6697- عن ابن عمر : أن عمر قال: «يا رسول الله، إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام، قال: أوف بنذرك.»
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
حَدِيث اِبْن عُمَر فِي نَذْر عُمَر فِي الْجَاهِلِيَّة أَنَّهُ يَعْتَكِف فَقَالَ لَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَوْفِ بِنَذْرِك " قَالَ اِبْن بَطَّال قَاسَ الْبُخَارِيّ الْيَمِين عَلَى النَّذْر وَتَرَكَ الْكَلَام عَلَى الِاعْتِكَاف فَمَنْ نَذَرَ أَوْ حَلَفَ قَبْل أَنْ يُسْلِم عَلَى شَيْء يَجِب الْوَفَاء بِهِ لَوْ كَانَ مُسْلِمًا فَإِنَّهُ إِذَا أَسْلَمَ يَجِب عَلَيْهِ عَلَى ظَاهِر قِصَّة عُمَر , قَالَ : وَبِهِ يَقُول الشَّافِعِيّ وَأَبُو ثَوْر , كَذَا قَالَ وَكَذَا نَقَلَهُ اِبْن حَزْم عَنْ الْإِمَام الشَّافِعِيّ , وَالْمَشْهُور عِنْد الشَّافِعِيَّة أَنَّهُ وَجْه لِبَعْضِهِمْ وَأَنَّ الشَّافِعِيّ وَجُلّ أَصْحَابه عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِب بَلْ يُسْتَحَبّ , وَكَذَا قَالَ الْمَالِكِيَّة وَالْحَنَفِيَّة , وَعَنْ أَحْمَد فِي رِوَايَة يَجِب , وَبِهِ جَزَمَ الطَّبَرِيُّ وَالْمُغِيرَة بْن عَبْد الرَّحْمَن مِنْ الْمَالِكِيَّة وَالْبُخَارِيّ وَدَاوُد وَأَتْبَاعه.
قُلْت : إِنْ وُجِدَ عَنْ الْبُخَارِيّ التَّصْرِيح بِالْوُجُوبِ قُبِلَ , وَإِلَّا فَمُجَرَّد تَرْجَمَته لَا يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ يَقُول بِوُجُوبِهِ ; لِأَنَّهُ مُحْتَمَل لِأَنْ يَقُول بِالنَّدْبِ فَيَكُون تَقْدِير جَوَاب الِاسْتِفْهَام يَنْدُب لَهُ ذَلِكَ , قَالَ الْقَابِسِيّ : لَمْ يَأْمُر عُمَر عَلَى جِهَة الْإِيجَاب بَلْ عَلَى جِهَة الْمَشُورَة كَذَا قَالَ , وَقِيلَ : أَرَادَ أَنْ يُعْلِمَهُمْ أَنَّ الْوَفَاء بِالنَّذْرِ مِنْ آكَدِ الْأُمُور فَغَلَّظَ أَمْره بِأَنْ أَمَرَ عُمَر بِالْوَفَاءِ , وَاحْتَجَّ الطَّحَاوِيُّ بِأَنَّ الَّذِي يَجِب الْوَفَاء بِهِ مَا يُتَقَرَّب بِهِ إِلَى اللَّه وَالْكَافِر لَا يَصِحّ مِنْهُ التَّقَرُّب بِالْعِبَادَةِ , وَأَجَابَ عَنْ قِصَّة عُمَر بِاحْتِمَالِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهِمَ مِنْ عُمَر أَنَّهُ سَمَحَ بِأَنْ يَفْعَل مَا كَانَ نَذَرَهُ فَأَمَرَهُ بِهِ لِأَنَّ فِعْله حِينَئِذٍ طَاعَة لِلَّهِ تَعَالَى , فَكَانَ ذَلِكَ خِلَاف مَا أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسه ; لِأَنَّ الْإِسْلَام يَهْدِم أَمْر الْجَاهِلِيَّة.
قَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد : ظَاهِر الْحَدِيث يُخَالِف هَذَا , فَإِنْ دَلَّ دَلِيل أَقْوَى مِنْهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحّ مِنْ الْكَافِر قَوَّى هَذَا التَّأْوِيل , وَإِلَّا فَلَا.
قَوْله ( عَبْد اللَّه ) هُوَ اِبْن الْمُبَارَكِ.
قَوْله ( عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر ) هُوَ الْعُمَرِيُّ , وَلِعَبْدِ اللَّه بْن الْمُبَارَك فِيهِ شَيْخ آخَر تَقَدَّمَ فِي غَزْوَة حُنَيْنٍ فَأَخْرَجَهُ عَنْ مُحَمَّد بْن مُقَاتِل عَنْ عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك عَنْ مَعْمَر عَنْ أَيُّوب عَنْ نَافِع وَأَوَّل حَدِيثه " لَمَّا قَفَلْنَا مِنْ حُنَيْنٍ سَأَلَ عُمَر " فَذَكَرَ الْحَدِيث فَأَفَادَ تَعْيِين زَمَان السُّؤَال الْمَذْكُور , وَقَدْ بَيَّنْت الِاخْتِلَاف عَلَى نَافِع ثُمَّ عَلَى أَيُّوب فِي وَصْلِهِ وَإِرْسَاله هُنَاكَ وَكَذَا ذَكَرْت فِيهِ فَوَائِد زَوَائِد تَتَعَلَّق بِسِيَاقِهِ , وَكَذَلِكَ فِي فَرْض الْخُمُس , وَتَقَدَّمَ فِي أَبْوَاب الِاعْتِكَاف مَا يَتَعَلَّق بِهِ , وَذَكَرْت هُنَاكَ مَا يَرُدُّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ عُمَر إِنَّمَا نَذَرَ بَعْد أَنْ أَسْلَمَ وَعَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ اِعْتِكَاف عُمَر كَانَ قَبْل النَّهْي عَنْ الصِّيَام فِي اللَّيْل , وَبَقِيَ هُنَا مَا يَتَعَلَّق بِالنَّذْرِ إِذَا صَدَرَ مِنْ شَخْص قَبْل أَنْ يُسْلِم ثُمَّ أَسْلَمَ هَلْ يَلْزَمهُ ؟ وَقَدْ ذَكَرْت مَا فِيهِ.
وَقَوْله " أَوْفِ بِنَذْرِك " لَمْ يَذْكُر فِي هَذِهِ الرِّوَايَة مَتَى اِعْتَكَفَ , وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي غَزْوَة حُنَيْنٍ التَّصْرِيح بِأَنَّ سُؤَاله كَانَ بَعْد قَسْم النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَنَائِم حُنَيْنٍ بِالطَّائِفِ , وَتَقَدَّمَ فِي فَرْض الْخُمُس أَنَّ فِي رِوَايَة سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوب مِنْ الزِّيَادَة " قَالَ عُمَر فَلَمْ أَعْتَكِفْ حَتَّى كَانَ بَعْد حُنَيْنٍ , وَكَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَانِي جَارِيَة مِنْ السَّبْي , فَبَيْنَا أَنَا مُعْتَكِف إِذْ سَمِعْت تَكْبِيرًا " فَذَكَرَ الْحَدِيث فِي مَنِّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى هَوَازِنَ بِإِطْلَاقِ سَبْيِهِمْ , وَفِي الْحَدِيث لُزُوم النَّذْر لِلْقُرْبَةِ مِنْ كُلّ أَحَد حَتَّى قَبْلَ الْإِسْلَامِ , وَقَدْ تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَة إِلَيْهِ , أَجَابَ اِبْن الْعَرَبِيّ بِأَنَّ عُمَر لَمَّا نَذَرَ فِي الْجَاهِلِيَّة ثُمَّ أَسْلَمَ أَرَادَ أَنْ يُكَفِّر ذَلِكَ بِمِثْلِهِ فِي الْإِسْلَام فَلَمَّا أَرَادَهُ وَنَوَاهُ سَأَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْلَمَهُ أَنَّهُ لَزِمَهُ , قَالَ : وَكُلّ عِبَادَة يَنْفَرِد بِهَا الْعَبْد عَنْ غَيْره تَنْعَقِد بِمُجَرَّدِ النِّيَّة الْعَازِمَة الدَّائِمَة كَالنَّذْرِ فِي الْعِبَادَة وَالطَّلَاق فِي الْأَحْكَام , وَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ , كَذَا قَالَ , وَلَمْ يُوَافَق عَلَى ذَلِكَ بَلْ نَقَلَ بَعْض الْمَالِكِيَّة الِاتِّفَاق عَلَى أَنَّ الْعِبَادَة لَا تَلْزَم إِلَّا بِالنِّيَّةِ مَعَ الْقَوْل أَوْ الشُّرُوع , وَعَلَى التَّنَزُّل فَظَاهِر كَلَام عُمَر مُجَرَّد الْإِخْبَار بِمَا وَقَعَ مَعَ الِاسْتِخْبَار عَنْ حُكْمه هَلْ لَزِمَ أَوْ لَا ؟ وَلَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلّ عَلَى مَا اِدَّعَاهُ مِنْ تَجْدِيد نِيَّة مِنْهُ فِي الْإِسْلَام.
وَقَالَ الْبَاجِيّ : قِصَّة عُمَر هِيَ كَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّق بِكَذَا إِنْ قَدِمَ فُلَان بَعْد شَهْر فَمَاتَ فُلَان قَبْل قُدُومه فَإِنَّهُ لَا يَلْزَم النَّاذِرَ قَضَاؤُهُ فَإِنْ فَعَلَهُ فَحَسَنٌ , فَلَمَّا نَذَرَ عُمَر قَبْل أَنْ يُسْلِم وَسَأَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ بِوَفَائِهِ اِسْتِحْبَابًا وَإِنْ كَانَ لَا يَلْزَمهُ لِأَنَّهُ اِلْتَزَمَهُ فِي حَالَة لَا يَنْعَقِد فِيهَا.
