6135- عن أبي شريح الكعبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، جائزته يوم وليلة، والضيافة ثلاثة أيام، فما بعد ذلك فهو صدقة، ولا يحل له أن يثوي عنده حتى يحرجه.»
(يثوي) يقيم.
(يحرجه) يضيق عليه حسا ومعنى
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
حَدِيث أَبِي شُرَيْحٍ " مَنْ كَانَ يُؤْمِن بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر فَلْيُكْرِمْ ضَيْفه " وَقَوْله فِي الطَّرِيق الثَّانِيَة " حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل أَنْبَأَنَا مَالِك مِثْله " يَعْنِي بِإِسْنَادِهِ , وَقَوْله : " أَوْ لِيَصْمُت " ضَبَطَهُ النَّوَوِيّ بِضَمِّ الْمِيم وَقَالَ الطُّوفِيّ سَمِعْنَاهُ بِكَسْرِهَا وَهُوَ الْقِيَاس كَضَرِبَ يَضْرِب , وَقَدْ اِسْتُشْكِلَ التَّخْيِير الَّذِي فِي قَوْله : " فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُت " لِأَنَّ الْمُبَاح إِذَا كَانَ فِي أَحَد الشِّقَّيْنِ لَزِمَ أَنْ يَكُون مَأْمُورًا بِهِ فَيَكُون وَاجِبًا أَوْ مَنْهِيًّا فَيَكُون حَرَامًا , وَالْجَوَاب عَنْ ذَلِكَ أَنَّ صِيغَة أَفْعَل فِي قَوْله : " فَلْيَقُلْ " وَفِي قَوْله : " لِيَسْكُت " لِمُطْلَقِ الْإِذْن الَّذِي هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْمُبَاح وَغَيْره ; نَعَمْ يَلْزَم مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُون الْمُبَاح حَسَنًا لِدُخُولِهِ فِي الْخَيْر , وَمَعْنَى الْحَدِيث أَنَّ الْمَرْء إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّم فَلْيُفَكِّرْ قَبْل كَلَامه , فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ مَفْسَدَة وَلَا يَجُرّ إِلَى مُحَرَّم وَلَا مَكْرُوه فَلْيَتَكَلَّمْ , وَإِنْ كَانَ مُبَاحًا فَالسَّلَامَة فِي السُّكُوت لِئَلَّا يَجُرّ الْمُبَاح إِلَى الْمُحَرَّم وَالْمَكْرُوه.
وَفِي حَدِيث أَبِي ذَرّ الطَّوِيل الَّذِي صَحَّحَهُ اِبْن حِبَّان " وَمَنْ حَسِبَ كَلَامه مِنْ عَمَله قَلَّ كَلَامه إِلَّا فِيمَا يَعْنِيه ".
قَوْله : ( وَلَا يَحِلّ لَهُ أَنْ يَثْوِي عِنْدَه ) قَالَ اِبْن التِّين : هُوَ بِكَسْرِ الْوَاو وَبِفَتْحِهَا فِي الْمَاضِي وَبِكَسْرِهَا فِي الْمُضَارِع.
قَوْله : ( حَتَّى يُحْرِجَهُ ) بِحَاءٍ مُهْمَلَة ثُمَّ جِيم مِنْ الْحَرَج وَهُوَ الضِّيق.
وَالثَّوَاء بِالتَّخْفِيفِ وَالْمَدّ الْإِقَامَة بِمَكَانٍ مُعَيَّن , قَالَ النَّوَوِيّ فِي رِوَايَة لِمُسْلِمٍ " حَتَّى يُؤَثِّمهُ " أَيْ يُوقِعهُ فِي الْإِثْم ; لِأَنَّهُ قَدْ يَغْتَابهُ لِطُولِ مَقَامه أَوْ يَعْرِض لَهُ بِمَا يُؤْذِيه أَوْ يَظُنّ بِهِ ظَنًّا سَيِّئًا , وَهَذَا كُلّه مَحْمُول عَلَى مَا إِذَا لَمْ تَكُنْ الْإِقَامَة بِاخْتِيَارِ صَاحِب الْمَنْزِل بِأَنْ يَطْلُب مِنْهُ الزِّيَادَة فِي الْإِقَامَة أَوْ يَغْلِب عَلَى ظَنّه أَنَّهُ لَا يَكْرَهُ ذَلِكَ , وَهُوَ مُسْتَفَاد مِنْ قَوْله : " حَتَّى يُحْرِجهُ " لِأَنَّ مَفْهُومه إِذَا اِرْتَفَعَ الْحَرَج أَنَّ ذَلِكَ يَجُوز.
