حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

إن هذه الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا من السام - صحيح البخاري

صحيح البخاري | كتاب الطب باب الحبة السوداء (حديث رقم: 5687 )


5687- ، عن ‌خالد بن سعد قال: خرجنا ومعنا غالب بن أبجر فمرض في الطريق فقدمنا المدينة وهو مريض فعاده ‌ابن أبي عتيق، فقال: لنا عليكم بهذه الحبيبة السوداء فخذوا منها خمسا أو سبعا فاسحقوها، ثم اقطروها في أنفه بقطرات زيت في هذا الجانب وفي هذا الجانب، فإن ‌عائشة حدثتني أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إن هذه الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا من السام».
قلت: وما السام؟ قال: الموت.

أخرجه البخاري


(الحبيبة السوداء) تصغير الحبة وهي الكمون وهو أخضر والعرب تطلق على الأخضر أسود وبالعكس.
(قلت.
.
) قيل السائل هو خالد بن سعد والمجيب هو ابن أبي عتيق وهو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنه

شرح حديث (إن هذه الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا من السام)

فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

‏ ‏قَوْله : ( حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن أَبِي شَيْبَة ) ‏ ‏كَذَا سَمَّاهُ وَنَسَبَهُ لِجَدِّهِ وَهُوَ أَبُو بَكْر , مَشْهُور بِكُنْيَتِهِ أَكْثَر مِنْ اِسْمه " وَأَبُو شَيْبَة جَدّه , وَهُوَ اِبْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم , وَكَانَ إِبْرَاهِيم أَبُو شَيْبَة قَاضِي وَاسِط.
‏ ‏قَوْله : ( حَدَّثَنَا عُبَيْد اللَّه ) ‏ ‏بِالتَّصْغِيرِ كَذَا لِلْجَمِيعِ غَيْر مَنْسُوب , وَكَذَا أَخْرَجَهُ اِبْن مَاجَهْ عَنْ أَبِي بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة عَنْ عُبَيْد اللَّه غَيْر مَنْسُوب , وَجَزَمَ أَبُو نُعَيْم فِي " الْمُسْتَخْرَج " بِأَنَّهُ عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ طَرِيق أَبِي بَكْر الْأَعْيَن وَالْخَطِيب فِي كِتَاب " رِوَايَة الْآبَاء عَنْ الْأَبْنَاء " مِنْ طَرِيق أَبِي مَسْعُود الرَّازِيِّ , وَهُوَ عِنْدنَا بِعُلُوِّ مِنْ طَرِيقه , وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا أَحْمَد بْن حَازِم عَنْ أَبِي غَرَزَة - بِفَتْحِ الْمُعْجَمَة وَالرَّاء وَالزَّاي - فِي مُسْنَده , وَمِنْ طَرِيقه الْخَطِيب أَيْضًا كُلّهمْ عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , وَهُوَ الْكُوفِيّ الْمَشْهُور , وَرِجَال الْإسْنَاد كُلّهمْ كُوفِيُّونَ , وَعُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى مِنْ كِبَار شُيُوخ الْبُخَارِيّ , وَرُبَّمَا حَدَّثَ عَنْهُ بِوَاسِطَةٍ كَاَلَّذِي هُنَا.
‏ ‏قَوْله : ( عَنْ مَنْصُور ) ‏ ‏هُوَ اِبْن الْمُعْتَمِر.
‏ ‏قَوْله : ( عَنْ خَالِد بْن سَعْد ) ‏ ‏هُوَ مَوْلَى أَبِي مَسْعُود الْبَدْرِيّ الْأَنْصَارِيّ , وَمَا لَهُ فِي الْبُخَارِيّ سِوَى هَذَا الْحَدِيث , وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْمَنْجَنِيقِيّ فِي كِتَاب رِوَايَة الْأَكَابِر عَنْ الْأَصَاغِر عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى بِهَذَا الْإِسْنَاد فَأَدْخَلَ بَيْن مَنْصُور وَخَالِد بْن سَعْد مُجَاهِدًا , وَتَعَقَّبَهُ الْخَطِيب بَعْد أَنْ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيق الْمَنْجَنِيقِيّ بِأَنَّ ذِكْر مُجَاهِد فِيهِ وَهْم.
