6227- عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خلق الله آدم على صورته: طوله ستون ذراعا، فلما خلقه قال: اذهب فسلم على أولئك النفر من الملائكة جلوس فاستمع ما يحيونك؛ فإنها تحيتك وتحية ذريتك، فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه: ورحمة الله، فكل من يدخل الجنة على صورة آدم، فلم يزل الخلق ينقص بعد حتى الآن.»
(الاستئذان) طلب الإذن في الدخول لمحل لا يملكه المستأذن.
(نفر) في نسخة (النفر) مجرور في الروايتين ويجوز الرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف أي هم نفر.
أو هم النفر.
(جلوس) مرفوع خبر ثان للمبتدأ المحذوف
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله ( حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن جَعْفَر ) هُوَ الْبَيْكَنْدِيّ.
قَوْله ( خَلَقَ اللَّه آدَم عَلَى صُورَته ) تَقَدَّمَ بَيَانه فِي بَدْء الْخَلْق , وَاخْتُلِفَ إِلَى مَاذَا يَعُود الضَّمِير ؟ فَقِيلَ : إِلَى آدَم أَيْ خَلَقَهُ عَلَى صُورَته الَّتِي اِسْتَمَرَّ عَلَيْهَا إِلَى أَنْ أُهْبِطَ وَإِلَى أَنْ مَاتَ , دَفْعًا لِتَوَهُّمِ مَنْ يَظُنّ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِي الْجَنَّة كَانَ عَلَى صِفَة أُخْرَى , أَوْ اِبْتَدَأَ خَلْقه كَمَا وُجِدَ لَمْ يَنْتَقِل فِي النَّشْأَة كَمَا يَنْتَقِل وَلَده مِنْ حَالَة إِلَى حَالَة.
وَقِيلَ لِلرَّدِّ عَلَى الدَّهْرِيَّة أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ إِنْسَان إِلَّا مِنْ نُطْفَة وَلَا تَكُون نُطْفَة إِنْسَان إِلَّا مِنْ إِنْسَان وَلَا أَوَّل لِذَلِكَ , فَبَيَّنَ أَنَّهُ خُلِقَ مِنْ أَوَّل الْأَمْر عَلَى هَذِهِ الصُّورَة.
وَقِيلَ لِلرَّدِّ عَلَى الطَّبَائِعِيِّينَ الزَّاعِمِينَ أَنَّ الْإِنْسَان قَدْ يَكُون مِنْ فِعْل الطَّبْع وَتَأْثِيره , وَقِيلَ لِلرَّدِّ عَلَى الْقَدَرِيَّة الزَّاعِمِينَ أَنَّ الْإِنْسَان يَخْلُق فِعْل نَفْسه , وَقِيلَ إِنَّ لِهَذَا الْحَدِيث سَبَبًا حُذِفَ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَة وَأَنَّ أَوَّله قِصَّة الَّذِي ضَرَبَ عَبْده فَنَهَاهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ لَهُ إِنَّ اللَّه خَلَقَ آدَم عَلَى صُورَته , وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَان ذَلِكَ فِي كِتَاب الْعِتْق , وَقِيلَ الضَّمِير لِلَّهِ وَتَمَسَّكَ قَائِل ذَلِكَ بِمَا وَرَدَ فِي بَعْض طُرُقه " عَلَى صُورَة الرَّحْمَن " وَالْمُرَاد بِالصُّورَةِ الصِّفَة , وَالْمَعْنَى أَنَّ اللَّه خَلَقَهُ عَلَى صِفَته مِنْ الْعِلْم وَالْحَيَاة وَالسَّمْع وَالْبَصَر وَغَيْر ذَلِكَ , وَإِنْ كَانَتْ صِفَات اللَّه تَعَالَى لَا يُشْبِههَا شَيْء.
قَوْله ( اِذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ ) فِيهِ إِشْعَار بِأَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى بُعْد , وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى إِيجَاب اِبْتِدَاء السَّلَام لِوُرُودِ الْأَمْر بِهِ , وَهُوَ بَعِيد بَلْ ضَعِيف لِأَنَّهَا وَاقِعَة حَال لَا عُمُوم لَهَا , وَقَدْ نَقَلَ اِبْن عَبْد الْبَرّ الْإِجْمَاع عَلَى أَنَّ الِابْتِدَاء بِالسَّلَامِ سُنَّة , وَلَكِنْ فِي كَلَام الْمَازِرِيّ مَا يَقْتَضِي إِثْبَات خِلَاف فِي ذَلِكَ , كَذَا زَعَمَ بَعْض مَنْ أَدْرَكْنَاهُ وَقَدْ رَاجَعْت كَلَام الْمَازِرِيّ وَلَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَالَ : اِبْتِدَاء السَّلَام سُنَّة وَرَدُّهُ وَاجِب.
