934- عن أبي هريرة، أخبره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة: أنصت، والإمام يخطب، فقد لغوت "
أخرجه مسلم في الجمعة باب الإنصات يوم الجمعة في الخطبة رقم 851 (لغوت) تركت الأدب وسقط ثواب جمعتك
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْلُهُ : ( أَخْبَرَنِي اِبْن شِهَاب ) هَكَذَا رَوَاهُ يَحْيَى بْن بُكَيْر عَنْ اللَّيْث , وَرَوَاهُ شُعَيْب بْن اللَّيْث عَنْ أَبِيهِ فَقَالَ " عَنْ عَقِيل عَنْ اِبْنِ شِهَاب عَنْ عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز عَنْ عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم بْن قَارِظ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة " أَخْرَجَهُ مُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ , وَالطَّرِيقَانِ مَعًا صَحِيحَانِ , وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو صَالِح عَنْ اللَّيْث بِالْإِسْنَادَيْنِ مَعًا أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ , وَكَذَا رَوَاهُ اِبْن جُرَيْجٍ وَغَيْره عَنْ الزُّهْرِيِّ بِهِمَا أَخْرَجَهُ عَبْد الرَّزَّاق وَغَيْره , وَرَوَاهُ مَالِك عِنْد أَبِي دَاوُدَ وَابْن أَبِي ذِئْب عِنْد اِبْن مَاجَهْ كِلَاهُمَا عَنْ الزُّهْرِيِّ بِالْإِسْنَادِ الْأَوَّل.
قَوْلُهُ : ( يَوْم الْجُمُعَة ) مَفْهُومه أَنَّ غَيْر يَوْم الْجُمُعَة بِخِلَافِ ذَلِكَ , وَفِيهِ بَحْثٌ.
قَوْلُهُ : ( فَقَدْ لَغَوْت ) قَالَ الْأَخْفَش : اللَّغْو الْكَلَام الَّذِي لَا أَصْل لَهُ مِنْ الْبَاطِل وَشَبَهه , وَقَالَ اِبْن عَرَفَة : اللَّغْو السَّقْط مِنْ الْقَوْل , وَقِيلَ : الْمَيْل عَنْ الصَّوَاب , وَقِيلَ : اللَّغْو الْإِثْم كَقَوْلِهِ تَعَالَى ( وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ).
وَقَالَ الزَّيْن ابْن الْمُنِير اِتَّفَقَتْ أَقْوَال الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّ اللَّغْو مَا لَا يَحْسُن مِنْ الْكَلَام.
وَأَغْرَبَ أَبُو عُبَيْد الْهَرَوِيُّ فِي " الْغَرِيب " فَقَالَ : مَعْنَى لَغَا تَكَلَّمَ , كَذَا أَطْلَقَ.
وَالصَّوَاب التَّقْيِيد.
وَقَالَ النَّضْر بْنُ شُمَيْلٍ : مَعْنَى لَغَوْت خِبْت مِنْ الْأَجْر , وَقِيلَ بَطَلَتْ فَضِيلَة جُمُعَتك , وَقِيلَ صَارَتْ جُمُعَتك ظُهْرًا.
قُلْتُ : أَقْوَال أَهْل اللُّغَة مُتَقَارِبَة الْمَعْنَى , وَيَشْهَد لِلْقَوْلِ الْأَخِير مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْن خُزَيْمَةَ مِنْ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن عُمَر مَرْفُوعًا " وَمَنْ لَغَا وَتَخَطَّى رِقَاب النَّاس كَانَتْ لَهُ ظُهْرًا " قَالَ اِبْن وَهْب أَحَد رُوَاته : مَعْنَاهُ أَجْزَأَتْ عَنْهُ الصَّلَاة وَحُرِمَ فَضِيلَة الْجُمُعَة.