وَوَقَعَ فِي رِوَايَة الْمَنْجَنِيقِيّ أَيْضًا " خَالِد بْن سَعِيد " بِزِيَادَةِ يَاء فِي اِسْم أَبِيهِ , وَهُوَ وَهْم نَبَّهَ عَلَيْهِ الْخَطِيب أَيْضًا.
‏ ‏قَوْله : ( وَمَعَنَا غَالِب بْن أَبْجَر ) ‏ ‏بِمُوَحَّدَةٍ وَجِيم وَزْن أَحْمَد , يُقَال إِنَّهُ الصَّحَابِيّ الَّذِي سَأَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْحُمُر الْأَهْلِيَّة.
وَحَدِيثه عِنْد أَبِي دَاوُدَ.
‏ ‏قَوْله : ( فَعَادَهُ اِبْن أَبِي عَتِيق ) ‏ ‏فِي رِوَايَة أَبِي بَكْر الْأَعْيَن " فَعَادَهُ أَبُو بَكْر بْن أَبِي عَتِيق " وَكَذَا قَالَ سَائِر أَصْحَاب عَبْد اللَّه بْن مُوسَى إِلَّا الْمَنْجَنِيقِيّ فَقَالَ فِي رِوَايَته " عَنْ خَالِد بْن سَعْد عَنْ غَالِب بْن أَبْجَر عَنْ أَبِي بَكْر الصِّدِّيق عَنْ عَائِشَة " وَاخْتَصَرَ الْقِصَّة , وَبِسِيَاقِهَا يَتَبَيَّن الصَّوَاب , قَالَ الْخَطِيب : وَقَوْله فِي السَّنَد " عَنْ غَالِب بْن أَبْجَر " وَهْم فَلَيْسَ لِغَالِبٍ فِيهِ رِوَايَة , وَإِنَّمَا سَمِعَهُ خَالِد مَعَ غَالِب مِنْ أَبِي بَكْر بْن أَبِي عَتِيق , قَالَ وَأَبُو بَكْر بْن أَبِي عَتِيق هَذَا هُوَ عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي بَكْر الصِّدِّيق , وَأَبُو عَتِيق كُنْيَة أَبِيهِ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن , وَهُوَ مَعْدُود فِي الصَّحَابَة لِكَوْنِهِ وُلِدَ فِي عَهْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَبُوهُ وَجَدّه وَجَدّ أَبِيهِ صَحَابَة مَشْهُورُونَ.
‏ ‏قَوْله : ( عَلَيْكُمْ بِهَذِهِ الْحُبَيْبَة السُّوَيْدَاء ) ‏ ‏كَذَا هُنَا بِالتَّصْغِيرِ فِيهِمَا إِلَّا الْكُشْمِيهَنِيّ فَقَالَ " السَّوْدَاء " وَهِيَ رِوَايَة الْأَكْثَر مِمَّنْ قَدَّمْت ذِكْره أَنَّهُ أَخْرَجَ الْحَدِيث.
‏ ‏قَوْله : ( فَإِنَّ عَائِشَة حَدَّثَتْنِي أَنَّ هَذِهِ الْحَبَّة السَّوْدَاء شِفَاء ) ‏ ‏وَلِلْكُشْمِيهَنِيّ " أَنَّ فِي هَذِهِ الْحَبَّة شِفَاء " كَذَا لِلْأَكْثَرِ , وَفِي رِوَايَة الْأَعْيُن " هَذِهِ الْحَبَّة السَّوْدَاء الَّتِي تَكُون فِي الْمِلْح " وَكَانَ هَذَا قَدْ أَشْكَلَ عَلِيّ , ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّهُ يُرِيد الْكَمُّون وَكَانَتْ عَادَتهمْ جَرَتْ أَنْ يُخْلَط بِالْمِلْحِ.
‏ ‏قَوْله : ( إِلَّا مِنْ السَّام ) ‏ ‏بِالْمُهْمَلَةِ بِغَيْرِ هَمْز , وَلِابْنِ مَاجَهْ " إِلَّا أَنْ يَكُون الْمَوْت " , وَفِي هَذَا أَنَّ الْمَوْت دَاء مِنْ جُمْلَة الْأَدْوَاء , قَالَ الشَّاعِر " وَدَاء الْمَوْت لَيْسَ لَهُ دَوَاء " وَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيه إِطْلَاق الدَّاء عَلَى الْمَوْت فِي الْبَاب الْأَوَّل.
‏ ‏قَوْله : ( قُلْت وَمَا السَّام ؟ قَالَ : الْمَوْت ) ‏ ‏لَمْ أَعْرِف اِسْم السَّائِل وَلَا الْقَائِل , وَأَظُنّ السَّائِل خَالِد بْن سَعْد وَالْمُجِيب اِبْن أَبِي عَتِيق.
