3845-
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «إن أول قسامة كانت في الجاهلية لفينا بني هاشم، كان رجل من بني هاشم، استأجره رجل من قريش من فخذ أخرى، فانطلق معه في إبله، فمر رجل به من بني هاشم، قد انقطعت عروة جوالقه، فقال: أغثني بعقال أشد به عروة جوالقي، لا تنفر الإبل، فأعطاه عقالا فشد به عروة جوالقه، فلما نزلوا عقلت الإبل إلا بعيرا واحدا، فقال الذي استأجره: ما شأن هذا البعير لم يعقل من بين الإبل؟ قال: ليس له عقال، قال: فأين عقاله؟ قال: فحذفه بعصا كان فيها أجله، فمر به رجل من أهل اليمن، فقال: أتشهد الموسم؟ قال: ما أشهد، وربما شهدته، قال: هل أنت مبلغ عني رسالة مرة من الدهر؟ قال: نعم، قال: فكنت إذا أنت شهدت الموسم فناد: يا آل قريش، فإذا أجابوك فناد: يا آل بني هاشم، فإن أجابوك، فسل عن أبي طالب فأخبره: أن فلانا قتلني في عقال، ومات المستأجر، فلما قدم الذي استأجره، أتاه أبو طالب، فقال: ما فعل صاحبنا؟ قال: مرض، فأحسنت القيام عليه، فوليت دفنه، قال: قد كان أهل ذاك منك، فمكث حينا، ثم إن الرجل الذي أوصى إليه أن يبلغ عنه وافى الموسم، فقال: يا آل قريش، قالوا: هذه قريش، قال: يا آل بني هاشم؟ قالوا: هذه بنو هاشم، قال: أين أبو طالب؟ قالوا: هذا أبو طالب، قال: أمرني فلان أن أبلغك رسالة، أن فلانا قتله في عقال.
فأتاه أبو طالب فقال له: اختر منا إحدى ثلاث: إن شئت أن تؤدي مائة من الإبل فإنك قتلت صاحبنا، وإن شئت حلف خمسون من قومك أنك لم تقتله، فإن أبيت قتلناك به، فأتى قومه فقالوا: نحلف، فأتته امرأة من بني هاشم، كانت تحت رجل منهم، قد ولدت له، فقالت: يا أبا طالب، أحب أن تجيز ابني هذا برجل من الخمسين، ولا تصبر يمينه حيث تصبر الأيمان، ففعل، فأتاه رجل منهم فقال: يا أبا طالب أردت خمسين رجلا أن يحلفوا مكان مائة من الإبل، يصيب كل رجل بعيران، هذان بعيران، فاقبلهما عني ولا تصبر يميني حيث تصبر الأيمان، فقبلهما وجاء ثمانية وأربعون فحلفوا، قال ابن عباس: فوالذي نفسي بيده، ما حال الحول، ومن الثمانية وأربعين عين تطرف».
(القسامة) هي عند الحنفية: أيمان المتهمين بالقتل على نفي القتل عنهم.
وعند الشافعية: أيمان أولياء المقتول، مقسومة عليهم بحسب استحقاقهم في الإرث.
(رجل من بني هاشم) هو عمرو بن علقمة بن المطلب.
(عروة جوالقه) هو وعاء من جلود وثياب وغيرها، وهو فارسي معرب، وأصله: كواله.
(أغثني) أعني.
(بعقال) بحبل.
(فحذفه) رماه، والحذف رمي الشيء بالأصابع.
(الموسم) موسم الحج.
(تجيز ابني) تأذن له في ترك اليمين.
(تصبر) تحبس، وصبر اليمين أن يلزم المأمور بها ويكره عليها.
(حيث تصبر الأيمان) في المكان الذي يحبس الناس فيه ليحلفوا، وكانوا يحلفون بين الركن أي الحجر الأسود ومقام إبراهيم عليه السلام.
(عين تطرف) تتحرك، وهو كناية عن الحياة، أي لم يبق أحد منهم وماتوا جميعا.
