّا حُرِّمَ الرِّبَا اِرْتَفَعَ مَا أُبِيحَ فِي هَذَا لِلْمُرْتَهِنِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ النَّسْخَ لَا يَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ وَالتَّارِيخُ فِي هَذَا مُتَعَذِّرٌ وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ مُمْكِنٌ.
وَقَدْ ذَهَبَ الْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ وَأَبُو ثَوْرٍ إِلَى حَمْلِهِ عَلَى مَا إِذَا اِمْتَنَعَ الرَّاهِنُ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَى الْمَرْهُونِ فَيُبَاحُ حِينَئِذٍ لِلْمُرْتَهِنِ الْإِنْفَاقُ عَلَى الْحَيَوَانِ حِفْظًا لِحَيَاتِهِ وَلِإِبْقَاءِ الْمَالِيَّةِ فِيهِ , وَجُعِلَ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ نَفَقَتِهِ الِانْتِفَاعُ بِالرُّكُوبِ أَوْ بِشُرْبِ اللَّبَنِ بِشَرْطِ أَلَّا يَزِيدَ قَدْرُ ذَلِكَ أَوْ قِيمَتُهُ عَلَى قَدْرِ عَلَفِهِ وَهِيَ مِنْ جُمْلَةِ مَسَائِلِ الظَّفَرِ.
كَذَا أَفَادَ الْحَافِظُ فِي فَتْحِ الْبَارِي.
قُلْتُ حَمْلُ الْحَدِيثِ عَلَى مَا إِذَا اِمْتَنَعَ الرَّاهِنُ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَى الْمَرْهُونِ خِلَافُ الظَّاهِرِ.
وَقَالَ فِي سُبُلِ السَّلَامِ : إِنَّهُ تَقْيِيدٌ لِلْحَدِيثِ بِمَا لَمْ يُقَيِّدْ بِهِ الشَّارِعُ.
وَأَمَّا قَوْلُ اِبْنِ عَبْدِ الْبَرِّ يَدُلُّ عَلَى نَسْخِهِ حَدِيثُ اِبْنِ عُمَرَ : لَا تُحْلَبُ مَاشِيَةُ اِمْرِئٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَفِيهِ مَا قَالَ الْحَافِظُ فِي جَوَابِ الطَّحَاوِيِّ مِنْ أَنَّ النَّسْخَ لَا يَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ وَالتَّارِيخُ فِي هَذَا مُتَعَذِّرٌ وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْحَدِيثِينَ مُمْكِنٌ , وَقَالَ فِي السُّبُلِ : أَمَّا النَّسْخُ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ مَعْرِفَةِ التَّارِيخِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ إِلَّا إِذَا تَعَذَّرَ الْجَمْعُ وَلَا تَعَذُّرَ هُنَا إِذْ يُخَصُّ عُمُومُ النَّهْيِ بِالْمَرْهُونَةِ اِنْتَهَى.
وَأَمَّا قَوْلُهُ بِأَنَّ الْحَدِيثَ يَرُدُّهُ أُصُولٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا وَآثَارٌ ثَابِتَةٌ فَفِيهِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الشَّرِيعَةِ.
وَالْجَمْعُ بَيْنَ هَذَا الْأَصْلِ وَتِلْكَ الْأُصُولِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا وَتِلْكَ الْآثَارِ الثَّابِتَةِ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا مُمْكِنٌ.
وَأَمَّا قَوْلُ الْجُمْهُورِ بِأَنَّ الْحَدِيثَ وَرَدَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ مِنْ وَجْهَيْنِ إِلَخْ.
فَفِيهِ مَا قَالَ الْحَافِظُ اِبْنُ الْقَيِّمِ فِي أَعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ : وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ : إِنَّ الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ وَهُوَ قَوْلُهُ الرَّهْنُ مَرْكُوبٌ وَمَحْلُوبٌ وَعَلَى الَّذِي يَرْكَبُ وَيَحْلِبُ النَّفَقَةُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَإِنَّهُ جَوَّزَ لِغَيْرِ الْمَالِكِ أَنْ يَرْكَبَ الدَّابَّةَ وَيَحْلِبَهَا وَضَمَّنَهُ ذَلِكَ بِالنَّفَقَةِ , فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْقِيَاسِ مِنْ وَجْهَيْنِ وَالصَّوَابُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ.
وَقَوَاعِدُ الشَّرِيعَةِ وَأُصُولُهَا لَا تَقْتَضِي سِوَاهُ.
فَإِنَّ الرَّهْنَ إِذَا كَانَ حَيَوَانًا مُحْتَرَمًا فِي نَفْسِهِ بِحَقِّ اللَّهِ سُبْحَانَهُ , وَكَذَلِكَ فِيهِ حَقُّ الْمِلْكِ , وَلِلْمُرْتَهِنِ حَقُّ الْوَثِيقَةِ.
