5985- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من سره أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره، فليصل رحمه.»
(سره) أحب ذلك ورغب فيه.
(يبسط) يوسع ويبارك.
(ينسأ له في أثره) يمد له في عمره ويؤخر أجله ويخلد ذكره.
(فليصل رحمه) فليبر بأقاربه وليحسن إليهم
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( مُحَمَّد بْن مَعْن ) أَيْ اِبْن مُحَمَّد بْن مَعْن بْن نَضْلَة بِنُونٍ مَفْتُوحَة وَمُعْجَمَة سَاكِنَة اِبْن عَمْرو , وَلِنَضْلَة جَدّه الْأَعْلَى صُحْبَة , وَهُوَ قَلِيل الْحَدِيث مُوَثَّق لَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيّ سِوَى هَذَا الْحَدِيث , وَكَذَا أَبُوهُ لَكِنْ لَهُ مَوْضِع آخَر أَوْ مَوْضِعَانِ.
قَوْله : ( سَعِيد هُوَ اِبْن أَبِي سَعِيد ) الْمَقْبُرِيُّ.
قَوْله : ( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَط لَهُ فِي رِزْقه ) فِي حَدِيث أَنَس " مَنْ أَحَبَّ " وَلِلتِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهُ مِنْ وَجْه آخَر عَنْ أَبِي هُرَيْرَة " إِنَّ صِلَة الرَّحِم مَحَبَّة فِي الْأَهْل , مَثْرَاة فِي الْمَال , مَنْسَأَة فِي الْأَثَر " وَعِنْد أَحْمَد بِسَنَد رِجَاله ثِقَات عَنْ عَائِشَة مَرْفُوعًا " صِلَة الرَّحِم وَحُسْن الْجِوَار وَحُسْن الْخُلُق يُعَمِّرَانِ الدِّيَار وَيَزِيدَانِ فِي الْإِعْمَار " وَأَخْرَجَ عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد فِي " زَوَائِد الْمُسْنَد " وَالْبَزَّار وَصَحَّحَهُ الْحَاكِم مِنْ حَدِيث عَلِيّ نَحْو حَدِيثَيْ الْبَاب قَالَ : " وَيُدْفَع عَنْهُ مِيتَة السُّوء " وَلِأَبِي يَعْلَى مِنْ حَدِيث أَنَس رَفَعَهُ " إِنَّ الصَّدَقَة وَصِلَة الرَّحِم يَزِيد اللَّه بِهِمَا فِي الْعُمُر , وَيَدْفَع بِهِمَا مِيتَة السُّوء " فَجَمَعَ الْأَمْرَيْنِ , لَكِنْ سَنَده ضَعِيف.
وَأَخْرَجَ الْمُؤَلِّف فِي " الْأَدَب الْمُفْرَد " مِنْ حَدِيث اِبْن عُمَر بِلَفْظِ " مَنْ اِتَّقَى رَبّه وَوَصَلَ رَحِمه نُسِئَ لَهُ فِي عُمُره , وَثَرِيَ مَاله , وَأَحَبَّهُ أَهْله ".
قَوْله : ( وَيُنْسَأ ) بِضَمِّ أَوَّله وَسُكُون النُّون بَعْدهَا مُهْمَلَة ثُمَّ هَمْزَة أَيْ يُؤَخَّر.
قَوْله : ( فِي أَثَره ) أَيْ فِي أَجَله , وَسُمِّيَ الْأَجَل أَثَرًا لِأَنَّهُ يَتْبَع الْعُمُر , قَالَ زُهَيْر : وَالْمَرْء مَا عَاشَ مَمْدُود لَهُ أَمَل لَا يَنْقَضِي الْعُمُر حَتَّى يَنْتَهِي الْأَثَر وَأَصْله مِنْ أَثَر مَشْيه فِي الْأَرْض , فَإِنَّ مَنْ مَاتَ لَا يَبْقَى لَهُ حَرَكَة فَلَا يَبْقَى لِقَدَمِهِ فِي الْأَرْض أَثَر , قَالَ اِبْن التِّين : ظَاهِر الْحَدِيث يُعَارِض قَوْله تَعَالَى : ( فَإِذَا جَاءَ أَجَلهمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَة وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ) وَالْجَمْع بَيْنهمَا مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدهمَا : أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَة كِنَايَة عَنْ الْبَرَكَة فِي الْعُمُر بِسَبَبِ التَّوْفِيق إِلَى الطَّاعَة , وَعُمَارَة وَقَّتَهُ بِمَا يَنْفَعهُ فِي الْآخِرَة , وَصِيَانَته عَنْ تَضْيِيعه فِي غَيْره ذَلِكَ.
