حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

إن عليا مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن من بعدي - سنن الترمذي

سنن الترمذي | أبواب المناقب باب مناقب علي بن أبي طالب رضي الله عنه، يقال وله كنيتان: أبو تراب، وأبو الحسن (حديث رقم: 3712 )


3712- عن عمران بن حصين، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا واستعمل عليهم علي بن أبي طالب، فمضى في السرية فأصاب جارية فأنكروا عليه، وتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إذا لقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرناه بما صنع علي، وكان المسلمون إذا رجعوا من السفر بدءوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فسلموا عليه، ثم انصرفوا إلى رحالهم فلما قدمت السرية سلموا على النبي صلى الله عليه وسلم فقام أحد الأربعة فقال: يا رسول الله ألم تر إلى علي بن أبي طالب صنع كذا وكذا، فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قام الثاني فقال مثل مقالته، فأعرض عنه، ثم قام إليه الثالث فقال مثل مقالته، فأعرض عنه، ثم قام الرابع فقال مثل ما قالوا، فأقبل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم والغضب يعرف في وجهه، فقال: «ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ إن عليا مني وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن من بعدي».
هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث جعفر بن سليمان

أخرجه الترمذي


صحيح

شرح حديث (إن عليا مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن من بعدي)

تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: أبو العلا محمد عبد الرحمن المباركفورى (المتوفى: 1353هـ)

