6899-
عن أبي قلابة : «أن عمر بن عبد العزيز أبرز سريره يوما للناس، ثم أذن لهم فدخلوا، فقال: ما تقولون في القسامة؟ قال: نقول: القسامة القود بها حق، وقد أقادت بها الخلفاء.
قال لي: ما تقول يا أبا قلابة؟ ونصبني للناس، فقلت: يا أمير المؤمنين، عندك رؤوس الأجناد وأشراف العرب، أرأيت لو أن خمسين منهم شهدوا على رجل محصن بدمشق أنه قد زنى، لم يروه، أكنت ترجمه؟ قال: لا، قلت: أرأيت لو أن خمسين منهم شهدوا على رجل بحمص أنه سرق، أكنت تقطعه ولم يروه؟ قال: لا، قلت: فوالله ما قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا قط إلا في إحدى ثلاث خصال: رجل قتل بجريرة نفسه فقتل، أو رجل زنى بعد إحصان، أو رجل حارب الله ورسوله، وارتد عن الإسلام، فقال القوم: أوليس قد حدث أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع في السرق، وسمر الأعين، ثم نبذهم في الشمس؟ فقلت: أنا أحدثكم حديث أنس، حدثني أنس: أن نفرا من عكل ثمانية، قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعوه على الإسلام، فاستوخموا الأرض فسقمت أجسامهم، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: أفلا تخرجون مع راعينا في إبله، فتصيبون من ألبانها وأبوالها قالوا: بلى، فخرجوا فشربوا من ألبانها وأبوالها، فصحوا، فقتلوا راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأطردوا النعم، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل في آثارهم، فأدركوا فجيء بهم، فأمر بهم فقطعت أيديهم وأرجلهم،وسمر أعينهم، ثم نبذهم في الشمس حتى ماتوا، قلت: وأي شيء أشد مما صنع هؤلاء، ارتدوا عن الإسلام وقتلوا وسرقوا.
فقال عنبسة بن سعيد: والله إن سمعت كاليوم قط، فقلت: أترد علي حديثي يا عنبسة؟ قال: لا، ولكن جئت بالحديث على وجهه، والله لا يزال هذا الجند بخير ما عاش هذا الشيخ بين أظهرهم، قلت: وقد كان في هذا سنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، دخل عليه نفر من الأنصار، فتحدثوا عنده، فخرج رجل منهم بين أيديهم فقتل، فخرجوا بعده، فإذا هم بصاحبهم يتشحط في الدم، فرجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله، صاحبنا كان تحدث معنا، فخرج بين أيدينا، فإذا نحن به يتشحط في الدم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: بمن تظنون أو من ترون قتله، قالوا: نرى أن اليهود قتلته، فأرسل إلى اليهود فدعاهم، فقال: آنتم قتلتم هذا؟، قالوا: لا، قال: أترضون نفل خمسين من اليهود ما قتلوه، فقالوا: ما يبالون أن يقتلونا أجمعين، ثم ينتفلون، قال: أفتستحقون الدية بأيمان خمسين منكم، قالوا: ما كنا لنحلف، فوداه من عنده،» قلت: وقد كانت هذيل خلعوا خليعا لهم في الجاهلية، فطرق أهل بيت من اليمن بالبطحاء، فانتبه له رجل منهم، فحذفه بالسيف فقتله، فجاءت هذيل، فأخذوا اليماني فرفعوه إلى عمر بالموسم، وقالوا: قتل صاحبنا، فقال: إنهم قد خلعوه، فقال: يقسم خمسون من هذيل ما خلعوه، قال: فأقسم منهم تسعة وأربعون رجلا، وقدم رجل منهم من الشأم، فسألوه أن يقسم، فافتدى يمينه منهم بألف درهم، فأدخلوا مكانه رجلا آخر، فدفعه إلى أخي المقتول، فقرنت يده بيده، قالوا: فانطلقا والخمسون الذين أقسموا، حتى إذا كانوا بنخلة، أخذتهم السماء، فدخلوا في غار في الجبل، فانهجم الغار على الخمسين الذين أقسموا فماتوا جميعا، وأفلت القرينان، واتبعهما حجر فكسر رجل أخي المقتول، فعاش حولا ثم مات، قلت: وقد كان عبد الملك بن مروان أقاد رجلا بالقسامة، ثم ندم بعدما صنع، فأمر بالخمسين الذين أقسموا، فمحوا من الديوان، وسيرهم إلى الشأم.
أخرجه مسلم في القسامة باب حكم المحاربين والمرتدين رقم 1671
(نصبني للناس) أظهرني حتى يراني الناس وكان قد أجلسه خلف سريره للإفتاء والعلم.
(السرق) السرقة أو جمع سارق.
(نبذهم) ألقاهم وطرحهم
(إن سمعت كاليوم قط) ما سمعت قبل اليوم مثل ما سمعت منك اليوم أبدا
(يتشحط) يضطرب.
(نفل) حلف وأصل النفل النفي سميت يمين القسامة به لأنها تنفي القصاص.
(فواده) أعطى ديته.
(خلعوا خليعا) نقضوا حلفه وكانوا إذا فعلوا ذلك لم يطالبوه بجناية.
(فطرق) هجم عليهم ليلا.
(فحذفه) رماه.
(أخذتهم السماء) هطلت المطر عليهم.
(انهجم الغار) سقط.
(أفلت) نجا وخلص.
