2190- عن أبي هريرة رضي الله عنه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في بيع العرايا في خمسة أوسق، أو دون خمسة أوسق؟» قال: نعم
أخرجه مسلم في البيوع باب تحريم بيع الرطب بالتمر إلا في العرايا رقم 1541 (أوسق) جمع وسق وهو في الأصل الحمل والمراد وعاء معين يسع ستين صاعا
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْوَهَّاب ) هُوَ الْحَجَبِيُّ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْجِيم ثُمَّ مُوَحَّدَة , بَصْرِيّ مَشْهُور.
قَوْله : ( سَمِعْتُ مَالِكًا إِلَخْ ) فِيهِ إِطْلَاق السَّمَاع عَلَى مَا قُرِئَ عَلَى الشَّيْخِ فَأَقَرَّ بِهِ , وَقَدْ اِسْتَقَرَّ الِاصْطِلَاح عَلَى أَنَّ السَّمَاعَ مَخْصُوصٌ بِمَا حَدَّثَ بِهِ الشَّيْخ لَفْظًا.
قَوْله : ( وَسَأَلَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ ) هُوَ بِالتَّصْغِيرِ , وَالرَّبِيع أَبُوهُ هُوَ حَاجِب الْمَنْصُور وَهُوَ وَالِد الْفَضْل وَزِير الرَّشِيد.
قَوْله : ( رَخَّصَ ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِالتَّشْدِيدِ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ " أَرْخَصَ ".
قَوْله : ( فِي بَيْعِ الْعَرَايَا ) أَيْ فِي بَيْعِ ثَمَر الْعَرَايَا لِأَنَّ الْعَرِيَّةَ هِيَ النَّخْلَةُ وَالْعَرَايَا جَمْع عَرِيَّة كَمَا تَقَدَّمَ , فَحَذَفَ الْمُضَاف وَأَقَامَ الْمُضَاف إِلَيْهِ مَقَامه.
قَوْله : ( فِي خَمْسَة أَوْسُق أَوْ دُونَ خَمْسَة أَوْسُق ) شَكّ مِنْ الرَّاوِي , بَيَّنَ مُسْلِم فِي رِوَايَتِهِ أَنَّ الشَّكَّ فِيهِ مِنْ دَاوُد بْن الْحُصَيْن , وَلِلْمُصَنِّفِ فِي آخِرِ الشُّرْبِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مَالِك مِثْله , وَذَكَرَ اِبْن التِّينِ تَبَعًا لِغَيْرِهِ أَنَّ دَاوُدَ تَفَرَّدَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ : وَمَا رَوَاهُ عَنْهُ إِلَّا مَالِك بْن أَنَس.
وَالْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعًا , وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانه فِي كِتَاب الزَّكَاة , وَقَدْ اِعْتَبَرَ مَنْ قَالَ بِجَوَاز بَيْع الْعَرَايَا بِمَفْهُومِ هَذَا الْعَدَدِ وَمَنَعُوا مَا زَادَ عَلَيْهِ , وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَاز الْخَمْسَة لِأَجْلِ الشَّكِّ الْمَذْكُورِ , وَالْخِلَافُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ , وَالرَّاجِحُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ الْجَوَاز فِي الْخَمْسَةِ فَمَا دُونَهَا , وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ الْجَوَازُ فِيمَا دُونَ الْخَمْسَة وَلَا يَجُوزُ فِي الْخَمْسَةِ , وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَابِلَةِ وَأَهْل الظَّاهِر , فَمَأْخَذ الْمَنْعِ أَنَّ الْأَصْلَ التَّحْرِيم وَبَيْع الْعَرَايَا رُخْصَة , فَيُؤْخَذُ مِنْهُ بِمَا يَتَحَقَّقُ مِنْهُ الْجَوَاز وَيُلْغِي مَا وَقَعَ فِيهِ الشَّكُّ.
