306- عن عائشة أنها قالت: قالت فاطمة بنت أبي حبيش لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، إني لا أطهر أفأدع الصلاة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما ذلك عرق وليس بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة، فإذا ذهب قدرها، فاغسلي عنك الدم وصلي»
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( إِنِّي لَا أَطْهُرُ ) تَقَدَّمَ فِي بَاب غَسْل الدَّم مِنْ رِوَايَة أَبِي مُعَاوِيَة عَنْ هِشَام وَهُوَ اِبْن عُرْوَة.
فِي هَذَا الْحَدِيث التَّصْرِيحُ بِبَيَانِ السَّبَب وَهُوَ قَوْلهَا " إِنِّي أُسْتَحَاض " وَكَانَ عِنْدهَا أَنَّ طَهَارَة الْحَائِض لَا تُعْرَفُ إِلَّا بِانْقِطَاعِ الدَّم فَكَنَّتْ بِعَدَمِ الطُّهْر عَنْ اِتِّصَاله , وَكَانَتْ عَلِمَتْ أَنَّ الْحَائِض لَا تُصَلِّي فَظَنَّتْ أَنَّ ذَلِكَ الْحُكْم مُقْتَرِن بِجَرَيَانِ الدَّم مِنْ الْفَرْج فَأَرَادَتْ تَحَقُّقَ ذَلِكَ فَقَالَتْ " أَفَأَدَعُ الصَّلَاة ".
قَوْله : ( إِنَّمَا ذَلِكِ ) بِكَسْرِ الْكَاف وَزَادَ فِي الرِّوَايَة الْمَاضِيَة " فَقَالَ لَا ".
قَوْله : ( وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ ) بِفَتْحِ الْحَاء كَمَا نَقَلَهُ الْخَطَّابِيُّ عَنْ أَكْثَر الْمُحَدِّثِينَ أَوْ كُلّهمْ , وَإِنْ كَانَ قَدْ اِخْتَارَ الْكَسْر عَلَى إِرَادَة الْحَالَة لَكِنَّ الْفَتْح هُنَا أَظْهَرُ , وَقَالَ النَّوَوِيّ : وَهُوَ مُتَعَيَّن أَوْ قَرِيب مِنْ الْمُتَعَيَّن ; لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ إِثْبَات الِاسْتِحَاضَة وَنَفْي الْحَيْض.
وَأَمَّا قَوْله " فَإِذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَة " فَيَجُوز فِيهِ الْوَجْهَانِ مَعًا جَوَازًا حَسَنًا.
اِنْتَهَى كَلَامه.
وَاَلَّذِي فِي رِوَايَتنَا بِفَتْحِ الْحَاء فِي الْمَوْضِعَيْنِ.
وَاللَّهُ أَعْلَم.
قَوْلُهُ : ( فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّم وَصَلِّي ) أَيْ بَعْد الِاغْتِسَال كَمَا سَيَأْتِي التَّصْرِيح بِهِ فِي بَاب إِذَا حَاضَتْ فِي شَهْر ثَلَاث حِيَضٍ مِنْ طَرِيق أَبِي أُسَامَة عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة فِي هَذَا الْحَدِيث قَالَ فِي آخِره " ثُمَّ اِغْتَسِلِي وَصَلِّي " وَلَمْ يَذْكُر غَسْل الدَّم.
وَهَذَا الِاخْتِلَاف وَاقِعٌ بَيْن أَصْحَاب هِشَام , مِنْهُمْ مَنْ ذَكَرَ غَسْل الدَّم وَلَمْ يَذْكُر الِاغْتِسَال وَمِنْهُمْ مَنْ ذَكَرَ الِاغْتِسَال وَلَمْ يَذْكُر غَسْل الدَّم , كُلّهمْ ثِقَات وَأَحَادِيثهمْ فِي الصَّحِيحَيْنِ , فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ كُلّ فَرِيق اِخْتَصَرَ أَحَد الْأَمْرَيْنِ لِوُضُوحِهِ عِنْده.