(القرينان) أخو المقتول والرجل الذي أكمل الخمسين وهما اللذان قرنت يد أحدهما بالآخر
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله ( أَبُو بِشْر إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم الْأَسَدِيُّ ) بِفَتْحِ السِّين الْمُهْمَلَة الْمَعْرُوف بِابْنِ عُلَيَّة وَاسْم جَدّه مِقْسَم وَهُوَ الثِّقَة الْمَشْهُور , وَهُوَ مَنْسُوب إِلَى بَنِي أَسَد بْن خُزَيْمَةَ لِأَنَّ أَصْله مِنْ مَوَالِيهمْ , وَالْحَجَّاج بْن أَبِي عُثْمَان هُوَ الْمَعْرُوف بِالصَّوَافِّ , وَاسْم أَبِي عُثْمَان مَيْسَرَة وَقِيلَ سَالِم , وَكُنْيَة الْحَجَّاج أَبُو الصَّلْت وَيُقَال غَيْر ذَلِكَ وَهُوَ بَصْرِيّ أَيْضًا وَهُوَ مَوْلَى بَنِي كِنْدَة , وَأَبُو رَجَاء اِسْمه سُلَيْمَان وَهُوَ مَوْلَى أَبِي قِلَابَةَ عَبْد اللَّه بْن زَيْد الْجَرْمِيّ , وَوَقَعَ هُنَا " مِنْ آل أَبِي قِلَابَةَ " وَفِيهِ تَجَوُّز فَإِنَّهُ مِنْهُمْ بِاعْتِبَارِ الْوَلَاء لَا بِالْأَصَالَةِ , وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فَقَالَ " حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم حَدَّثَنَا حَجَّاج عَنْ أَبِي رَجَاء مَوْلَى أَبِي قِلَابَةَ " وَكَذَا عِنْد مُسْلِم عَنْ أَبِي بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة وَمُحَمَّد بْن الصَّبَّاح , وَكَذَا عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ رِوَايَة أَبِي بَكْر وَعُثْمَان اِبْنَيْ أَبِي شَيْبَة كُلّهمْ عَنْ إِسْمَاعِيل.
قَوْله ( أَنَّ عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز ) يَعْنِي الْخَلِيفَة الْمَشْهُور ( أَبْرَزَ سَرِيره ) أَيْ أَظْهَرَهُ.
وَكَانَ ذَلِكَ فِي زَمَن خِلَافَته وَهُوَ بِالشَّامِّ , وَالْمُرَاد بِالسَّرِيرِ مَا جَرَتْ عَادَة الْخُلَفَاء الِاخْتِصَاص بِالْجُلُوسِ عَلَيْهِ , وَالْمُرَاد أَنَّهُ أَخْرَجَهُ إِلَى ظَاهِر الدَّار لَا إِلَى الشَّارِع , وَلِذَلِكَ قَالَ " أَذِنَ لِلنَّاسِ " وَوَقَعَ عِنْد مُسْلِم مِنْ طَرِيق عَبْد اللَّه بْن عَوْن عَنْ أَبِي رَجَاء عَنْ أَبِي قِلَابَةَ " كُنْت خَلْف عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز ".
قَوْله ( مَا تَقُولُونَ فِي الْقَسَامَة ) زَادَ أَحْمَدُ بْن حَرْب عَنْ إِسْمَاعِيل بْن عُلَيَّة عِنْد أَبِي نُعَيْم فِي الْمُسْتَخْرَج فَأَضَبَّ النَّاس أَيْ سَكَتُوا مُطْرِقِينَ يُقَال أَضَبُّوا إِذَا سَكَتُوا وَأَضَبُّوا إِذَا تَكَلَّمُوا , وَأَصْل أَضَبَّ أَضْمَرَ مَا فِي قَلْبه وَيُقَال أَضَبَّ عَلَى الشَّيْء لَزِمَهُ وَالِاسْم الضَّبّ كَالْحَيَوَانِ الْمَشْهُور , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمُرَاد أَنَّهُمْ عَلِمُوا رَأْي عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز فِي إِنْكَار الْقَسَامَة فَلَمَّا سَأَلَهُمْ سَكَتُوا مُضْمِرِينَ مُخَالَفَتَهُ , ثُمَّ تَكَلَّمَ بَعْضهمْ بِمَا عِنْده فِي ذَلِكَ كَمَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَة " قَالُوا نَقُول الْقَسَامَة الْقَوَد بِهَا حَقّ وَقَدْ أَقَادَتْ بِهَا الْخُلَفَاء " وَأَرَادُوا بِذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنْ مُعَاوِيَة وَعَنْ عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر وَكَذَا جَاءَ عَنْ عَبْد الْمَلِك بْن مَرْوَان , لَكِنَّ عَبْد الْمَلِك أَقَادَ بِهَا ثُمَّ نَدِمَ كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو قِلَابَةَ بَعْد ذَلِكَ فِي رِوَايَة حَمَّاد بْن زَيْد عَنْ أَيُّوب وَحَجَّاج الصَّوَّاف عَنْ أَبِي رَجَاء " أَنَّ عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز اِسْتَشَارَ النَّاس فِي الْقَسَامَة فَقَالَ قَوْم : هِيَ حَقّ , قَضَى بِهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَضَى بِهَا الْخُلَفَاء , أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَة فِي صَحِيحه وَأَصْله عِنْد الشَّيْخَيْنِ مِنْ طَرِيقه.
قَوْله ( قَالَ لِي مَا تَقُول ) فِي رِوَايَة أَحْمَدَ بْن حَرْب " فَقَالَ لِي يَا أَبَا قِلَابَةَ مَا تَقُول ".
قَوْله ( وَنَصَبَنِي لِلنَّاسِ ) أَيْ أَبْرَزَنِي لِمُنَاظَرَتِهِمْ , أَوْ لِكَوْنِهِ كَانَ خَلْف السَّرِير فَأَمَرَهُ أَنْ يَظْهَر , وَفِي رِوَايَة أَبِي عَوَانَة " وَأَبُو قِلَابَةَ خَلْف السَّرِير قَاعِدًا فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فَقَالَ : مَا تَقُول يَا أَبَا قِلَابَةَ ".
