6731- عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن مات وعليه دين ولم يترك وفاء فعلينا قضاؤه، ومن ترك مالا فلورثته.»
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله فِي السَّنَد ( عَبْد اللَّه ) هُوَ اِبْن الْمُبَارَك وَيُونُس هُوَ اِبْن يَزِيد , وَقَدْ بَيَّنْت فِي الْكَفَالَة الِاخْتِلَاف عَلَى الزُّهْرِيِّ فِي صَحَابِيِّهِ وَأَنَّ مَعْمَرًا اِنْفَرَدَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ " عَنْ جَابِرٍ " بَدَلَ " أَبِي هُرَيْرَةَ ".
قَوْله ( أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) هَكَذَا أَوْرَدَهُ , مُخْتَصَرًا , وَتَقَدَّمَ فِي الْكَفَالَة مِنْ طَرِيق عُقَيْل عَنْ اِبْن شِهَاب بِذِكْرِ سَبَبِهِ فِي أَوَّله وَلَفْظه " إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُؤْتَى بِالرَّجُلِ الْمُتَوَفَّى عَلَيْهِ الدَّيْن فَيَقُول : هَلْ تَرَكَ لِدَيْنِهِ قَضَاء ؟ فَإِنْ قِيلَ : نَعَمْ صَلَّى عَلَيْهِ , وَإِلَّا قَالَ : صَلُّوا عَلَى صَاحِبكُمْ.
فَلَمَّا فَتَحَ اللَّه عَلَيْهِ الْفُتُوح قَالَ : أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ " الْحَدِيث , وَتَقَدَّمَ فِي الْفَرْض وَفِي تَفْسِير الْأَحْزَاب مِنْ رِوَايَة عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي عَمْرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة بِلَفْظِ " مَا مِنْ مُؤْمِن إِلَّا وَأَنَا أَوْلَى بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ , اِقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ : النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ " الْحَدِيث وَفِي حَدِيث جَابِر عِنْد أَبِي دَاوُدَ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُول " أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ " وَقَوْله هُنَا " فَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْن , وَلَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً فَعَلَيْنَا قَضَاؤُهُ " يُخَصّ مَا أُطْلِقَ فِي رِوَايَة عُقَيْل بِلَفْظِ " فَمَنْ تُوُفِّيَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَتَرَكَ دَيْنًا فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ " وَكَذَا قَوْله فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى فِي تَفْسِير الْأَحْزَاب " فَإِنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضِيَاعًا فَلْيَأْتِنِي فَأَنَا مَوْلَاهُ أَوْ وَلِيُّهُ " فَعُرِفَ أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِمِنْ لَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً , وَقَوْله " فَلْيَأْتِنِي " أَيْ مَنْ يَقُوم مَقَامَهُ فِي السَّعْيِ فِي وَفَاء دَيْنه , أَوْ الْمُرَاد صَاحِب الدَّيْن , وَأَمَّا الضَّمِير فِي قَوْله " مَوْلَاهُ " فَهُوَ لِلْمَيِّتِ الْمَذْكُور , وَسَيَأْتِي بَعْد قَلِيل مِنْ رِوَايَة أَبِي صَالِح عَنْ أَبِي هُرَيْرَة بِلَفْظِ " فَأَنَا وَلِيّه فَلَا دُعِيَ لَهُ " وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْح مَا يَتَعَلَّق بِهَذَا الشِّقّ فِي الْكَفَالَة وَبَيَان الْحِكْمَة فِي تَرْك الصَّلَاة عَلَى مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْن بِلَا وَفَاء وَأَنَّهُ كَانَ إِذَا وَجَدَ مَنْ يَتَكَفَّل بِوَفَائِهِ صَلَّى عَلَيْهِ وَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْل أَنْ يُفْتَحَ الْفُتُوح كَمَا فِي رِوَايَة عُقَيْل , وَهَلْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصه أَوْ يَجِب عَلَى وُلَاةِ الْأَمْرِ بَعْده ؟ وَالرَّاجِح الِاسْتِمْرَار , لَكِنَّ وُجُوب الْوَفَاء إِنَّمَا هُوَ مِنْ مَال الْمَصَالِح.
وَنَقَلَ اِبْن بَطَّال وَغَيْره أَنَّهُ كَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَبَرَّع بِذَلِكَ , وَعَلَى هَذَا لَا يَجِب عَلَى مَنْ بَعْدَهُ , وَعَلَى الْأَوَّل قَالَ اِبْن بَطَّال : فَإِنْ لَمْ يُعْطِ الْإِمَام عَنْهُ مِنْ بَيْت الْمَال لَمْ يُحْبَس عَنْ دُخُول الْجَنَّة ; لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْقَدْرَ الَّذِي عَلَيْهِ فِي بَيْت الْمَال مَا لَمْ يَكُنْ دَيْنه أَكْثَر مِنْ الْقَدْرِ الَّذِي لَهُ فِي بَيْت الْمَال مَثَلًا.
