4987-
حدثنا ابن شهاب أن أنس بن مالك حدثه: «أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان، وكان يغازي أهل الشأم في فتح إرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة، فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب، اختلاف اليهود والنصارى، فأرسل عثمان إلى حفصة: أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم، ففعلوا، حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة، وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق».
4988- قال ابن شهاب : وأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت : سمع زيد بن ثابت قال: «فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف، قد كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها، فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه} فألحقناها في سورتها في المصحف».
(وكان يغازي) أي وكان عثمان رضي الله عنه يجهز جيشا من أهل الشام والعراق لغزو أرمينية وأذربيجان.
.
(اختلافهم) اختلاف أهل الشام وأهل العراق.
(أفق) ناحية.
(فقدت آية) مما كنا كتبناه في الصحف التي جمعت وكتبت أيام أبي بكر رضي الله عنه
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( حَدَّثَنَا مُوسَى ) هُوَ اِبْن إِسْمَاعِيل , وَإِبْرَاهِيم هُوَ اِبْن سَعْد , وَهَذَا الْإِسْنَاد إِلَى اِبْن شِهَاب هُوَ الَّذِي قَبْله بِعَيْنِهِ , أَعَادَهُ إِشَارَة إِلَى أَنَّهُمَا حَدِيثَانِ لِابْنِ شِهَاب فِي قِصَّتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ وَإِنْ اِتَّفَقَتَا فِي كِتَابَة الْقُرْآن وَجَمْعه.
وَعَنْ اِبْن شِهَاب قِصَّة ثَالِثَة كَمَا بَيَّنَّاهُ عَنْ خَارِجَة بْن زَيْد عَنْ أَبِيهِ فِي قِصَّة الْآيَة الَّتِي مِنْ الْأَحْزَاب وَقَدْ ذَكَرَهَا فِي آخِر هَذِهِ الْقِصَّة الثَّانِيَة هُنَا.
وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّف مِنْ طَرِيق شُعَيْب عَنْ اِبْن شِهَاب مُفَرَّقًا , فَأَخْرَجَ الْقِصَّة الْأُولَى فِي تَفْسِير التَّوْبَة.
وَأَخْرَجَ الثَّانِيَة قَبْل هَذَا بِبَابٍ لَكِنْ بِاخْتِصَارٍ.
وَأَخْرَجَهَا الطَّبَرَانِيُّ فِي " مُسْنَد الشَّامِيِّينَ " وَابْن أَبِي دَاوُدَ فِي " الْمَصَاحِف " وَالْخَطِيب فِي " الْمُدْرَج " مِنْ طَرِيق أَبِي الْيَمَان بِتَمَامِهِ.
وَأَخْرَجَ الْمُصَنِّف الثَّالِثَة فِي تَفْسِير سُورَة الْأَحْزَاب كَمَا تَقَدَّمَ.
قَالَ الْخَطِيب : رَوَى إِبْرَاهِيم بْن سَعْد عَنْ اِبْن شِهَاب الْقِصَص الثَّلَاث , ثُمَّ سَاقَهَا مِنْ طَرِيق إِبْرَاهِيم بْن سَعْد عَنْ اِبْن شِهَاب مَسَاقًا وَاحِدًا مُفَصِّلًا لِلْأَسَانِيدِ الْمَذْكُورَة , قَالَ وَرَوَى الْقِصَص الثَّلَاث شُعَيْب عَنْ اِبْن شِهَاب , وَرَوَى قِصَّة آخِر التَّوْبَة مُفْرَدًا يُونُس بْن يَزِيد.
قُلْت : وَرِوَايَته تَأْتِي عَقِب هَذَا بِاخْتِصَارٍ.
وَقَدْ أَخْرَجَهَا اِبْن أَبِي دَاوُدَ مِنْ وَجْه آخَر عَنْ يُونُس مُطَوَّلَة , وَفَاتَهُ رِوَايَة سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ لَهَا عَنْ اِبْن شِهَاب أَيْضًا , وَقَدْ بَيَّنْت ذَلِكَ قَبْل قَالَ : وَرَوَى قِصَّة آيَة الْأَحْزَاب مَعْمَر وَهِشَام بْن الْغَاز وَمُعَاوِيَة بْن يَحْيَى ثَلَاثَتهمْ عَنْ اِبْن شِهَاب ثُمَّ سَاقَهَا عَنْهُمْ.
قُلْت : وَفَاتَهُ رِوَايَة اِبْن أَبِي عَتِيق لَهَا عَنْ اِبْن شِهَاب وَهِيَ عِنْد الْمُصَنِّف فِي الْجِهَاد.
قَوْله : ( حَدَّثَنَا اِبْن شِهَاب أَنَّ أَنَس بْن مَالِك حَدَّثَهُ ) فِي رِوَايَة يُونُس عَنْ اِبْن شِهَاب " ثُمَّ أَخْبَرَنِي أَنَس بْن مَالِك ".
قَوْله : ( أَنَّ حُذَيْفَة بْن الْيَمَان قَدِمَ عَلَى عُثْمَان وَكَانَ يُغَازِي أَهْل الشَّام فِي فَتْح أَرْمِينِيَّة وَأَذْرَبِيجَان مَعَ أَهْل الْعِرَاق ) فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيِّ " فِي أَهْل الْعِرَاق " وَالْمُرَاد أَنَّ أَرْمِينِيَّة فُتِحَتْ فِي خِلَافَة عُثْمَان , وَكَانَ أَمِير الْعَسْكَر مِنْ أَهْل الْعِرَاق سَلْمَان بْن رَبِيعَة الْبَاهِلِيّ , وَكَانَ عُثْمَان أَمَرَ أَهْل الشَّام وَأَهْل الْعِرَاق أَنْ يَجْتَمِعُوا عَلَى ذَلِكَ , وَكَانَ أَمِير أَهْل الشَّام عَلَى ذَلِكَ الْعَسْكَر حَبِيب بْن مَسْلَمَة الْفِهْرِيّ , وَكَانَ حُذَيْفَة مِنْ جُمْلَة مَنْ غَزَا مَعَهُمْ , وَكَانَ هُوَ عَلَى أَهْل الْمَدَائِن وَهِيَ مِنْ جُمْلَة أَعْمَال الْعِرَاق.
وَوَقَعَ فِي رِوَايَة عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ عَنْ إِبْرَاهِيم بْن سَعْد " وَكَانَ يُغَازِي أَهْل الشَّام فِي فَرْج أَرْمِينِيَّة وَأَذْرَبِيجَان مَعَ أَهْل الْعِرَاق " قَالَ اِبْن أَبِي دَاوُد : الْفَرْج الثَّغْر.
