3465- عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بينما ثلاثة نفر ممن كان قبلكم يمشون إذ أصابهم مطر فأووا إلى غار فانطبق عليهم فقال بعضهم لبعض إنه والله يا هؤلاء لا ينجيكم إلا الصدق فليدع كل رجل منكم بما يعلم أنه قد صدق فيه فقال واحد منهم: اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي أجير عمل لي على فرق من أرز فذهب وتركه وأني عمدت إلى ذلك الفرق فزرعته فصار من أمره أني اشتريت منه بقرا وأنه أتاني يطلب أجره فقلت اعمد إلى تلك البقر فسقها فقال لي إنما لي عندك فرق من أرز فقلت له اعمد إلى تلك البقر فإنها من ذلك الفرق فساقها فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا فانساحت عنهم الصخرة، فقال الآخر: اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي أبوان شيخان كبيران فكنت آتيهما كل ليلة بلبن غنم لي فأبطأت عليهما ليلة فجئت وقد رقدا وأهلي وعيالي يتضاغون من الجوع فكنت لا أسقيهم حتى يشرب أبواي فكرهت أن أوقظهما وكرهت أن أدعهما فيستكنا لشربتهما فلم أزل أنتظر حتى طلع الفجر فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا فانساحت عنهم الصخرة حتى نظروا إلى السماء، فقال الآخر: اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي ابنة عم من أحب الناس إلي وأني راودتها عن نفسها فأبت إلا أن آتيها بمائة دينار فطلبتها حتى قدرت فأتيتها بها فدفعتها إليها فأمكنتني من نفسها فلما قعدت بين رجليها فقالت اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه فقمت وتركت المائة دينار فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا ففرج الله عنهم فخرجوا.»
(فأووا) التجؤوا ودخلوا.
(فيستكنا) فيضعفا ويهرما لأنه عشاؤهما، وترك العشاء يهرم.
(لشربتهما) بسبب عدم شربهما.
(راودتها عن نفسها) طلبت منها الجماع وفعل الفاحشة.
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( بَيْنَمَا ثَلَاثَة نَفَر مِمَّنْ كَانَ قَبْلكُمْ ) لَمْ أَقِف عَلَى اِسْم وَاحِد مِنْهُمْ , وَفِي حَدِيث عُقْبَة بْن عَامِر عِنْد الطَّبَرَانِيِّ فِي الدُّعَاء أَنَّ ثَلَاثَة نَفَر مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل.
قَوْله : ( يَمْشُونَ ) فِي حَدِيث عُقْبَة وَكَذَا فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة عِنْد اِبْن حِبَّانَ وَالْبَزَّار أَنَّهُمْ خَرَجُوا يَرْتَادُونَ لِأَهْلَيْهِمْ.
قَوْله : ( فَأَوَوْا إِلَى غَار ) يَجُوز قَصْر أَلِف " أَوَوْا " وَمَدّهَا.
وَفِي حَدِيث أَنَس عِنْد أَحْمَد وَأَبِي يَعْلَى وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيُّ " فَدَخَلُوا غَارًا فَسَقَطَ عَلَيْهِمْ حَجَر مُتَجَافٍ حَتَّى مَا يَرَوْنَ مِنْهُ حُصَاصَةً " وَفِي رِوَايَة سَالِم بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر عَنْ أَبِيهِ " حَتَّى أَوَوْا الْمَبِيت إِلَى غَار " كَذَا لِلْمُصَنِّفِ , وَلِمُسْلِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْه " حَتَّى أَوَاهُمْ الْمَبِيت " وَهُوَ أَشْهَر فِي الِاسْتِعْمَال , وَالْمَبِيت فِي هَذِهِ الرِّوَايَة مَنْصُوب عَلَى الْمَفْعُولِيَّة , وَتَوْجِيهه أَنَّ دُخُول الْغَار مِنْ فِعْلهمْ فَحَسُنَ أَنْ يُنْسَب الْإِيوَاء إِلَيْهِمْ.
قَوْله : ( فَانْطَبَقَ عَلَيْهِمْ ) أَيْ بَاب الْغَار , وَفِي رِوَايَة مُوسَى بْن عُقْبَة عَنْ نَافِع فِي الْمُزَارَعَة فَانْحَطَّتْ عَلَى فَم غَارهمْ صَخْرَة مِنْ الْجَبَل فَانْطَبَقَتْ عَلَيْهِمْ وَيَأْتِي فِي الْأَدَب بِلَفْظِ " فَانْطَبَقَتْ عَلَيْهِمْ " وَفِيهِ حَذْف الْمَفْعُول وَالتَّقْدِير نَفْسهَا أَوْ الْمَنْفَذ , وَيُؤَيِّدهُ أَنَّ فِي رِوَايَة سَالِم " فَدَخَلُوهُ فَانْحَدَرَتْ صَخْرَة مِنْ الْجَبَل فَسَدَّتْ عَلَيْهِمْ الْغَار , زَادَ الطَّبَرَانِيُّ فِي حَدِيث النُّعْمَان بْن بَشِير مِنْ وَجْه آخَر " إِذْ وَقَعَ حَجَر مِنْ الْجَبَل مِمَّا يَهْبِط مِنْ خَشْيَة اللَّه حَتَّى سَدَّ فَم الْغَار ".
قَوْله : ( فَلْيَدْعُ كُلّ رَجُل مِنْكُمْ بِمَا يَعْلَم أَنَّهُ قَدْ صَدَقَ فِيهِ ) فِي رِوَايَة مُوسَى بْن عُقْبَة الْمَذْكُورَة " اُنْظُرُوا أَعْمَالًا عَمِلْتُمُوهَا صَالِحَة لِلَّهِ " وَمِثْله لِمُسْلِم , وَفِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيِّ " خَالِصَة اُدْعُوا اللَّه بِهَا " وَمِنْ طَرِيقه فِي الْبُيُوع " اُدْعُوا اللَّه بِأَفْضَل عَمَل عَمِلْتُمُوهُ " وَفِي رِوَايَة سَالِم " إِنَّهُ لَا يُنْجِيكُمْ إِلَّا أَنْ تَدْعُوا اللَّه بِصَالِحِ أَعْمَالكُمْ " وَفِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة وَأَنَس جَمِيعًا " فَقَالَ بَعْضهمْ لِبَعْض عَفَا الْأَثَر وَوَقَعَ الْحَجَر وَلَا يَعْلَم بِمَكَانِكُمْ إِلَّا اللَّه , اُدْعُوا اللَّه بِأَوْثَق أَعْمَالكُمْ " وَفِي حَدِيث عَلِيّ عِنْد الْبَزَّار " تَفَكَّرُوا فِي أَحْسَن أَعْمَالكُمْ فَادْعُوا اللَّه بِهَا لَعَلَّ اللَّه يُفَرِّج عَنْكُمْ ".
