حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة - سنن الترمذي

سنن الترمذي | أبواب الإيمان باب ما جاء في ترك الصلاة (حديث رقم: 2622 )


2622- عن عبد الله بن شقيق العقيلي، قال: «كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة»: سمعت أبا مصعب المدني، يقول: " من قال: الإيمان قول يستتاب، فإن تاب وإلا ضربت عنقه "

أخرجه الترمذي


صحيح

شرح حديث (لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة)

تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: أبو العلا محمد عبد الرحمن المباركفورى (المتوفى: 1353هـ)

‏ ‏قَوْلُهُ : ( لَا يَرَوْنَ ) ‏ ‏مِنْ الرَّأْيِ أَيْ لَا يَعْتَقِدُونَ ‏ ‏( مِنْ الْأَعْمَالِ ) ‏ ‏صِفَةٌ لِقَوْلِهِ شَيْئًا ‏ ‏( تَرْكُهُ كُفْرٌ ) ‏ ‏صِفَةٌ ثَانِيَةٌ لَهُ ‏ ‏( غَيْرَ الصَّلَاةِ ) ‏ ‏اِسْتِثْنَاءٌ , وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ الضَّمِيرُ الرَّاجِعُ إِلَى ‏ ‏( شَيْئًا ) ‏ ‏قَالَهُ الطِّيبِيُّ , وَالْمُرَادُ ضَمِيرُ تَرْكُهُ ثُمَّ الْحَصْرُ يُفِيدُ أَنَّ تَرْكَ الصَّلَاةِ عِنْدَهُمْ كَانَ مِنْ أَعْظَمِ الْوِزْرِ وَأَقْرَبُ إِلَى الْكُفْرِ.
قَالَهُ الْقَارِي.
قُلْت : بَلْ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ هَذَا بِظَاهِرِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ تَرْكَ الصَّلَاةِ كُفْرٌ , وَالظَّاهِرُ مِنْ الصِّيغَةِ أَنَّ هَذِهِ الْمَقَالَةَ اِجْتَمَعَ عَلَيْهَا الصَّحَابَةُ.
لِأَنَّ قَوْلَهُ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ جَمْعَ مُضَافٍ وَهُوَ مِنْ الْمُشْعِرَاتِ بِذَلِكَ , وَأَثَرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ هَذَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ أَيْضًا وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِهِمَا , وَذَكَرَهُ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَيْهِ.
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ فِي بَابِ حُجَّةِ مَنْ كَفَّرَ تَارِكَ الصَّلَاةِ : لَا خِلَافَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي كُفْرِ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ مُنْكِرًا بِوُجُوبِهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ أَوْ لَمْ يُخَالِطْ الْمُسْلِمِينَ مُدَّةً يَبْلُغُهُ فِيهَا وُجُوبُ الصَّلَاةِ , وَإِنْ كَانَ تَرْكُهُ لَهَا تَكَاسُلًا مَعَ اِعْتِقَادِهِ لِوُجُوبِهَا كَمَا هُوَ حَالُ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ.
فَذَهَبَ الْجَمَاهِيرُ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ بَلْ يَفْسُقُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قَتَلْنَاهُ حَدًّا كَالزَّانِي الْمُحْصَنِ وَلَكِنَّهُ يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ.
وَذَهَبَ مِنْ السَّلَفِ إِلَى أَنَّهُ يَكْفُرُ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ , وَبِهِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَهُوَ وَجْهٌ لِبَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَالْمُزَنِيُّ صَاحِبُ الشَّافِعِيِّ إِلَى أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ وَلَا يُقْتَلُ بَلْ يُعَزَّرُ وَيُحْبَسُ حَتَّى يُصَلِّيَ.
‏ ‏اِحْتَجَّ الْأَوَّلُونَ عَلَى عَدَمِ كُفْرِهِ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ { إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ } وَبِمَا سَيَأْتِي مِنْ الْأَحَادِيثِ فِي بَابِ حُجَّةِ مَنْ لَمْ يُكَفِّرْ تَارِكَ الصَّلَاةِ وَلَمْ يَقْطَعْ عَلَيْهِ بِخُلُودٍ كَحَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ مَنْ أَتَى بِهِنَّ لَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اِسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ , وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ.
رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ.
‏ ‏وَاحْتَجُّوا عَلَى قَتْلِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَتَوْا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ } وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا " الْحَدِيثَ.
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَتَأَوَّلُوا قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ ".
وَسَائِرُ أَحَادِيثِ الْبَابِ عَلَى أَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ عُقُوبَةَ الْكَافِرِ وَهِيَ الْقَتْلُ , وَأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُسْتَحِلِّ , أَوْ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُؤَوَّلُ بِهِ إِلَى الْكُفْرِ أَوْ عَلَى أَنَّ فِعْلَهُ فِعْلُ الْكُفَّارِ.
‏ ‏وَاحْتَجَّ أَهْلُ الْقَوْلِ الثَّانِي بِأَحَادِيثِ الْبَابِ.
‏ ‏وَاحْتَجَّ أَهْلُ الْقَوْلِ الثَّالِثِ عَلَى عَدَمِ الْكُفْرِ بِمَا اِحْتَجَّ بِهِ أَهْلُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَعَلَى عَدَمِ الْقَتْلِ بِحَدِيثِ.
" لَا يَحِلُّ دَمُ اِمْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ وَلَيْسَ فِيهِ الصَّلَاةُ ".
‏ ‏وَالْحَقُّ أَنَّهُ كَافِرٌ يُقْتَلُ , أَمَّا كُفْرُهُ فَلِأَنَّ الْأَحَادِيثَ قَدْ صَحَّتْ أَنَّ الشَّارِعَ سَمَّى تَارِكَ الصَّلَاةِ بِذَلِكَ الِاسْمِ وَجَعَلَ الْحَائِلَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ إِطْلَاقِ هَذَا الِاسْمِ عَلَيْهِ هُوَ الصَّلَاةُ فَتَرْكُهَا مُقْتَضٍ لِجَوَازِ الْإِطْلَاقِ , وَلَا يَلْزَمُنَا شَيْءٌ مِنْ الْمُعَارَضَاتِ الَّتِي أَوْرَدَهَا الْأَوَّلُونَ ; لِأَنَّا نَقُولُ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ غَيْرَ مَانِعٍ الْمَغْفِرَةَ وَاسْتِحْقَاقَ الشَّفَاعَةِ كَكُفْرِ أَهْلِ الْقِبْلَةِ بِبَعْضِ الذُّنُوبِ الَّتِي سَمَّاهَا الشَّارِعُ كُفْرًا , فَلَا مَلْجَأَ إِلَى التَّأْوِيلَاتِ الَّتِي وَقَعَ النَّاسُ فِي مَضِيقِهَا.
وَأَمَّا أَنَّهُ يُقْتَلُ فَلِأَنَّ حَدِيثَ : " أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ ".
يَقْضِي بِوُجُوبِ الْقَتْلِ لِاسْتِلْزَامِ الْمُقَاتَلَةِ لَهُ , وَقَدْ شَرَطَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ التَّخْلِيَةَ بِالتَّوْبَةِ وَإِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ فَقَالَ : { فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ } فَلَا يُخَلَّى مَنْ لَمْ يُقِمْ الصَّلَاةَ , اِنْتَهَى كَلَامُ الشَّوْكَانِيِّ مُخْتَصَرًا مُلَخَّصًا.
‏ ‏قُلْت : لَوْ تَأَمَّلْت فِي مَا حَقَّقَهُ الشَّوْكَانِيُّ فِي تَارِكِ الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ كَافِرٌ , وَفِي مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ , لَعَرَفْت أَنَّهُ نِزَاعٌ لَفْظِيٌّ ; لِأَنَّهُ كَمَا لَا يُخَلَّدُ هُوَ فِي النَّارِ وَلَا يُحْرَمُ مِنْ الشَّفَاعَةِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ , كَذَلِكَ لَا يُخَلَّدُ هُوَ فِيهَا وَلَا يُحْرَمُ مِنْهَا عِنْدَ الشَّوْكَانِيِّ أَيْضًا ‏


