1543- عن ثابت بن الضحاك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حلف بملة غير الإسلام كاذبا فهو كما قال»: هذا حديث حسن صحيح وقد اختلف أهل العلم في هذا إذا حلف الرجل بملة سوى الإسلام، فقال: هو يهودي أو نصراني إن فعل كذا وكذا ففعل ذلك الشيء، فقال بعضهم: قد أتى عظيما ولا كفارة عليه، وهو قول أهل المدينة، وبه يقول مالك بن أنس، وإلى هذا القول ذهب أبو عبيد وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين وغيرهم عليه في ذلك الكفارة، وهو قول سفيان، وأحمد، وإسحاق
صحيح
تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: أبو العلا محمد عبد الرحمن المباركفورى (المتوفى: 1353هـ)
قَوْلُهُ : ( عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ ) هُوَ أَبُو يَزِيدَ الْأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ كَانَ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فِي بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ وَهُوَ صَغِيرٌ وَمَاتَ فِي فِتْنَةِ اِبْنِ الزُّبَيْرِ.
قَوْلُهُ : ( مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ : الدِّينُ وَالشَّرِيعَةُ , وَهِيَ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ , فَتَعُمُّهُ جَمِيعُ الْمِلَلِ كَالْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ وَالدَّهْرِيَّةِ وَنَحْوِهَا ( غَيْرِ الْإِسْلَامِ ) بِالْجَرِّ صِفَةُ مِلَّةٍ ( كَاذِبًا ) أَيْ فِي حَلِفِهِ ( فَهُوَ كَمَا قَالَ ) قَالَ فِي الْفَتْحِ : يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَذَا الْكَلَامِ التَّهْدِيدَ وَالْمُبَالَغَةَ فِي الْوَعِيدِ لَا الْحُكْمَ , كَأَنْ قَالَ فَهُوَ مُسْتَحِقٌّ مِثْلَ عَذَابِ مَنْ اِعْتَقَدَ مَا قَالَ , وَنَظِيرُهُ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ فَقَدْ كَفَرَ , أَيْ اِسْتَوْجَبَ عُقُوبَةَ مَنْ كَفَرَ.
وَقَالَ اِبْنُ الْمُنْذِرِ : لَيْسَ عَلَى إِطْلَاقِهِ فِي نِسْبَتِهِ إِلَى الْكُفْرِ , بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ كَاذِبٌ كَذِبَ الْمُعَظِّمِ لِتِلْكَ الْجِهَةِ , وَقَالَ : اُخْتُلِفَ فِيمَنْ قَالَ الْكُفْرُ بِاللَّهِ وَنَحْوِهِ إِنْ فَعَلْت ثُمَّ فَعَلَ , فَقَالَ اِبْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَعَطَاءٌ وَقَتَادَةُ وَجُمْهُورُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ : لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَلَا يَكُونُ كَافِرًا إِلَّا إِنْ أَضْمَرَ ذَلِكَ بِقَلْبِهِ.
قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَنَفِيَّةُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ : هُوَ يَمِينٌ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ.
قَالَ اِبْنُ الْمُنْذِرِ : وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ حَلَفَ بِاللَّاتِي وَالْعُزَّى فَلْيَقُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" , وَلَمْ يَذْكُرْ كَفَّارَةً , زَادَ غَيْرُهُ : وَكَذَا قَالَ مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ سِوَى الْإِسْلَامِ فَهُوَ كَمَا قَالَ فَأَرَادَ التَّغْلِيظَ فِي ذَلِكَ حَتَّى لَا يَجْتَرِئَ أَحَدٌ عَلَيْهِ.
قَالَ اِبْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ : الْحَلِفُ بِالشَّيْءِ حَقِيقَةً هُوَ الْقَسَمُ بِهِ وَإِدْخَالُ بَعْضِ حُرُوفِ الْقَسَمِ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ وَاللَّهِ , وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى التَّعْلِيقِ بِالشَّيْءِ يَمِينٌ كَقَوْلِهِمْ : مَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ , فَالْمُرَادُ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ , وَأَطْلَقَ عَلَيْهِ الْحَلِفَ لِمُشَابَهَتِهِ لِلْيَمِينِ فِي اِقْتِضَاءِ الْحِنْثِ أَوْ الْمَنْعِ.
وَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْمَعْنَى الثَّانِي لِقَوْلِهِ كَاذِبًا , وَالْكَذِبُ يُدْخِلُ الْقَضِيَّةَ الْإِخْبَارِيَّةَ الَّتِي يَقَعُ مُقْتَضَاهَا تَارَةً , وَلَا يَقَعُ أُخْرَى , وَهَذَا بِخِلَافِ قَوْلِنَا وَاللَّهِ وَمَا أَشْبَهَهُ , فَلَيْسَ الْإِخْبَارُ بِهَا عَنْ أَمْرٍ خَارِجِيٍّ بَلْ هِيَ لِإِنْشَاءِ الْقَسَمِ , فَتَكُونُ صُورَةُ الْحَلِفِ هُنَا عَلَى وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنْ تَتَعَلَّقَ بِالْمُسْتَقْبَلِ كَقَوْلِهِ : إِنْ فَعَلَ كَذَا فَهُوَ يَهُودِيٌّ.