وَفِي حَدِيث النُّعْمَان بْن بَشِير " إِنَّكُمْ لَنْ تَجِدُوا شَيْئًا خَيْرًا مِنْ أَنْ يَدْعُو كُلّ اِمْرِئِ مِنْكُمْ بِخَيْرِ عَمَل عَمِلَه قَطُّ ".
قَوْله : ( فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنْ كُنْت تَعْلَم ) كَذَا لِأَبِي ذَرّ وَالنَّسَفِيّ وَأَبِي الْوَقْت لَمْ يَذْكُر الْقَائِل , وَلِلْبَاقِينَ " فَقَالَ وَاحِد مِنْهُمْ ".
قَوْله : ( اللَّهُمَّ إِنْ كُنْت تَعْلَم ) فِيهِ إِشْكَال لِأَنَّ الْمُؤْمِن يَعْلَم قَطْعًا أَنَّ اللَّه يَعْلَم ذَلِكَ , وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ تَرَدَّدَ فِي عَمَله ذَلِكَ هَلْ لَهُ اِعْتِبَار عِنْد اللَّه أَمْ لَا , وَكَأَنَّهُ قَالَ : إِنْ كَانَ عَمَلِي ذَلِكَ مَقْبُولًا فَأَجِبْ دُعَائِي , وَبِهَذَا التَّقْرِير يَظْهَر أَنَّ قَوْله " اللَّهُمَّ " عَلَى بَابهَا فِي النِّدَاء , وَقَدْ تَرَدَّدَ بِمَعْنَى تَحَقَّقَ الْجَوَاب كَمَنْ سَأَلَ آخَر عَنْ شَيْء كَأَنْ يَقُول رَأَيْت زَيْدًا فَيَقُول اللَّهُمَّ نَعَمْ , وَقَدْ تُرَدّ أَيْضًا لِنُدْرَةِ الْمُسْتَثْنَى كَأَنْ يَقُول شَيْئًا ثُمَّ يَسْتَثْنِي مِنْهُ فَيَقُول اللَّهُمَّ إِلَّا إِنْ كَانَ كَذَا.
قَوْله : ( عَلَى فَرَق ) بِفَتْحِ الْفَاء وَالرَّاء بَعْدهَا قَاف وَقَدْ تُسَكَّن الرَّاء.
وَهُوَ مِكْيَال يَسَع ثَلَاثَة آصُع قَوْله : ( مِنْ أُرْز ) فِيهِ سِتّ لُغَات فَتْح الْأَلِف وَضَمّهَا مَعَ ضَمّ الرَّاء وَبِضَمِّ الْأَلِف مَعَ سُكُون الرَّاء وَتَشْدِيد الزَّاي وَتَخْفِيفهَا , وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمُزَارَعَة أَنَّهُ فَرَق ذُرَة , وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ بَيَان الْجَمْع بَيْن الرِّوَايَتَيْنِ , وَيَحْتَمِل أَنَّهُ اِسْتَأْجَرَ أَكْثَر مِنْ وَاحِد , وَكَانَ بَعْضهمْ بِفَرَقِ ذُرَة وَبَعْضهمْ بِفَرَقِ أُرْز.
وَيُؤَيِّد ذَلِكَ أَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَة سَالِم " اِسْتَأْجَرْت أُجَرَاء فَأَعْطَيْتهمْ أَجْرهمْ غَيْر رَجُل وَاحِد تَرَكَ الَّذِي لَهُ وَذَهَبَ " وَفِي حَدِيث النُّعْمَان بْن بَشِير نَحْوه كَمَا سَأَذْكُرُهُ , وَوَقَعَ فِي حَدِيث عَبْد اللَّه بْن أَبِي أَوْفَى عِنْد الطَّبَرَانِيِّ فِي الدُّعَاء " اِسْتَأْجَرْت قَوْمًا كُلّ وَاحِد مِنْهُمْ بِنِصْفِ دِرْهَم , فَلَمَّا فَرَغُوا أَعْطَيْتهمْ أُجُورهمْ , فَقَالَ أَحَدهمْ : وَاَللَّه لَقَدْ عَمِلْت عَمَل اِثْنَيْنِ , وَاَللَّه لَا آخُذ إِلَّا دِرْهَمًا , فَذَهَبَ وَتَرَكَهُ , فَبَذَرْت مِنْ ذَلِكَ النِّصْف دِرْهَم إِلَخْ " وَيُجْمَع بَيْنهمَا بِأَنَّ الْفَرَق الْمَذْكُور كَانَتْ قِيمَته نِصْف دِرْهَم إِذْ ذَاكَ.
قَوْله : ( فَذَهَبَ وَتَرَكَهُ ) فِي رِوَايَة مُوسَى بْن عُقْبَة " فَأَعْطَيْته فَأَبَى ذَاكَ أَنْ يَأْخُذ " وَفِي رِوَايَته فِي الْمُزَارَعَة " فَلَمَّا قَضَى عَمَله قَالَ : أَعْطِنِي حَقِّي , فَعَرَضْت عَلَيْهِ حَقّه فَرَغِبَ عَنْهُ " وَفِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة " فَعَمِلَ لِي نِصْف النَّهَار فَأَعْطَيْته أَجْرًا فَسَخِطَهُ وَلَمْ يَأْخُذهُ " وَوَقَعَ فِي حَدِيث النُّعْمَان بْن بَشِير بَيَان السَّبَب فِي تَرْك الرَّجُل أُجْرَته وَلَفْظه " كَانَ لِي أُجَرَاء يَعْمَلُونَ فَجَاءَنِي عُمَّال فَاسْتَأْجَرْت كُلّ رَجُل مِنْهُمْ بِأَجْر مَعْلُوم , فَجَاءَ رَجُل ذَات يَوْم نِصْف النَّهَار فَاسْتَأْجَرْته بِشَرْطِ أَصْحَابه فَعَمِلَ فِي نِصْف نَهَاره كَمَا عَمِلَ رَجُل مِنْهُمْ فِي نَهَاره كُلّه فَرَأَيْت عَلَيَّ فِي الذِّمَام أَنْ لَا أَنْقُصهُ مِمَّا اِسْتَأْجَرْت بِهِ أَصْحَابه لِمَا جَهِدَ فِي عَمَله , فَقَالَ رَجُل مِنْهُمْ تُعْطِي هَذَا مِثْل مَا أَعْطَيْتنِي ؟ فَقُلْت يَا عَبْد اللَّه لَمْ أَبْخَسك شَيْئًا مِنْ شَرْطك , وَإِنَّمَا هُوَ مَالِي أَحْكُم فِيهِ بِمَا شِئْت , قَالَ فَغَضِبَ وَذَهَبَ وَتَرَكَ أَجْره " وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي حَدِيث أَنَس " فَأَتَانِي يَطْلُب أَجْره وَأَنَا غَضْبَان فَزَبَرْتُهُ فَانْطَلَقَ وَتَرَكَ أَجْره " فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ , وَطَرِيق الْجَمْع أَنَّ الْأَجِير لَمَّا حَسَدَ الَّذِي عَمِلَ نِصْف النَّهَار وَعَاتَبَ الْمُسْتَأْجِر غَضِبَ مِنْهُ وَقَالَ لَهُ : لَمْ أَبْخَسك شَيْئًا إِلَخْ وَزَبَرَهُ فَغَضِبَ الْأَجِير وَذَهَبَ , وَوَقَعَ فِي حَدِيث عَلِيّ " وَتَرَكَ وَاحِد مِنْهُمْ أَجْره وَزَعَمَ أَنَّ أَجْره أَكْثَر مِنْ أُجُور أَصْحَابه ".
