6872- عن أسامة بن زيد بن حارثة رضي الله عنهما يحدث قال: «بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة من جهينة، قال: فصبحنا القوم فهزمناهم، قال: ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم، قال: فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله، قال: فكف عنه الأنصاري، فطعنته برمحي حتى قتلته، قال: فلما قدمنا بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فقال لي: يا أسامة، أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله، قال: قلت: يا رسول الله، إنما كان متعوذا، قال: أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله، قال: فما زال يكررها علي، حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم.»
(الحرقة) قبيلة من جهينة وكان هذا البعث في رمضان سنة سبع أو ثمان
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
حَدِيث أُسَامَة , قَوْله ( حَدَّثَنَا عَمْرو بْن زُرَارَة حَدَّثَنَا هُشَيْم ) تَقَدَّمَ فِي الْمَغَازِي عَنْ عَمْرو بْن مُحَمَّد عَنْ هُشَيْم وَكِلَاهُمَا مِنْ شُيُوخ الْبُخَارِيّ.
قَوْله ( حَدَّثَنَا هُشَيْم ) فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيّ " أَنْبَأَنَا ".
قَوْله ( حَدَّثَنَا حُصَيْن ) فِي رِوَايَة أَبِي ذَرّ وَالْأَصِيلِيّ " أَنْبَأَنَا حُصَيْن " وَهُوَ اِبْن عَبْد الرَّحْمَن الْوَاسِطِيّ مِنْ صِغَار التَّابِعِينَ , وَأَبُو ظَبْيَانَ بِظَاءٍ مُعْجَمَة مَفْتُوحَة ثُمَّ مُوَحَّدَة سَاكِنَة ثُمَّ يَاء آخِر الْحُرُوف وَاسْمه أَيْضًا حُصَيْن وَهُوَ اِبْن جُنْدَبٍ مِنْ كِبَار التَّابِعِينَ.
قَوْله ( بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْحُرَقَة ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَة وَبِالرَّاءِ ثُمَّ قَاف وَهُمْ بَطْن مِنْ جُهَيْنَة تَقَدَّمَ نِسْبَتهمْ إِلَيْهِمْ فِي غَزْوَة الْفَتْح , قَالَ اِبْن الْكَلْبِيّ : سُمُّوا بِذَلِكَ لِوَقْعَةٍ كَانَتْ بَيْنهمْ وَبَيْن بَنِي مُرَّة بْن عَوْف بْن سَعْد بْن ذُبْيَان فَأَحْرَقُوهُمْ بِالسِّهَامِ لِكَثْرَةِ مَنْ قَتَلُوا مِنْهُمْ , وَهَذِهِ السَّرِيَّة يُقَال لَهَا سَرِيَّة غَالِب بْن عُبَيْد اللَّه اللَّيْثِيّ وَكَانَتْ فِي رَمَضَان سَنَة سَبْع فِيمَا ذَكَرَهُ اِبْن سَعْد عَنْ شَيْخه , وَكَذَا ذَكَرَهُ اِبْن إِسْحَق فِي الْمَغَازِي " حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ أَسْلَمَ عَنْ رِجَال مِنْ قَوْمه قَالُوا : بَعَثَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَالِب بْن عُبَيْد اللَّه الْكَلْبِيّ ثُمَّ اللَّيْثِيّ إِلَى أَرْض بَنِي مُرَّة وَبِهَا مِرْدَاس بْن نَهِيك حَلِيف لَهُمْ مِنْ بَنِي الْحُرَقَة فَقَتَلَهُ أُسَامَة " فَهَذَا يُبَيِّن السَّبَب فِي قَوْل أُسَامَة " بَعَثْنَا إِلَى الْحُرَقَات مِنْ جُهَيْنَة " وَاَلَّذِي يَظْهَر أَنَّ قِصَّة الَّذِي قَتَلَ ثُمَّ مَاتَ فَدُفِنَ وَلَفَظَتْهُ الْأَرْضُ غَيْر قِصَّة أُسَامَة , لِأَنَّ أُسَامَة عَاشَ بَعْد ذَلِكَ دَهْرًا طَوِيلًا , وَتَرْجَمَ الْبُخَارِيّ فِي الْمَغَازِي " بَعَثَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسَامَة بْن زَيْد إِلَى الْحُرَقَات مِنْ جُهَيْنَة " فَجَرَى الدَّاوُدِيّ فِي شَرْحه عَلَى ظَاهِره فَقَالَ فِيهِ " تَأْمِير مَنْ لَمْ يَبْلُغ " وَتُعُقِّبَ مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدهمَا أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيح بِأَنَّ أُسَامَة كَانَ الْأَمِير إِذْ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون جَعَلَ التَّرْجَمَة بِاسْمِهِ لِكَوْنِهِ وَقَعَتْ لَهُ تِلْكَ الْوَاقِعَة لَا لِكَوْنِهِ كَانَ الْأَمِير , وَالثَّانِي أَنَّهَا إِنْ كَانَتْ سَنَة سَبْع أَوْ ثَمَانٍ فَمَا كَانَ أُسَامَة يَوْمئِذٍ إِلَّا بَالِغًا لِأَنَّهُمْ ذَكَرُوا أَنَّهُ كَانَ لَهُ لَمَّا مَاتَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَمَانِيَة عَشَرَ عَامًا.