هَذَا هُوَ الْمَشْهُور عِنْدَ أَصْحَابنَا , وَهُوَ مِنْ عِبَادَات الْكِفَايَة , فَأَشَارَ بِقَوْلِهِ الْمَشْهُور إِلَى الْخِلَاف فِي وُجُوب الرَّدّ هَلْ هُوَ فَرْض عَيْن أَوْ كِفَايَة ؟ وَقَدْ صُرِّحَ بَعْد ذَلِكَ بِخِلَافِ أَبِي يُوسُف كَمَا سَأَذْكُرُهُ بَعْدُ , نَعَمْ وَقَعَ فِي كَلَام الْقَاضِي عَبْد الْوَهَّاب فِيمَا نَقَلَهُ عَنْهُ عِيَاض قَالَ : لَا خِلَاف أَنَّ اِبْتِدَاء السَّلَام سُنَّة أَوْ فَرْض عَلَى الْكِفَايَة فَإِنْ سَلَّمَ وَاحِد مِنْ الْجَمَاعَة أَجْزَأَ عَنْهُمْ , قَالَ عِيَاض : مَعْنَى قَوْله فَرْض عَلَى الْكِفَايَة مَعَ نَقْل الْإِجْمَاع عَلَى أَنَّهُ سُنَّة أَنَّ إِقَامَة السُّنَن وَإِحْيَاءَهَا فَرْض عَلَى الْكِفَايَة.
قَوْله ( نَفَر مِنْ الْمَلَائِكَة ) بِالْخَفْضِ فِي الرِّوَايَة , وَيَجُوز الرَّفْع وَالنَّصْب , وَلَمْ أَقِف عَلَى تَعْيِينهمْ.
قَوْله ( فَاسْتَمِعْ ) فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيّ " فَاسْمَعْ ".
قَوْله ( مَا يُحَيُّونَك ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِالْمُهْمَلَةِ مِنْ التَّحِيَّة , وَكَذَا تَقَدَّمَ فِي خَلْق آدَم عَنْ عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد عَنْ عَبْد الرَّزَّاق , وَكَذَا عِنْدَ أَحْمَد وَمُسْلِم عَنْ مُحَمَّد بْن رَافِع كِلَاهُمَا عَنْ عَبْد الرَّزَّاق , وَفِي رِوَايَة أَبِي ذَرّ هُنَا بِكَسْرِ الْجِيم وَسُكُون التَّحْتَانِيَّة بَعْدهَا مُوَحَّدَة مِنْ الْجَوَاب , وَكَذَا هُوَ فِي " الْأَدَب الْمُفْرَد " لِلْمُصَنِّفِ عَنْ عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بِالسَّنَدِ الْمَذْكُور.
قَوْله ( فَإِنَّهَا ) أَيْ الْكَلِمَات الَّتِي يُحَيُّونَ بِهَا أَوْ يُجِيبُونَ.
قَوْله ( تَحِيَّتك وَتَحِيَّة ذُرِّيَّتك ) أَيْ مِنْ جِهَة الشَّرْع , أَوْ الْمُرَاد بِالذُّرِّيَّةِ بَعْضهمْ وَهُمْ الْمُسْلِمُونَ.
وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيّ فِي " الْأَدَب الْمُفْرَد " وَابْن مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ اِبْن خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيق سُهَيْل بْن أَبِي صَالِح عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَة مَرْفُوعًا " مَا حَسَدَتْكُمْ الْيَهُود عَلَى شَيْء مَا حَسَدُوكُمْ عَلَى السَّلَام وَالتَّأْمِين " وَهُوَ يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ شُرِعَ لِهَذِهِ الْأُمَّة دُونهمْ.
وَفِي حَدِيث أَبِي ذَرّ الطَّوِيل فِي قِصَّة إِسْلَامه قَالَ " وَجَاءَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَذَكَرَ الْحَدِيث وَفِيهِ " فَكُنْت أَوَّل مَنْ حَيَّاهُ بِتَحِيَّةِ الْإِسْلَام فَقَالَ : وَعَلَيْك وَرَحْمَة اللَّه " أَخْرَجَهُ مُسْلِم , وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي " الشُّعَب " مِنْ حَدِيث أَبِي أُمَامَةَ رَفَعَهُ " جَعَلَ اللَّه السَّلَام تَحِيَّة لِأُمَّتِنَا وَأَمَانًا لِأَهْلِ ذِمَّتنَا " وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيث عِمْرَان بْن حُصَيْن " كُنَّا نَقُول فِي الْجَاهِلِيَّة : أَنْعِمْ بِك عَيْنًا , وَأَنْعِمْ صَبَاحًا " فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام نُهِينَا عَنْ ذَلِكَ وَرِجَاله ثِقَات , لَكِنَّهُ مُنْقَطِع.