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( حَدَّثَنَا قَطَن ) بِفَتْحِ الْقَاف وَالْمُهْمَلَة ثُمَّ نُون هُوَ اِبْن كَعْب الْقُطَعِيّ بِضَمِّ الْقَاف الْبَصْرِيّ , ثِقَة عِنْدهمْ , وَشَيْخه أَبُو يَزِيد الْمَدَنِيّ بَصْرِيّ أَيْضًا وَيُقَال لَهُ الْمَدِينِيّ بِزِيَادَةِ تَحْتَانِيَّة , وَلَعَلَّ أَصْله كَانَ مِنْ الْمَدِينَة , وَلَكِنْ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ أَحَد مِنْ أَهْل الْمَدِينَة , وَسُئِلَ عَنْهُ مَالِك فَلَمْ يَعْرِفهُ وَلَا يَعْرِف اِسْمه وَقَدْ وَثَّقَهُ اِبْن مَعِين وَغَيْره , وَلَا لَهُ وَلَا لِلرَّاوِي عَنْهُ فِي الْبُخَارِيّ إِلَّا هَذَا الْمَوْضِع.
قَوْله : ( إِنَّ أَوَّل قَسَامَة ) بِفَتْحِ الْقَاف وَتَخْفِيف الْمُهْمَلَة الْيَمِين , وَهِيَ فِي عُرْف الشَّرْع حَلِفٌ مُعَيَّنٌ عِنْد التُّهْمَةِ بِالْقَتْلِ عَلَى الْإِثْبَات أَوْ النَّفْي.
وَقِيلَ : هِيَ مَأْخُوذَة مِنْ قِسْمَة الْأَيْمَان عَلَى الْحَالِفِينَ.
وَسَيَأْتِي بَيَان الِاخْتِلَاف فِي حُكْمهَا فِي كِتَاب الدِّيَات إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
وَقَوْله : ( لَفِينَا بَنِي هَاشِم ) اللَّام لِلتَّأْكِيدِ وَبَنِي هَاشِم مَجْرُور عَلَى الْبَدَل مِنْ الضَّمِير الْمَجْرُور , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون نَصْبًا عَلَى التَّمْيِيز , أَوْ عَلَى النِّدَاء بِحَذْفِ الْأَدَاة.
قَوْله : ( كَانَ رَجُل مِنْ بَنِي هَاشِم ) هُوَ عَمْرو بْن عَلْقَمَة بْن الْمُطَّلِب بْن عَبْد مَنَافٍ , جَزَمَ بِذَلِكَ الزُّبَيْر بْن بَكَّار فِي هَذِهِ الْقِصَّة فَكَأَنَّهُ نَسَبَ هَذِهِ الرِّوَايَة إِلَى بَنِي هَاشِم مَجَازًا لِمَا كَانَ بَيْن بَنِي هَاشِم وَبَنِي الْمُطَّلِب مِنْ الْمَوَدَّة وَالْمُؤَاخَاة وَالْمُنَاصَرَة , وَسَمَّاهُ اِبْن الْكَلْبِيّ عَامِرًا.
قَوْله : ( اِسْتَأْجَرَهُ رَجُل مِنْ قُرَيْش مِنْ فَخِذ أُخْرَى ) كَذَا فِي رِوَايَة الْأَصِيلِيّ وَأَبِي ذَرّ , وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْفَاكِهِيّ مِنْ وَجْه آخَر عَنْ أَبِي مَعْمَر شَيْخ الْبُخَارِيّ فِيهِ.
وَفِي رِوَايَة كَرِيمَة وَغَيْرهَا " اِسْتَأْجَرَ رَجُلًا مِنْ قُرَيْش " وَهُوَ مَقْلُوب , وَالْأَوَّل هُوَ الصَّوَاب.
وَالْفَخِذ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَة وَقَدْ تُسَكَّن.
وَجَزَمَ الزُّبَيْر بْن بَكَّار بِأَنْ اِسْتَأْجَرَ الْمَذْكُور هُوَ خِدَاش - بِمُعْجَمَتَيْنِ وَدَال مُهْمَلَة - اِبْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي قَيْس الْعَامِرِيّ.
