5931- عن عبد الله: «لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله تعالى، ما لي لا ألعن من لعن النبي صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله: {وما آتاكم الرسول فخذوه}.»
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( حَدَّثَنَا عُثْمَان ) هُوَ اِبْن أَبِي شَيْبَة , وَجَرِير هُوَ اِبْن عَبْد الْحَمِيد , وَمَنْصُور هُوَ اِبْن الْمُعْتَمِر وَإِبْرَاهِيم هُوَ النَّخَعِيُّ , وَعَلْقَمَة هُوَ اِبْن قَيْس , وَالْإِسْنَاد كُلّه كُوفِيُّونَ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ : تَابَعَ مَنْصُور الْأَعْمَش.
وَمِنْ أَصْحَاب الْأَعْمَش مَنْ لَمْ يُذْكَر عَنْهُ عَلْقَمَة فِي السَّنَد.
وَقَالَ إِبْرَاهِيم بْن مُهَاجِر عَنْ إِبْرَاهِيم النَّخَعِيِّ عَنْ أُمّ يَعْقُوب عَنْ اِبْن مَسْعُود , وَالْمَحْفُوظ قَوْل مَنْصُور.
قَوْله : ( لَعَنَ اللَّه الْوَاشِمَات ) جَمْع وَاشِمَة بِالشِّينِ الْمُعْجَمَة وَهِيَ الَّتِي تَشِم ( وَالْمُسْتَوْشِمَات ) جَمْع مُسْتَوْشِمَة وَهِيَ الَّتِي تَطْلُب الْوَشْم , وَنَقَلَ اِبْن التَّيْم عَنْ الدَّاوُدِيِّ أَنَّهُ قَالَ : الْوَاشِمَة الَّتِي يُفْعَل بِهَا الْوَشْم وَالْمُسْتَوْشِمَة الَّتِي تَفْعَلهُ , وَرَدَ عَلَيْهِ ذَلِكَ.
وَسَيَأْتِي بَعْد بَابَيْنِ مِنْ وَجْه آخَر عَنْ مَنْصُور بِلَفْظِ " الْمُسْتَوْشِمَات " وَهُوَ بِكَسْرِ الشِّين الَّتِي تَفْعَل ذَلِكَ وَبِفَتْحِهَا الَّتِي تَطْلُب ذَلِكَ , وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيق مُفَضَّل بْن مُهَلْهِل عَنْ مَنْصُور " وَالْمَوْشُومَات " وَهِيَ مَنْ يُفْعَل بِهَا الْوَشْم.
قَالَ أَهْل اللُّغَة : الْوَشْم بِفَتْحٍ ثُمَّ سُكُون أَنْ يَغْرِز فِي الْعُضْو إِبْرَة أَوْ نَحْوهَا حَتَّى يَسِيل الدَّم ثُمَّ يُحْشَى بِنَوْرَةٍ أَوْ غَيْرهَا فَيَخْضَرّ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي السُّنَن.
الْوَاشِمَة الَّتِي تَجْعَل الْخِيلَان فِي وَجْههَا بِكُحْلٍ أَوْ مِدَاد , وَالْمُسْتَوْشِمَة الْمَعْمُول بِهَا اِنْتَهَى.
وَذُكِرَ الْوَجْه لِلْغَالِبِ وَأَكْثَر مَا يَكُون فِي الشَّفَة وَسَيَأْتِي عَنْ نَافِع فِي آخِر الْبَاب الَّذِي يَلِيه أَنَّهُ يَكُون فِي اللِّثَة , فَذِكْر الْوَجْه لَيْسَ قَيْدًا , وَقَدْ يَكُون فِي الْيَد وَغَيْرهَا مِنْ الْجَسَد , وَقَدْ يُفْعَل ذَلِكَ نَقْشًا , وَقَدْ يُجْعَل دَوَائِر , وَقَدْ يُكْتَب اِسْم الْمَحْبُوب , وَتَعَاطِيه حَرَام بِدَلَالَةِ اللَّعْن كَمَا فِي حَدِيث الْبَاب , وَيَصِير الْمَوْضِع الْمَوْشُوم نَجِسًا لِأَنَّ الدَّم اِنْحَبَسَ فِيهِ فَتَجِب إِزَالَته إِنْ أَمْكَنَتْ وَلَوْ بِالْجَرْحِ إِلَّا إِنْ خَافَ مِنْهُ تَلَفًا أَوْ شَيْنًا أَوْ فَوَات مَنْفَعَة عُضْو فَيَجُوز إِبْقَاؤُهُ , وَتَكْفِي التَّوْبَة فِي سُقُوط الْإِثْم , وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الرَّجُل وَالْمَرْأَة.