وَأَخْرَجَ اِبْن أَبِي حَاتِم عَنْ مُقَاتِل بْن حَيَّان قَالَ " كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة يَقُولُونَ : حُيِّيت مَسَاء , حُيِّيت صَبَاحًا , فَغَيَّرَ اللَّه ذَلِكَ بِالسَّلَامِ ".
قَوْله ( فَقَالَ السَّلَام عَلَيْكُمْ ) قَالَ اِبْن بَطَّال : يَحْتَمِل أَنْ يَكُون اللَّه عَلَّمَهُ كَيْفِيَّة ذَلِكَ تَنْصِيصًا , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون فُهِمَ ذَلِكَ مِنْ قَوْله لَهُ " فَسَلِّمْ " قُلْت : وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون أَلْهَمَهُ ذَلِكَ , وَيُؤَيِّدهُ مَا تَقَدَّمَ فِي " بَاب حَمْد الْعَاطِس " فِي الْحَدِيث الَّذِي أَخْرَجَهُ اِبْن حِبَّان مِنْ وَجْه آخَر عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَفَعَهُ " أَنَّ آدَم لَمَّا خَلَقَهُ اللَّه عَطَسَ فَأَلْهَمَهُ اللَّه أَنْ قَالَ الْحَمْد لِلَّهِ " الْحَدِيث فَلَعَلَّهُ أَلْهَمَهُ أَيْضًا صِفَة السَّلَام.
وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الصِّيغَة هِيَ الْمَشْرُوعَة لِابْتِدَاءِ السَّلَام لِقَوْلِهِ " فَهِيَ تَحِيَّتك وَتَحِيَّة ذُرِّيَّتك " وَهَذَا فِيمَا لَوْ سَلَّمَ عَلَى جَمَاعَة , فَلَوْ سَلَّمَ عَلَى وَاحِد فَسَيَأْتِي حُكْمه بَعْد أَبْوَاب , وَلَوْ حَذَفَ اللَّام فَقَالَ " سَلَام عَلَيْكُمْ " أَجْزَأَ , قَالَ اللَّه تَعَالَى ( وَالْمَلَائِكَة يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلّ بَاب سَلَام عَلَيْكُمْ ) وَقَالَ تَعَالَى ( فَقُلْ سَلَام عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسه الرَّحْمَة ) وَقَالَ تَعَالَى ( سَلَامٌ عَلَى نُوح فِي الْعَالَمِينَ ) إِلَى غَيْر ذَلِكَ , لَكِنْ بِاللَّامِ أَوْلَى لِأَنَّهَا لِلتَّفْخِيمِ وَالتَّكْثِير , وَثَبَتَ فِي حَدِيث التَّشَهُّد " السَّلَام عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيّ " قَالَ عِيَاض : وَيُكْرَه أَنْ يَقُول فِي الِابْتِدَاء : عَلَيْك السَّلَام , وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي " الْأَذْكَار " : إِذَا قَالَ الْمُبْتَدِئ وَعَلَيْكُمْ السَّلَام لَا يَكُون سَلَامًا وَلَا يَسْتَحِقّ جَوَابًا ; لِأَنَّ هَذِهِ الصِّيغَة لَا تَصْلُح لِلِابْتِدَاءِ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي , فَلَوْ قَالَهُ بِغَيْرِ وَاو فَهُوَ سَلَام , قَطَعَ بِذَلِكَ الْوَاحِدِيّ , وَهُوَ ظَاهِر.
قَالَ النَّوَوِيّ : وَيَحْتَمِل أَنْ لَا يُجْزِئ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي التَّحَلُّل مِنْ الصَّلَاة , وَيَحْتَمِل أَنْ لَا يُعَدّ سَلَامًا وَلَا يَسْتَحِقّ جَوَابًا لِمَا رَوَيْنَاهُ فِي سُنَن أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ وَصَحَّحَهُ وَغَيْرهمَا بِالْأَسَانِيدِ الصَّحِيحَة عَنْ أَبِي جُرَيٍّ بِالْجِيمِ وَالرَّاء مُصَغَّر الْهُجَيْمِيّ بِالْجِيمِ مُصَغَّرًا قَالَ " أَتَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْت : عَلَيْك السَّلَام يَا رَسُول اللَّه , قَالَ : لَا تَقُلْ عَلَيْك السَّلَام فَإِنَّ عَلَيْك السَّلَام تَحِيَّة الْمَوْتَى " قَالَ وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون وَرَدَ لِبَيَانِ الْأَكْمَل , وَقَدْ قَالَ الْغَزَالِيّ فِي " الْإِحْيَاء " : يُكْرَه لِلْمُبْتَدِئِ أَنْ يَقُول عَلَيْكُمْ السَّلَام , قَالَ النَّوَوِيّ : وَالْمُخْتَار لَا يُكْرَه , وَيَجِب الْجَوَاب ; لِأَنَّهُ سَلَام.