قَوْله ( فَصَبَّحْنَا الْقَوْم ) أَيْ هَجَمُوا عَلَيْهِمْ صَبَاحًا قَبْل أَنْ يَشْعُرُوا بِهِمْ , يُقَال صَبَّحْته أَتَيْته صَبَاحًا بَغْتَة , وَمِنْهُ قَوْله ( وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَة عَذَاب مُسْتَقِرّ ).
قَوْله ( وَلَحِقْت أَنَا وَرَجُل مِنْ الْأَنْصَار ) لَمْ أَقِفْ عَلَى اِسْم الْأَنْصَارِيّ الْمَذْكُور فِي هَذِهِ الْقِصَّة قَوْله ( رَجُلًا مِنْهُمْ ) قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ اِسْمه مِرْدَاس بْن عَمْرو الْفَدْكِيّ وَيُقَال : مِرْدَاس بْن نَهِيك الْفَزَارِيُّ وَهُوَ قَوْل اِبْن الْكَلْبِيّ قَتَلَهُ أُسَامَة وَسَاقَ الْقِصَّة , وَذَكَرَ اِبْن مَنْدَهْ أَنَّ أَبَا سَعِيد الْخُدْرِيَّ قَالَ " بَعَثَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّة فِيهَا أُسَامَة إِلَى بَنِي ضَمْرَة " فَذَكَرَ قَتْل أُسَامَة الرَّجُلَ , وَقَالَ اِبْن أَبِي عَاصِم فِي الدِّيَات " حَدَّثَنَا يَعْقُوب بْن حُمَيْد حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن سَلِيم عَنْ هِشَام بْن حَسَّان عَنْ الْحَسَن أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ خَيْلًا إِلَى فَدْك فَأَغَارُوا عَلَيْهِمْ , وَكَانَ مِرْدَاس الْفَدْكِيّ قَدْ خَرَجَ مِنْ اللَّيْل وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ أَنِّي لَاحِق بِمُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ فَبَصُرَ بِهِ رَجُلٌ فَحَمَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ إِنِّي مُؤْمِن فَقَتَلَهُ فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَلَّا شَقَقْت عَنْ قَلْبه : قَالَ فَقَالَ أَنَس : إِنَّ قَاتِل مِرْدَاس مَاتَ فَدَفَنُوهُ فَأَصْبَحَ فَوْق الْقَبْر فَأَعَادُوهُ فَأَصْبَحَ فَوْق الْقَبْر مِرَارًا فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ أَنْ يُطْرَح فِي وَادٍ بَيْن جَبَلَيْنِ ثُمَّ قَالَ : إِنَّ الْأَرْض لَتَقْبَلُ مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنْهُ وَلَكِنَّ اللَّه وَعَظَكُمْ ".
قُلْت : إِنْ ثَبَتَ هَذَا فَهُوَ مِرْدَاس آخَر , وَقَتِيل أُسَامَة لَا يُسَمَّى مِرْدَاسًا , وَقَدْ وَقَعَ مِثْل هَذَا عِنْد الطَّبَرِيّ فِي قَتْل مِحْلَم بْن جَثَّامَة عَامِر بْن الْأَضْبَط وَأَنَّ مَحَلَّهُمَا لَمَّا مَاتَ وَدُفِنَ لَفَظَتْهُ الْأَرْض فَذَكَرَ نَحْوه.
قَوْله ( غَشِينَاهُ ) بِفَتْحِ أَوَّله وَكَسْر ثَانِيه مُعْجَمَتَيْنِ أَيْ لَحِقْنَا بِهِ حَتَّى تَغَطَّى بِنَا , وَفِي رِوَايَة الْأَعْمَش عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ عِنْد مُسْلِم " فَأَدْرَكْت رَجُلًا فَطَعَنْته بِرُمْحِي حَتَّى قَتَلْته " وَوَقَعَ فِي حَدِيث جُنْدَبٍ عِنْد مُسْلِم " فَلَمَّا رَفَعَ عَلَيْهِ السَّيْف قَالَ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه فَقَتَلَهُ " وَيُجْمَع بِأَنَّهُ رَفَعَ عَلَيْهِ السَّيْف أَوَّلًا فَلَمَّا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ضَرْبه بِالسَّيْفِ طَعَنَهُ بِالرُّمْحِ.
