616- عن عبد الله بن الحارث، قال: خطبنا ابن عباس في يوم ردغ، فلما بلغ المؤذن حي على الصلاة، فأمره أن ينادي «الصلاة في الرحال»، فنظر القوم بعضهم إلى بعض، فقال: «فعل هذا من هو خير منه وإنها عزمة»
أخرجه مسلم في صلاة المسافرين وقصرها باب الصلاة في الرحال في المطر رقم 699
(ردغ) أي ذي ردغ وهو الطين والوحل الكثير أو الغيم البادر.
(الصلاة في الرحال) صلوا في منازلكم.
(نظر القوم) نظر إنكار.
(فقال) ابن عباس رصي الله عنهما.
(من هو خير منه) أي النبي صلى الله عليه وسلم.
(عزمة) أي صلاة الجمعة واجبة متحتمة ودل على أنها الجمعة قوله خطبنا
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( حَمَّاد ) هُوَ اِبْن زَيْد , وَعَبْد الْحَمِيد هُوَ اِبْن دِينَار , وَعَبْد اللَّه بْن الْحَارِث هُوَ الْبَصْرِيّ اِبْن عَمّ اِبْن سِيرِينَ وَزَوْج اِبْنَته وَهُوَ تَابِعِيّ صَغِير , وَرِوَايَة الثَّلَاثَة عَنْهُ مِنْ بَاب رِوَايَة الْأَقْرَان لِأَنَّ الثَّلَاثَة مِنْ صِغَار التَّابِعِينَ , وَرِجَالُ الْإِسْنَاد كُلُّهُمْ بَصْرِيُّونَ , وَقَدْ جَمَعَهُمْ حَمَّاد كَمُسَدَّدٍ كَمَا هُنَا , وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْن حَرْب عَنْهُ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ وَأَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَج , وَكَانَ حَمَّاد رُبَّمَا اِقْتَصَرَ عَلَى بَعْضهمْ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا فِي " بَاب هَلْ يُصَلِّي الْإِمَام بِمَنْ حَضَرَ " عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْوَهَّاب الْحَجْبِيِّ عَنْ حَمَّاد عَنْ عَبْد الْحَمِيد وَعَنْ عَاصِم فَرَّقَهُمَا , وَرَوَاهُ مُسْلِم عَنْ الرَّبِيع عَنْ حَمَّاد عَنْ أَيُّوب وَعَاصِم مِنْ طُرُق أُخْرَى مِنْهَا وُهَيْب عَنْ أَيُّوب , وَحُكِيَ عَنْ وُهَيْب أَنَّ أَيُّوب لَمْ يَسْمَعهُ مِنْ عَبْد اللَّه بْن الْحَارِث وَفِيهِ نَظَرٌ , لِأَنَّ فِي رِوَايَة سُلَيْمَانَ بْن حَرْب عَنْ حَمَّاد عَنْ أَيُّوب وَعَبْد الْحَمِيد قَالَا : سَمِعْنَا عَبْد اللَّه بْن الْحَارِث كَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ وَغَيْرُهُ , وَلِمُسَدَّدٍ فِيهِ شَيْخٌ آخَرُ وَهُوَ اِبْنُ عُلَيَّةَ كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَاب الْجُمُعَة إِنْ شَاءَ اللَّه.
قَوْله : ( خَطَبَنَا ) اِسْتَدَلَّ بِهِ اِبْن الْجَوْزِيّ عَلَى أَنَّ الصَّلَاة الْمَذْكُورَة كَانَتْ الْجُمُعَة , وَفِيهِ نَظَرٌ.
نَعَمْ وَقَعَ التَّصْرِيح بِذَلِكَ فِي رِوَايَة اِبْن عُلَيَّةَ وَلَفْظه " أَنَّ الْجُمُعَة عَزْمَةٌ ".
قَوْله : ( فِي يَوْمِ رَزْغٍ ) بِفَتْحِ الرَّاء وَسُكُون الزَّاي بَعْدَهَا غَيْنٌ مُعْجَمَةٌ كَذَا لِلْأَكْثَرِ هُنَا , وَلِابْنِ السَّكَن وَالْكُشْمِيهَنِيّ وَأَبِي الْوَقْت بِالدَّالِ الْمُهْمَلَة بَدَلَ الزَّاي , وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ , إِنَّهَا أَشْهَرُ , وَقَالَ : وَالصَّوَاب الْفَتْح فَإِنَّهُ الِاسْم , وَبِالسُّكُونِ الْمَصْدَر.
اِنْتَهَى.
وَبِالْفَتْحِ رِوَايَة الْقَابِسِيّ , قَالَ صَاحِب الْمُحْكَمِ : الرَّزْغُ الْمَاء الْقَلِيل فِي الثِّمَاد , وَقِيلَ إِنَّهُ طِين وَحْلٍ , وَفِي الْعَيْن : الرَّدْغَةُ الْوَحْل وَالرَّزْغَة أَشَدُّ مِنْهَا.
