2566- عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يا نساء المسلمات، لا تحقرن جارة لجارتها، ولو فرسن شاة»
أخرجه مسلم في الزكاة باب الحث على الصدقة ولو بقليل رقم 1030.
(لا تحقرن) لا تستصغرن شيئا تقدمه هبة فتمتنع منها والهبة في اللغة إيصال الشيء لغيره بما ينفعه سواء كان مالا أم غيره يقال وهبة الله مالا حلالا وولدا صالحا وعقلا سليما.
وشرعا هي تمليك المال بلا عوض وفي معناها الهدية مع ملاحظة تكريم الموهوب له.
(فرسن شاة) ما دون الرسغ من يدها وقيل هو عظم قليل اللحم والمقصود المبالغة في الحث على الإهداء ولو في الشيء اليسير وخص النساء بالخطاب لأنهن يغلب عليهن استصغار الشيء اليسير والتباهي بالكثرة وأشباه ذلك
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( عَنْ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَسَقَطَ " عَنْ أَبِيهِ " مِنْ رِوَايَة الْأَصِيلِيّ وَكَرِيمَة , وَضَبَّبَ عَلَيْهِ فِي رِوَايَة النَّسَفِيّ , وَالصَّوَاب إِثْبَاته.
وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ عَنْ مُحَمَّد بْن يَحْيَى , وَأَبُو نُعَيْم مِنْ طَرِيق إِسْمَاعِيل الْقَاضِي , وَأَبُو عَوَانَة عَنْ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ كُلّهمْ عَنْ عَاصِم بْن عَلِيّ شَيْخ الْبُخَارِيّ فِيهِ.
وَمِنْ طَرِيق شَبَابَة وَعُثْمَان بْن عَمْرو بْن الْمُبَارَك عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ , وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ فِي " الْأَدَب الْمُفْرَد " عَنْ آدَم كُلّهمْ عَنْ اِبْن أَبِي ذِئْب كَذَلِكَ , وَكَذَلِكَ رَوَاهُ اللَّيْث عَنْ سَعِيد كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَاب الْأَدَب , وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ مِنْ طَرِيق أَبِي مَعْشَر عَنْ سَعِيد عَنْ أَبِي هُرَيْرَة لَمْ يَقُلْ " عَنْ أَبِيهِ " وَزَادَ فِي أَوَّله " تَهَادَوْا فَإِنَّ الْهَدِيَّة تُذْهِبُ وَحَرَ الصَّدْر " الْحَدِيث , وَقَالَ غَرِيب , وَأَبُو مَعْشَر يُضَعَّف.
وَقَالَ الطَّرْقِيّ إِنَّهُ أَخْطَأَ فِيهِ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ فِيهِ " عَنْ أَبِيهِ " كَذَا قَالَ وَقَدْ تَابَعَهُ مُحَمَّد بْن عَجْلَان عَنْ سَعِيد , وَأَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَة.
نَعَمْ مَنْ زَادَ فِيهِ " عَنْ أَبِيهِ " أَحْفَظ وَأَضْبَط فَرِوَايَتهمْ أَوْلَى.
وَاللَّه أَعْلَم.
قَوْله : ( عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) فِي رِوَايَة عُثْمَان بْن عُمَر " سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول ".
قَوْله : ( يَا نِسَاء الْمُسْلِمَات ) قَالَ عِيَاض : الْأَصَحّ الْأَشْهَر نَصْب النِّسَاء وَجَرّ الْمُسْلِمَات عَلَى الْإِضَافَة , وَهِيَ رِوَايَة الْمَشَارِقَة مِنْ إِضَافَة الشَّيْء إِلَى صِفَته كَمَسْجِدِ الْجَامِع , وَهُوَ عِنْد الْكُوفِيِّينَ عَلَى ظَاهِره , وَعِنْد الْبَصْرِيِّينَ يُقَدِّرُونَ فِيهِ مَحْذُوفًا.