قَوْله ( عِنْدك رُءُوس الْأَجْنَاد ) بِفَتْحِ الْهَمْزَة وَسُكُون الْجِيم بَعْدهَا نُون جَمْع جُنْد وَهِيَ فِي الْأَصْل الْأَنْصَار وَالْأَعْوَان ثُمَّ اِشْتَهَرَ فِي الْمُقَاتَلَة , وَكَانَ عُمَر قَسَّمَ الشَّام بَعْد مَوْت أَبِي عُبَيْدَة وَمَعَاذ عَلَى أَرْبَعَة أُمَرَاء مَعَ كُلّ أَمِير جُنْدٌ , فَكَانَ كُلٌّ مِنْ فِلَسْطِينَ وَدِمَشْق وَحِمْص وَقِنَّسْرِينَ يُسَمَّى جُنْدًا بِاسْمِ الْجُنْد الَّذِي نَزَلُوهَا " وَقِيلَ كَانَ الرَّابِع الْأُرْدُنّ وَإِنَّمَا أُفْرِدَتْ قِنَّسْرِينُ بَعْد ذَلِكَ " , وَقَدْ تَقَدَّمَ شَيْء مِنْ هَذَا فِي الطِّبّ فِي شَرْح حَدِيث الطَّاعُون " لَمَّا خَرَجَ عُمَر إِلَى الشَّام فَلَقِيَهُ أُمَرَاء الْأَجْنَاد " وَلِابْنِ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ اِبْن خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيق أَبِي صَالِح الْأَشْعَرِيّ عَنْ أَبِي عَبْد اللَّه الْأَشْعَرِيّ فِي غَسْل الْأَعْقَاب " قَالَ أَبُو صَالِح فَقُلْت لِأَبِي عَبْد اللَّه مَنْ حَدَّثَك ؟ قَالَ : أُمَرَاء الْأَجْنَاد خَالِد بْن الْوَلِيد وَيَزِيد بْن أَبِي سُفْيَان وَشُرَحْبِيل بْن حَسَنَة وَعَمْرو بْن الْعَاصِ ".
قَوْله ( وَأَشْرَاف الْعَرَب ) فِي رِوَايَة أَحْمَدَ بْن حَرْب " وَأَشْرَاف النَّاس ".
قَوْله ( أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ خَمْسِينَ إِلَخْ ) وَقَعَ فِي رِوَايَة حَمَّاد " شَهِدَ عِنْدك أَرْبَعَة مِنْ أَهْل حِمْص عَلَى رَجُل مِنْ أَهْل دِمَشْق ".
وَزَادَ بَعْد قَوْله أَكُنْت تَقْطَعهُ " قَالَ لَا.
قَالَ يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ هَذَا أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ ".
قَوْله ( فَوَاَللَّهِ مَا قَتَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا قَطُّ ) فِي رِوَايَة حَمَّاد " لَا وَاَللَّه لَا أَعْلَمُ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتَلَ أَحَدًا مِنْ أَهْل الصَّلَاة " وَهُوَ مُوَافِق لِحَدِيثِ اِبْن مَسْعُود الْمَاضِي مَرْفُوعًا فِي أَوَّل الدِّيَات " لَا يَحِلّ دَم اِمْرِئٍ مُسْلِم ".
قَوْله ( إِلَّا فِي إِحْدَى ) فِي رِوَايَة أَحْمَد بْن حَرْب " إِلَّا بِإِحْدَى ".
قَوْله ( بِجَرِيرَةِ نَفْسه ) أَيْ بِجِنَايَتِهَا.
قَوْله ( فَقَالَ الْقَوْم أَوَلَيْسَ قَدْ حَدَّثَ أَنَسٌ ) عِنْد مُسْلِم مِنْ طَرِيق اِبْن عَوْن " فَقَالَ عَنْبَسَة قَدْ حَدَّثَنَا أَنَس بِكَذَا " وَفِي رِوَايَة حَمَّاد الْمَذْكُورَة " فَقَالَ عَنْبَسَة بْن سَعِيد : فَأَيْنَ حَدِيث أَنَس بْن مَالِك فِي الْعُكْلِيِّينَ " كَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَة , وَتَقَدَّمَ فِي الطَّهَارَة وَغَيْرهَا بِلَفْظِ " الْعُرَنِيِّينَ " وَأَوْضَحْت أَنَّ بَعْضهمْ كَانَ مِنْ عُكْل وَبَعْضهمْ كَانَ مِنْ عُرَيْنَةَ , وَثَبَتَ كَذَلِكَ فِي كَثِير مِنْ الطُّرُق.
وَعَنْبَسَة الْمَذْكُور بِفَتْحِ الْمُهْمَلَة وَسُكُون النُّون وَفَتْح الْمُوَحَّدَة بَعْدهَا سِين مُهْمَلَة هُوَ الْأُمَوِيّ أَخُو عَمْرو بْن سَعِيد الْمَعْرُوف بِالْأَشْدَقِ , وَاسْم جَدّه الْعَاص بْن سَعِيد بْن الْعَاص بْن أُمَيَّة , وَكَانَ عَنْبَسَة مِنْ خِيَار أَهْل بَيْته , وَكَانَ عَبْد الْمَلِك بْن مَرْوَان بَعْد أَنْ قَتَلَ أَخَاهُ عَمْرو بْن سَعِيد يُكْرِمهُ , وَلَهُ رِوَايَة وَأَخْبَار مَعَ الْحَجَّاج بْن يُوسُف , وَوَثَّقَهُ اِبْن مَعِين وَغَيْره.
قَوْله ( أَنَا أُحَدِّثكُمْ حَدِيث أَنَس حَدَّثَنِي أَنَس ) فِي رِوَايَة أَحْمَدَ بْن حَرْب " فَإِيَّايَ حَدِيث أَنَسٍ ".
قَوْله ( فَبَايَعُوا ) فِي رِوَايَة أَحْمَد بْن حَرْب " فَبَايَعُوهُ ".
قَوْله ( أَجْسَامهمْ ) فِي رِوَايَة أَحْمَدَ بْن حَرْب " أَجْسَادهمْ ".
قَوْله ( مِنْ أَلْبَانهَا وَأَبْوَالهَا ) فِي رِوَايَة أَحْمَدَ بْن حَرْب " مِنْ رِسْلهَا " وَهُوَ بِكَسْرِ الرَّاء وَسُكُون الْمُهْمَلَة اللَّبَن وَبِفَتْحَتَيْنِ الْمَال مِنْ الْإِبِل وَالْغَنَم , وَقِيلَ بَلْ الْإِبِل خَاصَّة إِذَا أُرْسِلَتْ إِلَى الْمَاء تُسَمَّى رَسَلًا.
قَوْله ( ثُمَّ نَبَذَهُمْ ) بِنُونٍ وَمُوَحَّدَة مَفْتُوحَتَيْنِ ثُمَّ ذَال مُعْجَمَة أَيْ طَرَحَهُمْ.
