1510- عن ابن عباس، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو: «رب أعني ولا تعن علي، وانصرني ولا تنصر علي، وامكر لي ولا تمكر علي، واهدني ويسر هداي إلي، وانصرني على من بغى علي، اللهم اجعلني لك شاكرا، لك ذاكرا، لك راهبا، لك مطواعا إليك، مخبتا، أو منيبا، رب تقبل توبتي، واغسل حوبتي، وأجب دعوتي، وثبت حجتي، واهد قلبي، وسدد لساني، واسلل سخيمة قلبي»(1) 1511- عن سفيان، قال: سمعت عمرو بن مرة، بإسناده ومعناه، قال: «ويسر الهدى إلي»، ولم يقل: هداي (2)
(١) إسناده صحيح.
سفيان: هو ابن سعيد الثوري.
وأخرجه ابن ماجه (3830)، والترمذي (3865) و (3866) من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد.
وهو في "مسند أحمد" (1997)، و"صحيح ابن حبان" (947).
وانظر ما بعده.
قوله: رب أعني.
من الإعانة على عبادتك، أي: وفقني لذكرك وشكرك وحسن
عبادتك.
ولا تعن علي، أي: الشيطان حنى يمنعني من حسن العبادة.
وانصرني على الأعداء ولا تنصر علي أحدا من خلقك، أي: لا تسلطهم، أو انصرني على نفسي فإنها أعدى أعدائي ولا تنصر النفس الأمارة علي بأن أتبع الهوى وأترك الهدى.
وامكر لي ولا تمكر علي، قال الطيبي: المكر: هو الخداع، وهو من الله إيقاع بلائه بأعدائه من حيث لا يشعرون، وقال ابن الملك: المكر: الحيلة والفكر في دفع عدو بحيث لا يشعر به العدو، فالمعنى: اللهم اهدنى إلى طريق دفع أعدائي عني، ولا تهد عدوي إلى طريق دفعه إياي عن نفسه.
واهدني، أي: دلني على الخيرات أو على عيوب نفسي، ويسر وصول الهداية إلي.
وانصرني على من بغى علي بالاستنكاف عن قبول الحق والاستكبار عن الإسلام، أو بالخروج على القتال.
اللهم اجعلني لك راهبا، أى: خائفا منك خاصة في السراء والضراء.
والرهب من المعصية ومن السخط.
إليك مخبتا.
قال السيوطي: هو من الإخبات وهو الخشوع والتواضع.
وقال علي القاري، أى: خاضعا خاشعا متواضعا من الخبت وهو المطمئن من الأرض، يقال: أخبت الرجل: إذا نزل الخبت، ثم استعمل الخبت استعمال اللين والتواضع، قال تعالى: {وأخبتوا إلى ربهم} [هود: 23] أي: اطمأنوا إلى ذكره.
والإنابة: الرجوع إلى الله بالتوبة.
أو الرجوع إلى الله عن المعصية إلى الطاعة،
وعن الغفلة إلى اليقظة.
رب تقبل توبتي بجعلها صحيحة بشرائطها واستجماع آدابها فإنها لا تتخلف عن حيز القبول، قال تعالى: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده} [الشورى: 25].
واغسل حوبتي.
بفتح الحاء: الإثم.
وغسلها كناية عن إزالتها بالكلية بحيث لا يبقى منها أثر.
واهد قلبي إلى معرفتك يا الله، وقوم لساني حتى لا أنطق إلا بالصدق ولا أتكلم إلا بالحق.
واسلل سخيمة قلبي.
أى: غله وحقده وحسده ونحوها مما ينشأ من الصدر، ويسكن في القلب من مساوئ الأخلاق، وسلها: إخراجها وتنقية القلب منها.
(٢) إسناده صحيح.
مسدد: هو ابن مسرهد الأسدي، ويحيى: هو ابن سعيد القطان.
وعمرو بن مرة: هو ابن عبد الله بن طارق المرادي الكوفي.
وأخرجه النسائي في "الكبرى" (١٠٣٦٨) عن عمرو بن علي، عن يحيى، بهذا الإسناد.
وهو في "صحيح ابن حبان" (٩٤٨).
وانظر ما سلف قبله.
