1852- عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن امرأة من جهينة، جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال: «نعم حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضية؟ اقضوا الله فالله أحق بالوفاء»
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( أَنَّ اِمْرَأَة مِنْ جُهَيْنَة ) لَمْ أَقِف عَلَى اِسْمهَا وَلَا عَلَى اِسْم أَبِيهَا , لَكِنْ رَوَى اِبْن وَهْب عَنْ عُثْمَان بْنِ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ عَنْ أَبِيهِ " أَنَّ غَايِثَة أَوْ غَاثِيَة أَتَتْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا نَذْر أَنْ تَمْشِي إِلَى الْكَعْبَة , فَقَالَ اِقْضِ عَنْهَا ".
أَخْرَجَهُ اِبْن مَنْدَهْ فِي حَرْف الْغَيْن الْمُعْجَمَة مِنْ الصَّحَابِيَّات , وَتَرَدَّدَ هَلْ هِيَ بِتَقْدِيمِ الْمُثَنَّاة التَّحْتَانِيَّة عَلَى الْمُثَلَّثَة أَوْ بِالْعَكْسِ , وَجَزَمَ اِبْن طَاهِر فِي الْمُبْهَمَات بِأَنَّهُ اِسْم الْجُهَنِيَّة الْمَذْكُورَة فِي حَدِيث الْبَاب.
وَقَدْ رَوَى النَّسَائِيُّ وَابْن خُزَيْمَةَ وَأَحْمَد مِنْ طَرِيق مُوسَى بْن سَلَمَة الْهُذَلِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ " أَمَرَتْ اِمْرَأَة سِنَان بْن عَبْد اللَّه الْجُهَنِيّ أَنْ يُسْأَل رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أُمّهَا تُوُفِّيَتْ وَلَمْ تَحُجّ " الْحَدِيث لَفْظ أَحْمَد , وَوَقَعَ عِنْد النَّسَائِيِّ " سِنَان بْن سَلَمَة " وَالْأَوَّل أَصَحّ , وَهَذَا لَا يُفَسَّر بِهِ الْمُبْهَم فِي حَدِيث الْبَاب أَنَّ الْمَرْأَة سَأَلَتْ بِنَفْسِهَا وَفِي هَذَا أَنَّ زَوْجهَا سَأَلَ لَهَا , وَيُمْكِن الْجَمْع بِأَنْ يَكُون نِسْبَة السُّؤَال إِلَيْهَا مَجَازِيَّة وَإِنَّمَا الَّذِي تَوَلَّى لَهَا السُّؤَال زَوْجهَا , وَغَايَته أَنَّهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَة لَمْ يُصَرِّح بِأَنَّ الْحَجَّة الْمَسْئُول عَنْهَا كَانَتْ نَذْرًا , وَأَمَّا مَا رَوَى اِبْن مَاجَهْ مِنْ طَرِيق مُحَمَّد بْن كُرَيْب عَنْ أَبِيهِ عَنْ اِبْن عَبَّاس عَنْ سِنَان بْن عَبْد اللَّه الْجُهَنِيّ أَنَّ عَمَّته حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا أَتَتْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَعَلَيْهَا مَشْي إِلَى الْكَعْبَة نَذْرًا , الْحَدِيث.
فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا حُمِلَ عَلَى وَاقِعَتَيْنِ بِأَنْ تَكُون اِمْرَأَته سَأَلَتْ عَلَى لِسَانه عَنْ حَجَّة أُمّهَا الْمَفْرُوضَة , وَبِأَنْ تَكُون عَمَّته سَأَلَتْ بِنَفْسِهَا عَنْ حَجَّة أُمّهَا الْمَنْذُورَة , وَيُفَسَّر مَنْ فِي حَدِيث الْبَاب بِأَنَّهَا عَمَّة سِنَان وَاسْمهَا غَايِثَة كَمَا تَقَدَّمَ , وَلَمْ تُسَمَّ الْمَرْأَة وَلَا الْعَمَّة وَلَا أُمّ وَاحِدَة مِنْهُمَا.
