6183- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ويقولون الكرم، إنما الكرم قلب المؤمن.»
(الكرم قلب المؤمن) الأحق باسم الكرم قلب المؤمن لما فيه من نور الإيمان وتقوى الله عز وجل
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( وَيَقُولُونَ الْكَرْم إِنَّمَا الْكَرْم قَلْب الْمُؤْمِن ) هَكَذَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَة مِنْ طَرِيق سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيّ عَنْ سَعِيد , وَوَقَعَ فِي الْبَاب الَّذِي قَبْله مِنْ رِوَايَة مَعْمَر عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ أَبِي سَلَمَة بِلَفْظِ " لَا تُسَمُّوا الْعِنَب كَرْمًا " وَهِيَ رِوَايَة اِبْن سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عِنْدَ مُسْلِم , وَعِنْدَه مِنْ طَرِيق هَمَّام عَنْ أَبِي هُرَيْرَة " لَا يَقُلْ أَحَدكُمْ لِلْعِنَبِ الْكَرْم , إِنَّمَا الْكَرْم الرَّجُل الْمُسْلِم " وَلَهُ مِنْ حَدِيث وَائِل بْن حُجْرٍ " لَا تَقُولُوا الْكَرْم , وَلَكِنْ قُولُوا الْعِنَب وَالْحَبْلَة " قَالُوا وَفِي قَوْله فِي الْبَاب " وَيَقُولُونَ " عَاطِفَة عَلَى شَيْء حُذِفَ هُنَا وَكَأَنَّهُ الْحَدِيث الَّذِي قَبْله , وَقَدْ أَخْرَجَهُ اِبْن أَبِي عُمَر فِي مُسْنَده عَنْ سُفْيَان وَمَنْ طَرِيقه الْإِسْمَاعِيلِيّ فَقَالَ فِي أَوَّله " يَقُولُونَ " بِغَيْرِ وَاو أَخْرَجَهُ الْحُمَيْدِيُّ فِي مُسْنَده وَمِنْ طَرِيقه أَبُو نُعَيْم وَذَكَرَهُ بِالْوَاوِ كَمَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيّ عَنْ عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه , وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَحْمَد فِي مُسْنَده عَنْ سُفْيَان وَلَكِنْ قَالَ فِيهِ " عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَفَعَهُ " وَقَالَ مَرَّة " يَبْلُغ بِهِ " وَقَالَ مَرَّة " قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم عَنْ اِبْن أَبِي عُمَر وَعَمْرو النَّاقِد قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَان بِهَذَا السَّنَد قَالَ : " قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا تَقُولُوا كَرْم فَإِنَّ الْكَرْم قَلْب الْمُؤْمِن " وَقَوْله " وَيَقُولُونَ الْكَرْم " هُوَ مُبْتَدَأ وَخَبَره مَحْذُوف أَيْ يَقُولُونَ الْكَرْم شَجَر الْعِنَب.
وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَزَّار مِنْ حَدِيث سَمُرَة رَفَعَهُ " إِنَّ اِسْم الرَّجُل الْمُؤْمِن فِي الْكُتُب الْكَرْم مِنْ أَجْل مَا أَكْرَمَهُ اللَّه عَلَى الْخَلِيقَة , وَإِنَّكُمْ تَدْعُونَ الْحَائِط مِنْ الْعِنَب الْكَرْم " الْحَدِيث قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَا مُلَخَّصه : إِنَّ الْمُرَاد بِالنَّهْيِ تَأْكِيد تَحْرِيم الْخَمْر بِمَحْوِ اِسْمهَا , وَلِأَنَّ فِي تَبْقِيَة هَذَا الِاسْم لَهَا تَقْرِيرًا لِمَا كَانُوا يَتَوَهَّمُونَهُ مِنْ تَكَرُّم شَارِبهَا فَنَهَى عَنْ تَسْمِيَتهَا كَرْمًا وَقَالَ : " إِنَّمَا الْكَرْم قَلْب الْمُؤْمِن " لِمَا فِيهِ مِنْ نُور الْإِيمَان وَهُدَى الْإِسْلَام , وَحَكَى اِبْن بَطَّال عَنْ اِبْن الْأَنْبَارِيّ أَنَّهُمْ سَمَّوْا الْعِنَب كَرْمًا لِأَنَّ الْخَمْر الْمُتَّخَذَة مِنْهُ تَحُثّ عَلَى السَّخَاء وَتَأْمُر بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاق حَتَّى قَالَ شَاعِرهمْ : وَالْخَمْر مُشْتَقَّة الْمَعْنَى مِنْ الْكَرْم وَقَالَ آخَر : شُقِقْتُ مِنْ الصِّبَى وَاشْتُقَّ مِنِّي كَمَا اِشْتُقَّتْ مِنْ الْكَرْم الْكُرُوم فَلِذَلِكَ نَهَى عَنْ تَسْمِيَة الْعِنَب بِالْكَرْمِ حَتَّى لَا يُسَمُّوا أَصْل الْخَمْر بِاسْمِ مَأْخُوذ مِنْ الْكَرْم , وَجُعِلَ الْمُؤْمِن الَّذِي يَتَّقِي شُرْبهَا وَيَرَى الْكَرْم فِي تَرْكهَا أَحَقَّ بِهَذَا الِاسْم اِنْتَهَى.
