1466- عن زينب امرأة عبد الله - بمثله سواء - قالت: كنت في المسجد، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «تصدقن ولو من حليكن» وكانت زينب تنفق على عبد الله، وأيتام في حجرها، قال: فقالت لعبد الله: سل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيجزي عني أن أنفق عليك وعلى أيتام في حجري من الصدقة؟ فقال: سلي أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فانطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فوجدت امرأة من الأنصار على الباب، حاجتها مثل حاجتي، فمر علينا بلال، فقلنا: سل النبي صلى الله عليه وسلم أيجزي عني أن أنفق على زوجي، وأيتام لي في حجري؟ وقلنا: لا تخبر بنا، فدخل فسأله، فقال: «من هما؟» قال: زينب، قال: «أي الزيانب؟» قال: امرأة عبد الله، قال: «نعم، لها أجران، أجر القرابة وأجر الصدقة»
أخرجه مسلم في الزكاة باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج والأولاد.
.
رقم 1000
(عبد الله) بن مسعود رضي الله عنه.
(قال) الأعمش.
(فذكرته) أي الحديث.
(لإبراهيم) بن يزيد النخعي.
(حجرها) رعايتها وحضانتها.
(أيجزي) أيكفي ويقبل.
(الصدقة) الزكاة.
(امرأة) هي زوجة أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري رضي الله عنهما
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( عَنْ عَمْرو بْن الْحَارِث ) هُوَ اِبْن أَبِي ضِرَار بِكَسْرِ الْمُعْجَمَة الْخُزَاعِيّ ثُمَّ الْمُصْطَلِقِيّ أَخُو جُوَيْرِيَة بِنْت الْحَارِث زَوْج النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ صُحْبَة , وَرَوَى هُنَا عَنْ صَحَابِيَّة , فَفِي الْإِسْنَادِ تَابِعِيٌّ عَنْ تَابِعِيّ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ , وَصَحَابِيٍّ عَنْ صَحَابِيّ عَمْرو عَنْ زَيْنَب وَهِيَ بِنْت مُعَاوِيَة - وَيُقَالُ بِنْت عَبْد اللَّه بْن مُعَاوِيَة - اِبْن عَتَّاب الثَّقَفِيَّة وَيُقَالُ لَهَا أَيْضًا رَائِطَة , وَقَعَ ذَلِكَ فِي " صَحِيحِ اِبْنِ حِبَّانَ " فِي نَحْوِ هَذِهِ الْقِصَّة , وَيُقَالُ هُمَا ثِنْتَانِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَمِمَّنْ جَزَمَ بِهِ اِبْن سَعْد , وَقَالَ الْكَلَابَاذِيّ رَائِطَة هِيَ الْمَعْرُوفَةُ بِزَيْنَب , وَبِهَذَا جَزَمَ الطَّحَاوِيّ فَقَالَ رَائِطَة هِيَ زَيْنَب لَا يُعْلَمُ أَنَّ لِعَبْد اللَّه اِمْرَأَةً فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرهَا , وَوَقَعَ عِنْدَ التِّرْمِذِيّ عَنْ هَنَّادٍ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَة عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِل عَنْ عَمْرو بْن الْحَارِث بْن الْمُصْطَلِقِ عَنْ اِبْنِ أَخِي زَيْنَب اِمْرَأَة عَبْد اللَّه عَنْ اِمْرَأَةِ عَبْد اللَّه فَزَادَ فِي الْإِسْنَادِ رَجُلًا , وَالْمَوْصُوف بِكَوْنِهِ اِبْنَ أَخِي زَيْنَب هُوَ عَمْرو بْن الْحَارِث نَفْسه , وَكَانَ أَبَاهُ كَانَ أَخَا زَيْنَب لِأُمِّهَا لِأَنَّهَا ثَقَفِيَّةٌ وَهُوَ خُزَاعِيّ.