وَقَدْ شَرَعَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الرَّهْنَ مَقْبُوضًا بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ فَإِذَا كَانَ بِيَدِهِ فَلَمْ يَرْكَبْهُ وَلَمْ يَحْلِبْهُ ذَهَبَ نَفْعُهُ بَاطِلًا , وَإِنْ مَكَّنَ صَاحِبَهُ مِنْ رُكُوبِهِ خَرَجَ عَنْ يَدِهِ وَتَوْثِيقِهِ , وَإِنْ كُلِّفَ صَاحِبُهُ كُلَّ وَقْتٍ أَنْ يَأْتِيَ يَأْخُذُ لَبَنَهُ شَقَّ عَلَيْهِ.
غَايَةَ الْمَشَقَّةِ , وَلَا سِيَّمَا مَعَ بُعْدِ الْمَسَافَةِ , وَإِنْ كُلِّفَ الْمُرْتَهِنُ بَيْعَ اللَّبَنِ وَحِفْظَ ثَمَنِهِ لِلرَّاهِنِ شَقَّ عَلَيْهِ.
فَكَانَ بِمُقْتَضَى الْعَدْلِ وَالْقِيَاسِ وَمَصْلَحَةُ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ وَالْحَيَوَانِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمُرْتَهِنُ مَنْفَعَةَ الرُّكُوبِ وَالْحَلْبِ وَيُعَوِّضَ عَنْهُمَا بِالنَّفَقَةِ فَفِي هَذَا جَمْعٌ بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ وَتَوْفِيرُ الْحَقَّيْنِ , فَإِنَّ نَفَقَةَ الْحَيَوَانِ وَاجِبَةٌ عَلَى صَاحِبِهِ.
وَالْمُرْتَهِنُ إِذَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ أَدَّى عَنْهُ وَاجِبًا وَلَهُ فِيهِ حَقٌّ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِبَدَلِهِ وَمَنْفَعَةُ الرُّكُوبِ وَالْحَلْبُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَا بَدَلًا , فَأَخْذُهَا خَيْرٌ مِنْ أَنْ تُهْدَرَ عَلَى صَاحِبِهَا بَاطِلًا.
وَيُلْزَمَ بِعِوَضِ مَا أَنْفَقَ الْمُرْتَهِنُ وَإِنْ قِيلَ لِلْمُرْتَهِنِ لَا رُجُوعَ لَك كَانَ فِيهِ إِضْرَارٌ بِهِ , وَلَمْ تَسْمَحْ نَفْسُهُ بِالنَّفَقَةِ عَلَى الْحَيَوَانِ , فَكَانَ مَا جَاءَتْ بِهِ الشَّرِيعَةُ هُوَ الْغَايَةَ الَّتِي مَا فَوْقَهَا فِي الْعَدْلِ وَالْحِكْمَةِ وَالْمَصْلَحَةِ شَيْءٌ يُخْتَارُ.
ثُمَّ ذَكَرَ اِبْنُ الْقَيِّمِ كَلَامًا حَسَنًا مُفِيدًا مَنْ شَاءَ الْوُقُوفَ عَلَيْهِ فَلْيَرْجِعْ إِلَى الْأَعْلَامِ.
وَقَالَ الْقَاضِي الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ : وَيُجَابُ عَنْ دَعْوَى مُخَالَفَةِ هَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ لِلْأُصُولِ بِأَنَّ السُّنَّةَ الصَّحِيحَةَ مِنْ جُمْلَةِ الْأُصُولِ فَلَا تُرَدُّ إِلَّا بِمُعَارِضٍ أَرْجَحَ مِنْهَا بَعْدَ تَعَذُّرِ الْجَمْعِ.
وَعَنْ حَدِيثِ اِبْنِ عُمَرَ بِأَنَّهُ عَامٌّ وَحَدِيثُ الْبَابِ خَاصٌّ فَيُبْنَى الْعَامُّ عَلَى الْخَاصّ , وَالنَّسْخُ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِدَلِيلٍ يَقْضِي بِتَأَخُّرِ النَّاسِخِ عَلَى وَجْهٍ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْجَمْعُ لَا بِمُجَرَّدِ الِاحْتِمَالِ مَعَ الْإِمْكَانِ.
اِنْتَهَى كَلَامُ الشَّوْكَانِيِّ , فَالْحَاصِلُ أَنَّ حَدِيثَ الْبَابِ صَحِيحٌ مُحْكَمٌ لَيْسَ بِمَنْسُوخٍ وَلَا يَرُدُّهُ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الشَّرِيعَةِ , وَلَا أَثَرٌ مِنْ الْآثَارِ الثَّابِتَةِ.
وَهُوَ دَلِيلٌ صَرِيحٌ فِي جَوَازِ الرُّكُوبِ عَلَى الدَّابَّةِ الْمَرْهُونَةِ بِنَفَقَتِهَا وَشُرْبِ لَبَنِ الدَّرِّ الْمَرْهُونَةِ بِنَفَقَتِهَا.
وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ كَمَا ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ.
وَأَمَّا قِيَاسُ الْأَرْضِ الْمَرْهُونَةِ عَلَى الدَّابَّةِ الْمَرْهُونَةِ وَالدَّرِّ الْمَرْهُونَةِ , فَقِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ هَذَا مَا عِنْدِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ) ‏ ‏أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّا مُسْلِمًا وَالنَّسَائِيَّ.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ ) ‏ ‏قَالَا : يَنْتَفِعُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ الرَّهْنِ بِالرُّكُوبِ وَالْحَلْبِ بِقَدْرِ النَّفَقَةِ وَلَا يَنْتَفِعُ بِغَيْرِهِمَا , لِمَفْهُومِ الْحَدِيثِ.