وَلِأَحْمَد مِنْ حَدِيث عَلِيّ مَرْفُوعًا " مَنْ قَالَ صَهٍ فَقَدْ تَكَلَّمَ , وَمَنْ تَكَلَّمَ فَلَا جُمُعَة لَهُ " وَلِأَبِي دَاوُدَ نَحْوه , وَلِأَحْمَد وَالْبَزَّار مِنْ حَدِيث اِبْن عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا " مَنْ تَكَلَّمَ يَوْم الْجُمُعَة وَالْإِمَام يَخْطُب فَهُوَ كَالْحِمَارِ يَحْمِل أَسْفَارًا , وَاَلَّذِي يَقُول لَهُ أَنْصِتْ لَيْسَتْ لَهُ جُمُعَة " وَلَهُ شَاهِد قَوِيّ فِي جَامِع حَمَّاد بْن سَلَمَة عَنْ اِبْنِ عُمَر مَوْقُوفًا , قَالَ الْعُلَمَاء : مَعْنَاهُ لَا جُمُعَة لَهُ كَامِلَة لِلْإِجْمَاعِ عَلَى إِسْقَاط فَرْض الْوَقْت عَنْهُ , وَحَكَى اِبْن التِّين عَنْ بَعْض مَنْ جَوَّزَ الْكَلَام فِي الْخُطْبَة أَنَّهُ تَأَوَّلَ قَوْلُهُ " فَقَدْ لَغَوْت " أَيْ أَمَرْت بِالْإِنْصَاتِ مَنْ لَا يَجِب عَلَيْهِ , وَهُوَ جُمُود شَدِيد , لِأَنَّ الْإِنْصَات لَمْ يَخْتَلِف فِي مَطْلُوبِيَّتِهِ فَكَيْف يَكُون مَنْ أَمَرَ بِمَا طَلَبَهُ الشَّرْع لَاغِيًا , بَلْ النَّهْي عَنْ الْكَلَام مَأْخُوذ مِنْ حَدِيث الْبَاب بِدَلَالَةِ الْمُوَافَقَة , لِأَنَّهُ إِذَا جَعَلَ قَوْلَهُ " أَنْصِتْ " مَعَ كَوْنه أَمْرًا بِمَعْرُوفٍ لَغْوًا فَغَيْره مِنْ الْكَلَام أَوْلَى أَنْ يُسَمَّى لَغْوًا.
وَقَدْ وَقَعَ عِنْد أَحْمَد مِنْ رِوَايَة الْأَعْرَج عَنْ أَبِي هُرَيْرَة فِي آخِر هَذَا الْحَدِيث بَعْد قَوْلُهُ " فَقَدْ لَغَوْت : عَلَيْك بِنَفْسِك " وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى مَنْع جَمِيع أَنْوَاع الْكَلَام حَال الْخُطْبَة , وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُور فِي حَقّ مَنْ سَمِعَهَا , وَكَذَا الْحُكْم فِي حَقّ مَنْ لَا يَسْمَعهَا عِنْد الْأَكْثَر.
قَالُوا : وَإِذَا أَرَادَ الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ فَلْيَجْعَلْهُ بِالْإِشَارَةِ.
وَأَغْرَبَ اِبْن عَبْد الْبَرّ فَنَقَلَ الْإِجْمَاع عَلَى وُجُوب الْإِنْصَات عَلَى مَنْ سَمِعَهَا إِلَّا عَنْ قَلِيل مِنْ التَّابِعِينَ وَلَفْظه : لَا خِلَاف عَلِمْته بَيْن فُقَهَاء الْأَمْصَار فِي وُجُوب الْإِنْصَات لِلْخُطْبَةِ عَلَى مَنْ سَمِعَهَا فِي الْجُمُعَة.
وَأَنَّهُ غَيْر جَائِز أَنْ يَقُول لِمَنْ سَمِعَهُ مِنْ الْجُهَّال يَتَكَلَّم وَالْإِمَام يَخْطُب : أَنْصِتْ , وَنَحْوهَا , أَخْذًا بِهَذَا الْحَدِيث.
وَرُوِيَ عَنْ الشَّعْبِيّ وَنَاس قَلِيل أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا فِي حِين قِرَاءَة الْإِمَام فِي الْخُطْبَة خَاصَّة , قَالَ : وَفِعْلهمْ فِي ذَلِكَ مَرْدُود عِنْد أَهْل الْعِلْم , وَأَحْسَن أَحْوَالهمْ أَنْ يُقَال إِنَّهُ لَمْ يَبْلُغهُمْ الْحَدِيث.
قُلْتُ : لِلشَّافِعِيِّ فِي الْمَسْأَلَة قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ وَبَنَاهُمَا بَعْض الْأَصْحَاب عَلَى الْخِلَاف فِي أَنَّ الْخُطْبَتَيْنِ بَدَل عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ أَمْ لَا ؟ فَعَلَى الْأَوَّل يَحْرُم لَا عَلَى الثَّانِي , وَالثَّانِي هُوَ الْأَصَحّ عِنْدهمْ , فَمِنْ ثَمَّ أَطْلَقَ مَنْ أَطْلَقَ مِنْهُمْ إِبَاحَة الْكَلَام حَتَّى شَنَّعَ عَلَيْهِمْ مَنْ شَنَّعَ مِنْ الْمُخَالِفِينَ.
وَعَنْ أَحْمَد أَيْضًا رِوَايَتَانِ , وَعَنْهُمَا أَيْضًا التَّفْرِقَة بَيْن مَنْ يَسْمَع الْخُطْبَة وَمَنْ لَا يَسْمَعهَا , وَلِبَعْضِ الشَّافِعِيَّة التَّفْرِقَة بَيْن مَنْ تَنْعَقِد بِهِمْ الْجُمُعَة فَيَجِب عَلَيْهِمْ الْإِنْصَات دُون مَنْ زَادَ فَجَعَلَهُ شَبِيهًا بِفُرُوضِ الْكِفَايَة.
