حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة - سنن الترمذي

سنن الترمذي | أبواب الإيمان باب ما جاء في حرمة الصلاة (حديث رقم: 2616 )


2616- عن معاذ بن جبل، قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فأصبحت يوما قريبا منه ونحن نسير، فقلت: يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار، قال: «لقد سألتني عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله عليه، تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت» ثم قال: " ألا أدلك على أبواب الخير: الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل من جوف الليل " قال: ثم تلا {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} [السجدة: ١٦]، حتى بلغ {يعملون} [السجدة: ١٧] ثم قال: «ألا أخبرك برأس الأمر كله وعموده، وذروة سنامه»؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد» ثم قال: «ألا أخبرك بملاك ذلك كله»؟ قلت: بلى يا نبي الله، فأخذ بلسانه قال: «كف عليك هذا»، فقلت: يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: «ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم»: «هذا حديث حسن صحيح»

أخرجه الترمذي


صحيح

شرح حديث (تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة)

تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: أبو العلا محمد عبد الرحمن المباركفورى (المتوفى: 1353هـ)

‏ ‏قَوْلُهُ : ( أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ ) ‏ ‏بْنِ نُشَيْطٍ , بِفَتْحِ النُّونِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ , الصَّنْعَانِيُّ صَاحِبُ مَعْمَرٍ صَدُوقٌ تَحَامَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ التَّاسِعَةِ.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( قَالَ كُنْت مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَأَصْبَحْت يَوْمًا قَرِيبًا مِنْهُ وَنَحْنُ نَسِيرُ ) ‏ ‏وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ : بَيْنَمَا نَحْنُ نَخْرُجُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَقَدْ أَصَابَنَا الْحَرُّ فَتَفَرَّقَ الْقَوْمُ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْرَبُهُمْ مِنِّي فَدَنَوْت مِنْهُ وَقُلْت ‏ ‏( أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ ) ‏ ‏بِرَفْعِ يُدْخِلُ عَلَى أَنَّهُ صِفَةُ عَمَلٍ إِمَّا مُخَصِّصَةٌ أَوْ مَادِحَةٌ أَوْ كَاشِفَةٌ , فَإِنَّ الْعَمَلَ إِذَا لَمْ يَكُنْ بِهَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ كَأَنَّهُ لَا عَمَلَ , وَقِيلَ بِالْجَزْمِ وَفِيهِ تَكَلُّفٌ ‏ ‏( عَنْ عَظِيمٍ ) ‏ ‏أَيْ عَنْ عَمَلٍ عَظِيمٍ فِعْلُهُ عَلَى النُّفُوسِ ‏ ‏( وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ ) ‏ ‏أَيْ هَيِّنٌ سَهْلٌ ‏ ‏( عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ ) ‏ ‏أَيْ جَعَلَهُ سَهْلًا ‏ ‏( تَعْبُدُ اللَّهَ ) ‏ ‏إِمَّا بِمَعْنَى الْأَمْرِ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ وَإِمَّا خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَعْوِيلًا عَلَى أَقْوَى الدَّلِيلَيْنِ , أَيْ هُوَ أَنْ تَعْبُدَ أَيْ الْعَمَلُ الَّذِي يُدْخِلُك الْجَنَّةَ عِبَادَتُك اللَّهَ بِحَذْفِ أَنْ , أَوْ تَنْزِيلُ الْفِعْلِ مَنْزِلَةَ الْمَصْدَرِ , وَعَدَلَ عَنْ صِيغَةِ الْأَمْرِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ الْمَأْمُورَ كَأَنَّهُ مُتَسَارِعٌ إِلَى الِامْتِثَالِ وَهُوَ يُخْبِرُ عَنْهُ إِظْهَارًا لِرَغْبَتِهِ فِي وُقُوعِهِ , وَفَصَلَهُ عَنْ الْجُمْلَةِ الْأُولَى لِكَوْنِهِ بَيَانًا أَوْ اِسْتِئْنَافًا ‏ ‏( أَلَا أَدُلُّك عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ ) ‏ ‏أَيْ الطُّرُقِ الْمُوَصِّلَةِ بِهِ ‏ ‏( الصَّوْمُ جُنَّةٌ ) ‏ ‏بِضَمِّ الْجِيمِ التُّرْسُ أَيْ مَانِعٌ مِنْ النَّارِ أَوْ مِنْ الْمَعَاصِي بِكَسْرَةِ الشَّهْوَةِ وَضَعْفِ الْقُوَّةِ.
وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ : الصَّوْمُ جُنَّةٌ أَيْ يَقِي صَاحِبَهُ مَا يُؤْذِيهِ مِنْ الشَّهَوَاتِ , وَالْجُنَّةُ الْوِقَايَةُ اِنْتَهَى.
‏ ‏( وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ ) ‏ ‏مِنْ الْإِطْفَاءِ أَيْ تُذْهِبُهَا وَتَمْحُو أَثَرَهَا , أَيْ إِذَا كَانَتْ مُتَعَلِّقَةً بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى , وَإِذَا كَانَتْ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ فَتَدْفَعُ تِلْكَ الْحَسَنَةَ إِلَى خَصْمِهِ عِوَضًا عَنْ مَظْلِمَتِهِ ‏ ‏( وَصَلَاةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ ) ‏ ‏مُبْتَدَأُ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ كَذَلِكَ يَعْنِي تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ.
أَوْ هِيَ مِنْ أَبْوَابِ الْخَيْرِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ.
قَالَ الْقَاضِي : وَقِيلَ الْأَظْهَرُ أَنْ يُقَدَّرَ الْخَبَرُ وَهُوَ شِعَارُ الصَّالِحِينَ كَمَا فِي جَامِعِ الْأُصُولِ ذَكَرَهُ الْقَارِي ‏ ‏( ثُمَّ تَلَا ) ‏ ‏أَيْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏( { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ } ) ‏ ‏أَيْ تَتَبَاعَدُ ‏ ‏( { عَنْ الْمَضَاجِعِ } ) ‏ ‏أَيْ الْمَفَارِشِ وَالْمَرَاقِدِ ( { يَدْعُونَ رَبَّهُمْ } ) بِالصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ وَالْقِرَاءَةِ وَالدُّعَاءِ ‏ ‏( حَتَّى بَلَغَ { يَعْمَلُونَ } ) ‏ ‏بَقِيَّةُ الْآيَةِ : { خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } ‏ ‏( أَلَا أُخْبِرُك بِرَأْسِ الْأَمْرِ كُلِّهِ ) ‏ ‏أَيْ بِأَصْلِ كُلِّ أَمْرٍ ‏ ‏( وَعَمُودِهِ ) ‏ ‏بِفَتْحِ أَوَّلِهِ أَيْ مَا يَقُومُ وَيَعْتَمِدُ عَلَيْهِ ‏ ‏( وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ ) ‏ ‏بِكَسْرِ الذَّالِ وَهُوَ الْأَشْهَرُ وَبِضَمِّهَا وَحُكِيَ فَتْحُهَا أَعْلَى الشَّيْءِ وَالسَّنَامُ بِالْفَتْحِ مَا اِرْتَفَعَ مِنْ ظَهْرِ الْجَمَلِ قَرِيبَ عُنُقِهِ ‏ ‏( قَالَ رَأْسُ الْأَمْرِ ) ‏ ‏أَيْ أَمْرُ الدِّينِ ‏ ‏( الْإِسْلَامُ ) ‏ ‏يَعْنِي الشَّهَادَتَيْنِ وَهُوَ مِنْ بَابِ التَّشْبِيهِ الْمَقْلُوبِ , إِذْ الْمَقْصُودُ تَشْبِيهُ الْإِسْلَامِ بِرَأْسِ الْأَمْرِ لِيَشْعُرَ بِأَنَّهُ مِنْ سَائِرِ الْأَعْمَالِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنْ الْجَسَدِ فِي اِحْتِيَاجِهِ إِلَيْهِ وَعَدَمِ بَقَائِهِ دُونَهُ ‏ ‏( وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ ) ‏ ‏يَعْنِي الْإِسْلَامَ هُوَ أَصْلُ الدِّينِ إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ قُوَّةٌ وَكَمَالٌ , كَالْبَيْتِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ عَمُودٌ فَإِذَا صَلَّى وَدَاوَمَ قَوِيَ دِينُهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ رِفْعَةٌ فَإِذَا جَاهَدَ حَصَلَ لِدِينِهِ رِفْعَةٌ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ : ‏ ‏( وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ ) ‏ ‏وَفِيهِ إِشْعَارٌ إِلَى صُعُوبَةِ الْجِهَادِ وَعُلُوِّ أَمْرِهِ وَتَفَوُّقِهِ عَلَى سَائِرِ الْأَعْمَالِ , وَالْجِهَادُ مِنْ الْجَهْدِ بِالْفَتْحِ وَهُوَ الْمَشَقَّةُ , أَوْ بِالضَّمِّ وَهُوَ الطَّاقَةُ لِأَنَّهُ يَبْذُلُ الطَّاقَةَ فِي قِتَالِ الْعَدُوِّ عِنْدَ فِعْلِ الْعَدُوِّ مِثْلَ ذَلِكَ ‏ ‏( أَلَا أُخْبِرُك بِمِلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ ) ‏ ‏الْمِلَاكُ مَا بِهِ إِحْكَامُ الشَّيْءِ وَتَقْوِيَتُهُ , مِنْ مَلَكَ الْعَجِينَ إِذَا أَحْسَنَ عَجْنَهُ وَبَالَغَ فِيهِ , وَأَهْلُ اللُّغَةِ يَكْسِرُونَ الْمِيمَ وَيَفْتَحُونَهَا ; وَالرِّوَايَةُ بِالْكَسْرِ وَذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى مَا ذُكِرَ مِنْ أَوَّلِ الْحَدِيثِ إِلَى هُنَا مِنْ الْعِبَادَاتِ , وَأَكَّدَهُ بِقَوْلِهِ كُلِّهِ لِئَلَّا يُظَنَّ خِلَافَ الشُّمُولِ , أَيْ بِمَا تَقُومُ بِهِ تِلْكَ الْعِبَادَاتُ جَمِيعُهَا ‏ ‏( فَأَخَذَ ) ‏ ‏أَيْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏( بِلِسَانِهِ ) ‏ ‏الْبَاءُ زَائِدَةٌ وَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏( قَالَ كُفَّ ) ‏ ‏الرِّوَايَةُ بِفَتْحِ الْفَاءِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ اِمْنَعْ ‏ ‏( هَذَا ) ‏ ‏إِشَارَةٌ إِلَى اللِّسَانِ أَيْ لِسَانَك الْمُشَافِهَ لَهُ , وَتَقْدِيمُ الْمَجْرُورِ عَلَى الْمَنْصُوبِ لِلِاهْتِمَامِ بِهِ وَتَعْدِيَتُهُ بِعَلَى لِلتَّضْمِينِ , أَوْ بِمَعْنَى عَنْ , وَإِيرَادُ اِسْمِ الْإِشَارَةِ لِمَزِيدِ التَّعْيِينِ أَوْ لِلتَّحْقِيرِ وَهُوَ مَفْعُولُ كُفَّ , وَإِنَّمَا أَخَذَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِلِسَانِهِ وَأَشَارَ إِلَيْهِ مِنْ غَيْرِ اِكْتِفَاءٍ بِالْقَوْلِ , تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ أَمْرَ اللِّسَانِ صَعْبٌ.
وَالْمَعْنَى لَا تَكَلَّمُ بِمَا لَا يَعْنِيَك , فَإِنَّ مَنْ كَثُرَ كَلَامُهُ كَثُرَ سَقْطُهُ وَمَنْ كَثُرَ سقطه كَثُرَتْ ذُنُوبُهُ وَلِكَثْرَةِ الْكَلَامِ مَفَاسِدُ لَا تُحْصَى ‏ ‏( وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ ) ‏ ‏بِالْهَمْزِ وَيُبَدَّلُ , أَيْ هَلْ يُؤَاخِذُنَا وَيُعَاقِبُنَا أَوْ يُحَاسِبُنَا رَبُّنَا ‏ ‏( بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ ) ‏ ‏يَعْنِي بِجَمِيعِهِ إِذْ لَا يَخْفَى عَلَى مُعَاذٍ الْمُؤَاخَذَةُ بِبَعْضِ الْكَلَامِ ‏ ‏( ثَكِلَتْك ) ‏ ‏بِكَسْرِ الْكَافِ أَيْ فَقَدَتْك وَهُوَ دُعَاءٌ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ عَلَى ظَاهِرِهِ , وَلَا يُرَادُ وُقُوعُهُ , بَلْ هُوَ تَأْدِيبٌ وَتَنْبِيهٌ مِنْ الْغَفْلَةِ وَتَعْجِيبٌ وَتَعْظِيمٌ لِلْأَمْرِ ‏ ‏( وَهَلْ يَكُبُّ ) ‏ ‏بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّ الْكَافِ مِنْ كَبَّهُ إِذَا صَرَعَهُ عَلَى وَجْهِهِ بِخِلَافِ أَكَبَّ فَإِنَّ مَعْنَاهُ سَقَطَ عَلَى وَجْهِهِ وَهُوَ مِنْ النَّوَادِرِ , وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ هَلْ تَظُنُّ غَيْرَ مَا قُلْت وَهَلْ يَكُبُّ ‏ ‏( النَّاسَ ) ‏ ‏أَيْ يُلْقِيهِمْ وَيُسْقِطُهُمْ وَيَصْرَعُهُمْ ‏ ‏( عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ ) ‏ ‏شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي , وَالْمَنْخِرُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْخَاءِ وَفَتْحِهِمَا ثُقْبُ الْأَنْفِ , وَالِاسْتِفْهَامُ لِلنَّفْيِ خَصَّهُمَا بِالْكَبِّ لِأَنَّهُمَا أَوَّلُ الْأَعْضَاءِ سُقُوطًا ‏ ‏( إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ ) ‏ ‏أَيْ مَحْصُودَاتُهَا , شَبَّهَ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ الْإِنْسَانُ بِالزَّرْعِ الْمَحْصُودِ بِالْمِنْجَلِ وَهُوَ مِنْ بَلَاغَةِ النُّبُوَّةِ , فَكَمَا أَنَّ الْمِنْجَلَ يَقْطَعُ وَلَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الرَّطْبِ وَالْيَابِسِ وَالْجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ , فَكَذَلِكَ لِسَانُ بَعْضِ النَّاسِ يَتَكَلَّمُ بِكُلِّ نَوْعٍ مِنْ الْكَلَامِ حَسَنًا وَقَبِيحًا.
وَالْمَعْنَى لَا يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ مِنْ الْكُفْرِ وَالْقَذْفِ وَالشَّتْمِ وَالْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَالْبُهْتَانِ وَنَحْوِهَا وَالِاسْتِثْنَاءُ مُفَرَّغٌ , وَهَذَا الْحُكْمُ وَارِدٌ عَلَى الْأَغْلَبِ أَيْ عَلَى الْأَكْثَرِ لِأَنَّك إِذَا جَرَّبْت لَمْ تَجِدْ أَحَدًا حَفِظَ لِسَانَهُ عَنْ السُّوءِ وَلَا يَصْدُرُ عَنْهُ شَيْءٌ يُوجِبُ دُخُولَ النَّارِ إِلَّا نَادِرًا.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ) ‏ ‏وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ.