وَفِي رِوَايَة يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم بْن سَعْد عَنْ أَبِيهِ " أَنَّ حُذَيْفَة قَدِمَ عَلَى عُثْمَان وَكَانَ يَغْزُو مَعَ أَهْل الْعِرَاق قِبَل أَرْمِينِيَّة فِي غَزْوهمْ ذَلِكَ الْفَرْج مَعَ مَنْ اِجْتَمَعَ مِنْ أَهْل الْعِرَاق وَأَهْل الشَّام , وَفِي رِوَايَة يُونُس بْن يَزِيد " اِجْتَمَعَ لِغَزْوِ أَذْرَبِيجَان وَأَرْمِينِيَّة أَهْل الشَّام وَأَهْل الْعِرَاق ".
وَأَرْمِينِيَّة بِفَتْحِ الْهَمْزَة عِنْد اِبْن السَّمْعَانِيّ وَبِكَسْرِهَا عِنْد غَيْره , وَبِهِ جَزَمَ الْجَوَالِيقِيّ وَتَبِعَهُ اِبْن الصَّلَاح ثُمَّ النَّوَوِيّ , وَقَالَ اِبْن الْجَوْزِيّ : مَنْ ضَمَّهَا فَقَدْ غَلِطَ , وَبِسُكُونِ الرَّاء وَكَسْر الْمِيم بَعْدهَا تَحْتَانِيَّة سَاكِنَة ثُمَّ نُون مَكْسُورَة ثُمَّ تَحْتَانِيَّة مَفْتُوحَة خَفِيفَة وَقَدْ تُثَقَّل قَالَهُ يَاقُوت , وَالنِّسْبَة إِلَيْهَا أَرْمَنِيّ بِفَتْحِ الْهَمْزَة ضَبَطَهَا الْجَوْهَرِيّ.
وَقَالَ اِبْن قُرْقُول : بِالتَّخْفِيفِ لَا غَيْر , وَحَكَى ضَمّ الْهَمْزَة وَغَلِطَ.
وَإِنَّمَا الْمَضْمُوم هَمْزَتهَا أُرْمِيَة وَالنِّسْبَة إِلَيْهَا أُرْمُوِيّ وَهِيَ بَلْدَة أُخْرَى مِنْ بِلَاد أَذْرَبِيجَان , وَأَمَّا أَرْمِينِيَّة فَهِيَ مَدِينَة عَظِيمَة مِنْ نَوَاحِي خِلَاط.
وَمَدّ الْأَصِيلِيّ وَالْمُهَلَّب أَوَّله وَزَادَ الْمُهَلَّب الدَّال وَكَسْر الرَّاء وَتَقْدِيم الْمُوَحَّدَة , تَشْتَمِل عَلَى بِلَاد كَثِيرَة , وَهِيَ مِنْ نَاحِيَة الشَّمَال.
قَالَ اِبْن السَّمْعَانِيّ : هِيَ مِنْ جِهَة بِلَاد الرُّوم يُضْرَب بِحُسْنِهَا وَطِيب هَوَائِهَا وَكَثْرَة مَائِهَا وَشَجَرهَا الْمَثَل.
وَقِيلَ إِنَّهَا مِنْ بِنَاء أَرْمِين مِنْ وَلَد يَافِثَ بْن نُوح , وَأَذْرَبِيجَان بِفَتْحِ الْهَمْزَة وَالذَّال الْمُعْجَمَة وَسُكُون الرَّاء , وَقِيلَ بِسُكُونِ الذَّال وَفَتْح الرَّاء وَبِكَسْرِ الْمُوَحَّدَة بَعْدهَا تَحْتَانِيَّة سَاكِنَة ثُمَّ جِيم خَفِيفَة وَآخِره نُون , وَحَكَى اِبْن مَكِّيّ كَسْر أَوَّله , وَضَبَطَهَا صَاحِب " الْمَطَالِع " وَنَقَلَهُ عَنْ اِبْن الْأَعْرَابِيّ بِسُكُونِ الذَّال وَفَتْح الرَّاء بَلَد كَبِير مِنْ نَوَاحِي جِبَال الْعِرَاق غَرْبِيّ وَهِيَ الْآن تَبْرِيز وَقَصَبَاتهَا , وَهِيَ تَلِي أَرْمِينِيَّة مِنْ جِهَة غَرْبِيّهَا , وَاتَّفَقَ غَزْوهمَا فِي سَنَة وَاحِدَة , وَاجْتَمَعَ فِي غَزْوَة كُلّ مِنْهُمَا أَهْل الشَّام وَأَهْل الْعِرَاق , وَاَلَّذِي ذَكَرْته الْأَشْهَر فِي ضَبْطهَا , وَقَدْ تُمَدّ الْهَمْزَة وَقَدْ تُكْسَر وَقَدْ تُحْذَف وَقَدْ تُفْتَح الْمُوَحَّدَة وَقَدْ يُزَاد بَعْدهَا أَلِف مَعَ مَدّ الْأُولَى حَكَاهُ الْهَجَرِيُّ وَأَنْكَرَهُ الْجَوَالِيقِيّ , وَيُؤَكِّدهُ أَنَّهُمْ نَسَبُوا إِلَيْهَا آذَرِيّ بِالْمَدِّ اِقْتِصَارًا عَلَى الرُّكْن الْأَوَّل كَمَا قَالُوا فِي النِّسْبَة إِلَى بَعْلَبَكّ بَعْلِيّ , وَكَانَتْ هَذِهِ الْقِصَّة فِي سَنَة خَمْس وَعِشْرِينَ فِي السَّنَة الثَّالِثَة أَوْ الثَّانِيَة مِنْ خِلَافَة عُثْمَان.
وَقَدْ أَخْرَجَ اِبْن أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيق أَبِي إِسْحَاق عَنْ مُصْعَب بْن سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص قَالَ " خَطَبَ عُثْمَان فَقَالَ : يَا أَيّهَا النَّاس , إِنَّمَا قُبِضَ نَبِيّكُمْ مُنْذُ خَمْس عَشْرَة سَنَة , وَقَدْ اِخْتَلَفْتُمْ فِي الْقِرَاءَة " الْحَدِيث فِي جَمْع الْقُرْآن , وَكَانَتْ خِلَافَة عُثْمَان بَعْد قَتْل عُمَر , وَكَانَ قَتْل عُمَر فِي أَوَاخِر ذِي الْحَجَّة سَنَة ثَلَاث وَعِشْرِينَ مِنْ الْهِجْرَة بَعْد وَفَاة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَلَاثَ عَشْرَة سَنَة إِلَّا ثَلَاثَة أَشْهُر , فَإِنْ كَانَ قَوْله " خَمْس عَشْرَة سَنَة " أَيْ كَامِلَة فَيَكُون ذَلِكَ بَعْد مُضِيّ سَنَتَيْنِ وَثَلَاثَة أَشْهُر مِنْ خِلَافَته , لَكِنْ وَقَعَ فِي رِوَايَة أُخْرَى لَهُ " مُنْذُ ثَلَاث عَشْرَة سَنَة " فَيُجْمَع بَيْنهمَا بِإِلْغَاءِ الْكَسْر فِي هَذِهِ وَجَبْره فِي الْأُولَى فَيَكُون ذَلِكَ بَعْد مُضِيّ سَنَة وَاحِدَة مِنْ خِلَافَته , فَيَكُون ذَلِكَ فِي أَوَاخِر سَنَة أَرْبَع وَعِشْرِينَ وَأَوَائِل سَنَة خَمْس وَعِشْرِينَ , وَهُوَ الْوَقْت الَّذِي ذَكَرَ أَهْل التَّارِيخ أَنَّ أَرْمِينِيَّة فُتِحَتْ فِيهِ , وَذَلِكَ فِي أَوَّل وِلَايَة الْوَلِيد بْن عُقْبَة بْن أَبِي مُعَيْط عَلَى الْكُوفَة مِنْ قِبَل عُثْمَان.