قَوْله : ( وَإِنِّي عَمَدْت إِلَى ذَلِكَ الْفَرَق فَزَرَعْته فَصَارَ مِنْ أَمْره أَنِّي اِشْتَرَيْت ) وَفِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيِّ " أَنْ اِشْتَرَيْت " ( مِنْهُ بَقَرًا وَأَنَّهُ أَتَانِي يَطْلُب أَجْره فَقُلْت لَهُ اِعْمَدْ إِلَى تِلْكَ الْبَقَر فَسُقْهَا ) وَفِي رِوَايَة مُوسَى بْن عُقْبَة " فَزَرَعْته حَتَّى اِشْتَرَيْت مِنْهُ بَقَرًا وَرَاعِيهَا " وَفِيهِ فَقَالَ : " أَتَسْتَهْزِئُ بِي ؟ فَقُلْت : لَا " وَفِي رِوَايَة أَبِي ضَمْرَة " فَأَخَذَهَا " وَفِي رِوَايَة سَالِم " فَثَمَّرْت أَجْره حَتَّى كَثُرَتْ مِنْهُ الْأَمْوَال " وَفِيهِ " فَقُلْت لَهُ كُلّ مَا تَرَى مِنْ الْإِبِل وَالْبَقَر وَالْغَنَم وَالرَّقِيق مِنْ أَجْرك " وَفِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيِّ " مِنْ أَجْلك " وَفِيهِ " فَاسْتَاقَهُ فَلَمْ يَتْرُك مِنْهُ شَيْئًا " وَدَلَّتْ هَذِهِ الرِّوَايَة عَلَى أَنَّ قَوْله فِي رِوَايَة نَافِع " اِشْتَرَيْت بَقَرًا " أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ غَيْرهَا وَإِنَّمَا كَانَ الْأَكْثَر الْأَغْلَب الْبَقَر فَلِذَلِكَ اِقْتَصَرَ عَلَيْهَا , وَفِي حَدِيث أَنَس وَأَبِي هُرَيْرَة جَمِيعًا " فَجَمَعْته وَثَمَّرَته حَتَّى كَانَ مِنْهُ كُلّ الْمَال " وَقَالَ فِيهِ : " فَأَعْطَيْته ذَلِكَ كُلّه , وَلَوْ شِئْت لَمْ أُعْطِهِ إِلَّا الْأَجْر الْأَوَّل " وَوَقَعَ فِي حَدِيث عَبْد اللَّه بْن أَبِي أَوْفَى أَنَّهُ دَفَعَ إِلَيْهِ عَشَرَة آلَاف دِرْهَم , وَهُوَ مَحْمُول عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ قِيمَة الْأَشْيَاء الْمَذْكُورَة , وَفِي حَدِيث النُّعْمَان بْن بَشِير " فَبَذَرْته عَلَى حِدَة فَأَضْعَفَ , ثُمَّ بَذَرْته فَأَضْعَفَ , حَتَّى كَثُرَ الطَّعَام " وَفِيهِ : " فَقَالَ أَتَظْلِمُنِي وَتَسْخَر بِي " وَفِي رِوَايَة لَهُ " ثُمَّ مَرَّتْ بِي بَقَر فَاشْتَرَيْت مِنْهَا فَصِيلَة فَبَلَغَتْ مَا شَاءَ اللَّه " وَالْجَمْع بَيْنهمَا مُمْكِن بِأَنْ يَكُون زَرَعَ أَوَّلًا ثُمَّ اِشْتَرَى مِنْ بَعْضه بَقَرَة ثُمَّ نُتِجَتْ.
قَوْله : ( فَإِنْ كُنْت تَعْلَم أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ خَشْيَتك ) وَفِي رِوَايَة مُوسَى بْن عُقْبَة : " اِبْتِغَاء وَجْهك " وَكَذَا فِي رِوَايَة سَالِم , وَالْجَمْع بَيْنهمَا مُمْكِن , وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيث عَلِيّ عِنْد الطَّبَرَانِيِّ " مِنْ مَخَافَتك وَابْتِغَاء مَرْضَاتك " وَفِي حَدِيث النُّعْمَان " رَجَاء رَحْمَتك وَمَخَافَة عَذَابك ".
قَوْله : ( فَفَرِّجْ عَنَّا ) فِي رِوَايَة مُوسَى بْن عُقْبَة " فَافْرُجْ " بِوَصْلِ وَضَمّ الرَّاء مِنْ الثُّلَاثِيّ , وَضَبَطَهُ بَعْضهمْ بِهَمْزَة وَكَسْر الرَّاء مِنْ الرُّبَاعِيّ وَزَادَ فِي رِوَايَته " فَأَفْرِجْ عَنَّا فُرْجَة نَرَى مِنْهَا السَّمَاء " وَفِيهِ تَقْيِيد لِإِطْلَاقِ قَوْله فِي رِوَايَة سَالِم " فَفَرِّجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ " وَقَوْله : " قَالَ فَفُرِّجَ عَنْهُمْ " وَفِي رِوَايَة أَبِي ضَمْرَة " فَفَرَّجَ اللَّه فَرَأَوْا السَّمَاء " وَلِمُسْلِم مِنْ هَذَا الْوَجْه " فَفَرَّجَ اللَّه مِنْهَا فُرْجَة فَرَأَوْا مِنْهَا السَّمَاء ".
قَوْله : ( فَانْسَاخَتْ عَنْهُمْ الصَّخْرَة ) أَيْ اِنْشَقَّتْ , وَأَنْكَرَهُ الْخَطَّابِيُّ لِأَنَّ مَعْنَى انْسَاخَ بِالْمُعْجَمَةِ غَابَ فِي الْأَرْض , وَيُقَال انْصَاخَ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَة بَدَلَ السِّين أَيْ اِنْشَقَّ مِنْ قِبَلِ نَفْسه , قَالَ : وَالصَّوَاب اِنْسَاحَتْ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَة أَيْ اِتَّسَعَتْ وَمِنْهُ سَاحَة الدَّار , قَالَ وَانْصَاحَ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَة بَدَل السِّين أَيْ تَصَدَّعَ , يُقَال ذَلِكَ لِلْبَرْقِ.