قَوْله ( فَلَمَّا قَدِمْنَا ) أَيْ الْمَدِينَة ( بَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) فِي رِوَايَة الْأَعْمَش " فَوَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ شَيْء فَذَكَرْته لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَلَا مُنَافَاة بَيْنهمَا لِأَنَّهُ يُحْمَل عَلَى أَنَّ ذَلِكَ بَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أُسَامَة لَا مِنْ غَيْره , فَتَقْدِيره الْأَوَّل بَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنِّي.
قَوْله ( أَقَتَلْته بَعْد مَا قَالَ ) فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيّ " بَعْد أَنْ قَالَ " قَالَ اِبْن التِّين : فِي هَذَا اللَّوْم تَعْلِيم وَإِبْلَاغ فِي الْمَوْعِظَة حَتَّى لَا يُقْدِم أَحَدٌ عَلَى قَتْل مَنْ تَلَفَّظَ بِالتَّوْحِيدِ , وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : فِي تَكْرِيره ذَلِكَ وَالْإِعْرَاض عَنْ قَبُول الْعُذْر زَجْر شَدِيد عَنْ الْإِقْدَام عَلَى مِثْل ذَلِكَ.
قَوْله ( إِنَّمَا كَانَ مُتَعَوِّذًا ) فِي رِوَايَة الْأَعْمَش " قَالَهَا خَوْفًا مِنْ السِّلَاح " وَفِي رِوَايَة اِبْن أَبِي عَاصِم مِنْ وَجْه آخَر عَنْ أُسَامَة " إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِيُحْرِز دَمَهُ ".
قَوْله ( قَالَ قُلْت يَا رَسُول اللَّه وَاَللَّه إِنَّمَا كَانَ مُتَعَوِّذًا ) كَذَا أَعَادَ الِاعْتِذَار وَأُعِيدَ عَلَيْهِ الْإِنْكَارُ , وَفِي رِوَايَة الْأَعْمَش " أَفَلَا شَقَقْت عَنْ قَلْبه حَتَّى تَعْلَم أَقَالَهَا أَمْ لَا " قَالَ النَّوَوِيّ الْفَاعِل فِي قَوْله " أَقَالَهَا " هُوَ الْقَلْب , وَمَعْنَاهُ أَنَّك إِنَّمَا كُلِّفْت بِالْعَمَلِ بِالظَّاهِرِ وَمَا يَنْطِق بِهِ اللِّسَان وَأَمَّا الْقَلْب فَلَيْسَ لَك طَرِيق إِلَى مَا فِيهِ , فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ تَرْك الْعَمَل بِمَا ظَهَرَ مِنْ اللِّسَان فَقَالَ " أَفَلَا شَقَقْت عَنْ قَلْبه " لِتَنْظُر هَلْ كَانَتْ فِيهِ حِين قَالَهَا وَاعْتَقَدَهَا أَوْ لَا , وَالْمَعْنَى أَنَّك إِذَا كُنْت لَسْت قَادِرًا عَلَى ذَلِكَ فَاكْتَفِ مِنْهُ بِاللِّسَانِ.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : فِيهِ حُجَّة لِمَنْ أَثْبَتَ الْكَلَام النَّفْسِيّ , وَفِيهِ دَلِيل عَلَى تَرَتُّب الْأَحْكَام عَلَى الْأَسْبَاب الظَّاهِرَة دُون الْبَاطِنَة.
قَوْله ( حَتَّى تَمَنَّيْت أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْت قَبْل ذَلِكَ الْيَوْم ) أَيْ أَنَّ إِسْلَامِي كَانَ ذَلِكَ الْيَوْم لِأَنَّ الْإِسْلَام يَجُبُّ مَا قَبْله , فَتَمَنَّى أَنْ يَكُون ذَلِكَ الْوَقْتُ أَوَّلَ دُخُولِهِ فِي الْإِسْلَام لِيَأْمَن مِنْ جَرِيرَة تِلْكَ الْفَعْلَة , وَلَمْ يُرِدْ أَنَّهُ تَمَنَّى أَنْ لَا يَكُون مُسْلِمًا قَبْل ذَلِكَ.