‏ ‏قَوْلُهُ : ( عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ) ‏ ‏أَيْ اِبْنِ الشِّخِّيرِ ‏ ‏( وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ) ‏ ‏أَيْ جَعَلَهُ أَمِيرًا عَلَيْهِمْ , وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ أَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ‏ ‏( فَمَضَى فِي السَّرِيَّةِ ) ‏ ‏هِيَ طَائِفَةٌ مِنْ جَيْشٍ أَقْصَاهَا أَرْبَعُمِائَةٍ تُبْعَثُ إِلَى الْعَدُوِّ وَجَمْعُهَا السَّرَايَا ‏ ‏( فَأَصَابَ جَارِيَةً ) ‏ ‏أَيْ وَقَعَ عَلَيْهَا وَجَامَعَهَا.
وَاسْتُشْكِلَ وُقُوعُ عَلِيٍّ عَلَى الْجَارِيَةِ بِغَيْرِ اِسْتِبْرَاءٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ بِكْرًا غَيْرَ بَالِغٍ وَرَأَى أَنَّ مِثْلَهَا لَا يُسْتَبْرَأُ كَمَا صَارَ إِلَيْهِ غَيْرُهُ مِنْ الصَّحَابَةِ , وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ حَاضَتْ عَقِبَ صَيْرُورَتِهَا لَهُ ثُمَّ طَهُرَتْ بَعْدَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ثُمَّ وَقَعَ عَلَيْهَا وَلَيْسَ فِي السِّيَاقِ مَا يَدْفَعُهُ ‏ ‏( فَأَنْكَرُوا عَلَيْهِ ) ‏ ‏أَيْ عَلَى عَلِيٍّ , وَوَجْهُ إِنْكَارِهِمْ أَنَّهُمْ رَأَوْا أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ الْمَغْنَمِ فَظَنُّوا أَنَّهُ غَلَّ , وَفِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ قَالَ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا إِلَى خَالِدٍ لِيَقْبِضَ الْخُمُسَ وَكُنْت أُبْغِضُ عَلِيًّا وَقَدْ اِغْتَسَلَ فَقُلْت لِخَالِدٍ : أَلَّا تَرَى إِلَى هَذَا فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرْت ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ : " يَا بُرَيْدَةُ : أَتُبْغِضُ عَلِيًّا " ؟ فَقُلْت نَعَمْ.
قَالَ : " لَا تُبْغِضْهُ فَإِنَّ لَهُ فِي الْخُمُسِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ" ‏ ‏( وَتَعَاقَدَ ) ‏ ‏أَيْ تَعَاهَدَ ‏ ‏( وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ إِذَا رَجَعُوا مِنْ سَفَرٍ إِلَخْ ) ‏ ‏وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ قَالَ عِمْرَانُ وَكُنَّا إِذَا قَدِمْنَا مِنْ سَفَرٍ بَدَأْنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏( إِلَى رِحَالِهِمْ ) ‏ ‏أَيْ إِلَى مَنَازِلِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ ‏ ‏( فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ ) ‏ ‏وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ : فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الرَّابِعِ ‏ ‏( وَالْغَضَبُ يُعْرَفُ فِي وَجْهِهِ ) ‏ ‏جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ , وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ وَقَدْ تَغَيَّرَ وَجْهُهُ ‏ ‏( مَا تُرِيدُونَ مِنْ عَلِيٍّ إِلَخْ ) ‏ ‏وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ : " دَعُوا عَلِيًّا دَعُوا عَلِيًّا" ‏ ‏( إِنَّ عَلِيًّا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ ) ‏ ‏أَيْ فِي النَّسَبِ وَالصِّهْرِ وَالْمُسَابَقَةِ وَالْمَحَبَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَزَايَا وَلَمْ يُرِدْ مَحْضَ الْقَرَابَةِ وَإِلَّا فَجَعْفَرٌ شَرِيكُهُ فِيهَا.
قَالَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ , وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَأْنِ جُلَيْبِيبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ " , مَعْنَاهُ الْمُبَالَغَةُ فِي اِتِّحَادِ طَرِيقَتِهِمَا , وَاتِّفَاقِهِمَا فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى.
‏ ‏تَنْبِيهٌ : ‏ ‏اِحْتَجَّ الشِّيعَةُ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ عَلِيًّا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ " عَلَى أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَفْضَلُ مِنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ زَعْمًا مِنْهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ عَلِيًّا مِنْ نَفْسِهِ حَيْثُ قَالَ : " إِنَّ عَلِيًّا مِنِّي " وَلَمْ يَقُلْ هَذَا الْقَوْلَ فِي غَيْرِ عَلِيٍّ.
قُلْت : زَعْمُهُمْ هَذَا بَاطِلٌ جِدًّا فَإِنَّهُ لَيْسَ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ عَلِيًّا مِنِّي " أَنَّهُ جَعَلَهُ مِنْ نَفْسِهِ حَقِيقَةً , بَلْ مَعْنَاهُ هُوَ مَا قَدْ عَرَفْت آنِفًا , وَأَمَّا قَوْلُهُمْ لَمْ يَقُلْ هَذَا الْقَوْلَ فِي غَيْرِ عَلِيٍّ فَبَاطِلٌ أَيْضًا فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ فِي شَأْنِ جُلَيْبِيبٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ , فَفِي حَدِيثِ أَبِي بَرْزَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي مَغْزًى لَهُ فَأَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ : " هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ " ؟ قَالُوا نَعَمْ فُلَانًا وَفُلَانًا وَفُلَانًا الْحَدِيثَ وَفِيهِ قَالَ : " لَكِنِّي أَفْقِدُ جُلَيْبِيبًا فَاطْلُبُوهُ " فَطُلِبَ فِي الْقَتْلَى فَوَجَدُوهُ إِلَى جَنْبِ سَبْعَةٍ قَدْ قَتَلَهُمْ ثُمَّ قَتَلُوهُ.
فَأَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ : " قَتَلَ سَبْعَةً ثُمَّ قَتَلُوهُ هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ " وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ , وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْقَوْلَ فِي شَأْنِ الْأَشْعَرِيِّينَ.
فَفِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ الْأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرَمَلُوا فِي الْغَزْوِ أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ اِقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ ".
رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْقَوْلَ فِي شَأْنِ بَنِي نَاجِيَةَ , فَفِي حَدِيثِ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِبَنِي نَاجِيَةَ : " أَنَا مِنْهُمْ وَهُمْ مِنِّي ".
رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ ‏ ‏" وَهُوَ وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ بَعْدِي " ‏ ‏كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِزِيَادَةِ مِنْ , وَوَقَعَ فِي بَعْضِهَا بَعْدِي بِحَذْفِ مِنْ وَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ فِي مُسْنَدِهِ , وَقَدْ اِسْتَدَلَّ بِهِ الشِّيعَةُ عَلَى أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ خَلِيفَةً بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ , وَاسْتِدْلَالُهُمْ بِهِ عَنْ هَذَا بَاطِلٌ فَإِنَّ مَدَارَهُ عَنْ صِحَّةِ زِيَادَةِ لَفْظِ بَعْدِي وَكَوْنُهَا صَحِيحَةً مَحْفُوظَةً قَابِلَةً لِلِاحْتِجَاجِ وَالْأَمْرُ لَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهَا قَدْ تَفَرَّدَ بِهَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَهُوَ شِيعِيٌّ بَلْ هُوَ غَالٍ فِي التَّشَيُّعِ , قَالَ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ : قَالَ الدُّورِيُّ كَانَ جَعْفَرٌ إِذَا ذَكَرَ مُعَاوِيَةَ شَتَمَهُ وَإِذَا ذَكَرَ عَلِيًّا قَعَدَ يَبْكِي , وَقَالَ اِبْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ الثِّقَاتِ : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي كَامِلٍ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ بَيْنَ يَدَيْ أَبِيهِ قَالَ بَعَثَنِي أَبِي إِلَى جَعْفَرٍ فَقُلْت بَلَغَنَا أَنَّك تَسُبُّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ ؟ قَالَ أَمَّا السَّبُّ فَلَا وَلَكِنْ الْبُغْضُ مَا شِئْت فَإِذَا هُوَ رَافِضِيٌّ الْحِمَارُ اِنْتَهَى فَسَبُّهُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا يُنَادِي بِأَعْلَى نِدَاءٍ أَنَّهُ كَانَ غَالِبًا فِي التَّشَيُّعِ , لَكِنْ قَالَ اِبْنُ عَدِيٍّ عَنْ زَكَرِيَّاءَ السَّاجِيِّ : وَأَمَّا الْحِكَايَةُ الَّتِي حُكِيَتْ عَنْهُ فَإِنَّمَا عَنَى بِهِ جَارَيْنِ كَانَا لَهُ قَدْ تَأَذَّى بِهِمَا يُكَنَّى أَحَدُهُمَا أَبَا بَكْرٍ وَيُسَمَّى الْآخَرُ عُمَرُ فَسُئِلَ عَنْهُمَا فَقَالَ أَمَّا السَّبُّ فَلَا وَلَكِنْ بُغْضًا مَا لَك وَلَمْ يَعْنِ بِهِ الشَّيْخَيْنِ أَوْ كَمَا قَالَ اِنْتَهَى.
فَإِنْ كَانَ كَلَامُ اِبْنِ عَدِيٍّ هَذَا صَحِيحًا فَغُلُوُّهُ مُنْتَفٍ وَإِلَّا فَهُوَ ظَاهِرٌ , وَأَمَّا كَوْنُهُ شِيعِيًّا فَهُوَ بِالِاتِّفَاقِ , قَالَ فِي التَّقْرِيبِ : جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ أَبُو سُلَيْمَانَ الْبَصْرِيِّ صَدُوقٌ زَاهِدٌ لَكِنَّهُ كَانَ يَتَشَيَّعُ اِنْتَهَى , وَكَذَا فِي الْمِيزَانِ وَغَيْرِهِ , وَظَاهِرٌ أَنَّ قَوْلَهُ بَعْدِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِمَّا يَقْوَى بِهِ مُعْتَقَدُ الشِّيعَةِ وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي مَقَرِّهِ أَنَّ الْمُبْتَدِعَ إِذَا رَوَى شَيْئًا يُقَوِّي بِهِ بِدْعَتَهُ فَهُوَ مَرْدُودٌ.
قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْحَقِّ الدَّهْلَوِيُّ فِي مُقَدِّمَتِهِ : وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ إِنْ كَانَ دَاعِيًا إِلَى بِدْعَتِهِ وَمُرَوِّجًا لَهُ رُدَّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ قُبِلَ إِلَّا أَنْ يَرْوِيَ شَيْئًا يُقَوِّي بِهِ بِدْعَتَهُ فَهُوَ مَرْدُودٌ قَطْعًا اِنْتَهَى.
