حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

صلى فيه رسول الله ﷺ قال نعم بين العمودين اليمانيين - صحيح البخاري

صحيح البخاري | كتاب الحج باب إغلاق البيت، ويصلي في أي نواحي البيت شاء (حديث رقم: 1598 )


1598- عن سالم، عن أبيه أنه قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت هو وأسامة بن زيد، وبلال، وعثمان بن طلحة فأغلقوا عليهم، فلما فتحوا كنت أول من ولج فلقيت بلالا فسألته: هل صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: «نعم بين العمودين اليمانيين»

أخرجه البخاري


(ولج) دخل

شرح حديث (صلى فيه رسول الله ﷺ قال نعم بين العمودين اليمانيين)

فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

‏ ‏قَوْله : ( دَخَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيْت ) ‏ ‏كَانَ ذَلِكَ فِي عَام الْفَتْح كَمَا وَقَعَ مُبَيَّنًا مِنْ رِوَايَة يُونُس بْن يَزِيد عَنْ نَافِع عِنْدَ الْمُصَنِّف فِي كِتَاب الْجِهَاد بِزِيَادَةِ فَوَائِد وَلَفْظه " أَقْبَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم الْفَتْح مِنْ أَعْلَى مَكَّة عَلَى رَاحِلَته " وَفِي رِوَايَة فُلَيْح عَنْ نَافِع الْآتِيَة فِي الْمَغَازِي " وَهُوَ مُرْدِف أُسَامَة - يَعْنِي اِبْن زَيْد - عَلَى الْقَصْوَاء , ثُمَّ اِتَّفَقَا وَمَعَهُ بِلَال وَعُثْمَان بْن طَلْحَة حَتَّى أَنَاخَ فِي الْمَسْجِد " وَفِي رِوَايَة فُلَيْح " عِنْدَ الْبَيْت , وَقَالَ لِعُثْمَان اِئْتِنَا بِالْمِفْتَاحِ , فَجَاءَهُ بِالْمِفْتَاحِ فَفَتْح لَهُ الْبَاب فَدَخَلَ " وَلِمُسْلِمٍ وَعَبْد الرَّزَّاق مِنْ رِوَايَة أَيُّوب عَنْ نَافِع " ثُمَّ دَعَا عُثْمَان بْن طَلْحَة بِالْمِفْتَاحِ فَذَهَبَ إِلَى أُمّه فَأَبَتْ أَنْ تُعْطِيه , فَقَالَ : وَاَللَّه لَتُعْطِيَنَّهُ أَوْ لَأُخْرِجَنَّ هَذَا السَّيْف مِنْ صُلْبِي , فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ أَعْطَتْهُ , فَجَاءَ بِهِ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفَتَحَ الْبَاب " فَظَهَرَ مِنْ رِوَايَة فُلَيْح أَنَّ فَاعِل فَتَحَ هُوَ عُثْمَان الْمَذْكُور , لَكِنْ رَوَى الْفَاكِهِيّ - مِنْ طَرِيق ضَعِيفَة - عَنْ اِبْن عُمَر قَالَ " كَانَ بَنُو أَبِي طَلْحَة يَزْعُمُونَ أَنَّهُ لَا يَسْتَطِيع أَحَد فَتْح الْكَعْبَة غَيْرهمْ , فَأَخَذَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِفْتَاح فَفَتَحَهَا بِيَدِهِ " وَعُثْمَان الْمَذْكُور هُوَ عُثْمَان بْن طَلْحَة بْن أَبِي طَلْحَة بْن عَبْد الْعَزِيز بْن عَبْد الدَّار بْن قُصَيّ بْن كِلَاب , وَيُقَال لَهُ الْحَجَبِيُّ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَة وَالْجِيم , وَلِآلِ بَيْته الْحَجَبَة لِحَجْبِهِمْ الْكَعْبَة , وَيُعْرَفُونَ الْآن بِالشَّيْبِيِّينَ نِسْبَة إِلَى شَيْبَة بْن عُثْمَان بْن أَبِي طَلْحَة وَهُوَ اِبْن عَمِّ عُثْمَان هَذَا لَا وَلَده , وَلَهُ أَيْضًا صُحْبَة وَرِوَايَة , وَاسْم أُمّ عُثْمَان الْمَذْكُورَة سُلَافَة بِضَمِّ الْمُهْمَلَة وَالتَّخْفِيف وَالْفَاء.