وَفِيهِ اِخْتِلَاف ثَالِث أَشَرْنَا إِلَيْهِ فِي بَاب غَسْل الدَّم مِنْ رِوَايَة أَبِي مُعَاوِيَة فَذَكَر مِثْل حَدِيث الْبَاب وَزَادَ " ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاة " وَرَدَدْنَا هُنَاكَ قَوْل مَنْ قَالَ إِنَّهُ مَدْرَجٌ , وَقَوْل مَنْ جَزَمَ بِأَنَّهُ مَوْقُوف عَلَى عُرْوَة , وَلَمْ يَنْفَرِد أَبُو مُعَاوِيَة بِذَلِكَ فَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيق حَمَّاد بْن زَيْد عَنْ هِشَام وَادَّعَى أَنَّ حَمَّادًا تَفَرَّدَ بِهَذِهِ الزِّيَادَة , وَأَوْمَأَ مُسْلِم أَيْضًا إِلَى ذَلِكَ , وَلَيْسَ كَذَلِكَ , فَقَدْ رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ مِنْ طَرِيق حَمَّاد بْن سَلَمَة وَالسَّرَّاج مِنْ طَرِيق يَحْيَى بْن سُلَيْمٍ كِلَاهُمَا عَنْ هِشَام , وَفِي الْحَدِيث دَلِيل عَلَى أَنَّ الْمَرْأَة إِذَا مَيَّزَتْ دَم الْحَيْض مِنْ دَم الِاسْتِحَاضَة تَعْتَبِر دَم الْحَيْض وَتَعْمَل عَلَى إِقْبَاله وَإِدْبَاره , فَإِذَا اِنْقَضَى قَدْره اِغْتَسَلَتْ عَنْهُ ثُمَّ صَارَ حُكْم دَم الِاسْتِحَاضَة حُكْم الْحَدَث فَتَتَوَضَّأ لِكُلِّ صَلَاة , لَكِنَّهَا لَا تُصَلِّي بِذَلِكَ الْوُضُوء أَكْثَر مِنْ فَرِيضَة وَاحِدَة مُؤَدَّاة أَوْ مَقْضِيَّة لِظَاهِرِ قَوْله " ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاة " , وَبِهَذَا قَالَ الْجُمْهُور , وَعِنْد الْحَنَفِيَّة أَنَّ الْوُضُوء مُتَعَلِّق بِوَقْتِ الصَّلَاة فَلَهَا أَنْ تُصَلِّي بِهِ الْفَرِيضَة الْحَاضِرَة وَمَا شَاءَتْ مِنْ الْفَوَائِت مَا لَمْ يَخْرُج وَقْت الْحَاضِرَة , وَعَلَى قَوْلهمْ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ " وَتَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاة " أَيْ لِوَقْتِ كُلّ صَلَاة , فَفِيهِ مَجَاز الْحَذْف وَيَحْتَاج إِلَى دَلِيل.
وَعِنْد الْمَالِكِيَّة يُسْتَحَبّ لَهَا الْوُضُوء لِكُلِّ صَلَاة وَلَا يَجِبُ إِلَّا بِحَدِيثٍ آخَر , وَقَالَ أَحْمَد وَإِسْحَاق : إِنْ اِغْتَسَلَتْ لِكُلِّ فَرْض فَهُوَ أَحْوَطُ.
وَفِيهِ جَوَازًا اِسْتِفْتَاء الْمَرْأَة بِنَفْسِهَا وَمُشَافَهَتهَا لِلرَّجُلِ فِيمَا يَتَعَلَّق بِأَحْوَالِ النِّسَاء , وَجَوَاز سَمَاع صَوْتهَا لِلْحَاجَةِ.
وَفِيهِ غَيْر ذَلِكَ.
وَقَدْ اِسْتَنْبَطَ مِنْهُ الرَّازِيَُّ الْحَنَفِيّ أَنَّ مُدَّة أَقَلّ الْحَيْض , ثَلَاثَة أَيَّام وَأَكْثَره عَشَرَة لِقَوْلِهِ " قَدْر الْأَيَّام الَّتِي كُنْت تَحِيضِينَ فِيهَا " ; لِأَنَّ أَقَلّ مَا يُطْلَق عَلَيْهِ لَفْظ " أَيَّام ثَلَاثَةٌ وَأَكْثَره عَشَرَةٌ فَأَمَّا دُون الثَّلَاثَة فَإِنَّمَا يُقَال يَوْمَانِ وَيَوْم وَأَمَّا فَوْق عَشَرَة فَإِنَّمَا يُقَال أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا وَهَكَذَا إِلَى عِشْرِينَ , وَفِي الِاسْتِدْلَال بِذَلِكَ نَظَرٌ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ قَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَا أَطْهُرُ أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ فَإِذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَاتْرُكِي الصَّلَاةَ فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي
عن أسماء بنت أبي بكر الصديق أنها قالت: سألت امرأة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، أرأيت إحدانا إذا أصاب ثوبها الدم من الحيضة كيف تصن...
عن عائشة، قالت: «كانت إحدانا تحيض، ثم تقترص الدم من ثوبها عند طهرها، فتغسله وتنضح على سائره، ثم تصلي فيه»
عن عائشة، «أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف معه بعض نسائه وهي مستحاضة ترى الدم»، فربما وضعت الطست تحتها من الدم، وزعم أن عائشة رأت ماء العصفر، فقالت:...
عن عائشة، قالت: «اعتكفت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من أزواجه، فكانت ترى الدم والصفرة والطست تحتها وهي تصلي»
عن عائشة، «أن بعض أمهات المؤمنين اعتكفت وهي مستحاضة»
عن عائشة: «ما كان لإحدانا إلا ثوب واحد تحيض فيه، فإذا أصابه شيء من دم قالت بريقها، فقصعته بظفرها»
عن أم عطية، عن النبي صلى الله عليه وسلم قالت: «كنا ننهى أن نحد على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا، ولا نكتحل ولا نتطيب ولا نلبس ثوبا مصبوغ...
عن عائشة، أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسلها من المحيض، فأمرها كيف تغتسل، قال: «خذي فرصة من مسك، فتطهري بها» قالت: كيف أتطهر؟ قال: «تطهري...
عن عائشة، أن امرأة من الأنصار قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: كيف أغتسل من المحيض؟ قال: «خذي فرصة ممسكة، فتوضئي ثلاثا» ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم ا...