قَالَ الْقُرْطُبِيّ : وَفِيهِ إِشْعَار بِأَنَّهُ كَانَ اِسْتَصْغَرَ مَا سَبَقَ لَهُ قَبْل ذَلِكَ مِنْ عَمَل صَالِح فِي مُقَابَلَة هَذِهِ الْفَعْلَة لِمَا سَمِعَ مِنْ الْإِنْكَار الشَّدِيد , وَإِنَّمَا أَوْرَدَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيل الْمُبَالَغَة , وَيُبَيِّن ذَلِكَ أَنَّ فِي بَعْض طُرُقه فِي رِوَايَة الْأَعْمَش " حَتَّى تَمَنَّيْت أَنِّي أَسْلَمْت يَوْمئِذٍ " وَوَقَعَ عِنْد مُسْلِم مِنْ حَدِيث جُنْدَب بْن عَبْد اللَّه فِي هَذِهِ الْقِصَّة زِيَادَات وَلَفْظه " بَعَثَ بَعْثًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ إِلَى قَوْم مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَالْتَقَوْا فَأَوْجَعَ رَجُل مِنْ الْمُشْرِكِينَ فِيهِمْ فَأَبْلَغَ , فَقَصَدَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ غِيلَتَهُ - كُنَّا نَتَحَدَّث أَنَّهُ أُسَامَة بْن زَيْد - فَلَمَّا رَفَعَ عَلَيْهِ السَّيْف قَالَ : لَا إِلَه إِلَّا اللَّه فَقَتَلَهُ " الْحَدِيث.
وَفِيهِ " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ : فَكَيْف تَصْنَع بِلَا إِلَه إِلَّا اللَّه إِذَا أَتَتْك يَوْم الْقِيَامَة ؟ قَالَ : يَا رَسُول اللَّه اِسْتَغْفِرْ لِي , قَالَ : كَيْف تَصْنَع بِلَا إِلَه إِلَّا اللَّه ؟ فَجَعَلَ لَا يَزِيدهُ عَلَى ذَلِكَ " وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : لَعَلَّ أُسَامَة تَأَوَّلَ قَوْله تَعَالَى ( فَلَمْ يَكُ يَنْفَعهُمْ إِيمَانهمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسنَا ) وَلِذَلِكَ عَذَرَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُلْزِمْهُ دِيَةً وَلَا غَيْرَهَا.
قُلْت : كَأَنَّهُ حَمَلَ نَفْي النَّفْع عَلَى عُمُومه دُنْيَا وَأُخْرَى , وَلَيْسَ ذَلِكَ الْمُرَاد , وَالْفَرْق بَيْن الْمَقَامَيْنِ أَنَّهُ فِي مِثْل تِلْكَ الْحَالَة يَنْفَعهُ نَفْعًا مُقَيَّدًا بِأَنْ يَجِبَ الْكَفُّ عَنْهُ حَتَّى يُخْتَبَر أَمْره هَلْ قَالَ ذَلِكَ خَالِصًا مِنْ قَلْبه أَوْ خَشْيَة مِنْ الْقَتْل , وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ هَجَمَ عَلَيْهِ الْمَوْت وَوَصَلَ خُرُوج الرُّوح إِلَى الْغَرْغَرَة وَانْكَشَفَ الْغِطَاء فَإِنَّهُ إِذَا قَالَهَا لَمْ تَنْفَعهُ بِالنِّسْبَةِ لِحُكْمِ الْآخِرَة وَهُوَ الْمُرَاد مِنْ الْآيَة , وَأَمَّا كَوْنُهُ لَمْ يُلْزِمْهُ دِيَةً وَلَا كَفَّارَة فَتَوَقَّفَ فِيهِ الدَّاوُدِيّ وَقَالَ : لَعَلَّهُ سَكَتَ عَنْهُ لِعِلْمِ السَّامِع أَوْ كَانَ ذَلِكَ قَبْل نُزُول آيَة الدِّيَة وَالْكَفَّارَة , وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : لَا يَلْزَم مِنْ السُّكُوت عَنْهُ عَدَمُ الْوُقُوع , لَكِنْ فِيهِ بُعْدٌ لِأَنَّ الْعَادَة جَرَتْ بِعَدَمِ السُّكُوت عَنْ مِثْل ذَلِكَ إِنْ وَقَعَ , قَالَ : فَيَحْتَمِل أَنَّهُ لَمْ يَجِب عَلَيْهِ شَيْء لِأَنَّهُ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي أَصْل الْقَتْل فَلَا يَضْمَن مَا أَتْلَفَ مِنْ نَفْس وَلَا مَال كَالْخَاتِنِ وَالطَّبِيب , أَوْ لِأَنَّ الْمَقْتُول كَانَ مِنْ الْعَدُوّ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَسْتَحِقّ دِيَته , قَالَ : وَهَذَا يَتَمَشَّى عَلَى بَعْض الْآرَاء , أَوْ لِأَنَّ أُسَامَة أَقَرَّ بِذَلِكَ وَلَمْ تَقُمْ بِذَلِكَ بَيِّنَة فَلَمْ تَلْزَم الْعَاقِلَةَ الدِّيَةُ وَفِيهِ نَظَرٌ.