قُلْت : وَقَوْله بِالْأَسَانِيدِ الصَّحِيحَة يُوهِم أَنَّ لَهُ طُرُقًا إِلَى الصَّحَابِيّ الْمَذْكُور , وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَمْ يَرْوِهِ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْر أَبِي جُرَيٍّ , وَمَعَ ذَلِكَ فَمَدَاره عِنْدَ جَمِيع مَنْ أَخْرَجَهُ عَلَى أَبِي تَمِيمَة الْهُجَيْمِيّ رَاوِيَة عَنْ أَبِي جُرَيٍّ , وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَد أَيْضًا وَالنَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِم , وَقَدْ اِعْتَرَضَ هُوَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيث بِمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ حَدِيث عَائِشَة فِي خُرُوج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْبَقِيع , الْحَدِيث.
وَفِيهِ " قُلْت : كَيْف أَقُول ؟ قَالَ : قُولِي السَّلَام عَلَى أَهْل الدِّيَار مِنْ الْمُؤْمِنِينَ ".
قُلْت : وَكَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَمَّا أَتَى الْبَقِيع " السَّلَام عَلَى أَهْل الدِّيَار مِنْ الْمُؤْمِنِينَ " الْحَدِيث.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ : فِيهِ أَنَّ السَّلَام عَلَى الْأَمْوَات وَالْأَحْيَاء سَوَاء , بِخِلَافِ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ الْجَاهِلِيَّة مِنْ قَوْلهمْ : " عَلَيْك سَلَام اللَّه قَيْس بْن عَاصِم ".
قُلْت : لَيْسَ هَذَا مِنْ شِعْر أَهْل الْجَاهِلِيَّة , فَإِنَّ قَيْس بْن عَاصِم صَحَابِيّ مَشْهُور عَاشَ بَعْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَالْمَرْثِيَة الْمَذْكُورَة لِمُسْلِمٍ مَعْرُوف قَالَهَا لَمَّا مَاتَ قَيْس , وَمِثْله مَا أَخْرَجَ اِبْن سَعْد وَغَيْره أَنَّ الْجِنّ رَثَوْا عُمَر بْن الْخَطَّاب بِأَبْيَاتِ مِنْهَا : عَلَيْك السَّلَام مِنْ أَمِير وَبَارَكَتْ يَد اللَّه فِي ذَاكَ الْأَدِيم الْمُمَزَّق وَقَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ فِي السَّلَام عَلَى أَهْل الْبَقِيع : لَا يُعَارِض النَّهْي فِي حَدِيث أَبِي جُرَيٍّ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُون اللَّه أَحْيَاهُمْ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ سَلَام الْأَحْيَاء , كَذَا قَالَ , وَيَرُدّهُ حَدِيث عَائِشَة الْمَذْكُور قَالَ : وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون النَّهْي مَخْصُوصًا بِمَنْ يَرَى أَنَّهَا تَحِيَّة الْمَوْتَى وَبِمَنْ يَتَطَيَّر بِهَا مِنْ الْأَحْيَاء فَإِنَّهَا كَانَتْ عَادَة أَهْل الْجَاهِلِيَّة وَجَاءَ الْإِسْلَام بِخِلَافِ ذَلِكَ , قَالَ عِيَاض وَتَبِعَهُ اِبْن الْقَيِّم فِي " الْهَدْيِ " فَنَقَّحَ كَلَامه فَقَالَ : كَانَ مِنْ هَدْيِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُول فِي الِابْتِدَاء السَّلَام عَلَيْكُمْ , وَيُكْرَه أَنْ يَقُول عَلَيْكُمْ السَّلَام , فَذَكَرَ حَدِيث أَبِي جُرَيٍّ وَصَحَّحَهُ ثُمَّ قَالَ : أَشْكَلَ هَذَا عَلَى طَائِفَة وَظَنُّوهُ مُعَارِضًا لِحَدِيثِ عَائِشَة وَأَبِي هُرَيْرَة وَلَيْسَ كَذَلِكَ , وَإِنَّمَا مَعْنَى قَوْله " عَلَيْك السَّلَام تَحِيَّة الْمَوْتَى " إِخْبَار عَنْ الْوَاقِع لَا عَنْ الشَّرْع , أَيْ أَنَّ الشُّعَرَاء وَنَحْوهمْ يُحَيُّونَ الْمَوْتَى بِهِ وَاسْتَشْهَدَ بِالْبَيْتِ الْمُتَقَدِّم وَفِيهِ مَا فِيهِ , قَالَ : فَكَرِهَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُحَيِّي بِتَحِيَّةِ الْأَمْوَات.