قُلْت : الرِّوَايَة بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة صَحِيحَة وَهِيَ بِمَعْنَى اِنْشَقَّتْ , وَإِنْ كَانَ أَصْله بِالصَّادِ فَالصَّاد قَدْ تُقْلَب سِينًا وَلَا سِيَّمَا مَعَ الْخَاء الْمُعْجَمَة كَالصَّخْرِ وَالسَّخْر.
وَوَقَعَ فِي حَدِيث سَالِم " فَانْفَرَجَتْ شَيْئًا لَا يَسْتَطِيعُونَ الْخُرُوج " وَفِي حَدِيث النُّعْمَان بْن بَشِير " فَانْصَدَعَ الْجَبَل حَتَّى رَأَوْا الضَّوْء " وَفِي حَدِيث عَلِيّ " فَانْصَدَعَ الْجَبَل حَتَّى طَمِعُوا فِي الْخُرُوج وَلَمْ يَسْتَطِيعُوا " وَفِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة وَأَنَس فَزَالَ ثُلُث الْحَجَر.
قَوْله : ( فَقَالَ الْآخَر : اللَّهُمَّ إِنْ كُنْت تَعْلَم أَنَّهُ كَانَ لِي ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ , وَلِأَبِي ذَرّ بِحَذْفِ " أَنَّهُ ".
قَوْله : ( أَبَوَانِ ) هُوَ مِنْ التَّغْلِيب وَالْمُرَاد الْأَب وَالْأُمّ , وَصُرِّحَ بِذَلِكَ فِي حَدِيث اِبْن أَبِي أَوْفَى.
قَوْله : ( شَيْخَانِ كَبِيرَانِ ) زَادَ فِي رِوَايَة أَبِي ضَمْرَة عَنْ مُوسَى " وَلِي صِبْيَة صِغَار فَكُنْت أَرْعَى عَلَيْهِمْ " وَفِي حَدِيث عَلِيّ " أَبَوَانِ ضَعِيفَانِ فَقِيرَانِ لَيْسَ لَهُمَا خَادِم وَلَا رَاعٍ وَلَا وَلِيّ غَيْرِي فَكُنْت أَرْعَى لَهُمَا بِالنَّهَارِ وَآوِي إِلَيْهِمَا بِاللَّيْلِ ".
قَوْله : ( فَأَبْطَأْت عَنْهُمَا لَيْلَة ) وَفِي رِوَايَة سَالِم " فَنَأَى بِي طَلَب شَيْء يَوْمًا فَلَمْ أُرِحْ عَلَيْهِمَا حَتَّى نَامَا " وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْح قَوْله : " نَأَى " وَ " الشَّيْء " لَمْ يُفَسَّر مَا هُوَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَة , وَقَدْ بُيِّنَ فِي رِوَايَة مُسْلِم مِنْ طَرِيق أَبِي ضَمْرَة وَلَفْظه " وَإِنِّي نَأَى بِي ذَات يَوْم الشَّجَر " وَالْمُرَاد أَنَّهُ اِسْتَطْرَدَ مَعَ غَنَمه فِي الرَّعْي إِلَى أَنْ بَعُدَ عَنْ مَكَانه زِيَادَة عَلَى الْعَادَة فَلِذَلِكَ أَبْطَأَ , وَفِي حَدِيث عَلِيّ " فَإِنَّ الْكَلَأ تَنَادَى عَلَيَّ " أَيْ تَبَاعَدَ , وَالْكَلَأ الْمَرْعَى.
قَوْله : ( وَأَهْلِي وَعِيَالِي ) قَالَ الدَّاوُدِيُّ : يُرِيد بِذَلِكَ الزَّوْجَة وَالْأَوْلَاد وَالرَّقِيق وَالدَّوَابّ , وَتَعَقَّبَهُ اِبْن التِّين بِأَنَّ الدَّوَابّ لَا مَعْنَى لَهَا هُنَا.
قُلْت : إِنَّمَا قَالَ الدَّاوُدِيُّ ذَلِكَ فِي رِوَايَة سَالِم " وَكُنْت لَا أَغْبِق قَبْلهمَا أَهْلًا وَلَا مَالًا " وَهُوَ مُتَّجَه فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ لَا يُقَدِّم عَلَيْهِمَا أَوْلَاده فَكَذَلِكَ لَا يُقَدِّم عَلَيْهِمَا دَوَابَّهُ مِنْ بَاب الْأَوْلَى.
قَوْله : ( يَتَضَاغَوْنَ ) بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالضُّغَاء بِالْمَدِّ الصِّيَاح بِبُكَاء , وَقَوْله : " مِنْ الْجُوع " أَيْ بِسَبَبِ الْجُوع , وَفِيهِ رَدّ عَلَى مَنْ قَالَ لَعَلَّ الصِّيَاح كَانَ بِسَبَب غَيْر الْجُوع , وَفِي رِوَايَة مُوسَى بْن عُقْبَة " وَالصِّبْيَة يَتَضَاغَوْنَ ".
قَوْله : ( وَكُنْت لَا أَسْقِيهِمْ حَتَّى يَشْرَب أَبَوَايَ , فَكَرِهْت أَنْ أُوقِظهُمَا , وَكَرِهْت أَنْ أَدَعهُمَا فَيَسْتَكِنَّا لِشَرْبَتِهِمَا ) أَمَّا كَرَاهَته لِإِيقَاظِهِمَا فَظَاهِر لِأَنَّ الْإِنْسَان يَكْرَه أَنْ يُوقَظ مِنْ نَوْمه , وَوَقَعَ فِي حَدِيث عَلِيّ " ثُمَّ جَلَسْت عِنْد رُءُوسهمَا بِإِنَائِي كَرَاهِيَة أَنْ أُزَرِّقهُمَا أَوْ أُوذِيهِمَا " وَفِي حَدِيث أَنَس " كَرَاهِيَة أَنْ أَرُدّ وَسَنهمَا " وَفِي حَدِيث اِبْن أَبِي أَوْفَى " وَكَرِهْت أَنْ أُوقِظهُمَا مِنْ نَوْمهمَا فَيَشُقّ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا " وَأَمَّا كَرَاهَته أَنْ يَدَعهُمَا فَقَدْ فَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ : " فَيَسْتَكِنَّا لِشَرْبَتِهِمَا " أَيْ يَضْعُفَا لِأَنَّهُ عَشَاؤُهُمَا وَتَرْكُ الْعَشَاء يُهْرِم , وَقَوْله : " يَسْتَكِنَّا " مِنْ الِاسْتِكَانَة , وَقَوْله : " لِشَرْبَتِهِمَا " أَيْ لِعَدَمِ شَرْبَتهمَا فَيَصِيرَانِ ضَعِيفَيْنِ مِسْكِينَيْنِ وَالْمِسْكِين الَّذِي لَا شَيْء لَهُ.