‏ ‏قَوْله : ( هُوَ وَأُسَامَة بْن زَيْد وَبِلَال وَعُثْمَان ) ‏ ‏زَادَ مُسْلِم مِنْ طَرِيق أُخْرَى " وَلَمْ يَدْخُلهَا مَعَهُمْ أَحَد " وَوَقَعَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيق اِبْن عَوْن عَنْ نَافِع " وَمَعَهُ الْفَضْل بْن عَبَّاس وَأُسَامَة وَبِلَال وَعُثْمَان " زَادَ الْفَضْل , وَلِأَحْمَد مِنْ حَدِيث اِبْن عَبَّاس " حَدَّثَنِي أَخِي الْفَضْل - وَكَانَ مَعَهُ حِينَ دَخَلَهَا - أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ فِي الْكَعْبَة " وَسَيَأْتِي الْبَحْث فِيهِ بَعْدَ بَابَيْنِ.
‏ ‏قَوْله : ( فَأَغْلَقُوا عَلَيْهِمْ ) ‏ ‏زَادَ فِي رِوَايَة حَسَّان بْن عَطِيَّة عَنْ نَافِع عِنْدَ أَبِي عَوَانَة " مِنْ دَاخِل " وَزَادَ يُونُس " فَمَكَثَ نَهَارًا طَوِيلًا " وَفِي رِوَايَة فُلَيْح " زَمَانًا " بَدَل نَهَارًا , وَفِي رِوَايَة جُوَيْرِيَة عَنْ نَافِع الَّتِي مَضَتْ فِي أَوَائِل الصَّلَاة " فَأَطَالَ " وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَة اِبْن عَوْن عَنْ نَافِع " فَمَكَثَ فِيهَا مَلِيًّا " وَلَهُ مِنْ رِوَايَة عُبَيْد اللَّه عَنْ نَافِع " فَأَجَافُوا عَلَيْهِمْ الْبَاب طَوِيلًا " وَمِنْ رِوَايَة أَيُّوب عَنْ نَافِع " فَمَكَثَ فِيهَا سَاعَة " وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيق اِبْن أَبِي مُلَيْكَة " فَوَجَدْت شَيْئًا فَذَهَبْت ثُمَّ جِئْت سَرِيعًا فَوَجَدْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَارِجًا مِنْهَا " وَوَقَعَ فِي الْمُوَطَّأ بِلَفْظِ " فَأَغْلَقَاهَا عَلَيْهِ " وَالضَّمِير لِعُثْمَان وَبِلَال , وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيق اِبْن عَوْن عَنْ نَافِع " فَأَجَافَ عَلَيْهِمْ عُثْمَان الْبَاب " , وَالْجَمْع بَيْنهمَا أَنَّ عُثْمَان هُوَ الْمُبَاشِر لِذَلِكَ لِأَنَّهُ مِنْ وَظِيفَته , وَلَعَلَّ بِلَالًا سَاعَدَهُ فِي ذَلِكَ.
وَرِوَايَة الْجَمْع يَدْخُل فِيهَا الْآمِر بِذَلِكَ وَالرَّاضِي بِهِ.
