حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

كان ابن عمر إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتى يفرغ منه - صحيح البخاري

صحيح البخاري | سورة البقرة باب نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم (حديث رقم: 4526 )


4526- عن ‌نافع قال: «كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتى يفرغ منه، فأخذت عليه يوما، فقرأ سورة البقرة، حتى انتهى إلى مكان قال: تدري فيم أنزلت؟ قلت: لا، قال: أنزلت في كذا وكذا، ثم مضى.» 4527- وعن عبد الصمد: حدثني أبي: حدثني أيوب، عن نافع، عن ابن عمر: {فأتوا حرثكم أنى شئتم} قال: يأتيها في.
رواه محمد بن يحيى بن سعيد، عن أبيه، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر.

أخرجه البخاري


(فأخذت عليه يوما) أمسكت المصحف وهو يقرأ عن ظهر قلب.
(إلى مكان) في السورة هو قوله تعالى {نساؤكم حرث.
.
} (وكذا وكذا) أي بيان مكان إتيان النساء.
(مضى) تابع قراءته.
(يأتها في) أي فرجها.
)

شرح حديث (كان ابن عمر إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتى يفرغ منه)

فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

‏ ‏قَوْله : ( حَدَّثَنِي إِسْحَاق ) ‏ ‏هُوَ اِبْن رَاهَوَيْهِ.
‏ ‏قَوْله : ( فَأَخَذْت عَلَيْهِ يَوْمًا ) ‏ ‏أَيْ أَمْسَكْت الْمُصْحَف وَهُوَ يَقْرَأ عَنْ ظَهْر قَلْب , وَجَاءَ ذَلِكَ صَرِيحًا Uفِي رِوَايَة عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر عَنْ نَافِع قَالَ " قَالَ لِي اِبْن عُمَر أَمْسِكْ عَلَيَّ الْمُصْحَف يَا نَافِع , فَقَرَأَ " أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي " غَرَائِب مَالِك ".
‏ ‏قَوْله : ( حَتَّى اِنْتَهَى إِلَى مَكَان قَالَ : تَدْرِي فِيمَا أُنْزِلَتْ ؟ قُلْت : لَا.
قَالَ : أُنْزِلَتْ فِي كَذَا وَكَذَا ثُمَّ مَضَى ) ‏ ‏هَكَذَا أَوْرَدَهُ مُبْهِمًا لِمَكَانِ الْآيَة وَالتَّفْسِير , وَسَأَذْكُرُ مَا فِيهِ بَعْد.
‏ ‏قَوْله : ( وَعَنْ عَبْد الصَّمَد ) ‏ ‏هُوَ مَعْطُوف عَلَى قَوْله " أَخْبَرَنَا النَّضْر بْن شُمَيْلٍ " وَهُوَ عِنْد الْمُصَنِّف أَيْضًا عَنْ إِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ عَنْ عَبْد الصَّمَد وَهُوَ اِبْن عَبْد الْوَارِث بْن سَعِيد , وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو نُعَيْم فِي " الْمُسْتَخْرَج " هَذَا الْحَدِيث مِنْ طَرِيق إِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ عَنْ النَّضْر بْن شُمَيْلٍ بِسَنَدِهِ , وَعَنْ عَبْد الصَّمَد بِسَنَدِهِ.
‏ ‏قَوْله : ( يَأْتِيهَا فِي ) ‏ ‏هَكَذَا وَقَعَ فِي جَمِيع النُّسَخ لَمْ يَذْكُر مَا بَعْد الظَّرْف وَهُوَ الْمَجْرُور , وَوَقَعَ فِي " الْجَمْع بَيْن الصَّحِيحَيْنِ لِلْحُمَيْدِيِّ " يَأْتِيهَا فِي الْفَرْج , وَهُوَ مِنْ عِنْده بِحَسَب مَا فَهِمَهُ.