قَوْله : ( مِنْ أَحَبّ النَّاس إِلَيَّ ) هُوَ مُقَيَّدٌ لِإِطْلَاقِ رِوَايَة سَالِم حَيْثُ قَالَ فِيهَا : " كَانَتْ أَحَبَّ النَّاس إِلَيَّ " وَفِي رِوَايَة مُوسَى بْن عُقْبَة كَأَشَدّ مَا يُحِبّ الرَّجُل النِّسَاء , وَالْكَاف زَائِدَة , أَوْ أَرَادَ تَشْبِيه مَحَبَّته بِأَشَدّ الْمَحَبَّات.
قَوْله : ( رَاوَدْتُهَا عَنْ نَفْسهَا ) أَيْ بِسَبَب نَفْسهَا أَوْ مِنْ جِهَة نَفْسهَا , وَفِي رِوَايَة سَالِم " فَأَرَدْتهَا عَلَى نَفْسهَا " أَيْ لِيَسْتَعْلِيَ عَلَيْهَا.
قَوْله : ( فَأَبَتْ ) فِي رِوَايَة مُوسَى بْن عُقْبَة " فَقَالَتْ لَا يَنَال ذَلِكَ مِنْهَا حَتَّى ".
قَوْله : ( إِلَّا أَنْ آتِيهَا بِمِائَةِ دِينَار ) وَفِي رِوَايَة سَالِم " فَأَعْطَيْتهَا عِشْرِينَ وَمِائَة دِينَار " وَيُحْمَل عَلَى أَنَّهَا طَلَبَتْ مِنْهُ الْمِائَة فَزَادَهَا هُوَ مِنْ قِبَل نَفْسه عِشْرِينَ , أَوْ أَلْغَى غَيْر سَالِم الْكَسْر , وَوَقَعَ فِي حَدِيث النُّعْمَان وَعُقْبَة بْن عَامِر " مِائَة دِينَار " وَأَبْهَمَ ذَلِكَ فِي حَدِيث عَلِيّ وَأَنَس وَأَبِي هُرَيْرَة , وَقَالَ فِي حَدِيث اِبْن أَبِي أَوْفَى " مَالًا ضَخْمًا ".
قَوْله : ( فَلَمَّا قَعَدْت بَيْن رِجْلَيْهَا ) فِي رِوَايَة سَالِم " حَتَّى إِذَا قَدَرْت عَلَيْهَا " زَادَ فِي حَدِيث اِبْن أَبِي أَوْفَى " وَجَلَسْت مِنْهَا مَجْلِس الرَّجُل مِنْ الْمَرْأَة " وَفِي حَدِيث النُّعْمَان بْن بَشِير " فَلَمَّا كَشَفْتهَا " وَبَيَّنَ فِي رِوَايَة سَالِم سَبَب إِجَابَتهَا بَعْد اِمْتِنَاعهَا فَقَالَ : " فَامْتَنَعَتْ مِنِّي حَتَّى أَلَمَّتْ بِهَا سَنَة - أَيْ سَنَة قَحْط - فَجَاءَتْنِي فَأَعْطَيْتهَا " وَيُجْمَع بَيْنه وَبَيْن رِوَايَة نَافِع بِأَنَّهَا اِمْتَنَعَتْ أَوَّلًا عِفَّة وَدَافَعَتْ بِطَلَبِ الْمَال فَلَمَّا اِحْتَاجَتْ أَجَابَتْ.
قَوْله : ( وَلَا تَفُضّ ) بِالْفَاءِ وَالْمُعْجَمَة أَيْ لَا تَكْسِر , وَالْخَاتَم كِنَايَة عَنْ عُذْرَتهَا , وَكَأَنَّهَا كَانَتْ بِكْرًا وَكَنَّتْ عَنْ الْإِفْضَاء بِالْكَسْرِ , وَعَنْ الْفَرْج بِالْخَاتَمِ لِأَنَّ فِي حَدِيث النُّعْمَان مَا يَدُلّ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ بِكْرًا , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة أَبِي ضَمْرَة " وَلَا تَفْتَح الْخَاتَم " وَالْأَلِف وَاللَّام بَدَل مِنْ الضَّمِير أَيْ خَاتَمِي , وَوَقَعَ كَذَلِكَ فِي حَدِيث أَبِي الْعَالِيَة عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عِنْد الطَّبَرَانِيِّ فِي الدُّعَاء بِلَفْظِ " إِنَّهُ لَا يَحِلّ لَك أَنْ تَفُضّ خَاتَمِي إِلَّا بِحَقِّهِ " وَقَوْلهَا " بِحَقِّهِ " أَرَادَتْ بِهِ الْحَلَال , أَيْ لَا أَحِلّ لَك أَنْ تَقْرَبنِي إِلَّا بِتَزْوِيج صَحِيح , وَوَقَعَ فِي حَدِيث عَلِيّ " فَقَالَتْ أُذَكِّرك اللَّه أَنْ تَرْكَب مِنِّي مَا حَرَّمَ اللَّه عَلَيْك قَالَ : فَقُلْت أَنَا أَحَقّ أَنْ أَخَاف رَبِّي " وَفِي حَدِيث النُّعْمَان بْن بَشِير فَلَمَّا أَمْكَنَتْنِي مِنْ نَفْسهَا بَكَتْ , فَقُلْت مَا يُبْكِيك ؟ قَالَتْ : فَعَلْت هَذَا مِنْ الْحَاجَة , فَقُلْت اِنْطَلِقِي " وَفِي رِوَايَة أُخْرَى عَنْ النُّعْمَان أَنَّهَا تَرَدَّدَتْ إِلَيْهِ ثَلَاث مَرَّات تَطْلُب مِنْهُ شَيْئًا مِنْ مَعْرُوفه وَيَأْبَى عَلَيْهَا إِلَّا أَنْ تُمَكِّنهُ مِنْ نَفْسهَا , فَأَجَابَتْ فِي الثَّالِثَة بَعْد أَنْ اِسْتَأْذَنَتْ زَوْجهَا فَأَذِنَ لَهَا وَقَالَ لَهَا أَغْنِي عِيَالك , قَالَ : فَرَجَعَتْ فَنَاشَدَتْنِي بِاَللَّهِ فَأَبَيْت عَلَيْهَا , فَأَسْلَمَتْ إِلَيَّ نَفْسهَا , فَلَمَّا كَشَفْتهَا اِرْتَعَدَتْ مِنْ تَحْتِي , فَقُلْت مَا لَك ؟ قَالَتْ أَخَاف اللَّه رَبّ الْعَالَمِينَ , فَقُلْت خِفْتِيهِ فِي الشِّدَّة وَلَمْ أَخَفْهُ فِي الرَّخَاء فَتَرَكْتهَا , وَفِي حَدِيث اِبْن أَبِي أَوْفَى " فَلَمَّا جَلَسْت مِنْهَا مَجْلِس الرَّجُل مِنْ الْمَرْأَة ذَكَرْت النَّار فَقُمْت عَنْهَا " وَالْجَمْع بَيْن هَذِهِ الرِّوَايَات مُمْكِن , وَالْحَدِيث يُفَسِّر بَعْضه بَعْضًا.