وَوَقَعَ عِنْدَ التِّرْمِذِيّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِل عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْحَارِث اِبْن أَخِي زَيْنَب اِمْرَأَة عَبْد اللَّه عَنْ زَيْنَب , فَجَعَلَهُ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو , هَكَذَا جَزَمَ بِهِ الْمِزِّيّ وَعَقَدَ لِعَبْدِ اللَّه بْن عَمْرو فِي " الْأَطْرَافِ " تَرْجَمَة لَمْ يَزِدْ فِيهَا عَلَى مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ , وَلَمْ أَقِفْ عَلَى ذَلِكَ فِي التِّرْمِذِيِّ بَلْ وَقَفْت عَلَى عِدَّةِ نُسَخٍ مِنْهُ لَيْسَ فِيهَا إِلَّا عَمْرو بْن الْحَارِث , وَقَدْ حَكَى اِبْن الْقَطَّان الْخِلَاف فِيهِ عَلَى أَبِي مُعَاوِيَة وَشُعْبَة , وَخَالَفَ التِّرْمِذِيّ فِي تَرْجِيحِ رِوَايَةِ شُعْبَةَ فِي قَوْلِهِ " عَنْ عَمْرو بْن الْحَارِث عَنْ اِبْنِ أَخِي زَيْنَب " لِانْفِرَادِ أَبِي مُعَاوِيَة بِذَلِكَ.
قَالَ اِبْن الْقَطَّان : لَا يَضُرُّهُ الِانْفِرَاد لِأَنَّهُ حَافِظ , وَقَدْ وَافَقَهُ حَفْص بْن غِيَاثٍ فِي رِوَايَةِ عَنْهُ وَقَدْ زَادَ فِي الْإِسْنَادِ رَجُلًا , لَكِنْ يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُتَوَقَّفَ فِي صِحَّةِ الْإِسْنَادِ لِأَنَّ اِبْنَ أَخِي زَيْنَب حِينَئِذٍ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ.
وَقَدْ حَكَى التِّرْمِذِيّ فِي " الْعِلَلِ الْمُفْرَدَات " أَنَّهُ سَأَلَ الْبُخَارِيّ عَنْهُ فَحَكَمَ عَلَى رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَة بِالْوَهْمِ وَأَنَّ الصَّوَابَ رِوَايَة الْجَمَاعَةِ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَمْرو بْن الْحَارِث اِبْن أَخِي زَيْنَب.
قُلْت : وَوَافَقَهُ مَنْصُور عَنْ شَقِيقٍ أَخْرَجَهُ أَحْمَد , فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَلَعَلَّ أَبَا وَائِل حَمَلَهُ عَنْ الْأَبِ وَالِابْنِ , وَإِلَّا فَالْمَحْفُوظ عَنْ عَمْرو بْن الْحَارِث , وَقَدْ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَلَى الصَّوَابِ فَقَالَ " عَمْرو بْن الْحَارِث ".
قَوْله : ( قَالَ فَذَكَرْتُهُ لِإِبْرَاهِيم ) الْقَائِل هُوَ الْأَعْمَشُ , وَإِبْرَاهِيم هُوَ اِبْن يَزِيد النَّخَعِيّ , وَأَبُو عُبَيْدَة هُوَ اِبْن عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود , فَفِي هَذِهِ الطَّرِيقِ ثَلَاثَة مِنْ التَّابِعِينَ , وَرِجَال الطَّرِيقَيْنِ كُلّهمْ كُوفِيُّونَ.
قَوْله : ( كُنْت فِي الْمَسْجِدِ فَرَأَيْت إِلَخْ ) فِي هَذَا زِيَادَة عَلَى مَا فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيد الْمُتَقَدِّمِ , وَبَيَان السَّبَب فِي سُؤَالِهَا ذَلِكَ.
وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَةِ الْأَيْتَامِ الَّذِينَ كَانُوا فِي حِجْرِهَا.
قَوْله : ( فَوَجَدْت اِمْرَأَة مِنْ الْأَنْصَارِ ) فِي رِوَايَةِ الطَّيَالِسِيّ الْمَذْكُورَةِ " فَإِذَا اِمْرَأَة مِنْ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهَا زَيْنَب " وَكَذَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُعَاوِيَة عَنْ الْأَعْمَشِ , وَزَاد مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْد اللَّه قَالَ " اِنْطَلَقَتْ اِمْرَأَةُ عَبْد اللَّه يَعْنِي اِبْن مَسْعُود وَاِمْرَأَة أَبِي مَسْعُود يَعْنِي عُقْبَةَ بْن عَمْرو الْأَنْصَارِيّ ".