وَهَذَا الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ اِبْن أَبِي عَتِيق ذَكَرَهُ الْأَطِبَّاء فِي عِلَاج الزُّكَام الْعَارِض مِنْهُ عُطَاس كَثِير وَقَالُوا : تُقْلَى الْحَبَّة السَّوْدَاء ثُمَّ تُدَقّ نَاعِمًا ثُمَّ تُنْقَع فِي زَيْت ثُمَّ يُقَطَّر مِنْهُ فِي الْأَنْف ثَلَاث قَطَرَات , فَلَعَلَّ غَالِب بْن أَبْجَر كَانَ مَزْكُومًا فَلِذَلِكَ وَصَفَ لَهُ اِبْن أَبِي عَتِيق الصِّفَة الْمَذْكُورَة , وَظَاهِر سِيَاقه أَنَّهَا مَوْقُوفَة عَلَيْهِ , وَيَحْتَمِل أَنْ تَكُون عِنْده مَرْفُوعَة أَيْضًا , فَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَة الْأَعْيَن عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ بَعْد قَوْله مِنْ كُلّ دَاء " وَأَقْطِرُوا عَلَيْهَا شَيْئًا مِنْ الزَّيْت " وَفِي رِوَايَة لَهُ أُخْرَى " وَرُبَّمَا قَالَ وَأَقْطِرُوا إِلَخْ " وَادَّعَى الْإِسْمَاعِيلِيّ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَة مُدْرَجَة فِي الْخَبَر , وَقَدْ أَوْضَحَتْ ذَلِكَ رِوَايَة اِبْن أَبِي شَيْبَة ; ثُمَّ وَجَدْتهَا مَرْفُوعَة مِنْ حَدِيث بُرَيْدَةَ فَأَخْرَجَ الْمُسْتَغْفِرِيّ فِي " كِتَاب الطِّبّ " مِنْ طَرِيق حُسَام بْن مِصَكٍّ عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن بُرَيْدَةَ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ الْحَبَّة السَّوْدَاء فِيهَا شِفَاء " الْحَدِيث , قَالَ وَفِي لَفْظ " قِيلَ : وَمَا الْحَبَّة السَّوْدَاء ؟ قَالَ : الشُّونِيز قَالَ : وَكَيْف أَصْنَع بِهَا ؟ قَالَ : تَأْخُذ إِحْدَى وَعِشْرِينَ حَبَّة فَتَصُرّهَا فِي خِرْقَة ثُمَّ تَضَعهَا فِي مَاء لَيْلَة , فَإِذَا أَصْبَحْت قَطَرْت فِي الْمَنْخِر الْأَيْمَن وَاحِدَة وَفِي الْأَيْسَر اِثْنَتَيْنِ , فَإِذَا كَانَ مِنْ الْغَد قَطَرْت فِي الْمَنْخِر الْأَيْمَن اِثْنَتَيْنِ وَفِي الْأَيْسَر وَاحِدَة , فَإِذَا كَانَ الْيَوْم الثَّالِث قَطَرْت فِي الْأَيْمَن وَاحِدَة وَفِي الْأَيْسَر اِثْنَتَيْنِ " وَيُؤْخَذ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى كَوْن الْحَبَّة شِفَاء مِنْ كُلّ دَاء أَنَّهَا لَا تُسْتَعْمَل فِي كُلّ دَاء صِرْفًا بَلْ رُبَّمَا اُسْتُعْمِلَتْ مُفْرَدَة , وَرُبَّمَا اُسْتُعْمِلَتْ مُرَكَّبَة , وَرُبَّمَا اُسْتُعْمِلَتْ مَسْحُوقَة وَغَيْر مَسْحُوقَة , وَرُبَّمَا اُسْتُعْمِلَتْ أَكْلًا وَشُرْبًا وَسَعُوطًا وَضِمَادًا وَغَيْر ذَلِكَ.
وَقِيلَ إِنَّ قَوْله " كُلّ دَاء " تَقْدِيره يَقْبَل الْعِلَاج بِهَا , فَإِنَّهَا تَنْفَع مِنْ الْأَمْرَاض الْبَارِدَة , وَأَمَّا الْحَارَّة فَلَا.
نَعَمْ قَدْ تَدْخُل فِي بَعْض الْأَمْرَاض الْحَارَّة الْيَابِسَة بِالْعَرْضِ فَتُوَصِّل قُوَى الْأَدْوِيَة الرَّطْبَة الْبَارِدَة إِلَيْهَا بِسُرْعَةِ تَنْفِيذهَا , وَيُسْتَعْمَل الْحَارّ فِي بَعْض الْأَمْرَاض الْحَارَّة لِخَاصِّيَّةٍ فِيهِ لَا يُسْتَنْكَر كَالْعَنْزَرُوت فَإِنَّهُ حَارّ وَيُسْتَعْمَل فِي أَدْوِيَة الرَّمَد الْمُرَكَّبَة , مَعَ أَنَّ الرَّمَد وَرَم حَارّ بِاتِّفَاقِ الْأَطِبَّاء , وَقَدْ قَالَ أَهْل الْعِلْم بِالطِّبِّ : إِنَّ طَبْع الْحَبَّة السَّوْدَاء حَارّ يَابِس , وَهِيَ مُذْهِبَة لِلنَّفْخِ , نَافِعَة مِنْ حُمَّى الرِّبْع