4788-
عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأقول: أتهب المرأة نفسها؟ فلما أنزل الله تعالى: {ترجئ من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك} قلت: ما أرى ربك إلا يسارع في هواك».
أخرجه مسلم في الرضاع باب جواز هبتها نوبتها لضرتها رقم 1464
(أغار) المراد هنا أعيب وقد ورد بلفظ (كانت تعير).
(وهبن أنفسهن) عرضن أنفسهن على النبي صلى الله عليه وسلم أن يتزوجهن إذا رغب بدون مهر يطلبنه.
وقيل من هؤلاء الواهبات خولة بنت حكيم وأم شريك وفاطمة بنت شريح وزينب بنت خزيمة وميمونة بنت الحارث وليلى بنت الحطيم رضي الله عنهن.
(ترجئ) قرأ مدني وحمزة وعلي وخلف وحفص {ترجي} بلا همز وقرأ غيرهم بالهمز والمعنى واحد.
(تؤوي) تضم.
(ابتغيت) طلبت وأردت إصابتها فجامعتها.
(ممن عزلت) أي ممن لم تقسم لهن.
(فلا جناح عليك) فلا إثم عليك في إصابتها وقد أباح الله تعالى لك ترك القسم لهن.
(يسارع في هواك) يحقق لك مرادك بلا تأخير
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْن يَحْيَى ) هُوَ الطَّائِيّ وَقِيلَ : الْبَلْخِيُّ , وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَان ذَلِكَ فِي الْعِيدَيْنِ.
قَوْله : ( حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَة قَالَ هِشَام : حَدَّثَنَا ) هُوَ مِنْ تَقْدِيم الْمَخْبَر عَلَى الصِّيغَة وَهُوَ جَائِز.
قَوْله : ( كُنْت أَغَارَ ) كَذَا وَقَعَ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَة مِنْ الْغَيْرَة وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ طَرِيق مُحَمَّد بْن بِشْر عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة بِلَفْظِ " كَانَتْ تُعَيَّر اللَّاتِي وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ " بِعَيْنٍ مُهْمَلَة وَتَشْدِيد.
قَوْله : ( وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ ) هَذَا ظَاهِر فِي أَنَّ الْوَاهِبَة أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَة , وَيَأْتِي فِي النِّكَاح حَدِيث سَهْل بْن سَعْد " أَنَّ اِمْرَأَة قَالَتْ : يَا رَسُول اللَّه , إِنِّي وَهَبْت نَفْسِي لَك " الْحَدِيث , وَفِيهِ قِصَّة الرَّجُل الَّذِي طَلَبَهَا قَالَ : " اِلْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيد " وَمِنْ حَدِيث أَنَس " أَنَّ اِمْرَأَة أَتَتْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ لَهُ : إِنَّ لِي اِبْنَة - فَذَكَرَتْ مِنْ جَمَالهَا - فَآثَرْتُك بِهَا.
فَقَالَ : قَدْ قَبِلْتهَا.
فَلَمْ تَزَلْ تَذْكُر حَتَّى قَالَتْ : لَمْ تُصْدَع قَطُّ.
فَقَالَ : لَا حَاجَة لِي فِي اِبْنَتك " وَأَخْرَجَهُ أَحْمَد أَيْضًا , وَهَذِهِ اِمْرَأَة أُخْرَى بِلَا شَكّ.
وَعِنْدَ اِبْن أَبِي حَاتِم مِنْ حَدِيث عَائِشَة : الَّتِي وَهَبَتْ نَفْسهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ خَوْلَة بِنْت حَكِيم , وَسَيَأْتِي الْكَلَام عَلَيْهِ فِي كِتَاب النِّكَاح , فَإِنَّ الْبُخَارِيّ أَشَارَ إِلَيْهِ مُعَلَّقًا.
وَمِنْ طَرِيق الشَّعْبِيّ قَالَ : مِنْ الْوَاهِبَات أُمّ شَرِيك.
وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيق عُرْوَة.
