2561- عن عروة، أن عائشة رضي الله عنها، أخبرته: أن بريرة جاءت تستعينها في كتابتها، ولم تكن قضت من كتابتها شيئا، قالت لها عائشة: ارجعي إلى أهلك، فإن أحبوا أن أقضي عنك كتابتك ويكون ولاؤك لي، فعلت، فذكرت ذلك بريرة لأهلها، فأبوا، وقالوا: إن شاءت أن تحتسب عليك، فلتفعل ويكون ولاؤك لنا، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ابتاعي، فأعتقي فإنما الولاء لمن أعتق» قال: ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «ما بال أناس يشترطون شروطا ليست في كتاب الله، من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فليس له، وإن شرط مائة مرة شرط الله أحق وأوثق»
أخرجه مسلم في العتق باب إنما الولاء لمن أعتق رقم 1504.
(تحتسب عليك) تطلب الثواب عند الله تعالى ولا يكون لها الولاء
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( إِنَّ بَرِيرَة ) هِيَ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَة بِوَزْنِ فَعِيلَة , مُشْتَقَّة مِنْ الْبَرِير وَهُوَ ثَمَر الْأَرَاك.
وَقِيلَ إِنَّهَا فَعِيلَة مِنْ الْبِرّ بِمَعْنَى مَفْعُولَة كَمَبْرُورَةٍ , أَوْ بِمَعْنَى فَاعِلَة كَرَحِيمَةٍ , هَكَذَا وَجَّهَهُ الْقُرْطُبِيّ.
وَالْأَوَّل أَوْلَى لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيَّرَ اِسْم جُوَيْرِيَةَ وَكَانَ اِسْمهَا بَرَّة وَقَالَ : " لَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ " فَلَوْ كَانَتْ بَرِيرَة مِنْ الْبِرّ لَشَارَكَتْهَا فِي ذَلِكَ.
وَكَانَتْ بَرِيرَة لِنَاسٍ مِنْ الْأَنْصَار كَمَا وَقَعَ عِنْد أَبِي نُعَيْم , وَقِيلَ لِنَاسٍ مِنْ بَنِي هِلَال قَالَهُ اِبْن عَبْد الْبَرّ , وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ.
وَكَانَتْ تَخْدُمُ عَائِشَة قَبْلَ أَنْ تَعْتِقَ كَمَا سَيَأْتِي فِي حَدِيث الْإِفْك , وَعَاشَتْ إِلَى خِلَافَة مُعَاوِيَة , وَتَفَرَّسَتْ فِي عَبْد الْمَلِك بْن مَرْوَان أَنَّهُ يَلِي الْخِلَافَة فَبَشَّرَتْهُ بِذَلِكَ وَرَوَى هُوَ ذَلِكَ عَنْهَا.
قَوْله : ( فَإِنْ أَحَبُّوا أَنْ أَقْضِيَ عَنْك كِتَابَتك وَيَكُون وَلَاؤُك لِي فَعَلْت ) كَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَة , وَهِيَ نَظِير رِوَايَة مَالِك عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة الْآتِيَة فِي الشُّرُوط بِلَفْظِ " إِنْ أَحَبَّ أَهْلُك أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ وَيَكُونَ وَلَاؤُك لِي فَعَلْت " وَظَاهِره أَنَّ عَائِشَة طَلَبَتْ أَنْ يَكُون الْوَلَاء لَهَا إِذَا بَذَلَتْ جَمِيع مَال الْمُكَاتَبَة.
وَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ إِذْ لَوْ وَقَعَ ذَلِكَ لَكَانَ اللَّوْم عَلَى عَائِشَة بِطَلَبِهَا وَلَاء مَنْ أَعْتَقَهَا غَيْرهَا.
وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو أُسَامَة عَنْ هِشَام بِلَفْظٍ يُزِيلُ الْإِشْكَال فَقَالَ بَعْد قَوْله : " أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ عَدَّةً وَاحِدَةً وَأُعْتِقَك وَيَكُونَ وَلَاؤُك لِي فَعَلْت ".