وَوَقَعَ عِنْدَ أَحْمَد فِي رِوَايَة عَبْد الْحَمِيد بْن جَعْفَر عَنْ سَعِيد الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ " قِيلَ يَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا يُؤَثِّمهُ ؟ قَالَ : يُقِيم عِنْدَه لَا يَجِد شَيْئًا يُقَدِّمهُ " أَخْرَجَهُ أَحْمَد وَالْحَاكِم وَفِيهِ قِصَّة لِسَلْمَان مَعَ ضَيْفه حَيْثُ طَلَبَ مِنْهُ زِيَادَة عَلَى مَا قَدَّمَ لَهُ فَرَهَنَ مَطْهَرَته بِسَبَبِ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ : الْحَمْد لِلَّهِ.
قَالَ اِبْن بَطَّال إِنَّمَا كُرِهَ لَهُ الْمَقَام بَعْد الثَّلَاث لِئَلَّا يُؤْذِيه فَتَصِير الصَّدَقَة مِنْهُ عَلَى وَجْه الْمَنّ وَالْأَذَى.
قُلْت : وَفِيهِ نَظَرٌ , فَإِنَّ فِي الْحَدِيث " فَمَا زَادَ فَهُوَ صَدَقَة " فَمَفْهُومه أَنَّ الَّذِي فِي الثَّلَاث لَا يُسَمَّى صَدَقَة , فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُول لِئَلَّا يُؤْذِيه فَيُوقِعهُ فِي الْإِثْم بَعْد أَنْ كَانَ مَأْجُورًا.
قَوْله فِي حَدِيث أَبِي شُرَيْحٍ ( جَائِزَته يَوْم وَلَيْلَة ) قَالَ السُّهَيْلِيُّ : رُوِيَ جَائِزَته بِالرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاء وَهُوَ وَاضِح , وَبِالنَّصْبِ عَلَى بَدَلِ الِاشْتِمَال أَيْ يُكْرَم جَائِزَته يَوْمًا وَلَيْلَة.
قَوْله : ( وَالضِّيَافَة ثَلَاثَة أَيَّام فِيمَا بَعْد ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَة ) قَالَ اِبْن بَطَّال سُئِلَ عَنْهُ مَالِك فَقَالَ : يُكْرِمهُ وَيُتْحِفهُ يَوْمًا وَلَيْلَة وَثَلَاثَة أَيَّام ضِيَافَة.
قُلْت : وَاخْتَلَفُوا هَلْ الثَّلَاث غَيْر الْأَوَّل أَوْ يُعَدّ مِنْهَا ؟ فَقَالَ أَبُو عُبَيْد يَتَكَلَّف لَهُ فِي الْيَوْم الْأَوَّل بِالْبِرِّ وَالْإِلْطَاف , وَفِي الثَّانِي وَالثَّالِث : يُقَدِّم لَهُ مَا حَضَرَهُ وَلَا يَزِيدهُ عَلَى عَادَته , ثُمَّ يُعْطِيه مَا يَجُوز بِهِ مَسَافَة يَوْم وَلَيْلَة وَتُسَمَّى الْجِيزَة , وَهِيَ قَدْر مَا يَجُوز بِهِ الْمُسَافِر مِنْ مَنْهَل إِلَى مَنْهَل , وَمِنْهُ الْحَدِيث الْآخَر " أَجِيزُوا الْوَفْد بِنَحْوِ مَا كُنْت أُجِيزهُمْ " وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : مَعْنَاهُ أَنَّهُ إِذَا نَزَلَ بِهِ الضَّيْف أَنْ يُتْحِفهُ وَيَزِيدهُ فِي الْبِرّ عَلَى مَا بِحَضْرَتِهِ يَوْمًا وَلَيْلَة , وَلَا الْيَوْمَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ يُقَدِّم لَهُ مَا يَحْضُرهُ , فَإِذَا مَضَى الثَّلَاث فَقَدْ قَضَى حَقّه فَمَا زَادَ عَلَيْهِ مِمَّا يُقَدِّمهُ لَهُ يَكُون صَدَقَة.
وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَة عَبْد الْحَمِيد بْن جَعْفَر عَنْ سَعِيد الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ عِنْدَ أَحْمَد وَمُسْلِم بِلَفْظِ " الضِّيَافَة ثَلَاثَة أَيَّام , وَجَائِزَته يَوْم وَلَيْلَة " وَهَذَا يَدُلّ عَلَى الْمُغَايَرَة , وَيُؤَيِّدهُ مَا قَالَ أَبُو عُبَيْد.
وَأَجَابَ الطِّيبِيُّ بِأَنَّهَا جُمْلَة مُسْتَأْنَفَة بَيَان لِلْجُمْلَةِ الْأُولَى , كَأَنَّهُ قِيلَ كَيْف يُكْرِمهُ ؟ قَالَ : جَائِزَته.