وَمِثْل هَذَا مَا جَاءَ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقَاصَرَ أَعْمَار أُمَّته بِالنِّسْبَةِ لِأَعْمَارِ مَنْ مَضَى مِنْ الْأُمَم فَأَعْطَاهُ اللَّه لَيْلَة الْقَدْر.
وَحَاصِله أَنَّ صِلَة الرَّحِم تَكُون سَبَبًا لِلتَّوْفِيقِ لِلطَّاعَةِ وَالصِّيَانَة عَنْ الْمَعْصِيَة فَيَبْقَى بَعْده الذِّكْر الْجَمِيل , فَكَأَنَّهُ لَمْ يَمُتْ.
وَمِنْ جُمْلَة مَا يَحْصُل لَهُ مِنْ التَّوْفِيق الْعِلْم الَّذِي يَنْتَفِع بِهِ مَنْ بَعْده , وَالصَّدَقَة الْجَارِيَة عَلَيْهِ , وَالْخَلَف الصَّالِح.
وَسَيَأْتِي مَزِيد لِذَلِكَ فِي كِتَاب الْقَدَر إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
ثَانِيهمَا : أَنَّ الزِّيَادَة عَلَى حَقِيقَتهَا , وَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى عِلْم الْمَلَك الْمُوَكَّل بِالْعُمُرِ , وَأَمَّا الْأَوَّل الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآيَة فَبِالنِّسْبَةِ إِلَى عِلْم اللَّه تَعَالَى , كَأَنْ يُقَال لِلْمَلَكِ مَثَلًا : إِنَّ عُمْر فُلَان مِائَة مَثَلًا إِنْ وَصَلَ رَحِمه , وَسِتُّونَ إِنْ قَطَعَهَا.
وَقَدْ سَبَقَ فِي عِلْم اللَّه أَنَّهُ يَصِل أَوْ يَقْطَع , فَاَلَّذِي فِي عِلْم اللَّه لَا يَتَقَدَّم وَلَا يَتَأَخَّر , وَاَلَّذِي فِي عِلْم الْمَلَك هُوَ الَّذِي يُمْكِن فِيهِ الزِّيَادَة وَالنَّقْص وَإِلَيْهِ الْإِشَارَة بِقَوْلِهِ تَعَالَى : ( يَمْحُو اللَّه مَا يَشَاء وَيُثْبِت وَعِنْده أُمّ الْكِتَاب ) فَالْمَحْو وَالْإِثْبَات بِالنِّسْبَةِ لِمَا فِي عِلْم الْمَلَك , وَمَا فِي أُمّ الْكِتَاب هُوَ الَّذِي فِي عِلْم اللَّه تَعَالَى فَلَا مَحْو فِيهِ الْبَتَّة.
وَيُقَال لَهُ الْقَضَاء الْمُبْرَم , وَيُقَال لِلْأَوَّلِ الْقَضَاء الْمُعَلَّق.
وَالْوَجْه الْأَوَّل أَلْيَق بِلَفْظِ حَدِيث الْبَاب , فَإِنَّ الْأَثَر مَا يَتْبَع الشَّيْء , فَإِذَا أُخِّرَ حَسُنَ أَنْ يُحْمَل عَلَى الذِّكْر الْحَسَن بَعْد فَقْد الْمَذْكُور.
