4920-
عن ابن عباس رضي الله عنهما: «صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد، أما ود: كانت لكلب بدومة الجندل، وأما سواع: كانت لهذيل، وأما يغوث: فكانت لمراد، ثم لبني غطيف بالجوف عند سبأ، وأما يعوق: فكانت لهمدان، وأما نسر: فكانت لحمير، لآل ذي الكلاع، أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم: أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا وسموها بأسمائهم، ففعلوا، فلم تعبد، حتى إذا هلك أولئك، وتنسخ العلم عبدت».
(بدومة الجندل) مدينة بين المدينة والعراق وبلاد الشام.
(هذيل) قبيلة من قبائل العرب وكذلك مراد وغطيف وهمدان وحمير وذو الكلاع.
(بالجوف) اسم واد في اليمن والجوف كل منخفض من الأرض.
(أنصابا) جمع نصب وهو حجر أو صنم ينصب تخليدا لذكرى رجل أو غيره.
(هلك أولئك) مات الذين نصبوا الأنصاب وكانوا يعلمون لماذا نصبت.
(تنسخ العلم) زالت معرفة الناس بأصل نصبها
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( أَخْبَرَنَا هِشَام ) هُوَ اِبْن يُوسُف الصَّنْعَانِيُّ.
قَوْله : ( اِبْن جُرَيْجٍ وَقَالَ عَطَاء ) كَذَا فِيهِ وَهُوَ مَعْطُوف عَلَى كَلَام مَحْذُوف , وَقَدْ بَيَّنَهُ الْفَاكِهِيّ مِنْ وَجْه آخَر عَنْ اِبْن جُرَيْجٍ قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى { وَدًّا وَلَا سُوَاعًا } الْآيَة قَالَ : أَوْثَان كَانَ قَوْم نُوح يَعْبُدُونَهُمْ وَقَالَ عَطَاء كَانَ اِبْن عَبَّاس إِلَخْ.
قَوْله : ( عَنْ اِبْن عَبَّاس ) قِيلَ هَذَا مُنْقَطِع لِأَنَّ عَطَاء الْمَذْكُور هُوَ الْخُرَاسَانِيّ وَلَمْ يَلْقَ اِبْن عَبَّاس , فَقَدْ أَخْرَجَ عَبْد الرَّزَّاق هَذَا الْحَدِيث فِي تَفْسِيره عَنْ اِبْن جُرَيْجٍ فَقَالَ : أَخْبَرَنِي عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس , وَقَالَ أَبُو مَسْعُود : ثَبَتَ هَذَا الْحَدِيث فِي تَفْسِير اِبْن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس , وَابْن جُرَيْجٍ لَمْ يَسْمَع التَّفْسِير مِنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ وَإِنَّمَا أَخَذَهُ مِنْ اِبْنه عُثْمَان بْن عَطَاء فَنَظَرَ فِيهِ.
وَذَكَرَ صَالِح بْن أَحْمَد بْن حَنْبَل فِي " الْعِلَل " عَنْ عَلِيّ بْن الْمَدِينِيّ قَالَ : سَأَلْت يَحْيَى الْقَطَّان عَنْ حَدِيث اِبْن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ فَقَالَ : ضَعِيف.
فَقُلْت : إِنَّهُ يَقُول أَخْبَرَنَا.
قَالَ : لَا شَيْء , إِنَّمَا هُوَ كِتَاب دَفَعَهُ إِلَيْهِ اِنْتَهَى.
وَكَانَ اِبْن جُرَيْجٍ يَسْتَجِيز إِطْلَاق أَخْبَرَنَا فِي الْمُنَاوَلَة وَالْمُكَاتَبَة.
وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ أُخْبِرْت عَنْ عَلِيّ بْن الْمَدِينِيّ أَنَّهُ ذَكَرَ عَنْ " تَفْسِير اِبْن جُرَيْجٍ " كَلَامًا مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُول عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس , فَطَالَ عَلَى الْوَرَّاق أَنْ يَكْتُب الْخُرَاسَانِيّ كُلَّ حَدِيث فَتَرَكَهُ فَرَوَاهُ مَنْ رَوَى عَلَى أَنَّهُ عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح اِنْتَهَى.
وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى الْقِصَّة الَّتِي ذَكَرَهَا صَالِح بْن أَحْمَد عَنْ عَلِيّ بْن الْمَدِينِيّ وَنَبَّهَ عَلَيْهَا أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ فِي " تَقْيِيد الْمُهْمَل " قَالَ اِبْن الْمَدِينِيّ سَمِعْت هِشَام بْن يُوسُف يَقُول قَالَ لِي اِبْن جُرَيْجٍ سَأَلْت عَطَاء عَنْ التَّفْسِير مِنْ الْبَقَرَة وَآلِ عِمْرَان ثُمَّ قَالَ : اُعْفُنِي مِنْ هَذَا.
قَالَ قَالَ هِشَام فَكَانَ بَعْد إِذَا قَالَ قَالَ عَطَاء عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ.
قَالَ هِشَام : فَكَتَبْنَا ثُمَّ مَلِلْنَا , يَعْنِي كَتَبْنَا الْخُرَاسَانِيّ.
قَالَ اِبْن الْمَدِينِيّ وَإِنَّمَا بَيَّنْت هَذَا لِأَنَّ مُحَمَّد بْن ثَوْر كَانَ يَجْعَلهَا - يَعْنِي فِي رِوَايَته عَنْ اِبْن جُرَيْجٍ - عَنْ عَطَاء عَنْ اِبْن عَبَّاس فَيُظَنّ أَنَّهُ عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح.
وَقَدْ أَخْرَجَ الْفَاكِهِيّ الْحَدِيث الْمَذْكُور مِنْ طَرِيق مُحَمَّد بْن ثَوْر عَنْ اِبْن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاء عَنْ اِبْن عَبَّاس وَلَمْ يَقُلْ الْخُرَاسَانِيّ , وَأَخْرَجَهُ عَبْد الرَّزَّاق كَمَا تَقَدَّمَ فَقَالَ الْخُرَاسَانِيّ.
وَهَذَا مِمَّا اِسْتُعْظِمَ عَلَى الْبُخَارِيّ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ , لَكِنْ الَّذِي قَوِيَ عِنْدِي أَنَّ هَذَا الْحَدِيث بِخُصُوصِهِ عِنْد اِبْن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ وَعَنْ عَطَاء بْنِ أَبِي رَبَاح جَمِيعًا ; وَلَا يَلْزَم مِنْ اِمْتِنَاع عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح مِنْ التَّحْدِيث بِالتَّفْسِيرِ أَنْ لَا يُحَدِّث بِهَذَا الْحَدِيث فِي بَاب آخَر مِنْ الْأَبْوَاب أَوْ فِي الْمُذَاكَرَة , وَإِلَّا فَكَيْف يَخْفَى عَلَى الْبُخَارِيّ ذَلِكَ مَعَ تَشَدُّده فِي شَرْط الِاتِّصَال وَاعْتِمَاده غَالِبًا فِي الْعِلَل عَلَى عَلِيّ بْن الْمَدِينِيّ شَيْخه وَهُوَ الَّذِي نَبَّهَ عَلَى هَذِهِ الْقِصَّة.
وَمِمَّا يُؤَيِّد ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يُكْثِر مِنْ تَخْرِيج هَذِهِ النُّسْخَة وَإِنَّمَا ذَكَرَ بِهَذَا الْإِسْنَاد مَوْضِعَيْنِ هَذَا وَآخَر فِي النِّكَاح , وَلَوْ كَانَ خَفِيَ عَلَيْهِ لَاسْتَكْثَرَ مِنْ إِخْرَاجهَا لِأَنَّ ظَاهِرهَا أَنَّهَا عَلَى شَرْطه.
