4317-
عن أبي إسحاق: «سمع البراء، وسأله رجل من قيس، أفررتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين؟ فقال: لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفر، كانت هوازن رماة، وإنا لما حملنا عليهم انكشفوا، فأكببنا على الغنائم، فاستقبلنا بالسهام، ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته البيضاء، وإن أبا سفيان آخذ بزمامها، وهو يقول:
أنا النبي لا كذب
.» قال إسرائيل وزهير: نزل النبي صلى الله عليه وسلم عن بغلته.
أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: غزوة حنين، رقم ١٧٧٦.
(فأكببنا) وقعنا على الغنائم، لا نلتفت إلى شيء سواها، وكأن وجوهنا مكبوبة عليها.
(بزمامها) هو اللجام الذي نقاد به.
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( قَالَ إِسْرَائِيل وَزُهَيْر : نَزَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَغْلَته ) أَيْ إِنَّ إِسْرَائِيل بْن يُونُس بْن أَبِي إِسْحَاق وَزُهَيْر بْن مُعَاوِيَة الْجُعْفِيَّ رَوَيَا هَذَا الْحَدِيث عَنْ أَبِي إِسْحَاق عَنْ الْبَرَاء فَقَالَا فِي آخِره : " نَزَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَغْلَته " فَأَمَّا رِوَايَة إِسْرَائِيل فَوَصَلَهَا الْمُصَنِّف فِي " بَاب مَنْ قَالَ خُذْهَا وَأَنَا اِبْن فُلَان " مِنْ كِتَاب الْجِهَاد وَلَفْظه " كَانَ أَبُو سُفْيَان بْن الْحَارِث آخِذًا بِعِنَانِ بَغْلَته , فَلَمَّا غَشِيَهُ الْمُشْرِكُونَ نَزَلَ " وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْح ذَلِكَ.
وَأَمَّا رِوَايَة زُهَيْر فَوَصَلَهَا أَيْضًا فِي " بَاب مَنْ صَفّ أَصْحَابه عِنْد الْهَزِيمَة " وَقَدْ ذَكَرْت لَفْظه قَرِيبًا.
وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيث سَلَمَة بْن الْأَكْوَع " لَمَّا غَشُوا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَ عَنْ الْبَغْلَة , ثُمَّ قَبَضَ قَبْضَة مِنْ تُرَاب , ثُمَّ اِسْتَقْبَلَ بِهِ وُجُوههمْ فَقَالَ : شَاهَتْ الْوُجُوه , فَمَا خَلَقَ اللَّه مِنْهُمْ إِنْسَانًا إِلَّا مَلَأ عَيْنَيْهِ تُرَابًا بِتِلْكَ الْقَبْضَة فَوَلُّوا مُنْهَزِمِينَ ".
وَلِأَحْمَد وَأَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيث أَبِي عَبْد الرَّحْمَن الْفِهْرِيّ فِي قِصَّة حُنَيْنٍ قَالَ : " فَوَلَّى الْمُسْلِمُونَ مُدْبِرِينَ كَمَا قَالَ اللَّه تَعَالَى , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيَا عِبَاد اللَّه , أَنَا عَبْد اللَّه وَرَسُوله.
ثُمَّ اِقْتَحَمَ عَنْ فَرَسه فَأَخَذَ كَفًّا مِنْ تُرَاب , قَالَ : فَأَخْبَرَنِي الَّذِي كَانَ أَدْنَى إِلَيْهِ مِنِّي أَنَّهُ ضَرَبَ بِهِ وُجُوههمْ وَقَالَ : شَاهَتْ الْوُجُوه , فَهَزَمَهُمْ " قَالَ يَعْلَى بْن عَطَاء رَاوِيه عَنْ أَبِي هَمَّام عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن الْفِهْرِيّ " قَالَ : فَحَدَّثَنِي أَبْنَاؤُهُمْ عَنْ آبَائِهِمْ أَنَّهُمْ قَالُوا : لَمْ يَبْقَ مِنَّا أَحَد إِلَّا اِمْتَلَأَتْ عَيْنَاهُ وَفَمه تُرَابًا " وَلِأَحْمَد وَالْحَاكِم مِنْ حَدِيث اِبْن مَسْعُود " وَرَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَغْلَته قُدْمًا , فَحَادَتْ بِهِ بَغْلَته فَمَال عَنْ السَّرْج فَقُلْت اِرْتَفِعْ رَفَعَك اللَّه , فَقَالَ : نَاوِلْنِي كَفًّا مِنْ تُرَاب , فَضَرَبَ بِهِ وُجُوههمْ فَامْتَلَأَتْ أَعْيُنهمْ تُرَابًا.
وَجَاءَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار سُيُوفهمْ بِأَيْمَانِهِمْ كَأَنَّهَا الشُّهُب , فَوَلَّى الْمُشْرِكُونَ الْأَدْبَار " وَلِلْبَزَّارِ مِنْ حَدِيث اِبْن عَبَّاس " أَنَّ عَلِيًّا نَاوَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التُّرَاب , فَرَمَى بِهِ فِي وُجُوه الْمُشْرِكِينَ يَوْم حُنَيْنٍ ".