قَوْله : ( فَمَرَّ بِهِ ) أَيْ بِالْأَجِيرِ ( رَجُل مِنْ بَنِي هَاشِم ) لَمْ أَقِف عَلَى اِسْمه.
وَقَوْله : ( عُرْوَة جُوَالَقِهِ ) بِضَمِّ الْجِيم وَفَتْح اللَّام الْوِعَاء مِنْ جُلُود وَثِيَاب وَغَيْرهَا , فَارِسِيّ مُعَرَّب , وَأَصْله كَوَالِهِ : وَجَمْعه جَوَالِيق وَحُكِيَ جُوَالِق بِحَذْفِ التَّحْتَانِيَّة , وَالْعِقَال الْحَبْل.
قَوْله : ( فَأَيْنَ عِقَاله ؟ قَالَ فَحَذَفَهُ ) كَذَا فِي النُّسَخ وَفِيهِ حَذْف يَدُلّ عَلَيْهِ سِيَاق الْكَلَام , وَقَدْ بَيَّنَتْهُ رِوَايَةُ الْفَاكِهِيّ " فَقَالَ مَرَّ بِي رَجُل مِنْ بَنِي هَاشِم قَدْ اِنْقَطَعَ عُرْوَة جُوَالَقِهِ , وَاسْتَغَاثَ بِي فَأَعْطَيْته , فَحَذَفَهُ " أَيْ رَمَاهُ.
قَوْله : ( كَانَ فِيهَا أَجَله ) أَيْ أَصَابَ مَقْتَله.
وَقَوْله : " فَمَاتَ " أَيْ أَشْرَفَ عَلَى الْمَوْت , بِدَلِيلِ قَوْله : " فَمَرَّ بِهِ رَجُل مِنْ أَهْل الْيَمَن قَبْل أَنْ يَقْضِي وَلَمْ أَقِف عَلَى اِسْم هَذَا الْمَارّ أَيْضًا.
قَوْله : ( أَتَشْهَدُ الْمَوْسِم ) أَيْ مَوْسِم الْحَجّ.
قَوْله : ( فَكَتَبَ ) بِالْمُثَنَّاةِ ثُمَّ الْمُوَحَّدَة وَلِغَيْرِ أَبِي ذَرّ وَالْأَصِيلِيّ بِضَمِّ الْكَاف وَسُكُون النُّون ثُمَّ الْمُثَنَّاة وَالْأَوَّل أَوْجَه , وَفِي رِوَايَة الزُّبَيْر بْن بَكَّار " فَكَتَبَ إِلَى أَبِي طَالِب يُخْبِرهُ بِذَلِكَ وَمَاتَ مِنْهَا " وَفِي ذَلِكَ يَقُول أَبُو طَالِب : أَفِي فَضْل حَبْل لَا أَبَا لَك ضَرَبَهُ بِمِنْسَأَةٍ , قَدْ جَاءَ حَبْل أَوْ أَحْبُل قَوْله : ( يَا آلَ قُرَيْش ) بِإِثْبَاتِ الْهَمْزَة وَبِحَذْفِهَا عَلَى الِاسْتِغَاثَة.
قَوْله : ( قَتَلَنِي فِي عِقَال ) أَيْ بِسَبَبِ عِقَال.
قَوْله : ( وَمَاتَ الْمُسْتَأْجَر ) بِفَتْحِ الْجِيم أَيْ بَعْد أَنْ أَوْصَى الْيَمَانِيّ بِمَا أَوْصَاهُ بِهِ.
قَوْله : ( فَوَلِيت ) بِكَسْرِ اللَّام , وَفِي رِوَايَة اِبْن الْكَلْبِيّ " فَقَالَ أَصَابَهُ قَدَرُهُ , فَصَدَّقُوهُ وَلَمْ يَظُنُّوا بِهِ غَيْر ذَلِكَ " وَقَوْله : " وَافَى الْمَوْسِم أَيْ أَتَاهُ ".
قَوْله : ( يَا بَنِي هَاشِم ) فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيّ " يَا آلَ بَنِي هَاشِم ".