قَوْله : ( صَارَتْ الْأَوْثَان الَّتِي كَانَتْ فِي قَوْم نُوح فِي الْعَرَب بَعْد ) فِي رِوَايَة عَبْد الرَّزَّاق عَنْ مَعْمَر عَنْ قَتَادَةَ : كَانَتْ آلِهَة تَعْبُدهَا قَوْم نُوح ثُمَّ عَبَدَتْهَا الْعَرَب بَعْد , وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة : وَزَعَمُوا أَنَّهُمْ كَانُوا مَجُوسًا وَأَنَّهَا غَرِقَتْ فِي الطُّوفَان , فَلَمَّا نَضَبَ الْمَاء عَنْهَا أَخْرَجَهَا إِبْلِيس فَبَثَّهَا فِي الْأَرْض اِنْتَهَى.
وَقَوْله كَانُوا مَجُوسًا غَلَط , فَإِنَّ الْمَجُوسِيَّة كَلِمَة حَدَثَتْ بَعْد ذَلِكَ بِدَهْرٍ طَوِيل , وَإِنْ كَانَ الْفُرْس يَدَّعُونَ خِلَاف ذَلِكَ.
وَذَكَرَ السُّهَيْلِيُّ فِي " التَّعْرِيف " أَنَّ يَغُوث هُوَ اِبْن شيث بْن آدَم فِيمَا قِيلَ , وَكَذَلِكَ سُوَاع وَمَا بَعْده وَكَانُوا يَتَبَرَّكُونَ بِدُعَائِهِمْ , فَلَمَّا مَاتَ مِنْهُمْ أَحَد مَثَّلُوا صُورَته تَمَسَّحُوا بِهَا إِلَى زَمَن مهلائيل فَعَبَدُوهَا بِتَدْرِيجِ الشَّيْطَان لَهُمْ , ثُمَّ صَارَتْ سُنَّة فِي الْعَرَب فِي الْجَاهِلِيَّة , وَلَا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ سَرَتْ لَهُمْ تِلْكَ الْأَسْمَاء ؟ مِنْ قِبَل الْهِنْد فَقَدْ قِيلَ إِنَّهُمْ كَانُوا الْمَبْدَأ فِي عِبَادَة الْأَصْنَام بَعْد نُوح , أَمْ الشَّيْطَان أَلْهَمَ الْعَرَب ذَلِكَ اِنْتَهَى.
وَمَا ذُكِرَ مِمَّا نَقَلَهُ تَلَقَّاهُ مِنْ " تَفْسِير بَقِيّ بْن مَخْلَد فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ نَحْو ذَلِكَ عَلَى مَا نَبَّهَ عَلَيْهِ اِبْن عَسْكَر فِي ذَيْله , وَفِيهِ أَنَّ تِلْكَ الْأَسْمَاء وَقَعَتْ إِلَى الْهِنْد فَسَمَّوْا بِهَا أَصْنَامهمْ ثُمَّ أَدْخَلَهَا إِلَى أَرْض الْعَرَب عَمْرو بْن لُحَيّ , وَعَنْ عُرْوَة بْن الزُّبَيْر أَنَّهُمْ كَانُوا أَوْلَاد آدَم لِصُلْبِهِ , وَكَانَ وَدّ أَكْبَرَهُمْ وَأَبَرّهمْ بِهِ , وَهَكَذَا أَخْرَجَهُ عُمَر بْن شَبَّة فِي " كِتَاب مَكَّة " مِنْ طَرِيق مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ قَالَ : كَانَ لِآدَم خَمْس بَنِينَ فَسَمَّاهُمْ قَالَ : وَكَانُوا عُبَّادًا.
فَمَاتَ رَجُل مِنْهُمْ فَحَزِنُوا عَلَيْهِ.
فَجَاءَ الشَّيْطَان فَصَوَّرَهُ لَهُمْ ثُمَّ قَالَ لِلْآخَرِ إِلَى آخِر الْقِصَّة , وَفِيهَا : فَعَبَدُوهَا حَتَّى بَعَثَ اللَّه نُوحًا.
وَمِنْ طَرِيق أُخْرَى أَنَّ الَّذِي صَوَّرَهُ لَهُمْ رَجُل مِنْ وَلَد قَابِيل بْن آدَم.
وَقَدْ أَخْرَجَ الْفَاكِهِيّ مِنْ طَرِيق اِبْن الْكَلْبِيّ قَالَ : كَانَ لِعَمْرِو بْن رَبِيعَة رَئِيٌّ مِنْ الْجِنّ , فَأَتَاهُ فَقَالَ : أَجِبْ أَبَا ثُمَامَة , وَادْخُلْ بِلَا مَلَامَة.