وَيُجْمَع بَيْن هَذِهِ الْأَحَادِيث أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلًا قَالَ لِصَاحِبِهِ : نَاوِلْنِي فَنَاوَلَهُ فَرَمَاهُمْ , ثُمَّ نَزَلَ عَنْ الْبَغْلَة فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَرَمَاهُمْ أَيْضًا.
فَيُحْتَمَل أَنَّ الْحَصَى فِي إِحْدَى الْمَرَّتَيْنِ وَفِي الْأُخْرَى التُّرَاب , وَاَللَّه أَعْلَم.
وَفِي الْحَدِيث مِنْ الْفَوَائِد حُسْن الْأَدَب فِي الْخِطَاب , وَالْإِرْشَاد إِلَى حُسْن السُّؤَال بِحُسْنِ الْجَوَاب.
وَذَمّ الْإِعْجَاب.
وَفِيهِ جَوَاز الِانْتِسَاب إِلَى الْآبَاء وَلَوْ مَاتُوا فِي الْجَاهِلِيَّة , وَالنَّهْي عَنْ ذَلِكَ مَحْمُول عَلَى مَا هُوَ خَارِج الْحَرْب.
وَمِثْله الرُّخْصَة فِي الْخُيَلَاء فِي الْحَرْب دُون غَيْرهَا.
وَجَوَاز التَّعَرُّض إِلَى الْهَلَاك فِي سَبِيل اللَّه , وَلَا يُقَال كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَيَقِّنًا لِلنَّصْرِ لِوَعْدِ اللَّه تَعَالَى لَهُ بِذَلِكَ وَهُوَ حَقّ , لِأَنَّ أَبَا سُفْيَان بْن الْحَارِث قَدْ ثَبَتَ مَعَهُ آخِذًا بِلِجَامِ بَغْلَته وَلَيْسَ هُوَ فِي الْيَقِين مِثْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَدْ اُسْتُشْهِدَ فِي تِلْكَ الْحَالَة أَيْمَن اِبْن أُمّ أَيْمَن كَمَا تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَة إِلَيْهِ فِي شِعْر الْعَبَّاس.
وَفِيهِ رُكُوب الْبَغْلَة إِشَارَة إِلَى مَزِيد الثَّبَات , لِأَنَّ رُكُوب الْفُحُولَة مَظِنَّة الِاسْتِعْدَاد لِلْفِرَارِ وَالتَّوَلِّي , وَإِذَا كَانَ رَأْس الْجَيْش قَدْ وَطَّنَ نَفْسه عَلَى عَدَم الْفِرَار وَأَخَذَ بِأَسْبَابِ ذَلِكَ كَانَ ذَلِكَ أَدْعَى لَأَتْبَاعه عَلَى الثَّبَات.
وَفِيهِ شُهْرَة الرَّئِيس نَفْسه فِي الْحَرْب مُبَالَغَة فِي الشَّجَاعَة وَعَدَم الْمُبَالَاة بِالْعَدُوِّ.
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ سَمِعَ الْبَرَاءَ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ مِنْ قَيْسٍ أَفَرَرْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ فَقَالَ لَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَفِرَّ كَانَتْ هَوَازِنُ رُمَاةً وَإِنَّا لَمَّا حَمَلْنَا عَلَيْهِمْ انْكَشَفُوا فَأَكْبَبْنَا عَلَى الْغَنَائِمِ فَاسْتُقْبِلْنَا بِالسِّهَامِ وَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ وَإِنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ الْحَارِثِ آخِذٌ بِزِمَامِهَا وَهُوَ يَقُولُ أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ قَالَ إِسْرَائِيلُ وَزُهَيْرٌ نَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَغْلَتِهِ
و 4319 -عن مروان والمسور بن مخرمة: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام حين جاءه وفد هوازن مسلمين، فسألوه أن يرد إليهم أموالهم وسبيهم، فقال لهم رسول...
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «لما قفلنا من حنين، سأل عمر النبي صلى الله عليه وسلم عن نذر كان نذره في الجاهلية، اعتكاف، فأمره النبي صلى الله عليه وس...
عن أبي قتادة قال: «خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم عام حنين، فلما التقينا كانت للمسلمين جولة، فرأيت رجلا من المشركين قد علا رجلا من المسلمين، فضرب...
عن أبي موسى رضي الله عنه قال: «لما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من حنين بعث أبا عامر على جيش إلى أوطاس، فلقي دريد بن الصمة، فقتل دريد وهزم الله أصحاب...
عن أم سلمة رضي الله عنها: «دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم وعندي مخنث، فسمعته يقول لعبد الله بن أمية: يا عبد الله، أرأيت إن فتح الله عليكم الطائف غد...
عن عبد الله بن عمرو قال: «لما حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم الطائف، فلم ينل منهم شيئا، قال: إنا قافلون إن شاء الله.<br> فثقل عليهم، وقالوا: نذهب...
و 4327- عن أبي عثمان قال: «سمعت سعدا، وهو أول من رمى بسهم في سبيل الله، وأبا بكرة، وكان تسور حصن الطائف في أناس فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فق...
عن أبي موسى رضي الله عنه قال: «كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم وهو نازل بالجعرانة بين مكة والمدينة، ومعه بلال، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم أعرابي...
عن صفوان بن يعلى بن أمية أخبر: أن يعلى كان يقول: «ليتني أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ينزل عليه، قال فبينا النبي صلى الله عليه وسلم بالجعران...