وَقَالَ عِيَاض أَيْضًا : كَانَتْ عَادَة الْعَرَب فِي تَحِيَّة الْمَوْتَى تَأْخِير الِاسْم , كَقَوْلِهِمْ عَلَيْهِ لَعْنَة اللَّه وَغَضَبه عِنْدَ الذَّمّ , وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى ( وَأَنَّ عَلَيْك اللَّعْنَة إِلَى يَوْم الدِّين ) , وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ النَّصّ فِي الْمُلَاعَنَة وَرَدَ بِتَقْدِيمِ اللَّعْنَة وَالْغَضَب عَلَى الِاسْم , وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : يَحْتَمِل أَنْ يَكُون حَدِيث عَائِشَة لِمَنْ زَارَ الْمَقْبَرَة فَسَلَّمَ عَلَى جَمِيع مَنْ بِهَا , وَحَدِيث أَبِي جُرَيٍّ إِثْبَاتًا وَنَفْيًا فِي السَّلَام عَلَى الشَّخْص الْوَاحِد , وَنَقَلَ اِبْن دَقِيق الْعِيد عَنْ بَعْض الشَّافِعِيَّة أَنَّ الْمُبْتَدِئ لَوْ قَالَ عَلَيْكُمْ السَّلَام لَمْ يَجُزْ ; لِأَنَّهَا صِيغَة جَوَاب , قَالَ : وَالْأَوْلَى الْإِجْزَاء لِحُصُولِ مُسَمَّى السَّلَام , وَلِأَنَّهُمْ قَالُوا : إِنَّ الْمُصَلِّي يَنْوِي بِإِحْدَى التَّسْلِيمَتَيْنِ الرَّدّ عَلَى مَنْ حَضَرَ , وَهِيَ بِصِيغَةِ الِابْتِدَاء.
ثُمَّ حَكَى عَنْ أَبِي الْوَلِيد بْن رُشْد أَنَّهُ يَجُوز الِابْتِدَاء بِلَفْظِ الرَّدّ وَعَكْسه , وَسَيَأْتِي مَزِيد لِذَلِكَ فِي " بَاب مَنْ رَدَّ فَقَالَ عَلَيْك السَّلَام " إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
قَوْله ( فَقَالُوا السَّلَام عَلَيْك وَرَحْمَة اللَّه ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ فِي الْبُخَارِيّ هُنَا , وَكَذَا لِلْجَمِيعِ فِي بَدْء الْخَلْق , وَلِأَحْمَد وَمُسْلِم مِنْ هَذَا الْوَجْه مِنْ رِوَايَة عَبْد الرَّزَّاق , وَوَقَعَ هُنَا لِلْكُشْمِيهَنِيّ فَقَالُوا وَعَلَيْك السَّلَام وَرَحْمَة اللَّه , وَعَلَيْهَا شَرْح الْخَطَّابِيِّ , وَاسْتُدِلَّ بِرِوَايَةِ الْأَكْثَر لِمَنْ يَقُول يُجْزِئ فِي الرَّدّ أَنْ يَقَع بِاللَّفْظِ الَّذِي يُبْتَدَأ بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ , قِيلَ وَيَكْفِي أَيْضًا الرَّدّ بِلَفْظِ الْإِفْرَاد , وَسَيَأْتِي الْبَحْث فِي ذَلِكَ " بَاب مَنْ رَدَّ فَقَالَ عَلَيْك السَّلَام ".
قَوْله ( فَزَادُوهُ وَرَحْمَة اللَّه ) فِيهِ مَشْرُوعِيَّة الزِّيَادَة فِي الرَّدِّ عَلَى الِابْتِدَاء , وَهُوَ مُسْتَحَبّ بِالِاتِّفَاقِ لِوُقُوعِ التَّحِيَّة فِي ذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى ( فَحَيُّوا بِأَحْسَن مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ) فَلَوْ زَادَ الْمُبْتَدِئ " وَرَحْمَة اللَّه " اُسْتُحِبَّ أَنْ يُزَاد " وَبَرَكَاته " فَلَوْ زَادَ " وَبَرَكَاته " فَهَلْ تُشْرَع الزِّيَادَة فِي الرَّدِّ ؟ وَكَذَا لَوْ زَادَ الْمُبْتَدِئ عَلَى " وَبَرَكَاته " هَلْ يُشْرَع لَهُ ذَلِكَ ؟ أَخْرَجَ مَالِك فِي الْمُوَطَّأ عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ " اِنْتَهَى السَّلَام إِلَى الْبَرَكَة " وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي " الشُّعَب " مِنْ طَرِيق عَبْد اللَّه بْن بَابه قَالَ " جَاءَ رَجُل إِلَى اِبْن عُمَر فَقَالَ السَّلَام عَلَيْكُمْ وَرَحْمَة اللَّه وَبَرَكَاته وَمَغْفِرَته , فَقَالَ : حَسْبك إِلَى وَبَرَكَاته " اِنْتَهَى إِلَى " وَبَرَكَاته " وَمِنْ طَرِيق زُهْرَة بْن مَعْبَد قَالَ " قَالَ عُمَر : اِنْتَهَى السَّلَام إِلَى وَبَرَكَاته " وَرِجَاله ثِقَات.