‏ ‏قَوْله : ( فَلَمَّا فَتَحُوا كُنْت أَوَّل مَنْ وَلَجَ ) ‏ ‏فِي رِوَايَة فُلَيْح " ثُمَّ خَرَجَ فَابْتَدَرَ النَّاس الدُّخُول فَسَبَقْتهمْ " وَفِي رِوَايَة أَيُّوب " وَكُنْت رَجُلًا شَابًّا قَوِيًّا فَبَادَرْت النَّاس فَبَدَرْتهمْ " وَفِي رِوَايَة جُوَيْرِيَة " كُنْت أَوَّل النَّاس وَلَجَ عَلَى أَثَره " وَفِي رِوَايَة اِبْن عَوْن " فَرَقِيت الدَّرَجَة فَدَخَلْت الْبَيْت " وَفِي رِوَايَة مُجَاهِد الْمَاضِيَة فِي أَوَائِل الصَّلَاة عَنْ اِبْن عُمَر " وَأَجِد بِلَالًا قَائِمًا بَيْنَ الْبَابَيْنِ " وَأَفَادَ الْأَزْرَقِيّ فِي " كِتَاب مَكَّة " أَنَّ خَالِد بْن الْوَلِيد كَانَ عَلَى الْبَاب يَذُبّ عَنْهُ النَّاس , وَكَأَنَّهُ جَاءَ بَعْدَمَا دَخَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَغْلَقَ.
‏ ‏قَوْله : ( فَلَقِيت بِلَالًا فَسَأَلْته ) ‏ ‏زَادَ فِي رِوَايَة مَالِك عَنْ نَافِع الْمَاضِيَة فِي أَوَائِل الصَّلَاة " مَا صَنَعَ " ؟ وَفِي رِوَايَة جُوَيْرِيَة وَيُونُس وَجُمْهُور أَصْحَاب نَافِع " فَسَأَلْت بِلَالًا أَيْنَ صَلَّى " ؟ اِخْتَصَرُوا أَوَّل السُّؤَال , وَثَبَتَ فِي رِوَايَة سَالِم هَذِهِ حَيْثُ قَالَ " هَلْ صَلَّى فِيهِ ؟ قَالَ نَعَمْ " وَكَذَا فِي رِوَايَة مُجَاهِد وَابْن أَبِي مُلَيْكَة عَنْ اِبْن عُمَر " فَقُلْت : أَصَلَّى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكَعْبَة ؟ قَالَ نَعَمْ " فَظَهَرَ أَنَّهُ اِسْتَثْبَتَ أَوَّلًا هَلْ صَلَّى أَوْ لَا , ثُمَّ سَأَلَ عَنْ مَوْضِع صَلَاته مِنْ الْبَيْت.
وَوَقَعَ فِي رِوَايَة يُونُس عَنْ اِبْن شِهَاب عِنْدَ مُسْلِم " فَأَخْبَرَنِي بِلَال أَوْ عُثْمَان بْن طَلْحَة " عَلَى الشَّكّ , وَالْمَحْفُوظ أَنَّهُ سَأَلَ بِلَالًا كَمَا فِي رِوَايَة الْجُمْهُور : وَوَقَعَ عِنْدَ أَبِي عَوَانَة مِنْ طَرِيق الْعَلَاء بْن عَبْد الرَّحْمَن عَنْ اِبْن عُمَر أَنَّهُ سَأَلَ بِلَالًا وَأُسَامَة بْن زَيْد حِينَ خَرَجَا " أَيْنَ صَلَّى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ ؟ فَقَالَا عَلَى جِهَته " وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْبَزَّار نَحْوه , وَلِأَحْمَد وَالطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيق أَبِي الشَّعْثَاء عَنْ اِبْن عُمَر قَالَ " أَخْبَرَنِي أُسَامَة أَنَّهُ صَلَّى فِيهِ هَاهُنَا " وَلِمُسْلِمٍ وَالطَّبَرَانِيِّ مِنْ وَجْه آخَر " فَقُلْت أَيْنَ صَلَّى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا " فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ اِبْتَدَأَ بِلَالًا بِالسُّؤَالِ كَمَا تَقَدَّمَ تَفْصِيله , ثُمَّ أَرَادَ زِيَادَة الِاسْتِثْبَات فِي مَكَان الصَّلَاة فَسَأَلَ عُثْمَان أَيْضًا وَأُسَامَة , وَيُؤَيِّد ذَلِكَ قَوْله فِي رِوَايَة اِبْن عَوْن عِنْدَ مُسْلِم " وَنَسِيت أَنْ أَسْأَلهُمْ كَمْ صَلَّى " بِصِيغَةِ الْجَمْع , وَهَذَا أَوْلَى مِنْ جَزْم عِيَاض بِوَهْمِ الرِّوَايَة الَّتِي أَشَرْنَا إِلَيْهَا مِنْ عِنْدَ مُسْلِم , وَكَأَنَّهُ لَمْ يَقِف عَلَى بَقِيَّة الرِّوَايَات , وَلَا يُعَارِض قِصَّتَهُ مَعَ قِصَّة أُسَامَة مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِم أَيْضًا مِنْ حَدِيث اِبْن عَبَّاس أَنَّ أُسَامَة بْن زَيْد أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُصَلِّ فِيهِ , وَلَكِنَّهُ كَبَّرَ فِي نَوَاحِيه.