وَغَفَلَ بَعْض مَنْ أَدْرَكْنَاهُ فَزَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي حُدُود سَنَة ثَلَاثِينَ وَلَمْ يَذْكُر لِذَلِكَ مُسْتَنَدًا.
قَوْله : ( فَأَفْزَعَ حُذَيْفَة اِخْتِلَافهمْ فِي الْقِرَاءَة ) فِي رِوَايَة يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم بْن سَعْد عَنْ أَبِيهِ " فَيَتَنَازَعُونَ فِي الْقُرْآن , حَتَّى سَمِعَ حُذَيْفَة مِنْ اِخْتِلَافهمْ مَا ذَعَرَهُ " وَفِي رِوَايَة يُونُس " فَتَذَاكَرُوا الْقُرْآن , فَاخْتَلَفُوا فِيهِ حَتَّى كَادَ يَكُون بَيْنهمْ فِتْنَة " , وَفِي رِوَايَة عُمَارَة بْن غَزِيَّة أَنَّ حُذَيْفَة قَدِمَ مِنْ غَزْوَة فَلَمْ يَدْخُل بَيْته حَتَّى أَتَى عُثْمَان فَقَالَ : يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ أَدْرِكْ النَّاس , قَالَ.
وَمَا ذَاكَ ؟ قَالَ : غَزَوْت فَرْج أَرْمِينِيَّة , فَإِذَا أَهْل الشَّام يَقْرَءُونَ بِقِرَاءَةِ أُبَيِّ بْن كَعْب فَيَأْتُونَ بِمَا لَمْ يَسْمَع أَهْل الْعِرَاق , وَإِذَا أَهْل الْعِرَاق يَقْرَءُونَ بِقِرَاءَةِ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود فَيَأْتُونَ بِمَا لَمْ يَسْمَع أَهْل الشَّام , فَيُكَفِّر بَعْضهمْ بَعْضًا ".
وَأَخْرَجَ اِبْن أَبِي دَاوُدَ أَيْضًا مِنْ طَرِيق يَزِيد بْن مُعَاوِيَة النَّخَعِيِّ قَالَ " إِنِّي لَفِي الْمَسْجِد زَمَن الْوَلِيد بْن عُقْبَة فِي حَلْقَة فِيهَا حُذَيْفَة فَسَمِعَ رَجُلًا يَقُول قِرَاءَة عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود , وَسَمِعَ آخَر يَقُول قِرَاءَة أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ , فَغَضِبَ ثُمَّ قَامَ فَحَمِدَ اللَّه وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ : هَكَذَا كَانَ مَنْ قَبْلكُمْ اِخْتَلَفُوا , وَاَللَّه لَأَرْكَبَنَّ إِلَى أَمِير الْمُؤْمِنِينَ " وَمِنْ طَرِيق أُخْرَى عَنْهُ " أَنَّ اِثْنَيْنِ اِخْتَلَفَا فِي آيَة مِنْ سُورَة الْبَقَرَة , قَرَأَ هَذَا ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ) وَقَرَأَ هَذَا ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلْبَيْتِ ) فَغَضِبَ حُذَيْفَة وَاحْمَرَّتْ عَيْنَاهُ " وَمِنْ طَرِيق أَبِي الشَّعْثَاء قَالَ " قَالَ حُذَيْفَة يَقُول أَهْل الْكُوفَة قِرَاءَة اِبْن مَسْعُود , وَيَقُول أَهْل الْبَصْرَة قِرَاءَة أَبِي مُوسَى , وَاَللَّه لَئِنْ قَدِمْت عَلَى أَمِير الْمُؤْمِنِينَ لَآمُرَنَّهُ أَنْ يَجْعَلهَا قِرَاءَة وَاحِدَة " وَمِنْ طَرِيق أُخْرَى أَنَّ اِبْن مَسْعُود قَالَ لِحُذَيْفَة : بَلَغَنِي عَنْك كَذَا , قَالَ : نَعَمْ كَرِهْت أَنْ يُقَال قِرَاءَة فُلَان وَقِرَاءَة فُلَان فَيَخْتَلِفُونَ كَمَا اِخْتَلَفَ أَهْل الْكِتَاب.
وَهَذِهِ الْقِصَّة لِحُذَيْفَة يَظْهَر لِي أَنَّهَا مُتَقَدِّمَة عَلَى الْقِصَّة الَّتِي وَقَعَتْ لَهُ فِي الْقِرَاءَة , فَكَأَنَّهُ لَمَّا رَأَى الِاخْتِلَاف أَيْضًا بَيْن أَهْل الشَّام وَالْعِرَاق اِشْتَدَّ خَوْفه فَرَكِبَ إِلَى عُثْمَان وَصَادَفَ أَنَّ عُثْمَان أَيْضًا كَانَ وَقَعَ لَهُ نَحْو ذَلِكَ , فَأَخْرَجَ اِبْن أَبِي دَاوُدَ أَيْضًا فِي " الْمَصَاحِف " مِنْ طَرِيق أَبِي قِلَابَةَ قَالَ " لَمَّا كَانَ فِي خِلَافَة عُثْمَان جَعَلَ الْمُعَلِّم يُعَلِّم قِرَاءَة الرَّجُل وَالْمُعَلِّم يُعَلِّم قِرَاءَة الرَّجُل , فَجَعَلَ الْغِلْمَان يَتَلَقَّوْنَ فَيَخْتَلِفُونَ , حَتَّى اِرْتَفَعَ ذَلِكَ إِلَى الْمُعَلِّمِينَ حَتَّى كَفَّرَ بَعْضهمْ بَعْضًا , فَبَلَغَ ذَلِكَ عُثْمَان فَخَطَبَ فَقَالَ : أَنْتُمْ عِنْدِي تَخْتَلِفُونَ , فَمَنْ نَأَى عَنِّي مِنْ الْأَمْصَار أَشَدّ اِخْتِلَافًا.
فَكَأَنَّهُ وَاَللَّه أَعْلَم لَمَّا جَاءَهُ حُذَيْفَة وَأَعْلَمَهُ بِاخْتِلَافِ أَهْل الْأَمْصَار تَحَقَّقَ عِنْده مَا ظَنَّهُ مِنْ ذَلِكَ.