قَوْله : ( مَنْ أَبُو طَالِب ) فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيّ " أَيْنَ أَبُو طَالِب " زَادَ اِبْن الْكَلْبِيّ " فَأَخْبَرَهُ بِالْقِصَّةِ وَخِدَاش يَطُوف بِالْبَيْتِ لَا يَعْلَم بِمَا كَانَ , فَقَامَ رِجَال مِنْ بَنِي هَاشِم إِلَى خِدَاش فَضَرَبُوهُ وَقَالُوا : قَتَلْت صَاحِبنَا , فَجَحَدَ ".
قَوْله : ( اِخْتَرْ مِنَّا إِحْدَى ثَلَاث ) يَحْتَمِل أَنْ تَكُون هَذِهِ الثَّلَاث كَانَتْ مَعْرُوفَة بَيْنهمْ , وَيَحْتَمِل أَنْ تَكُون شَيْئًا اِخْتَرَعَهُ أَبُو طَالِب.
وَقَالَ اِبْن التِّين : لَمْ يُنْقَل أَنَّهُمْ تَشَاوَرُوا فِي ذَلِكَ وَلَا تَدَافَعُوا فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَعْرِفُونَ الْقَسَامَة قَبْل ذَلِكَ.
كَذَا قَالَ , وَفِيهِ نَظَر ; لِقَوْلِ اِبْن عَبَّاس رَاوِي الْحَدِيث " أَنَّهَا أَوَّل قَسَامَة " وَيُمْكِن أَنْ يَكُون مُرَاد اِبْن عَبَّاس الْوُقُوع وَإِنْ كَانُوا يَعْرِفُونَ الْحُكْم قَبْل ذَلِكَ , وَحَكَى الزُّبَيْر بْن بَكَّار أَنَّهُمْ تَحَاكَمُوا فِي ذَلِكَ إِلَى الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة فَقَضَى أَنْ يَحْلِف خَمْسُونَ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَامِر عِنْد الْبَيْت مَا قَتَلَهُ خِدَاش , وَهَذَا يُشْعِر بِالْأَوَّلِيَّةِ مُطْلَقًا.
قَوْله : ( فَأَتَتْهُ اِمْرَأَة مِنْ بَنِي هَاشِم ) هِيَ زَيْنَب بِنْت عَلْقَمَة أُخْت الْمَقْتُول ( كَانَتْ تَحْت رَجُل مِنْهُمْ ) هُوَ عَبْد الْعُزَّى بْن أَبِي قَيْس الْعَامِرِيّ , وَاسْم وَلَدهَا مِنْهُ حُوَيْطِب بِمُهْمَلَتَيْنِ مُصَغَّر , وَذَكَرَ ذَلِكَ الزُّبَيْر.
وَقَدْ عَاشَ حُوَيْطِب بَعْد هَذَا دَهْرًا طَوِيلًا , وَلَهُ صُحْبَة , وَسَيَأْتِي حَدِيثه فِي كِتَاب الْأَحْكَام.
وَنِسْبَتهَا إِلَى بَنِي هَاشِم مَجَازِيَّة وَالتَّقْدِير كَانَتْ زَوْجًا لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي هَاشِم.
وَيَحْتَمِل قَوْلهَا فَوَلَدَتْ لَهُ وَلَدًا أَيْ غَيْر حُوَيْطِب.
قَوْله : ( أَنْ تُجِيز اِبْنِي ) بِالْجِيمِ وَالزَّاي , أَيْ تَهَبهُ مَا يَلْزَمهُ مِنْ الْيَمِين.
وَقَوْلهَا : ( وَلَا تُصْبِر يَمِينه ) بِالْمُهْمَلَةِ ثُمَّ الْمُوَحَّدَة , أَصْل الصَّبْر الْحَبْس وَالْمَنْع , وَمَعْنَاهُ فِي الْأَيْمَان الْإِلْزَام , تَقُول صَبَّرْته أَيْ أَلْزَمْته أَنْ يَحْلِف بِأَعْظَم الْأَيْمَان حَتَّى لَا يَسْعَهُ أَنْ لَا يَحْلِف.