فَإِنَّهُ يُمْكِن الْجَمْع بَيْنهمَا بِأَنَّ أُسَامَة حَيْثُ أَثْبَتَهَا اِعْتَمَدَ فِي ذَلِكَ عَلَى غَيْره , وَحَيْثُ نَفَاهَا أَرَادَ مَا فِي عِلْمه لِكَوْنِهِ لَمْ يَرَهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ صَلَّى.
وَسَيَأْتِي مَزِيد بَسْط فِيهِ بَعْدَ بَابَيْنِ فِي الْكَلَام عَلَى حَدِيث اِبْن عَبَّاس إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
‏ ‏قَوْله : ( بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ الْيَمَانِيَّيْنِ ) ‏ ‏فِي رِوَايَة جُوَيْرِيَة " بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ الْمُقَدَّمَيْنِ " وَفِي رِوَايَة مَالِك عَنْ نَافِع " جَعَلَ عَمُودًا عَنْ يَمِينه وَعَمُودًا عَنْ يَسَاره " وَفِي رِوَايَة عَنْهُ " عَمُودَيْنِ عَنْ يَمِينه " وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَام عَلَى ذَلِكَ مَبْسُوطًا فِي " بَاب الصَّلَاة بَيْنَ السَّوَارِي " بِمَا يُغْنِي عَنْ إِعَادَته , لَكِنْ نَذْكُر هُنَا مَا لَمْ يَتَقَدَّم ذِكْره ; فَوَقَعَ فِي رِوَايَة فُلَيْح الْآتِيَة فِي الْمَغَازِي " بَيْن ذَيْنك الْعَمُودَيْنِ الْمُقَدَّمَيْنِ , وَكَانَ الْبَيْت عَلَى سِتَّة أَعْمِدَة سَطْرَيْنِ , صَلَّى بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ مِنْ السَّطْر الْمُقَدَّم وَجَعَلَ بَاب الْبَيْت خَلْف ظَهْره " وَقَالَ فِي آخِر رِوَايَته " وَعِنْدَ الْمَكَان الَّذِي صَلَّى فِيهِ مَرْمَرَة حَمْرَاء " وَكُلّ هَذَا إِخْبَار عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ الْبَيْت قَبْل أَنْ يُهْدَم وَيُبْنَى فِي زَمَن اِبْن الزُّبَيْر , فَأَمَّا الْآن فَقَدْ بَيَّنَ مُوسَى بْن عُقْبَةَ فِي رِوَايَته عَنْ نَافِع كَمَا فِي الْبَاب الَّذِي يَلِيه أَنَّ بَيْنَ مَوْقِفه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ الْجِدَار الَّذِي اِسْتَقْبَلَهُ قَرِيبًا مِنْ ثَلَاثَة أَذْرُع , وَجَزَمَ بِرَفْعِ هَذِهِ الزِّيَادَة مَالِك عَنْ نَافِع فِيمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيق عَبْد الرَّحْمَن بِي مَهْدِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي " الْغَرَائِب " مِنْ طَرِيقه وَطَرِيق عَبْد اللَّه بْن وَهْب وَغَيْرهمَا عَنْهُ وَلَفْظه " وَصَلَّى وَبَيْنه وَبَيْنَ الْقِبْلَة ثَلَاثَة أَذْرُع " وَكَذَا أَخْرَجَهَا أَبُو عَوَانَة مِنْ طَرِيق هِشَام بْن سَعْد عَنْ نَافِع , وَهَذَا فِيهِ الْجَزْم بِثَلَاثَةِ أَذْرُع , لَكِنْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيق اِبْن الْقَاسِم عَنْ مَالِك بِلَفْظِ " نَحْو مِنْ ثَلَاثَة أَذْرُع " وَهِيَ مُوَافِقَة لِرِوَايَةِ مُوسَى بْن عُقْبَةَ.