وَالْبَلْغَم , مُفَتِّحَة لِلسُّدَدِ وَالرِّيح , مُجَفِّفَة لِبَلَّةِ الْمَعِدَة , وَإِذَا دُقَّتْ وَعُجِنَتْ بِالْعَسَلِ وَشُرِبَتْ بِالْمَاءِ الْحَارّ أَذَابَتْ الْحَصَاة وَأَدَرَّتْ الْبَوْل وَالطَّمْث , وَفِيهَا جَلَاء وَتَقْطِيع , وَإِذَا دُقَّتْ وَرُبِطَتْ بِخِرْقَةٍ مِنْ كَتَّان وَأَدِيم شَمّهَا نَفَعَ مِنْ الزُّكَام الْبَارِد , وَإِذَا نُقِعَ مِنْهَا سَبْع حَبَّات فِي لَبَن اِمْرَأَة وَسُعِطَ بِهِ صَاحِب الْيَرَقَان أَفَادَهُ , وَإِذَا شُرِبَ مِنْهَا وَزْن مِثْقَال بِمَاءٍ أَفَادَ مِنْ ضِيق النَّفْس , وَالضِّمَاد بِهَا يَنْفَع مِنْ الصُّدَاع الْبَارِد , وَإِذَا طُبِخَتْ بُخْل وَتُمُضْمِضَ بِهَا نَفَعَتْ مِنْ وَجَع الْأَسْنَان الْكَائِن عَنْ بَرْد , وَقَدْ ذَكَرَ اِبْن الْبَيْطَار وَغَيْره مِمَّنْ صَنَّفَ فِي الْمُفْرَدَات فِي مَنَافِعهَا هَذَا الَّذِي ذَكَرْته وَأَكْثَر مِنْهُ.
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : قَوْله " مِنْ كُلّ دَاء " هُوَ مِنْ الْعَامّ الَّذِي يُرَاد بِهِ الْخَاصّ , لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي طَبْع شَيْء مِنْ النَّبَات مَا يَجْمَع جَمِيع الْأُمُور الَّتِي تُقَابِل الطَّبَائِع فِي مُعَالَجَة الْأَدْوَاء بِمُقَابِلِهَا , وَإِنَّمَا الْمُرَاد أَنَّهَا شِفَاء مِنْ كُلّ دَاء يَحْدُث مِنْ الرُّطُوبَة.
وَقَالَ أَبُو بَكْر بْن الْعَرَبِيّ : الْعَسَل عِنْد الْأَطِبَّاء أَقْرَب إِلَى أَنْ يَكُون دَوَاء مِنْ كُلّ دَاء مِنْ الْحَبَّة السَّوْدَاء , وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ مِنْ الْأَمْرَاض مَا لَوْ شَرِبَ صَاحِبه الْعَسَل لَتَأَذَّى بِهِ , فَإِنْ كَانَ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ فِي الْعَسَل " فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ " الْأَكْثَر الْأَغْلَب فَحَمْل الْحَبَّة السَّوْدَاء عَلَى ذَلِكَ أَوْلَى.
وَقَالَ غَيْره : كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصِف الدَّوَاء بِحَسَبِ مَا يُشَاهِدهُ مِنْ حَال الْمَرِيض , فَلَعَلَّ قَوْله فِي الْحَبَّة السَّوْدَاء وَافَقَ مَرَض مِنْ مِزَاجه بَارِد , فَيَكُون مَعْنِيّ قَوْله " شِفَاء مِنْ كُلّ دَاء " أَيْ مِنْ هَذَا الْجِنْس الَّذِي وَقَعَ الْقَوْل فِيهِ , وَالتَّخْصِيص بِالْحَيْثِيَّةِ كَثِير شَائِع وَاَللَّه أَعْلَم.
وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد بْن أَبِي جَمْرَة : تَكَلَّمَ النَّاس فِي هَذَا الْحَدِيث وَخَصُّوا عُمُومه وَرَدُّوهُ إِلَى قَوْل أَهْل الطِّبّ وَالتَّجْرِبَة , وَلَا خَفَاء بِغَلَطِ قَائِل ذَلِكَ , لِأَنَّا إِذَا صَدَّقْنَا أَهْل الطِّبّ - وَمَدَار عِلْمهمْ غَالِبًا إِنَّمَا هُوَ عَلَى التَّجْرِبَة الَّتِي بِنَاؤُهَا عَلَى ظَنّ غَالِب - فَتَصْدِيق مَنْ لَا يَنْطِق عَنْ الْهَوَى أَوْلَى بِالْقَبُولِ مِنْ كَلَامهمْ.
اِنْتَهَى وَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيه حَمْله عَلَى عُمُومه بِأَنْ يَكُون الْمُرَاد بِذَلِكَ مَا هُوَ أَعَمّ مِنْ الْإِفْرَاد وَالتَّرْكِيب , وَلَا مَحْذُور فِي ذَلِكَ وَلَا خُرُوج عَنْ ظَاهِر الْحَدِيث , وَاَللَّه أَعْلَم.