وَجَاءَ عَنْ اِبْن عُمَر الْجَوَاز , فَأَخْرَجَ مَالِك أَيْضًا فِي " الْمُوَطَّأ " عَنْهُ أَنَّهُ زَادَ فِي الْجَوَاب " وَالْغَادِيَات وَالرَّائِحَات " وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيّ فِي " الْأَدَب الْمُفْرَد " مِنْ طَرِيق عَمْرو بْن شُعَيْب عَنْ سَالِم مَوْلَى اِبْن عُمَر قَالَ " كَانَ اِبْن عُمَر يَزِيد إِذَا رَدَّ السَّلَام , فَأَتَيْته مَرَّة فَقُلْت : السَّلَام عَلَيْكُمْ , فَقَالَ : السَّلَام عَلَيْكُمْ وَرَحْمَة اللَّه.
ثُمَّ أَتَيْته فَزِدْت " وَبَرَكَاته " فَرَدَّ وَزَادَ " وَطِيب صَلَوَاته " وَمِنْ طَرِيق زَيْد بْن ثَابِت أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَة " السَّلَام عَلَيْكُمْ يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَة اللَّه وَبَرَكَاته وَمَغْفِرَته وَطِيب صَلَوَاته " وَنَقَلَ اِبْن دَقِيق الْعِيد عَنْ أَبِي الْوَلِيد بْن رُشْد أَنَّهُ يُؤْخَذ مِنْ قَوْله تَعَالَى ( فَحَيُّوا بِأَحْسَن مِنْهَا ) الْجَوَاز فِي الزِّيَادَة عَلَى الْبَرَكَة إِذَا اِنْتَهَى إِلَيْهَا الْمُبْتَدِئ.
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ بِسَنَدٍ قَوِيّ عَنْ عِمْرَان بْن حُصَيْن قَالَ " جَاءَ رَجُل إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : السَّلَام عَلَيْكُمْ , فَرَدَّ عَلَيْهِ وَقَالَ : عَشْر.
ثُمَّ جَاءَ آخَر , فَقَالَ السَّلَام عَلَيْكُمْ وَرَحْمَة اللَّه , فَرَدَّ عَلَيْهِ وَقَالَ : عِشْرُونَ.
ثُمَّ جَاءَ آخَر فَزَادَ وَبَرَكَاته , فَرَدَّ وَقَالَ : ثَلَاثُونَ " وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ فِي " الْأَدَب الْمُفْرَد " مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة وَصَحَّحَهُ اِبْن حِبَّان وَقَالَ " ثَلَاثُونَ حَسَنَة " وَكَذَا فِيمَا قَبْلهَا , صَرَّحَ بِالْمَعْدُودِ.
وَعِنْدَ أَبِي نُعَيْم فِي " عَمَل يَوْم وَلَيْلَة " مِنْ حَدِيث عَلَى أَنَّهُ هُوَ الَّذِي وَقَعَ لَهُ مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ , وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيث سَهْل بْن حُنَيْف بِسَنَدٍ ضَعِيف رَفَعَهُ " مَنْ قَالَ السَّلَام عَلَيْكُمْ كُتِبَ لَهُ عَشْر حَسَنَات , وَمَنْ زَادَ وَرَحْمَة اللَّه كُتِبَ لَهُ عِشْرُونَ حَسَنَة , وَمَنْ زَادَ وَبَرَكَاته كُتِبَتْ لَهُ ثَلَاثُونَ حَسَنَة ".