ثُمَّ وَقَفْت عَلَى سَلَفه فِيهِ وَهُوَ الْبَرْقَانِيُّ فَرَأَيْت فِي نُسْخَة الصَّغَانِيِّ " زَادَ الْبَرْقَانِيُّ يَعْنِي الْفَرْج " وَلَيْسَ مُطَابِقًا لِمَا فِي نَفْس الرِّوَايَة عَنْ اِبْن عُمَر لِمَا سَأَذْكُرُهُ , وَقَدْ قَالَ أَبُو بَكْر بْن الْعَرَبِيّ فِي " سِرَاج الْمُرِيدِينَ " : أَوْرَدَ الْبُخَارِيّ هَذَا الْحَدِيث فِي التَّفْسِير فَقَالَ " يَأْتِيهَا فِي " وَتَرَكَ بَيَاضًا , وَالْمَسْأَلَة مَشْهُورَة صَنَّفَ فِيهَا مُحَمَّد بْن سَحْنُونٍ جُزْءًا , وَصَنَّفَ فِيهَا اِبْن شَعْبَان كِتَابًا , وَبَيَّنَ أَنَّ حَدِيث اِبْن عُمَر فِي إِتْيَان الْمَرْأَة فِي دُبُرهَا.
‏ ‏قَوْله : ( رَوَاهُ مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن سَعِيد ) ‏ ‏أَيْ الْقَطَّانُ ‏ ‏( عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُبَيْد اللَّه عَنْ نَافِع عَنْ اِبْن عُمَر ) ‏ ‏هَكَذَا أَعَادَ الضَّمِير عَلَى الَّذِي قَبْله , وَاَلَّذِي قَبْله قَدْ اِخْتَصَرَهُ كَمَا تَرَى , فَأَمَّا الرِّوَايَة الْأُولَى وَهِيَ رِوَايَة اِبْن عَوْن فَقَدْ أَخْرَجَهَا إِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَده وَفِي تَفْسِيره بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور , وَقَالَ بَدَل قَوْله حَتَّى اِنْتَهَى إِلَى مَكَان " حَتَّى اِنْتَهَى إِلَى قَوْله نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ " فَقَالَ : أَتَدْرُونَ فِيمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَة ؟ قُلْت لَا.
قَالَ : نَزَلَتْ فِي إِتْيَان النِّسَاء فِي أَدْبَارهنَّ.
وَهَكَذَا أَوْرَدَهُ اِبْن جَرِير مِنْ طَرِيق إِسْمَاعِيل بْن عُلَيَّة عَنْ اِبْن عَوْن مِثْله , وَمَنْ طَرِيق إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم الْكَرَابِيسِيِّ عَنْ اِبْن عَوْن نَحْوه , أَخْرَجَهُ أَبُو عُبَيْدَة فِي " فَضَائِل الْقُرْآن " عَنْ مُعَاذ عَنْ اِبْن عَوْن فَأَبْهَمَهُ فَقَالَ فِي كَذَا وَكَذَا.
وَأَمَّا رِوَايَة عَبْد الصَّمَد فَأَخْرَجَهَا اِبْن جَرِير فِي التَّفْسِير عَنْ أَبِي قِلَابَةَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ عَبْد الصَّمَد بْن عَبْد الْوَارِث حَدَّثَنِي أَبِي فَذَكَرَهُ بِلَفْظِ يَأْتِيهَا فِي الدُّبُر , وَهُوَ يُؤَيِّد قَوْل اِبْن الْعَرَبِيّ وَيَرُدّ قَوْل الْحُمَيْدِيِّ.
وَهَذَا الَّذِي اِسْتَعْمَلَهُ الْبُخَارِيّ نَوْع مِنْ أَنْوَاع الْبَدِيع يُسَمَّى الِاكْتِفَاء , وَلَا بُدّ لَهُ مِنْ نُكْتَة يَحْسُن بِسَبَبِهَا اِسْتِعْمَاله.
