1530- عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من حلف على يمين، فرأى غيرها خيرا منها، فليكفر عن يمينه وليفعل» وفي الباب عن أم سلمة: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، أن الكفارة قبل الحنث تجزئ، وهو قول مالك بن أنس، والشافعي، وأحمد، وإسحاق وقال بعض أهل العلم: لا يكفر إلا بعد الحنث قال سفيان الثوري: إن كفر بعد الحنث أحب إلي، وإن كفر قبل الحنث أجزأه
صحيح
تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: أبو العلا محمد عبد الرحمن المباركفورى (المتوفى: 1353هـ)
قَوْلُهُ : ( فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ وَلْيَفْعَلْ ) اِسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ جَوَّزَ الْكَفَّارَةَ قَبْلَ الْحِنْثِ , وَفِيهِ أَنَّ الْوَاوَ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ.
نَعَمْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ لَفْظُ ثُمَّ وَلَفْظُهُ" فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ ثُمَّ لِيَفْعَلْ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ" أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ , وَكَذَلِكَ وَقَعَ لَفْظُ ثُمَّ فِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَلَفْظُهُ : " فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِك ثُمَّ اِئْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ" , قَالَ الْحَافِظُ فِي بُلُوغِ الْمَرَامِ : إِسْنَادُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ صَحِيحٌ.
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ : وَأَخْرَجَ نَحْوَهَا أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ , وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ عَنْ عَائِشَةَ نَحْوَهَا اِنْتَهَى.
فَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ تَدُلُّ عَلَى جَوَازِ تَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْحِنْثِ.
قَوْلُهُ : ( وَفِي الْبَابِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ) أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا.
قَوْلُهُ : ( حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَسَنٌ صَحِيحٌ ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ.
قَوْلُهُ : ( وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ ) قَالَ اِبْنُ الْمُنْذِرِ : رَأَى رَبِيعَةُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَمَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَسَائِرُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ غَيْرِ أَهْلِ الرَّأْيِ : أَنَّ الْكَفَّارَةَ تُجْزِئُ قَبْلَ الْحِنْثِ , إِلَّا أَنَّ الشَّافِعِيَّ اِسْتَثْنَى الصِّيَامَ فَقَالَ : لَا يُجْزِئُ إِلَّا بَعْدَ الْحِنْثِ.
وَقَالَ أَهْلُ الرَّأْيِ لَا تُجْزِئُ الْكَفَّارَةُ قَبْلَ الْحِنْثِ.
وَعَنْ مَالِكٍ رِوَايَتَانِ , وَوَافَقَ الْحَنَفِيَّةَ أَشْهَبُ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَدَاوُدُ الظَّاهِرِيُّ وَخَالَفَهُ اِبْنُ حَزْمٍ , وَاحْتَجَّ الْأَوَّلُونَ بِالرِّوَايَاتِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا تَقْدِيمُ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْحِنْثِ , وَبِالرِّوَايَاتِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا لَفْظُ ثُمَّ وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِيمَا تَقَدَّمَ.
وَاحْتَجَّ الطَّحَاوِيُّ لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَهْلُ الرَّأْيِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ } فَإِنَّ الْمُرَادَ إِذَا حَلَفْتُمْ فَحَنِثْتُمْ.
وَرَدَّهُ مُخَالِفُوهُ فَقَالُوا بَلْ التَّقْدِيرُ فَأَرَدْتُمْ الْحِنْثَ.
قَالَ الْحَافِظُ : وَأَوْلَى مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ التَّقْدِيرُ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ , فَلَيْسَ أَحَدُ التَّقْدِيرَيْنِ بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ اِنْتَهَى.
وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِأَنَّ ظَاهِرَ الْآيَةِ أَنَّ الْكَفَّارَةَ وَجَبَتْ بِنَفْسِ الْيَمِينِ , وَرَدَّهُ مَنْ أَجَازَهَا بِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بِنَفْسِ الْيَمِينِ لَمْ تَسْقُطْ عَمَّنْ لَمْ يَحْنَثْ اِتِّفَاقًا.
وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِأَنَّ الْكَفَّارَةَ بَعْدَ الْحِنْثِ فَرْضٌ , وَإِخْرَاجَهَا قَبْلَهُ تَطَوُّعٌ , فَلَا يَقُومُ التَّطَوُّعُ مَقَامَ الْمَفْرُوضِ.
وَانْفَصَلَ عَنْهُ مَنْ أَجَازَ بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ إِرَادَةُ الْحِنْثِ وَإِلَّا فَلَا تُجْزِئُ كَمَا فِي تَقْدِيمِ الزَّكَاةِ , وَذَكَرَ عِيَاضٌ وَجَمَاعَةٌ أَنَّ عِدَّةَ مَنْ قَالَ بِجَوَازِ تَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ صَحَابِيًّا , وَتَبِعَهُمْ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ إِلَّا أَبَا حَنِيفَةَ , وَقَدْ عَرَفْت مِمَّا سَلَفَ أَنَّ الْمُتَوَجِّبَ الْعَمَلُ بِرِوَايَةِ التَّرْتِيبِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِلَفْظِ ثُمَّ.
وَلَوْلَا الْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِ تَأْخِيرِ الْكَفَّارَةِ عَنْ الْحِنْثِ لَكَانَ ظَاهِرُ الدَّلِيلِ أَنَّ تَقْدِيمَ الْكَفَّارَةِ وَاجِبٌ.
قَالَ الْمَازِرِيُّ : لِلْكَفَّارَةِ ثَلَاثُ حَالَاتٍ : أَحَدُهَا قَبْلَ الْحَلِفِ فَلَا تُجْزِئُ اِتِّفَاقًا , ثَانِيهَا بَعْدَ الْحَلِفِ وَالْحِنْثِ فَتُجْزِئُ اِتِّفَاقًا , ثَالِثُهَا بَعْدَ الْحَلِفِ وَقَبْلَ الْحَلِفِ فَفِيهَا الْخِلَافُ وَأَحَادِيثُ الْبَابِ تَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ مَعَ إِتْيَانِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ , وَفِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَرْكَ الْيَمِينِ وَإِتْيَانَ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ هُوَ الْكَفَّارَةُ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ إِنَّهُ مَا وَرَدَ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا مَا لَا يُعْبَأُ بِهِ.
قَالَ الْحَافِظُ : كَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ" مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ فَهُوَ كَفَّارَتُهُ" , وَ يَحْيَى ضَعِيفٌ جِدًّا.
وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ مَا يُوهِمُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ أَخْرَجَهُ عَنْهُ بِلَفْظِ : " مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيَتْرُكْ يَمِينَهُ " , هَكَذَا أَخْرَجَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْكَفَّارَةَ , وَلَكِنْ أَخْرَجَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِلَفْظِ : " فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيُكَفِّرْهَا وَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ" , وَمَدَارُهُ فِي الطُّرُقِ كُلِّهَا عَلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ تَمِيمِ بْنِ طُرْفَةَ عَنْ عَدِيٍّ , وَالَّذِي زَادَ ذَلِكَ حَافِظٌ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اِنْتَهَى.
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ وَلْيَفْعَلْ قَالَ وَفِي الْبَاب عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَ أَبُو عِيسَى حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الْكَفَّارَةَ قَبْلَ الْحِنْثِ تُجْزِئُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَقَ و قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا يُكَفِّرُ إِلَّا بَعْدَ الْحِنْثِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ إِنْ كَفَّرَ بَعْدَ الْحِنْثِ أَحَبُّ إِلَيَّ وَإِنْ كَفَّرَ قَبْلَ الْحِنْثِ أَجْزَأَهُ
عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من حلف على يمين، فقال: إن شاء الله فقد استثنى، فلا حنث عليه " وفي الباب عن أبي هريرة.<br>: حديث ابن...
عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من حلف على يمين، فقال: إن شاء الله لم يحنث ": " سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث، فقال: هذا حدي...
عن سالم، عن أبيه، سمع النبي صلى الله عليه وسلم عمر وهو يقول: وأبي، وأبي، فقال: «ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم»، فقال عمر: «فوالله ما حلفت به بع...
عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أدرك عمر وهو في ركب وهو يحلف بأبيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم ل...
عن سعد بن عبيدة، أن ابن عمر سمع رجلا يقول: لا والكعبة، فقال ابن عمر: لا يحلف بغير الله، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من حلف بغير الله...
عن أنس قال: نذرت امرأة أن تمشي إلى بيت الله، فسئل نبي الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك؟ فقال: «إن الله لغني عن مشيها، مروها فلتركب» وفي الباب عن أبي هري...
عن أنس قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بشيخ كبير يتهادى بين ابنيه، فقال: «ما بال هذا؟»، قالوا: يا رسول الله، نذر أن يمشي، قال: «إن الله عز وجل لغني ع...
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تنذروا فإن النذر لا يغني من القدر شيئا، وإنما يستخرج به من البخيل» وفي الباب عن ابن عمر: حديث...
عن عمر قال: قلت: يا رسول الله، إني كنت نذرت أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام في الجاهلية، قال: «أوف بنذرك» وفي الباب عن عبد الله بن عمرو، وابن عباس: حدي...