6145- عن أبي بن كعب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن من الشعر حكمة.»
(حكمة) كلاما نافعا يمنع من السفه والحكمة هي القول الصادق المطابق للواقع
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( عَنْ الزُّهْرِيّ أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْر بْن عَبْد الرَّحْمَن ) يَعْنِي اِبْن الْحَارِث بْن هِشَام الْمَخْزُومِيّ , وَفِي هَذَا الْإِسْنَاد أَرْبَعَة مِنْ التَّابِعِينَ قُرَشِيُّونَ مَدَنِيُّونَ فِي نَسَق , فَالزُّهْرِيّ مِنْ صِغَار التَّابِعِينَ وَأَبُو بَكْر وَمَنْ فَوْقه مِنْ كِبَارهمْ ; وَلِمَرْوَان وَعَبْد الرَّحْمَن مَزِيَّة إِدْرَاك النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنَّهُمَا مِنْ حَيْثُ الرِّوَايَة مَعْدُودَانِ فِي التَّابِعِينَ , وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا أَنَّ لِعَبْدِ الرَّحْمَن رُؤْيَة وَأَنَّهُ عُدَّ لِذَلِكَ فِي الصَّحَابَة , وَكَذَا ذَكَرَ بَعْضهمْ مَرْوَان فِي الصَّحَابَة لِإِدْرَاكِهِ , وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي الشُّرُوط.
وَقَدْ اُخْتُلِفَ عَلَى الزُّهْرِيّ فِي سَنَده : فَالْأَكْثَر عَلَى مَا قَالَ شُعَيْب.
وَقَالَ مَعْمَر فِي الْمَشْهُور عَنْهُ : " عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ عُرْوَة " بَدَل أَبِي بَكْر مَوْصُولًا , وَأَخْرَجَهُ اِبْن أَبِي شَيْبَة عَنْ سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ " عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ عُرْوَة " مُرْسَلًا , وَوَافَقَ رَبَاح بْن أَبِي زَيْد عَنْ مَعْمَر الْجَمَاعَة , وَكَذَا قَالَ هِشَام بْن يُوسُف عَنْ مَعْمَر , لَكِنْ قَالَ عَبْد اللَّه بْن الْأَسْوَد وَكَذَا قَالَ إِبْرَاهِيم بْن سَعِيد : عَنْ الزُّهْرِيّ , وَحُذِفَ يَزِيد بْن هَارُون عَنْ إِبْرَاهِيم بْن سَعْد مَرْوَان مِنْ السَّنَد وَالصَّوَاب إِثْبَاته.
قَوْله : ( إِنَّ مِنْ الشِّعْر حِكْمَة ) أَيْ قَوْلًا صَادِقًا مُطَابِقًا لِلْحَقِّ.
وَقِيلَ : أَصْل الْحِكْمَة الْمَنْع , فَالْمَعْنَى إِنَّ مِنْ الشِّعْر كَلَامًا نَافِعًا يَمْنَع مِنْ السَّفَه.
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ رِوَايَة صَخْر بْن عَبْد اللَّه بْن بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه " سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : إِنَّ مِنْ الْبَيَان سَحَرًا , وَإِنَّ مِنْ الْعِلْم جَهْلًا , وَإِنَّ مِنْ الشِّعْر حِكَمًا , وَإِنَّ مِنْ الْقَوْل عَيًّا.
فَقَالَ صَعْصَعَة بْن صُوحَان : صَدَقَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا قَوْله : " إِنَّ مِنْ الْبَيَان سِحْرًا " فَالرَّجُل يَكُون عَلَيْهِ الْحَقّ وَهُوَ أَلْحَن بِالْحُجَجِ مِنْ صَاحِب الْحَقّ فَيَسْحَر الْقَوْم بِبَيَانِهِ فَيَذْهَب بِالْحَقِّ.
وَأَمَّا قَوْله : " وَإِنَّ مِنْ الْعِلْم جَهْلًا " فَيُكَلَّف الْعَالِم إِلَى عِلْمه مَا لَا يَعْلَم فَيَجْهَل ذَلِكَ.