قَوْله : ( إِنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجّ ) كَذَا رَوَاهُ أَبُو بِشْر عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس مِنْ رِوَايَة أَبِي عَوَانَة عَنْهُ , وَسَيَأْتِي فِي النُّذُور مِنْ طَرِيق شُعْبَة عَنْ أَبِي بِشْر بِلَفْظِ " أَتَى رَجُل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ إِنَّ أُخْتِي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجّ وَأَنَّهَا مَاتَتْ " فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا اُحْتُمِلَ أَنْ يَكُون كُلّ مِنْ الْأَخ سَأَلَ عَنْ أُخْته وَالْبِنْت سَأَلَتْ عَنْ أُمّهَا , وَسَيَأْتِي فِي الصِّيَام مِنْ طَرِيق أُخْرَى عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر بِلَفْظِ " قَالَتْ اِمْرَأَة إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْم شَهْر " وَسَيَأْتِي بَسْط الْقَوْل فِيهِ هُنَاكَ.
وَزَعَمَ بَعْض الْمُخَالِفِينَ أَنَّهُ اِضْطِرَاب يُعَلّ بِهِ الْحَدِيث , وَلَيْسَ كَمَا قَالَ , فَإِنَّهُ مَحْمُول عَلَى أَنَّ الْمَرْأَة سَأَلَتْ عَنْ كُلّ مِنْ الصَّوْم وَالْحَجّ , وَيَدُلّ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ مُسْلِم عَنْ بُرَيْدَةَ " أَنَّ اِمْرَأَة قَالَتْ : يَا رَسُول اللَّه إِنِّي تَصَدَّقْت عَلَى أُمِّيّ بِجَارِيَةٍ وَأَنَّهَا مَاتَتْ , قَالَ : وَجَبَ أَجْرك وَرَدّهَا عَلَيْك الْمِيرَاث.
قَالَتْ : إِنَّهُ كَانَ عَلَيْهَا صَوْم شَهْر أَفَأَصُوم عَنْهَا ؟ قَالَ : صُومِي عَنْهَا.
قَالَتْ إِنَّهَا لَمْ تَحُجّ أَفَأَحُجُّ عَنْهَا ؟ قَالَ : حُجِّي عَنْهَا ".
وَلِلسُّؤَالِ عَنْ قِصَّة الْحَجّ مِنْ حَدِيث اِبْن عَبَّاس أَصْل آخَر أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيق سُلَيْمَان بْن يَسَار عَنْهُ , وَلَهُ شَاهِد مِنْ حَدِيث أَنَس عِنْد الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيِّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى صِحَّة نَذْر الْحَجّ مِمَّنْ لَمْ يَحُجّ فَإِذَا حَجّ أَجْزَأَهُ عَنْ حَجَّة الْإِسْلَام عِنْد الْجُمْهُور وَعَلَيْهِ الْحَجّ عَنْ النَّذْر , وَقِيلَ يُجْزِئ عَنْ النَّذْر ثُمَّ يَحُجّ حَجَّة الْإِسْلَام , وَقِيلَ يُجْزِئ عَنْهُمَا.
قَوْله : ( قَالَ نَعَمْ حُجِّي عَنْهَا ) فِي رِوَايَة مُوسَى بْن سَلَمَة " أَفَيُجْزِئ عَنْهَا أَنْ أَحُجّ عَنْهَا ؟ قَالَ نَعَمْ ".
قَوْله : ( أَرَأَيْت إِلَخْ ) فِيهِ مَشْرُوعِيَّة الْقِيَاس وَضَرْب الْمَثَل لِيَكُونَ أَوْضَحَ وَأَوْقَع فِي نَفْس السَّامِع وَأَقْرَب إِلَى سُرْعَة فَهْمه , وَفِيهِ تَشْبِيه مَا اُخْتُلِفَ فِيهِ وَأَشْكَلَ بِمَا اُتُّفِقَ عَلَيْهِ.
وَفِيهِ أَنَّهُ يُسْتَحَبّ لِلْمُفْتِي التَّنْبِيه عَلَى وَجْه الدَّلِيل إِذَا تَرَتَّبَتْ عَلَى ذَلِكَ مَصْلَحَة وَهُوَ أَطْيَب لِنَفْسِ الْمُسْتَفْتِي وَأَدْعَى لِإِذْعَانِهِ.
وَفِيهِ أَنَّ وَفَاء الدَّيْن الْمَالِيّ عَنْ الْمَيِّت كَانَ مَعْلُومًا عِنْدهمْ مُقَرَّرًا وَلِهَذَا حَسُنَ الْإِلْحَاق بِهِ.