ثُمَّ اِئْتِ سَيْف جَدَّة , تَجِد بِهَا أَصْنَامًا مُعَدَّة.
ثُمَّ أَوْرِدْهَا تِهَامَة وَلَا تَهَب , ثُمَّ اُدْعُ الْعَرَب إِلَى عِبَادَتهَا تُجَبْ.
قَالَ فَأَتَى عَمْرو سَاحِل جَدَّة فَوَجَدَ بِهَا وَدًّا وَسُوَاعًا وَيَغُوث وَيَعُوق وَنَسْرًا , وَهِيَ الْأَصْنَام الَّتِي عُبِدَتْ عَلَى عَهْد نُوح وَإِدْرِيس ثُمَّ إِنَّ الطُّوفَان طَرَحَهَا هُنَاكَ فَسَفَى عَلَيْهَا الرَّمْل فَاسْتَثَارَهَا عَمْرو وَخَرَجَ بِهَا إِلَى تِهَامَة وَحَضَرَ الْمَوْسِم فَدَعَا إِلَى عِبَادَتهَا فَأُجِيبَ ; وَعَمْرو بْن رَبِيعَة هُوَ عَمْرو بْن لُحَيّ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْله : ( أَمَّا وَدّ فَكَانَتْ لِكَلْبٍ بِدُومَة الْجَنْدَل ) قَالَ اِبْن إِسْحَاق : وَكَانَ لِكَلْبِ بْن وَبَرَة بْن قُضَاعَة.
قُلْت : وَبَرَة ;هُوَ اِبْن تَغْلِب بْن عِمْرَان بْن الْحَافّ بْن قُضَاعَة , وَدُومَة بِضَمِّ الدَّال , الْجَنْدَل بِفَتْحِ الْجِيم وَسُكُون النُّون مَدِينَة مِنْ الشَّام مِمَّا يَلِي الْعِرَاق , وَوَدّ بِفَتْحِ الْوَاو وَقَرَأَهَا نَافِع وَحْده بِضَمِّهَا ( وَأَمَّا سُوَاع فَكَانَتْ لِهُذَيْل ) زَادَ أَبُو عُبَيْدَة بْن مُدْرِكَة بْن إِلْيَاس بْن مُضَر ; وَكَانُوا بِقُرْبِ مَكَّة.
وَقَالَ اِبْن إِسْحَاق : كَانَ سُوَاع بِمَكَانٍ لَهُمْ يُقَال لَهُ رُهَاط بِضَمِّ الرَّاء وَتَخْفِيف الْهَاء مِنْ أَرْض الْحِجَاز مِنْ جِهَة السَّاحِل.
قَوْله : ( وَأَمَّا يَغُوث فَكَانَتْ لِمُرَادٍ ثُمَّ لِبَنِي غُطَيْف ) فِي مُرْسَل قَتَادَةَ " فَكَانَتْ لِبَنِي غُطَيْف بْن مُرَاد " وَهُوَ غُطَيْف بْن عَبْد اللَّه بْن نَاجِيَة بْن مُرَاد.
وَرَوَى الْفَاكِهِيّ مِنْ طَرِيق اِبْن إِسْحَاق قَالَ : كَانَتْ أَنْعَم مِنْ طَيِّئٍ وَجُرَش بْنِ مَذْحِج اِتَّخَذُوا يَغُوث لِجُرَش.
قَوْله : ( بِالْجُرُفِ ) فِي رِوَايَة أَبِي ذَرّ عَنْ غَيْر الْكُشْمِيهَنِيِّ بِفَتْحِ الْحَاء وَسُكُون الْوَاو , وَلَهُ عَنْ الْكُشْمِيهَنِيِّ الْجُرُف بِضَمِّ الْجِيم وَالرَّاء وَكَذَا فِي مُرْسَل قَتَادَةَ , وَلِلنَّسَفِيّ بِالْجَوْنِ بِجِيمٍ ثُمَّ وَاو ثُمَّ نُون , زَادَ غَيْر أَبِي ذَرّ : عِنْد سَبَأ.