قَوْله ( قُلْت وَأَيّ شَيْء أَشَدُّ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلَاءِ ؟ اِرْتَدُّوا عَنْ الْإِسْلَام وَقَتَلُوا وَسَرَقُوا ) فِي رِوَايَة حَمَّاد " قَالَ أَبُو قِلَابَةَ فَهَؤُلَاءِ سَرَقُوا وَقَتَلُوا وَكَفَرُوا بَعْد إِيمَانهمْ وَحَارَبُوا اللَّه وَرَسُوله ".
قَوْله ( قَالَ عَنْبَسَة ) هُوَ الْمَذْكُور قَبْل.
قَوْله ( إِنْ سَمِعْت كَالْيَوْمِ قَطُّ ) إِنْ بِالتَّخْفِيفِ وَكَسْر الْهَمْزَة بِمَعْنَى مَا النَّافِيَة وَحُذِفَ مَفْعُول سَمِعْت وَالتَّقْدِير مَا سَمِعْت قَبْل الْيَوْم مِثْلَ مَا سَمِعْت مِنْك الْيَوْم , وَفِي رِوَايَة حَمَّاد " فَقَالَ عَنْبَسَة يَا قَوْم مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ قَطُّ " وَوَقَعَ فِي رِوَايَة اِبْن عَوْن " قَالَ أَبُو قِلَابَةَ فَلَمَّا فَرَغْت قَالَ عَنْبَسَة سُبْحَان اللَّه ".
قَوْله ( أَتَرُدُّ عَلَيَّ حَدِيثِي يَا عَنْبَسَة ) فِي رِوَايَة اِبْن عَوْن " فَقُلْت أَتَتَّهِمُنِي يَا عَنْبَسَة " وَكَذَا فِي رِوَايَة حَمَّاد كَأَنَّ أَبَا قِلَابَةَ فَهِمَ مِنْ كَلَام عَنْبَسَةَ إِنْكَارَ مَا حَدَّثَ بِهِ.
قَوْله ( لَا وَلَكِنْ جِئْت بِالْحَدِيثِ عَلَى وَجْهه ) فِي رِوَايَة اِبْن عَوْن " قَالَ لَا هَكَذَا حَدَّثَنَا أَنَس " وَهَذَا دَالّ عَلَى أَنَّ عَنْبَسَةَ كَانَ سَمِعَ حَدِيث الْعُكْلِيِّينَ مِنْ أَنَس.
وَفِيهِ إِشْعَار بِأَنَّهُ كَانَ غَيْر ضَابِط لَهُ عَلَى مَا حَدَّثَ بِهِ أَنَس فَكَانَ يَظُنّ أَنَّ فِيهِ دَلَالَة عَلَى جَوَاز الْقَتْل فِي الْمَعْصِيَة وَلَوْ لَمْ يَقَع الْكُفْر , فَلَمَّا سَاقَ أَبُو قِلَابَةَ الْحَدِيثَ تَذَكَّرَ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي حَدَّثَهُمْ بِهِ أَنَس فَاعْتَرَفَ لِأَبِي قِلَابَةَ بِضَبْطِهِ ثُمَّ أَثْنَى عَلَيْهِ.
قَوْله ( وَاَللَّه لَا يَزَال هَذَا الْجُنْدُ بِخَيْرٍ مَا كَانَ هَذَا الشَّيْخ بَيْن أَظْهُرِهِمْ ) الْمُرَاد بِالْجُنْدِ أَهْل الشَّام , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة اِبْن عَوْن " يَا أَهْل الشَّام لَا تَزَالُونَ بِخَيْرٍ مَا دَامَ فِيكُمْ هَذَا أَوْ مِثْلُ هَذَا " وَفِي رِوَايَة حَمَّاد " وَاَللَّهِ لَا يَزَال هَذَا الْجُنْد بِخَيْرِ مَا أَبْقَاك اللَّه بَيْن أَظْهُرِهِمْ ".
قَوْله ( وَقَدْ كَانَ فِي هَذَا سُنَّة - إِلَى قَوْله - دَخَلَ عَلَيْهِ نَفَرٌ مِنْ الْأَنْصَار ) كَذَا أَوْرَدَ أَبُو قِلَابَةَ هَذِهِ الْقِصَّة مُرْسَلَة , وَيَغْلِب عَلَى الظَّنّ أَنَّهَا قِصَّة عَبْد اللَّه بْن سَهْل وَمُحَيِّصَة , فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلَعَلَّ عَبْد اللَّه بْن سَهْل وَرُفْقَته تَحَدَّثُوا عِنْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْل أَنْ يَتَوَجَّهُوا إِلَى خَيْبَر ثُمَّ تَوَجَّهُوا فَقُتِلَ عَبْد اللَّه بْن سَهْل كَمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ هُنَا " فَخَرَجَ رَجُل مِنْهُمْ بَيْن أَيْدِيهمْ فَقُتِلَ ".
قَوْله ( فَخَرَجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) لَعَلَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا جَاءُوهُ كَانَ دَاخِل بَيْته أَوْ الْمَسْجِد فَكَلَّمُوهُ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَأَجَابَهُمْ.
قَوْله ( فَقَالَ بِمَنْ تَظُنُّونَ أَوْ تَرَوْنَ ) بِضَمِّ أَوَّله وَهُمَا بِمَعْنًى.
قَوْله ( قَالُوا : نَرَى أَنَّ الْيَهُود قَتَلَهُ ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِلَفْظِ الْفِعْل الْمَاضِي بِالْإِفْرَادِ وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي " قَتَلَتْهُ " بِصِيغَةِ الْمُسْنَد إِلَى الْجَمْع الْمُسْتَفَاد مِنْ لَفْظ الْيَهُود لِأَنَّ الْمُرَاد قَتَلُوهُ , وَقَدْ قَدَّمْت بَيَان مَا اُخْتُلِفَ فِيهِ مِنْ أَلْفَاظ هَذِهِ الْقِصَّة فِي شَرْح الْحَدِيث الَّذِي قَبْله.