قَوْله : ( وَالْمُتَنَمِّصَات ) يَأْتِي شَرْحه فِي بَاب مُفْرَد يَلِي الْبَاب الَّذِي يَلِيه , وَوَقَعَ عِنْد أَبِي دَاوُد عَنْ مُحَمَّد بْن عِيسَى عَنْ جَرِير " الْوَاصِلَات " بَدَل الْمُتَنَمِّصَات هُنَا.
قَوْله : ( وَالْمُتَفَلِّجَات لِلْحُسْنِ ) يُفْهَم مِنْهُ أَنَّ الْمَذْمُومَة مَنْ فَعَلَتْ ذَلِكَ لِأَجْلِ الْحُسْن فَلَوْ اِحْتَاجَتْ إِلَى ذَلِكَ لِمُدَاوَاةٍ مِثْلًا جَازَ.
قَوْله : ( الْمُغَيِّرَات خَلْق اللَّه ) هِيَ صِفَة لَازِمَة لِمَنْ يَصْنَع الْوَشْم وَالنَّمْص وَالْفَلْج وَكَذَا الْوَصْل عَلَى إِحْدَى الرِّوَايَات.
قَوْله : ( مَا لِي لَا أَلْعَن ) كَذَا هُنَا بِاخْتِصَارٍ , وَيَأْتِي بَعْد بَاب عَنْ إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم عَنْ جَرِير بِزِيَادَةٍ وَلَفْظه " فَقَالَتْ أُمّ يَعْقُوب مَا هَذَا " وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم عَنْ عُثْمَان بْن أَبِي شَيْبَة وَإِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم شَيْخَيْ الْبُخَارِيّ فِيهِ أَتَمّ سِيَاقًا مِنْهُ فَقَالَ : " بَلَغَ ذَلِكَ اِمْرَأَة مِنْ بَنِي أَسَد يُقَال لَهَا أُمّ يَعْقُوب , وَكَانَتْ تَقْرَأ الْقُرْآن , فَأَتَتْهُ فَقَالَتْ : مَا حَدِيث بَلَغَنِي عَنْك أَنَّك لَعَنْت الْوَاشِمَات إِلَخْ ؟ فَقَالَ عَبْد اللَّه : وَمَا لِي لَا أَلْعَن " وَذَكَرَ مُسْلِم أَنَّ السِّيَاق لِإِسْحَاق : " وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ عُثْمَان وَسِيَاقه مُوَافِق لِسِيَاقِ إِسْحَاق إِلَّا فِي أَحْرُف يَسِيرَة لَا تُغَيِّر الْمَعْنَى وَسَبَقَ فِي تَفْسِير سُورَة الْحَشْر لِلْمُصَنِّفِ مِنْ طَرِيق الثَّوْرِيّ عَنْ مَنْصُور بِتَمَامِهِ , لَكِنْ لَمْ يَقُلْ فِيهِ " وَكَانَتْ تَقْرَأ الْقُرْآن " وَمَا فِي قَوْل اِبْن مَسْعُود " مَا لِي لَا أَلْعَن " اِسْتِفْهَامِيَّة , وَجَوَّزَ الْكَرْمَانِيُّ أَنْ تَكُون نَافِيَة وَهُوَ بَعِيد.
قَوْله : ( وَهُوَ فِي كِتَاب اللَّه ( وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُول ) ) كَذَا أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا , زَادَ فِي رِوَايَة إِسْحَاق " فَقَالَتْ وَاَللَّه لَقَدْ قَرَأْت مَا بَيْن اللَّوْحَيْنِ فَمَا وَجَدْته " وَفِي رِوَايَة مُسْلِم عَنْ عُثْمَان " مَا بَيْن لَوْحَيْ الْمُصْحَف " وَالْمُرَاد بِهِ مَا يُجْعَل الْمُصْحَف فِيهِ , وَكَانُوا يَكْتُبُونَ الْمُصْحَف فِي الرِّقّ وَيَجْعَلُونَ لَهُ دَفَّتَيْنِ مِنْ خَشَب , وَقَدْ يُطْلَق عَلَى الْكُرْسِيّ الَّذِي يُوضَع عَلَيْهِ الْمُصْحَف اِسْم لَوْحَيْنِ , قَوْله : ( فَقَالَتْ وَاَللَّه لَقَدْ قَرَأْت ) فِي رِوَايَة مُسْلِم " لَئِنْ كُنْت قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ " كَذَا فِيهِ بِإِثْبَاتِ الْيَاء فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَهِيَ لُغَة , وَالْأَفْصَح حَذْفهَا فِي خِطَاب الْمُؤَنَّث فِي الْمَاضِي.