قُلْت : لَمْ يَذْكُرْ اِبْن سَعْد لِأَبِي مَسْعُود اِمْرَأَة أَنْصَارِيَّة سِوَى هُزَيْلَة بِنْت ثَابِت بْن ثَعْلَبَة الْخَزْرَجِيَّة فَلَعَلَّ لَهَا اِسْمَيْنِ , أَوْ وَهِمَ مَنْ سَمَّاهَا زَيْنَب اِنْتِقَالًا مِنْ اِسْمِ اِمْرَأَةِ عَبْد اللَّه إِلَى اِسْمِهَا.
قَوْله : ( وَأَيْتَام لِي فِي حِجْرِي ) فِي رِوَايَة النَّسَائِيّ الْمَذْكُورَة " عَلَى أَزْوَاجِنَا وَأَيْتَام فِي حُجُورِنَا " وَفِي رِوَايَةِ الطَّيَالِسِيّ الْمَذْكُورَةِ أَنَّهُمْ بَنُو أَخِيهَا وَبَنُو أُخْتِهَا.
وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيق عَلْقَمَة " لِإِحْدَاهُمَا فَضْل مَالٍ وَفِي حِجْرِهَا بَنُو أَخ لَهَا أَيْتَام , وَلِلْأُخْرَى فَضْل مَال وَزَوْج خَفِيف ذَات الْيَدِ " وَهَذَا الْقَوْل كِنَايَة عَنْ الْفَقْرِ.
قَوْله : ( وَلَهَا أَجْرَانِ : أَجْر الْقَرَابَة وَأَجْر الصَّدَقَة ) أَيْ : أَجْر صِلَة الرَّحِمِ وَأَجْر مَنْفَعَة الصَّدَقَة , وَهَذَا ظَاهِره أَنَّهَا لَمْ تُشَافِهْهُ بِالسُّؤَالِ وَلَا شَافَهَهَا بِالْجَوَابِ , وَحَدِيث أَبِي سَعِيد السَّابِقِ بِبَابَيْنِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا شَافَهَتْهُ وَشَافَهَهَا لِقَوْلِهَا فِيهِ " يَا نَبِيّ اللَّهِ إِنَّك أَمَرْت " وَقَوْله فِيهِ " صَدَقَ زَوْجك " فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَا قِصَّتَيْنِ , وَيَحْتَمِلُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا أَنْ يُقَالَ تُحْمَلُ هَذِهِ الْمُرَاجَعَة عَلَى الْمَجَازِ , وَإِنَّمَا كَانَتْ عَلَى لِسَانِ بِلَال وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى جَوَازِ دَفْعِ الْمَرْأَةِ زَكَاتهَا إِلَى زَوْجِهَا , وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيّ وَالثَّوْرِيّ وَصَاحِبَيْ أَبِي حَنِيفَة وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ وَعَنْ أَحْمَدَ كَذَا أَطْلَقَ بَعْضهمْ وَرِوَايَة الْمَنْع عَنْهُ مُقَيَّدَة بِالْوَارِثِ وَعِبَارَة الْجَوْزَقِيّ : وَلَا لِمَنْ تَلْزَمُهُ مَئُونَتُهُ , فَشَرَحَهُ اِبْنُ قُدَامَةَ بِمَا قَيَّدْته قَالَ : وَالْأَظْهَرُ الْجَوَاز مُطْلَقًا إِلَّا لِلْأَبَوَيْنِ وَالْوَلَد , وَحَمَلُوا الصَّدَقَةَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى الْوَاجِبَةِ لِقَوْلِهَا " أَتُجْزِئُ عَنِّي " وَبِهِ جَزَمَ الْمَازِرِيّ , وَتَعَقَّبَهُ عِيَاض بِأَنَّ قَوْلَهُ " وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ " وَكَوْن صَدَقَتِهَا كَانَتْ مِنْ صِنَاعَتِهَا يَدُلَّانِ عَلَى التَّطَوُّعِ , وَبِهِ جَزَمَ النَّوَوِيّ وَتَأَوَّلُوا لِقَوْلِهِ " أَتُجْزِئُ عَنِّي " أَيْ : فِي الْوِقَايَةِ مِنْ النَّارِ كَأَنَّهَا خَافَتْ أَنَّ صَدَقَتَهَا عَلَى زَوْجِهَا لَا تُحَصِّلُ لَهَا الْمَقْصُود.
وَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ مِنْ الصِّنَاعَةِ اِحْتَجَّ بِهِ الطَّحَاوِيّ لِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَة , فَأَخْرَجَ مِنْ طَرِيق رَائِطَة اِمْرَأَة اِبْن مَسْعُود أَنَّهَا كَانَتْ اِمْرَأَة صَنْعَاء الْيَدَيْنِ فَكَانَتْ تُنْفِقُ عَلَيْهِ وَعَلَى وَلَدِهِ , قَالَ : فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا صَدَقَةُ تَطَوُّع , وَأَمَّا الْحُلِيُّ فَإِنَّمَا يُحْتَجُّ بِهِ عَلَى مَنْ لَا يُوجِبُ فِيهِ الزَّكَاة , وَأَمَّا مَنْ يُوجِبُ فَلَا.
وَقَدْ رَوَى الثَّوْرِيّ عَنْ حَمَّاد عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ : قَالَ اِبْن مَسْعُود لِاِمْرَأَتِه فِي حُلِيِّهَا " إِذَا بَلَغَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَفِيهِ الزَّكَاةُ " فَكَيْفَ يُحْتَجُّ عَلَى الطَّحَاوِيّ بِمَا لَا يَقُولُ بِهِ , لَكِنْ تَمَسَّكَ الطَّحَاوِيّ بِقَوْلِهَا فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيد السَّابِقِ " وَكَانَ عِنْدِي حُلِيّ لِي فَأَرَدْت أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهِ " لِأَنَّ الْحُلِيَّ وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِ الزَّكَاة فِيهِ إِلَّا أَنَّهَا لَا تَجِبُ فِي جَمِيعِهِ , كَذَا قَالَ وَهُوَ مُتَعَقَّب , لِأَنَّهَا وَإِنْ لَمْ تَجِبْ فِي عَيْنِهِ فَقَدْ تَجِبُ فِيهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ قَدْرُ النِّصَابِ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهَا إِخْرَاجُهُ , وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِأَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيد الْمَذْكُورِ " زَوْجُك وَوَلَدُك أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتِ بِهِ عَلَيْهِمْ " دَالٌّ عَلَى أَنَّهَا صَدَقَةُ تَطَوُّع , لِأَنَّ الْوَلَدَ لَا يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ الْوَاجِبَةِ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا نَقَلَهُ اِبْن الْمُنْذِر وَغَيْرُهُ , وَفِي هَذَا الِاحْتِجَاجِ نَظَر لِأَنَّ الَّذِي يَمْتَنِعُ إِعْطَاؤُهُ مِنْ الصَّدَقَةِ الْوَاجِبَةِ مَنْ يَلْزَمُ الْمُعْطِيَ نَفَقَتُهُ وَالْأُمُّ لَا يَلْزَمُهَا نَفَقَة وَلَدِهَا مَعَ وُجُودِ أَبِيهِ.
وَقَالَ اِبْن التَّيْمِيّ : قَوْلُهُ " وَوَلَدَك " مَحْمُول عَلَى أَنَّ الْإِضَافَةَ لِلتَّرْبِيَةِ لَا لِلْوِلَادَةِ فَكَأَنَّهُ وَلَدُهُ مِنْ غَيْرِهَا.
