1538- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تنذروا فإن النذر لا يغني من القدر شيئا، وإنما يستخرج به من البخيل» وفي الباب عن ابن عمر: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم كرهوا النذر وقال عبد الله بن المبارك: معنى الكراهية في النذر في الطاعة والمعصية، وإن نذر الرجل بالطاعة فوفى به فله فيه أجر ويكره له النذر
صحيح
تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: أبو العلا محمد عبد الرحمن المباركفورى (المتوفى: 1353هـ)
قَوْلُهُ : ( لَا تَنْذُرُوا ) بِضَمِّ الذَّالِ وَكَسْرِهَا ( فَإِنَّ النَّذْرَ لَا يُغْنِي ) أَيْ لَا يَدْفَعُ أَوْ لَا يَنْفَعُ ( مِنْ الْقَدَرِ ) بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ مِنْ الْقَضَاءِ السَّمَاوِيِّ ( شَيْئًا ) فَإِنَّ الْمُقَدَّرَ لَا يَتَغَيَّرُ ( وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ ) أَيْ بِسَبَبِ النَّذْرِ ( مِنْ الْبَخِيلِ ) لِأَنَّ غَيْرَ الْبَخِيلِ يُعْطِي بِاخْتِيَارِهِ بِلَا وَاسِطَةِ النَّذْرِ.
قَالَ الْقَاضِي : عَادَةُ النَّاسِ تَعْلِيقُ النُّذُورِ عَلَى حُصُولِ الْمَنَافِعِ وَدَفْعِ الْمَضَارِّ فَنَهَى عَنْهُ فَإِنَّ ذَلِكَ فِعْلُ الْبُخَلَاءِ , إِذْ السَّخِيُّ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَقَرَّبَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى اِسْتَعْجَلَ فِيهِ وَأَتَى بِهِ فِي الْحَالِ , وَالْبَخِيلُ لَا تُطَاوِعُهُ نَفْسُهُ بِإِخْرَاجِ شَيْءٍ مِنْ يَدِهِ إِلَّا فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ يُسْتَوْفَى أَوَّلًا فَيَلْتَزِمُهُ فِي مُقَابَلَةِ مَا سَيَحْصُلُ لَهُ وَيُعَلِّقُهُ عَلَى جَلْبِ نَفْعٍ , أَوْ دَفْعِ ضَرٍّ , وَذَلِكَ لَا يُغْنِي عَنْ الْقَدَرِ شَيْئًا , أَيْ نَذْرٍ لَا يَسُوقُ إِلَيْهِ خَيْرًا لَمْ يُقَدَّرْ لَهُ وَلَا يَرُدَّ شَرًّا قَضَى عَلَيْهِ , وَلَكِنَّ النَّذْرَ قَدْ يُوَافِقُ الْقَدَرَ فَيَخْرُجُ مِنْ الْبَخِيلِ مَا لَوْلَاهُ لَمْ يَكُنْ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَهُ.
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : مَعْنَى نَهْيِهِ عَنْ النَّذْرِ إِنَّمَا هُوَ التَّأَكُّدُ لِأَمْرِهِ وَتَحْذِيرِ التَّهَاوُنِ بِهِ بَعْدَ إِيجَابِهِ , وَلَوْ كَانَ مَعْنَاهُ الزَّجْرَ عَنْهُ حَتَّى يَفْعَلَ لَكَانَ فِي ذَلِكَ إِبْطَالُ حُكْمِهِ وَإِسْقَاطُ لُزُومِ الْوَفَاءِ بِهِ , إِذْ صَارَ مَعْصِيَةً , وَإِنَّمَا وَجْهُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ أَعْلَمَهُمْ أَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ لَا يَجْلُبُ لَهُمْ فِي الْعَاجِلِ نَفْعًا وَلَا يَصْرِفُ عَنْهُمْ ضَرًّا , وَلَا يَرُدُّ شَيْئًا قَضَاهُ اللَّهُ تَعَالَى , يَقُولُ فَلَا تَنْذُرُوا عَلَى أَنَّكُمْ تُدْرِكُونَ بِالنَّذْرِ شَيْئًا لَمْ يُقَدِّرْ اللَّهُ لَكُمْ , أَوْ تَصْرِفُونَ عَنْ أَنْفُسِكُمْ شَيْئًا جَرَى الْقَضَاءُ بِهِ عَلَيْكُمْ , وَإِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ فَاخْرُجُوا عَنْهُ بِالْوَفَاءِ , فَإِنَّ الَّذِي نَذَرْتُمُوهُ لَازِمٌ لَكُمْ.