قَوْله : ( وَأَمَّا يَعُوق فَكَانَتْ لِهَمْذَانَ ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَة : لِهَذَا الْحَيّ مِنْ هَمْدَانَ وَلِمُرَادِ بْن مَذْحِج , وَرَوَى الْفَاكِهِيّ مِنْ طَرِيق اِبْن إِسْحَاق قَالَ : كَانَتْ خَيْوَان بَطْن مِنْ هَمْدَانَ اِتَّخَذُوا يَعُوق بِأَرْضِهِمْ.
قَوْله : ( وَأَمَّا نَسْر فَكَانَتْ لِحِمْيَر لِآلِ ذِي الْكَلَاع ) فِي مُرْسَل قَتَادَةَ " لِذِي الْكَلَاع مِنْ حِمْيَر " زَادَ الْفَاكِهِيّ مِنْ طَرِيق أَبِي إِسْحَاق " اِتَّخَذُوهُ بِأَرْضِ حِمْيَر ".
قَوْله : ( وَنَسْر , أَسْمَاء قَوْم صَالِحِينَ مِنْ قَوْم نُوح ) كَذَا لَهُمْ , وَسَقَطَ لَفْظ " وَنَسْر " لِغَيْرِ أَبِي ذَرّ وَهُوَ أَوْلَى , وَزَعَمَ بَعْض الشُّرَّاح أَنَّ قَوْله " وَنَسْر " غَلَط , وَكَذَا قَرَأْت بِخَطِّ الصَّدَفِيّ فِي هَامِش نُسْخَته.
ثُمَّ قَالَ هَذَا الشَّارِح : وَالصَّوَاب وَهِيَ.
قُلْت : وَوَقَعَ فِي رِوَايَة مُحَمَّد بْن ثَوْر بَعْد قَوْله " وَأَمَّا نَسْر فَكَانَتْ لِآلِ ذِي الْكَلَاع " قَالَ " وَيُقَال هَذِهِ أَسْمَاء قَوْم صَالِحِينَ " وَهَذَا أَوْجَه الْكَلَام وَصَوَابه ; وَقَالَ بَعْض الشُّرَّاح : مُحَصَّل مَا قِيلَ فِي هَذِهِ الْأَصْنَام قَوْلَانِ : أَحَدهمَا أَنَّهَا كَانَتْ فِي قَوْم نُوح , وَالثَّانِي أَنَّهَا كَانَتْ أَسْمَاء رِجَال صَالِحِينَ إِلَى آخِر الْقِصَّة.
قُلْت : بَلْ مَرْجِع ذَلِكَ إِلَى قَوْل وَاحِد , وَقِصَّة الصَّالِحِينَ كَانَتْ مُبْتَدَأ عِبَادَة قَوْم نُوح هَذِهِ الْأَصْنَام ثُمَّ تَبِعَهُمْ مَنْ بَعْدهمْ عَلَى ذَلِكَ.
قَوْله : ( فَلَمْ تُعْبَد حَتَّى إِذَا هَلَكَ أُولَئِكَ وَتَنَسَّخَ الْعِلْم ) كَذَا لَهُمْ , وَلِأَبِي ذَرّ والْكُشْمِيهَنِيّ " وَنُسِخَ الْعِلْم " أَيْ عِلْم تِلْكَ الصُّوَر بِخُصُوصِهَا.
وَأَخْرَجَ الْفَاكِهِيّ مِنْ طَرِيق عُبَيْد اللَّه بْن عُبَيْد بْن عُمَيْر قَالَ : أَوَّل مَا حَدَثَتْ الْأَصْنَام عَلَى عَهْد نُوح , وَكَانَتْ الْأَبْنَاء تَبَرّ الْآبَاء , فَمَاتَ رَجُل مِنْهُمْ فَجَزِعَ عَلَيْهِ فَجَعَلَ لَا يَصْبِر عَنْهُ ; فَاِتَّخَذَ مِثَالًا عَلَى صُورَته فَكُلَّمَا اِشْتَاقَ إِلَيْهِ نَظَرَهُ ثُمَّ مَاتَ فَفُعِلَ بِهِ كَمَا فُعِلَ حَتَّى تَتَابَعُوا عَلَى ذَلِكَ فَمَاتَ الْآبَاء , فَقَالَ الْأَبْنَاء.