وَفِي رِوَايَة مُصْعَب بْن سَعْد " فَقَالَ عُثْمَان : تَمْتَرُونَ فِي الْقُرْآن , تَقُولُونَ قِرَاءَة أُبَيٍّ قِرَاءَة عَبْد اللَّه , وَيَقُول الْآخَر وَاَللَّه مَا تُقِيم قِرَاءَتك " وَمِنْ طَرِيق مُحَمَّد بْن سِيرِينَ قَالَ : كَانَ الرَّجُل يَقْرَأ حَتَّى يَقُول الرَّجُل لِصَاحِبِهِ كَفَرْت بِمَا تَقُول , فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى عُثْمَان فَتَعَاظَمَ فِي نَفْسه.
وَعِنْد اِبْن أَبِي دَاوُدَ أَيْضًا مِنْ رِوَايَة بُكَيْر بْن الْأَشَجّ : أَنَّ نَاسًا بِالْعِرَاقِ يُسْأَل أَحَدهمْ عَنْ الْآيَة فَإِذَا قَرَأَهَا قَالَ : إِلَّا أَنِّي أُكَفَّر بِهَذِهِ , فَفَشَا ذَلِكَ فِي النَّاس , فَكُلِّمَ عُثْمَان فِي ذَلِكَ.
قَوْله : ( فَأَرْسَلَ عُثْمَان إِلَى حَفْصَة أَنْ أَرْسِلِي إِلَيْنَا بِالصُّحُفِ نَنْسَخهَا فِي الْمَصَاحِف ) فِي رِوَايَة يُونُس بْن يَزِيد " فَاسْتَخْرَجَ الصَّحِيفَة الَّتِي كَانَ أَبُو بَكْر أَمَرَ زَيْدًا بِجَمْعِهَا فَنَسَخَ مِنْهَا مَصَاحِف فَبَعَثَ بِهَا إِلَى الْآفَاق " وَالْفَرْق بَيْن الصُّحُف وَالْمُصْحَف أَنَّ الصُّحُف الْأَوْرَاق الْمُجَرَّدَة الَّتِي جُمِعَ فِيهَا الْقُرْآن فِي عَهْد أَبِي بَكْر , وَكَانَتْ سُوَر مُفَرَّقَة كُلّ سُورَة مُرَتَّبَة بِآيَاتِهَا عَلَى حِدَة لَكِنْ لَمْ يُرَتَّب بَعْضهَا إِثْر بَعْض , فَلَمَّا نُسِخَتْ وَرُتِّبَ بَعْضهَا إِثْر بَعْض صَارَتْ مُصْحَفًا , وَقَدْ جَاءَ عَنْ عُثْمَان أَنَّهُ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ بَعْد أَنْ اِسْتَشَارَ الصَّحَابَة , فَأَخْرَجَ اِبْن أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيح مِنْ طَرِيق سُوَيْد بْن غَفَلَةَ قَالَ " قَالَ عَلِيّ : لَا تَقُولُوا فِي عُثْمَان إِلَّا خَيْرًا فَوَاَللَّهِ مَا فَعَلَ الَّذِي فَعَلَ فِي الْمَصَاحِف إِلَّا عَنْ مَلَأ مِنَّا " قَالَ مَا تَقُولُونَ فِي هَذِهِ الْقِرَاءَة ؟ فَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ بَعْضهمْ يَقُول إِنَّ قِرَاءَتِي خَيْر مِنْ قِرَاءَتك وَهَذَا يَكَاد أَنْ يَكُون كُفْرًا , قُلْنَا : فَمَا تَرَى ؟ قَالَ : أَرَى أَنْ نَجْمَع النَّاس عَلَى مُصْحَف وَاحِد فَلَا تَكُون فُرْقَة وَلَا اِخْتِلَاف.
قُلْنَا : فَنِعْمَ مَا رَأَيْت.
قَوْله : ( فَأَمَرَ زَيْد بْن ثَابِت وَعَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر وَسَعِيد بْن الْعَاصِ وَعَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَارِث بْن هِشَام فَنَسَخُوهَا فِي الْمَصَاحِف ) وَعِنْد اِبْن أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيق مُحَمَّد بْن سِيرِينَ قَالَ " جَمَعَ عُثْمَان اِثْنَيْ عَشَر رَجُلًا مِنْ قُرَيْش وَالْأَنْصَار مِنْهُمْ أُبَيّ بْن كَعْب , وَأَرْسَلَ إِلَى الرُّقْعَة الَّتِي فِي بَيْت عُمَر , قَالَ فَحَدَّثَنِي كَثِير بْن أَفْلَح وَكَانَ مِمَّنْ يَكْتُب قَالَ : فَكَانُوا إِذَا اِخْتَلَفُوا فِي الشَّيْء أَخَّرُوهُ , قَالَ اِبْن سِيرِينَ أَظُنّهُ لِيَكْتُبُوهُ عَلَى الْعَرْضَة الْأَخِيرَة " وَفِي رِوَايَة مُصْعَب بْن سَعْد " فَقَالَ عُثْمَان : مَنْ أَكْتَب النَّاس ؟ قَالُوا كَاتِب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْد بْن ثَابِت.
قَالَ : فَأَيّ النَّاس أَعْرَب - وَفِي رِوَايَة أَفْصَح - قَالُوا : سَعِيد بْن الْعَاصِ , قَالَ عُثْمَان : فَلْيُمْلِ سَعِيد وَلْيَكْتُبْ زَيْد " وَمِنْ طَرِيق سَعِيد بْن عَبْد الْعَزِيز أَنَّ عَرَبِيَّة الْقُرْآن أُقِيمَتْ عَلَى لِسَان سَعِيد بْن الْعَاصِ بْن سَعِيد بْن الْعَاصِ بْن أُمَيَّة لِأَنَّهُ كَانَ أَشْبَههمْ لَهْجَة بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقُتِلَ أَبُوهُ الْعَاصِي يَوْم بَدْر مُشْرِكًا , وَمَاتَ جَدّه سَعِيد بْن الْعَاصِ قَبْل بَدْر مُشْرِكًا.
قُلْت : وَقَدْ أَدْرَكَ سَعِيد بْن الْعَاصِ هَذَا مِنْ حَيَاة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْع سِنِينَ , قَالَهُ اِبْن سَعْد وَعَدُّوهُ لِذَلِكَ فِي الصَّحَابَة , وَحَدِيثه عَنْ عُثْمَان وَعَائِشَة فِي صَحِيح مُسْلِم , وَاسْتَعْمَلَهُ عُثْمَان عَلَى الْكُوفَة وَمُعَاوِيَة عَلَى الْمَدِينَة , وَكَانَ مِنْ أَجْوَاد قُرَيْش وَحُلَمَائِهَا , وَكَانَ مُعَاوِيَة يَقُول : لِكُلِّ قَوْم كَرِيم , وَكَرِيمنَا سَعِيد.
وَكَانَتْ وَفَاته بِالْمَدِينَةِ سَنَة سَبْع أَوْ ثَمَان أَوْ تِسْع وَخَمْسِينَ.