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ وُهَيْب عَنْ هِشَام , فَعَرَفَ بِذَلِكَ أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَهَا شِرَاء صَحِيحًا ثُمَّ تُعْتِقَهَا إِذْ الْعِتْق فَرْع ثُبُوت الْمِلْك , وَيُؤَيِّدُهُ قَوْله فِي بَقِيَّة حَدِيث الزُّهْرِيِّ فِي هَذَا الْبَاب " فَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اِبْتَاعِي فَأَعْتِقِي " وَهُوَ يُفَسِّرُ قَوْله فِي رِوَايَة مَالِك عَنْ هِشَام " خُذِيهَا " وَيُوَضِّحُ ذَلِكَ أَيْضًا قَوْله فِي طَرِيق أَيْمَن الْآتِيَة " دَخَلْت عَلَى بَرِيرَة وَهِيَ مُكَاتَبَة فَقَالَتْ : اِشْتَرِينِي وَأَعْتِقِينِي , قَالَتْ نَعَمْ " وَقَوْله فِي حَدِيث اِبْن عُمَر " أَرَادَتْ عَائِشَة أَنْ تَشْتَرِيَ جَارِيَةً فَتُعْتِقَهَا " وَبِهَذَا يَتَّجِهُ الْإِنْكَارُ عَلَى مَوَالِي بَرِيرَة , إِذْ وَافَقُوا عَائِشَة عَلَى بَيْعِهَا ثُمَّ أَرَادُوا أَنْ يَشْتَرِطُوا أَنْ يَكُونَ الْوَلَاء لَهُمْ , وَيُؤَيِّدُهُ قَوْله فِي رِوَايَة أَيْمَن الْمَذْكُورَة " قَالَتْ لَا تَبِيعُونِي حَتَّى تَشْتَرِطُوا وَلَائِي " وَفِي رِوَايَة الْأَسْوَد الْآتِيَة فِي الْفَرَائِض عَنْ عَائِشَة " اِشْتَرَيْت بَرِيرَة لِأُعْتِقهَا , فَاشْتَرَطَ أَهْلهَا وَلَاءَهَا " وَسَيَأْتِي قَرِيبًا فِي الْهِبَة مِنْ طَرِيق الْقَاسِم عَنْ عَائِشَة " أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِي بَرِيرَة وَأَنَّهُمْ اِشْتَرَطُوا وَلَاءَهَا ".
قَوْله : ( اِرْجِعِي إِلَى أَهْلِك ) الْمُرَاد بِالْأَهْلِ هُنَا السَّادَة , وَالْأَهْل فِي الْأَصْل الْآلُ , وَفِي الشَّرْع مَنْ تَلْزَمُ نَفَقَتُهُ عَلَى الْأَصَحّ عِنْد الشَّافِعِيَّة.
قَوْله : ( إِنْ شَاءَتْ أَنْ تَحْتَسِبَ ) هُوَ مِنْ الْحِسْبَة بِكَسْرِ الْمُهْمَلَة أَيْ تَحْتَسِبَ الْأَجْرَ عِنْد اللَّه وَلَا يَكُونَ لَهَا وَلَاءٌ.
قَوْله : ( فَذَكَرْت ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) فِي رِوَايَة هِشَام " فَسَمِعَ بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَنِي فَأَخْبَرْته " وَفِي رِوَايَة مَالِك عَنْ هِشَام " فَجَاءَتْ مِنْ عِنْدهمْ وَرَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ فَقَالَتْ : إِنِّي عَرَضْت عَلَيْهِمْ فَأَبَوْا , فَسَمِعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَفِي رِوَايَة أَيْمَن الْآتِيَة " فَسَمِعَ بِذَلِكَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ بَلَغَهُ " زَادَ فِي الشُّرُوط مِنْ هَذَا الْوَجْه فَقَالَ : " مَا شَأْن بَرِيرَة " وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَة أَبِي أُسَامَة , وَلِابْنِ خُزَيْمَةَ مِنْ رِوَايَة حَمَّاد بْن سَلَمَة كِلَاهُمَا عَنْ هِشَام " فَجَاءَتْنِي بَرِيرَة وَالنَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِس فَقَالَتْ لِي فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَهَا : مَا أَرَادَ أَهْلهَا , فَقُلْت : لَاهَا اللَّه إِذًا , وَرَفَعْت صَوْتِي وَانْتَهَرْتهَا , فَسَمِعَ ذَلِكَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَنِي فَأَخْبَرْته " لَفْظ اِبْن خُزَيْمَةَ.
قَوْله : ( اِبْتَاعِي فَأَعْتِقِي ) هُوَ كَقَوْلِهِ فِي حَدِيث اِبْن عُمَر : " لَا يَمْنَعُك ذَلِكَ " وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ مِنْ الْإِشْكَال الَّذِي وَقَعَ فِي رِوَايَة هِشَام الْآتِيَة فِي الْبَاب الَّذِي يَلِيهِ.
قَوْله : ( وَإِنْ شَرَطَ ) فِي رِوَايَة أَبِي ذَرّ " وَإِنْ اِشْتَرَطَ ".
