4662-
عن أبي بكرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم، ثلاث متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان».
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( إِنَّ الزَّمَان قَدْ اِسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ ) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي أَوَائِل بَدْء الْخَلْق , وَأَنَّ الْمُرَاد بِالزَّمَانِ السَّنَة.
وَقَوْله " كَهَيْئَتِهِ " أَيْ اِسْتَدَارَ اِسْتِدَارَة مِثْلَ حَالَته.
وَلَفْظ " الزَّمَان " يُطْلَق عَلَى قَلِيل الْوَقْت وَكَثِيره , وَالْمُرَاد بِاسْتِدَارَتِهِ وُقُوع تَاسِع ذِي الْحِجَّة فِي الْوَقْت الَّذِي حَلَّتْ فِيهِ الشَّمْس بُرْج الْحَمَل حَيْثُ يَسْتَوِي اللَّيْل وَالنَّهَار.
وَوَقَعَ فِي حَدِيث اِبْن عُمَر عِنْدَ اِبْن مَرْدَوَيْهِ " أَنَّ الزَّمَان قَدْ اِسْتَدَارَ فَهُوَ الْيَوْمُ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّه السَّمَوَات وَالْأَرْض ".
قَوْله : ( السَّنَة اِثْنَا عَشَرَ شَهْرًا ) أَيْ السَّنَة الْعَرَبِيَّة الْهِلَالِيَّة , وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ فِي سَبَب ذَلِكَ مِنْ طَرِيق حُصَيْنِ بْنِ عَبْد الرَّحْمَن عَنْ أَبِي مَالِك : كَانُوا يَجْعَلُونَ السَّنَة ثَلَاثَة عَشَرَ شَهْرًا وَمِنْ وَجْه آخَر كَانُوا يَجْعَلُونَ السَّنَة اِثَّنَى عَشَرَ شَهْرًا وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا , فَتَدُور الْأَيَّام وَالشُّهُور كَذَلِكَ.
قَوْله : ( ثَلَاث مُتَوَالِيَات ) هُوَ تَفْسِير الْأَرْبَعَة الْحُرُم , قَالَ اِبْن التِّين : الصَّوَاب ثَلَاثَة مُتَوَالِيَة , يَعْنِي لِأَنَّ الْمُمَيَّز الشَّهْر , قَالَ : وَلَعَلَّهُ أَعَادَهُ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ ثَلَاث مُدَد مُتَوَالِيَات , اِنْتَهَى.
أَوْ بِاعْتِبَارِ الْعِدَّة مَعَ أَنَّ الَّذِي لَا يُذْكَر التَّمْيِيز مَعَهُ يَجُوز فِيهِ التَّذْكِير وَالتَّأْنِيث , وَذِكْرهَا مِنْ سَنَتَيْنِ لِمَصْلَحَةِ التَّوَالِي بَيْنَ الثَّلَاثَة , وَإِلَّا فَلَوْ بَدَأَ بِالْمُحَرَّمِ لَفَاتَ مَقْصُود التَّوَالِي.
وَفِيهِ إِشَارَة إِلَى إِبْطَال مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّة مِنْ تَأْخِير بَعْض الْأَشْهُر الْحُرُم , فَقِيلَ : كَانُوا يَجْعَلُونَ الْمُحَرَّم صَفَرًا وَيَجْعَلُونَ صَفَرًا الْمُحَرَّم لِئَلَّا يَتَوَالَى عَلَيْهِمْ ثَلَاثَة أَشْهُر لَا يَتَعَاطَوْنَ فِيهَا الْقِتَال , فَلِذَلِكَ قَالَ " مُتَوَالِيَات " وَكَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة عَلَى أَنْحَاءٍ : مِنْهُمْ مَنْ يُسَمِّي الْمُحَرَّمَ صَفَرًا فَيُحِلّ فِيهِ الْقِتَال , وَيُحَرِّم الْقِتَال فِي صَفَر وَيُسَمِّيه الْمُحَرَّم.
وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَجْعَل ذَلِكَ سَنَة هَكَذَا وَسَنَة هَكَذَا , وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلهُ سَنَتَيْنِ هَكَذَا وَسَنَتَيْنِ هَكَذَا , وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤَخِّر صَفَرًا إِلَى رَبِيع الْأَوَّل وَرَبِيعًا إِلَى مَا يَلِيهِ وَهَكَذَا إِلَى أَنْ يَصِير شَوَّال ذَا الْقَعْدَة وَذُو الْقَعْدَة ذَا الْحِجَّة , ثُمَّ يَعُود الْعَدَد عَلَى الْأَصْل.