وَقَالَ اِبْن الْمُنَيِّرِ : اِعْتَلَّ مَنْ مَنَعَهَا مِنْ إِعْطَائِهَا زَكَاتَهَا لِزَوْجِهَا بِأَنَّهَا تَعُودُ إِلَيْهَا فِي النَّفَقَةِ فَكَأَنَّهَا مَا خَرَجَتْ عَنْهَا , وَجَوَابه أَنَّ اِحْتِمَالَ رُجُوع الصَّدَقَة إِلَيْهَا وَاقِع فِي التَّطَوُّعِ أَيْضًا , وَيُؤَيِّدُ الْمَذْهَب الْأَوَّل أَنَّ تَرْكَ الِاسْتِْفْصَالِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَة الْعُمُوم , فَلَمَّا ذُكِرَتْ الصَّدَقَةُ وَلَمْ يَسْتَفْصِلْهَا عَنْ تَطَوُّعٍ وَلَا وَاجِبٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ : تُجْزِئُ عَنْك فَرْضًا كَانَ أَوْ تَطَوُّعًا.
وَأَمَّا وَلَدُهَا فَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ تَصْرِيح بِأَنَّهَا تُعْطِي وَلَدَهَا مِنْ زَكَاتِهَا , بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهَا إِذَا أَعْطَتْ زَوْجَهَا فَأَنْفَقَهُ عَلَى وَلَدِهَا كَانُوا أَحَقَّ مِنْ الْأَجَانِبِ , فَالْإِجْزَاء يَقَعُ بِالْإِعْطَاءِ لِلزَّوْجِ وَالْوُصُولِ إِلَى الْوَلَدِ بَعْدَ بُلُوغ الزَّكَاة مَحِلّهَا.
وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُمَا قَضِيَّتَانِ : إِحْدَاهُمَا فِي سُؤَالِهَا عَنْ تَصَدُّقِهَا بِحُلِّيِّهَا عَلَى زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ , وَالْأُخْرَى فِي سُؤَالِهَا عَنْ النَّفَقَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَفِي الْحَدِيثِ الْحَثُّ عَلَى الصَّدَقَةِ عَلَى الْأَقَارِبِ , وَهُوَ مَحْمُولٌ فِي الْوَاجِبَةِ عَلَى مَنْ لَا يَلْزَمُ الْمُعْطِيَ نَفَقَته مِنْهُمْ , وَاخْتُلِفَ فِي عِلَّةِ الْمَنْعِ فَقِيلَ لِأَنَّ أَخْذَهُمْ لَهَا يُصَيِّرُهُمْ أَغْنِيَاءَ فَيَسْقُطُ بِذَلِكَ نَفَقَتُهُمْ عَنْ الْمُعْطِي , أَوْ لِأَنَّهُمْ أَغْنِيَاءُ بِإِنْفَاقِهِ عَلَيْهِمْ , وَالزَّكَاة لَا تَصَرُّفَ لِغَنِيٍّ , وَعَنْ الْحَسَنِ وَطَاوُسٍ لَا يُعْطِي قَرَابَته مِنْ الزَّكَاةِ شَيْئًا وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مَالِك.
وَقَالَ اِبْن الْمُنْذِر : أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ لَا يُعْطِي زَوْجَتَهُ مِنْ الزَّكَاةِ لِأَنَّ نَفَقَتَهَا وَاجِبَة عَلَيْهِ فَتَسْتَغْنِي بِهَا عَنْ الزَّكَاةِ , وَأَمَّا إِعْطَاؤُهَا لِلزَّوْجِ فَاخْتُلِفَ فِيهِ كَمَا سَبَقَ.
وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى صِلَةِ الرَّحِمِ وَجَوَازِ تَبَرُّعِ الْمَرْأَةِ بِمَالِهَا بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجهَا.
وَفِيهِ عِظَة النِّسَاء , وَتَرْغِيب وَلِيّ الْأَمْر فِي أَفْعَالِ الْخَيْرِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ , وَالتَّحَدُّثِ مَعَ النِّسَاءِ الْأَجَانِب عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ , وَالتَّخْوِيفِ مِنْ الْمُؤَاخَذَةِ بِالذُّنُوبِ وَمَا يُتَوَقَّعُ بِسَبَبِهَا مِنْ الْعَذَابِ.
وَفِيهِ فُتْيَا الْعَالِمِ مَعَ وُجُودِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ , وَطَلَبُ التَّرَقِّي فِي تَحَمُّلِ الْعِلْمِ.