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيث سَهْل بْن مُعَاذ بْن أَنَس الْجُهَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ بِسَنَدٍ ضَعِيف نَحْو حَدِيث عِمْرَان وَزَادَ فِي آخِره " ثُمَّ جَاءَ آخَر فَزَادَ وَمَغْفِرَته , فَقَالَ أَرْبَعُونَ , وَقَالَ : هَكَذَا تَكُون الْفَضَائِل " وَأَخْرَجَ اِبْن السُّنِّيّ فِي كِتَابه بِسَنَدٍ وَاهٍ مِنْ حَدِيث أَنَس قَالَ " كَانَ رَجُل يَمُرّ فَيَقُول السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول اللَّه فَيَقُول لَهُ وَعَلَيْك السَّلَام وَرَحْمَة اللَّه وَبَرَكَاته وَمَغْفِرَته وَرِضْوَانه " وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي " الشُّعَب " بِسَنَدٍ ضَعِيف أَيْضًا مِنْ حَدِيث زَيْد بْن أَرْقَم " كُنَّا إِذَا سَلَّمَ عَلَيْنَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْنَا : وَعَلَيْك السَّلَام وَرَحْمَة اللَّه وَبَرَكَاته وَمَغْفِرَته " وَهَذِهِ الْأَحَادِيث الضَّعِيفَة إِذَا اِنْضَمَّتْ قَوِيَ مَا اِجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ مِنْ مَشْرُوعِيَّة الزِّيَادَة عَلَى وَبَرَكَاته.
وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّ الرَّدّ وَاجِب عَلَى الْكِفَايَة , وَجَاءَ عَنْ أَبِي يُوسُف أَنَّهُ قَالَ : يَجِب الرَّدّ عَلَى كُلّ فَرْد فَرْد , وَاحْتَجَّ لَهُ بِحَدِيثِ الْبَاب ; لِأَنَّ فِيهِ " فَقَالُوا السَّلَام عَلَيْك " وَتُعُقِّبَ بِجَوَازِ أَنْ يَكُون نُسِبَ إِلَيْهِمْ وَالْمُتَكَلِّم بِهِ بَعْضهمْ , وَاحْتَجَّ لَهُ أَيْضًا بِالِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّ مَنْ سَلَّمَ عَلَى جَمَاعَة فَرَدَّ عَلَيْهِ وَاحِد مِنْ غَيْرهمْ لَا يُجْزِئ عَنْهُمْ , وَتُعُقِّبَ بِظُهُورِ الْفَرْق.
وَاحْتَجَّ لِلْجُمْهُورِ بِحَدِيثِ عَلِيّ رَفَعَهُ " يُجْزِي عَنْ الْجَمَاعَة إِذَا مَرُّوا أَنْ يُسَلِّم أَحَدهمْ , وَيُجْزِي عَنْ الْجُلُوس أَنْ يَرُدّ أَحَدهمْ " أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْبَزَّار , وَفِي سَنَده ضَعْف لَكِنْ لَهُ شَاهِد مِنْ حَدِيث الْحَسَن بْن عَلِيّ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَفِي سَنَده مَقَال , وَآخَر مُرْسَل فِي " الْمُوَطَّأ " عَنْ زَيْد بْن أَسْلَمَ.
وَاحْتَجَّ اِبْن بَطَّال بِالِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّ الْمُبْتَدِئ لَا يُشْتَرَط فِي حَقّه تَكْرِير السَّلَام بِعَدَدِ مَنْ يُسَلِّم عَلَيْهِمْ كَمَا فِي حَدِيث الْبَاب مِنْ سَلَام آدَم وَفِي غَيْره مِنْ الْأَحَادِيث , قَالَ : فَكَذَلِكَ لَا يَجِب الرَّدّ عَلَى كُلّ فَرْد فَرْد إِذَا سَلَّمَ الْوَاحِد عَلَيْهِمْ.
وَاحْتَجَّ الْمَاوَرْدِيُّ بِصِحَّةِ الصَّلَاة الْوَاحِدَة عَلَى الْعَدَد مِنْ الْجَنَائِز , وَقَالَ الْحَلِيمِيّ : إِنَّمَا كَانَ الرَّدُّ وَاجِبًا ; لِأَنَّ السَّلَام مَعْنَاهُ الْأَمَان , فَإِذَا اِبْتَدَأَ بِهِ الْمُسْلِم أَخَاهُ فَلَمْ يُجِبْهُ فَإِنَّهُ يُتَوَهَّم مِنْهُ الشَّرّ , فَيَجِب عَلَيْهِ دَفْع ذَلِكَ التَّوَهُّم عَنْهُ.
اِنْتَهَى كَلَامه.