عون المعبود على شرح سنن أبي داود: أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي
( يَدْعُو رَبِّ أَعِنِّي ) : أَيْ وَفِّقْنِي لِذِكْرِك وَشُكْرِك وَحُسْنِ عِبَادَتك ( وَلَا تُعِنْ عَلَيَّ ) : أَيْ لَا تُغَلِّبْ عَلَيَّ مَنْ يَمْنَعُنِي مِنْ طَاعَتِك مِنْ شَيَاطِين الْإِنْس وَالْجِنّ ( وَانْصُرْنِي وَلَا تَنْصُرْ عَلَيَّ ) : أَيْ أَغْلِبْنِي عَلَى الْكُفَّارِ وَلَا تُغَلِّبْهُمْ عَلَيَّ أَوْ اُنْصُرْنِي عَلَى نَفْسِي فَإِنَّهَا أَعْدَى أَعْدَائِي وَلَا تَنْصُرْ النَّفْسَ الْأَمَارَةَ عَلَيَّ بِأَنْ أَتَّبِعَ الْهَوَى وَأَتْرُكَ الْهُدَى ( وَامْكُرْ لِي وَلَا تَمْكُرْ عَلَيَّ ) : قَالَ الطِّيبِيُّ : الْمَكْرُ الْخِدَاعُ وَهُوَ مِنْ اللَّه إِيقَاع بَلَائِهِ بِأَعْدَائِهِ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ , وَقِيلَ اِسْتِدْرَاج الْعَبْد بِالطَّاعَةِ فَيَتَوَهَّمُ أَنَّهَا مَقْبُولَةٌ وَهِيَ مَرْدُودَةٌ.
وَقَالَ اِبْن الْمَلَك : الْمَكْر الْحِيلَة وَالْفِكْر فِي دَفْع عَدُوّ بِحَيْثُ لَا يَشْعُرُ بِهِ الْعَدُوُّ , فَالْمَعْنَى اللَّهُمَّ اِهْدِنِي إِلَى طَرِيق دَفْع أَعْدَائِي عَنِّي وَلَا تَهْدِ عَدُوِّي إِلَى طَرِيق دَفْعِهِ إِيَّايَ عَنْ نَفْسِي ( وَاهْدِنِي ) : أَيْ دُلَّنِي عَلَى الْخَيْرَات أَوْ عَلَى عُيُوبِ نَفْسه ( وَيَسِّرْ هُدَايَ إِلَيَّ ) : أَيْ سَهِّلْ اِتِّبَاعَ الْهِدَايَة أَوْ طُرُقَ الدَّلَالَة لِي حَتَّى لَا أَسْتَثْقِل الطَّاعَةَ وَلَا أَشْتَغِل عَنْ الْعِبَادَة ( وَانْصُرْنِي ) : أَيْ بِالْخُصُوصِ ( عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيَّ ) : أَيْ ظَلَمَنِي وَتَعَدَّى عَلَيَّ , وَهَذَا تَخْصِيص لِقَوْلِهِ وَانْصُرْنِي فِي الْأَوَّل ( لَك شَاكِرًا ) : قَدَّمَ الْمُتَعَلِّقَ لِلِاهْتِمَامِ وَالِاخْتِصَاص أَوْ لِتَحْقِيقِ مَقَام الْإِخْلَاص أَيْ عَلَى النَّعْمَاءِ وَالْآلَاءِ ( لَك ذَاكِرًا ) : فِي الْأَوْقَات وَالْآنَاء ( لَك رَاهِبًا ) : أَيْ خَائِفًا فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ.
وَقَالَ اِبْنُ حَجَرٍ : أَيْ مُنْقَطِعًا عَنْ الْخَلْقِ ( لَك مِطْوَاعًا ) : بِكَسْرِ الْمِيمِ مِفْعَال لِلْمُبَالَغَةِ أَيْ كَثِير الطَّوْع وَهُوَ الِانْقِيَاد وَالطَّاعَة , وَفِي رِوَايَة اِبْن أَبِي شَيْبَة مُطِيعًا أَيْ مُنْقَادًا ( إِلَيْك مُخْبِتًا ) قَالَ السُّيُوطِيُّ : هُوَ مِنْ الْإِخْبَاتِ وَهُوَ الْخُشُوع وَالتَّوَاضُع.
اِنْتَهَى.
وَفِي الْمِرْقَاة أَيْ خَاضِعًا خَاشِعًا مُتَوَاضِعًا مِنْ الْخَبْت وَهُوَ الْمُطَمْئِنُ مِنْ الْأَرْض , يُقَالُ أَخْبَتَ الرَّجُل إِذَا نَزَلَ الْخَبْت , ثُمَّ اِسْتَعْمَلَ الْخَبْت اِسْتِعْمَال اللِّين وَالتَّوَاضُع.
قَالَ تَعَالَى : { وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ } أَيْ اِطْمَأَنُّوا إِلَى ذِكْره ( أَوْ مُنِيبًا ) : شَكّ لِلرَّاوِي قَالَ فِي النِّهَايَة : الْإِنَابَة الرُّجُوع إِلَى اللَّه بِالتَّوْبَةِ يُقَالُ أَنَابَ إِذَا أَقْبَلَ وَرَجَعَ أَيْ إِلَيْك رَاجِعًا ( رَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي ) : بِجَعْلِهَا صَحِيحَة بِشَرَائِطِهَا وَاسْتِجْمَاع آدَابهَا فَإِنَّهَا لَا تَتَخَلَّفُ عَنْ حَيِّزِ الْقَبُولِ.