مَا اِتَّخَذَ آبَاؤُنَا هَذِهِ إِلَّا أَنَّهَا كَانَتْ آلِهَتهمْ , فَعَبَدُوهَا.
وَحَكَى الْوَاقِدِيّ قَالَ : كَانَ وَدّ عَلَى صُورَة رَجُل , وَسُوَاع عَلَى صُورَة اِمْرَأَة , وَيَغُوث عَلَى صُورَة أَسَد , وَيَعُوق عَلَى صُورَة فَرَس , وَنَسْر عَلَى صُورَة طَائِر , وَهَذَا شَاذّ وَالْمَشْهُور أَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى صُورَة الْبَشَر , وَهُوَ مُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْآثَار فِي سَبَب عِبَادَتهَا.
وَاَللَّه أَعْلَم.
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ وَقَالَ عَطَاءٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا صَارَتْ الْأَوْثَانُ الَّتِي كَانَتْ فِي قَوْمِ نُوحٍ فِي الْعَرَبِ بَعْدُ أَمَّا وَدٌّ كَانَتْ لِكَلْبٍ بِدَوْمَةِ الْجَنْدَلِ وَأَمَّا سُوَاعٌ كَانَتْ لِهُذَيْلٍ وَأَمَّا يَغُوثُ فَكَانَتْ لِمُرَادٍ ثُمَّ لِبَنِي غُطَيْفٍ بِالْجَوْفِ عِنْدَ سَبَإٍ وَأَمَّا يَعُوقُ فَكَانَتْ لِهَمْدَانَ وَأَمَّا نَسْرٌ فَكَانَتْ لِحِمْيَرَ لِآلِ ذِي الْكَلَاعِ أَسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِينَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ فَلَمَّا هَلَكُوا أَوْحَى الشَّيْطَانُ إِلَى قَوْمِهِمْ أَنْ انْصِبُوا إِلَى مَجَالِسِهِمْ الَّتِي كَانُوا يَجْلِسُونَ أَنْصَابًا وَسَمُّوهَا بِأَسْمَائِهِمْ فَفَعَلُوا فَلَمْ تُعْبَدْ حَتَّى إِذَا هَلَكَ أُولَئِكَ وَتَنَسَّخَ الْعِلْمُ عُبِدَتْ
عن ابن عباس قال: «انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه، عامدين إلى سوق عكاظ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء، وأرسلت عليهم الشه...
عن يحيى بن أبي كثير: «سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن، عن أول ما نزل من القرآن، قال: {يا أيها المدثر} قلت: يقولون: {اقرأ باسم ربك الذي خلق} فقال أبو سلمة...
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «جاورت بحراء» مثل حديث عثمان بن عمر، عن علي بن المبارك.<br>
حدثنا يحيى قال: «سألت أبا سلمة: أي القرآن أنزل أول؟ فقال: {يا أيها المدثر} فقلت: أنبئت أنه: {اقرأ باسم ربك الذي خلق} فقال أبو سلمة: سألت جابر بن عبد...
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: «سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يحدث عن فترة الوحي، فقال في حديثه: فبينا أنا أمشي، إذ سمعت صوتا من السماء...
جابر بن عبد الله : أنه «سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يحدث عن فترة الوحي: فبينا أنا أمشي، سمعت صوتا من السماء، فرفعت بصري قبل السماء، فإذا الملك ا...
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي حرك به لسانه، ووصف سفيان: يريد أن يحفظه، فأنزل الله: {لا تحرك به لسا...
عن موسى بن أبي عائشة «أنه سأل سعيد بن جبير عن قوله تعالى: {لا تحرك به لسانك} قال: وقال ابن عباس: كان يحرك شفتيه إذا أنزل عليه، فقيل له: {لا تحرك به ل...
عن ابن عباس ، «في قوله: {لا تحرك به لسانك لتعجل به} قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل جبريل بالوحي، وكان مما يحرك به لسانه وشفتيه فيشتد...