قَالَ الْقُرْطُبِيّ : لَيْسَ إِخْبَار بِلَال بِاسْمِ الْمَرْأَتَيْنِ بَعْدَ أَنْ اِسْتَكْتَمَتَاهُ بِإِذَاعَةِ سِرٍّ وَلَا كَشْفِ أَمَانَةٍ لِوَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنَّهُمَا لَمْ تُلْزِمَاهُ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا عُلِمَ أَنَّهُمَا رَأَتَا أَنْ لَا ضَرُورَةَ تُحْوِجُ إِلَى كِتْمَانِهِمَا.
ثَانِيهِمَا أَنَّهُ أَخْبَرَ بِذَلِكَ جَوَابًا لِسُؤَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكَوْنِ إِجَابَته أَوْجَبَ مِنْ التَّمَسُّكِ بِمَا أَمَرَتَاهُ بِهِ مِنْ الْكِتْمَانِ , وَهَذَا كُلّه بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ اِلْتَزَمَ لَهُمَا بِذَلِكَ.
وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَا سَأَلَتَاهُ , وَلَا يَجِبُ إِسْعَافُ كُلّ سَائِل.
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِي شَقِيقٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ فَذَكَرْتُهُ لِإِبْرَاهِيمَ ح فَحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ بِمِثْلِهِ سَوَاءً قَالَتْ كُنْتُ فِي الْمَسْجِدِ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ وَكَانَتْ زَيْنَبُ تُنْفِقُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ وَأَيْتَامٍ فِي حَجْرِهَا قَالَ فَقَالَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ سَلْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَجْزِي عَنِّي أَنْ أُنْفِقَ عَلَيْكَ وَعَلَى أَيْتَامٍ فِي حَجْرِي مِنْ الصَّدَقَةِ فَقَالَ سَلِي أَنْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْطَلَقْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدْتُ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ عَلَى الْبَابِ حَاجَتُهَا مِثْلُ حَاجَتِي فَمَرَّ عَلَيْنَا بِلَالٌ فَقُلْنَا سَلْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَجْزِي عَنِّي أَنْ أُنْفِقَ عَلَى زَوْجِي وَأَيْتَامٍ لِي فِي حَجْرِي وَقُلْنَا لَا تُخْبِرْ بِنَا فَدَخَلَ فَسَأَلَهُ فَقَالَ مَنْ هُمَا قَالَ زَيْنَبُ قَالَ أَيُّ الزَّيَانِبِ قَالَ امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ لَهَا أَجْرَانِ أَجْرُ الْقَرَابَةِ وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ
عن أم سلمة، قالت: قلت: يا رسول الله، ألي أجر أن أنفق على بني أبي سلمة، إنما هم بني؟ فقال: «أنفقي عليهم، فلك أجر ما أنفقت عليهم»
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصدقة، فقيل منع ابن جميل، وخالد بن الوليد، وعباس بن عبد المطلب فقال النبي صلى الله...
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: إن ناسا من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعطاهم، ثم سألوه، فأعطاهم، ثم سألوه، فأعطاهم حتى نفد ما عنده،...
عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفسي بيده لأن يأخذ أحدكم حبله، فيحتطب على ظهره خير له من أن يأتي رجلا، فيسأله أ...
عن الزبير بن العوام رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لأن يأخذ أحدكم حبله، فيأتي بحزمة الحطب على ظهره، فيبيعها، فيكف الله بها وجهه خير ل...
عن عروة بن الزبير، وسعيد بن المسيب، أن حكيم بن حزام رضي الله عنه، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعطاني، ثم سألته، فأعطاني، ثم سألته، فأعطان...
عن سالم: أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: سمعت عمر، يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني العطاء، فأقول: أعطه من هو أفقر إليه مني، فقال...
عبد الله بن عمر رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما يزال الرجل يسأل الناس، حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مزعة لحم» 1475 - وقال: «...
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليس المسكين الذي ترده الأكلة والأكلتان، ولكن المسكين الذي ليس له غنى، ويستحيي أو لا يسأل...