قَالَ تَعَالَى : { وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَاده } ( وَاغْسِلْ حَوْبَتِي ) : بِفَتْحِ الْحَاء وَيُضَمُّ أَيْ اُمْحُ ذَنْبِي , وَالْحُوب بِالضَّمِّ مَصْدَر وَالْحَاب الْإِثْمُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ مَزْجُورًا عَنْهُ, الْحُوب فِي الْأَصْل لِزَجْرِ الْإِبِلِ , وَذَكَرَ الْمَصْدَر دُونَ الْإِثْمِ وَهُوَ إِذْ الْحُوبُ , لِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ مِنْ فِعْلِ الذَّنْبِ أَبْلَغُ مِنْهُ مِنْ نَفْسِ الذَّنْب ( وَأَجِبْ دَعْوَتِي ) : أَيْ دُعَائِي , وَأَمَّا قَوْلُ اِبْن حَجَرٍ الْمَكِّيِّ ذُكِرَ لِأَنَّهُ مِنْ فَوَائِد قَبُول التَّوْبَة , فَمُوهِمٌ أَنَّهُ لَا تُجَابُ دَعْوَةُ غَيْرِ التَّائِبِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لِمَا صَحَّ مِنْ أَنَّ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ وَإِنْ كَانَ فَاجِرًا , وَفِي رِوَايَة وَلَوْ كَانَ كَافِرًا ( وَثَبِّتْ حُجَّتِي ) : أَيْ عَلَى أَعْدَائِك فِي الدُّنْيَا وَالْعُقْبَى ( وَاهْدِ قَلْبِي ) : أَيْ إِلَى مَعْرِفَة رَبِّي ( وَسَدِّدْ ) : أَيْ صَوِّبْ وَقَوِّمْ ( لِسَانِي ) : حَتَّى لَا يَنْطِقَ إِلَّا بِالصِّدْقِ وَلَا يَتَكَلَّمَ إِلَّا بِالْحَقِّ ( وَاسْلُلْ ) : بِضَمِّ اللَّام الْأُولَى أَيْ أَخْرِجْ ( سَخِيمَة قَلْبِي ) : أَيْ غِشَّهُ وَغِلَّهُ وَحِقْدَهُ وَحَسَدَهُ وَنَحْوَهَا مِمَّا يَنْشَأُ مِنْ الصَّدْر وَيَسْكُنُ فِي الْقَلْب مِنْ مَسَاوِئ الْأَخْلَاق قَالَهُ عَلِيّ الْقَارِيّ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ , وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَن صَحِيح.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ طُلَيْقِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو رَبِّ أَعِنِّي وَلَا تُعِنْ عَلَيَّ وَانْصُرْنِي وَلَا تَنْصُرْ عَلَيَّ وَامْكُرْ لِي وَلَا تَمْكُرْ عَلَيَّ وَاهْدِنِي وَيَسِّرْ هُدَايَ إِلَيَّ وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيَّ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي لَكَ شَاكِرًا لَكَ ذَاكِرًا لَكَ رَاهِبًا لَكَ مِطْوَاعًا إِلَيْكَ مُخْبِتًا أَوْ مُنِيبًا رَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي وَاغْسِلْ حَوْبَتِي وَأَجِبْ دَعْوَتِي وَثَبِّتْ حُجَّتِي وَاهْدِ قَلْبِي وَسَدِّدْ لِسَانِي وَاسْلُلْ سَخِيمَةَ قَلْبِي حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مُرَّةَ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ قَالَ وَيَسِّرْ الْهُدَى إِلَيَّ وَلَمْ يَقُلْ هُدَايَ
عن عائشة رضي عنها، أن النبي صلى عليه وسلم كان إذا سلم، قال: «اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام» (1) 1513- عن ثوبان مو...
عن أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أصر من استغفر، وإن عاد في اليوم سبعين مرة»
عن الأغر المزني، - قال مسدد في حديثه: وكانت له صحبة - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في كل يوم مائة م...
عن ابن عمر، قال: إن كنا لنعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة: «رب اغفر لي، وتب علي، إنك أنت التواب الرحيم»
سمعت بلال بن يسار بن زيد، مولى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: سمعت أبي، يحدثنيه عن جدي، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من قال: أستغفر ال...
عن ابن عباس، أنه حدثه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من لزم الاستغفار، جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب»
عن عبد العزيز بن صهيب، قال: سأل قتادة، أنسا، أي دعوة كان يدعو بها رسول صلى عليه وسلم أكثر، قال: كان أكثر دعوة يدعو بها: «اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسن...
عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سأل الله الشهادة صادقا، بلغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه»
سمعت عليا رضي الله عنه يقول: كنت رجلا إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا نفعني الله منه بما شاء أن ينفعني، وإذا حدثني أحد من أصحابه استحلف...