قَوْله ( قُلْت وَقَدْ كَانَتْ هُذَيْل ) أَيْ الْقَبِيلَة الْمَشْهُورَة , وَهُمْ يَنْتَسِبُونَ إِلَى هُذَيْل بْن مُدْرِكَة بْن إِلْيَاس بْن مُضَر , وَهَذَا مِنْ قَوْل أَبِي قِلَابَةَ , وَهِيَ قِصَّة مَوْصُولَة بِالسَّنَدِ الْمَذْكُور إِلَى أَبِي قِلَابَةَ , لَكِنَّهَا مُرْسَلَة لِأَنَّ أَبَا قِلَابَةَ لَمْ يُدْرِك عُمَر.
قَوْله ( خَلَعُوا خَلِيعًا ) فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيّ حَلِيفًا بِحَاءٍ مُهْمَلَة وَفَاء بَدَل الْعَيْن , وَالْخَلِيع فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُول يُقَال تَخَالَعَ الْقَوْم إِذَا نَقَضُوا الْحِلْف , فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ لَمْ يُطَالَبُوا بِجِنَايَتِهِ فَكَأَنَّهُمْ خَلَعُوا الْيَمِين الَّتِي كَانُوا لَبِسُوهَا مَعَهُ , وَمِنْهُ سُمِّيَ الْأَمِير إِذَا عُزِلَ خَلِيعًا وَمَخْلُوعًا , وَقَالَ أَبُو مُوسَى فِي الْمُعِين خَلَعَهُ قَوْمه أَيْ حَكَمُوا بِأَنَّهُ مُفْسِد فَتَبَرَّءُوا مِنْهُ : وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي بَاب الْجَاهِلِيَّة يَخْتَصّ بِالْحَلِيفِ بَلْ كَانُوا رُبَّمَا خَلَعُوا الْوَاحِد مِنْ الْقَبِيلَة وَلَوْ كَانَ مِنْ صَمِيمهَا إِذَا صَدَرَتْ مِنْهُ جِنَايَةٌ تَقْتَضِي ذَلِكَ , وَهَذَا مِمَّا أَبْطَلَهُ الْإِسْلَام مِنْ حُكْم الْجَاهِلِيَّة , وَمِنْ ثَمَّ قَيَّدَهُ فِي الْخَبَر بِقَوْلِهِ " فِي الْجَاهِلِيَّة " وَلَمْ أَقِف عَلَى اِسْم الْخَلِيع الْمَذْكُور وَلَا عَلَى اِسْم أَحَد مِمَّنْ ذُكِرَ فِي الْقِصَّة.
قَوْله ( فَطَرَقَ أَهْلَ بَيْت ) بِضَمِّ الطَّاء الْمُهْمَلَة أَيْ هَجَمَ عَلَيْهِمْ لَيْلًا فِي خُفْيَة لِيَسْرِق مِنْهُمْ , وَحَاصِل الْقِصَّة أَنَّ الْقَاتِل اِدَّعَى أَنَّ الْمَقْتُول لِصٌّ وَأَنَّ قَوْمه خَلَعُوهُ فَأَنْكَرُوا هُمْ ذَلِكَ وَحَلَفُوا كَاذِبِينَ فَأَهْلَكَهُمْ اللَّهُ بِحِنْثِ الْقَسَامَة وَخَلَّصَ الْمَظْلُوم وَحْده.
قَوْله ( مَا خَلَعُوا ) فِي رِوَايَة أَحْمَدَ بْن حَرْب " مَا خَلَعُوهُ ".
قَوْله ( حَتَّى إِذَا كَانُوا بِنَخْلَةَ ) بِلَفْظِ وَاحِدَة النَّخِيل , وَهُوَ مَوْضِع عَلَى لَيْلَة مِنْ مَكَّة.
قَوْله ( فَانْهَجَمَ عَلَيْهِمْ الْغَار ) أَيْ سَقَطَ عَلَيْهِمْ بَغْتَة.
قَوْله ( وَأُفْلِتَ ) بِضَمِّ أَوَّله وَسُكُون الْفَاء أَيْ تَخَلَّصَ , وَالْقَرِينَانِ هُمَا أَخُو الْمَقْتُول وَاَلَّذِي أَكْمَلَ الْخَمْسِينَ.
قَوْله ( وَاتَّبَعَهُمَا حَجَرٌ ) أَيْ بِتَشْدِيدِ التَّاء وَقَعَ عَلَيْهِمَا بَعْد أَنْ خَرَجَا مِنْ الْغَار.
قَوْله ( وَقَدْ كَانَ عَبْد الْمَلِك بْن مَرْوَان ) هُوَ مَقُول أَبِي قِلَابَةَ بِالسَّنَدِ أَيْضًا وَهِيَ مَوْصُولَة لِأَنَّ أَبَا قِلَابَةَ أَدْرَكَهَا.
قَوْله ( أَقَادَ رَجُلًا ) لَمْ أَقِف عَلَى اِسْمه.
قَوْله ( ثُمَّ نَدِمَ بَعْدُ ) بِضَمِّ الدَّال.
قَوْله ( مَا صَنَعَ ) كَأَنَّهُ ضَمَّنَ نَدِمَ مَعْنَى كَرِهَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَة أَحْمَدَ بْن حَرْب " عَلَى الَّذِي صَنَعَ ".
قَوْله ( فَأَمَرَ بِالْخَمْسِينَ ) أَيْ الَّذِينَ حَلَفُوا , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة أَحْمَدَ بْن حَرْب الَّذِينَ أَقْسَمُوا.