وَعِنْدَ أَبِي عُبَيْدَة مَعْمَر بْن الْمُثَنَّى أَنَّ مِنْ الْوَاهِبَات فَاطِمَة بِنْت شُرَيْحٍ.
وَقِيلَ : إِنَّ لَيْلَى بِنْت الْحَطِيم مِمَّنْ وَهَبَتْ نَفْسهَا لَهُ.
وَمِنْهُنَّ زَيْنَب بِنْت خُزَيْمَةَ , جَاءَ عَنْ الشَّعْبِيّ وَلَيْسَ بِثَابِتٍ , وَخَوْلَة بِنْت حَكِيم وَهُوَ فِي هَذَا الصَّحِيح.
وَمِنْ طَرِيق قَتَادَةَ عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : الَّتِي وَهَبَتْ نَفْسهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ مَيْمُونَة بِنْت الْحَارِث , وَهَذَا مُنْقَطِع.
وَأَوْرَدَهُ مِنْ وَجْه آخَر مُرْسَل وَإِسْنَاده ضَعِيف.
وَيُعَارِضهُ حَدِيث سِمَاك عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس " لَمْ يَكُنْ عِنْدَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِمْرَأَة وَهَبَتْ نَفْسهَا لَهُ " أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ وَإِسْنَاده حَسَن , وَالْمُرَاد أَنَّهُ لَمْ يَدْخُل بِوَاحِدَةٍ مِمَّنْ وَهَبَتْ نَفْسهَا لَهُ وَإِنْ كَانَ مُبَاحًا لَهُ لِأَنَّهُ رَاجِع إِلَى إِرَادَته لِقَوْلِهِ تَعَالَى.
( إِنْ أَرَادَ النَّبِيّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا ) , وَقَدْ بَيَّنَتْ عَائِشَة فِي هَذَا الْحَدِيث سَبَب نُزُول قَوْله تَعَالَى : ( تُرْجِي مَنْ تَشَاء مِنْهُنَّ ) وَأَشَارَتْ إِلَى قَوْله تَعَالَى : ( وَامْرَأَة مُؤْمِنَة إِنْ وَهَبَتْ نَفْسهَا لِلنَّبِيِّ ) وَقَوْله تَعَالَى : ( قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجهمْ ) وَرَوَى اِبْن مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيث اِبْن عُمَر وَمِنْ حَدِيث اِبْن عَبَّاس أَيْضًا قَالَ : فُرِضَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا نِكَاح إِلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ قَوْله : ( مَا أَرَى رَبَّك إِلَّا يُسَارِع فِي هَوَاك ) أَيْ مَا أَرَى اللَّه إِلَّا مُوجِدًا لِمَا تُرِيد بِلَا تَأْخِير , مُنْزِلًا لِمَا تُحِبّ وَتَخْتَار.
وَقَوْله : ( تُرْجِي مَنْ تَشَاء مِنْهُنَّ ) أَيْ تُؤَخِّرهُنَّ بِغَيْرِ قَسْم , وَهَذَا قَوْل الْجُمْهُور , وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ عَنْ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد وَالْحَسَن وَقَتَادَةَ وَأَبِي رَزِين وَغَيْرهمْ , وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ أَيْضًا عَنْ الشَّعْبِيّ فِي قَوْله : ( تُرْجِي مَنْ تَشَاء مِنْهُنَّ ) قَالَ : كُنَّ نِسَاء وَهَبْنَ أَنْفُسهنَّ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَدَخَلَ بِبَعْضِهِنَّ وَأَرْجَأَ بَعْضَهُنَّ لَمْ يَنْكِحهُنَّ , وَهَذَا شَاذٌّ , وَالْمَحْفُوظ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُل بِأَحَدٍ مِنْ الْوَاهِبَات كَمَا تَقَدَّمَ.