قَالَ الطِّيبِيُّ : تَحْرِيرُهُ أَنَّهُ عَلَّلَ النَّهْيَ بِقَوْلِهِ فَإِنَّ النَّذْرَ لَا يُغْنِي مِنْ الْقَدَرِ , وَنَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّ النَّذْرَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ هُوَ النَّذْرُ الْمُقَيَّدُ , الَّذِي يُعْتَقَدُ أَنَّهُ يُغْنِي عَنْ الْقَدَرِ بِنَفْسِهِ , كَمَا زَعَمُوا , وَكَمْ نَرَى فِي عَهْدِنَا جَمَاعَةً يَعْتَقِدُونَ ذَلِكَ لِمَا شَاهَدُوا مِنْ غَالِبِ الْأَحْوَالِ حُصُولَ الْمَطَالِبِ بِالنَّذْرِ.
وَأَمَّا إِذَا نَذَرَ , وَاعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الَّذِي يُسَهِّلُ الْأُمُورَ وَهُوَ الضَّارُّ وَالنَّافِعُ , وَالنُّذُورُ كَالذَّرَائِعِ وَالْوَسَائِلِ فَيَكُونُ الْوَفَاءُ بِالنَّذْرِ طَاعَةً وَلَا يَكُونُ مَنْهِيًّا عَنْهُ , كَيْفَ وَقَدْ مَدَحَ اللَّهُ تَعَالَى جَلَّ شَأْنُهُ الْخِيرَةَ مِنْ عِبَادِهِ بِقَوْلِهِ { يُوفُونَ بِالنَّذْرِ } وَ { إِنِّي نَذَرْت لَك مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا } وَأَمَّا مَعْنَى" وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ" فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ الْبَذْلَ وَالْإِنْفَاقَ , فَمَنْ سَمَحَتْ أَرِيحَتُهُ فَذَلِكَ , وَإِلَّا فَشَرَعَ النُّذُورَ لِيَسْتَخْرِجَ بِهِ مِنْ مَالِ الْبَخِيلِ اِنْتَهَى.
قَوْلُهُ : ( وَفِي الْبَابِ عَنْ اِبْنِ عُمَرَ ) أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّا التِّرْمِذِيَّ وَلَفْظُهُ : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ النَّذْرِ وَقَالَ : " إِنَّهُ لَا يَرُدُّ شَيْئًا , وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ".
قَوْلُهُ : ( حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ) أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّا أَبَا دَاوُدَ.
قَوْلُهُ : ( وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَرِهُوا النَّذْرَ ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ : هَذَا بَابٌ مِنْ الْعِلْمِ غَرِيبٌ , وَهُوَ أَنْ يَنْهَى عَنْ فِعْلِ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فُعِلَ كَانَ وَاجِبًا , وَقَدْ ذَهَبَ أَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ وَنُقِلَ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ أَنَّ النَّذْرَ مَكْرُوهٌ , وَكَذَا عَنْ الْمَالِكِيَّةِ , وَجَزَمَ الْحَنَابِلَةُ بِالْكَرَاهَةِ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ : إِنَّهُ مُسْتَحَبٌّ , صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ.
