6564- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه «أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر عنده عمه أبو طالب، فقال: لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من النار يبلغ كعبيه يغلي منه أم دماغه.»
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
حَدِيث أَبِي سَعِيد فِي ذِكْر أَبِي طَالِب , تَقَدَّمَ فِي قِصَّة أَبِي طَالِب مِنْ طَرِيق اللَّيْث حَدَّثَنِي اِبْن الْهَادِ وَعَطَفَ عَلَيْهِ السَّنَد الْمَذْكُور هُنَا وَاخْتَصَرَ الْمَتْن , وَيَزِيد الْمَذْكُور هُنَا هُوَ اِبْن الْهَادِ الْمَذْكُور هُنَاكَ , وَاسْم كُلٌّ مِنْ اِبْن أَبِي حَازِم والدَّرَاوَرْدِيِّ عَبْد الْعَزِيز , وَهُمَا مَدَنِيَّانِ مَشْهُورَانِ وَكَذَا سَائِر رُوَاة هَذَا السَّنَدِ.
قَوْله ( لَعَلَّهُ تَنْفَعهُ شَفَاعَتِي ) ظَهَرَ مِنْ حَدِيث الْعَبَّاس وُقُوع هَذَا التَّرَجِّي , وَاسْتُشْكِلَ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنْفَعهُ شَفَاعَتِي بِقَوْلِهِ تَعَالَى ( فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ ) وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ خُصَّ وَلِذَلِكَ عَدُّوهُ فِي خَصَائِص النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقِيلَ مَعْنَى الْمَنْفَعَة فِي الْآيَة يُخَالِف مَعْنَى الْمَنْفَعَة فِي الْحَدِيث , وَالْمُرَاد بِهَا فِي الْآيَة الْإِخْرَاج مِنْ النَّار وَفِي الْحَدِيث الْمَنْفَعَة بِالتَّخْفِيفِ , وَبِهَذَا الْجَوَاب جَزَمَ الْقُرْطُبِيّ , وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْبَعْث : صِحَّة الرِّوَايَة فِي شَأْن أَبِي طَالِب فَلَا مَعْنَى لِلْإِنْكَارِ مِنْ حَيْثُ صِحَّةُ الرِّوَايَةِ , وَوَجْهُهُ عِنْدِي أَنَّ الشَّفَاعَة فِي الْكُفَّار إِنَّمَا اِمْتَنَعَتْ لِوُجُودِ الْخَبَر الصَّادِق فِي أَنَّهُ لَا يُشَفَّعُ فِيهِمْ أَحَدٌ , وَهُوَ عَامّ فِي حَقّ كُلّ كَافِر , فَيَجُوز أَنْ يُخَصَّ مِنْهُ مَنْ ثَبَتَ الْخَبَر بِتَخْصِيصِهِ , قَالَ : وَحَمَلَهُ بَعْض أَهْل النَّظَر عَلَى أَنَّ جَزَاء الْكَافِر مِنْ الْعَذَاب يَقَع عَلَى كُفْره وَعَلَى مَعَاصِيه , فَيَجُوز أَنَّ اللَّه يَضَع عَنْ بَعْض الْكُفَّار بَعْض جَزَاء مَعَاصِيه تَطْيِيبًا لِقَلْبِ الشَّافِع لَا ثَوَابًا لِلْكَافِرِ لِأَنَّ حَسَنَاته صَارَتْ بِمَوْتِهِ عَلَى الْكُفْر هَبَاء.
وَأَخْرَجَ مُسْلِم عَنْ أَنَس " وَأَمَّا الْكَافِر فَيُعْطَى حَسَنَاته فِي الدُّنْيَا حَتَّى إِذَا أَفْضَى إِلَى الْآخِرَة لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَة " وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي " الْمُفْهِم " : اُخْتُلِفَ فِي هَذِهِ الشَّفَاعَة هَلْ هِيَ بِلِسَانٍ قَوْلِيّ أَوْ بِلِسَانٍ حَالِيٍّ ؟ وَالْأَوَّل يُشْكِل بِالْآيَةِ , وَجَوَابه جَوَاز التَّخْصِيص ; وَالثَّانِي يَكُون مَعْنَاهُ أَنَّ أَبَا طَالِب لَمَّا بَالَغَ فِي إِكْرَام النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالذَّبّ عَنْهُ جُوزِيَ عَلَى ذَلِكَ بِالتَّخْفِيفِ فَأَطْلَقَ عَلَى ذَلِكَ شَفَاعَة لِكَوْنِهَا بِسَبَبِهِ.