وَوَقَعَ فِي رِوَايَة عُمَارَة بْن غَزِيَّة " أَبَان بْن سَعِيد بْن الْعَاصِ " بَدَل " سَعِيد " قَالَ الْخَطِيب : وَوَهِمَ عُمَارَة فِي ذَلِكَ لِأَنَّ أَبَان قُتِلَ بِالشَّامِ فِي خِلَافَة عُمَر وَلَا مَدْخَل لَهُ فِي هَذِهِ الْقِصَّة , وَاَلَّذِي أَقَامَهُ عُثْمَان فِي ذَلِكَ هُوَ سَعِيد بْن الْعَاصِ بْنِ أَخِي أَبَان الْمَذْكُور ا ه.
وَوَقَعَ مِنْ تَسْمِيَة بَقِيَّة مَنْ كَتَبَ أَوْ أَمْلَى عِنْد اِبْن أَبِي دَاوُدَ مُفَرَّقًا جَمَاعَة : مِنْهُمْ مَالِك بْن أَبِي عَامِر جَدّ مَالِك بْن أَنَس مِنْ رِوَايَته وَمِنْ رِوَايَة أَبِي قِلَابَةَ عَنْهُ , وَمِنْهُمْ كَثِير بْن أَفْلَح كَمَا تَقَدَّمَ , وَمِنْهُمْ أُبَيّ بْن كَعْب كَمَا ذَكَرْنَا , وَمِنْهُمْ أَنَس بْن مَالِك , وَعَبْد اللَّه بْن عَبَّاس.
وَقَعَ ذَلِكَ فِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل بْن مَجْمَع عَنْ اِبْن شِهَاب فِي أَصْل حَدِيث الْبَاب , فَهَؤُلَاءِ تِسْعَة عَرَفْنَا تَسْمِيَتهمْ مِنْ الِاثْنَيْ عَشَر , وَقَدْ أَخْرَجَ اِبْن أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيق عَبْد اللَّه بْن مُغَفَّل وَجَابِر بْنِ سَمُرَة قَالَ " قَالَ عُمَر بْن الْخَطَّاب : لَا يُمْلِيَنَّ فِي مَصَاحِفنَا إِلَّا غِلْمَان قُرَيْش وَثَقِيف " وَلَيْسَ فِي الَّذِينَ سَمَّيْنَاهُمْ أَحَد مِنْ ثَقِيف بَلْ كُلّهمْ إِمَّا قُرَيْشِيّ أَوْ أَنْصَارِيّ , وَكَأَنَّ اِبْتِدَاء الْأَمْر كَانَ لِزَيْدٍ وَسَعِيد لِلْمَعْنَى الْمَذْكُور فِيهِمَا فِي رِوَايَة مُصْعَب , ثُمَّ اِحْتَاجُوا إِلَى مَنْ يُسَاعِد فِي الْكِتَابَة بِحَسَبِ الْحَاجَة إِلَى عَدَد الْمَصَاحِف الَّتِي تُرْسَل إِلَى الْآفَاق فَأَضَافُوا إِلَى زَيْد مَنْ ذُكِرَ ثُمَّ اِسْتَظْهَرُوا بِأُبَيّ بْن كَعْب فِي الْإِمْلَاء.
وَقَدْ شَقَّ عَلَى اِبْن مَسْعُود صَرْفه عَنْ كِتَابَة الْمُصْحَف حَتَّى قَالَ مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ فِي آخِر حَدِيث إِبْرَاهِيم بْن سَعْد عَنْ اِبْن شِهَاب مِنْ طَرِيق عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ عَنْهُ , قَالَ اِبْن شِهَاب : فَأَخْبَرَنِي عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن عُتْبَة بْن مَسْعُود أَنَّ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود كَرِهَ لِزَيْدِ بْن ثَابِت نَسْخ الْمَصَاحِف وَقَالَ : يَا مَعْشَر الْمُسْلِمِينَ أَعْزِل عَنْ نَسْخ كِتَابَة الْمَصَاحِف وَيَتَوَلَّاهَا رَجُل وَاَللَّه لَقَدْ أَسْلَمْت وَإِنَّهُ لَفِي صُلْب رَجُل كَافِر ؟ يُرِيد زَيْد بْن ثَابِت.
وَأَخْرَجَ اِبْن أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيق خُمَيْر بْن مَالِك بِالْخَاءِ مُصَغَّر : سَمِعْت اِبْن مَسْعُود يَقُول لَقَدْ أَخَذْت مِنْ فِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعِينَ سُورَة وَإِنَّ زَيْد بْن ثَابِت لَصَبِيّ مِنْ الصِّبْيَان.
وَمِنْ طَرِيق أَبِي وَائِل عَنْ اِبْن مَسْعُود بِضْعًا وَسَبْعِينَ سُورَة.
وَمِنْ طَرِيق زِرّ بْن حُبَيْشٍ عَنْهُ مِثْله وَزَادَ : وَإِنَّ لِزَيْدِ بْن ثَابِت ذُؤَابَتَيْنِ.
وَالْعُذْر لِعُثْمَان فِي ذَلِكَ أَنَّهُ فَعَلَهُ بِالْمَدِينَةِ وَعَبْد اللَّه بِالْكُوفَةِ وَلَمْ يُؤَخِّر مَا عَزَمَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ إِلَى أَنْ يُرْسِل إِلَيْهِ وَيَحْضُر وَأَيْضًا فَإِنَّ عُثْمَان إِنَّمَا أَرَادَ نَسْخ الصُّحُف الَّتِي كَانَتْ جُمِعَتْ فِي عَهْد أَبِي بَكْر وَأَنْ يَجْعَلهَا مُصْحَفًا وَاحِدًا , وَكَانَ الَّذِي نَسَخَ ذَلِكَ فِي عَهْد أَبِي بَكْر هُوَ زَيْد بْن ثَابِت كَمَا تَقَدَّمَ لِكَوْنِهِ كَانَ كَاتِب الْوَحْي , فَكَانَتْ لَهُ فِي ذَلِكَ أَوَّلِيَّة لَيْسَتْ لِغَيْرِهِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيّ فِي آخِر الْحَدِيث الْمَذْكُور عَنْ اِبْن شِهَاب قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ مِنْ مَقَالَة عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود رِجَال مِنْ أَفَاضِل الصَّحَابَة.
قَوْله : ( وَقَالَ عُثْمَان لِلرَّهْطِ الْقُرَشِيِّينَ الثَّلَاثَة ) يَعْنِي سَعِيدًا وَعَبْد اللَّه وَعَبْد الرَّحْمَن , لِأَنَّ سَعِيدًا أُمَوِيّ وَعَبْد اللَّه أَسَدِيّ وَعَبْد الرَّحْمَن مَخْزُومِيّ وَكُلّهَا مِنْ بُطُون قُرَيْش.