وَنَقَلَ شَيْخنَا فِي شَرْح التِّرْمِذِيّ أَنَّهُ اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْكُفَّار مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَة وَإِنْ كَانَ لَا يَصِحّ مِنْهُمْ إِلَّا بَعْد أَنْ يُسْلِمُوا لِأَمْرِ عُمَر بِوَفَاءِ مَا اِلْتَزَمَهُ فِي الشِّرْك , وَنَقَلَ أَنَّهُ لَا يَصِحّ الِاسْتِدْلَال بِهِ لِأَنَّ الْوَاجِب بِأَصْلِ الشَّرْع كَالصَّلَاةِ لَا يَجِب عَلَيْهِمْ قَضَاؤُهَا فَكَيْف يُكَلَّفُونَ بِقَضَاءِ مَا لَيْسَ وَاجِبًا بِأَصْلِ الشَّرْع ؟ قَالَ : وَيُمْكِن أَنْ يُجَاب بِأَنَّ الْوَاجِب بِأَصْلِ الشَّرْع مُؤَقَّت بِوَقْتٍ وَقَدْ خَرَجَ قَبْل أَنْ يُسْلِم الْكَافِر فَفَاتَ وَقْت أَدَائِهِ فَلَمْ يُؤْمَر بِقَضَائِهِ ; لِأَنَّ الْإِسْلَام يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ , فَأَمَّا إِذَا لَمْ يُؤَقِّتْ نَذْره فَلَمْ يَتَعَيَّن لَهُ وَقْت حَتَّى أَسْلَمَ فَإِيقَاعه لَهُ بَعْد الْإِسْلَام يَكُون أَدَاء لِاتِّسَاعِ ذَلِكَ بِاتِّسَاعِ الْعُمُرِ.
قُلْت : وَهَذَا الْبَحْث يُقَوِّي مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو ثَوْر وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ , وَإِنْ ثَبَتَ النَّقْل عَنْ الشَّافِعِيّ بِذَلِكَ فَلَعَلَّهُ كَانَ يَقُولُهُ أَوَّلًا فَأَخَذَهُ عَنْهُ أَبُو ثَوْر , وَيُمْكِن أَنْ يُؤْخَذ مِنْ الْفَرْق الْمَذْكُور وُجُوب الْحَجّ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ لِاتِّسَاعِ وَقْته بِخِلَافِ مَا فَاتَ وَقْته , وَاَللَّه أَعْلَم.
( تَنْبِيهٌ ) : الْمُرَاد بِقَوْلِ عُمَر فِي الْجَاهِلِيَّة قَبْل إِسْلَامه لِأَنَّ جَاهِلِيَّة كُلِّ أَحَدٍ بِحَسَبِهِ , وَوَهِمَ مَنْ قَالَ : الْجَاهِلِيَّة فِي كَلَامِهِ زَمَنُ فَتْرَة النُّبُوَّة وَالْمُرَاد بِهَا هُنَا مَا قَبْل بَعْثَة نَبِيّنَا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ هَذَا يَتَوَقَّف عَلَى نَقْل , وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ نَذَرَ قَبْل أَنْ يُسْلِم , وَبَيْن الْبَعْثَة وَإِسْلَامه مُدَّةٌ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ قَالَ أَوْفِ بِنَذْرِكَ
عن عبد الله بن عباس: «أن سعد بن عبادة الأنصاري استفتى النبي صلى الله عليه وسلم في نذر كان على أمه، فتوفيت قبل أن تقضيه، فأفتاه أن يقضيه عنها، فكانت سن...
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: إن أختي نذرت أن تحج، وإنها ماتت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو كان علي...
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه.»
عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله لغني عن تعذيب هذا نفسه ورآه يمشي بين ابنيه» وقال الفزاري، عن حميد: حدثني ثابت، عن أنس.<br>
عن ابن عباس : «أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يطوف بالكعبة بزمام أو غيره فقطعه.»
عن ابن عباس رضي الله عنهما: «أن النبي صلى الله عليه وسلم مر وهو يطوف بالكعبة بإنسان يقود إنسانا بخزامة في أنفه، فقطعها النبي صلى الله عليه وسلم بيده...
عن ابن عباس قال: «بينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب، إذا هو برجل قائم، فسأل عنه فقالوا: أبو إسرائيل، نذر أن يقوم ولا يقعد، ولا يستظل، ولا يتكلم، ويص...
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: «سئل عن رجل نذر أن لا يأتي عليه يوم إلا صام، فوافق يوم أضحى أو فطر، فقال: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} لم ي...
عن زياد بن جبير قال: «كنت مع ابن عمر، فسأله رجل فقال: نذرت أن أصوم كل يوم ثلاثاء أو أربعاء ما عشت، فوافقت هذا اليوم يوم النحر، فقال: أمر الله بوفاء ا...