وَسَبَبُ الْخِلَافِ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ بَيْع الْمُزَابَنَة هَلْ وَرَدَ مُتَقَدِّمًا ثُمَّ وَقَعَتْ الرُّخْصَةُ فِي الْعَرَايَا , أَوْ النَّهْي عَنْ بَيْع الْمُزَابَنَة وَقَعَ مَقْرُونًا بِالرُّخْصَةِ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا ؟ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَجُوزُ فِي الْخَمْسَةِ لِلشَّكِّ فِي رَفْع التَّحْرِيم , وَعَلَى الثَّانِي يَجُوزُ لِلشَّكِّ فِي قَدْر التَّحْرِيم , وَيُرَجِّحُ الْأَوَّلَ رِوَايَةُ سَالِمٍ الْمَذْكُورَةُ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ.
وَاحْتَجَّ بَعْض الْمَالِكِيَّةِ بِأَنَّ لَفْظَة " دُونَ " صَالِحَةٌ لِجَمِيعِ مَا تَحْتَ الْخَمْسَةِ , فَلَوْ عَمِلْنَا بِهَا لَلَزِمَ رَفْعُ هَذِهِ الرُّخْصَةِ , وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْعَمَلَ بِهَا مُمْكِنٌ بِأَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَقَلِّ مَا تُصَدِّقُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ , وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ حَدِيث الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ زَيْد بْن الْحُبَابِ عَنْ مَالِكٍ بِلَفْظ " أَرْخَصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا فِيمَا دُونَ خَمْسَة أَوْسُق " وَلَمْ يَتَرَدَّدْ فِي ذَلِكَ , وَزَعَمَ الْمَازِرِيُّ أَنَّ اِبْن الْمُنْذِر ذَهَبَ إِلَى تَحْدِيد ذَلِكَ بِأَرْبَعَة أَوْسُق لِوُرُودِهِ فِي حَدِيثِ جَابِر مِنْ غَيْرِ شَكٍّ فِيهِ فَتَعَيَّنَ طَرْحُ الرِّوَايَةِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الشَّكُّ وَالْأَخْذُ بِالرِّوَايَةِ الْمُتَيَقَّنَةِ , قَالَ : وَأَلْزَمَ الْمُزَنِيُّ الشَّافِعِيَّ الْقَوْلَ بِهِ ا ه , وَفِيمَا نَقَلَهُ نَظَر , أَمَّا اِبْن الْمُنْذِر فَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِهِ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ وَإِنَّمَا فِيهِ تَرْجِيح الْقَوْلِ الصَّائِرِ إِلَى أَنَّ الْخَمْسَةَ لَا تَجُوزُ وَإِنَّمَا يَجُوزُ مَا دُونَهَا , وَهُوَ الَّذِي أَلْزَمَ الْمُزَنِيُّ أَنْ يَقُولَ بِهِ الشَّافِعِيُّ كَمَا هُوَ بَيِّنٌ مِنْ كَلَامِهِ , وَقَدْ حَكَى اِبْن عَبْد الْبَرّ هَذَا الْقَوْل عَنْ قَوْمٍ قَالَ : وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ جَابِر , ثُمَّ قَالَ : وَلَا خِلَافَ بَيْنِ الشَّافِعِيّ وَمَالِك وَمَنْ اِتَّبَعَهُمَا فِي جَوَازِ الْعَرَايَا فِي أَكْثَرِ مِنْ أَرْبَعَة أَوْسُق مِمَّا لَمْ يَبْلُغْ خَمْسَة أَوْسُق وَلَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُمْ حَدِيثُ جَابِر.
قُلْت : حَدِيثُ جَابِر الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ أَخْرَجَهُ الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَصَحَّحَهُ اِبْن خُزَيْمَة اِبْن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ أَخْرَجُوهُ كُلُّهُمْ مِنْ طَرِيقِ اِبْن إِسْحَاق " حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن حِبَّانَ عَنْ عَمِّهِ وَاسِع بْن حِبَّانَ عَنْ جَابِر سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ حِينَ أَذِنَ لِأَصْحَابِ الْعَرَايَا أَنْ يَبِيعُوهَا بِخَرْصِهَا يَقُولُ : الْوَسْق وَالْوَسْقَيْنِ وَالثَّلَاثَة وَالْأَرْبَع " لَفْظ أَحْمَدَ , وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ اِبْن حِبَّانَ " الِاحْتِيَاط أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى أَرْبَعَة أَوْسُق " وَهَلْ الَّذِي قَالَهُ يَتَعَيَّنُ الْمَصِير إِلَيْهِ , وَأَمَّا جَعْلُهُ حَدًّا لَا يَجُوزُ تَجَاوُزه فَلَيْسَ بِالْوَاضِحِ , وَاحْتَجَّ بَعْضهمْ لِمَالِكٍ بِقَوْلِ سَهْل بْن أَبِي حَثْمَة " إِنَّ الْعَرِيَّةَ تَكُونُ ثَلَاثَة أَوْسُق أَوْ أَرْبَعَة أَوْ خَمْسَة " وَسَيَأْتِي ذِكْره فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيه , وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُ مَوْقُوف.