وَأَمَّا قَوْله : " إِنَّ مِنْ الشِّعْر حِكَمًا " فَهِيَ هَذِهِ الْمَوَاعِظ وَالْأَمْثَال الَّتِي يَتَّعِظ بِهَا النَّاس.
وَأَمَّا قَوْله : " إِنَّ مِنْ الْقَوْل عَيًّا " فَعَرْضك كَلَامك عَلَى مَنْ لَا يُرِيدهُ.
وَقَالَ اِبْن التِّين : مَفْهُومه أَنَّ بَعْض الشِّعْر لَيْسَ كَذَلِكَ ; لِأَنَّ " مِنْ " تَبْعِيضِيَّةٌ.
وَوَقَعَ فِي حَدِيث اِبْن عَبَّاس عِنْدَ الْبُخَارِيّ فِي " الْأَدَب الْمُفْرَد " وَأَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ وَحَسَّنَهُ وَابْن مَاجَهْ بِلَفْظِ " إِنَّ مِنْ الشِّعْر حِكَمًا " وَكَذَا أَخْرَجَهُ اِبْن أَبِي شَيْبَة مِنْ حَدِيث اِبْن مَسْعُود , وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيث بُرَيْدَةَ مِثْله , وَأَخْرَجَ اِبْن أَبِي شَيْبَة مِنْ طَرِيق عَبْد اللَّه بْن عُبَيْد بْن عُمَيْر قَالَ قَالَ أَبُو بَكْر : رُبَّمَا قَالَ الشَّاعِر الْكَلِمَة الْحَكِيمَة.
وَقَالَ اِبْن بَطَّال : مَا كَانَ فِي الشِّعْر وَالرَّجَز ذِكْر اللَّه تَعَالَى وَتَعْظِيم لَهُ وَوَحْدَانِيّته وَإِيثَار طَاعَته وَالِاسْتِسْلَام لَهُ فَهُوَ حَسَن مُرَغَّب فِيهِ , وَهُوَ الْمُرَاد فِي الْحَدِيث بِأَنَّهُ حِكْمَة , وَمَا كَانَ كَذِبًا وَفُحْشًا فَهُوَ مَذْمُوم.
قَالَ الطَّبَرِيُّ : فِي هَذَا الْحَدِيث رَدٌّ عَلَى مَنْ كَرِهَ الشِّعْر مُطْلَقًا وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ اِبْن مَسْعُود " الشِّعْر مَزَامِير الشَّيْطَان " وَعَنْ مَسْرُوق أَنَّهُ تَمَثَّلَ بِأَوَّلِ بَيْت شِعْر ثُمَّ سَكَتَ , فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ : أَخَاف أَنْ أَجِد فِي صَحِيفَتِي شِعْرًا , وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَفَعَهُ " أَنَّ إِبْلِيس لَمَّا أُهْبِطَ إِلَى الْأَرْض قَالَ : رَبّ اِجْعَلْ لِي قُرْآنًا , قَالَ قُرْآنك الشِّعْر " ثُمَّ أَجَابَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّهَا أَخْبَار وَاهِيَة , وَهُوَ كَذَلِكَ , فَحَدِيث أَبِي أُمَامَةَ فِيهِ عَلِيّ بْن يَزِيد الْهَانِيّ وَهُوَ ضَعِيف , وَعَلَى تَقْدِير قُوَّتهَا فَهُوَ مَحْمُول عَلَى الْإِفْرَاط فِيهِ وَالْإِكْثَار مِنْهُ كَمَا سَيَأْتِي تَقْرِيره بَعْد بَاب , وَيَدُلّ عَلَى الْجَوَاز سَائِر أَحَادِيث الْبَاب.
وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيّ فِي " الْأَدَب الْمُفْرَد " عَنْ عُمَر بْن الشَّرِيد عَنْ أَبِيهِ قَالَ : " اِسْتَنْشَدَنِي النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ شِعْر أُمَيَّة بْن أَبِي الصَّلْت فَأَنْشَدْته حَتَّى أَنْشَدْته مِائَة قَافِيَة ".