قَوْله : ( فِي شَيْء مِنْ الْقُرْآن ) فِي رِوَايَة شُعَيْب " فِي عَرَبِيَّة مِنْ عَرَبِيَّة الْقُرْآن " وَزَادَ التِّرْمِذِيّ مِنْ طَرِيق عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ عَنْ إِبْرَاهِيم بْن سَعْد فِي حَدِيث الْبَاب " قَالَ اِبْن شِهَاب فَاخْتَلَفُوا يَوْمَئِذٍ فِي التَّابُوت وَالتَّابُوه , فَقَالَ الْقُرَشِيُّونَ التَّابُوت وَقَالَ زَيْد التَّابُوه , فَرُفِعَ اِخْتِلَافهمْ إِلَى عُثْمَان فَقَالَ : اُكْتُبُوهُ التَّابُوت فَإِنَّهُ نَزَلَ بِلِسَانِ قُرَيْش " وَهَذِهِ الزِّيَادَة أَدْرَجَهَا إِبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل بْن مَجْمَع فِي رِوَايَته عَنْ اِبْن شِهَاب فِي حَدِيث زَيْد بْن ثَابِت , قَالَ الْخَطِيب : وَإِنَّمَا رَوَاهَا اِبْن شِهَاب مُرْسَلَة.
قَوْله : ( حَتَّى إِذَا نَسَخُوا الصُّحُف فِي الْمَصَاحِف رَدَّ عُثْمَان الصُّحُف إِلَى حَفْصَة ) زَادَ أَبُو عُبَيْد وَابْن أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيق شُعَيْب عَنْ اِبْن شِهَاب قَالَ أَخْبَرَنِي سَالِم بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر قَالَ " كَانَ مَرْوَان يُرْسِل إِلَى حَفْصَة - يَعْنِي حِين كَانَ أَمِير الْمَدِينَة مِنْ جِهَة مُعَاوِيَة - يَسْأَلهَا الصُّحُف الَّتِي كُتِبَ مِنْهَا الْقُرْآن فَتَأْبَى أَنْ تُعْطِيه , قَالَ سَالِم فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ حَفْصَة وَرَجَعْنَا مِنْ دَفْنهَا أَرْسَلَ مَرْوَان بِالْعَزِيمَةِ إِلَى عَبْد اللَّه بْن عُمَر لِيُرْسِلَنَّ إِلَيْهِ تِلْكَ الصُّحُف , فَأَرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِ عَبْد اللَّه بْن عُمَر , فَأَمَرَ بِهَا مَرْوَان فَشُقِّقَتْ وَقَالَ : إِنَّمَا فَعَلْت هَذَا لِأَنِّي خَشِيت إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَان أَنْ يَرْتَاب فِي شَأْن هَذِهِ الصُّحُف مُرْتَاب " وَوَقَعَ فِي رِوَايَة أَبِي عُبَيْدَة " فَمُزِّقَتْ " قَالَ أَبُو عُبَيْد : لَمْ يُسْمَع أَنَّ مَرْوَان مَزَّقَ الصُّحُف إِلَّا فِي هَذِهِ الرِّوَايَة.
قُلْت : قَدْ أَخْرَجَهُ اِبْن أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيق يُونُس بْن يَزِيد عَنْ اِبْن شِهَاب نَحْوه وَفِيهِ " فَلَمَّا كَانَ مَرْوَان أَمِير الْمَدِينَة أَرْسَلَ إِلَى حَفْصَة يَسْأَلهَا الصُّحُف , فَمَنَعَتْهُ إِيَّاهَا , قَالَ فَحَدَّثَنِي سَالِم بْن عَبْد اللَّه قَالَ : لَمَّا تُوُفِّيَتْ حَفْصَة " فَذَكَرَهُ وَقَالَ فِيهِ " فَشَقَّقَهَا وَحَرَّقَهَا " وَوَقَعَتْ هَذِهِ الزِّيَادَة فِي رِوَايَة عُمَارَة بْن غَزِيَّة أَيْضًا بِاخْتِصَارٍ , لَكِنْ أَدْرَجَهَا أَيْضًا فِي حَدِيث زَيْد بْن ثَابِت وَقَالَ فِيهِ " فَغَسَلَهَا غَسْلًا " وَعِنْد اِبْن أَبِي دَاوُدَ مِنْ رِوَايَة مَالِك عَنْ اِبْن شِهَاب عَنْ سَالِم أَوْ خَارِجَة أَنَّ أَبَا بَكْر لَمَّا جَمَعَ الْقُرْآن سَأَلَ زَيْد بْن ثَابِت النَّظَر فِي ذَلِكَ فَذَكَرَ الْحَدِيث مُخْتَصَرًا إِلَى أَنْ قَالَ " فَأَرْسَلَ عُثْمَان إِلَى حَفْصَة فَطَلَبَهَا فَأَبَتْ حَتَّى عَاهَدَهَا لَيَرُدَّنَّهَا إِلَيْهَا , فَنَسَخَ مِنْهَا ثُمَّ رَدَّهَا , فَلَمْ تَزَلْ عِنْدهَا حَتَّى أَرْسَلَ مَرْوَان فَأَخَذَهَا فَحَرَّقَهَا " وَيُجْمَع بِأَنَّهُ صَنَعَ بِالصُّحُفِ جَمِيع ذَلِكَ مِنْ تَشْقِيق ثُمَّ غَسْل ثُمَّ تَحْرِيق , وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة فَيَكُون مَزَّقَهَا ثُمَّ غَسَلَهَا وَاَللَّه أَعْلَم.
قَوْله : ( فَأَرْسَلَ إِلَى كُلّ أُفُق بِمُصْحَفٍ مِمَّا نَسَخُوا ) فِي رِوَايَة شُعَيْب " فَأَرْسَلَ إِلَى كُلّ جُنْد مِنْ أَجْنَاد الْمُسْلِمِينَ بِمُصْحَفٍ ".
وَاخْتَلَفُوا فِي عِدَّة الْمَصَاحِف الَّتِي أَرْسَلَ بِهَا عُثْمَان إِلَى الْآفَاق , فَالْمَشْهُور أَنَّهَا خَمْسَة , وَأَخْرَجَ اِبْن أَبِي دَاوُدَ فِي " كِتَاب الْمَصَاحِف " مِنْ طَرِيق حَمْزَة الزَّيَّات قَالَ : أَرْسَلَ عُثْمَان أَرْبَعَة مَصَاحِف , وَبَعَثَ مِنْهَا إِلَى الْكُوفَة بِمُصْحَفٍ فَوَقَعَ عِنْد رَجُل مِنْ مُرَاد , فَبَقِيَ حَتَّى كَتَبْت مُصْحَفِي عَلَيْهِ.
قَالَ اِبْن أَبِي دَاوُدَ أَبَا حَاتِم السِّجِسْتَانِيّ يَقُول : كَتَبْت سَبْعَة مَصَاحِف إِلَى مَكَّة وَإِلَى الشَّام وَإِلَى الْيَمَن وَإِلَى الْبَحْرَيْنِ وَإِلَى الْبَصْرَة وَإِلَى الْكُوفَة , وَحَبَسَ بِالْمَدِينَةِ وَاحِدًا.