وَقَالَ الطِّيبِيُّ : الْوَجْه الْأَوَّل أَظْهَر , وَإِلَيْهِ يُشِير كَلَام صَاحِب " الْفَائِق " قَالَ : وَيَجُوز أَنْ يَكُون الْمَعْنَى أَنَّ اللَّه يُبْقِي أَثَر وَاصِل الرَّحِم فِي الدُّنْيَا طَوِيلًا فَلَا يَضْمَحِلّ سَرِيعًا كَمَا يَضْمَحِلّ أَثَر قَاطِع الرَّحِم.
وَلِمَا أَنْشَدَ أَبُو تَمَّام قَوْله فِي بَعْض الْمَرَاثِي : تُوُفِّيَتْ الْآمَال بَعْد مُحَمَّد وَأَصْبَحَ فِي شُغْل عَنْ السَّفَر السَّفْر قَالَ لَهُ أَبُو دُلَف : لَمْ يَمُتْ مَنْ قِيلَ فِيهِ هَذَا الشِّعْر.
وَمِنْ هَذِهِ الْمَادَّة قَوْل الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام ( وَاجْعَلْ لِي لِسَان صِدْق فِي الْآخَرِينَ ) وَقَدْ وَرَدَ فِي تَفْسِيره وَجْه ثَالِث , فَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي " الصَّغِير " بِسَنَدٍ ضَعِيف عَنْ أَبِي الدَّرْدَاء قَالَ : " ذُكِرَ عِنْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ وَصَلَ رَحِمه أُنْسِئَ لَهُ فِي أَجَله , فَقَالَ : إِنَّهُ لَيْسَ زِيَادَة فِي عُمُره , قَالَ اللَّه تَعَالَى : ( فَإِذَا جَاءَ أَجَلهمْ ) الْآيَة ; وَلَكِنَّ الرَّجُل تَكُون لَهُ الذُّرِّيَّة الصَّالِحَة يَدْعُونَ لَهُ مِنْ بَعْده ".
وَلَهُ فِي " الْكَبِير " مِنْ حَدِيث أَبِي مُشَجِّعَة الْجُهَنِيّ رَفَعَهُ " إِنَّ اللَّه لَا يُؤَخِّر نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلهَا , وَإِنَّمَا زِيَادَة الْعُمُر ذُرِّيَّة صَالِحَة " الْحَدِيث.
وَجَزَمَ اِبْن فَوْرَك بِأَنَّ الْمُرَاد بِزِيَادَةِ الْعُمُر نَفْي الْآفَات عَنْ صَاحِب الْبِرّ فِي فَهْمه وَعَقْله.
وَقَالَ غَيْره فِي أَعَمّ مِنْ ذَلِكَ وَفِي وُجُود الْبَرَكَة فِي رِزْقه وَعِلْمه وَنَحْو ذَلِكَ.
حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْنٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَأَنْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ
عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره، فليصل رحمه.»
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ من خلقه قالت الرحم: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أ...
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الرحم شجنة من الرحمن، فقال الله: من وصلك وصلته ومن قطعك قطعته.»
عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الرحم شجنة، فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته.»
عن عمرو بن العاص، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم جهارا غير سر يقول: " إن آل أبي - قال عمرو: في كتاب محمد بن جعفر بياض - ليسوا بأوليائي، إنما وليي...
عن عبد الله بن عمرو قال سفيان لم يرفعه الأعمش إلى النبي صلى الله عليه وسلم ورفعه حسن وفطر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليس الواصل بالمكافئ، ولك...
عن حكيم بن حزام أنه قال: «يا رسول الله، أرأيت أمورا كنت أتحنث بها في الجاهلية من صلة وعتاقة وصدقة، هل لي فيها من أجر؟ قال حكيم: قال رسول الله صلى الله...
عن أم خالد بنت خالد بن سعيد قالت: «أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أبي وعلي قميص أصفر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سنه سنه، قال عبد الله:...
عن ابن أبي نعم قال: «كنت شاهدا لابن عمر، وسأله رجل عن دم البعوض، فقال: ممن أنت؟ فقال من أهل العراق، قال: انظروا إلى هذا، يسألني عن دم البعوض وقد قتل...