قَوْله : ( مِائَة مَرَّة ) فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي " مِائَة شَرْط " وَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَة هِشَام وَأَيْمَن , قَالَ النَّوَوِيُّ : مَعْنَى قَوْله : " وَلَوْ اِشْتَرَطَ مِائَة شَرْط " أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ مِائَة مَرَّة تَوْكِيدًا فَهُوَ بَاطِلٌ , وَيُؤَيِّدُهُ قَوْله فِي الرِّوَايَة الْأَخِيرَة : " إِنْ شَرَطَ مِائَة مَرَّة " وَإِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَى التَّأْكِيد لِأَنَّ الْعُمُوم فِي قَوْله : " كُلّ شَرْط " وَفِي قَوْله : " مَنْ اِشْتَرَطَ شَرْطًا " دَالّ عَلَى بُطْلَان جَمِيع الشُّرُوط الْمَذْكُورَة فَلَا حَاجَة إِلَى تَقْيِيدهَا بِالْمِائَةِ فَإِنَّهَا لَوْ زَادَتْ عَلَيْهَا كَانَ الْحُكْم كَذَلِكَ لَمَا دَلَّتْ عَلَيْهَا الصِّيغَة.
نَعَمْ الطَّرِيق الْأَخِيرَة مِنْ رِوَايَة أَيْمَن عَنْ عَائِشَة بِلَفْظِ " فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الْوَلَاء لِمَنْ أَعْتَقَ وَإِنْ اِشْتَرَطُوا مِائَة شَرْط " وَإِنْ اِحْتَمَلَ التَّأْكِيد لَكِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْمُرَاد بِهِ التَّعَدُّد , وَذِكْر الْمِائَة عَلَى سَبِيل الْمُبَالَغَة وَاللَّه أَعْلَم.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : قَوْله : " وَلَوْ كَانَ مِائَة شَرْط " خَرَجَ مَخْرَج التَّكْثِير , يَعْنِي أَنَّ الشُّرُوط الْغَيْر الْمَشْرُوعَة بَاطِلَة وَلَوْ كَثُرَتْ , وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ الشُّرُوط الْمَشْرُوعَة صَحِيحَة وَسَيَأْتِي التَّنْصِيص عَلَى ذَلِكَ فِي كِتَاب الشُّرُوط إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ بَرِيرَةَ جَاءَتْ تَسْتَعِينُهَا فِي كِتَابَتِهَا وَلَمْ تَكُنْ قَضَتْ مِنْ كِتَابَتِهَا شَيْئًا قَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ ارْجِعِي إِلَى أَهْلِكِ فَإِنْ أَحَبُّوا أَنْ أَقْضِيَ عَنْكِ كِتَابَتَكِ وَيَكُونَ وَلَاؤُكِ لِي فَعَلْتُ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ بَرِيرَةُ لِأَهْلِهَا فَأَبَوْا وَقَالُوا إِنْ شَاءَتْ أَنْ تَحْتَسِبَ عَلَيْكِ فَلْتَفْعَلْ وَيَكُونَ وَلَاؤُكِ لَنَا فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْتَاعِي فَأَعْتِقِي فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ قَالَ ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا بَالُ أُنَاسٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَنْ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَلَيْسَ لَهُ وَإِنْ شَرَطَ مِائَةَ مَرَّةٍ شَرْطُ اللَّهِ أَحَقُّ وَأَوْثَقُ
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: أرادت عائشة أم المؤمنين أن تشتري جارية لتعتقها، فقال أهلها: على أن ولاءها لنا، قال رسول الله صلى الله عليه وسل...
عن عائشة رضي الله عنها، قالت: جاءت بريرة، فقالت: إني كاتبت أهلي على تسع أواق في كل عام وقية، فأعينيني، فقالت عائشة: إن أحب أهلك أن أعدها لهم عدة واحد...
عن عمرة بنت عبد الرحمن، أن بريرة جاءت تستعين عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: فقالت لها: إن أحب أهلك أن أصب لهم ثمنك صبة واحدة، فأعتقك، فعلت، فذكرت...
عن أبي أيمن، قال: دخلت على عائشة رضي الله عنها، فقلت: كنت غلاما لعتبة بن أبي لهب ومات وورثني بنوه، وإنهم باعوني من عبد الله بن أبي عمرو بن عمر بن عبد...
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يا نساء المسلمات، لا تحقرن جارة لجارتها، ولو فرسن شاة»
عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت لعروة: ابن أختي «إن كنا لننظر إلى الهلال، ثم الهلال، ثلاثة أهلة في شهرين، وما أوقدت في أبيات رسول الله صلى الله علي...
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لو دعيت إلى ذراع أو كراع لأجبت، ولو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت»
عن سهل رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل إلى امرأة من المهاجرين، وكان لها غلام نجار، قال لها: «مري عبدك فليعمل لنا أعواد المنبر»، فأمرت ع...
عن عبد الله بن أبي قتادة السلمي، عن أبيه رضي الله عنه، قال: كنت يوما جالسا مع رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في منزل، في طريق مكة، ورسول الله...