وَرَوَى ذَلِكَ عَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَالْمُتْوَلِّي وَالْغَزَالِيِّ وَجَزَمَ الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ بِحَمْلِ مَا وَرَدَ فِي الْأَحَادِيثِ مِنْ النَّهْيِ عَلَى نَذْرِ الْمُجَازَاةِ فَقَالَ : هَذَا النَّهْيُ مَحَلُّهُ أَنْ يَقُولَ مَثَلًا إِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ صَدَقَةٌ وَوَجْهُ الْكَرَاهَةِ أَنَّهُ لَمَّا وَقَفَ فِعْلَ الْقُرْبَةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى حُصُولِ الْغَرَضِ الْمَذْكُورِ ظَهَرَ أَنَّهُ لَمْ يَتَمَحَّضْ لَهُ نِيَّةُ التَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ بِمَا صَدَرَ مِنْهُ , بَلْ سَلَكَ فِيهَا مَسْلَكَ الْمُعَارَضَةِ , وَيُوَضِّحُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَشْفِ مَرِيضَهُ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِمَا عَلَّقَهُ عَلَى شِفَائِهِ , وَهَذِهِ حَالَةُ الْبَخِيلِ , فَإِنَّهُ لَا يُخْرِجُ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا إِلَّا بِعِوَضٍ عَاجِلٍ يَزِيدُ عَلَى مَا أَخْرَجَ غَالِبًا وَهَذَا الْمَعْنَى هُوَ الْمُشَارُ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ : " وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ" قَالَ : وَقَدْ يَنْضَمُّ إِلَى هَذَا اِعْتِقَادُ جَاهِلٍ يَظُنُّ أَنَّ النَّذْرَ يُوجِبُ حُصُولَ ذَلِكَ الْغَرَضِ , أَوْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَفْعَلُ مَعَهُ ذَلِكَ الْغَرَضَ لِأَجْلِ ذَلِكَ النَّذْرِ , وَإِلَيْهِمَا الْإِشَارَةُ فِي الْحَدِيثِ بِقَوْلِهِ : فَإِنَّهُ لَا يَرُدُّ شَيْئًا , وَالْحَالَةُ الْأُولَى تُقَارِبُ الْكُفْرَ : وَالثَّانِيَةُ خَطَأٌ صَرِيحٌ.
قَالَ الْحَافِظُ : بَلْ تَقْرُبُ مِنْ الْكُفْرِ , ثُمَّ نَقَلَ الْقُرْطُبِيُّ عَنْ الْعُلَمَاءِ حَمْلَ النَّهْيِ الْوَارِدِ فِي الْخَبَرِ عَلَى الْكَرَاهَةِ قَالَ : وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ عَلَى التَّحْرِيمِ فِي حَقِّ مَنْ يَخَافُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الِاعْتِقَادَ الْفَاسِدَ فَيَكُونُ إِقْدَامُهُ عَلَى ذَلِكَ مُحَرَّمًا وَالْكَرَاهَةُ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَعْتَقِدْ ذَلِكَ.
قَالَ الْحَافِظُ : وَهُوَ تَفْصِيلٌ حَسَنٌ , وَيُؤَيِّدُهُ قِصَّةُ اِبْنِ عُمَرَ رَاوِي الْحَدِيثِ فِي النَّهْيِ عَنْ النَّذْرِ فَإِنَّهَا فِي نَذْرِ الْمُجَازَاةِ اِنْتَهَى.
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَنْذِرُوا فَإِنَّ النَّذْرَ لَا يُغْنِي مِنْ الْقَدَرِ شَيْئًا وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ قَالَ وَفِي الْبَاب عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ أَبُو عِيسَى حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِمْ كَرِهُوا النَّذْرَ و قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ مَعْنَى الْكَرَاهِيَةِ فِي النَّذْرِ فِي الطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ وَإِنْ نَذَرَ الرَّجُلُ بِالطَّاعَةِ فَوَفَّى بِهِ فَلَهُ فِيهِ أَجْرٌ وَيُكْرَهُ لَهُ النَّذْرُ
عن عمر قال: قلت: يا رسول الله، إني كنت نذرت أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام في الجاهلية، قال: «أوف بنذرك» وفي الباب عن عبد الله بن عمرو، وابن عباس: حدي...
عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، قال: كثيرا ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحلف بهذه اليمين: «لا ومقلب القلوب»: هذا حديث حسن صحيح
حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن ابن الهاد عن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن سعيد ابن مرجانة عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم...
عن سويد بن مقرن المزني، قال: لقد رأيتنا سبعة إخوة ما لنا خادم إلا واحدة فلطمها أحدنا، «فأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نعتقها» وفي الباب عن ابن عمر...
عن ثابت بن الضحاك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حلف بملة غير الإسلام كاذبا فهو كما قال»: هذا حديث حسن صحيح وقد اختلف أهل العلم في هذا إذ...
عن عقبة بن عامر قال: قلت: يا رسول الله، إن أختي نذرت أن تمشي إلى البيت حافية غير مختمرة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا يصنع بشقاء أختك شي...
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من حلف منكم، فقال في حلفه: واللات والعزى، فليقل: لا إله إلا الله، ومن قال: تعال أقامرك، فليتصدق...
عن ابن عباس، أن سعد بن عبادة استفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم في نذر كان على أمه توفيت قبل أن تقضيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اقض عنها»: هذا...
عن أبي أمامة، وغيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أيما امرئ مسلم، أعتق امرأ مسلما، كان فكاكه من النار، يجزي كل...