وَفِي الْجَمْهَرَة وَالرَّدْغَة وَالرَّزْغَة الطِّين الْقَلِيل مِنْ مَطَرٍ أَوْ غَيْرِهِ.
( تَنْبِيهٌ ) : وَقَعَ هُنَا يَوْمَ رَزْغٍ بِالْإِضَافَةِ , وَفِي رِوَايَة الْحَجْبِيِّ الْآتِيَة فِي يَوْمٍ ذِي رَزْغٍ وَهِيَ أَوْضَحُ , وَفِي رِوَايَة اِبْن عُلَيَّةَ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ.
قَوْله : ( فَلَمَّا بَلَغَ الْمُؤَذِّن حَيَّ عَلَى الصَّلَاة فَأَمَرَهُ ) كَذَا فِيهِ , وَكَأَنَّ هُنَا حَذْفًا تَقْدِيرُهُ أَرَادَ أَنْ يَقُولَهَا فَأَمَرَهُ , وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَة اِبْن عُلَيَّةَ " إِذَا قُلْت أَشْهَد أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللَّه فَلَا تَقُلْ حَيَّ عَلَى الصَّلَاة " وَبَوَّبَ عَلَيْهِ اِبْن خُزَيْمَةَ وَتَبِعَهُ اِبْن حِبَّانَ ثُمَّ الْمُحِبّ الطَّبَرِيُّ حَذَفَ " حَيَّ عَلَى الصَّلَاة فِي يَوْمِ الْمَطَر " وَكَأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى الْمَعْنَى لِأَنَّ حَيَّ عَلَى الصَّلَاة وَالصَّلَاة فِي الرِّحَالِ وَصَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ يُنَاقِضُ ذَلِكَ , وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّة وَجْهٌ أَنَّهُ يَقُول ذَلِكَ بَعْدَ الْأَذَان , وَآخَرُ أَنَّهُ يَقُولهُ بَعْدَ الْحَيْعَلَتَيْنِ , وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ الْحَدِيث مَا تَقَدَّمَ.
وَقَوْله " الصَّلَاة فِي الرِّحَالِ " بِنَصْبِ الصَّلَاةِ وَالتَّقْدِير صَلُّوا الصَّلَاةَ , وَالرِّحَالُ جَمْعُ رَحْلٍ وَهُوَ مَسْكَنُ الرَّجُلِ وَمَا فِيهِ مِنْ أَثَاثِهِ.
قَالَ النَّوَوِيّ : فِيهِ أَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَة تُقَال فِي نَفْس الْأَذَان.
وَفِي حَدِيث اِبْن عُمَر يَعْنِي الْآتِي فِي " بَاب الْأَذَان لِلْمُسَافِرِ " أَنَّهَا تُقَال بَعْدَهُ , قَالَ : وَالْأَمْرَانِ جَائِزَانِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيّ , لَكِنْ بَعْدَهُ أَحْسَنُ لِيَتِمَّ نَظْمُ الْأَذَان.
قَالَ : وَمِنْ أَصْحَابنَا مَنْ يَقُول لَا يَقُولهُ إِلَّا بَعْدَ الْفَرَاغ , وَهُوَ ضَعِيفٌ مُخَالِف لِصَرِيحِ حَدِيث اِبْن عَبَّاس.
اِنْتَهَى.
وَكَلَامه يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا تُزَادُ مُطْلَقًا إِمَّا فِي أَثْنَائِهِ وَإِمَّا بَعْدَهُ , لَا أَنَّهَا بَدَلٌ مِنْ حَيَّ عَلَى الصَّلَاة , وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ اِبْن خُزَيْمَةَ مَا يُخَالِفُهُ , وَقَدْ وَرَدَ الْجَمْع بَيْنَهُمَا فِي حَدِيثٍ آخَرَ أَخْرَجَهُ عَبْد الرَّزَّاق وَغَيْره بِإِسْنَادٍ صَحِيح عَنْ نُعَيْمِ بْنِ النَّحَّامِ قَالَ " أَذَّنَ مُؤَذِّن النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلصُّبْحِ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ , فَتَمَنَّيْت لَوْ قَالَ : وَمَنْ قَعَدَ فَلَا حَرَجَ.
فَلَمَّا قَالَ الصَّلَاة خَيْرٌ مِنْ النَّوْم قَالَهَا ".
قَوْله : ( فَقَالَ فَعَلَ هَذَا ) كَأَنَّهُ فَهِمَ مِنْ نَظَرِهِمْ الْإِنْكَار.
وَفِي رِوَايَة الْحَجْبِيِّ " كَأَنَّهُمْ أَنْكَرُوا ذَلِكَ " وَفِي رِوَايَة اِبْن عُلَيَّةَ " فَكَأَنَّ النَّاسَ اِسْتَنْكَرُوا ذَلِكَ ".