قَوْله : ( حَيْثُ تُصْبَر الْأَيْمَان ) أَيْ بَيْن الرُّكْن وَالْمَقَام , قَالَهُ اِبْن التِّين.
قَالَ : وَمِنْ هُنَا اِسْتَدَلَّ الشَّافِعِيّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُحْلَف بَيْن الرُّكْن وَالْمَقَام عَلَى أَقَلّ مِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا نِصَاب الزَّكَاة , كَذَا قَالَ , وَلَا أَدْرِي كَيْف يَسْتَقِيم هَذَا الِاسْتِدْلَال , وَلَمْ يَذْكُر أَحَد مِنْ أَصْحَاب الشَّافِعِيّ أَنَّ الشَّافِعِيّ اِسْتَدَلَّ لِذَلِكَ بِهَذِهِ الْقِصَّة.
قَوْله : ( فَأَتَاهُ رَجُل مِنْهُمْ ) لَمْ أَقِف عَلَى اِسْمه وَلَا عَلَى اِسْم أَحَد مِنْ سَائِر الْخَمْسِينَ إِلَّا مَنْ تَقَدَّمَ , وَزَادَ اِبْن الْكَلْبِيّ " ثُمَّ حَلَفُوا عِنْد الرُّكْن أَنَّ خِدَاشًا بَرِيء مِنْ دَم لِلْمَقْتُولِ ".
قَوْله : ( فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ) قَالَ اِبْن التِّين : كَأَنَّ الَّذِي أَخْبَرَ اِبْن عَبَّاس بِذَلِكَ جَمَاعَة اِطْمَأَنَّتْ نَفْسه إِلَى صِدْقهمْ حَتَّى وَسِعَهُ أَنْ يَحْلِف عَلَى ذَلِكَ.
قُلْت : يَعْنِي أَنَّهُ كَانَ حِين الْقَسَامَة لَمْ يُولَد , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الَّذِي أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ هُوَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَهُوَ أَمْكَن فِي دُخُول هَذَا الْحَدِيث فِي الصَّحِيح.
قَوْله : ( فَمَا حَال الْحَوْل ) أَيْ مِنْ يَوْم حَلَفُوا.
قَوْله : ( وَمِنْ الثَّمَانِيَة وَأَرْبَعِينَ ) فِي رِوَايَة أَبِي ذَرّ " وَفِي الثَّمَانِيَة " وَعِنْد الْأَصِيلِيّ " وَالْأَرْبَعِينَ " قَوْله : " عَيْن تَطْرِف " بِكَسْرِ الرَّاء أَيْ تَتَحَرَّك.
زَادَ اِبْن الْكَلْبِيّ " وَصَارَتْ رِبَاع الْجَمِيع لِحُوَيْطِبٍ , فَبِذَلِكَ كَانَ أَكْثَر مَنْ بِمَكَّة رِبَاعًا ".
وَرَوَى الْفَاكِهِيّ مِنْ طَرِيق اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ أَبِيهِ قَالَ : " حَلَفَ نَاس عِنْد الْبَيْت قَسَامَة عَلَى بَاطِل , ثُمَّ خَرَجُوا فَنَزَلُوا تَحْت صَخْرَة فَانْهَدَمَتْ عَلَيْهِمْ " وَمِنْ طَرِيق طَاوُسٍ قَالَ : " كَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة لَا يُصِيبُونَ فِي الْحَرَم شَيْئًا إِلَّا عُجِّلَتْ لَهُمْ عُقُوبَته " وَمِنْ طَرِيق حُوَيْطِب أَنَّ أَمَة فِي الْجَاهِلِيَّة عَاذَتْ بِالْبَيْتِ.