قَوْله ( وَسَيَّرَهُمْ إِلَى الشَّام ) أَيْ نَفَاهُمْ , وَفِي رِوَايَة أَحْمَدَ بْن حَرْب " مِنْ الشَّام " وَهَذِهِ أَوْلَى لِأَنَّ إِقَامَة عَبْد الْمَلِك كَانَتْ بِالشَّامِ وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون ذَلِكَ وَقَعَ لَمَّا كَانَ عَبْد الْمَلِك بِالْعِرَاقِ عِنْد مُحَارَبَته مُصْعَبَ بْنَ الزُّبَيْر وَيَكُونُوا مِنْ أَهْل الْعِرَاق فَنَفَاهُمْ إِلَى الشَّام , قَالَ الْمُهَلَّب فِيمَا حَكَاهُ اِبْن بَطَّال : الَّذِي اِعْتَرَضَ بِهِ أَبُو قِلَابَةَ مِنْ قِصَّة الْعُرَنِيِّينَ لَا يُفِيد مُرَاده مِنْ تَرْك الْقَسَامَة لِجَوَازِ قِيَام الْبَيِّنَة وَالدَّلَائِل الَّتِي لَا تُدْفَع عَلَى تَحْقِيق الْجِنَايَة فِي حَقّ الْعُرَنِيِّينَ , فَلَيْسَ قِصَّتهمْ مِنْ طَرِيق الْقَسَامَة فِي شَيْء لِأَنَّهَا إِنَّمَا تَكُون فِي الِاخْتِفَاء بِالْقَتْلِ حَيْثُ لَا بَيِّنَة وَلَا دَلِيل , وَأَمَّا الْعُرَنِيُّونَ فَإِنَّهُمْ كَشَفُوا وُجُوهَهُمْ لِقَطْعِ السَّبِيل وَالْخُرُوج عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَكَانَ أَمْرهمْ غَيْر أَمْر مَنْ اِدَّعَى الْقَتْل حَيْثُ لَا بَيِّنَة هُنَاكَ , قَالَ : وَمَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ اِنْهِدَام الْغَار عَلَيْهِمْ يُعَارِضهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ السُّنَّة , قَالَ : وَلَيْسَ رَأْي أَبِي قِلَابَةَ حُجَّة وَلَا تُرَدّ بِهِ السُّنَن , وَكَذَا مَحْوُ عَبْد الْمَلِكِ أَسْمَاءَ الَّذِينَ أَقْسَمُوا مِنْ الدِّيوَان قُلْت : وَاَلَّذِي يَظْهَر لِي أَنَّ مُرَاد أَبِي قِلَابَة بِقِصَّةِ الْعُرَنِيِّينَ خِلَاف مَا فَهِمَهُ عَنْهُ الْمُهَلَّب أَنَّ قِصَّتهمْ كَانَ يُمْكِن فِيهَا الْقَسَامَة فَلَمْ يَفْعَلهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا أَرَادَ الِاسْتِدْلَال بِهَا لِمَا اِدَّعَاهُ مِنْ الْحَصْر الَّذِي ذَكَرَهُ فِي أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقْتُل أَحَدًا إِلَّا فِي إِحْدَى ثَلَاث فَعُورِضَ بِقِصَّةِ الْعُرَنِيِّينَ وَحَاوَلَ الْمُعْتَرِض إِثْبَات قِسْم رَابِع فَرَدَّ عَلَيْهِ أَبُو قِلَابَةَ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُمْ إِنَّمَا اِسْتَوْجَبُوا الْقَتْل بِقَتْلِهِمْ الرَّاعِيَ وَبِارْتِدَادِهِمْ عَنْ الدِّين وَهَذَا بَيِّنٌ لَا خَفَاء فِيهِ , وَإِنَّمَا اُسْتُدِلَّ عَلَى تَرْك الْقَوَد بِالْقَسَامَةِ بِقِصَّةِ الْقَتِيل عِنْد الْيَهُود فَلَيْسَ فِيهَا لِلْقَوَدِ بِالْقَسَامَةِ ذِكْر , بَلْ وَلَا فِي أَصْل الْقِصَّة - الَّتِي هِيَ عُمْدَة الْبَاب - تَصْرِيحٌ بِالْقَوَدِ كَمَا سَأُبَيِّنُهُ , ثُمَّ رَأَيْت فِي آخِر الْحَاشِيَة لِابْنِ الْمُنِير نَحْو مَا أَجَبْت بِهِ , وَحَاصِله تَوَهَّمَ الْمُهَلَّب أَنَّ أَبَا قِلَابَةَ عَارَضَ حَدِيث الْقَسَامَة بِحَدِيثِ الْعُرَنِيِّينَ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ فَوَهِمَ.
وَإِنَّمَا اِعْتَرَضَ أَبُو قِلَابَةَ عَلَى الْقَسَامَة بِالْحَدِيثِ الدَّالّ عَلَى حَصْر الْقَتْل فِي ثَلَاثَة أَشْيَاء , فَإِنَّ الَّذِي عَارَضَهُ ظَنَّ أَنَّ فِي قِصَّة الْعُرَنِيِّينَ حُجَّة فِي جَوَاز قَتْل مَنْ لَمْ يُذْكَر فِي الْحَدِيث الْمَذْكُور كَأَنْ يَتَمَسَّك الْحَجَّاج فِي قَتْل مَنْ لَمْ يَثْبُت عَلَيْهِ وَاحِدَة مِنْ الثَّلَاثَة , وَكَأَنَّ عَنْبَسَةَ تَلَقَّفَ ذَلِكَ عَنْهُ فَإِنَّهُ كَانَ صَدِيقه , فَبَيَّنَ أَبُو قِلَابَةَ أَنَّهُ ثَبَتَ عَلَيْهِمْ قَتْل الرَّاعِي بِغَيْرِ حَقّ وَالِارْتِدَاد عَنْ الْإِسْلَام.