وَفِي " كِتَاب مَكَّة " لِلْأَزْرَقِيِّ وَالْفَاكِهِيّ مِنْ وَجْه آخَر أَنَّ مُعَاوِيَة سَأَلَ اِبْن عُمَر " أَيْنَ صَلَّى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَقَالَ : اِجْعَلْ بَيْنك وَبَيْنَ الْجِدَار ذِرَاعَيْنِ أَوْ ثَلَاثَة " فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي لِمَنْ أَرَادَ الِاتِّبَاع فِي ذَلِكَ أَنْ يَجْعَل بَيْنه وَبَيْنَ الْجِدَار ثَلَاثَة أَذْرُع فَإِنَّهُ تَقَع قَدَمَاهُ فِي مَكَان قَدَمَيْهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ كَانَتْ ثَلَاثَة أَذْرُع سَوَاء , وَتَقَع رُكْبَتَاهُ أَوْ يَدَاهُ وَوَجْهه إِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَة وَاَللَّه أَعْلَم.
وَأَمَّا مِقْدَار صَلَاته حِينَئِذٍ فَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْث فِيهِ فِي أَوَائِل الصَّلَاة , وَأَشَرْت إِلَى الْجَمْع بَيْنَ رِوَايَة مُجَاهِد عَنْ اِبْن عُمَر أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَبَيْنَ رِوَايَة مَنْ رَوَى عَنْ نَافِع أَنَّ اِبْن عُمَر قَالَ نَسِيت أَنْ أَسْأَلهُ كَمْ صَلَّى , وَإِلَى الرَّدّ عَلَى مِنْ زَعَمَ أَنَّ رِوَايَة مُجَاهِد غَلَط بِمَا فِيهِ مُقَنَّع بِحَمْدِ اللَّه تَعَالَى.
وَفِي هَذَا الْحَدِيث مِنْ الْفَوَائِد : رِوَايَة الصَّاحِب عَنْ الصَّاحِب , وَسُؤَال الْمَفْضُول مَعَ وُجُود الْأَفْضَل وَالِاكْتِفَاء بِهِ , وَالْحُجَّة بِخَبَرِ الْوَاحِد , وَلَا يُقَال هُوَ أَيْضًا خَبَر وَاجِد فَكَيْفَ يُحْتَجّ لِلشَّيْءِ بِنَفْسِهِ ؟ لِأَنَّا نَقُول : هُوَ فَرْد يَنْضَمّ إِلَى نَظَائِر مِثْله يُوجِب الْعِلْم بِذَلِكَ , وَفِيهِ اِخْتِصَاص السَّابِق بِالْبُقْعَةِ الْفَاضِلَة , وَفِيهِ السُّؤَال عَنْ الْعِلْم وَالْحِرْص فِيهِ , وَفَضِيلَة اِبْن عُمَر لِشِدَّةِ حِرْصه عَلَى تَتَبُّع آثَار النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَعْمَل بِهَا , وَفِيهِ أَنَّ الْفَاضِل مِنْ الصَّحَابَة قَدْ كَانَ يَغِيب عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْض الْمَشَاهِد الْفَاضِلَة وَيَحْضُرهُ مَنْ هُوَ دُونه فَيَطَّلِع عَلَى مَا لَمْ يَطَّلِع عَلَيْهِ , لِأَنَّ أَبَا بَكْر وَعُمَر وَغَيْرهمَا مِمَّنْ هُوَ أَفْضَل مِنْ بِلَال وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ لَمْ يُشَارِكُوهُمْ فِي ذَلِكَ , وَاسْتَدَلَّ بِهِ الْمُصَنِّف فِيمَا مَضَى عَلَى أَنَّ الصَّلَاة