‏ ‏فَإِنْ قُلْت : لَمْ يَتَفَرَّدْ بِزِيَادَةِ قَوْلِهِ بَعْدِي جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ بَلْ تَابَعَهُ عَلَيْهَا أَجْلَحُ الْكِنْدِيُّ فَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ أَجْلَحَ الكندي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ بُرَيْدَةَ قَالَ : بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْثَيْنِ إِلَى الْيَمَنِ عَلَى أَحَدِهِمَا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَعَلَى الْآخَرِ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ الْحَدِيثَ وَفِي آخِرِهِ : " لَا تَقَعُ فِي عَلِيٍّ فَإِنَّهُ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ وَهُوَ وَلِيُّكُمْ بَعْدِي وَإِنَّهُ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ وَهُوَ وَلِيُّكُمْ بَعْدِي ".
قُلْت : أَجْلَحُ الكندي هَذَا أَيْضًا شِيعِيٌّ قَالَ فِي التَّقْرِيبِ : أَجْلَحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ حُجَيَّةَ يُكَنَّى أَبَا حُجَيَّةَ الكندي يُقَالُ اِسْمُهُ يَحْيَى صَدُوقٌ شِيعِيٌّ اِنْتَهَى , وَكَذَا فِي الْمِيزَانِ وَغَيْرِهِ , وَالظَّاهِرُ أَنَّ زِيَادَةَ بَعْدِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ وَهْمِ هَذَيْنِ الشِّيعِيَّيْنِ , وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَوَى فِي مُسْنَدِهِ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ لَيْسَتْ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهَا هَذِهِ الزِّيَادَةُ.
‏ ‏فَمِنْهَا مَا رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْفَضْلِ بْنِ دُكَيْنٍ حَدَّثَنَا اِبْنُ أَبِي عُيَيْنَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ عَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ غَزَوْت مَعَ عَلِيٍّ الْيَمَنَ فَرَأَيْت مِنْهُ جَفْوَةً الْحَدِيثَ وَفِي آخِرِهِ فَقَالَ : " يَا بُرَيْدَةُ أَلَسْت أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ " ؟ قُلْت بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ " مَنْ كُنْت مَوْلَاهُ فَعَلَيَّ مَوْلَاهُ ".
وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ اِبْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّةٍ الْحَدِيثَ.
وَفِي آخِرِهِ : " مَنْ كُنْت وَلِيُّهُ فِعْلِيٌّ وَلِيُّهُ ".
وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ , وَكِيعٍ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ اِبْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ مَرَّ عَلَى مَجْلِسٍ وَهُمْ يَتَنَاوَلُونَ مِنْ عَلِيٍّ الْحَدِيثَ وَفِي آخِرِهِ : مَنْ كُنْت وَلِيُّهُ فِعْلِيٌّ وَلِيُّهُ.
فَظَهَرَ بِهَذَا كُلِّهِ أَنَّ زِيَادَةَ لَفْظِ بَعْدِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَيْسَتْ بِمَحْفُوظَةٍ بَلْ هِيَ مَرْدُودَةٌ , فَاسْتِدْلَالُ الشِّيعَةِ بِهَا عَلَى أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ خَلِيفَةً بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَاطِلٌ جِدًّا.
هَذَا مَا عِنْدِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
وَقَالَ الْحَافِظُ اِبْنُ تَيْمِيَّةَ فِي مِنْهَاجِ السُّنَّةِ , وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : " هُوَ وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِي " كَذِبٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ هُوَ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَكُلُّ مُؤْمِنٍ وَلِيُّهُ فِي الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ , فَالْوِلَايَةُ الَّتِي هِيَ ضِدُّ الْعَدَاوَةِ لَا تَخْتَصُّ بِزَمَانٍ , وَأَمَّا الْوِلَايَةُ الَّتِي هِيَ الْإِمَارَةُ فَيُقَالُ فِيهَا وَالِي كُلَّ مُؤْمِنٍ بَعْدِي كَمَا يُقَالُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ إِذَا اِجْتَمَعَ الْوَلِيُّ وَالْوَالِي قُدِّمَ الْوَالِي فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِ وَقِيلَ يُقَدَّمُ الْوَلِيُّ وَقَوْلُ الْقَائِلِ عَلِيٌّ وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِي كَلَامٌ يَمْتَنِعُ نِسْبَتُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ إِنْ أَرَادَ الْمُوَالَاةَ لَمْ يَحْتَجْ أَنْ يَقُولَ بَعْدِي وَإِنْ أَرَادَ الْإِمَارَةَ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَالٍ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ اِنْتَهَى.
فَإِنْ قُلْت : لَمْ يَتَفَرَّدْ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ بِقَوْلِهِ : " هُوَ وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِي " بَلْ وَقَعَ هَذَا اللَّفْظُ فِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ فِي مُسْنَدِهِ فَفِي آخِرِهِ لَا تَقَعُ فِي عَلِيٍّ " فَإِنَّهُ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ وَهُوَ وَلِيُّكُمْ بَعْدِي وَإِنَّهُ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ وَهُوَ وَلِيُّكُمْ بَعْدِي ".
قُلْت : تَفَرَّدَ بِهَذَا اللَّفْظِ فِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ أَجْلَحُ الْكِنْدِيُّ وَهُوَ أَيْضًا شِيعِيٌّ.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ ) ‏ ‏وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ.