وَمِنْ فُرُوعِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا لَوْ زَادَ فِي صَفْقَةٍ عَلَى خَمْسَة أَوْسُق فَإِنَّ الْبَيْعَ يَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ.
وَخَرَجَ بَعْض الشَّافِعِيَّةِ مِنْ جَوَازِ تَفْرِيق الصَّفْقَة أَنَّهُ يَجُوزُ , وَهُوَ بَعِيدٌ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ , وَلَوْ بَاعَ مَا دُونَ خَمْسَة أَوْسُق فِي صَفْقَةٍ ثُمَّ بَاعَ مِثْلهَا الْبَائِع بِعَيْنِهِ لِلْمُشْتَرِي بِعَيْنِهِ فِي صَفْقَةٍ أُخْرَى جَازَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ عَلَى الْأَصَحِّ , وَمَنَعَهُ أَحْمَد وَأَهْل الظَّاهِر , وَاللَّه أَعْلَمُ.
قَوْله : ( قَالَ نَعَمْ ) الْقَائِل هُوَ مَالِكٌ , وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ مُسْلِم عَنْ يَحْيَى بْن يَحْيَى قَالَ " قُلْت لِمَالِكٍ أَحَدَّثَكَ دَاوُد " فَذَكَرَهُ وَقَالَ فِي آخِرِهِ " نَعَمْ " وَهَذَا التَّحَمُّل يُسَمَّى عَرْض السَّمَاع , وَكَانَ مَالِكٌ يَخْتَارُهُ عَلَى التَّحْدِيثِ مَنْ لَفْظِهِ.
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْحَدِيثِ هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ الشَّيْخُ " نَعَمْ " أَمْ " لَا " وَالصَّحِيح أَنَّ سُكُوتَهُ يَنْزِلُ مَنْزِلَة إِقْرَاره إِذَا كَانَ عَارِفًا وَلَمْ يَمْنَعْهُ مَانِع , وَإِذَا قَالَ نَعَمْ فَهُوَ أَوْلَى بِلَا نِزَاع.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكًا وَسَأَلَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الرَّبِيعِ أَحَدَّثَكَ دَاوُدُ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَوْ دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ قَالَ نَعَمْ
عن سهل بن أبي حثمة: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمر بالتمر، ورخص في العرية أن تباع بخرصها، يأكلها أهلها رطبا» وقال سفيان مرة أخرى: إ...
عن زيد بن ثابت رضي الله عنهم: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في العرايا أن تباع بخرصها كيلا» قال موسى بن عقبة والعرايا: «نخلات معلومات تأتيها فت...
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، نهى البائع والمبتاع»
عن أنس رضي الله عنه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، نهى أن تباع ثمرة النخل حتى تزهو» قال أبو عبد الله: «يعني حتى تحمر»
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: «نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تباع الثمرة حتى تشقح» فقيل: وما تشقح؟ قال: «تحمار وتصفار ويؤكل منها»
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أنه نهى عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها، وعن النخل حتى يزهو»، قيل: وما يزهو؟ قال: «يحمار أو ي...
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى تزهي، فقيل له: وما تزهي؟ قال: حتى تحمر.<br> فقال رسول الله صلى الله...
عن الأعمش، قال: ذكرنا عند إبراهيم الرهن في السلف، فقال: لا بأس به، ثم حدثنا عن الأسود، عن عائشة رضي الله عنها: «أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى طعام...
عن أبي هريرة رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا على خيبر، فجاءه بتمر جنيب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أكل تمر خيبر ه...