وَالثَّانِي تَتَعَلَّقُ بِالْمَاضِي كَقَوْلِهِ : إِنْ كَانَ كَاذِبًا فَهُوَ يَهُودِيٌّ , وَقَدْ يَتَعَلَّقُ بِهَذَا مَنْ لَمْ يَرَ فِيهِ الْكَفَّارَةَ لِكَوْنِهِ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ كَفَّارَةً بَلْ جَعَلَ الْمُرَتَّبَ عَلَى كَذِبِهِ قَوْلَهُ فَهُوَ كَمَا قَالَ.
قَالَ : وَلَا يَكْفُرُ فِي صُورَةِ الْمَاضِي إِلَّا إِنْ قَصَدَ التَّعْظِيمَ وَفِيهِ خِلَافٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لِكَوْنِهِ تَنْجِيزًا مَعْنًى فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ هُوَ يَهُودِيٌّ , وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : إِذَا كَانَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يَمِينٌ لَمْ يَكْفُرْ وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنْ يَكْفُرَ بِالْحِنْثِ بِهِ كَفَرَ لِكَوْنِهِ رَضِيَ بِالْكُفْرِ حَيْثُ أَقْدَمَ عَلَى الْفِعْلِ.
وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ : ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِالْكُفْرِ إِذَا كَانَ كَاذِبًا.
وَالتَّحْقِيقُ التَّفْصِيلُ , فَإِنْ اِعْتَقَدَ تَعْظِيمَ مَا ذَكَرَ كَفَرَ , وَإِنْ قَصَدَ حَقِيقَةَ التَّعْلِيقِ فَيُنْظَرُ , فَإِنْ كَانَ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِفًا بِذَلِكَ كَفَرَ ; لِأَنَّ إِرَادَةَ الْكُفْرِ كُفْرٌ , وَإِنْ أَرَادَ الْبُعْدَ عَنْ ذَلِكَ لَمْ يَكْفُرْ , لَكِنْ هَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَوْ يُكْرَهُ تَنْزِيهًا , الثَّانِي هُوَ الْمَشْهُورُ كَذَا فِي النَّيْلِ.
قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ) أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّا أَبَا دَاوُدَ.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ يُوسُفَ الْأَزْرَقُ عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الْإِسْلَامِ كَاذِبًا فَهُوَ كَمَا قَالَ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا إِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ بِمِلَّةٍ سِوَى الْإِسْلَامِ فَقَالَ هُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ إِنْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا فَفَعَلَ ذَلِكَ الشَّيْءَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ قَدْ أَتَى عَظِيمًا وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَبِهِ يَقُولُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَإِلَى هَذَا الْقَوْلِ ذَهَبَ أَبُو عُبَيْدٍ و قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْكَفَّارَةُ وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَقَ
عن عقبة بن عامر قال: قلت: يا رسول الله، إن أختي نذرت أن تمشي إلى البيت حافية غير مختمرة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا يصنع بشقاء أختك شي...
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من حلف منكم، فقال في حلفه: واللات والعزى، فليقل: لا إله إلا الله، ومن قال: تعال أقامرك، فليتصدق...
عن ابن عباس، أن سعد بن عبادة استفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم في نذر كان على أمه توفيت قبل أن تقضيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اقض عنها»: هذا...
عن أبي أمامة، وغيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أيما امرئ مسلم، أعتق امرأ مسلما، كان فكاكه من النار، يجزي كل...
عن أبي البختري، أن جيشا من جيوش المسلمين كان أميرهم سلمان الفارسي حاصروا قصرا من قصور فارس، فقالوا: يا أبا عبد الله، ألا ننهد إليهم؟ قال: دعوني أدعهم...
عن ابن عصام المزني، عن أبيه وكانت له صحبة، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث جيشا أو سرية يقول لهم: «إذا رأيتم مسجدا، أو سمعتم مؤذنا، فلا...
عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج إلى خيبر أتاها ليلا، وكان إذا جاء قوما بليل لم يغر عليهم حتى يصبح، فلما أصبح، خرجت يهود بمساحيهم، ومكا...
عن أبي طلحة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان «إذا ظهر على قوم أقام بعرصتهم ثلاثا»: هذا حديث حسن صحيح، وحديث حميد عن أنس حديث حسن صحيح وقد رخص قوم من أ...
عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " حرق نخل بني النضير وقطع، وهي البويرة، فأنزل الله: {ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن ا...