وَفِي هَذَا الْحَدِيث اِسْتِحْبَاب الدُّعَاء فِي الْكَرْب , وَالتَّقَرُّب إِلَى اللَّه تَعَالَى بِذِكْرِ صَالِح الْعَمَل , وَاسْتِنْجَاز وَعْده بِسُؤَالِهِ.
وَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ بَعْض الْفُقَهَاء اِسْتِحْبَاب ذِكْر ذَلِكَ فِي الِاسْتِسْقَاء , وَاسْتَشْكَلَهُ الْمُحِبّ الطَّبَرِيُّ لِمَا فِيهِ مِنْ رُؤْيَة الْعَمَل , وَالِاحْتِقَار عِنْد السُّؤَال فِي الِاسْتِسْقَاء أَوْلَى لِأَنَّهُ مَقَام التَّضَرُّع , وَأَجَابَ عَنْ قِصَّة أَصْحَاب الْغَار بِأَنَّهُمْ لَمْ يَسْتَشْفِعُوا بِأَعْمَالِهِمْ وَإِنَّمَا سَأَلُوا اللَّه إِنْ كَانَتْ أَعْمَالهمْ خَالِصَة وَقُبِلَتْ أَنْ يَجْعَل جَزَاءَهَا الْفَرْج عَنْهُمْ , فَتَضَمَّنَ جَوَابه تَسْلِيم السُّؤَال لَكِنْ بِهَذَا الْقَيْد وَهُوَ حَسَن , وَقَدْ تَعَرَّضَ النَّوَوِيّ لِهَذَا فَقَالَ فِي كِتَاب الْأَذْكَار " بَاب دُعَاء الْإِنْسَان وَتَوَسُّله بِصَالِحِ عَمَله إِلَى اللَّه " وَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيث , وَنَقَلَ عَنْ الْقَاضِي حُسَيْن وَغَيْره اِسْتِحْبَاب ذَلِكَ فِي الِاسْتِسْقَاء ثُمَّ قَالَ : وَقَدْ يُقَال إِنَّ فِيهِ نَوْعًا مِنْ تَرْك الِافْتِقَار الْمُطْلَق , وَلَكِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَثْنَى عَلَيْهِمْ بِفِعْلِهِمْ فَدَلَّ عَلَى تَصْوِيب فِعْلهمْ.
وَقَالَ السُّبْكِيّ الْكَبِير : ظَهَرَ لِي أَنَّ الضَّرُورَة قَدْ تُلْجِئ إِلَى تَعْجِيل جَزَاء بَعْض الْأَعْمَال فِي الدُّنْيَا وَأَنَّ هَذَا مِنْهُ , ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيث رُؤْيَة عَمَل بِالْكُلِّيَّةِ لِقَوْلِ كُلّ مِنْهُمْ " إِنْ كُنْت تَعْلَم أَنِّي فَعَلْت ذَلِكَ اِبْتِغَاء وَجْهك " فَلَمْ يَعْتَقِد أَحَد مِنْهُمْ فِي عَمَله الْإِخْلَاص بَلْ أَحَالَ أَمْره إِلَى اللَّه , فَإِذَا لَمْ يَجْزِمُوا بِالْإِخْلَاصِ فِيهِ مَعَ كَوْنه أَحْسَن أَعْمَالهمْ فَغَيْره أَوْلَى , فَيُسْتَفَاد مِنْهُ أَنَّ الَّذِي يَصْلُح فِي مِثْل هَذَا أَنْ يَعْتَقِد الشَّخْص تَقْصِيره فِي نَفْسه وَيُسِيء الظَّنّ بِهَا وَيَبْحَث عَلَى كُلّ وَاحِد مِنْ عَمَله يَظُنّ أَنَّهُ أَخْلَصَ فِيهِ فَيُفَوِّض أَمْره إِلَى اللَّه وَيُعَلِّق الدُّعَاء عَلَى عِلْم اللَّه بِهِ , فَحِينَئِذٍ يَكُون إِذَا دَعَا رَاجِيًا لِلْإِجَابَةِ خَائِفًا مِنْ الرَّدّ فَإِنْ لَمْ يَغْلِب عَلَى ظَنّه إِخْلَاصه وَلَوْ فِي عَمَل وَاحِد فَلْيَقِفْ عِنْد حَدّه وَيَسْتَحْيِ أَنْ يَسْأَل بِعَمَل لَيْسَ بِخَالِص , قَالَ وَإِنَّمَا قَالُوا : " اُدْعُوا اللَّه بِصَالِحِ أَعْمَالكُمْ " فِي أَوَّل الْأَمْر ثُمَّ عِنْد الدُّعَاء لَمْ يُطْلِقُوا ذَلِكَ وَلَا قَالَ وَاحِد مِنْهُمْ أَدْعُوك بِعَمَلِي , وَإِنَّمَا قَالَ : " إِنْ كُنْت تَعْلَم , ثُمَّ ذَكَرَ عَمَله اِنْتَهَى مُلَخَّصًا.
وَكَأَنَّهُ لَمْ يَقِف عَلَى كَلَام الْمُحِبّ الطَّبَرِيُّ الَّذِي ذَكَرْته فَهُوَ السَّابِق إِلَى التَّنْبِيه عَلَى مَا ذَكَرَهُ , وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَفِيهِ فَضْل الْإِخْلَاص فِي الْعَمَل , وَفَضْل بِرّ الْوَالِدَيْنِ وَخِدْمَتهمَا وَإِيثَارهمَا عَلَى الْوَلَد وَالْأَهْل وَتَحَمُّل الْمَشَقَّة لِأَجْلِهِمَا.
وَقَدْ اُسْتُشْكِلَ تَرْكه أَوْلَاده الصِّغَار يَبْكُونَ مِنْ الْجُوع طُول لَيْلَتهمَا مَعَ قُدْرَته عَلَى تَسْكِين جُوعهمْ فَقِيلَ : كَانَ فِي شَرْعهمْ تَقْدِيم نَفَقَة الْأَصْل عَلَى غَيْرهمْ , وَقِيلَ : يَحْتَمِل أَنَّ بُكَاءَهُمْ لَيْسَ عَنْ الْجُوع , وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا يَرُدّهُ.
وَقِيلَ : لَعَلَّهُمْ كَانُوا يَطْلُبُونَ زِيَادَة عَلَى سَدّ الرَّمَق وَهَذَا أَوْلَى.