حديث ما تريدون من علي ما تريدون من علي ما تريدون من علي إن عليا مني

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏قُتَيْبَةُ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏يَزِيدَ الرِّشْكِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏جَيْشًا وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ ‏ ‏عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ‏ ‏فَمَضَى فِي ‏ ‏السَّرِيَّةِ ‏ ‏فَأَصَابَ ‏ ‏جَارِيَةً ‏ ‏فَأَنْكَرُوا عَلَيْهِ ‏ ‏وَتَعَاقَدَ ‏ ‏أَرْبَعَةٌ مِنْ ‏ ‏أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَقَالُوا إِذَا لَقِينَا رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏أَخْبَرْنَاهُ بِمَا صَنَعَ ‏ ‏عَلِيٌّ ‏ ‏وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ إِذَا رَجَعُوا مِنْ السَّفَرِ بَدَءُوا بِرَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ ثُمَّ انْصَرَفُوا إِلَى ‏ ‏رِحَالِهِمْ ‏ ‏فَلَمَّا قَدِمَتْ ‏ ‏السَّرِيَّةُ ‏ ‏سَلَّمُوا عَلَى النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَقَامَ أَحَدُ الْأَرْبَعَةِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَمْ تَرَ إِلَى ‏ ‏عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ‏ ‏صَنَعَ كَذَا وَكَذَا فَأَعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏ثُمَّ قَامَ الثَّانِي فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ فَأَعْرَضَ عَنْهُ ثُمَّ قَامَ الثَّالِثُ فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ فَأَعْرَضَ عَنْهُ ثُمَّ قَامَ الرَّابِعُ فَقَالَ مِثْلَ مَا قَالُوا فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏وَالْغَضَبُ يُعْرَفُ فِي وَجْهِهِ فَقَالَ مَا تُرِيدُونَ مِنْ ‏ ‏عَلِيٍّ ‏ ‏مَا تُرِيدُونَ مِنْ ‏ ‏عَلِيٍّ ‏ ‏مَا تُرِيدُونَ مِنْ ‏ ‏عَلِيٍّ ‏ ‏إِنَّ ‏ ‏عَلِيًّا ‏ ‏مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ وَهُوَ ‏ ‏وَلِيُّ ‏ ‏كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِي ‏ ‏قَالَ ‏ ‏أَبُو عِيسَى ‏ ‏هَذَا ‏ ‏حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ ‏ ‏لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ ‏ ‏جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث سنن الترمذي

من كنت مولاه فعلي مولاه

عن أبي سريحة، أو زيد بن أرقم - شك شعبة - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كنت مولاه فعلي مولاه»: «هذا حديث حسن غريب»، وقد روى شعبة، هذا الحديث، عن...

رحم الله عليا اللهم أدر الحق معه حيث دار

عن علي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رحم الله أبا بكر زوجني ابنته، وحملني إلى دار الهجرة، وأعتق بلالا من ماله، رحم الله عمر، يقول الحق وإن...

من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار

عن ربعي بن حراش قال: حدثنا علي بن أبي طالب، بالرحبة، قال: لما كان يوم الحديبية خرج إلينا ناس من المشركين فيهم سهيل بن عمرو وأناس من رؤساء المشركين، فق...

قال لعلي بن أبي طالب أنت مني وأنا منك

عن ‌البراء بن عازب «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي بن أبي طالب»: أنت مني وأنا منك.<br> وفي الحديث قصة.<br> هذا حديث حسن صحيح

نحن معشر الأنصار ببغضهم علي بن أبي طالب

عن أبي سعيد الخدري، قال: «إن كنا لنعرف المنافقين نحن معشر الأنصار ببغضهم علي بن أبي طالب».<br> هذا حديث غريب.<br> وقد تكلم شعبة في أبي هارون " وقد روي...

لا يحب عليا منافق ولا يبغضه مؤمن

عن المساور الحميري، عن أمه، قالت: دخلت على أم سلمة، فسمعتها تقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يحب عليا منافق ولا يبغضه مؤمن» وفي الباب...

إن الله أمرني بحب أربعة وأخبرني أنه يحبهم

عن ابن بريدة، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله أمرني بحب أربعة، وأخبرني أنه يحبهم».<br> قيل: يا رسول الله سمهم لنا، قال: «علي...

علي مني وأنا من علي ولا يؤدي عني إلا أنا أو علي

عن حبشي بن جنادة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «علي مني وأنا من علي، ولا يؤدي عني إلا أنا أو علي»: «هذا حديث حسن غريب صحيح»

أنت أخي في الدنيا والآخرة

عن ابن عمر، قال: آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه فجاء علي تدمع عيناه، فقال: يا رسول الله آخيت بين أصحابك ولم تؤاخ بيني وبين أحد، فقال له ر...