4784-
عن زيد بن ثابت قال: «لما نسخنا الصحف في المصاحف، فقدت آية من سورة الأحزاب، كنت أسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرؤها، لم أجدها مع أحد إلا مع خزيمة الأنصاري، الذي جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهادته شهادة رجلين: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه}».
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( أَخْبَرَنِي خَارِجَة بْن زَيْد بْن ثَابِت أَنَّ زَيْد بْن ثَابِت قَالَ : لَمَّا نَسَخْنَا الصُّحُف فِي الْمَصَاحِف ) تَقَدَّمَ فِي آخِر تَفْسِير التَّوْبَة مِنْ وَجْه آخَر عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ عُبَيْد بْن السَّبَّاق عَنْ زَيْد بْن ثَابِت , لَكِنْ فِي تِلْكَ الرِّوَايَة أَنَّ الْآيَة ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُول ) وَفِي هَذِهِ أَنَّ الْآيَة ( مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَال ) فَاَلَّذِي يَظْهَر أَنَّهُمَا حَدِيثَانِ , وَسَيَأْتِي فِي فَضَائِل الْقُرْآن مِنْ طَرِيق إِبْرَاهِيم بْن سَعْد عَنْ الزُّهْرِيّ بِالْحَدِيثَيْنِ مَعًا فِي سِيَاق وَاحِد.
قَوْله : ( فَقَدْت آيَةَ مِنْ سُورَة الْأَحْزَاب كُنْت كَثِيرًا أَسْمَع رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأهَا ) هَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ زَيْدًا لَمْ يَكُنْ يَعْتَمِد فِي جَمْع الْقُرْآن عَلَى عِلْمه , وَلَا يَقْتَصِر عَلَى حِفْظه.
لَكِنْ فِيهِ إِشْكَال لِأَنَّ ظَاهِره أَنَّهُ اِكْتَفَى مَعَ ذَلِكَ بِخُزَيْمَةَ وَحْدَهُ وَالْقُرْآن إِنَّمَا يَثْبُت بِالتَّوَاتُرِ , وَاَلَّذِي يَظْهَر فِي الْجَوَاب أَنَّ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ أَنَّ فَقْدَهُ فَقْدُ وُجُودهَا مَكْتُوبَة , لَا فَقْد وُجُودهَا مَحْفُوظَة , بَلْ كَانَتْ مَحْفُوظَة عِنْدَهُ وَعِنْدَ غَيْره , وَيَدُلّ عَلَى هَذَا قَوْله فِي حَدِيث جَمْع الْقُرْآن " فَأَخَذْت أَتَتَبَّعهُ مِنْ الرِّقَاع وَالْعُسُب " كَمَا سَيَأْتِي مَبْسُوطًا فِي فَضَائِل الْقُرْآن.
وَقَوْله : " خُزَيْمَةَ الْأَنْصَارِيّ الَّذِي جَعَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهَادَته بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ " يُشِير إِلَى قِصَّة خُزَيْمَةَ الْمَذْكُورَة وَهُوَ خُزَيْمَةُ بْن ثَابِت كَمَا سَأُبَيِّنُهُ فِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بْن سَعْد الْآتِيَة.
وَأَمَّا قِصَّته الْمَذْكُورَة فِي الشَّهَادَة فَأَخْرَجَهَا أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ , وَوَقَعَتْ لَنَا بِعُلْوٍ فِي " جُزْء مُحَمَّد بْن يَحْيَى الذُّهْلِيُّ " مِنْ طَرِيق الزُّهْرِيّ أَيْضًا عَنْ عُمَارَة بْن خُزَيْمَةَ عَنْ عَمّه وَكَانَ مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِبْتَاعَ مِنْ أَعْرَابِيّ فَرَسًا , فَاسْتَتْبَعَهُ لِيَقْضِيَهُ ثَمَن الْفَرَس فَأَسْرَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَشْي وَأَبْطَأَ الْأَعْرَابِيّ , فَطَفِقَ رِجَال يَعْتَرِضُونَ الْأَعْرَابِيّ يُسَاوِمُونَهُ فِي الْفَرَس حَتَّى زَادُوهُ عَلَى ثَمَنه - فَذَكَرَ الْحَدِيث - قَالَ : فَطَفِقَ الْأَعْرَابِيّ يَقُول.
هَلُمَّ شَهِيدًا يَشْهَد أَنِّي قَدْ بِعْتُك , فَمَنْ جَاءَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَقُول : وَيْلَك إِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ لِيَقُولَ إِلَّا الْحَقّ , حَتَّى جَاءَ خُزَيْمَةُ بْن ثَابِت فَاسْتَمَعَ الْمُرَاجَعَة فَقَالَ : أَنَا أَشْهَد أَنَّك قَدْ بَايَعْته , فَقَالَ لَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بِمَ تَشْهَد ؟ قَالَ : بِتَصْدِيقِك.
فَجَعَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهَادَة خُزَيْمَةَ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ " وَوَقَعَ لَنَا مِنْ وَجْه آخَر أَنَّ اِسْم هَذَا الْأَعْرَابِيّ سَوَاد بْن الْحَارِث , فَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ وَابْن شَاهِين مِنْ طَرِيق زَيْد بْن الْحُبَابِ " عَنْ مُحَمَّد بْن زُرَارَةَ بْن خُزَيْمَةَ حَدَّثَنِي عُمَارَة بْن خُزَيْمَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِشْتَرَى فَرَسًا مِنْ سَوَاد بْن الْحَارِث فَجَحَدَهُ , فَشَهِدَ لَهُ خُزَيْمَةُ بْن ثَابِت , فَقَالَ لَهُ : بِمَ تَشْهَد وَلَمْ تَكُنْ حَاضِرًا ؟ قَالَ : بِتَصْدِيقِك وَأَنَّك لَا تَقُول إِلَّا حَقًّا.
فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ شَهِدَ لَهُ خُزَيْمَةُ أَوْ عَلَيْهِ فَحَسْبُهُ " قَالَ الْخَطَّابِيُّ : هَذَا الْحَدِيث حَمَلَهُ كَثِير مِنْ النَّاس عَلَى غَيْر مَحْمَله , وَتَذَرَّعَ بِهِ قَوْم مِنْ أَهْل الْبِدَع إِلَى اِسْتِحْلَال الشَّهَادَة لِمَنْ عُرِفَ عِنْدَهُمْ بِالصِّدْقِ عَلَى كُلّ شَيْء اِدَّعَاهُ , وَإِنَّمَا وَجْه الْحَدِيث أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَكَمَ عَلَى الْأَعْرَابِيّ بِعِلْمِهِ وَجَرَتْ شَهَادَة خُزَيْمَةَ مَجْرَى التَّوْكِيد لِقَوْلِهِ وَالِاسْتِظْهَار عَلَى خَصْمه فَصَارَ فِي التَّقْدِير كَشَهَادَةِ الِاثْنَيْنِ فِي غَيْرهَا مِنْ الْقَضَايَا اِنْتَهَى.
وَفِيهِ فَضِيلَة الْفِطْنَة فِي الْأُمُور وَأَنَّهَا تَرْفَع مَنْزِلَة صَاحِبهَا , لِأَنَّ السَّبَب الَّذِي أَبَدَاهُ خُزَيْمَةُ حَاصِل فِي نَفْس الْأَمْر يَعْرِفهُ غَيْره مِنْ الصَّحَابَة , وَإِنَّمَا هُوَ لَمَّا اِخْتَصَّ بِتَفَطُّنِهِ لِمَا غَفَلَ عَنْهُ غَيْره مَعَ وُضُوحه جُوزِيَ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ خُصَّ بِفَضِيلَةِ مَنْ شَهِدَ لَهُ خُزَيْمَةُ أَوْ عَلَيْهِ فَحَسْبُهُ ( تَنْبِيهٌ ) : زَعَمَ اِبْن التِّين أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِخُزَيْمَةَ لَمَّا جَعَلَ شَهَادَته شَهَادَتَيْنِ " لَا تَعُدْ " أَيْ تَشْهَد عَلَى مَا لَمْ تُشَاهِدهُ اِنْتَهَى.
وَهَذِهِ الزِّيَادَة لَمْ أَقِفْ عَلَيْهَا.
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ لَمَّا نَسَخْنَا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ فَقَدْتُ آيَةً مِنْ سُورَةِ الْأَحْزَابِ كُنْتُ كَثِيرًا أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَؤُهَا لَمْ أَجِدْهَا مَعَ أَحَدٍ إِلَّا مَعَ خُزَيْمَةَ الْأَنْصَارِيِّ الَّذِي جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهَادَتَهُ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ { مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ }
عن عائشة - رضي الله عنها -، زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاءها حين أمره الله أن يخير أزواجه، فبدأ بي رسول ال...
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -: «أن هذه الآية: {وتخفي في نفسك ما الله مبديه} نزلت في شأن زينب ابنة جحش وزيد بن حارثة»
عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأقول: أتهب المرأة نفسها؟ فلما أنزل الله تعالى: {...
عن عائشة - رضي الله عنها -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «كان يستأذن في يوم المرأة منا، بعد أن أنزلت هذه الآية: {ترجئ من تشاء منهن وتؤوي إليك...
عن أنس قال: قال عمر - رضي الله عنه -: قلت: «يا رسول الله، يدخل عليك البر والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب، فأنزل الله آية الحجاب».<br>
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «لما تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زينب ابنة جحش دعا القوم فطعموا، ثم جلسوا يتحدثون، وإذا هو كأنه يتهيأ...
عن أبي قلابة: قال أنس بن مالك : «أنا أعلم الناس بهذه الآية آية الحجاب، لما أهديت زينب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت معه في البيت، صنع طع...
عن أنس - رضي الله عنه - قال: «بني على النبي - صلى الله عليه وسلم - بزينب ابنة جحش بخبز ولحم، فأرسلت على الطعام داعيا، فيجيء قوم فيأكلون ويخرجون، ثم ي...
عن أنس - رضي الله عنه - قال: «أولم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين بنى بزينب ابنة جحش، فأشبع الناس خبزا ولحما، ثم خرج إلى حجر أمهات المؤمنين، كم...