وَعَنْ مُطَرِّف قَالَ : صَحِبْت عِمْرَان بْن حُصَيْن مِنْ الْكُوفَة إِلَى الْبَصْرَة فَقَلَّ مَنْزِل نَزَلَهُ إِلَّا وَهُوَ يُنْشِدُنِي شِعْرًا.
وَأَسْنَدَ الطَّبَرِيُّ عَنْ جَمَاعَة مِنْ كِبَار الصَّحَابَة وَمِنْ كِبَار التَّابِعِينَ أَنَّهُمْ قَالُوا الشِّعْر وَأَنْشَدُوهُ وَاسْتَنْشَدُوهُ.
وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيّ فِي " الْأَدَب الْمُفْرَد " عَنْ خَالِد بْن كَيْسَانَ قَالَ : كُنْت عِنْدَ اِبْن عُمَر فَوَقَفَ عَلَيْهِ إِيَاس بْن خَيْثَمَةَ فَقَالَ : أَلَا أَنْشُدك مِنْ شِعْرِي ؟ قَالَ : بَلَى وَلَكِنْ لَا تُنْشِدنِي إِلَّا حَسَنًا.
وَأَخْرَجَ اِبْن أَبِي شَيْبَة بِسَنَدٍ حَسَن عَنْ أَبِي سَلَمَة بْن عَبْد الرَّحْمَن قَالَ : " لَمْ يَكُنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْحَرِفِينَ وَلَا مُتَمَاوِتِينَ , وَكَانُوا يَتَنَاشَدُونَ الْأَشْعَار فِي مَجَالِسهمْ وَيَذْكُرُونَ أَمْر جَاهِلِيَّتهمْ , فَإِذَا أُرِيدَ أَحَدهمْ عَلَى شَيْء مِنْ دِينه دَارَتْ حَمَالِيق عَيْنَيْهِ " وَمِنْ طَرِيق عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي بَكْرَة قَالَ : " كُنْت أُجَالِس أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَبِي فِي الْمَسْجِد فَيَتَنَاشَدُونَ الْأَشْعَار وَيَذْكُرُونَ حَدِيث الْجَاهِلِيَّة " وَأَخْرَجَ أَحْمَد وَابْن أَبِي شَيْبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيث جَابِر بْن سَمُرَة قَالَ : " كَانَ أَصْحَاب رَسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَذَاكَرُونَ الشِّعْر وَحَدِيث الْجَاهِلِيَّة عِنْدَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يَنْهَاهُمْ.
وَرُبَّمَا يَتَبَسَّم ".
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ أَخْبَرَهُ أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ مِنْ الشِّعْرِ حِكْمَةً
عن الأسود بن قيس سمعت جندبا يقول: «بينما النبي صلى الله عليه وسلم يمشي، إذ أصابه حجر فعثر فدميت إصبعه، فقال: هل أنت إلا إصبع دميت وفي سبيل الله ما...
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد ألا كل شيء ما خلا الله باطل وكاد أمية بن أبي الصلت أن يسل...
عن سلمة بن الأكوع قال: «خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر فسرنا ليلا، فقال رجل من القوم لعامر بن الأكوع: ألا تسمعنا من هنيهاتك، قال: وكا...
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «أتى النبي صلى الله عليه وسلم على بعض نسائه ومعهن أم سليم، فقال: ويحك يا أنجشة، رويدك سوقا بالقوارير»، قال أبو قلابة...
عن عائشة رضي الله عنها قالت: «استأذن حسان بن ثابت رسول الله صلى الله عليه وسلم في هجاء المشركين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فكيف بنسبي؟ فقال...
عن ابن شهاب : أن الهيثم بن أبي سنان أخبره «أنه سمع أبا هريرة في قصصه يذكر النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن أخا لكم لا يقول الرفث يعني: بذاك ابن روا...
عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف : أنه سمع حسان بن ثابت الأنصاري يستشهد أبا هريرة فيقول: «يا أبا هريرة نشدتك بالله، هل سمعت رسول الله صلى الله عليه...
عن البراء رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لحسان: اهجهم، أو قال: هاجهم وجبريل معك.»
عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا.»