وَفِيهِ إِجْزَاء الْحَجّ عَنْ الْمَيِّت , وَفِيهِ اِخْتِلَاف : فَرَوَى سَعِيد بْن مَنْصُور وَغَيْره عَنْ اِبْن عُمَر بِإسْنَادٍ صَحِيح لَا يَحُجّ أَحَد عَنْ أَحَد , وَنَحْوه عَنْ مَالِك وَاللَّيْث , وَعَنْ مَالِك أَيْضًا إِنْ أَوْصَى بِذَلِكَ فَلْيَحُجَّ عَنْهُ وَإِلَّا فَلَا , وَسَيَأْتِي الْبَحْث فِي ذَلِكَ فِي الْبَاب الَّذِي يَلِيه.
قَوْله : ( أَكُنْت قَاضِيَته ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِضَمِيرٍ يَعُود عَلَى الدَّيْن , وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ قَاضِيَة بِوَزْنِ فَاعِلَة عَلَى حَذْف الْمَفْعُول.
وَفِيهِ أَنَّ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ حَجّ وَجَبَ عَلَى وَلِيّه أَنْ يُجَهِّز مَنْ يَحُجّ عَنْهُ مِنْ رَأْس مَاله كَمَا أَنَّ عَلَيْهِ قَضَاء دُيُونه , فَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ دَيْن الْآدَمِيّ مِنْ رَأْس الْمَال فَكَذَلِكَ مَا شُبِّهَ بِهِ فِي الْقَضَاء , وَيَلْتَحِق بِالْحَجِّ كُلّ حَقّ ثَبَتَ فِي ذِمَّته مِنْ كَفَّارَة أَوْ نَذْر أَوْ زَكَاة أَوْ غَيْر ذَلِكَ , وَفِي قَوْله " فَاللَّه أَحَقّ بِالْوَفَاءِ " دَلِيل عَلَى أَنَّهُ مُقَدَّم عَلَى دَيْن الْآدَمِيّ , وَهُوَ أَحَد أَقْوَال الشَّافِعِيّ , وَقِيلَ بِالْعَكْسِ , وَقِيلَ هُمَا سَوَاء.
قَالَ الطِّيبِيُّ : فِي الْحَدِيث إِشْعَار بِأَنَّ الْمَسْئُول عَنْهُ خَلَّفَ مَالًا فَأَخْبَرَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ حَقّ اللَّه مُقَدَّم عَلَى حَقّ الْعِبَاد وَأَوْجَبَ عَلَيْهِ الْحَجّ عَنْهُ وَالْجَامِع عِلَّة الْمَالِيَّة.
قُلْت : وَلَمْ يَتَحَتَّم فِي الْجَوَاب الْمَذْكُور أَنْ يَكُون خَلَّفَ مَالًا كَمَا زَعَمَ , لِأَنَّ قَوْله " أَكُنْت قَاضِيَته " أَعَمّ مِنْ أَنْ يَكُون الْمُرَاد مِمَّا خَلَّفَهُ أَوْ تَبَرُّعًا.
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ فَلَمْ تَحُجَّ حَتَّى مَاتَتْ أَفَأَحُجُّ عَنْهَا قَالَ نَعَمْ حُجِّي عَنْهَا أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَةً اقْضُوا اللَّهَ فَاللَّهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ
عن الفضل بن عباس رضي الله عنهم، أن امرأة، ح 1854 - حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة، حدثنا ابن شهاب، عن سليمان بن يسار عن ابن عباس...
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال: كان الفضل رديف النبي صلى الله عليه وسلم، فجاءت امرأة من خثعم، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، فجعل النبي صل...
عن عبيد الله بن أبي يزيد، قال: سمعت ابن عباس رضي الله عنهما، يقول: «بعثني أو قدمني النبي صلى الله عليه وسلم في الثقل من جمع بليل»
عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، أن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال: أقبلت وقد ناهزت الحلم، أسير على أتان لي «ورسول الله صلى الله عليه...
عن محمد بن يوسف، عن السائب بن يزيد، قال: «حج بي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن سبع سنين»
عن الجعيد بن عبد الرحمن، قال: سمعت عمر بن عبد العزيز، يقول: للسائب بن يزيد، «وكان قد حج به في ثقل النبي صلى الله عليه وسلم»
وقال لي أحمد بن محمد هو الأزرقي: حدثنا إبراهيم، عن أبيه، عن جده، «أذن عمر رضي الله عنه، لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم في آخر حجة حجها، فبعث معهن عثم...
عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، قالت: قلت يا رسول الله، ألا نغزو ونجاهد معكم؟ فقال: «لكن أحسن الجهاد وأجمله الحج، حج مبرور»، فقالت عائشة «فلا أدع...
عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم»، فقال رجل: يا رسول...