وَأَمَّا قَوْل الْأَزْهَرِيّ : سُمِّيَ الْعِنَب كَرْمًا لِأَنَّهُ ذُلِّلَ لِقَاطِفِهِ وَلَيْسَ فِيهِ سُلَّاء يَعْقِر جَانِيهِ وَيَحْمِل الْأَصْل مِنْهُ مِثْل مَا تَحْمِل النَّخْلَة فَأَكْثَر , وَكُلّ شَيْء كَثُرَ فَقَدْ كَرُمَ , فَهُوَ صَحِيح أَيْضًا مِنْ حَيْثُ الِاشْتِقَاق لَكِنَّ الْمَعْنَى الْأَوَّل أَنْسَب لِلنَّهْيِ.
وَقَالَ النَّوَوِيّ : النَّهْي فِي هَذَا الْحَدِيث عَنْ تَسْمِيَة الْعِنَب كَرْمًا وَعَنْ تَسْمِيَة شَجَرهَا أَيْضًا لِلْكَرَاهِيَةِ.
وَحَكَى الْقُرْطُبِيّ عَنْ الْمَازِرِيّ أَنَّ السَّبَب فِي النَّهْي أَنَّهُ لَمَّا حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الْخَمْر وَكَانَتْ طِبَاعهمْ تَحُثّهُمْ عَلَى الْكَرَم كَرِهَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُسَمَّى هَذَا الْمُحَرَّم بِاسْمِ تَهِيج طِبَاعهمْ إِلَيْهِ عِنْدَ ذِكْره فَيَكُون ذَلِكَ كَالْمُحَرِّكِ لَهُمْ , وَتَعَقَّبَهُ بِأَنَّ مَحِلّ النَّهْي إِنَّمَا هُوَ تَسْمِيَة الْعِنَب كَرْمًا , وَلَيْسَتْ الْعِنَبَة مُحَرَّمَة , وَالْخَمْر لَا تُسَمَّى عِنَبَة بَلْ الْعِنَب قَدْ يُسَمَّى خَمْرًا بِاسْمِ مَا يَئُولُ إِلَيْهِ.
قُلْت : وَاَلَّذِي قَالَهُ الْمَازِرِيّ مُوَجَّه ; لِأَنَّهُ يُحْمَل عَلَى إِرَادَة حَسْم الْمَادَّة بِتَرْكِ تَسْمِيَة أَصْل الْخَمْر بِهَذَا الِاسْم الْحَسَن , وَلِذَلِكَ وَرَدَ النَّهْي تَارَة عَنْ الْعِنَب وَتَارَة عَنْ شَجَرَة الْعِنَب فَيَكُون التَّنْفِير بِطَرِيقِ الْفَحْوَى ; لِأَنَّهُ إِذَا نَهَى عَنْ تَسْمِيَة مَا هُوَ حَلَال فِي الْحَال بِالِاسْمِ الْحَسَن لِمَا يَحْصُل مِنْهُ بِالْقُوَّةِ مِمَّا يُنْهَى عَنْهُ فَلَأَنْ يَنْهَى عَنْ تَسْمِيَة مَا يُنْهَى عَنْهُ بِالِاسْمِ الْحَسَن أَحْرَى.
وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد بْن أَبِي جَمْرَة مَا مُلَخَّصه : لَمَّا كَانَ اِشْتِقَاق الْكَرَم مِنْ الْكَرْم , وَالْأَرْض الْكَرِيمَة هِيَ أَحْسَن الْأَرْض فَلَا يَلِيق أَنْ يُعَبَّر بِهَذِهِ الصِّفَة إِلَّا عَنْ قَلْب الْمُؤْمِن الَّذِي هُوَ خَيْر الْأَشْيَاء لِأَنَّ الْمُؤْمِن خَيْر الْحَيَوَان , وَخَيْر مَا فِيهِ قَلْبه ; لِأَنَّهُ إِذَا صَلَحَ صَلَحَ الْجَسَد كُلّه , وَهُوَ أَرْض لِنَبَاتِ شَجَرَة الْإِيمَان.