وَقَالَ السُّهَيْلِيّ وَغَيْره : جَاءَ بِرَفْعِ الْهَمْزَة عَلَى أَنَّهُ مُنَادَى مُفْرَد , وَيَجُوزُ فِي الْمُسْلِمَات الرَّفْع صِفَة عَلَى اللَّفْظ عَلَى مَعْنَى يَا أَيُّهَا النِّسَاء الْمُسْلِمَات , وَالنَّصْب صِفَة عَلَى الْمَوْضِع , وَكَسْرَة التَّاء عَلَامَة النَّصْب , وَرُوِيَ بِنَصْبِ الْهَمْزَة عَلَى أَنَّهُ مُنَادَى مُضَاف وَكَسْرَة التَّاء لِلْخَفْضِ بِالْإِضَافَةِ كَقَوْلِهِمْ مَسْجِد الْجَامِع , وَهُوَ مِمَّا أُضِيفَ فِيهِ الْمَوْصُوف إِلَى الصِّفَة فِي اللَّفْظ , فَالْبَصْرِيُّونَ يَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى حَذْف الْمَوْصُوف وَإِقَامَة صِفَته مَقَامه نَحْو يَا نِسَاء الْأَنْفُس الْمُسْلِمَات أَوْ يَا نِسَاء الطَّوَائِف الْمُؤْمِنَات أَيْ لَا الْكَافِرَات , وَقِيلَ تَقْدِيره يَا فَاضِلَات الْمُسْلِمَات كَمَا يُقَالُ هَؤُلَاءِ رِجَال الْقَوْم أَيْ أَفَاضِلهمْ , وَالْكُوفِيُّونَ يَدَّعُونَ أَنْ لَا حَذْف فِيهِ وَيَكْتَفُونَ بِاخْتِلَافِ الْأَلْفَاظ فِي الْمُغَايَرَة.
وَقَالَ اِبْن رَشِيد : تَوْجِيهه أَنَّهُ خَاطَبَ نِسَاء بِأَعْيَانِهِنَّ فَأَقْبَلَ بِنِدَائِهِ عَلَيْهِنَّ فَصَحَّتْ الْإِضَافَة عَلَى مَعْنَى الْمَدْح لَهُنَّ , فَالْمَعْنَى يَا خَيْرَات الْمُؤْمِنَات كَمَا يُقَالُ رِجَال الْقَوْم , وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَمْ يَخْصُصْهُنَّ بِهِ لِأَنَّ غَيْرَهُنَّ يُشَارِكُهُنَّ فِي الْحُكْم , وَأُجِيبَ بِأَنَّهُمَا يُشَارِكْنَهُنَّ بِطَرِيقِ الْإِلْحَاق , وَأَنْكَرَ اِبْن عَبْد الْبَرِّ رِوَايَة الْإِضَافَة , وَرَدَّهُ اِبْن السَّيِّد بِأَنَّهَا قَدْ صَحَّتْ نَقْلًا وَسَاعَدَتْهَا اللُّغَة فَلَا مَعْنَى لِلْإِنْكَارِ.
وَقَالَ اِبْن بَطَّال : يُمْكِنُ تَخْرِيج يَا نِسَاء الْمُسْلِمَات عَلَى تَقْدِير بَعِيد وَهُوَ أَنْ يُجْعَلَ نَعْتًا لِشَيْءٍ مَحْذُوفٍ كَأَنَّهُ قَالَ يَا نِسَاء الْأَنْفُس الْمُسْلِمَات , وَالْمُرَاد بِالْأَنْفُسِ الرِّجَال , وَوَجْه بُعْده أَنَّهُ يَصِير مَدْحًا لِلرِّجَالِ وَهُوَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا خَاطَبَ النِّسَاء , قَالَ إِلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْأَنْفُسِ الرِّجَال وَالنِّسَاء مَعًا , وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ , وَتَعَقَّبَهُ اِبْن الْمُنِير.
وَقَدْ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيث عَائِشَة بِلَفْظِ " يَا نِسَاء الْمُؤْمِنِينَ " الْحَدِيث.
قَوْله : ( جَارَة لِجَارَتِهَا ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ , وَلِأَبِي ذَرّ " لِجَارَةٍ " وَالْمُتَعَلِّقُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ هَدِيَّة مُهْدَاة.