وَأَمَّا رِوَايَة مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن سَعِيد الْقَطَّانِ فَوَصَلَهَا الطَّبَرَانِيُّ فِي " الْأَوْسَط " مِنْ طَرِيق أَبِي بَكْر الْأَعْيَن عَنْ مُحَمَّد بْن يَحْيَى الْمَذْكُور بِالسَّنَدِ الْمَذْكُور إِلَى اِبْن عُمَر قَالَ " إِنَّمَا نَزَلَتْ عَلَى رَسُول " اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ) رُخْصَة فِي إِتْيَان الدُّبُر , قَالَ الطَّبَرَانِيُّ : لَمْ يَرْوِهِ عَنْ عَبْد اللَّه اِبْن عُمَر إِلَّا يَحْيَى بْن سَعِيد , تَفَرَّدَ بِهِ اِبْنه مُحَمَّد , كَذَا قَالَ , وَلَمْ يَتَفَرَّد بِهِ يَحْيَى اِبْن سَعِيد فَقَدْ رَوَاهُ عَبْد الْعَزِيز الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر أَيْضًا كَمَا سَأَذْكُرُهُ بَعْد , وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيث عَنْ نَافِع أَيْضًا جَمَاعَة غَيْر مَا ذَكَرْنَا وَرِوَايَاتهمْ بِذَلِكَ ثَابِتَة عِنْد اِبْن مَرْدَوْيهِ فِي تَفْسِيره وَفِي " فَوَائِد الْأَصْبَهانِيِّنَ لِأَبِي الشَّيْخ " وَ " تَارِيخ نَيْسَابُور لِلْحَاكِمِ " وَ " غَرَائِب مَالِك لِلدَّارَقُطْنِيِّ " وَغَيْرهَا.
وَقَدْ عَابَ الْإِسْمَاعِيلِيّ صَنِيع الْبُخَارِيّ فَقَالَ : جَمِيع مَا أَخْرَجَ عَنْ اِبْن عُمَر مُبْهَم لَا فَائِدَة فِيهِ , وَقَدْ رَوَيْنَاهُ عَنْ عَبْد الْعَزِيز - يَعْنِي الدَّرَاوَرْدِيَّ - عَنْ مَالِك وَعُبَيْد اللَّه بْن عُمَر وَابْن أَبِي ذِئْب ثَلَاثَتهمْ عَنْ نَافِع بِالتَّفْسِيرِ , وَعَنْ مَالِك مِنْ عِدَّة أَوْجُه ا ه.
كَلَامه.
وَرِوَايَة الدَّرَاوَرْدِيِّ الْمَذْكُورَة قَدْ أَخْرَجَهَا الدَّارَقُطْنِيُّ فِي " غَرَائِب مَالِك " مِنْ طَرِيقه عَنْ الثَّلَاثَة عَنْ نَافِع نَحْو رِوَايَة اِبْن عَوْن عَنْهُ وَلَفْظه " نَزَلَتْ فِي رَجُل مِنْ الْأَنْصَار أَصَابَ اِمْرَأَته فِي دُبُرهَا , فَأَعْظَمَ النَّاس فِي ذَلِكَ فَنَزَلَتْ.
قَالَ فَقُلْت لَهُ مِنْ دُبُرهَا فِي قُبُلهَا , فَقَالَ : لَا إِلَّا فِي دُبُرهَا ".
وَتَابَعَ نَافِعًا فِي ذَلِكَ عَلَى زَيْد بْن أَسْلَمَ عَنْ اِبْن عُمَر وَرِوَايَته عِنْد النَّسَائِيِّ بِإِسْنَادٍ صَحِيح.
وَتَكَلَّمَ الْأَزْدِيُّ فِي بَعْض رُوَاته وَرَدَّ عَلَيْهِ اِبْن عَبْد الْبَرّ فَأَصَابَ قَالَ : وَرِوَايَة اِبْن عُمَر لِهَذَا الْمَعْنَى صَحِيحَة مَشْهُورَة مِنْ رِوَايَة نَافِع عَنْهُ بِغَيْرِ نَكِير أَنْ يَرْوِيهَا عَنْهُ زَيْد بْن أَسْلَمَ.
قُلْت : وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُمَر أَيْضًا اِبْنه عَبْد اللَّه أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا وَسَعِيد بْن يَسَار وَسَالِم بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر عَنْ أَبِيهِ مِثْل مَا قَالَ نَافِع , وَرِوَايَتهمَا عَنْهُ عِنْد النَّسَائِيِّ وَابْن جَرِير وَلَفْظه " عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن الْقَاسِم قُلْت لِمَالِك : إِنَّ نَاسًا يَرْوُونَ عَنْ سَالِم : كَذَبَ الْعَبْد عَلَى أَبِي , فَقَالَ مَالِك : أَشْهَد عَلَى زَيْد بْن رُومَان أَنَّهُ أَخْبَرَنِي عَنْ سَالِم بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر عَنْ أَبِيهِ مِثْل مَا قَالَ نَافِع , فَقُلْت لَهُ : إِنَّ الْحَارِث بْن يَعْقُوب يَرْوِي عَنْ سَعِيد بْن يَسَار عَنْ اِبْن عُمَر أَنَّهُ قَالَ أُفّ , أَوَيَقُول ذَلِكَ مُسْلِم ؟ فَقَالَ مَالِك : أَشْهَد عَلَى رَبِيعَة لَأَخْبَرَنِي عَنْ سَعِيد بْن يَسَار عَنْ اِبْن عُمَر مِثْل مَا قَالَ نَافِع , وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيق عَبْد الرَّحْمَن بْن الْقَاسِم عَنْ مَالِك وَقَالَ : هَذَا مَحْفُوظ عَنْ مَالِك صَحِيح ا ه.
وَرَوَى الْخَطِيب فِي " الرُّوَاة عَنْ مَالِك " مِنْ طَرِيق إِسْرَائِيل بْن رَوْح قَالَ : سَأَلْت مَالِكًا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ : مَا أَنْتُمْ قَوْم عَرَب ؟ هَلْ يَكُون الْحَرْث إِلَّا مَوْضِع الزَّرْع ؟ وَعَلَى هَذِهِ الْقِصَّة اِعْتَمَدَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ الْمَالِكِيَّة , فَلَعَلَّ مَالِكًا رَجَعَ عَنْ قَوْله الْأَوَّل , أَوْ كَانَ يَرَى أَنَّ الْعَمَل عَلَى خِلَاف حَدِيث اِبْن عُمَر فَلَمْ يَعْمَل بِهِ , وَإِنْ كَانَتْ الرِّوَايَة فِيهِ صَحِيحَة عَلَى قَاعِدَته.
وَلَمْ يَنْفَرِد اِبْن عُمَر بِسَبَبِ هَذَا النُّزُول , فَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى وَابْن مَرْدَوْيهِ وَابْن جَرِير وَالطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيق زَيْد بْن أَسْلَمَ عَنْ عَطَاء بْن يَسَار عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ " أَنَّ رَجُلًا أَصَابَ اِمْرَأَته فِي دُبُرهَا , فَأَنْكَرَ النَّاس ذَلِكَ عَلَيْهِ وَقَالُوا : نُعَيِّرهَا , فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ هَذِهِ الْآيَة " وَعَلَّقَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ هِشَام بْن سَعِيد عَنْ زَيْد , وَهَذَا السَّبَب فِي نُزُول هَذِهِ الْآيَة مَشْهُور , وَكَأَنَّ حَدِيث أَبِي سَعِيد لَمْ يَبْلُغ اِبْن عَبَّاس وَبَلَغَهُ حَدِيث اِبْن عُمَر فَوَهَمَهُ فِيهِ , فَرَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيق مُجَاهِد عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : " إِنَّ اِبْن عُمَر وَهَمَ وَاَللَّه يَغْفِر لَهُ , إِنَّمَا كَانَ هَذَا الْحَيّ مِنْ الْأَنْصَار وَهُمْ أَهْل وَثَن مَعَ هَذَا الْحَيّ مِنْ يَهُود وَهُمْ أَهْل كِتَاب فَكَانُوا يَأْخُذُونَ بِكَثِيرٍ مِنْ فِعْلهمْ , وَكَانَ أَهْل الْكِتَاب لَا يَأْتُونَ النِّسَاء إِلَّا عَلَى حَرْف , وَذَلِكَ أَسْتُر مَا تَكُون الْمَرْأَة , فَأَخَذَ ذَلِكَ الْأَنْصَار عَنْهُمْ , وَكَانَ هَذَا الْحَيّ مِنْ قُرَيْش يَتَلَذَّذُونَ بِنِسَائِهِمْ مُقْبِلَات وَمُدْبِرَات وَمُسْتَلْقِيَات , فَتَزَوَّجَ رَجُل مِنْ الْمُهَاجِرِينَ اِمْرَأَة مِنْ الْأَنْصَار فَذَهَبَ يَفْعَل فِيهَا ذَلِكَ فَامْتَنَعَتْ , فَسَرَى أَمْرهمَا حَتَّى بَلَغَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى ( ‏ ‏نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) ‏ ‏مُقْبِلَات وَمُدْبِرَات وَمُسْتَلْقِيَات , فِي الْفَرْج " أَخْرَجَهُ أَحْمَد وَالتِّرْمِذِيّ مِنْ وَجْه آخَر صَحِيح عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ " جَاءَ عُمَر فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه هَلَكْت.
حَوَّلْت رَحْلِي الْبَارِحَة , فَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَة , نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) أَقْبِلْ وَأَدْبِرْ , وَاتَّقِ الدُّبُر وَالْحَيْضَة " وَهَذَا الَّذِي حُمِلَ عَلَيْهِ الْآيَة مُوَافِق لِحَدِيثِ جَابِر الْمَذْكُور فِي الْبَاب فِي سَبَب نُزُول الْآيَة كَمَا سَأَذْكُرُ عِنْد الْكَلَام عَلَيْهِ.
وَرَوَى الرَّبِيع فِي " الْأُمّ " عَنْ الشَّافِعِيّ قَالَ : اِحْتَمَلَتْ الْآيَة مَعْنَيَيْنِ أَحَدهمَا أَنْ تُؤْتَى الْمَرْأَة حَيْثُ شَاءَ زَوْجهَا , لِأَنَّ " أَنَّى " بِمَعْنَى أَيْنَ شِئْتُمْ , وَاحْتَمَلَتْ أَنْ يُرَاد بِالْحَرْثِ مَوْضِع النَّبَات , وَالْمَوْضِع الَّذِي يُرَاد بِهِ الْوَلَد هُوَ الْفَرْج دُون مَا سِوَاهُ , قَالَ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابنَا فِي ذَلِكَ , وَأَحْسِب أَنَّ كُلًّا مِنْ الْفَرِيقَيْنِ تَأَوَّلَ مَا وَصَفْت مِنْ اِحْتِمَال الْآيَة , قَالَ فَطَلَبْنَا الدَّلَالَة فَوَجَدْنَا حَدِيثَيْنِ : أَحَدهمَا ثَابِت وَهُوَ حَدِيث خُزَيْمَةَ بْن ثَابِت فِي التَّحْرِيم , فَقَوَّى عِنْده التَّحْرِيم.
وَرَوَى الْحَاكِم فِي " مَنَاقِب الشَّافِعِيّ " مِنْ طَرِيق اِبْن عَبْد الْحَكَم أَنَّهُ حَكَى عَنْ الشَّافِعِيّ مُنَاظَرَة جَرَتْ بَيْنه وَبَيْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن فِي ذَلِكَ , وَأَنَّ اِبْن الْحَسَن اِحْتَجَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْحَرْث إِنَّمَا يَكُون فِي الْفَرْج , فَقَالَ لَهُ : فَيَكُون مَا سِوَى الْفَرْج مُحَرَّمًا , فَالْتَزَمَهُ.
فَقَالَ أَرَأَيْت لَوْ وَطِئَهَا بَيْن سَاقَهَا أَوْ فِي أَعْكَانِهَا أَفِي ذَلِكَ حَرْث ؟ قَالَ : لَا.
قَالَ أَفَيَحْرُم ؟ قَالَ لَا.
قَالَ : فَكَيْفَ تَحْتَجّ بِمَا لَا تَقُول بِهِ.
قَالَ الْحَاكِم : لَعَلَّ الشَّافِعِيّ كَانَ يَقُول ذَلِكَ فِي الْقَدِيم , وَأَمَّا فِي الْجَدِيد فَصَرَّحَ بِالتَّحْرِيمِ ا ه.
وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون أَلْزَم مُحَمَّدًا بِطَرِيقِ الْمُنَاظَرَة وَإِنْ كَانَ لَا يَقُول بِذَلِكَ , وَإِنَّمَا اِنْتَصَرَ لِأَصْحَابِهِ الْمَدَنِيِّينَ , وَالْحُجَّة عِنْده فِي التَّحْرِيم غَيْر الْمَسْلَك الَّذِي سَلَكَهُ مُحَمَّد كَمَا يُشِير إِلَيْهِ كَلَامه فِي " الْأُمّ ".
وَقَالَ الْمَازِرِيُّ : اِخْتَلَفَ النَّاس فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة وَتَعَلَّقَ مَنْ قَالَ بِالْحِلِّ بِهَذِهِ الْآيَة , وَانْفَصَلَ عَنْهَا مَنْ قَالَ يَحْرُم بِأَنَّهَا نَزَلَتْ بِالسَّبَبِ الْوَارِد فِي حَدِيث جَابِر فِي الرَّدّ عَلَى الْيَهُود , يَعْنِي كَمَا فِي حَدِيث الْبَاب الْآتِي.
قَالَ : وَالْعُمُوم إِذَا خَرَجَ عَلَى سَبَب قَصُرَ عَلَيْهِ عِنْد بَعْض الْأُصُولِيِّينَ , وَعِنْد الْأَكْثَر الْعِبْرَة بِعُمُومِ اللَّفْظ لَا بِخُصُوصِ السَّبَب , وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ تَكُون الْآيَة حُجَّة فِي الْجَوَاز , لَكِنْ وَرَدَتْ أَحَادِيث كَثِيرَة بِالْمَنْعِ فَتَكُون مُخَصِّصَة لِعُمُومِ الْآيَة , وَفِي تَخْصِيص عُمُوم الْقُرْآن بِبَعْضِ خَبَر الْآحَاد خِلَاف ا ه.
وَذَهَبَ جَمَاعَة مِنْ أَئِمَّة الْحَدِيث - كَالْبُخَارِيِّ وَالذُّهْلِيِّ وَالْبَزَّار وَالنَّسَائِيِّ وَأَبِي عَلِيّ النَّيْسَابُورِيّ - إِلَى أَنَّهُ لَا يَثْبُت فِيهِ شَيْء.
قُلْت : لَكِنْ طُرُقهَا كَثِيرَة فَمَجْمُوعهَا صَالِح لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ , وَيُؤَيِّد الْقَوْل بِالتَّحْرِيمِ أَنَّا لَوْ قَدَّمْنَا أَحَادِيث الْإِبَاحَة لَلَزِمَ أَنَّهُ أُبِيحَ بَعْد أَنْ حَرُمَ وَالْأَصْل عَدَمه , فَمِنْ الْأَحَادِيث الصَّالِحَة الْإِسْنَاد حَدِيث خُزَيْمَةَ بْن ثَابِت أَخْرَجَهُ أَحْمَد وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ اِبْن حِبَّانَ , وَحَدِيث أَبِي هُرَيْرَة أَخْرَجَهُ أَحْمَد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَحَّحَهُ اِبْن حِبَّانَ أَيْضًا , وَحَدِيث اِبْن عَبَّاس وَقَدْ تَقَدَّمَتْ إِشَارَة إِلَيْهِ.
وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ مِنْ وَجْه آخَر بِلَفْظِ " لَا يَنْظُر اللَّه إِلَى رَجُل أَتَى رَجُلًا أَوْ اِمْرَأَة فِي الدُّبُر " وَصَحَّحَهُ اِبْن حِبَّانَ أَيْضًا , وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ صَلَحَ أَنْ يُخَصِّص عُمُوم الْآيَة وَيُحْمَل عَلَى الْإِتْيَان فِي غَيْر هَذَا الْمَحَلّ بِنَاء عَلَى أَنَّ مَعْنَى " أَنَّى " حَيْثُ وَهُوَ الْمُتَبَادِر إِلَى السِّيَاق , وَيُغْنِي ذَلِكَ عَنْ حَمْلهَا عَلَى مَعْنًى آخَر غَيْر الْمُتَبَادِر , وَاللَّهُ أَعْلَمُ.