وَأُخْرِجَ بِإِسْنَادٍ صَحِيح إِلَى إِبْرَاهِيم النَّخَعِيِّ قَالَ : قَالَ لِي رَجُل مِنْ أَهْل الشَّام مُصْحَفنَا وَمُصْحَف أَهْل الْبَصْرَة أَضْبَط مِنْ مُصْحَف أَهْل الْكُوفَة , قُلْت : لِمَ ؟ قَالَ : لِأَنَّ عُثْمَان بَعَثَ إِلَى الْكُوفَة لَمَّا بَلَغَهُ مِنْ اِخْتِلَافهمْ بِمُصْحَفٍ قَبْل أَنْ يُعْرَض , وَبَقِيَ مُصْحَفنَا وَمُصْحَف أَهْل الْبَصْرَة حَتَّى عُرِضَا.
قَوْله : ( وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ مِنْ الْقُرْآن فِي كُلّ صَحِيفَة أَوْ مُصْحَف أَنْ يُحْرَق ) فِي رِوَايَة الْأَكْثَر " أَنْ يُخْرَق " بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة , وَلِلْمَرْوَزِيّ بِالْمُهْمَلَةِ وَرَوَاهُ الْأَصِيلِيّ بِالْوَجْهَيْنِ , وَالْمُعْجَمَة أَثْبَت.
وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ " أَنْ تُمْحَى أَوْ تُحْرَق " وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَة شُعَيْب عِنْد اِبْن أَبِي دَاوُدَ وَالطَّبَرَانِيِّ وَغَيْرهمَا " وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُحَرِّقُوا كُلّ مُصْحَف يُخَالِف الْمُصْحَف الَّذِي أَرْسَلَ بِهِ , قَالَ : فَذَلِكَ زَمَان حُرِّقَتْ الْمَصَاحِف بِالْعِرَاقِ بِالنَّارِ " وَفِي رِوَايَة سُوَيْد بْن غَفَلَةَ عَنْ عَلِيّ قَالَ " لَا تَقُولُوا لِعُثْمَان فِي إِحْرَاق الْمَصَاحِف إِلَّا خَيْرًا " وَفِي رِوَايَة بُكَيْر بْن الْأَشَجّ " فَأَمَرَ بِجَمْعِ الْمَصَاحِف فَأَحْرَقَهَا , ثُمَّ بَثَّ فِي الْأَجْنَاد الَّتِي كَتَبَ " وَمِنْ طَرِيق مُصْعَب بْن سَعْد قَالَ " أَدْرَكْت النَّاس مُتَوَافِرِينَ حِين حَرَّقَ عُثْمَان الْمَصَاحِف , فَأَعْجَبَهُمْ ذَلِكَ - أَوْ قَالَ - لَمْ يُنْكِر ذَلِكَ مِنْهُمْ أَحَد " وَفِي رِوَايَة أَبِي قِلَابَةَ " فَلَمَّا فَرَغَ عُثْمَان مِنْ الْمُصْحَف كَتَبَ إِلَى أَهْل الْأَمْصَار : إِنِّي قَدْ صَنَعْت كَذَا وَكَذَا وَمَحَوْت مَا عِنْدِي , فَامْحُوا مَا عِنْدكُمْ " وَالْمَحْو أَعَمّ مِنْ أَنْ يَكُون بِالْغَسْلِ أَوْ التَّحْرِيق , وَأَكْثَر الرِّوَايَات صَرِيح فِي التَّحْرِيق فَهُوَ الَّذِي وَقَعَ , وَيَحْتَمِل وُقُوع كُلّ مِنْهُمَا بِحَسَبِ مَا رَأَى مَنْ كَانَ بِيَدِهِ شَيْء مِنْ ذَلِكَ , وَقَدْ جَزَمَ عِيَاض بِأَنَّهُمْ غَسَلُوهَا بِالْمَاءِ ثُمَّ أَحْرَقُوهَا مُبَالَغَة فِي إِذْهَابهَا.
قَالَ اِبْن بَطَّال : فِي هَذَا الْحَدِيث جَوَاز تَحْرِيق الْكُتُب الَّتِي فِيهَا اِسْم اللَّه بِالنَّارِ وَأَنَّ ذَلِكَ إِكْرَام لَهَا وَصَوْن عَنْ وَطْئِهَا بِالْأَقْدَامِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْد الرَّزَّاق مِنْ طَرِيق طَاوُسٍ أَنَّهُ كَانَ يُحَرِّق الرَّسَائِل الَّتِي فِيهَا الْبَسْمَلَة إِذَا اِجْتَمَعَتْ , وَكَذَا فَعَلَ عُرْوَة , وَكَرِهَهُ إِبْرَاهِيم , وَقَالَ اِبْن عَطِيَّة : الرِّوَايَة بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَة أَصَحّ.
وَهَذَا الْحُكْم هُوَ الَّذِي وَقَعَ فِي ذَلِكَ الْوَقْت , وَأَمَّا الْآن فَالْغَسْل أَوْلَى لِمَا دَعَتْ الْحَاجَة إِلَى إِزَالَته.
وَقَوْله " وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ " أَيْ بِمَا سِوَى الْمُصْحَف الَّذِي اِسْتَكْتَبَهُ وَالْمَصَاحِف الَّتِي نُقِلَتْ مِنْهُ وَسِوَى الصُّحُف الَّتِي كَانَتْ عِنْد حَفْصَة وَرَدَّهَا إِلَيْهَا , وَلِهَذَا اِسْتَدْرَكَ مَرْوَان الْأَمْر بَعْدهَا وَأَعْدَمَهَا أَيْضًا خَشْيَة أَنْ يَقَع لِأَحَدٍ مِنْهَا تَوَهُّم أَنَّ فِيهَا مَا يُخَالِف الْمُصْحَف الَّذِي اِسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْأَمْر كَمَا تَقَدَّمَ.
وَاسْتُدِلَّ بِتَحْرِيقِ عُثْمَان الصُّحُف عَلَى الْقَائِلِينَ بِقِدَمِ الْحُرُوف وَالْأَصْوَات لِأَنَّهُ لَا يَلْزَم مِنْ كَوْن كَلَام اللَّه قَدِيمًا أَنْ تَكُون الْأَسْطُر الْمَكْتُوبَة فِي الْوَرَق قَدِيمَة , وَلَوْ كَانَتْ هِيَ عَيْن كَلَام اللَّه لَمْ يَسْتَجِزْ الصَّحَابَة إِحْرَاقهَا وَاَللَّه أَعْلَم.
قَوْله : ( قَالَ اِبْن شِهَاب وَأَخْبَرَنِي خَارِجَة إِلَخْ ) هَذِهِ هِيَ الْقِصَّة الثَّالِثَة وَهِيَ مَوْصُولَة إِلَى اِبْن شِهَاب بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانه وَاضِحًا , وَقَدْ تَقَدَّمَتْ مَوْصُولَة مُفْرَدَة فِي الْجِهَاد وَفِي تَفْسِير سُورَة الْأَحْزَاب , وَظَاهِر حَدِيث زَيْد بْن ثَابِت هَذَا أَنَّهُ فَقَدَ آيَة الْأَحْزَاب مِنْ الصُّحُف الَّتِي كَانَ نَسَخَهَا فِي خِلَافَة أَبِي بَكْر حَتَّى وَجَدَهَا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِت.