قَوْله : ( وَرَجَب عَرُوبَة ) أَضَافَهُ إِلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُتَمَسِّكِينَ بِتَعْظِيمِهِ , بِخِلَافِ غَيْرهمْ فَيُقَال إِنَّ رَبِيعَة كَانُوا يَجْعَلُونَ بَدَلَهُ رَمَضَان , وَكَانَ مِنْ الْعَرَب مَنْ يَجْعَل فِي رَجَب وَشَعْبَان مَا ذُكِرَ فِي الْمُحَرَّم وَصَفَر فَيُحِلُّونَ رَجَبًا وَيُحَرِّمُونَ شَعْبَان , وَوَصَفَهُ بِكَوْنِهِ بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَان تَأْكِيدًا , وَكَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة قَدْ نَسَئُوا بَعْض الْأَشْهُر الْحُرُم أَيْ أَخَّرُوهَا , فَيُحِلُّونَ شَهْرًا حَرَامًا وَيُحَرِّمُونَ مَكَانَهُ آخَر بَدَلَهُ حَتَّى رَفَضَ تَخْصِيص الْأَرْبَعَة بِالتَّحْرِيمِ أَحْيَانًا , وَوَقَعَ تَحْرِيم أَرْبَعَة مُطْلَقَة مِنْ السَّنَة , فَمَعْنَى الْحَدِيث أَنَّ الْأَشْهُر رَجَعَتْ إِلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ وَبَطَلَ النَّسِيء.
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : كَانُوا يُخَالِفُونَ بَيْنَ أَشْهُر السَّنَة بِالتَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيم وَالتَّقْدِيم وَالتَّأْخِير لِأَسْبَابٍ تَعْرِض لَهُمْ , مِنْهَا اِسْتِعْجَال الْحَرْب , فَيَسْتَحِلُّونَ الشَّهْر الْحَرَام ثُمَّ يُحَرِّمُونَ بَدَله شَهْرًا غَيْره فَتَتَحَوَّل فِي ذَلِكَ شُهُور السَّنَة وَتَتَبَدَّل , فَإِذَا أَتَى عَلَى ذَلِكَ عِدَّة مِنْ السِّنِينَ اِسْتَدَارَ الزَّمَان وَعَادَ الْأَمْر إِلَى أَصْله , فَاتَّفَقَ وُقُوع حَجَّة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ.
( تَنْبِيهٌ ) : أَبْدَى بَعْضهمْ لِمَا اِسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْحَال مِنْ تَرْتِيب هَذِهِ الْأَشْهُر الْحُرُم مُنَاسَبَة لَطِيفَة حَاصِلُهَا أَنَّ لِلْأَشْهُرِ الْحُرُم مَزِيَّةً عَلَى مَا عَدَاهَا فَنَاسَبَ أَنْ يُبْدَأَ بِهَا الْعَام وَأَنْ تَتَوَسَّطهُ وَأَنْ تُخْتَمَ بِهِ , وَإِنَّمَا كَانَ الْخَتْم بِشَهْرَيْنِ لِوُقُوعِ الْحَجّ خِتَام الْأَرْكَان الْأَرْبَع لِأَنَّهَا تَشْتَمِل عَلَى عَمَل مَال مَحْض وَهُوَ الزَّكَاة , وَعَمَل بَدَن مَحْض , وَذَلِكَ تَارَة يَكُون بِالْجَوَارِحِ وَهُوَ الصَّلَاة وَتَارَة بِالْقَلْبِ وَهُوَ الصَّوْم , لِأَنَّهُ كَفّ عَنْ الْمُفْطِرَات.
وَتَارَة عَمَل مُرَكَّب مِنْ مَال وَبَدَن وَهُوَ الْحَجّ.
فَلَمَّا جَمَعَهُمَا نَاسَبَ أَنْ يَكُون لَهُ ضِعْف مَا لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا , فَكَانَ لَهُ مِنْ الْأَرْبَعَة الْحُرُم شَهْرَانِ , وَاللَّهُ أَعْلَم.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الزَّمَانَ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ
عن أبي بكر - رضي الله عنه - قال: «كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في الغار، فرأيت آثار المشركين، قلت: يا رسول الله، لو أن أحدهم رفع قدمه رآنا، قا...
عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: «أنه قال حين وقع بينه وبين ابن الزبير: قلت: أبوه الزبير، وأمه أسماء، وخالته عائشة، وجده أبو بكر، وجدته صفية،» فقلت لس...
قال ابن أبي مليكة : وكان بينهما شيء، «فغدوت على ابن عباس، فقلت: أتريد أن تقاتل ابن الزبير، فتحل حرم الله؟ فقال: معاذ الله، إن الله كتب ابن الزبير وبن...
عن عمر بن سعيد قال: أخبرني ابن أبي مليكة : «دخلنا على ابن عباس فقال: ألا تعجبون لابن الزبير، قام في أمره هذا، فقلت: لأحاسبن نفسي له ما حاسبتها لأبي...
عن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال: «بعث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بشيء فقسمه بين أربعة وقال: أتألفهم، فقال رجل: ما عدلت، فقال: يخرج من ضئضئ هذا...
عن أبي مسعود قال: «لما أمرنا بالصدقة كنا نتحامل، فجاء أبو عقيل بنصف صاع، وجاء إنسان بأكثر منه، فقال المنافقون: إن الله لغني عن صدقة هذا، وما فعل هذا...
عن أبي مسعود الأنصاري قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمر بالصدقة، فيحتال أحدنا حتى يجيء بالمد، وإن لأحدهم اليوم مائة ألف.<br> كأنه يعرض...
عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: «لما توفي عبد الله، جاء ابنه عبد الله بن عبد الله إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله أن يعطيه قميصه يكفن...
عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال: «لما مات عبد الله بن أبي ابن سلول، دعي له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلي عليه، فلما قام رسول الله...