إِلَى الْمَقَام غَيْر وَاجِبَة , وَعَلَى جَوَاز الصَّلَاة بَيْنَ السَّوَارِي فِي غَيْر الْجَمَاعَة , وَعَلَى مَشْرُوعِيَّة الْأَبْوَاب وَالْغَلْق لِلْمَسَاجِدِ , وَفِيهِ أَنَّ السُّتْرَة إِنَّمَا تُشْرَع حَيْثُ يُخْشَى الْمُرُور فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ وَلَمْ يُصَلِّ إِلَى أَحَدهمَا , وَاَلَّذِي يَظْهَر أَنَّهُ تَرَكَ ذَلِكَ لِلِاكْتِفَاءِ بِالْقُرْبِ مِنْ الْجِدَار كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ مُصَلَّاهُ وَالْجِدَار نَحْو ثَلَاثَة أَذْرُع , وَبِذَلِكَ تَرْجَمَ لَهُ النَّسَائِيُّ عَلَى أَنَّ حَدّ الدُّنُوّ مِنْ السُّتْرَة أَنْ لَا يَكُون بَيْنهمَا أَكْثَر مِنْ ثَلَاثَة أَذْرُع , وَيُسْتَفَاد مِنْهُ أَنَّ قَوْل الْعُلَمَاء تَحِيَّة الْمَسْجِد الْحَرَام الطَّوَاف مَخْصُوص بِغَيْرِ دَاخِل الْكَعْبَة لِكَوْنِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ فَأَنَاخَ عِنْد الْبَيْت فَدَخَلَهُ فَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ فَكَانَتْ تِلْكَ الصَّلَاة إِمَّا لِكَوْنِ الْكَعْبَة كَالْمَسْجِدِ الْمُسْتَقِلّ أَوْ هُوَ تَحِيَّة الْمَسْجِد الْعَامّ وَاَللَّه أَعْلَم.
وَفِيهِ اِسْتِحْبَاب دُخُول الْكَعْبَة , وَقَدْ رَوَى اِبْن خُزَيْمَةَ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيث اِبْن عَبَّاس مَرْفُوعًا " مَنْ دَخَلَ الْبَيْت دَخَلَ فِي حَسَنَة وَخَرَجَ مَغْفُورًا لَهُ " قَالَ الْبَيْهَقِيُّ تَفَرَّدَ بِهِ عَبْد اللَّه بْن الْمُؤَمِّل وَهُوَ ضَعِيف , وَمَحَلّ اِسْتِحْبَابه مَا لَمْ يُؤْذِ أَحَدًا بِدُخُولِهِ.
وَرَوَى اِبْن أَبِي شَيْبَة مِنْ قَوْل اِبْن عَبَّاس : أَنَّ دُخُول الْبَيْت لَيْسَ مِنْ الْحَجّ فِي شَيْء , وَحَكَى الْقُرْطُبِيّ عَنْ بَعْض الْعُلَمَاء أَنَّ دُخُول الْبَيْت مِنْ مَنَاسِك الْحَجّ , وَرَدَّهُ بِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا دَخَلَهُ عَام الْفَتْح وَلَمْ يَكُنْ حِينَئِذٍ مُحْرِمًا , وَأَمَّا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ وَصَحَّحَهُ هُوَ وَابْن خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِم عَنْ عَائِشَة " أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنْ عِنْدهَا وَهُوَ قَرِير الْعَيْن ثُمَّ رَجَعَ وَهُوَ كَئِيب فَقَالَ : دَخَلْت الْكَعْبَة فَأَخَاف أَنْ أَكُون شَقَقْت عَلَى أُمَّتِي " فَقَدْ يُتَمَسَّك بِهِ لِصَاحِبِ هَذَا الْقَوْل الْمَحْكِيّ لِكَوْنِ عَائِشَة لَمْ تَكُنْ مَعَهُ فِي الْفَتْح وَلَا فِي عُمْرَته , بَلْ سَيَأْتِي بَعْدَ بَابَيْنِ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُل فِي الْكَعْبَة فِي عُمْرَته , فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْقِصَّة كَانَتْ فِي حَجَّته وَهُوَ الْمَطْلُوب , وَبِذَلِكَ جَزَمَ الْبَيْهَقِيُّ , وَإِنَّمَا لَمْ يَدْخُل فِي عُمْرَته لِمَا كَانَ فِي الْبَيْت مِنْ الْأَصْنَام وَالصُّوَر كَمَا سَيَأْتِي , وَكَانَ إِذْ ذَاكَ لَا يُتَمَكَّن مِنْ إِزَالَتهَا , بِخِلَافِ عَام الْفَتْح.
وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ لِعَائِشَة بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ رُجُوعه فَلَيْسَ فِي السِّيَاق مَا يَمْنَع ذَلِكَ , وَسَيَأْتِي النَّقْل عَنْ جَمَاعَة مِنْ أَهْل الْعِلْم أَنَّهُ لَمْ يَدْخُل الْكَعْبَة فِي حَجَّته.
وَفِيهِ اِسْتِحْبَاب الصَّلَاة فِي الْكَعْبَة وَهُوَ ظَاهِر فِي النَّفْل , وَيَلْتَحِق بِهِ الْفَرْض إِذْ لَا فَرْق بَيْنهمَا فِي مَسْأَلَة الِاسْتِقْبَال لِلْمُقِيمِ وَهُوَ قَوْل الْجُمْهُور , وَعَنْ اِبْن عَبَّاس لَا تَصِحّ الصَّلَاة دَاخِلهَا مُطْلَقًا , وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ يَلْزَم مِنْ ذَلِكَ اِسْتِدْبَار بَعْضهَا وَقَدْ وَرَدَ الْأَمْر بِاسْتِقْبَالِهَا فَيُحْمَل عَلَى اِسْتِقْبَال جَمِيعهَا , وَقَالَ بِهِ بَعْض الْمَالِكِيَّة وَالظَّاهِرِيَّة وَالطَّبَرِيّ , وَقَالَ الْمَازِرِيُّ : الْمَشْهُور فِي الْمَذْهَب مَنْع صَلَاة الْفَرْض دَاخِلهَا وَوُجُوب الْإِعَادَة , وَعَنْ اِبْن عَبْد الْحَكَم الْإِجْزَاء , وَصَحَّحَهُ اِبْن عَبْد الْبَرّ وَابْن الْعَرَبِيّ.
وَعَنْ اِبْن حَبِيب يُعِيد أَبَدًا , وَعَنْ أَصْبَغَ إِنْ كَانَ مُتَعَمِّدًا , وَأَطْلَقَ التِّرْمِذِيّ عَنْ مَالِك جَوَاز النَّوَافِل , وَقَيَّدَهُ بَعْض أَصْحَابه بِغَيْرِ الرَّوَاتِب وَمَا تَسَرَّعَ فِيهِ الْجَمَاعَة , وَفِي " شَرْح الْعُمْدَة " لِابْنِ دَقِيق الْعِيد : كَرِهَ مَالِك الْفَرْض أَوْ مَنَعَهُ فَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى اِخْتِلَاف النَّقْل عَنْهُ فِي ذَلِكَ , وَيَلْتَحِق بِهَذِهِ الْمَسْأَلَة الصَّلَاة فِي الْحِجْر.
وَيَأْتِي فِيهَا الْخِلَاف السَّابِق فِي أَوَّل الْبَاب فِي الصَّلَاة إِلَى جِهَة الْبَاب , نَعَمْ إِذَا اِسْتَدْبَرَ الْكَعْبَة وَاسْتَقْبَلَ الْحِجْر لَمْ يَصِحّ عَلَى الْقَوْل بِأَنَّ تِلْكَ الْجِهَة مِنْهُ لَيْسَتْ مِنْ الْكَعْبَة , وَمِنْ الْمُشْكِل مَا نَقَلَهُ النَّوَوِيّ فِي " زَوَائِد الرَّوْضَة " عَنْ الْأَصْحَاب أَنَّ صَلَاة الْفَرْض دَاخِل الْكَعْبَة - إِنْ لَمْ يَرْجُ جَمَاعَة - أَفْضَل مِنْهَا خَارِجهَا , وَوَجْه الْإِشْكَال أَنَّ الصَّلَاة خَارِجهَا مُتَّفَق عَلَى صِحَّتهَا بَيْنَ الْعُلَمَاء بِخِلَافِ دَاخِلهَا , فَكَيْفَ يَكُون الْمُخْتَلَف فِي صِحَّته أَفْضَل مِنْ الْمُتَّفَق.