قَالَ الطِّيبِيُّ : وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ : لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَنْتَفِعَ مِنْ الْمَرْهُونِ بِحَلْبٍ وَرُكُوبٍ دُونَ غَيْرِهِمَا وَيُقَدَّرُ بِقَدْرِ النَّفَقَةِ , وَاحْتَجَّا بِهَذَا الْحَدِيثِ.
وَوَجْهُ التَّمَسُّكِ بِهِ أَنْ يُقَالَ : دَلَّ الْحَدِيثُ بِمَنْطُوقِهِ عَلَى إِبَاحَةِ الِانْتِفَاعِ فِي مُقَابَلَةِ الْإِنْفَاقِ وَانْتِفَاعِ الرَّاهِنِ لَيْسَ كَذَلِكَ ; لِأَنَّ إِبَاحَتَهُ مُسْتَفَادَةٌ لَهُ مِنْ تَمَلُّكِ الرَّقَبَةِ لَا مِنْ الْإِنْفَاقِ وَبِمَفْهُومِهِ عَلَى أَنَّ جَوَازَ الِانْتِفَاعِ مَقْصُورٌ عَلَى هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ , وَجَوَازُ الِانْتِفَاعِ غَيْرُ مَقْصُورٍ عَلَيْهِمَا.
فَإِذًا الْمُرَادُ أَنَّ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِالرُّكُوبِ وَالْحَلْبِ مِنْ الْمَرْهُونِ بِالنَّفَقَةِ وَإِنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ لَزِمَهُ النَّفَقَةُ اِنْتَهَى.
قُلْتُ : قَوْلُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ هُوَ الظَّاهِرُ الْمُوَافِقُ لِحَدِيثِ الْبَابِ.
وَقَدْ قَالَ بِهِ طَائِفَةٌ أَيْضًا كَمَا عَرَفْت فِي كَلَامِ الْحَافِظِ.
وَقَدْ قَالَ : بِجَوَازِ اِنْتِفَاعِ الرُّكُوبِ وَشُرْبِ اللَّبَنِ بِقَدْرِ الْعَلَفِ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ أَيْضًا.
قَالَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ : وَقَالَ الْمُغِيرَةُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ : تُرْكَبُ الضَّالَّةُ بِقَدْرِ عَلَفِهَا وَالرَّهْنُ مِثْلُهُ اِنْتَهَى.
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ : قَوْلُهُ وَالرَّهْنُ مِثْلُهُ فِي الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ.
وَقَدْ وَصَلَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَلَفْظُهُ.
الدَّابَّةُ إِذَا كَانَتْ مَرْهُونَةً تُرْكَبُ بِقَدْرِ عَلَفِهَا وَإِذَا كَانَ لَهَا لَبَنٌ يُشْرَبُ مِنْهُ بِقَدْرِ عَلَفِهَا.
وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ فِي جَامِعِهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَلَفْظُهُ : إِذَا اِرْتَهَنَ شَاةً شَرِبَ الْمُرْتَهِنُ مِنْ لَبَنِهَا بِقَدْرِ ثَمَنِ عَلَفِهَا , فَإِنْ اِسْتَفْضَلَ مِنْ اللَّبَنِ بَعْدَ ثَمَنِ الْعَلَفِ فَهُوَ رِبًا اِنْتَهَى.
‏ ‏( وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ لَيْسَ لَهُ ) ‏ ‏أَيْ لِلْمُرْتَهِنِ ‏ ‏( أَنْ يَنْتَفِعَ مِنْ الرَّهْنِ ) ‏ ‏, أَيْ مِنْ الشَّيْءِ الْمَرْهُونِ ‏ ‏( بِشَيْءٍ ) ‏ ‏أَيْ بِشَيْءٍ مِنْ الِانْتِفَاعِ.
وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ , وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَمَرْفُوعًا : لَا يُغْلَقُ الرَّهْنُ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي رَهَنَهُ لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ.
رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ : هَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ مُتَّصِلٌ.
كَذَا فِي الْمُنْتَقَى.
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ : قَوْلُهُ لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ.
فِيهِ دَلِيلٌ لِمَذْهَبِ الْجُمْهُورِ ; لِأَنَّ الشَّارِعَ قَدْ جَعَلَ الْغُنْمَ وَالْغُرْمَ لِلرَّاهِنِ وَلَكِنَّهُ قَدْ اِخْتُلَفَ فِي وَصْلِهِ وَإِرْسَالِهِ وَرَفْعِهِ وَوَقْفِهِ وَذَلِك مِمَّا يُوجِبُ عَدَمَ اِنْتِهَاضِهِ لِمُعَارَضَةِ مَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ اِنْتَهَى قُلْتُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي اِسْتَدَلَّ بِهِ الْجُمْهُورُ قَدْ بَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ الْحَافِظُ اِبْنُ حَجَرٍ فِي التَّلْخِيصِ مَنْ شَاءَ الْوُقُوفَ عَلَيْهِ فَلْيَرْجِعْ إِلَيْهِ.