قَوْله : ( مَنْ هُوَ خَيْر مِنْهُ ) وَلِلْكُشْمِيهَنِيّ " مِنْهُمْ " وَلِلْحَجْبِيِّ " مِنِّي " يَعْنِي النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , كَذَا فِي أَصْلِ الرِّوَايَة , وَمَعْنَى رِوَايَةِ الْبَاب مَنْ هُوَ خَيْر مِنْ الْمُؤَذِّن , يَعْنِي فَعَلَهُ مُؤَذِّنُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ هَذَا الْمُؤَذِّن , وَأَمَّا رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيِّ فَفِيهَا نَظَرٌ , وَلَعَلَّ مَنْ أَذَّنَ كَانُوا جَمَاعَة إِنْ كَانَتْ مَحْفُوظَةً , أَوْ أَرَادَ جِنْسَ الْمُؤَذِّنِينَ , أَوْ أَرَادَ خَيْرٌ مِنْ الْمُنْكِرِينَ.
قَوْله : ( وَإِنَّهَا ) أَيْ الْجُمُعَة كَمَا تَقَدَّمَ ( عَزْمَة ) بِسُكُونِ الزَّاي ضِدّ الرُّخْصَة , زَادَ اِبْن عُلَيَّةَ " وَإِنِّي كَرِهْت أَنْ أُخْرِجَكُمْ فَتَمْشُونَ فِي الطِّين " وَفِي رِوَايَة الْحَجْبِيِّ مِنْ طَرِيق عَاصِم " إِلَى أُؤَثِّمَكُمْ " وَهِيَ تُرَجِّحُ رِوَايَة مَنْ رَوَى " أُحْرِجُكُمْ " بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَة , وَفِي رِوَايَة جَرِير عَنْ عَاصِم عِنْدَ اِبْن خُزَيْمَةَ " أَنْ أُخْرِجَ النَّاس وَأُكَلِّفَهُمْ أَنْ يَحْمِلُوا الْخَبَثَ مِنْ طُرُقِهِمْ إِلَى مَسْجِدِكُمْ " وَسَيَأْتِي الْكَلَام عَلَى مَا يَتَعَلَّق بِسُقُوطِ الْجُمُعَة بِعُذْرِ الْمَطَرِ فِي كِتَاب الْجُمُعَة إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
وَمُطَابَقَةُ الْحَدِيث لِلتَّرْجَمَةِ أَنْكَرَهَا الدَّاوُدِيُّ فَقَالَ : لَا حُجَّةَ فِيهِ عَلَى جَوَاز الْكَلَام فِي الْأَذَان , بَلْ الْقَوْل الْمَذْكُور مِنْ جُمْلَة الْأَذَان فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ , وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ وَإِنْ سَاغَ ذِكْرُهُ فِي هَذَا الْمَحَلِّ لَكِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَلْفَاظ الْأَذَان الْمَعْهُود , وَطَرِيق بَيَان الْمُطَابَقَة أَنَّ هَذَا الْكَلَام لَمَّا جَازَتْ زِيَادَته فِي الْأَذَان لِلْحَاجَةِ إِلَيْهِ دَلَّ عَلَى جَوَاز الْكَلَام فِي الْأَذَان لِمَنْ يَحْتَاج إِلَيْهِ.
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ وَعَبْدِ الْحَمِيدِ صَاحِبِ الزِّيَادِيِّ وَعَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ خَطَبَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ فِي يَوْمٍ رَدْغٍ فَلَمَّا بَلَغَ الْمُؤَذِّنُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ فَأَمَرَهُ أَنْ يُنَادِيَ الصَّلَاةُ فِي الرِّحَالِ فَنَظَرَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ فَقَالَ فَعَلَ هَذَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ وَإِنَّهَا عَزْمَةٌ
عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم»، ثم قال: وكان رجلا أعمى،...
عن حفصة، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اعتكف المؤذن للصبح، وبدا الصبح، صلى ركعتين خفيفتين قبل أن تقام الصلاة»
عن عائشة، «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتين خفيفتين بين النداء والإقامة من صلاة الصبح»
عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن بلالا ينادي بليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم»
عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يمنعن أحدكم - أو أحدا منكم - أذان بلال من سحوره، فإنه يؤذن - أو ينادي بليل - ليرجع قائمكم،...
عن عائشة، وعن نافع، عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ح وحدثني يوسف بن عيسى المروزي، قال: حدثنا الفضل بن موسى، قال: حدثنا عبيد الله بن...
عن عبد الله بن مغفل المزني: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بين كل أذانين صلاة، ثلاثا لمن شاء»
عن أنس بن مالك، قال: «كان المؤذن إذا أذن قام ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يبتدرون السواري، حتى يخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهم كذلك، يصلون...
عن عائشة، قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سكت المؤذن بالأولى من صلاة الفجر قام، فركع ركعتين خفيفتين قبل صلاة الفجر، بعد أن يستبين الفجر،...