حديث كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏قُتَيْبَةُ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏الْجُرَيْرِيِّ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ الْعُقَيْلِيِّ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏كَانَ ‏ ‏أَصْحَابُ ‏ ‏مُحَمَّدٍ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏لَا يَرَوْنَ شَيْئًا مِنْ الْأَعْمَالِ تَرْكُهُ كُفْرٌ غَيْرَ الصَّلَاةِ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏أَبُو عِيسَى ‏ ‏سَمِعْت ‏ ‏أَبَا مُصْعَبٍ الْمَدَنِيَّ ‏ ‏يَقُولُ ‏ ‏مَنْ قَالَ الْإِيمَانُ قَوْلٌ ‏ ‏يُسْتَتَابُ ‏ ‏فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث سنن الترمذي

رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا

عن العباس بن عبد المطلب، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ذاق طعم الإيمان، من رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا»: «هذا حديث حسن صح...

ثلاث من كن فيه وجد بهن طعم الإيمان

عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاث من كن فيه وجد بهن طعم الإيمان، من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لل...

لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولكن التوبة معروضة» وفي الب...

الله أعدل من أن يثني على عبده العقوبة في الآخرة

عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أصاب حدا فعجل عقوبته في الدنيا فالله أعدل من أن يثني على عبده العقوبة في الآخرة، ومن أصاب حدا فستره الله...

المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم»: «هذا حديث حسن...

أي المسلمين أفضل قال من سلم المسلمون من لسانه ويده

يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل أي المسلمين أفضل؟ قال: «من سلم المسلمون من لسانه ويده» وفي الباب عن جابر، وأبي موسى، وعبد الله بن عمرو 2628-...

إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ

عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء» وفي الباب عن سعد، وابن عمر، وجابر، وأن...

إن الدين ليأرز إلى الحجاز كما تأرز الحية إلى جحرها

حدثني كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف بن زيد بن ملحة، عن أبيه، عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الدين ليأرز إلى الحجاز كما تأرز الحية...

إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «آية المنافق ثلاث، إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان»: «هذا حديث حسن غريب من حديث العلاء...