وَوَقَعَ فِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل بْن مَجْمَع عَنْ اِبْن شِهَاب أَنَّ فَقْده إِيَّاهَا إِنَّمَا كَانَ فِي خِلَافَة أَبِي بَكْر , وَهُوَ وَهْم مِنْهُ , وَالصَّحِيح مَا فِي الصَّحِيح وَأَنَّ الَّذِي فَقَدَهُ فِي خِلَافَة أَبِي بَكْر الْآيَتَانِ مِنْ آخِر بَرَاءَة وَأَمَّا الَّتِي فِي الْأَحْزَاب فَفَقَدَهَا لَمَّا كَتَبَ الْمُصْحَف فِي خِلَافَة عُثْمَان , وَجَزَمَ اِبْن كَثِير بِمَا وَقَعَ فِي رِوَايَة اِبْن مَجْمَع , وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَاَللَّه أَعْلَم.
قَالَ اِبْن التِّين وَغَيْره : الْفَرْق بَيْن جَمْع أَبِي بَكْر وَبَيْن جَمْع عُثْمَان أَنَّ جَمْع أَبِي بَكْر كَانَ لِخَشْيَةِ أَنْ يَذْهَب مِنْ الْقُرْآن شَيْء بِذَهَابِ حَمَلَته , لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَجْمُوعًا فِي مَوْضِع وَاحِد فَجَمَعَهُ فِي صَحَائِف مُرَتِّبًا لِآيَاتِ سُوَره عَلَى مَا وَقَفَهُمْ عَلَيْهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَجَمْع عُثْمَان كَانَ لَمَّا كَثُرَ الِاخْتِلَاف فِي وُجُوه الْقُرْآن حِين قَرَءُوهُ بِلُغَاتِهِمْ عَلَى اِتِّسَاع اللُّغَات , فَأَدَّى ذَلِكَ بِبَعْضِهِمْ إِلَى تَخْطِئَة بَعْض , فَخَشِيَ مِنْ تَفَاقُم الْأَمْر فِي ذَلِكَ , فَنَسَخَ تِلْكَ الصُّحُف فِي مُصْحَف وَاحِد مُرَتِّبًا لِسُوَرِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي " بَاب تَأْلِيف الْقُرْآن " وَاقْتَصَرَ مِنْ سَائِر اللُّغَات عَلَى لُغَة قُرَيْش مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ نَزَلَ بِلُغَتِهِمْ وَإِنْ كَانَ قَدْ وَسَّعَ فِي قِرَاءَته بِلُغَةِ غَيْرهمْ رَفْعًا لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّة فِي اِبْتِدَاء الْأَمْر , فَرَأَى أَنَّ الْحَاجَة إِلَى ذَلِكَ اِنْتَهَتْ فَاقْتَصَرَ عَلَى لُغَة وَاحِدَة , وَكَانَتْ لُغَة قُرَيْش أَرْجَح اللُّغَات فَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا , وَسَيَأْتِي مَزِيد بَيَان لِذَلِكَ بَعْد بَاب وَاحِد.
( تَنْبِيه ) : قَالَ اِبْن مَعِين لَمْ يَرْوِ أَحَد حَدِيث جَمْع الْقُرْآن أَحْسَن مِنْ سِيَاق إِبْرَاهِيم بْن سَعْد , وَقَدْ رَوَى مَالِك طَرَفًا مِنْهُ عَنْ اِبْن شِهَاب.
حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ وَكَانَ يُغَازِي أَهْلَ الشَّأْمِ فِي فَتْحِ إِرْمِينِيَةَ وَأَذْرَبِيجَانَ مَعَ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَأَفْزَعَ حُذَيْفَةَ اخْتِلَافُهُمْ فِي الْقِرَاءَةِ فَقَالَ حُذَيْفَةُ لِعُثْمَانَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَدْرِكْ هَذِهِ الْأُمَّةَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِفُوا فِي الْكِتَابِ اخْتِلَافَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ أَنْ أَرْسِلِي إِلَيْنَا بِالصُّحُفِ نَنْسَخُهَا فِي الْمَصَاحِفِ ثُمَّ نَرُدُّهَا إِلَيْكِ فَأَرْسَلَتْ بِهَا حَفْصَةُ إِلَى عُثْمَانَ فَأَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ فَنَسَخُوهَا فِي الْمَصَاحِفِ وَقَالَ عُثْمَانُ لِلرَّهْطِ الْقُرَشِيِّينَ الثَّلَاثَةِ إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ فَفَعَلُوا حَتَّى إِذَا نَسَخُوا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ رَدَّ عُثْمَانُ الصُّحُفَ إِلَى حَفْصَةَ وَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ مِمَّا نَسَخُوا وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ مِنْ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ صَحِيفَةٍ أَوْ مُصْحَفٍ أَنْ يُحْرَقَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ فَقَدْتُ آيَةً مِنْ الْأَحْزَابِ حِينَ نَسَخْنَا الْمُصْحَفَ قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ بِهَا فَالْتَمَسْنَاهَا فَوَجَدْنَاهَا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ { مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ } فَأَلْحَقْنَاهَا فِي سُورَتِهَا فِي الْمُصْحَفِ
عن ابن شهاب: أن ابن السباق قال: إن زيد بن ثابت قال: «أرسل إلي أبو بكر رضي الله عنه قال: إنك كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فاتبع الق...
عن البراء قال: «لما نزلت: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله} قال النبي صلى الله عليه وسلم: ادع لي زيدا، وليجئ باللوح والدواة وال...
عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أقرأني جبريل على حرف، فراجعته، فلم أزل أستزيده ويزيدني، حتى انتهى إلى سبعة أحرف».<...
عن عمر بن الخطاب يقول: «سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستمعت لقراءته، فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يق...
عن يوسف بن ماهك قال: «إني عند عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها إذ جاءها عراقي فقال: أي الكفن خير؟ قالت: ويحك وما يضرك.<br> قال: يا أم المؤمنين أريني مص...
عن ابن مسعود يقول: «في بني إسرائيل والكهف ومريم وطه والأنبياء: إنهن من العتاق الأول، وهن من تلادي».<br>
عن البراء بن عازب رضي الله عنه، قال: «تعلمت سبح اسم ربك الأعلى قبل أن يقدم النبي صلى الله عليه وسلم»
قال عبد الله : «قد علمت النظائر التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرؤهن اثنين اثنين في كل ركعة، فقام عبد الله ودخل معه علقمة، وخرج علقمة فسألناه، ف...
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وأجود ما يكون في شهر رمضان؛ لأن جبريل كان يلقاه في كل ليلة في شهر رم...