وَفِيهِ فَضْل الْعِفَّة وَالِانْكِفَاف عَنْ الْحَرَام مَعَ الْقُدْرَة , وَأَنَّ تَرْك الْمَعْصِيَة يَمْحُو مُقَدِّمَات طَلَبهَا , وَأَنَّ التَّوْبَة تَجُبّ مَا قَبْلهَا.
وَفِيهِ جَوَاز الْإِجَارَة بِالطَّعَامِ الْمَعْلُوم بَيْن الْمُتَآجِرَيْنِ , وَفَضْل أَدَاء الْأَمَانَة , وَإِثْبَات الْكَرَامَة لِلصَّالِحِينَ.
وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى جَوَاز بَيْع الْفُضُولِيّ , وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْث فِيهِ فِي الْبُيُوع.
وَفِيهِ أَنَّ الْمُسْتَوْدَع إِذَا اِتَّجَرَ فِي مَال الْوَدِيعَة كَانَ الرِّبْح لِصَاحِبِ الْوَدِيعَة.
قَالَهُ أَحْمَد , وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : خَالَفَهُ الْأَكْثَر فَقَالُوا : إِذَا تَرَتَّبَ الْمَال فِي ذِمَّة الْوَدِيع وَكَذَا الْمُضَارِب كَأَنْ تَصَرَّفَ فِيهِ بِغَيْرِ مَا أُذِنَ لَهُ فَيَلْزَم ذِمَّته أَنَّهُ إِنْ اِتَّجَرَ فِيهِ كَانَ الرِّبْح لَهُ.
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَة الْغَرَامَة عَلَيْهِ , وَأَمَّا الرِّبْح فَهُوَ لَهُ لَكِنْ يَتَصَدَّق بِهِ.
وَفَصَّلَ الشَّافِعِيّ فَقَالَ : إِنْ اِشْتَرَى فِي ذِمَّته ثُمَّ نَقَدَ الثَّمَن مِنْ مَال الْغَيْر فَالْعَقْد لَهُ وَالرِّبْح لَهُ , وَإِنْ اِشْتَرَى بِالْعَيْنِ فَالرِّبْح لِلْمَالِكِ , وَقَدْ تَقَدَّمَ نَقْل الْخِلَاف فِيهِ فِي الْبُيُوع أَيْضًا.
وَفِيهِ الْإِخْبَار عَمَّا جَرَى لِلْأُمَمِ الْمَاضِيَة لِيَعْتَبِر السَّامِعُونَ بِأَعْمَالِهِمْ فَيَعْمَل بِحَسَنِهَا وَيَتْرُك قَبِيحهَا , وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
( تَنْبِيه ) : لَمْ يُخْرِج الشَّيْخَانِ هَذَا الْحَدِيث إِلَّا مِنْ رِوَايَة اِبْن عُمَر , وَجَاءَ بِإِسْنَاد صَحِيح عَنْ أَنَس أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الدُّعَاء مِنْ وَجْه آخَر حَسَن , وَبِإِسْنَاد حَسَن عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , وَهُوَ فِي صَحِيح اِبْن حِبَّانَ.
وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ وَجْه آخَر عَنْ أَبِي هُرَيْرَة وَعَنْ النُّعْمَان بْن بَشِير مِنْ ثَلَاثَة أَوْجُه حِسَان أَحَدهَا عِنْد أَحْمَد وَالْبَزَّار وَكُلّهَا عِنْد الطَّبَرَانِيِّ , وَعَنْ عَلِيّ وَعُقْبَة بْن عَامِر وَعَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاصِ وَابْن أَبِي أَوْفَى بِأَسَانِيد ضَعِيفَة , وَقَدْ اِسْتَوْعَبَ طُرُقه أَبُو عَوَانَة فِي صَحِيحه وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الدُّعَاء , وَاتَّفَقَتْ الرِّوَايَات كُلّهَا عَلَى أَنَّ الْقِصَص الثَّلَاثَة فِي الْأَجِير وَالْمَرْأَة وَالْأَبَوَيْنِ إِلَّا حَدِيث عُقْبَة بْن عَامِر فَفِيهِ بَدَل الْأَجِير أَنَّ الثَّالِث قَالَ : " كُنْت فِي غَنَم أَرْعَاهَا فَحَضَرَتْ الصَّلَاة فَقُمْت أُصَلِّي فَجَاءَ الذِّئْب فَدَخَلَ الْغَنَم فَكَرِهْت أَنْ أَقْطَع صَلَاتِي فَصَبَرْت حَتَّى فَرَغْت " فَلَوْ كَانَ إِسْنَاده قَوِيًّا لَحُمِلَ عَلَى تَعَدُّد الْقِصَّة , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة الْبَاب مِنْ طَرِيق عُبَيْد اللَّه الْعُمَرِيّ عَنْ نَافِع تَقْدِيم الْأَجِير ثُمَّ الْأَبَوَيْنِ ثُمَّ الْمَرْأَة , وَخَالَفَهُ مُوسَى بْن عُقْبَة مِنْ الْوَجْهَيْنِ فَقَدَّمَ الْأَبَوَيْنِ ثُمَّ الْمَرْأَة ثُمَّ الْأَجِير , وَوَافَقَتْهُ رِوَايَة سَالِم , وَفِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة الْمَرْأَة ثُمَّ الْأَبَوَيْنِ ثُمَّ الْأَجِير , وَفِي حَدِيث أَنَس الْأَبَوَيْنِ ثُمَّ الْأَجِير ثُمَّ الْمَرْأَة , وَفِي حَدِيث النُّعْمَان الْأَجِير ثُمَّ الْمَرْأَة ثُمَّ الْأَبَوَيْنِ , وَفِي حَدِيث عَلِيّ وَابْن أَبِي أَوْفَى مَعًا الْمَرْأَة ثُمَّ الْأَجِير ثُمَّ الْأَبَوَيْنِ وَفِي اِخْتِلَافهمْ دَلَالَة عَلَى أَنَّ الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى عِنْدهمْ سَائِغَة شَائِعَة , وَأَنْ لَا أَثَر لِلتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِير فِي مِثْل ذَلِكَ , وَأَرْجَحهَا فِي نَظَرِي رِوَايَة مُوسَى بْن عُقْبَة لِمُوَافَقَةِ سَالِم لَهَا فَهِيَ أَصَحّ طُرُق هَذَا الْحَدِيث وَهَذَا مِنْ حَيْثُ الْإِسْنَاد , وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى فَيُنْظَر أَيّ الثَّلَاثَة كَانَ أَنْفَع لِأَصْحَابِهِ , وَالَّذِي يَظْهَر أَنَّهُ الثَّالِث لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَمْكَنَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا بِدُعَائِهِ , وَإِلَّا فَالْأَوَّل أَفَادَ إِخْرَاجهمْ مِنْ الظُّلْمَة , وَالثَّانِي أَفَادَ الزِّيَادَة فِي ذَلِكَ وَإِمْكَان التَّوَسُّل إِلَى الْخُرُوج بِأَنْ يَمُرّ مَثَلًا هُنَاكَ مَنْ يُعَالِج لَهُمْ , وَالثَّالِث هُوَ الَّذِي تَهَيَّأَ لَهُمْ الْخُرُوج بِسَبَبِهِ فَهُوَ أَنْفَعهُمْ لَهُمْ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُون عَمَل الثَّالِث أَكْثَر فَضْلًا مِنْ عَمَل الْآخَرَيْنِ.