حديث الظهر يركب إذا كان مرهونا ولبن الدر يشرب إذا كان مرهونا وعلى الذي يركب ويشرب

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏أَبُو كُرَيْبٍ ‏ ‏وَيُوسُفُ بْنُ عِيسَى ‏ ‏قَالَا حَدَّثَنَا ‏ ‏وَكِيعٌ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏زَكَرِيَّا ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَامِرٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ‏ ‏الظَّهْرُ ‏ ‏يُرْكَبُ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا وَلَبَنُ ‏ ‏الدَّرِّ ‏ ‏يُشْرَبُ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا وَعَلَى الَّذِي يَرْكَبُ وَيَشْرَبُ نَفَقَتُهُ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏أَبُو عِيسَى ‏ ‏هَذَا ‏ ‏حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ‏ ‏لَا نَعْرِفُهُ مَرْفُوعًا إِلَّا مِنْ حَدِيثِ ‏ ‏عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏ ‏وَقَدْ رَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ هَذَا الْحَدِيثَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏الْأَعْمَشِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي صَالِحٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏ ‏مَوْقُوفًا ‏ ‏وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَهُوَ قَوْلُ ‏ ‏أَحْمَدَ ‏ ‏وَإِسْحَقَ ‏ ‏و قَالَ ‏ ‏بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ مِنْ الرَّهْنِ بِشَيْءٍ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث سنن الترمذي