حديث لقد سألتني عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه تعبد الله ولا تشرك

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏ابْنُ أَبِي عُمَرَ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الصَّنْعَانِيُّ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مَعْمَرٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي وَائِلٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فِي سَفَرٍ فَأَصْبَحْتُ يَوْمًا قَرِيبًا مِنْهُ وَنَحْنُ نَسِيرُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي عَنْ النَّارِ قَالَ ‏ ‏لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ عَظِيمٍ وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ تَعْبُدُ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ ‏ ‏وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ وَتَصُومُ رَمَضَانَ وَتَحُجُّ ‏ ‏الْبَيْتَ ‏ ‏ثُمَّ قَالَ أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ الصَّوْمُ ‏ ‏جُنَّةٌ ‏ ‏وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ وَصَلَاةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ قَالَ ثُمَّ تَلَا ‏ { ‏تَتَجَافَى ‏ ‏جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ ‏ ‏حَتَّى بَلَغَ ‏ ‏يَعْمَلُونَ ‏} ‏ثُمَّ قَالَ أَلَا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الْأَمْرِ كُلِّهِ وَعَمُودِهِ ‏ ‏وَذِرْوَةِ ‏ ‏سَنَامِهِ قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ ‏ ‏وَذِرْوَةُ ‏ ‏سَنَامِهِ الْجِهَادُ ثُمَّ قَالَ أَلَا أُخْبِرُكَ ‏ ‏بِمَلَاكِ ‏ ‏ذَلِكَ كُلِّهِ قُلْتُ بَلَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ قَالَ كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ فَقَالَ ‏ ‏ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ ‏ ‏يَا ‏ ‏مُعَاذُ ‏ ‏وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏أَبُو عِيسَى ‏ ‏هَذَا ‏ ‏حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث سنن الترمذي

إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأق...

عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم الرجل يتعاهد المسجد فاشهدوا له بالإيمان»، فإن الله تعالى يقول: {إنما يعمر مساجد الله من...

بين الكفر والإيمان ترك الصلاة

عن جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بين الكفر والإيمان ترك الصلاة» 2619- عن الأعمش، بهذا الإسناد نحوه، وقال: «بين العبد وبين الشرك أو الكفر تر...

بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة

عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة». هذا حديث حسن صحيح، وأبو الزبير اسمه: محمد بن مسلم بن تدرس "

العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة

عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر» وفي الباب عن أنس، وابن عباس:...

لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة

عن عبد الله بن شقيق العقيلي، قال: «كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة»: سمعت أبا مصعب المدني، يقول: " من قا...

رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا

عن العباس بن عبد المطلب، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ذاق طعم الإيمان، من رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا»: «هذا حديث حسن صح...

ثلاث من كن فيه وجد بهن طعم الإيمان

عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاث من كن فيه وجد بهن طعم الإيمان، من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لل...

لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولكن التوبة معروضة» وفي الب...

الله أعدل من أن يثني على عبده العقوبة في الآخرة

عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أصاب حدا فعجل عقوبته في الدنيا فالله أعدل من أن يثني على عبده العقوبة في الآخرة، ومن أصاب حدا فستره الله...