قُلْت : وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ يَدْخُل فِي الْمُقَاصَّة , وَهُوَ كَمَنْ لَهُ حَقّ وَعَلَيْهِ حَقّ , وَقَدْ مَضَى أَنَّهُمْ إِذَا خَلَصُوا مِنْ الصِّرَاط حُبِسُوا عِنْد قَنْطَرَة بَيْن الْجَنَّة وَالنَّار يَتَقَاصُّونَ الْمَظَالِمَ حَتَّى إِذَا هُذِّبُوا وَنُقُّوا أَذِنَ لَهُمْ فِي دُخُول الْجَنَّة , فَيُحْمَل قَوْله لَا يُحْبَس أَيْ مُعَذَّبًا مَثَلًا , وَاَللَّه أَعْلَم.
قَوْله ( وَمَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ ) أَيْ فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ وَثَبَتَتْ كَذَلِكَ هُنَا فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيِّ وَكَذَا لِمُسْلِمٍ , وَفِي رِوَايَة عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي عَمْرَةَ " فَلْيَرِثْهُ عَصَبَتُهُ مَنْ كَانُوا " وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيق الْأَعْرَج عَنْ أَبِي هُرَيْرَة " فَإِلَى الْعَصَبَةِ مَنْ كَانَ " وَسَيَأْتِي بَعْد قَلِيل مِنْ رِوَايَة عَنْ أَبِي صَالِح عَنْ أَبِي هُرَيْرَة بِلَفْظِ " فَمَا لَهُ لِمَوَالِي الْعَصَبَة " أَيْ أَوْلِيَاء الْعَصَبَة , قَالَ الدَّاوُدِيُّ : الْمُرَاد بِالْعَصَبَةِ هُنَا الْوَرَثَة لَا مَنْ يَرِثُ بِالتَّعْصِيبِ ; لِأَنَّ الْعَاصِبَ فِي الِاصْطِلَاح مَنْ لَهُ سَهْم مُقَدَّر مِنْ الْمُجْمَع عَلَى تَوْرِيثهمْ وَيَرِث كُلّ الْمَال إِذَا اِنْفَرَدَ وَيَرِث مَا فَضَلَ بَعْد الْفُرُوض بِالتَّعْصِيبِ , وَقِيلَ : الْمُرَاد بِالْعَصَبَة هُنَا قَرَابَة الرَّجُل , وَهُمْ مَنْ يَلْتَقِي مَعَ الْمَيِّت فِي أَبٍ وَلَوْ عَلَا , سُمُّوا بِذَلِكَ ; لِأَنَّهُمْ يُحِيطُونَ بِهِ يُقَال : عَصَّبَ الرَّجُلُ بِفُلَانٍ أَحَاطَ بِهِ , وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ : تَعَصَّبَ لِفُلَانٍ أَيْ أَحَاطَ بِهِ , وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ : الْمُرَاد الْعَصَبَةُ بَعْد أَصْحَاب الْفُرُوض , قَالَ : وَيُؤْخَذ حُكْم أَصْحَاب الْفُرُوض مِنْ ذِكْر الْعَصَبَة بِطَرِيقِ الْأَوْلَى , وَيُشِير إِلَى ذَلِكَ قَوْله " مَنْ كَانُوا " فَإِنَّهُ يَتَنَاوَل أَنْوَاع الْمُنْتَسِبِينَ إِلَيْهِ بِالنَّفْسِ أَوْ بِالْغَيْرِ , قَالَ وَيَحْتَمِل أَنْ تَكُون مَنْ شَرْطِيَّةً.
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ فَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً فَعَلَيْنَا قَضَاؤُهُ وَمَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ
عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولى رجل ذكر.»
عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه قال: «مرضت بمكة مرضا، فأشفيت منه على الموت، فأتاني النبي صلى الله عليه وسلم يعودني، فقلت: يا رسول الله إن لي مالا...
عن الأسود بن يزيد قال: «أتانا معاذ بن جبل باليمن معلما وأميرا، فسألناه عن رجل: توفي وترك ابنته وأخته، فأعطى الابنة النصف والأخت النصف.»
عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولى رجل ذكر.»
عن هزيل بن شرحبيل قال: «سئل أبو موسى عن ابنة وابنة ابن وأخت، فقال: للابنة النصف، وللأخت النصف، وأت ابن مسعود فسيتابعني، فسئل ابن مسعود، وأخبر بقول أبي...
عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر.»
عن ابن عباس قال: «أما الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كنت متخذا من هذه الأمة خليلا لاتخذته، ولكن خلة الإسلام أفضل، أو قال: خير.<br> فإنه أن...
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان المال للولد، وكانت الوصية للوالدين، فنسخ الله من ذلك ما أحب، فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، وجعل للأبوين لكل واحد م...
عن أبي هريرة أنه قال: «قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنين امرأة من بني لحيان سقط ميتا بغرة، عبد أو أمة، ثم إن المرأة التي قضى عليها بالغرة توفي...