اشتريت يوم خيبر قلادة باثني عشر دينارا فيها ذهب وخ...

عن فضالة بن عبيد، قال: اشتريت يوم خيبر قلادة باثني عشر دينارا فيها ذهب وخرز، ففصلتها، فوجدت فيها أكثر من اثني عشر دينارا، فذكرت ذلك للنبي صلى الله علي...

إنما الولاء لمن أعطى الثمن أو لمن ولي النعمة

عن عائشة، أنها أرادت أن تشتري بريرة فاشترطوا الولاء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اشتريها فإنما الولاء لمن أعطى الثمن، أو لمن ولي النعمة» وفي الباب...

ضح بالشاة وتصدق بالدينار

عن حكيم بن حزام، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث حكيم بن حزام يشتري له أضحية بدينار، فاشترى أضحية، فأربح فيها دينارا، فاشترى أخرى مكانها، فجاء بال...

اشتريت له شاتين فبعت إحداهما بدينار وجئت بالشاة وا...

عن عروة البارقي، قال: دفع إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارا لأشتري له شاة، فاشتريت له شاتين، فبعت إحداهما بدينار، وجئت بالشاة والدينار إلى النبي...

إذا أصاب المكاتب حدا أو ميراثا ورث بحساب ما عتق من...

عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أصاب المكاتب حدا أو ميراثا ورث بحساب ما عتق منه» وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يؤدي المكاتب بحصة...

من كاتب عبده على مائة أوقية فأداه إلا عشر أواق

عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يقول: «من كاتب عبده على مائة أوقية فأداه إلا عشر أواق» أو قال: «عشرة دراه...

إذا كان عند مكاتب إحداكن ما يؤدي فلتحتجب منه

عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان عند مكاتب إحداكن ما يؤدي فلتحتجب منه»: هذا حديث حسن صحيح ومعنى هذا الحديث عند أهل العلم عل...

أيما امرئ أفلس ووجد رجل سلعته عنده بعينها فهو أولى...

عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أيما امرئ أفلس ووجد رجل سلعته عنده بعينها فهو أولى بها من غيره» وفي الباب عن سمرة، وابن عمر.<b...

قلت إنه ليتيم فقال أهريقوه

عن أبي سعيد قال: كان عندنا خمر ليتيم فلما نزلت المائدة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه، وقلت: إنه ليتيم، فقال: «أهريقوه» وفي الباب عن أنس بن مال...