وَلَا بُدّ مِنْ تَقْدِير مُضَاف أَيْ زَمَان جَائِزَته أَيْ بِرّه وَالضِّيَافَة يَوْم وَلَيْلَة , فَهَذِهِ الرِّوَايَة مَحْمُولَة عَلَى الْيَوْم الْأَوَّل , وَرِوَايَة عَبْد الْحَمِيد عَلَى الْيَوْم الْأَخِير أَيْ قَدْر مَا يَجُوز بِهِ الْمُسَافِر مَا يَكْفِيه يَوْم وَلَيْلَة , فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَل عَلَى هَذَا عَمَلًا بِالرِّوَايَتَيْنِ اِنْتَهَى.
وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمُرَاد بِقَوْلِهِ : " وَجَائِزَته " بَيَانًا لِحَالَةٍ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ الْمُسَافِر تَارَة يُقِيم عِنْدَ مَنْ يَنْزِل عَلَيْهِ فَهَذَا لَا يُزَاد عَلَى الثَّلَاث بِتَفَاصِيلِهَا , وَتَارَة لَا يُقِيم فَهَذَا يُعْطَى مَا يَجُوز بِهِ قَدْر كِفَايَته يَوْمًا وَلَيْلَة , وَلَعَلَّ هَذَا أَعْدَل الْأَوْجُه وَاَللَّه أَعْلَم.
وَاسْتَدَلَّ بِجَعْلِ مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاث صَدَقَة عَلَى أَنَّ الَّذِي قَبْلهَا وَاجِب , فَإِنَّ الْمُرَاد بِتَسْمِيَتِهِ صَدَقَة التَّنْفِير عَنْهُ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاس خُصُوصًا الْأَغْنِيَاء يَأْنَفُونَ غَالِبًا مِنْ أَكْل الصَّدَقَة , وَقَدْ تَقَدَّمَتْ أَجْوِبَة مَنْ لَمْ يُوجِب الضِّيَافَة فِي شَرْح حَدِيث عُقْبَةَ , وَاسْتَدَلَّ اِبْن بَطَّال لِعَدَمِ الْوُجُوب بِقَوْلِهِ : " جَائِزَته " قَالَ : وَالْجَائِزَة تَفَضُّل وَإِحْسَان لَيْسَتْ وَاجِبَة.
وَتُعُقِّبَ بِأَتِّهِ لَيْسَ الْمُرَاد بِالْجَائِزَةِ فِي حَدِيث أَبِي شُرَيْحٍ الْعَطِيَّة بِالْمَعْنَى الْمُصْطَلَح وَهِيَ مَا يُعْطَاهُ الشَّاعِر وَالْوَافِد , فَقَدْ ذَكَرَ فِي الْأَوَائِل أَنَّ أَوَّل مَنْ سَمَّاهَا جَائِزَة بَعْض الْأُمَرَاء مِنْ التَّابِعِينَ وَأَنَّ الْمُرَاد بِالْجَائِزَةِ فِي الْحَدِيث أَنَّهُ يُعْطِيه مَا يُغْنِيه عَنْ غَيْره كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيره قَبْل.
قُلْت : وَهُوَ صَحِيح فِي الْمُرَاد مِنْ الْحَدِيث , وَأَمَّا تَسْمِيَة الْعَطِيَّة لِلشَّاعِرِ وَنَحْوه جَائِزَة فَلَيْسَ بِحَادِثٍ : لِلْحَدِيثِ الصَّحِيح " أَجِيزُوا الْوَفْد " كَمَا تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَة إِلَيْهِ , وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعَبَّاسِ " أَلَا أُعْطِيك , أَلَا أَمْنَحك , أَلَا أُجِيزك " ؟ فَذَكَرَ حَدِيث صَلَاة التَّسْبِيح فَدَلَّ عَلَى أَنَّ اِسْتِعْمَالهَا كَذَلِكَ.
لَيْسَ بِحَادِثٍ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْكَعْبِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ جَائِزَتُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَالضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَمَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَثْوِيَ عِنْدَهُ حَتَّى يُحْرِجَهُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ مِثْلَهُ وَزَادَ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن...
عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أنه قال: «قلنا: يا رسول الله، إنك تبعثنا فننزل بقوم فلا يقروننا، فما ترى، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن نزلتم...
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه،...
عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه قال: «آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء، فزار سلمان أبا الدرداء، فرأى أم الدرداء متبذلة، فقال لها: ما...
عن عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما «أن أبا بكر تضيف رهطا، فقال لعبد الرحمن: دونك أضيافك، فإني منطلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فافرغ من قراهم...
عن أبي عثمان قال عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما، «جاء أبو بكر بضيف له أو بأضياف له، فأمسى عند النبي صلى الله عليه وسلم، فلما جاء قالت أمي: احت...
و 6143- عن رافع بن خديج وسهل بن أبي حثمة : أنهما حدثاه «أن عبد الله بن سهل ومحيصة بن مسعود أتيا خيبر، فتفرقا في النخل، فقتل عبد الله بن سهل، فجاء عب...
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أخبروني بشجرة مثلها مثل المسلم، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، ولا تحت ورقها، فوقع ف...
عن أبي بن كعب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن من الشعر حكمة.»