قَوْله : ( وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُول - إِلَى - فَانْتَهُوا ) فِي رِوَايَة مُسْلِم " قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَمَا آتَاكُمْ إِلَخْ " وَزَادَ " فَقَالَتْ الْمَرْأَة إِنِّي أَرَى شَيْئًا مِنْ هَذَا عَلَى اِمْرَأَتك " وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي تَفْسِير الْحَشْر , وَقَدْ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيق مَسْرُوق عَنْ عَبْد اللَّه وَزَادَ فِي آخِره " فَقَالَ عَبْد اللَّه مَا حَفِظْت وَصِيَّة شُعَيْب إِذًا " يَعْنِي قَوْله تَعَالَى حِكَايَة عَنْ شُعَيْب عَلَيْهِ السَّلَام : ( وَمَا أُرِيد أَنْ أُخَالِفكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ) وَفِي إِطْلَاق اِبْن مَسْعُود نِسْبَة لَعْن مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ إِلَى كِتَاب اللَّه وَفَهْم أُمّ يَعْقُوب مِنْهُ أَنَّهُ أَرَادَ بِكِتَابِ اللَّه الْقُرْآن وَتَقْرِيره لَهَا عَلَى هَذَا الْفَهْم وَمُعَارَضَتهَا لَهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْقُرْآن وَجَوَابه بِمَا أَجَابَ دَلَالَة عَلَى جَوَاز نِسْبَة مَا يَدُلّ عَلَيْهِ الِاسْتِنْبَاط إِلَى كِتَاب اللَّه تَعَالَى وَإِلَى سُنَّة رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسْبَة قَوْلِيَّة , فَكَمَا جَازَ نِسْبَة لَعْن الْوَاشِمَة إِلَى كَوْنه فِي الْقُرْآن لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى : ( وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُول فَخُذُوهُ ) مَعَ ثُبُوت لَعْنه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ يَجُوز نِسْبَة مَنْ فَعَلَ أَمْرًا يَنْدَرِج فِي عُمُوم خَبِير نَبَوِيّ مَا يَدُلّ عَلَى مَنْعه إِلَى الْقُرْآن , فَيَقُول الْقَائِل مَثَلًا : لَعَنَ اللَّه مِنْ غَيْر مَنَار الْأَرْض فِي الْقُرْآن , وَيُسْتَنَد فِي ذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ.
( تَنْبِيه ) : أُمّ يَعْقُوب الْمَذْكُورَة فِي هَذَا الْحَدِيث لَا يُعْرَف اِسْمهَا وَهِيَ مِنْ بَنِي أَسَد بْن خُزَيْمَةَ , وَلَمْ أَقِف لَهَا عَلَى تَرْجَمَة , وَمُرَاجَعَتهَا اِبْن مَسْعُود تَدُلّ عَلَى أَنَّ لَهَا إِدْرَاكًا , وَاَللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى أَعْلَم بِالصَّوَابِ.
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ تَعَالَى مَالِي لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ { وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ }
عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف : «أنه سمع معاوية بن أبي سفيان عام حج وهو على المنبر وهو يقول: وتناول قصة من شعر كانت بيد حرسي، أين علماؤكم؟ سمعت رسول ا...
عن عائشة رضي الله عنها: «أن جارية من الأنصار تزوجت، وأنها مرضت فتمعط شعرها، فأرادوا أن يصلوها فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: لعن الله الواصلة...
عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما: «أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: إني أنكحت ابنتي ثم أصابها شكوى فتمرق رأسها، وزوجها يستحث...
عن أسماء بنت أبي بكر قالت: «لعن النبي صلى الله عليه وسلم الواصلة والمستوصلة.»
عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لعن الله الواصلة والمستوصلة، والواشمة والمستوشمة» قال نافع: الوشم في اللثة.<br>
عن سعيد بن المسيب قال: «قدم معاوية المدينة آخر قدمة قدمها فخطبنا، فأخرج كبة من شعر قال: ما كنت أرى أحدا يفعل هذا غير اليهود، إن النبي صلى الله عليه...
عن علقمة قال: «لعن عبد الله الواشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله، فقالت أم يعقوب: ما هذا؟ قال عبد الله: وما لي لا ألعن من لعن رسول...
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «لعن النبي صلى الله عليه وسلم الواصلة والمستوصلة، والواشمة والمستوشمة.»
عن أسماء قالت: «سألت امرأة النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إن ابنتي أصابتها الحصبة فامرق شعرها، وإني زوجتها أفأصل فيه، فقال: لعن الله...