قَالَ : وَيُجَاب عَنْهُ أَيْضًا أَنَّ الْمُخَفَّف عَنْهُ لَمَّا لَمْ يَجِد أَثَر التَّخْفِيف فَكَأَنَّهُ لَمْ يَنْتَفِع بِذَلِكَ , وَيُؤَيِّد ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَعْتَقِد أَنْ لَيْسَ فِي النَّار أَشَدُّ عَذَابًا مِنْهُ , وَذَلِكَ أَنَّ الْقَلِيل مِنْ عَذَاب جَهَنَّم لَا تُطِيقُهُ الْجِبَالُ فَالْمُعَذَّبُ لِاشْتِغَالِهِ بِمَا هُوَ فِيهِ يَصْدُق عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ اِنْتِفَاعٌ بِالتَّخْفِيفِ.
قُلْت : وَقَدْ يُسَاعِد مَا سَبَقَ مَا تَقَدَّمَ فِي النِّكَاح مِنْ حَدِيث أُمّ حَبِيبَة فِي قِصَّة بِنْت أُمّ سَلَمَة " أَرْضَعَتْنِي وَإِيَّاهَا ثُوَيْبَة " قَالَ عُرْوَة " إِنَّ أَبَا لَهَب رُئِيَ فِي الْمَنَام فَقَالَ : لَمْ أَرَ بَعْدكُمْ خَيْرًا غَيْر أَنِّي سُقِيت فِي هَذِهِ بِعَتَاقَتِي ثُوَيْبَة " وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَام عَلَيْهِ هُنَاكَ , وَجَوَّزَ الْقُرْطُبِيّ فِي " التَّذْكِرَة " أَنَّ الْكَافِر إِذَا عُرِضَ عَلَى الْمِيزَان وَرَجَحَتْ كِفَّة سَيِّئَاته بِالْكُفْرِ اِضْمَحَلَّتْ حَسَنَاته فَدَخَلَ النَّار , لَكِنَّهُمْ يَتَفَاوَتُونَ فِي ذَلِكَ : فَمَنْ كَانَتْ لَهُ مِنْهُمْ حَسَنَات مِنْ عِتْق وَمُوَاسَاة مُسْلِم لَيْسَ كَمَنْ لَيْسَ لَهُ شَيْء مِنْ ذَلِكَ , فَيَحْتَمِل أَنْ يُجَازَى بِتَخْفِيفِ الْعَذَاب عَنْهُ بِمِقْدَارِ مَا عَمِلَ , لِقَوْلِهِ تَعَالَى ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ).
قُلْت : لَكِنْ هَذَا الْبَحْث النَّظَرِيَّ مُعَارَضٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ( وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا ) وَحَدِيث أَنَس الَّذِي أَشَرْت إِلَيْهِ , وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ اِبْن مَرْدَوَيْهِ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيث اِبْن مَسْعُود رَفَعَهُ " مَا أَحْسَنَ مُحْسِن مِنْ مُسْلِم وَلَا كَافِر إِلَّا أَثَابَهُ اللَّه قُلْنَا يَا رَسُول اللَّه مَا إِثَابَة الْكَافِر ؟ قَالَ : الْمَال وَالْوَلَد وَالصِّحَّة وَأَشْبَاه ذَلِكَ.
قُلْنَا وَمَا إِثَابَته فِي الْآخِرَة ؟ قَالَ : عَذَابًا دُون الْعَذَاب.
ثُمَّ قَرَأَ : أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْن أَشَدّ الْعَذَاب ".
فَالْجَوَاب عَنْهُ أَنَّ سَنَده ضَعِيف , وَعَلَى تَقْدِير ثُبُوته فَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون التَّخْفِيف فِيمَا يَتَعَلَّق بِعَذَابِ مَعَاصِيه , بِخِلَافِ عَذَابِ الْكُفْرِ.
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ فَقَالَ لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُجْعَلُ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ النَّارِ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ يَغْلِي مِنْهُ أُمُّ دِمَاغِهِ
عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يجمع الله الناس يوم القيامة فيقولون: لو استشفعنا على ربنا حتى يريحنا من مكاننا، فيأتون آد...
حدثنا عمران بن حصين رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يخرج قوم من النار بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم، فيدخلون الجنة يسمون الجهنميين...
عن أنس «أن أم حارثة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد هلك حارثة يوم بدر أصابه غرب سهم، فقالت: يا رسول الله، قد علمت موقع حارثة من قلبي، فإن كان في...
وقال: «غدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها، ولقاب قوس أحدكم أو موضع قدم من الجنة خير من الدنيا وما فيها، ولو أن امرأة من نساء أهل الجنة ا...
عن أبي هريرة قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل أحد الجنة إلا أري مقعده من النار، لو أساء ليزداد شكرا، ولا يدخل النار أحد إلا أري مقعده من الجنة،...
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: «قلت: يا رسول الله، من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة، فقال: لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد...
عن عبد الله رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إني لأعلم آخر أهل النار خروجا منها وآخر أهل الجنة دخولا: رجل يخرج من النار كبوا، فيقول الله:...
عن العباس رضي الله عنه «أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: هل نفعت أبا طالب بشيء.»
عن أبي هريرة قال: «قال أناس: يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة، فقال: هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب؟ قالوا: لا يا رسول الله، قال: هل تضارون ف...