حديث كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتى يفرغ منه فأخذت

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏إِسْحَاقُ ‏ ‏أَخْبَرَنَا ‏ ‏النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ ‏ ‏أَخْبَرَنَا ‏ ‏ابْنُ عَوْنٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏نَافِعٍ ‏ ‏قَالَ كَانَ ‏ ‏ابْنُ عُمَرَ ‏ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ‏ ‏إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ لَمْ يَتَكَلَّمْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ فَأَخَذْتُ عَلَيْهِ يَوْمًا فَقَرَأَ سُورَةَ ‏ ‏الْبَقَرَةِ ‏ ‏حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَكَانٍ قَالَ تَدْرِي فِيمَ أُنْزِلَتْ قُلْتُ لَا قَالَ أُنْزِلَتْ فِي كَذَا وَكَذَا ثُمَّ مَضَى ‏ ‏وَعَنْ ‏ ‏عَبْدِ الصَّمَدِ ‏ ‏حَدَّثَنِي ‏ ‏أَبِي ‏ ‏حَدَّثَنِي ‏ ‏أَيُّوبُ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏نَافِعٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ عُمَرَ ‏ { ‏فَأْتُوا ‏ ‏حَرْثَكُمْ ‏ ‏أَنَّى شِئْتُمْ ‏} ‏قَالَ يَأْتِيهَا فِي ‏ ‏رَوَاهُ ‏ ‏مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِيهِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عُبَيْدِ اللَّهِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏نَافِعٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ عُمَرَ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث صحيح البخاري

كانت اليهود تقول إذا جامعها من ورائها جاء الولد أ...

عن جابر رضي الله عنه قال: «كانت اليهود تقول: إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول، فنزلت: {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم}».<br>

إن أخت معقل بن يسار طلقها زوجها فتركها حتى انقضت...

عن معقل بن يسار قال: كانت لي أخت تخطب إلي.<br> وقال ‌إبراهيم، عن ‌يونس، عن ‌الحسن : حدثني ‌معقل بن يسار .<br> حدثنا ‌أبو معمر: حدثنا ‌عبد الوارث : حدث...

يا ابن أخي لا أغير شيئا منه من مكانه

عن ‌ابن أبي مليكة قال ‌ابن الزبير: «قلت لعثمان بن عفان: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا} قال: قد نسختها الآية الأخرى، فلم تكتبها؟ أو: تدعها؟ قال: يا...

كانت هذه العدة تعتد عند أهل زوجها واجب

عن ‌مجاهد : «{والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا} قال: كانت هذه العدة، تعتد عند أهل زوجها واجب، فأنزل الله: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزو...

أتجعلون عليها التغليظ ولا تجعلون لها الرخصة

عن ‌محمد بن سيرين قال: «جلست إلى مجلس فيه عظم من الأنصار، وفيهم عبد الرحمن بن أبي ليلى، فذكرت حديث عبد الله بن عتبة في شأن سبيعة بنت الحارث، فقال عبد...

حبسونا عن صلاة الوسطى حتى غابت الشمس ملأ الله قبو...

عن ‌علي رضي الله عنه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم الخندق: حبسونا عن صلاة الوسطى حتى غابت الشمس، ملأ الله قبورهم وبيوتهم - أو: أجوافهم شك يحي...

كنا نتكلم في الصلاة يكلم أحدنا أخاه في حاجته

عن ‌زيد بن أرقم قال: «كنا نتكلم في الصلاة، يكلم أحدنا أخاه في حاجته، حتى نزلت هذه الآية: {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين} فأمرنا...

يتقدم الإمام وطائفة من الناس فيصلي بهم الإمام ركع...

عن ‌نافع: «أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: كان إذا سئل عن صلاة الخوف، قال: يتقدم الإمام وطائفة من الناس، فيصلي بهم الإمام ركعة، وتكون طائفة منهم بي...

والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا إلى قوله غير إخرا...

عن ‌ابن أبي مليكة قال: قال ‌ابن الزبير : «قلت لعثمان: هذه الآية التي في البقرة: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا} إلى قوله: {غير إخراج} قد نسختها الأ...