6436- عن ابن عباس رضي الله عنهما يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب.»
أخرجه مسلم في الزكاة باب لو أن لابن آدم واديين لابتغى ثالثا رقم 1049
(واديان) أي ما يملؤهما وهو للمبالغة في الكثرة.
(لابتغى) لطلب.
(يملأ الجوف) كناية عن الموت فهو يستلزم الامتلاء فكأنه قال لا يشبع من الدنيا حتى يموت.
وعليه تحمل العبارات في الأحاديث الآتية فالغرض منها واحد واختلافها تفنن في الكلام وبلاغة وفصاحة.
والجوف البطن وخص بالذكر لأن المال أكثر ما يطلب لتحصيل المستلذات وأكثرها تكرارا الأكل والشرب.
(يتوب الله) يعفو ويصفح ويوفق للطاعة.
(من تاب) من المعصية ورجع عنها
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله ( عَنْ عَطَاء ) هُوَ اِبْن أَبِي رَبَاح , وَصَرَّحَ فِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة بِسَمَاعِ اِبْن جُرَيْجٍ لَهُ مِنْ عَطَاء , وَهَذَا هُوَ الْحِكْمَة فِي إِيرَاد الْإِسْنَاد النَّازِل عَقِب الْعَالِي إِذْ بَيْنه وَبَيْن اِبْن جَرِيح فِي الْأَوَّل وَاحِد وَفِي الثَّانِي اِثْنَانِ , وَفِي السَّنَد الثَّانِي أَيْضًا فَائِدَة أُخْرَى وَهِيَ الزِّيَادَة فِي آخِره , وَمُحَمَّد فِي الثَّانِي هُوَ اِبْن سَلَام وَقَدْ نُسِبَ فِي رِوَايَة أَبِي زَيْد الْمَرْوَزِيِّ كَذَلِكَ , وَمَخْلَد بِفَتْحِ الْمِيم وَاللَّام بَيْنهمَا خَاء مُعْجَمَة.
قَوْله ( سَمِعْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) هَذَا مِنْ الْأَحَادِيث الَّتِي صَرَّحَ فِيهَا اِبْن عَبَّاس بِسَمَاعِهِ مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَهِيَ قَلِيلَة بِالنِّسْبَةِ لِمَرْوِيِّهِ عَنْهُ , فَإِنَّهُ أَحَد الْمُكْثِرِينَ , وَمَعَ ذَلِكَ فَتَحَمُّله كَانَ أَكْثَره عَنْ كِبَار الصَّحَابَة.
قَوْله ( لَوْ كَانَ لِابْنِ آدَم وَادِيَانِ مِنْ مَال لَابْتَغَى ثَالِثًا ) فِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة " لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَم وَادِيًا مَالًا لَأَحَبَّ أَنَّ لَهُ إِلَيْهِ مِثْله " وَنَحْوه فِي حَدِيث أَنَس فِي الْبَاب وَجَمَعَ بَيْن الْأَمْرَيْنِ فِي الْبَاب أَيْضًا , وَمِثْله فِي مُرْسَل جُبَيْر بْن نُفَيْر الَّذِي قَدَّمْته وَفِي حَدِيث أَبِي الَّذِي سَأَذْكُرُهُ , وَقَوْله " مِنْ مَال " فَسَّرَهُ فِي حَدِيث اِبْن الزُّبَيْر بِقَوْلِهِ " مِنْ ذَهَب " وَمِثْله فِي حَدِيث أَنَس فِي الْبَاب وَفِي حَدِيث زَيْد بْن أَرْقَم عِنْد أَحْمَد وَزَادَ " وَفِضَّة " وَأَوَّله مِثْل لَفْظ رِوَايَة اِبْن عَبَّاس الْأُولَى , وَلَفْظه عِنْد أَبِي عُبَيْدَة فِي فَضَائِل الْقُرْآن " كُنَّا نَقْرَأ عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَوْ كَانَ لِابْنِ آدَم وَادِيَانِ مِنْ ذَهَب وَفِضَّة لَابْتَغَى الثَّالِث " وَلَهُ مِنْ حَدِيث جَابِر بِلَفْظِ " لَوْ كَانَ لِابْنِ آدَم وَادِي نَخْل " وَقَوْله " لَابْتَغَى " بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَة وَهُوَ اِفْتَعَلَ بِمَعْنَى الطَّلَب , وَمِثْله فِي حَدِيث زَيْد بْن أَرْقَم , وَفِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة " أَحَبَّ " وَكَذَا فِي حَدِيث أَنَس , وَقَالَ فِي حَدِيث أَنَس " لَتَمَنَّى مِثْله ثُمَّ تَمَنَّى مِثْله حَتَّى يَتَمَنَّى أَوْدِيَة ".