قَوْله : ( فِرْسِن ) بِكَسْرِ الْفَاء وَالْمُهْمَلَة بَيْنهمَا رَاء سَاكِنَة وَآخِره نُون هُوَ عَظْم قَلِيل اللَّحْم , وَهُوَ لِلْبَعِيرِ مَوْضِع الْحَافِر لِلْفَرَسِ , وَيُطْلَقُ عَلَى الشَّاة مَجَازًا , وَنُونه زَائِدَة وَقِيلَ أَصْلِيَّة , وَأُشِيرَ بِذَلِكَ إِلَى الْمُبَالَغَة فِي إِهْدَاء الشَّيْء الْيَسِير وَقَبُوله لَا إِلَى حَقِيقَة الْفِرْسِن لِأَنَّهُ لَمْ تَجْرِ الْعَادَة بِإِهْدَائِهِ أَيْ لَا تَمْنَعُ جَارَة مِنْ الْهَدِيَّة لِجَارَتِهَا الْمَوْجُود عِنْدهَا لِاسْتِقْلَالِهِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ تَجُودَ لَهَا بِمَا تَيَسَّرَ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا فَهُوَ خَيْرٌ مِنْ الْعَدَم , وَذِكْر الْفِرْسِن عَلَى سَبِيل الْمُبَالَغَة , وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّهْي إِنَّمَا وَقَعَ لِلْمُهْدَى إِلَيْهَا وَأَنَّهَا لَا تَحْتَقِرُ مَا يُهْدَى إِلَيْهَا وَلَوْ كَانَ قَلِيلًا , وَحَمْلُهُ عَلَى الْأَعَمّ مِنْ ذَلِكَ أَوْلَى.
وَفِي حَدِيث عَائِشَة الْمَذْكُور " يَا نِسَاء الْمُؤْمِنِينَ تَهَادَوْا وَلَوْ فِرْسِن شَاة , فَإِنَّهُ يُنْبِتُ الْمَوَدَّةَ وَيُذْهِبُ الضَّغَائِن " وَفِي الْحَدِيث الْحَضّ عَلَى التَّهَادِي وَلَوْ بِالْيَسِيرِ لِأَنَّ الْكَثِير قَدْ لَا يَتَيَسَّر كُلّ وَقْت , وَإِذَا تَوَاصَلَ الْيَسِير صَارَ كَثِيرًا.
وَفِيهِ اِسْتِحْبَاب الْمَوَدَّة وَإِسْقَاط التَّكَلُّف.
حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَا نِسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ
عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت لعروة: ابن أختي «إن كنا لننظر إلى الهلال، ثم الهلال، ثلاثة أهلة في شهرين، وما أوقدت في أبيات رسول الله صلى الله علي...
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لو دعيت إلى ذراع أو كراع لأجبت، ولو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت»
عن سهل رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل إلى امرأة من المهاجرين، وكان لها غلام نجار، قال لها: «مري عبدك فليعمل لنا أعواد المنبر»، فأمرت ع...
عن عبد الله بن أبي قتادة السلمي، عن أبيه رضي الله عنه، قال: كنت يوما جالسا مع رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في منزل، في طريق مكة، ورسول الله...
عن أنس رضي الله عنه، قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في دارنا هذه فاستسقى، فحلبنا له شاة لنا، ثم شبته من ماء بئرنا هذه، فأعطيته، وأبو بكر عن ي...
عن أنس رضي الله عنه، قال: " أنفجنا أرنبا بمر الظهران، فسعى القوم، فلغبوا، فأدركتها، فأخذتها، فأتيت بها أبا طلحة، فذبحها وبعث بها إلى رسول الله صلى الل...
عن الصعب بن جثامة رضي الله عنهم: أنه أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم حمارا وحشيا وهو بالأبواء، أو بودان، فرد عليه، فلما رأى ما في وجهه، قال: «أما إ...
عن عائشة رضي الله عنها: «أن الناس كانوا يتحرون بهداياهم يوم عائشة، يبتغون بها - أو يبتغون بذلك - مرضاة رسول الله صلى الله عليه وسلم»
عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: «أهدت أم حفيد خالة ابن عباس إلى النبي صلى الله عليه وسلم أقطا وسمنا وأضبا، فأكل النبي صلى الله عليه وسلم من الأقط وال...