قَالَ اِبْن بَطَّال : كَانَتْ هَذِهِ الْقِصَّة سَبَبَ حَلِفِ أُسَامَةَ أَنْ لَا يُقَاتِل مُسْلِمًا بَعْد ذَلِكَ , وَمِنْ ثَمَّ تَخَلَّفَ عَنْ عَلِيّ فِي الْجَمَل وَصِفِّينَ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانه فِي كِتَاب الْفِتَن.
قُلْت : وَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَة الْأَعْمَش الْمَذْكُورَة " أَنَّ سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص كَانَ يَقُول لَا أُقَاتِل مُسْلِمًا حَتَّى يُقَاتِلهُ أُسَامَة " وَاسْتَدَلَّ بِهِ النَّوَوِيّ عَلَى رَدِّ الْفَرْع الَّذِي ذَكَرَهُ الرَّافِعِيّ فِيمَنْ رَأَى كَافِرًا أَسْلَمَ فَأُكْرِمَ إِكْرَامًا كَثِيرًا فَقَالَ لَيْتَنِي كُنْت كَافِرًا فَأَسْلَمْت لِأُكْرَمَ , فَقَالَ الرَّافِعِيّ : يَكْفُر بِذَلِكَ , وَرَدَّهُ النَّوَوِيّ بِأَنَّهُ لَا يَكْفُر لِأَنَّهُ جَازِم الْإِسْلَام فِي الْحَال وَالِاسْتِقْبَال , وَإِنَّمَا تَمَنَّى ذَلِكَ فِي الْحَال الْمَاضِي مُقَيَّدًا لَهُ بِالْإِيمَانِ لِيَتِمَّ لَهُ الْإِكْرَامُ , وَاسْتَدَلَّ بِقِصَّةِ أُسَامَة ثُمَّ قَالَ : وَيُمْكِنُ الْفَرْق.
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ حَدَّثَنَا أَبُو ظَبْيَانَ قَالَ سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُحَدِّثُ قَالَ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْحُرَقَةِ مِنْ جُهَيْنَةَ قَالَ فَصَبَّحْنَا الْقَوْمَ فَهَزَمْنَاهُمْ قَالَ وَلَحِقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ رَجُلًا مِنْهُمْ قَالَ فَلَمَّا غَشِينَاهُ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ فَكَفَّ عَنْهُ الْأَنْصَارِيُّ فَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِي حَتَّى قَتَلْتُهُ قَالَ فَلَمَّا قَدِمْنَا بَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَقَالَ لِي يَا أُسَامَةُ أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا كَانَ مُتَعَوِّذًا قَالَ أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ
عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: «إني من النقباء الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، بايعناه على أن لا نشرك بالله شيئا، ولا نسرق، ولا نزني...
عن عبد الله رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من حمل علينا السلاح فليس منا» رواه أبو موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم.<br>
عن الأحنف بن قيس قال: «ذهبت لأنصر هذا الرجل، فلقيني أبو بكرة، فقال: أين تريد؟ قلت: أنصر هذا الرجل، قال: ارجع، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم...
عن أنس بن مالك رضي الله عنه: «أن يهوديا رض رأس جارية بين حجرين، فقيل لها: من فعل بك هذا؟ أفلان أو فلان، حتى سمي اليهودي، فأتي به النبي صلى الله عليه...
عن أنس بن مالك قال: «خرجت جارية عليها أوضاح بالمدينة، قال: فرماها يهودي بحجر، قال: فجيء بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبها رمق، فقال لها رسول الله...
عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل دم امرئ مسلم، يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب...
عن أنس رضي الله عنه: «أن يهوديا قتل جارية على أوضاح لها، فقتلها بحجر، فجيء بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبها رمق، فقال: أقتلك فلان، فأشارت برأسها...
عن أبي هريرة : أن خزاعة قتلوا رجلا.<br> وقال عبد الله بن رجاء : حدثنا حرب، عن يحيى، حدثنا أبو سلمة، حدثنا أبو هريرة : «أنه عام فتح مكة، قتلت خزا...
حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا سفيان عن عمرو عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كانت في بني إسرائيل قصاص ولم تكن فيهم الدية فقال الله لهذه الأمة { كت...