وَسَيَأْتِي بَيَان مَعَانِي لَفْظ السَّلَام فِي " بَاب السَّلَام اِسْم مِنْ أَسْمَاء اللَّه تَعَالَى " وَيُؤْخَذ مِنْ كَلَامه مُوَافَقَة الْقَاضِي حُسَيْن حَيْثُ قَالَ : لَا يَجِب رَدُّ السَّلَام عَلَى مَنْ سَلَّمَ عِنْدَ قِيَامه مِنْ الْمَجْلِس إِذَا كَانَ سَلَّمَ حِين دَخَلَ , وَوَافَقَهُ الْمُتَوَلِّي , وَخَالَفَهُ الْمُسْتَظْهَرِيّ فَقَالَ : السَّلَام سُنَّة عِنْدَ الِانْصِرَاف فَيَكُون الْجَوَاب وَاجِبًا , قَالَ النَّوَوِيّ : هَذَا هُوَ الصَّوَاب , كَذَا قَالَ.
قَوْله ( فَكُلّ مَنْ يَدْخُل الْجَنَّة ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ هُنَا وَلِلْجَمِيعِ فِي بَدْء الْخَلْق , وَوَقَعَ هُنَا لِأَبِي ذَرّ " فَكُلّ مَنْ يَدْخُل يَعْنِي الْجَنَّة " وَكَأَنَّ لَفْظ الْجَنَّة سَقَطَ مِنْ رِوَايَته فَزَادَ فِيهِ يَعْنِي.
قَوْله ( عَلَى صُورَة آدَم ) تَقَدَّمَ شَرْح ذَلِكَ فِي بَدْء الْخَلْق , قَالَ الْمُهَلَّب : فِي هَذَا الْحَدِيث أَنَّ الْمَلَائِكَة يَتَكَلَّمُونَ بِالْعَرَبِيَّةِ وَيَتَحَيَّوْنَ بِتَحِيَّةِ الْإِسْلَام.
قُلْت : وَفِي الْأَوَّل نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُون فِي الْأَزَل بِغَيْرِ اللِّسَان الْعَرَبِيّ , ثُمَّ لَمَّا حَكَى لِلْعَرَبِ تَرْجَمَ بِلِسَانِهِمْ , وَمِنْ الْمَعْلُوم أَنَّ مَنْ ذُكِرَتْ قَصَصهمْ فِي الْقُرْآن مِنْ غَيْر الْعَرَب نُقِلَ كَلَامهمْ بِالْعَرَبِيِّ فَلَمْ يَتَعَيَّن أَنَّهُمْ تَكَلَّمُوا بِمَا نُقِلَ عَنْهُمْ بِالْعَرَبِيِّ , بَلْ الظَّاهِر أَنَّ كَلَامهمْ تُرْجِمَ بِالْعَرَبِيِّ.
وَفِيهِ الْأَمْر بِتَعَلُّمِ الْعِلْم مِنْ أَهْله وَالْأَخْذ بِنُزُولِ مَعَ إِمْكَان الْعُلُوّ , وَالِاكْتِفَاء فِي الْخَبَر مَعَ إِمْكَان الْقَطْع بِمَا دُونه.
وَفِيهِ أَنَّ الْمُدَّة الَّتِي بَيْنَ آدَم وَالْبَعْثَة الْمُحَمَّدِيَّة فَوْق مَا نُقِلَ عَنْ الْإِخْبَارِيِّينَ مِنْ أَهْل الْكِتَاب وَغَيْرهمْ بِكَثِيرٍ , وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَان ذَلِكَ وَوَجْه الِاحْتِجَاج بِهِ فِي بَدْء الْخَلْق.
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا فَلَمَّا خَلَقَهُ قَالَ اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ النَّفَرِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ جُلُوسٌ فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ فَإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَقَالُوا السَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَزَادُوهُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ فَلَمْ يَزَلْ الْخَلْقُ يَنْقُصُ بَعْدُ حَتَّى الْآنَ
عن الزهري قال: أخبرني سليمان بن يسار أخبرني عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: «أردف رسول الله صلى الله عليه وسلم الفضل بن عباس يوم النحر خلفه عل...
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إياكم والجلوس بالطرقات.<br> فقالوا: يا رسول الله، ما لنا من مجالسنا بد، نتحدث فيها...
عن عبد الله قال: «كنا إذا صلينا مع النبي صلى الله عليه وسلم قلنا: السلام على الله قبل عباده، السلام على جبريل، السلام على ميكائيل، السلام على فلان، ف...
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يسلم الصغير على الكبير، والمار على القاعد، والقليل على الكثير.»
عن أبي هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يسلم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد، والقليل على الكثير.»
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يسلم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد، والقليل على الكثير.»
عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: «أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع: بعيادة المريض، واتباع الجنائز، وتشميت العاطس، ونصر الضعيف، وعون المظل...
عن عبد الله بن عمرو «أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام خير؟ قال: تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت وعلى من لم تعرف.»
عن أبي أيوب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيصد هذا ويصد هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام»...