قَالَ : وَيُؤْخَذ مِنْهُ أَنَّ كُلّ خَيْر - بِاللَّفْظِ أَوْ الْمَعْنَى أَوْ بِهِمَا أَوْ مُشْتَقًّا مِنْهُ أَوْ مُسَمًّى بِهِ - إِنَّمَا يُضَاف بِالْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّة ; لِأَنَّ الْإِيمَان وَأَهْله وَإِنْ أُضِيفَ إِلَى مَا عَدَا ذَلِكَ فَهُوَ بِطَرِيقِ الْمَجَاز , وَفِي تَشْبِيه الْكَرْم بِقَلْبِ الْمُؤْمِن مَعْنًى لَطِيف ; لِأَنَّ أَوْصَاف الشَّيْطَان تَجْرِي مَعَ الْكَرْمَة كَمَا يَجْرِي الشَّيْطَان فِي بَنِي آدَم مَجْرَى الدَّم , فَإِذَا غَفَلَ الْمُؤْمِن عَنْ شَيْطَانه أَوْقَعَهُ فِي الْمُخَالَفَة , كَمَا أَنَّ مَنْ غَفَلَ عَنْ عَصِير كَرْمه تَخَمَّرَ فَتَنَجَّسَ.
وَيُقَوِّي التَّشَبُّه أَيْضًا أَنَّ الْخَمْر يَعُود خَلًّا مِنْ سَاعَته بِنَفْسِهِ أَوْ بِالتَّخْلِيلِ فَيَعُود طَاهِرًا , كَذَا الْمُؤْمِن يَعُود مِنْ سَاعَته بِالتَّوْبَةِ النَّصُوح طَاهِرًا مِنْ خَبَث الذُّنُوب الْمُتَقَدِّمَة الَّتِي كَانَ مُتَنَجِّسًا بِاتِّصَافِهِ بِهَا إِمَّا بِبَاعِثٍ مِنْ غَيْره مِنْ مَوْعِظَة وَنَحْوهَا وَهُوَ كَالتَّخْلِيلِ , أَوْ بِبَاعِثٍ مِنْ نَفْسه وَهُوَ كَالتَّخَلُّلِ.
فَيَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ يَتَعَرَّض لِمُعَالَجَةِ قَلْبه لِئَلَّا يَهْلَك وَهُوَ عَلَى الصِّفَة الْمَذْمُومَة.
( تَنْبِيهٌ ) : الْحَبْلَة الْمَذْكُورَة فِي حَدِيث وَائِل عِنْدَ مُسْلِم بِفَتْحِ الْمُهْمَلَة وَحُكِيَ ضَمّهَا وَسُكُون الْمُوَحَّدَة وَبِفَتْحِهَا أَيْضًا وَهُوَ أَشْهَر : هِيَ شَجَرَة الْعِنَب , وَقِيلَ أَصْل الشَّجَرَة , وَقِيلَ الْقَضِيب مِنْهَا.
وَقَالَ فِي " الْمُحْكَم " الْحَبَل بِفَتْحَتَيْنِ شَجَر الْعِنَب , الْوَاحِدَة حَبْلَة , وَبِالضَّمِّ ثُمَّ السُّكُون الْكَرْم , وَقِيلَ الْأَصْل مِنْ أُصُوله , وَهُوَ أَيْضًا اِسْم ثَمَر السَّمَر وَالْعِضَاه.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَيَقُولُونَ الْكَرْمُ إِنَّمَا الْكَرْمُ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ
عن علي رضي الله عنه قال: «ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفدي أحدا غير سعد سمعته يقول: ارم فداك أبي وأمي أظنه يوم أحد.»
عن أنس بن مالك «أنه أقبل هو وأبو طلحة مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع النبي صلى الله عليه وسلم صفية مردفها على راحلته، فلما كانوا ببعض الطريق عثرت ا...
عن جابر رضي الله عنه «قال ولد لرجل منا غلام فسماه القاسم، فقلنا لا نكنيك أبا القاسم ولا كرامة، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: سم ابنك عبد الرح...
عن جابر رضي الله عنه قال: «ولد لرجل منا غلام فسماه القاسم، فقالوا: لا نكنيه حتى نسأل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: سموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي.»
عن ابن سيرين: سمعت أبا هريرة: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: «سموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي.»
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، «ولد لرجل منا غلام فسماه القاسم، فقالوا: لا نكنيك بأبي القاسم ولا ننعمك عينا، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذ...
عن ابن المسيب، عن أبيه «أن أباه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ما اسمك؟ قال حزن قال: أنت سهل قال: لا أغير اسما سمانيه أبي» قال ابن المسيب:...
عن سهل قال: «أتي بالمنذر بن أبي أسيد إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين ولد، فوضعه على فخذه وأبو أسيد جالس، فلها النبي صلى الله عليه وسلم بشيء بين يديه...
عن أبي هريرة «أن زينب كان اسمها برة، فقيل: تزكي نفسها، فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب.»