وَيَظْهَر ذَلِكَ مِنْ الْأَعْمَال الثَّلَاثَة : فَصَاحِب الْأَبَوَيْنِ فَضِيلَته مَقْصُورَة عَلَى نَفْسه لِأَنَّهُ أَفَادَ أَنَّهُ كَانَ بَارًّا بِأَبَوَيْهِ , وَصَاحِب الْأَجِير نَفْعه مُتَعَدٍّ وَأَفَادَ بِأَنَّهُ كَانَ عَظِيم الْأَمَانَة , وَصَاحِب الْمَرْأَة أَفْضَلهمْ لِأَنَّهُ أَفَادَ أَنَّهُ كَانَ فِي قَلْبه خَشْيَة رَبّه , قَدْ شَهِدَ اللَّه لِمَنْ كَانَ كَذَلِكَ بِأَنَّ لَهُ الْجَنَّة حَيْثُ قَالَ : ( وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَام رَبّه وَنَهَى النَّفْس عَنْ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّة هِيَ الْمَأْوَى ) وَقَدْ أَضَافَ هَذَا الرَّجُل إِلَى ذَلِكَ تَرْك الذَّهَب الَّذِي أَعْطَاهُ لِلْمَرْأَةِ فَأَضَافَ إِلَى النَّفْع الْقَاصِر النَّفْع الْمُتَعَدِّي , وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ قَالَ إِنَّهَا كَانَتْ بِنْت عَمّه , فَتَكُون فِيهِ صِلَة رَحِم أَيْضًا , وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي سَنَة قَحْط فَتَكُون الْحَاجَة إِلَى ذَلِكَ أَحْرَى , فَيَتَرَجَّح عَلَى هَذَا رِوَايَة عُبَيْد اللَّه عَنْ نَافِع.
وَقَدْ جَاءَتْ قِصَّة الْمَرْأَة أَيْضًا أَخِيرَة فِي حَدِيث أَنَس.
وَاَللَّه أَعْلَم.
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَيْنَمَا ثَلَاثَةُ نَفَرٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ يَمْشُونَ إِذْ أَصَابَهُمْ مَطَرٌ فَأَوَوْا إِلَى غَارٍ فَانْطَبَقَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ إِنَّهُ وَاللَّهِ يَا هَؤُلَاءِ لَا يُنْجِيكُمْ إِلَّا الصِّدْقُ فَليَدْعُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بِمَا يَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ صَدَقَ فِيهِ فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِي أَجِيرٌ عَمِلَ لِي عَلَى فَرَقٍ مِنْ أَرُزٍّ فَذَهَبَ وَتَرَكَهُ وَأَنِّي عَمَدْتُ إِلَى ذَلِكَ الْفَرَقِ فَزَرَعْتُهُ فَصَارَ مِنْ أَمْرِهِ أَنِّي اشْتَرَيْتُ مِنْهُ بَقَرًا وَأَنَّهُ أَتَانِي يَطْلُبُ أَجْرَهُ فَقُلْتُ لَهُ اعْمِدْ إِلَى تِلْكَ الْبَقَرِ فَسُقْهَا فَقَالَ لِي إِنَّمَا لِي عِنْدَكَ فَرَقٌ مِنْ أَرُزٍّ فَقُلْتُ لَهُ اعْمِدْ إِلَى تِلْكَ الْبَقَرِ فَإِنَّهَا مِنْ ذَلِكَ الْفَرَقِ فَسَاقَهَا فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ خَشْيَتِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا فَانْسَاحَتْ عَنْهُمْ الصَّخْرَةُ فَقَالَ الْآخَرُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ فَكُنْتُ آتِيهِمَا كُلَّ لَيْلَةٍ بِلَبَنِ غَنَمٍ لِي فَأَبْطَأْتُ عَلَيْهِمَا لَيْلَةً فَجِئْتُ وَقَدْ رَقَدَا وَأَهْلِي وَعِيَالِي يَتَضَاغَوْنَ مِنْ الْجُوعِ فَكُنْتُ لَا أَسْقِيهِمْ حَتَّى يَشْرَبَ أَبَوَايَ فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُمَا وَكَرِهْتُ أَنْ أَدَعَهُمَا فَيَسْتَكِنَّا لِشَرْبَتِهِمَا فَلَمْ أَزَلْ أَنْتَظِرُ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ خَشْيَتِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا فَانْسَاحَتْ عَنْهُمْ الصَّخْرَةُ حَتَّى نَظَرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ الْآخَرُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِي ابْنَةُ عَمٍّ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ وَأَنِّي رَاوَدْتُهَا عَنْ نَفْسِهَا فَأَبَتْ إِلَّا أَنْ آتِيَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ فَطَلَبْتُهَا حَتَّى قَدَرْتُ فَأَتَيْتُهَا بِهَا فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهَا فَأَمْكَنَتْنِي مِنْ نَفْسِهَا فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا فَقَالَتْ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تَفُضَّ الْخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ فَقُمْتُ وَتَرَكْتُ الْمِائَةَ دِينَارٍ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ خَشْيَتِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا فَفَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَخَرَجُوا
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «بينا امرأة ترضع ابنها إذ مر بها راكب وهي ترضعه فقالت اللهم لا تمت ابني حتى يكون...
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم «بينما كلب يطيف بركية كاد يقتله العطش إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها فسقته...
عن حميد بن عبد الرحمن أنه «سمع معاوية بن أبي سفيان عام حج على المنبر فتناول قصة من شعر وكانت في يدي حرسي فقال يا أهل المدينة أين علماؤكم سمعت النبي...
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «إنه قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم محدثون وإنه إن كان في أمتي هذه منهم فإنه عمر بن الخطاب....
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «كان في بني إسرائيل رجل قتل تسعة وتسعين إنسانا ثم خرج يسأل فأتى راهبا فسأله فقال له ه...
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال «صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح ثم أقبل على الناس فقال: بينا رجل يسوق بقرة إذ ركبها فضربها فقالت إنا لم نخ...
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم «اشترى رجل من رجل عقارا له فوجد الرجل الذي اشترى العقار في عقاره جرة فيها ذهب فقال له الذي...
عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أنه سمعه يسأل أسامة بن زيد ماذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطاعون فقال أسامة قال رسول الله صلى الل...
عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون فأخبرني أنه عذاب يبعثه الله على من يشاء وأن ال...