وَقِيلَ : الْمُرَاد بِقَوْلِهِ : ( تُرْجِي مَنْ تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك مَنْ تَشَاء ) أَنَّهُ كَانَ هَمَّ بِطَلَاقِ بَعْضهنَّ , فَقُلْنَ لَهُ لَا تُطَلِّقنَا وَاقْسِمْ لَنَا مَا شِئْت , فَكَانَ يَقْسِم لِبَعْضِهِنَّ قَسْمًا مُسْتَوِيًا , وَهُنَّ اللَّاتِي آوَاهُنَّ , وَيَقْسِم لِلْبَاقِي مَا شَاءَ وَهُنَّ اللَّاتِي أَرْجَأَهُنَّ.
فَحَاصِل مَا نُقِلَ فِي تَأْوِيل ( تُرْجِي ) أَقْوَال : أَحَدهَا تُطَلِّق وَتُمْسِك , ثَانِيهَا : تَعْتَزِل مَنْ شِئْت مِنْهُنَّ بِغَيْرِ طَلَاق وَتَقْسِم لِغَيْرِهَا , ثَالِثهَا : تَقْبَل مَنْ شِئْت مِنْ الْوَاهِبَات وَتَرُدّ مَنْ شِئْت.
وَحَدِيث الْبَاب يُؤَيِّد هَذَا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ , وَاللَّفْظ مُحْتَمِل لِلْأَقْوَالِ الثَّلَاثَة.
وَظَاهِر مَا حَكَتْهُ عَائِشَة مِنْ اِسْتِئْذَانه أَنَّهُ لَمْ يُرْجِ أَحَدًا مِنْهُنَّ , بِمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يَعْتَزِل , وَهُوَ قَوْل الزُّهْرِيّ : " مَا أَعْلَم أَنَّهُ أَرْجَأَ أَحَدًا مِنْ نِسَائِهِ " أَخْرَجَهُ اِبْن أَبِي حَاتِم , وَعَنْ قَتَادَةَ أَطْلَقَ لَهُ أَنْ يَقْسِم كَيْفَ شَاءَ فَلَمْ يَقْسِم إِلَّا بِالسَّوِيَّةِ.
حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ هِشَامٌ حَدَّثَنَا عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كُنْتُ أَغَارُ عَلَى اللَّاتِي وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَقُولُ أَتَهَبُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى { تُرْجِئُ مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنْ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ } قُلْتُ مَا أُرَى رَبَّكَ إِلَّا يُسَارِعُ فِي هَوَاكَ
عن عائشة - رضي الله عنها -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «كان يستأذن في يوم المرأة منا، بعد أن أنزلت هذه الآية: {ترجئ من تشاء منهن وتؤوي إليك...
عن أنس قال: قال عمر - رضي الله عنه -: قلت: «يا رسول الله، يدخل عليك البر والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب، فأنزل الله آية الحجاب».<br>
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «لما تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زينب ابنة جحش دعا القوم فطعموا، ثم جلسوا يتحدثون، وإذا هو كأنه يتهيأ...
عن أبي قلابة: قال أنس بن مالك : «أنا أعلم الناس بهذه الآية آية الحجاب، لما أهديت زينب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت معه في البيت، صنع طع...
عن أنس - رضي الله عنه - قال: «بني على النبي - صلى الله عليه وسلم - بزينب ابنة جحش بخبز ولحم، فأرسلت على الطعام داعيا، فيجيء قوم فيأكلون ويخرجون، ثم ي...
عن أنس - رضي الله عنه - قال: «أولم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين بنى بزينب ابنة جحش، فأشبع الناس خبزا ولحما، ثم خرج إلى حجر أمهات المؤمنين، كم...
عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «خرجت سودة بعدما ضرب الحجاب لحاجتها، وكانت امرأة جسيمة، لا تخفى على من يعرفها، فرآها عمر بن الخطاب، فقال: يا سودة،...
عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «استأذن علي أفلح، أخو أبي القعيس، بعدما أنزل الحجاب، فقلت: لا آذن له حتى أستأذن فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن...
عن كعب بن عجرة - رضي الله عنه -: «قيل: يا رسول الله، أما السلام عليك فقد عرفناه، فكيف الصلاة؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت عل...