وَهُوَ جَوَاب ظَاهِر فَلَمْ يُورِدْ أَبُو قِلَابَةَ قِصَّة الْعُرَنِيِّينَ مُسْتَدِلًّا بِهَا عَلَى تَرْك الْقَسَامَة بَلْ رَدَّ عَلَى مَنْ تَمَسَّكَ بِهَا لِلْقَوَدِ بِالْقَسَامَةِ , وَأَمَّا قِصَّة الْغَار فَأَشَارَ بِهَا إِلَى أَنَّ الْعَادَة جَرَتْ بِهَلَاكِ مَنْ حَلَفَ فِي الْقَسَامَة مِنْ غَيْر عِلْم كَمَا وَقَعَ فِي حَدِيث اِبْن عَبَّاس فِي قِصَّة الْقَتِيل الَّذِي وَقَعَتْ الْقَسَامَة بِسَبَبِهِ قَبْل الْبَعْثَة وَقَدْ مَضَى فِي كِتَاب الْمَبْعَث وَفِيهِ " فَمَا حَالَ الْحَوْلُ وَمِنْ الثَّمَانِيَة وَالْأَرْبَعِينَ الَّذِينَ حَلَفُوا عَيْنٌ تَطْرِف " وَجَاءَ عَنْ اِبْن عَبَّاس حَدِيث آخَر فِي ذَلِكَ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيق أَبِي بَكْر بْن أَبِي الْجَهْم عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه عَنْهُ قَالَ " كَانَتْ الْقَسَامَة فِي الْجَاهِلِيَّة حِجَازًا بَيْن النَّاس , فَكَانَ مَنْ حَلَفَ عَلَى إِثْم أُرِيَ عُقُوبَةً مِنْ اللَّه يُنَكَّل بِهَا عَنْ الْجَرَاءَة عَلَى الْحَرَام , فَكَانُوا يَتَوَرَّعُونَ عَنْ أَيْمَان الصَّبْر وَيَهَابُونَهَا , فَلَمَّا بَعَثَ اللَّه مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ الْمُسْلِمُونَ لَهَا أَهْيَبَ " ثُمَّ إِنَّهُ لَيْسَ فِي سِيَاق قِصَّة الْهُذَلِيِّينَ تَصْرِيح بِمَا صَنَعَ عُمَر هَلْ أَقَادَ بِالْقَسَامَةِ أَوْ حَكَمَ بِالدِّيَةِ , فَقَوْل الْمُهَلَّب مَا تَقَدَّمَ مِنْ السُّنَّة إِنْ كَانَ أَشَارَ بِهِ إِلَى صَنِيع عُمَر فَلَيْسَ بِوَاضِحٍ , وَأَمَّا قَوْله إِنَّ رَأْيَ أَبِي قِلَابَةَ وَمَحْو عَبْد الْمَلِك مِنْ الدِّيوَان لَا تُرَدُّ بِهِ السُّنَن فَمَقْبُول , لَكِنْ مَا هِيَ السُّنَّة الَّتِي وَرَدَتْ بِذَلِكَ ؟ نَعَمْ لَمْ يَظْهَر لِي وَجْه اِسْتِدْلَال أَبِي قِلَابَةَ بِأَنَّ الْقَتْل لَا يُشْرَع إِلَّا فِي الثَّلَاثَة لِرَدِّ الْقَوَد بِالْقَسَامَةِ مَعَ أَنَّ الْقَوَد قَتْل نَفْس بِنَفْسٍ وَهُوَ أَحَد الثَّلَاثَة , وَإِنَّمَا وَقَعَ النِّزَاع فِي الطَّرِيق إِلَى ثُبُوت ذَلِكَ.
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَسَدِيُّ حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ حَدَّثَنِي أَبُو رَجَاءٍ مِنْ آلِ أَبِي قِلَابَةَ حَدَّثَنِي أَبُو قِلَابَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَبْرَزَ سَرِيرَهُ يَوْمًا لِلنَّاسِ ثُمَّ أَذِنَ لَهُمْ فَدَخَلُوا فَقَالَ مَا تَقُولُونَ فِي الْقَسَامَةِ قَالَ نَقُولُ الْقَسَامَةُ الْقَوَدُ بِهَا حَقٌّ وَقَدْ أَقَادَتْ بِهَا الْخُلَفَاءُ قَالَ لِي مَا تَقُولُ يَا أَبَا قِلَابَةَ وَنَصَبَنِي لِلنَّاسِ فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عِنْدَكَ رُءُوسُ الْأَجْنَادِ وَأَشْرَافُ الْعَرَبِ أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ خَمْسِينَ مِنْهُمْ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ مُحْصَنٍ بِدِمَشْقَ أَنَّهُ قَدْ زَنَى لَمْ يَرَوْهُ أَكُنْتَ تَرْجُمُهُ قَالَ لَا قُلْتُ أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ خَمْسِينَ مِنْهُمْ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِحِمْصَ أَنَّهُ سَرَقَ أَكُنْتَ تَقْطَعُهُ وَلَمْ يَرَوْهُ قَالَ لَا قُلْتُ فَوَاللَّهِ مَا قَتَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا قَطُّ إِلَّا فِي إِحْدَى ثَلَاثِ خِصَالٍ رَجُلٌ قَتَلَ بِجَرِيرَةِ نَفْسِهِ فَقُتِلَ أَوْ رَجُلٌ زَنَى بَعْدَ إِحْصَانٍ أَوْ رَجُلٌ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ فَقَالَ الْقَوْمُ أَوَلَيْسَ قَدْ حَدَّثَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطَعَ فِي السَّرَقِ وَسَمَرَ الْأَعْيُنَ ثُمَّ نَبَذَهُمْ فِي الشَّمْسِ فَقُلْتُ أَنَا أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثَ أَنَسٍ حَدَّثَنِي أَنَسٌ أَنَّ نَفَرًا مِنْ عُكْلٍ ثَمَانِيَةً قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعُوهُ عَلَى الْإِسْلَامِ فَاسْتَوْخَمُوا الْأَرْضَ فَسَقِمَتْ أَجْسَامُهُمْ فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَفَلَا تَخْرُجُونَ مَعَ رَاعِينَا فِي إِبِلِهِ فَتُصِيبُونَ مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا قَالُوا بَلَى فَخَرَجُوا فَشَرِبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا فَصَحُّوا فَقَتَلُوا رَاعِيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَطْرَدُوا النَّعَمَ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَرْسَلَ فِي آثَارِهِمْ فَأُدْرِكُوا فَجِيءَ بِهِمْ فَأَمَرَ بِهِمْ فَقُطِّعَتْ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ ثُمَّ نَبَذَهُمْ فِي الشَّمْسِ حَتَّى مَاتُوا قُلْتُ وَأَيُّ شَيْءٍ أَشَدُّ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلَاءِ ارْتَدُّوا عَنْ الْإِسْلَامِ وَقَتَلُوا وَسَرَقُوا فَقَالَ عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَاللَّهِ إِنْ سَمِعْتُ كَالْيَوْمِ قَطُّ فَقُلْتُ أَتَرُدُّ عَلَيَّ حَدِيثِي يَا عَنْبَسَةُ قَالَ لَا وَلَكِنْ جِئْتَ بِالْحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ وَاللَّهِ لَا يَزَالُ هَذَا الْجُنْدُ بِخَيْرٍ مَا عَاشَ هَذَا الشَّيْخُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ قُلْتُ وَقَدْ كَانَ فِي هَذَا سُنَّةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهِ نَفَرٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَتَحَدَّثُوا عِنْدَهُ فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنْهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ فَقُتِلَ فَخَرَجُوا بَعْدَهُ فَإِذَا هُمْ بِصَاحِبِهِمْ يَتَشَحَّطُ فِي الدَّمِ فَرَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ صَاحِبُنَا كَانَ تَحَدَّثَ مَعَنَا فَخَرَجَ بَيْنَ أَيْدِينَا فَإِذَا نَحْنُ بِهِ يَتَشَحَّطُ فِي الدَّمِ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ بِمَنْ تَظُنُّونَ أَوْ مَنْ تَرَوْنَ قَتَلَهُ قَالُوا نَرَى أَنَّ الْيَهُودَ قَتَلَتْهُ فَأَرْسَلَ إِلَى الْيَهُودِ فَدَعَاهُمْ فَقَالَ آنْتُمْ قَتَلْتُمْ هَذَا قَالُوا لَا قَالَ أَتَرْضَوْنَ نَفَلَ خَمْسِينَ مِنْ الْيَهُودِ مَا قَتَلُوهُ فَقَالُوا مَا يُبَالُونَ أَنْ يَقْتُلُونَا أَجْمَعِينَ ثُمَّ يَنْتَفِلُونَ قَالَ أَفَتَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ بِأَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْكُمْ قَالُوا مَا كُنَّا لِنَحْلِفَ فَوَدَاهُ مِنْ عِنْدِهِ قُلْتُ وَقَدْ كَانَتْ هُذَيْلٌ خَلَعُوا خَلِيعًا لَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَطَرَقَ أَهْلَ بَيْتٍ مِنْ الْيَمَنِ بِالْبَطْحَاءِ فَانْتَبَهَ لَهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَحَذَفَهُ بِالسَّيْفِ فَقَتَلَهُ فَجَاءَتْ هُذَيْلٌ فَأَخَذُوا الْيَمَانِيَّ فَرَفَعُوهُ إِلَى عُمَرَ بِالْمَوْسِمِ وَقَالُوا قَتَلَ صَاحِبَنَا فَقَالَ إِنَّهُمْ قَدْ خَلَعُوهُ فَقَالَ يُقْسِمُ خَمْسُونَ مِنْ هُذَيْلٍ مَا خَلَعُوهُ قَالَ فَأَقْسَمَ مِنْهُمْ تِسْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ رَجُلًا وَقَدِمَ رَجُلٌ مِنْهُمْ مِنْ الشَّأْمِ فَسَأَلُوهُ أَنْ يُقْسِمَ فَافْتَدَى يَمِينَهُ مِنْهُمْ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَدْخَلُوا مَكَانَهُ رَجُلًا آخَرَ فَدَفَعَهُ إِلَى أَخِي الْمَقْتُولِ فَقُرِنَتْ يَدُهُ بِيَدِهِ قَالُوا فَانْطَلَقَا وَالْخَمْسُونَ الَّذِينَ أَقْسَمُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِنَخْلَةَ أَخَذَتْهُمْ السَّمَاءُ فَدَخَلُوا فِي غَارٍ فِي الْجَبَلِ فَانْهَجَمَ الْغَارُ عَلَى الْخَمْسِينَ الَّذِينَ أَقْسَمُوا فَمَاتُوا جَمِيعًا وَأَفْلَتَ الْقَرِينَانِ وَاتَّبَعَهُمَا حَجَرٌ فَكَسَرَ رِجْلَ أَخِي الْمَقْتُولِ فَعَاشَ حَوْلًا ثُمَّ مَاتَ قُلْتُ وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ أَقَادَ رَجُلًا بِالْقَسَامَةِ ثُمَّ نَدِمَ بَعْدَ مَا صَنَعَ فَأَمَرَ بِالْخَمْسِينَ الَّذِينَ أَقْسَمُوا فَمُحُوا مِنْ الدِّيوَانِ وَسَيَّرَهُمْ إِلَى الشَّأْمِ
عن أنس رضي الله عنه: «أن رجلا اطلع في بعض حجر النبي صلى الله عليه وسلم، فقام إليه بمشقص، أو بمشاقص، وجعل يختله ليطعنه.»
عن سهل بن سعد الساعدي: «أن رجلا اطلع في جحر في باب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم مدرى يحك به رأسه، فلما رآه رسول الله...
عن أبي هريرة قال: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: «لو أن امرأ اطلع عليك بغير إذن فخذفته بحصاة ففقأت عينه، لم يكن عليك جناح.»
عن أبي جحيفة قال: «سألت عليا رضي الله عنه: هل عندكم شيء ما ليس في القرآن؟ وقال مرة: ما ليس عند الناس؟ فقال: والذي فلق الحب وبرأ النسمة، ما عندنا إلا م...
عن أبي هريرة رضي الله عنه: «أن امرأتين من هذيل، رمت إحداهما الأخرى فطرحت جنينها، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها بغرة، عبد أو أمة.»
عن عمر رضي الله عنه: «أنه استشارهم في إملاص المرأة، فقال المغيرة: قضى النبي صلى الله عليه وسلم بالغرة، عبد أو أمة، 6906- شهد محمد بن مسلمة: أنه شهد ا...
عن هشام، عن أبيه: «أن عمر نشد الناس: من سمع النبي صلى الله عليه وسلم قضى في السقط؟ وقال المغيرة: أنا سمعته قضى فيه بغرة، عبد أو أمة.<br> 6908- قال: ائ...
عن أبي هريرة : «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في جنين امرأة من بني لحيان بغرة، عبد أو أمة، ثم إن المرأة التي قضى عليها بالغرة توفيت، فقضى رسول...
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «اقتتلت امرأتان من هذيل، فرمت إحداهما الأخرى بحجر قتلتها وما في بطنها، فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقضى أن د...