حديث إن هذه الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا من السام

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏عُبَيْدُ اللَّهِ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏إِسْرَائِيلُ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مَنْصُورٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏خَالِدِ بْنِ سَعْدٍ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏خَرَجْنَا وَمَعَنَا ‏ ‏غَالِبُ بْنُ أَبْجَرَ ‏ ‏فَمَرِضَ فِي الطَّرِيقِ فَقَدِمْنَا ‏ ‏الْمَدِينَةَ ‏ ‏وَهُوَ مَرِيضٌ فَعَادَهُ ‏ ‏ابْنُ أَبِي عَتِيقٍ ‏ ‏فَقَالَ ‏ ‏لَنَا عَلَيْكُمْ بِهَذِهِ الْحُبَيْبَةِ السَّوْدَاءِ فَخُذُوا مِنْهَا خَمْسًا أَوْ سَبْعًا فَاسْحَقُوهَا ثُمَّ اقْطُرُوهَا فِي أَنْفِهِ بِقَطَرَاتِ زَيْتٍ فِي هَذَا الْجَانِبِ وَفِي هَذَا الْجَانِبِ فَإِنَّ ‏ ‏عَائِشَةَ ‏ ‏حَدَّثَتْنِي ‏ ‏أَنَّهَا سَمِعَتْ النَّبِيَّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏يَقُولُ ‏ ‏إِنَّ هَذِهِ الْحَبَّةَ السَّوْدَاءَ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلَّا مِنْ السَّامِ قُلْتُ وَمَا السَّامُ قَالَ الْمَوْتُ

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث صحيح البخاري

في الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام

عن أبي هريرة أخبرهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «في الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام».<br> قال ابن شهاب: والسام: الموت، والحبة...

كانت تأمر بالتلبين للمريض وللمحزون على الهالك

عن ‌عائشة رضي الله عنها: «أنها كانت تأمر بالتلبين للمريض وللمحزون على الهالك، وكانت تقول: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن التلبينة تجم...

كانت تأمر بالتلبينة وتقول هو البغيض النافع

عن ‌عائشة أنها «كانت تأمر بالتلبينة وتقول: هو البغيض النافع.»

احتجم النبي ﷺ وأعطى الحجام أجره واستعط

عن ‌ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «احتجم وأعطى الحجام أجره واستعط.»

عليكم بهذا العود الهندي فإن فيه سبعة أشفية

عن ‌أم قيس بنت محصن قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «عليكم بهذا العود الهندي؛ فإن فيه سبعة أشفية، يستعط به من العذرة، ويلد به من ذات الجنب.»...

احتجم النبي ﷺ وهو صائم

عن ‌ابن عباس قال: «احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وهو صائم.»

احتجم النبي ﷺ وهو محرم

عن ‌ابن عباس قال: «احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وهو محرم.»

إن أمثل ما تداويتم به الحجامة والقسط البحري

عن ‌أنس رضي الله عنه، «أنه سئل عن أجر الحجام، فقال احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم حجمه أبو طيبة وأعطاه صاعين من طعام وكلم مواليه فخففوا عنه وقال:...

لا أبرح حتى تحتجم فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول إن في...

عن ‌عاصم بن عمر بن قتادة : «أن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، عاد المقنع، ثم قال: لا أبرح حتى تحتجم،» فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إ...