حديث نعم بين العمودين اليمانيين

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏اللَّيْثُ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ شِهَابٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏سَالِمٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِيهِ ‏ ‏أَنَّهُ قَالَ ‏ ‏دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏الْبَيْتَ ‏ ‏هُوَ ‏ ‏وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ‏ ‏وَبِلَالٌ ‏ ‏وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ ‏ ‏فَأَغْلَقُوا عَلَيْهِمْ فَلَمَّا فَتَحُوا كُنْتُ أَوَّلَ مَنْ وَلَجَ فَلَقِيتُ ‏ ‏بِلَالًا ‏ ‏فَسَأَلْتُهُ هَلْ صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَ نَعَمْ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث صحيح البخاري

كان إذا دخل الكعبة مشى قبل الوجه حين يدخل

عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه كان إذا دخل الكعبة، مشى قبل الوجه حين يدخل، ويجعل الباب قبل الظهر، يمشي حتى يكون بينه وبين الجدار الذي قبل وجهه قريبا م...

اعتمر رسول الله ﷺ فطاف بالبيت وصلى خلف المقام ركعت...

عن عبد الله بن أبي أوفى قال: «اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فطاف بالبيت، وصلى خلف المقام ركعتين ومعه من يستره من الناس»، فقال له رجل: أدخل رسول ا...

أبى أن يدخل البيت وفيه الآلهة فأمر بها فأخرجت

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم أبى أن يدخل البيت وفيه الآلهة، فأمر بها فأخرجت، فأخرجوا صورة إبراهيم، وإسماعيل...

أن يرملوا الأشواط الثلاثة وأن يمشوا ما بين الركنين

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فقال المشركون: إنه يقدم عليكم وقد وهنهم حمى يثرب، فأمرهم النبي صلى الله عليه...

إذا استلم الركن الأسود أول ما يطوف يخب ثلاثة أطواف...

عن سالم، عن أبيه رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يقدم مكة " إذا استلم الركن الأسود، أول ما يطوف: يخب ثلاثة أطواف من السبع "

سعى النبي ﷺ ثلاثة أشواط ومشى أربعة في الحج والعمرة

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سعى النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشواط، ومشى أربعة في الحج والعمرة "، تابعه الليث، قال: حدثني كثير بن فرقد، عن نافع،...

ما لنا وللرمل إنما كنا راءينا به المشركين وقد أهلك...

عن زيد بن أسلم، عن أبيه، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال للركن: «أما والله، إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وس...

ما تركت استلام هذين الركنين في شدة ولا رخاء

عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «ما تركت استلام هذين الركنين في شدة ولا رخاء، منذ رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يستلمهما»، قلت لنافع: أكان ابن...

طاف النبي ﷺ في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمح...

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على بعير، يستلم الركن بمحجن»، تابعه الدراوردي، عن ابن أخي الزهري، عن عمه...