فَجَاءَتْهَا سَيِّدَتهَا فَجَبَذَتْهَا فَشَلَّتْ يَدهَا " وَرَوَيْنَا فِي " كِتَاب مُجَابِي الدَّعْوَة لِابْنِ أَبِي الدُّنْيَا " فِي قِصَّة طَوِيلَة فِي مَعْنَى سُرْعَة الْإِجَابَة بِالْحَرَمِ لِلْمَظْلُومِ فِيمَنْ ظَلَمَهُ قَالَ : " فَقَالَ عُمَر : كَانَ يُفْعَل بِهِمْ ذَلِكَ فِي الْجَاهِلِيَّة لِيَتَنَاهَوْا عَنْ الظُّلْم لِأَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَعْرِفُونَ الْبَعْث , فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام أَخَّرَ الْقِصَاص إِلَى يَوْم الْقِيَامَة " وَرَوَى الْفَاكِهِيّ مِنْ وَجْه آخَر عَنْ طَاوُسٍ قَالَ : " يُوشِك أَنْ لَا يُصِيب أَحَد فِي الْحَرَم شَيْئًا إِلَّا عُجِّلَتْ لَهُ الْعُقُوبَة " فَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ يَكُون فِي آخِر الزَّمَان عِنْد قَبْض الْعِلْم وَتَنَاسِي أَهْل ذَلِكَ الزَّمَان أُمُور الشَّرِيعَة فَيَعُود الْأَمْر غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ , وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَطَنٌ أَبُو الْهَيْثَمِ حَدَّثَنَا أَبُو يَزِيدَ الْمَدَنِيُّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ إِنَّ أَوَّلَ قَسَامَةٍ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَفِينَا بَنِي هَاشِمٍ كَانَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ اسْتَأْجَرَهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ فَخِذٍ أُخْرَى فَانْطَلَقَ مَعَهُ فِي إِبِلِهِ فَمَرَّ رَجُلٌ بِهِ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ قَدْ انْقَطَعَتْ عُرْوَةُ جُوَالِقِهِ فَقَالَ أَغِثْنِي بِعِقَالٍ أَشُدُّ بِهِ عُرْوَةَ جُوَالِقِي لَا تَنْفِرُ الْإِبِلُ فَأَعْطَاهُ عِقَالًا فَشَدَّ بِهِ عُرْوَةَ جُوَالِقِهِ فَلَمَّا نَزَلُوا عُقِلَتْ الْإِبِلُ إِلَّا بَعِيرًا وَاحِدًا فَقَالَ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ مَا شَأْنُ هَذَا الْبَعِيرِ لَمْ يُعْقَلْ مِنْ بَيْنِ الْإِبِلِ قَالَ لَيْسَ لَهُ عِقَالٌ قَالَ فَأَيْنَ عِقَالُهُ قَالَ فَحَذَفَهُ بِعَصًا كَانَ فِيهَا أَجَلُهُ فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَقَالَ أَتَشْهَدُ الْمَوْسِمَ قَالَ مَا أَشْهَدُ وَرُبَّمَا شَهِدْتُهُ قَالَ هَلْ أَنْتَ مُبْلِغٌ عَنِّي رِسَالَةً مَرَّةً مِنْ الدَّهْرِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَكَتَبَ إِذَا أَنْتَ شَهِدْتَ الْمَوْسِمَ فَنَادِ يَا آلَ قُرَيْشٍ فَإِذَا أَجَابُوكَ فَنَادِ يَا آلَ بَنِي هَاشِمٍ فَإِنْ أَجَابُوكَ فَسَلْ عَنْ أَبِي طَالِبٍ فَأَخْبِرْهُ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَنِي فِي عِقَالٍ وَمَاتَ الْمُسْتَأْجَرُ فَلَمَّا قَدِمَ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ أَتَاهُ أَبُو طَالِبٍ فَقَالَ مَا فَعَلَ صَاحِبُنَا قَالَ مَرِضَ فَأَحْسَنْتُ الْقِيَامَ عَلَيْهِ فَوَلِيتُ دَفْنَهُ قَالَ قَدْ كَانَ أَهْلَ ذَاكَ مِنْكَ فَمَكُثَ حِينًا ثُمَّ إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي أَوْصَى إِلَيْهِ أَنْ يُبْلِغَ عَنْهُ وَافَى الْمَوْسِمَ فَقَالَ يَا آلَ قُرَيْشٍ قَالُوا هَذِهِ قُرَيْشٌ قَالَ يَا آلَ بَنِي هَاشِمٍ قَالُوا هَذِهِ بَنُو هَاشِمٍ قَالَ أَيْنَ أَبُو طَالِبٍ قَالُوا هَذَا أَبُو طَالِبٍ قَالَ أَمَرَنِي فُلَانٌ أَنْ أُبْلِغَكَ رِسَالَةً أَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ فِي عِقَالٍ فَأَتَاهُ أَبُو طَالِبٍ فَقَالَ لَهُ اخْتَرْ مِنَّا إِحْدَى ثَلَاثٍ إِنْ شِئْتَ أَنْ تُؤَدِّيَ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ فَإِنَّكَ قَتَلْتَ صَاحِبَنَا وَإِنْ شِئْتَ حَلَفَ خَمْسُونَ مِنْ قَوْمِكَ إِنَّكَ لَمْ تَقْتُلْهُ فَإِنْ أَبَيْتَ قَتَلْنَاكَ بِهِ فَأَتَى قَوْمَهُ فَقَالُوا نَحْلِفُ فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ كَانَتْ تَحْتَ رَجُلٍ مِنْهُمْ قَدْ وَلَدَتْ لَهُ فَقَالَتْ يَا أَبَا طَالِبٍ أُحِبُّ أَنْ تُجِيزَ ابْنِي هَذَا بِرَجُلٍ مِنْ الْخَمْسِينَ وَلَا تُصْبِرْ يَمِينَهُ حَيْثُ تُصْبَرُ الْأَيْمَانُ فَفَعَلَ فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَالَ يَا أَبَا طَالِبٍ أَرَدْتَ خَمْسِينَ رَجُلًا أَنْ يَحْلِفُوا مَكَانَ مِائَةٍ مِنْ الْإِبِلِ يُصِيبُ كُلَّ رَجُلٍ بَعِيرَانِ هَذَانِ بَعِيرَانِ فَاقْبَلْهُمَا عَنِّي وَلَا تُصْبِرْ يَمِينِي حَيْثُ تُصْبَرُ الْأَيْمَانُ فَقَبِلَهُمَا وَجَاءَ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ فَحَلَفُوا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا حَالَ الْحَوْلُ وَمِنْ الثَّمَانِيَةِ وَأَرْبَعِينَ عَيْنٌ تَطْرِفُ
عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان يوم بعاث يوما قدمه الله لرسوله صلى الله عليه وسلم، فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد افترق ملؤهم، وقتلت سرواتهم...
عن ابن عباس رضي الله عنهما يقول: «يا أيها الناس، اسمعوا مني ما أقول لكم، وأسمعوني ما تقولون، ولا تذهبوا فتقولوا: قال ابن عباس، قال ابن عباس، من طاف...
عن عمرو بن ميمون قال: «رأيت في الجاهلية قردة اجتمع عليها قردة، قد زنت، فرجموها، فرجمتها معهم».<br>
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «خلال من خلال الجاهلية: الطعن في الأنساب، والنياحة، ونسي الثالثة، قال سفيان: ويقولون: إنها الاستسقاء بالأنواء».<br>...
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن أربعين، فمكث ثلاث عشرة سنة، ثم أمر بالهجرة، فهاجر إلى المدينة، فمكث به...
عن خباب يقول: «أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة وهو في ظل الكعبة، وقد لقينا من المشركين شدة، فقلت: ألا تدعو الله، فقعد وهو محمر وجهه، فقا...
عن عبد الله رضي الله عنه قال: «قرأ النبي صلى الله عليه وسلم النجم فسجد فما بقي أحد إلا سجد إلا رجل رأيته أخذ كفا من حصا فرفعه فسجد عليه، وقال: هذا يك...
عن عبد الله رضي الله عنه قال: «بينا النبي صلى الله عليه وسلم ساجد، وحوله ناس من قريش، جاء عقبة بن أبي معيط بسلى جزور، فقذفه على ظهر النبي صلى الله ع...
عن سعيد بن جبير قال: «أمرني عبد الرحمن بن أبزى قال: سل ابن عباس، عن هاتين الآيتين ما أمرهما: {ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق} {ومن يقتل مؤم...