قَوْله ( وَلَا يَمْلَأ جَوْف اِبْن آدَم ) فِي رِوَايَة حَجَّاج بْن مُحَمَّد عَنْ اِبْن جُرَيْج عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ " نَفْس " بَدَل " جَوْف " وَفِي حَدِيث جَابِر كَالْأَوَّلِ , وَفِي مُرْسَل جُبَيْر بْن نُفَيْر " وَلَا يُشْبِع " بِضَمِّ أَوَّله " جَوْف " وَفِي حَدِيث اِبْن الزُّبَيْر " وَلَا يَسُدّ جَوْف " وَفِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة فِي الْبَاب " وَلَا يَمْلَأ عَيْن " وَفِي حَدِيث أَنَس فِيهِ " وَلَا يَمْلَأ فَاهُ " وَمِثْله فِي حَدِيث أَبِي وَاقِد عِنْد أَحْمَد , وَلَهُ فِي حَدِيث زَيْد بْن أَرْقَم " وَلَا يَمْلَأ بَطْن " قَالَ الْكَرْمَانِيُّ : لَيْسَ الْمُرَاد الْحَقِيقَة فِي عُضْو بِعَيْنِهِ بِقَرِينَةِ عَدَم الِانْحِصَار فِي التُّرَاب إِذْ غَيْره يَمْلَؤُهُ أَيْضًا , بَلْ هُوَ كِنَايَة عَنْ الْمَوْت لِأَنَّهُ مُسْتَلْزِم لِلِامْتِلَاءِ , فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا يَشْبَع مِنْ الدُّنْيَا حَتَّى يَمُوت , فَالْغَرَض مِنْ الْعِبَارَات كُلّهَا وَاحِد وَهِيَ مِنْ التَّفَنُّن فِي الْعِبَارَة.
قُلْت : وَهَذَا يَحْسُن فِيمَا إِذَا اِخْتَلَفَتْ مَخَارِج الْحَدِيث , وَأَمَّا إِذَا اِتَّحَدَتْ فَهُوَ مِنْ تَصَرُّف الرُّوَاة , ثُمَّ نِسْبَة الِامْتِلَاء لِلْجَوْفِ وَاضِحَة , وَالْبَطْن بِمَعْنَاهُ , وَأَمَّا النَّفْس فَعَبَّرَ بِهَا عَنْ الذَّات وَأَطْلَقَ الذَّات وَأَرَادَ الْبَطْن مِنْ إِطْلَاق الْكُلّ وَإِرَادَة الْبَعْض , وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْفَم فَلِكَوْنِهِ الطَّرِيق إِلَى الْوُصُول لِلْجَوْفِ , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمُرَاد بِالنَّفْسِ الْعَيْن , وَأَمَّا الْعَيْن فَلِأَنَّهَا الْأَصْل فِي الطَّلَب لِأَنَّهُ يَرَى مَا يُعْجِبهُ فَيَطْلُبهُ لِيَحُوزَهُ إِلَيْهِ , وَخَصَّ الْبَطْن فِي أَكْثَر الرِّوَايَات لِأَنَّ أَكْثَر مَا يُطْلَب الْمَال لِتَحْصِيلِ الْمُسْتَلَذَّات وَأَكْثَرهَا يَكُون لِلْأَكْلِ وَالشُّرْب , وَقَالَ الطِّيبِيُّ : وَقَعَ قَوْله " وَلَا يَمْلَأ إِلَخْ " مَوْقِع التَّذْيِيل وَالتَّقْرِير لِلْكَلَامِ السَّابِق كَأَنَّهُ قِيلَ وَلَا يَشْبَع مَنْ خُلِقَ مِنْ التُّرَاب إِلَّا بِالتُّرَابِ.
وَيَحْتَمِل أَنْ تَكُون الْحِكْمَة فِي ذِكْر التُّرَاب دُون غَيْره أَنَّ الْمَرْء لَا يَنْقَضِي طَمَعه حَتَّى يَمُوت , فَإِذَا مَاتَ كَانَ مِنْ شَأْنه أَنْ يُدْفَن فَإِذَا دُفِنَ صُبَّ عَلَيْهِ التُّرَاب فَمَلَأ جَوْفَهُ وَفَاهُ وَعَيْنَيْهِ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ مَوْضِع يَحْتَاج إِلَى تُرَاب غَيْره.
وَأَمَّا النِّسْبَة إِلَى الْفَم فَلِكَوْنِهِ الطَّرِيق إِلَى لِلْوُصُولِ لِلْجَوْفِ.
حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ مَالٍ لَابْتَغَى ثَالِثًا وَلَا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ
عن ابن عباس يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لو أن لابن آدم مثل واد مالا لأحب أن له إليه مثله، ولا يملأ عين ابن آدم إلا التراب، ويتوب...
عن عباس بن سهل بن سعد قال: «سمعت ابن الزبير على المنبر بمكة في خطبته يقول: يا أيها الناس، إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: لو أن ابن آدم أعطي و...
عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لو أن لابن آدم واديا من ذهب أحب أن يكون له واديان، ولن يملأ فاه إلا التراب، ويتوب الله على من ت...
عن حكيم بن حزام قال: «سألت النبي صلى الله عليه وسلم فأعطاني ثم سألته فأعطاني ثم سألته فأعطاني ثم قال: هذا المال وربما قال سفيان قال لي يا حكيم إن هذا...
قال عبد الله قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله؟ قالوا: يا رسول الله، ما منا أحد إلا ماله أحب إليه، قال: فإن ماله ما قدم،...
عن أبي ذر رضي الله عنه قال: «خرجت ليلة من الليالي، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي وحده وليس معه إنسان، قال: فظننت أنه يكره أن يمشي معه أحد، ق...
عن زيد بن وهب قال: قال أبو ذر : «كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في حرة المدينة فاستقبلنا أحد، فقال: يا أبا ذر قلت: لبيك يا رسول الله، قال: ما...
قال أبو هريرة: رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو كان لي مثل أحد ذهبا لسرني أن لا تمر علي ثلاث ليال وعندي منه شيء إلا شيئا أرصده لدين...
عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس.»