وَاخْتَلَفَ السَّلَف إِذَا خَطَبَ بِمَا لَا يَنْبَغِي مِنْ الْقَوْل , وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَل مَا نُقِلَ عَنْ السَّلَف مِنْ الْكَلَام حَال الْخُطْبَة.
وَاَلَّذِي يَظْهَر أَنَّ مَنْ نَفَى وُجُوبه أَرَادَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَط فِي صِحَّة الْجُمُعَة , بِخِلَافِ غَيْره.
وَيَدُلّ عَلَى الْوُجُوب فِي حَقّ السَّامِع أَنَّ فِي حَدِيث عَلِيٍّ الْمُشَار إِلَيْهِ آنِفًا " وَمَنْ دَنَا فَلَمْ يُنْصِت كَانَ عَلَيْهِ كِفْلَانِ مِنْ الْوِزْر " لِأَنَّ الْوِزْر لَا يَتَرَتَّب عَلَى مَنْ فَعَلَ مُبَاحًا.
وَلَوْ كَانَ مَكْرُوهًا كَرَاهَة تَنْزِيه , وَأَمَّا مَا اِسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ أَجَازَ مُطْلَقًا مِنْ قِصَّة السَّائِل فِي الِاسْتِسْقَاء وَنَحْوه فَفِيهِ نَظَر , لِأَنَّهُ اِسْتِدْلَال بِالْأَخَصِّ عَلَى الْأَعَمّ , فَيُمْكِن أَنْ يُخَصّ عُمُوم الْأَمْر بِالْإِنْصَاتِ بِمِثْلِ ذَلِكَ كَأَمْرٍ عَارِض فِي مَصْلَحَة عَامَّة , كَمَا خَصَّ بَعْضهمْ مِنْهُ رَدّ السَّلَام لِوُجُوبِهِ.
وَنَقَلَ صَاحِب " الْمُغْنِي " الِاتِّفَاق عَلَى أَنَّ الْكَلَام الَّذِي يَجُوز فِي الصَّلَاة يَجُوز فِي الْخُطْبَة كَتَحْذِيرِ الضَّرِير مِنْ الْبِئْر , وَعِبَارَة الشَّافِعِيّ : وَإِذَا خَافَ عَلَى أَحَد لَمْ أَرَ بَأْسًا إِذَا لَمْ يُفْهَم عَنْهُ بِالْإِيمَاءِ أَنْ يَتَكَلَّم.
وَقَدْ اِسْتَثْنَى مِنْ الْإِنْصَات فِي الْخُطْبَة مَا إِذَا اِنْتَهَى الْخَطِيب إِلَى كُلّ مَا لَمْ يُشْرَع مِثْل الدُّعَاء لِلسُّلْطَانِ مَثَلًا , بَلْ جَزَمَ صَاحِب التَّهْذِيب بِأَنَّ الدُّعَاء لِلسُّلْطَانِ مَكْرُوه , وَقَالَ النَّوَوِيّ : مَحَلّه مَا إِذَا جَازَفَ وَإِلَّا فَالدُّعَاء لِوُلَاةِ الْأُمُور مَطْلُوب ا ه.
وَمَحَلّ التَّرْك إِذَا لَمْ يَخَفْ الضَّرَر , وَإِلَّا فَيُبَاح لِلْخَطِيبِ إِذَا خَشِيَ عَلَى نَفْسه , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَنْصِتْ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ
عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوم الجمعة، فقال: «فيه ساعة، لا يوافقها عبد مسلم، وهو قائم يصلي، يسأل الله تعالى شيئا، إلا أعطاه إيا...
عن جابر بن عبد الله، قال: " بينما نحن نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبلت عير تحمل طعاما، فالتفتوا إليها حتى ما بقي مع النبي صلى الله عليه وسلم...
عن عبد الله بن عمر: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل الظهر ركعتين، وبعدها ركعتين، وبعد المغرب ركعتين في بيته، وبعد العشاء ركعتين، وكان لا...
عن سهل بن سعد، قال: «كانت فينا امرأة تجعل على أربعاء في مزرعة لها سلقا، فكانت إذا كان يوم جمعة تنزع أصول السلق، فتجعله في قدر، ثم تجعل عليه قبضة من شع...
عن سهل، بهذا، وقال: «ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة»
عن حميد، قال: سمعت أنسا، يقول: «كنا نبكر إلى الجمعة، ثم نقيل»
عن سهل بن سعد، قال: «كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة، ثم تكون القائلة»
عن الزهري، قال: سألته هل صلى النبي صلى الله عليه وسلم؟ - يعني صلاة الخوف - قال: أخبرني سالم، أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: غزوت مع رسول الله...
عن ابن عمر نحوا من قول مجاهد: إذا اختلطوا قياما، وزاد ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: «وإن كانوا أكثر من ذلك، فليصلوا قياما وركبانا»