6664- عن أبي هريرة يرفعه قال: «إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست أو حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلم.»
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله ( زُرَارَةَ بْن أَوْفَى ) هُوَ قَاضِي الْبَصْرَة مَاتَ , وَهُوَ سَاجِدٌ أَوْرَدَهُ التِّرْمِذِيُّ وَكَانَ ذَلِكَ سَنَة ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ.
قَوْله ( عَنْ أَبِي هُرَيْرَة يَرْفَعُهُ ) سَبَقَ فِي الْعِتْق مِنْ رِوَايَة سُفْيَان عَنْ مِسْعَرٍ بِلَفْظ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدَل قَوْله هُنَا يَرْفَعُهُ , وَكَذَا لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيق وَكِيعٍ.
وَلِلنَّسَائِيِّ وَالْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ طَرِيق عَبْد اللَّه بْن إِدْرِيس كِلَاهُمَا عَنْ مِسْعَرٍ بِلَفْظِ " قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ : إِنَّمَا قَالَ يَرْفَعُهُ لِيَكُونَ أَعَمَّ مِنْ أَنْ يَكُون سَمِعَهُ مِنْهُ أَوْ مِنْ صَحَابِيٍّ آخَرَ سَمِعَهُ مِنْهُ.
قُلْت : وَلَا اِخْتِصَاص لِذَلِكَ بِهَذِهِ الصِّيغَة بَلْ مِثْله فِي قَوْله قَالَ وَعَنْ , وَإِنَّمَا يَرْتَفِع الِاحْتِمَال إِذَا قَالَ سَمِعْت وَنَحْوهَا , وَذَكَرَ الْإِسْمَاعِيلِيّ أَنَّ وَكِيعًا رَوَاهُ عَنْ مِسْعَرٍ فَلَمْ يَرْفَعهُ قَالَ : وَاَلَّذِي رَفَعَهُ ثِقَةٌ فَيَجِبُ الْمَصِير إِلَيْهِ.
قَوْله ( عَنْ أَبِي هُرَيْرَة ) لَمْ أَقِف عَلَى التَّصْرِيح بِسَمَاعِ زُرَارَةَ لِهَذَا الْحَدِيث مِنْ أَبِي هُرَيْرَة , لَكِنَّهُ لَمْ يُوصَف بِالتَّدْلِيسِ فَيُحْمَلُ عَلَى السَّمَاع.
وَذَكَرَ الْإِسْمَاعِيلِيّ أَنَّ الْفُرَات بْن خَالِد أَدْخَلَ بَيْن زُرَارَةَ وَبَيْن أَبِي هُرَيْرَة فِي هَذَا الْإِسْنَاد رَجُلًا مِنْ بَنِي عَامِر , وَهُوَ خَطَأٌ فَإِنَّ زُرَارَةَ مِنْ بَنِي عَامِر فَكَأَنَّهُ كَانَ فِيهِ عَنْ زُرَارَةَ رَجُل مِنْ بَنِي عَامِرٍ فَظَنَّهُ آخَرَ أُبْهِمَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
قَوْلُهُ ( لِأُمَّتِي ) فِي رِوَايَة هِشَام عَنْ قَتَادَةَ " تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي ".
قَوْله ( عَمَّا وَسْوَسَتْ أَوْ حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا ) فِي رِوَايَة هِشَام " مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا " وَلَمْ يَتَرَدَّدْ , وَكَذَا فِي رِوَايَة سَعِيد وَأَبِي عَوَانَة عِنْد مُسْلِم , وَفِي رِوَايَة اِبْن عُيَيْنَةَ " مَا وَسْوَسَتْ بِهَا صُدُورُهَا " وَلَمْ يَتَرَدَّد أَيْضًا , وَضَبْطُ أَنْفُسهَا بِالنَّصْبِ لِلْأَكْثَرِ وَلِبَعْضِهِمْ بِالرَّفْعِ , وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ بِالثَّانِي وَبِهِ جَزَمَ أَهْل اللُّغَة يُرِيدُونَ بِغَيْرِ اِخْتِيَارِهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى ( وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ).
قَوْله ( مَا لَمْ تَعْمَل بِهِ أَوْ تَكَلَّم ) فِي رِوَايَة عَبْد اللَّه بْن إِدْرِيس أَوْ تَتَكَلَّم بِهِ , قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ : لَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيث ذِكْر النِّسْيَان , وَإِنَّمَا فِيهِ ذِكْر مَا خَطَرَ عَلَى قَلْب الْإِنْسَان.
قُلْت : مُرَاد الْبُخَارِيّ إِلْحَاق مَا يَتَرَتَّب عَلَى النِّسْيَان بِالتَّجَاوُزِ ; لِأَنَّ النِّسْيَان مِنْ مُتَعَلَّقَات عَمَل الْقَلْب.
وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ : قَاسَ الْخَطَأ وَالنِّسْيَان عَلَى الْوَسْوَسَة , فَكَمَا أَنَّهَا لَا اِعْتِبَارَ لَهَا عِنْد عَدَم التَّوَطُّنِ فَكَذَا النَّاسِي وَالْمُخْطِئُ لَا تَوْطِينَ لَهُمَا.
وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَة هِشَام بْن عَمَّار عَنْ اِبْن عُيَيْنَةَ عَنْ مِسْعَرٍ فِي هَذَا الْحَدِيث بَعْد قَوْلِهِ أَوْ تَكَلَّم بِهِ " وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ " وَهَذِهِ الزِّيَادَة مُنْكَرَةٌ مِنْ هَذَا الْوَجْه وَإِنَّمَا تُعْرَفُ مِنْ رِوَايَة الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ عَطَاء عَنْ اِبْن عَبَّاس بِلَفْظِ " إِنَّ اللَّه وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ " وَقَدْ أَخْرَجَهُ اِبْن مَاجَهْ عَقِبَ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة مِنْ رِوَايَة الْوَلِيد بْن مُسْلِم عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ , وَالْحَدِيث عِنْد هِشَام بْن عَمَّار عَنْ الْوَلِيد فَلَعَلَّهُ دَخَلَ لَهُ بَعْض حَدِيث فِي حَدِيث , وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ اِبْن عُيَيْنَةَ الْحُمَيْدِيُّ وَهُوَ أَعْرَفُ أَصْحَابِ اِبْنِ عُيَيْنَةَ بِحَدِيثِهِ , وَتَقَدَّمَ فِي الْعِتْق عَنْهُ بِدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَة , وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ رِوَايَة زِيَاد بْن أَيُّوب وَابْن الْمُقْرِي وَسَعِيد بْن عَبْد الرَّحْمَن الْمَخْزُومِيّ كُلّهمْ عَنْ سُفْيَان بِدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَة , قَالَ الْكَرْمَانِيُّ : فِيهِ أَنَّ الْوُجُود الذِّهْنِيّ لَا أَثَر لَهُ وَإِنَّمَا الِاعْتِبَار بِالْوُجُودِ الْقَوْلِيّ فِي الْقَوْلِيَّات وَالْعَمَلِيّ فِي الْعَمَلِيَّات , وَقَدْ اِحْتَجَّ بِهِ مَنْ لَا يَرَى الْمُؤَاخَذَةَ بِمَا وَقَعَ فِي النَّفْس وَلَوْ عَزَمَ عَلَيْهِ , وَانْفَصَلَ مَنْ قَالَ يُؤَاخَذ بِالْعَزْمِ بِأَنَّهُ نَوْع مِنْ الْعَمَل يَعْنِي عَمَل الْقَلْب.
قُلْت : وَظَاهِر الْحَدِيث أَنَّ الْمُرَاد بِالْعَمَلِ عَمَل الْجَوَارِح لِأَنَّ الْمَفْهُوم مِنْ لَفْظ " مَا لَمْ يَعْمَلْ " يُشْعِرُ بِأَنَّ كُلّ شَيْء فِي الصَّدْر لَا يُؤَاخَذُ بِهِ سَوَاءٌ تَوَطَّنَ بِهِ أَمْ لَمْ يَتَوَطَّنْ , وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ فِي أَوَاخِر الرِّقَاق فِي الْكَلَام عَلَى حَدِيث " مَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ لَا تُكْتَب عَلَيْهِ ".
وَفِي الْحَدِيث إِشَارَة إِلَى عَظِيم قَدْر الْأُمَّة الْمُحَمَّدِيَّة لِأَجْلِ نَبِيّهَا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِهِ " تَجَاوَزَ لِي " وَفِيهِ إِشْعَار بِاخْتِصَاصِهَا بِذَلِكَ , بَلْ صَرَّحَ بَعْضهمْ بِأَنَّهُ كَانَ حُكْم النَّاسِي كَالْعَامِدِ فِي الْإِثْم , وَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْإِصْرِ الَّذِي كَانَ عَلَى مَنْ قَبْلنَا , وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِم عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ " لَمَّا نَزَلَتْ ( وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ : يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ ) اِشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى الصَّحَابَة " فَذَكَرَ الْحَدِيث فِي شَكْوَاهُمْ ذَلِكَ وَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ " تُرِيدُونَ أَنْ تَقُولُوا مِثْلَ مَا قَالَ أَهْل الْكِتَاب سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا , بَلْ قُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا , فَقَالُوهَا فَنَزَلَتْ ( آمَنَ الرَّسُولُ ) إِلَى آخِر السُّورَة " وَفِيهِ قَوْله ( لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ) قَالَ نَعَمْ.
وَأَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيث اِبْن عَبَّاس بِنَحْوِهِ وَفِيهِ قَالَ قَدْ فَعَلْت.
حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا زُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَمَّا وَسْوَسَتْ أَوْ حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ بِهِ أَوْ تَكَلَّمْ
عبد الله بن عمرو بن العاص حدثه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم بينما هو يخطب يوم النحر إذ قام إليه رجل فقال كنت أحسب يا رسول الله كذا وكذا قبل كذا وكذا،...
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: زرت قبل أن أرمي؟ قال: لا حرج.<br> قال آخر: حلقت قبل أن أذبح؟ قال: لا حرج.<br> قال...
عن أبي هريرة: «أن رجلا دخل المسجد يصلي، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في ناحية المسجد، فجاء فسلم عليه، فقال له: ارجع فصل فإنك لم تصل.<br> فرجع فصلى ث...
عن عائشة رضي الله عنها قالت: «هزم المشركون يوم أحد هزيمة تعرف فيهم، فصرخ إبليس: أي عباد الله أخراكم، فرجعت أولاهم فاجتلدت هي وأخراهم، فنظر حذيفة بن ا...
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أكل ناسيا وهو صائم فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه.»
عن عبد الله ابن بحينة قال: «صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم، فقام في الركعتين الأوليين قبل أن يجلس، فمضى في صلاته، فلما قضى صلاته انتظر الناس تسليم...
عن ابن مسعود رضي الله عنه: «أن نبي الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم صلاة الظهر، فزاد أو نقص منها قال منصور: لا أدري إبراهيم وهم أم علقمة قال: قيل: يا...
حدثنا أبي بن كعب: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم «{لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا} قال: كانت الأولى من موسى نسيانا.»
عن الشعبي قال: «قال البراء بن عازب، وكان عندهم ضيف لهم، فأمر أهله أن يذبحوا قبل أن يرجع ليأكل ضيفهم، فذبحوا قبل الصلاة، فذكروا ذلك للنبي صلى الله علي...